هضم (فيزيولوجيه جهاز)
Physiology of the digestive system - Physiologie du système digestif
الهضم (فيزيولوجية جهاز ـ)
الهضم عملية وظيفية غايتها تحويل الأطعمة إلى عناصر بسيطة يسهل امتصاصها للاستفادة منها في بناء البدن وتأمين الطاقة اللازمة. تشتمل عمليات الهضم على: عمليات فيزيائية غايتها تجزئة الأطعمة ومزجها، وعمليات كيميائية غايتها هضم الأطعمة بالعصارات التي تحتوي على إنزيمات مختلفة، تقوم بتحويلها إلى مواد بسيطة يسهل امتصاصها من الزغابات المعوية.
تتم عمليات الهضم بعدة وظائف، هي الوظائف الحركية والإفرازية والامتصاصية. وتشتمل وظائف الهضم على الهضم في الفم (المضغ والإفراز اللعابي) والبلع، وحركة الطعام في المريء، والهضم في المعدة (الوظيفة الإفرازية والحركية)، والهضم في العفج (الإفراز المعثكلي والصفراوي والعفجي)، والهضم في الأمعاء الدقيقة (الوظيفة الإفرازية والحركية)، والهضم في الأمعاء الغليظة (الوظيفة الإفرازية والحركية) والتغوط.
الهضم في الفم
- المضغ mastication: هي حركات تقطيع الطعام وتفتيته وطحنه بالأسنان ثم مزجه باللعاب ليتحول إلى كتلة عجينية يسهل ابتلاعها.
تبقى اللقمة الطعامية في الفم مدة 15-20ثانية. وتتم عملية المضغ بحركة الفك السفلي نتيجة تقلص العضلات الماضغة، كما تتم بحركة اللسان والخدين والشفتين. ويؤدي وجود الطعام بالفم إلى تحريض مستقبلات التذوق والحرور.
- الإفراز اللعابي salivary secretion: يُفرز اللعاب من ثلاثة أشفاع من الغدد في جوف الفم هي: الغدة النكفية وتحت الفكية وتحت اللسانية. إضافة إلى بعض الغدد الدقيقة التي تقع في مخاطية اللسان والغشاء المخاطي الذي يبطن جوف الفم. فالغدة النكفية parotid gland تضم خلايا مصلية تفرز الماء والكهارل وإنزيم التيالين ptyalin الذي يدعى بالأميلاز اللعابي، أما الغدة تحت الفك gland submandibular والغدة تحت اللسان gland sublingual فتحتوي كل منهما خلايا مصلية ومخاطية، وهما غدتان ذات إفراز مختلط.
- تركيب اللعاب ودوره في الهضم: يتركب من الماء بنسبة 99% من وزن اللعاب ومن الكهارل (الصوديوم والكلور والبوتاسيوم والكلسيوم واليود والبيكاربونات والفوسفات) والبروتينات والإنزيمات والمخاط (جزيئات مخاطية سكرية)، والغلوبولينات المناعية. تفاعله يميل إلى القلوية، وتبلغ كمية المفرز منه نحو 1000مل/يومياً.
يوجد في اللعاب: إنزيم التيالين ptyalin (أميلاز اللعاب)، وله دور في تفكيك النشاء إلى ملتوز maltose ثم إلى جزيئتين من الغلوكوز بتأثير إنزيم الملتاز maltase. ولإنزيم الليباز lipase دور في هضم الشحوم التي توجد في حليب المرضع. ولا يتم الهضم الكامل في الفم لقصر فترة بقاء الأطعمة فيه، ويستمر فعل تلك الإنزيمات في المعدة مدة نصف ساعة من بلع الطعام.
ويقوم اللعاب بدور في: ترطيب الطعام وتزليقه لتسهيل بلعه، وغسل الفم وقتل الجراثيم بإنزيم الليزوزوم اللعابي، وتسهيل حاسة التذوق والتكلم، ودارئ، ولاحتوائه على بيكاربونات وفوسفات ومخاط فإنه يعدِّل من الحموضة الناتجة من جراثيم الفم.
- آلية الإفراز اللعابي وتنظيمه: يحدث الإفراز اللعابي نتيجة آليات عصبية، تشتمل على منعكسات لا شرطية (فطرية) ومنعكسات شرطية (مكتسبة).
أ- المنعكسات اللاشرطية أو الفطرية inborn reflexes: يسبب وجود الطعام في الفم تحريض مستقبلات حس التذوق واللمس التي تقع في الغشاء المخاطي لجوف الفم واللسان، وتزداد غزارة الإفراز اللعابي حينما يكون التحريض شديداً كتناول الأطعمة الحامضة.
ب - المنعكسات الشرطية والمكتسبة conditioned reflexes: يُحرَّض الإفراز اللعابي استجابة لمنبهات بصرية أو سمعية أو حسية أو شمية (بمعزل عن وجود الطعام في الفم)، ويتطلب ذلك سلامة المراكز الدماغية العليا.
البلع deglutition
هو عملية مرور الطعام من البلعوم، وتتم في عدة ثوان. تقوم به حركات إرادية تنقل اللقمة الطعامية بعد مضغها من الفم إلى المريء. يشترك في عملية البلع مجموعة عضلات اللسان والبلعوم والمريء. لا تتم عملية البلع في غياب الإفراز اللعابي. وتقسم لثلاث مراحل هي: مرحلة فموية (إرادية) ومرحلة بلعومية ومرحلة مريئية (لاإرادية).
حركة الطعام في المريء
يسبب وجود الكتلة الطعامية في المريء ظهور حركات تمعجية (حوية) انعكاسية تنتشر من أعلى المريء إلى أسفله. يعصب المريء بالعصب المبهم، كما توجد في جداره ضفائر عصبية. ويتقلص الثلث العلوي من المريء إرادياً، وتنفتح المصرة المريئية السفلية حين وصول كتلة الطعام إلى المعدة بمنعكس عضلي موضعي.
الهضم في المعدة
تدخل الكتلة الطعامية إلى المعدة من فوهة الفؤاد، وتبلغ سعة المعدة بين 1- 1.5ل، ويبقى الطعام فيها عدة ساعات يخضع فيها لعمليات الهضم الكيميائي (الوظيفة الإفرازية) والحركي (الوظيفة الحركية).
1- الوظيفة الإفرازية للمعدة: تتوضع الغدد المفرزة في الطبقة المخاطية من القاع والجسم والغار المعدي (منطقة البواب). وتفرز عصارتها من ثقوب تقع في ثنايا الطبقة المخاطية.
تتركب العصارة المعدية من سائل عديم اللون لزج، تفاعلها حامضي، وتبلغ كميتها نحو 2-3 ل/يوم. وتحتوي على:
أ- إنزيم مولد الببسين pepsinogen: ويفرز من الخلايا الرئيسة للطبقة المخاطية.
ب - حمض كلور الماء: ويفرز من الخلايا الجدارية للطبقة المخاطية في غار المعدة، ويقوم بالوظائف الآتية: تحويل مولد الببسين إلى ببسين فعَّال، ويفكك المركّبات اللاعضوية كأملاح الحديد وكربونات الكلسيوم، كما يفكك بعض السكاكر كسكر القصب لتسهيل امتصاصها في العفج، ويرسب الجبنين casein في حليب المرضع، ويقتل الجراثيم، ويحرض إفراز هرمون السكرتين secretin من خلايا مخاطية العفج الذي يحرض المعثكلة والكبد على إفراز الإنزيمات وإفراغ الصفراء.
ج- المخاط mucus: يفرز من الخلايا المخاطية للطبقة المخاطية المعدية. ويقوم بحماية بطانة المعدة، فيتحد مع الفائض من حمض المعدة فيزيل تأثيراته، كما يسهِّل خلط الكيموس وتزليقه.
د- العامل الداخلي المنشأ intrinsic factor: يفرز من الخلايا الجدارية للطبقة المخاطية المعدية مع حمض كلور الماء، وهو بروتين سكري، وظيفته الاتحاد مع العامل الخارجي المنشأ (الفيتامين B12) الوارد مع الطعام، ويتم امتصاص هذا المركّب في اللفائفي. ويؤدي ضمور الطبقة المخاطية المعدية إلى حدوث فقر دم وبيل pernicious anemia ينتج من سوء امتصاص الفيتامين B12.
هـ - هرمون الغاسترين gastrin: يفرز من خلايا G في غدد الغار التي تقع في منطقة البواب بالمعدة. وتمارس شوارد الكلسيوم دوراً رئيساً في إفرازه، إضافة إلى دور الدماغ. وتؤدي زيادة درجة حموضة المعدة (PH=3) إلى تثبيط إفرازه. ويعدّ السوماتوستاتين والسكرتين والغلوكاكون والببتيد المعوي المفعِّل للأوعية (VIP)، والكالسيتونين من مثبطات إفرازه. ويحرض الغاسترين على: إفراز حمض كلور الماء وزيادة فعالية الحركات التمعجية وزيادة إفراز العامل الداخلي المنشأ.
يخضع الإفراز المعدي لثلاثة أطوار هي:
أ - الطور الدماغي: يمارس دوره في الإفراز بالمنعكسات الشرطية، فالإفراز المعدي يتم حين رؤية الطعام أو شم رائحته أو السمع به أو التفكير به. كما يتم الإفراز بالمنعكسات اللاشرطية، وبها يحدث الإفراز المعدي نتيجة تحريض الطعام مستقبلات حس التذوق واللمس على نحو مباشر.
ب - الطور المعدي: يؤدي تماس الطعام بالطبقة المخاطية للمعدة إلى نشوء إشارات عصبية تحريضية تسبب حدوث تقلصات حركية وإفراز عصارة معدية. وتنتقل الإشارات العصبية بمنعكس غير مباشر إلى نواة العصب المبهم الذي يحرض نشوء حركات تمعجية والإفراز المعدي.
ج - الطور المعوي: يؤدي وصول الكيموس إلى العفج وتمدد لمعته إلى إفراز السكرتين والببتيد المعوي الموسع للأوعية VIP والسوماتوستاتين والببتيد المثبط لمفرزات المعدة gastric inhibitory peptide (GIP) التي تثبط الوظيفة الحركية للمعدة وإفرازها.
2- الوظيفة الحركية للمعدة: تحدث الحركات الموجية في المعدة نتيجة تقلص العضلات الملس التي تقع في جدارها. تسهم تلك الحركات في مزج الطعام مع العصارة المعوية وتحريكه ودفعه إلى البواب لتفتح المصرة البوابية. وتكون المصرة البوابية مغلقة، فترتد الموجات نحو جسم المعدة وقاعها، فتتم بذلك عملية تحريك الطعام ومزجه، وهكذا تستمر الموجات على نحو بطيء وتلقائي، تدعمها موجات سريعة وقوية تؤدي بعد مضي 3-5 ساعات إلى فتح مصرة البواب بمؤازرة عدة أسباب أخرى هي: زيادة حجم الوجبة الطعامية التي تسبب زيادة الضغط على جدار المعدة، وتجانس الكيموس ودرجة حموضته.
الهضم في العفج duodenum
يخضع الكيموس في العفج لتأثير كل من إفراز عصارة المعثكلة وعصارة الكبد (الصفراء) وعصارة غدد العفج.
1 ـ الإفراز المعثكلي pancreas secretion: تبلغ كمية عصارة المعثكلة قرابة لترين يومياً، وهي سائل شفاف، قلوي غني بالمخاط، يحتوي ماءً وكهارل وعدداً كبيراً من الإنزيمات الحالّة للبروتينات والشحوم والسكر.
أ ـ الإنزيمات الحالّة للبروتينات proteolytic enzymes: أهمها التِربسين والكيموتربسين: يعمل هذان الإنزيمان على هضم البروتينات وتفكيكها إلى حموض أمينية.
ـ التِربسين trypsin: يُفرز مولد التربسين من المعثكلة.
ـ الكيموتربسين chymotrypsin: يُفرز مولد الكيموتربسين من المعثكلة، ويتحول إلى كيموتربسين فعّال بتأثير التربسين.
ب ـ الإنزيمات الحالّة للشحوم lipolytic enzymes: أهمها الليباز والفوسفوليباز. يعمل هذان الإنزيمان على هضم الشحوم وتفكيكها إلى حموض دسمة وغليسيريدات.
- الليباز lipase: يُفرز من المعثكلة على نحو فعّال، ويعمل بوجود الأملاح الصفراوية.
- الفوسفوليباز phospholipase: يفرز من المعثكلة بشكل غير فعّال ويتحول إلى شكل فعّال بتأثير التربسين. ويعمل الفوسفوليباز على تفكيك الغليسيريدات وشطر الحموض الدسمة من الشحميات الفوسفورية.
ج ـ الإنزيمات الحالّة للسكريات glycolytic enzymes: أهمها الأميلاز amylase الذي يفرز من المعثكلة على نحو فعّال، كما تُفرز عصارة المعثكلة استجابة لتنظيم خلطي نتيجة وصول الكيموس إلى العفج وتحريضه على إفراز هرمونين هما: السكرتين الذي يحرض المعثكلة على الإفراز المائي البيكاربوناتي، ويحرض على الإفراز الصفراوي، ويثبط إفراز حمض كلور الماء والغاسترين، ويثبط حركية المعدة. والكوليسيستوكينين cholecystokinin (CCK) ويدعى البانكريوزيمين pancreozymin الذي يحرض المعثكلة على الإفراز الغني بالإنزيمات وعلى إفراغ الحويصل الصفراوي، كما يحرض على إفراغ المعدة في العفج، ويثبط إفراز الغاسترين الذي يعدّ من محرضات الإفراز الإنزيمي للمعثكلة.
ويحرض هرمون الغلوكاكون على الإفراز المائي البيكاربوناتي والإنزيمي من المعثكلة.
2 ـ الإفراز الصفراوي ودور الكبد biliary secretion: تُفرَز الصفراء من الخلايا الكبدية، وتتجمع في الحويصل الصفراوي، وتفرغ في العفج حين وصول الكيموس إليها. يسهم الإفراز الصفراوي في هضم الشحوم والفيتامينات الذوابة بالدسم. وتبلغ سعة الحويصل الصفراوي نحو 60 مل، ويبلغ معدل الإفراغ الصفراوي نحو 850 مل يومياً.
تتكوّن الصفراء من الأصبغة والأملاح الصفراوية، وتحتوي على الكولسترول والشحوم الفوسفورية والكهارل، وتخلو من الإنزيمات. وتُفرَغ الصفراء في العفج بآليتين عصبية وخلطية.
أ- الآلية العصبية: يؤدي تحريض العصب المبهم إلى تقلص الحويصل الصفراوي واسترخاء مصرة أودي oddi s sphincter، ويؤدي تحريض العصب الودي إلى استرخاء الحويصل الصفراوي وغلق مصرة أودي. ويسبب النظر إلى الأطعمة أو شم رائحتها إلى إفراغ الصفراء بمنعكس شرطي.
ب - الآلية الخلطية: يؤدي وصول الكيموس إلى العفج إلى إفراغ الصفراء بوساطة هرمون يفرز من الطبقة المخاطية للعفج هو الكوليسيستوكينين cholecystokinin (CCK) (البانكريوزيمن) الذي يقلص الحويصل الصفراوي، ويرخي مصرة أودي.
أما الكبد: فيعدّ أكبر غدة في بدن الإنسان، يبلغ وزنه عند الكهل نحو 1.5كغ، ويختزن نحو 500 مل من الدم. وأهم وظائف الكبد في البدن هي:
1- إفراز الصفراء وتخزينها في الحويصل الصفراوي وإفراغها في العفج لهضم الشحوم.
2- التقاط الجراثيم وإبادتها بوساطة خلايا كوبفر Kupffer التي توجد في الجيوب الكبدية.
3- إزالة السمية detoxication من المواد داخلية المنشأ كالبيليروبين وغيرها، والمواد خارجية المنشأ كالسموم العضوية وبعض العقاقير.
4 - استقلاب البروتينات وتشكيل «اليوريا» urea.
5- استقلاب الشحوم وأكسدة الحموض الدسمة، وتشكيل الكولسترول والفوسفوليبيدات والحموض الدسمة.
6- استقلاب السكريات وتخزين الغليكوجين وتنظيم غلوكوز الدم.
7- اصطناع عوامل التخثر: يتم تركيب الفبرينوجين (مولد الليفين)، وهو عامل مهمّ في تخثر الدم، والبروترومبين (إنزيم التخثر).
8- تخزين الحديد وهو ضروري لتكوين خضاب الدم، وتخزين النحاس الذي يسهم في وظيفة الحديد.
9- تركيب الفيتامين A من الكاروتين carotene، وتخزين الفيتامينات A¨ D¨ K¨ B12.
3 ـ الإفراز العفجي pancreatic secretion: تُفرز الطبقة المخاطية للعفج عصارة تحتوي على شوارد البيكاربونات والمخاط. وتفرز المعثكلة في العفج عصارة تحتوي على: إنزيمات حالَّة للبروتينات، أهمها التِربسين والكيموتربسين، وإنزيمات حالَّة للنوويدات nucleotic enzymes، أهمها الريبونوكلياز والديوكسي ريبونوكلياز deoxyribonuclease، وإنزيمات حالَّة للشحوم، أهمها الليباز والفوسفوليباز وإستراز الكولسترول cholesterol esterase، وإنزيمات حالَّة للسكريات، أهمها الأميلاز.
الهضم في الأمعاء الدقيقة
يتم الهضم بعمليتين هما الوظيفة الإفرازية والوظيفة الحركية للأمعاء.
1- الوظيفة الإفرازية: تفرز غدد برونر المخاط في العفج. وتفرز غدد ليبركون في العفج عصارة شفافة تحتوي على الماء والكهارل. ويبلغ المقدار المفرز من العصارة المعوية نحو لتر يومياً، وتفاعلها قلوي.
وتفرز الطبقة المخاطية للأمعاء الدقيقة عصارة تحتوي على إنزيمات لهضم البروتينات والشحوم والسكريات هي: إنزيم الأنتيروكيناز enterokinase وإنزيمات الببتيداز peptidase وإنزيم الليباز lipase وإنزيم الملتازmaltase وإنزيم اللاكتاز lactase وإنزيم السكراز saccharase.
2- الوظيفة الحركية: تتصف الأمعاء الدقيقة بوجود نوعين من الحركات هما حركات الدفع والحركات المازجة (اللادفع).
أ- حركات الدفع: هي حركات تمعجية peristaltic تحدث من تقلص العضلات الدائرية والطولانية بصورة تلقائية. وتبلغ سرعة الدفع قرابة 1سم/دقيقة.
ب - حركات اللادفع (الحركات المازجة): هي حركات تقطعية segmentation موضعية، وظيفتها مزج الطعام لتسهيل امتصاصه. تنتج الحركات التقطعية عن تقلص قطع من الأمعاء على نحو تصبح فيه بشكل سلسلة من العقد تتجه من الأعلى للأسفل بتواتر يبلغ نحو 5 -10 حركات بالدقيقة.
الهضم في الأمعاء الغليظة (القولون colon)
يدخل بقايا الكيموس من الأمعاء الدقيقة إلى القسم الأول من الأمعاء الغليظة، وهو الأعور، فيه مصرة تفتح بمنعكس حين وصول الكيموس إليها، وتمنع عودته إلى الأمعاء الدقيقة.
تقوم الأمعاء الغليظة بهضم الألياف النباتية بوساطة إنزيمات الجراثيم القولونية وهضم السللوز الذي يتخمر بإنزيمات الجراثيم في الأمعاء الغليظة، وينتج من التخمر تحرر سكاكر بسيطة تستقلب من الجراثيم نفسها. كما تهضم الأمعاء الغليظة بقايا البروتينات. وتمتص الأمعاء الغليظة الماء والكهارل، وينتج من ذلك تكثيف في كتلة الكيموس التي تمتزج بالمخاط وبقايا الخلايا المتوسفة والأصبغة الصفراوية لتكوِّن كتلة البراز التي تخزَّن لحين الحاجة إلى طرحها خارج البدن بعملية التغوط.
لجدار الأمعاء الغليظة تعصيب موضعي مستقل مسؤول عن ظهور حركات الدفع والتقطع، والغاية من هذه الحركات مزج الكتلة الطعامية المتبقية ثم طرحها خارجاً.
- التغوط defecation: يحدث التغوط نتيجة تمدد جدار المستقيم بكتلة الفضلات الغائطية، فحينما يبلغ حجمها أكثر من 100مل يحدث شعور بالرغبة في التغوط، فتسترخي المصرة الشرجية الداخلية (اللاإرادية) والخارجية (الإرادية). ويشارك تقلص عضلات البطن وعضلة الحجاب الحاجز وغلق المزمار واسترخاء العضلة الرافعة للشرج في تسهيل عملية التغوط.
الامتصاص absorption
تبدأ عملية الامتصاص في الأنبوب الهضمي من جوف الفم حتى الأمعاء الغليظة.
- الامتصاص في الفم: هو امتصاص بسيط لقصر فترة بقاء الطعام في الفم. ويمكن امتصاص بعض الأدوية في جوف الفم (تحت اللسان)، وتصل إلى الوريد الأجوف العلوي كالنيتروغلسيرين.
- الامتصاص في المعدة: هو امتصاص محدود لكمية قليلة من الماء وبعض الكهارل والكحول.
- الامتصاص في الأمعاء الدقيقة: هو المكان الرئيس لعمليات الامتصاص لوجود الزغابات المعوية villi التي تضاعف من سطح تماس الكيموس معها وكذلك الزغيبات microvilli التي تقع في قمة الخلايا الظهارية للأمعاء، إضافة إلى وجود طيات في الطبقة المخاطية للأمعاء (الصائم واللفائفي). كما يبقى الكيموس عدة ساعات في الأمعاء الدقيقة، يتم فيها امتصاص نواتج هضم السكريات والدسم والبروتينات، كما تمتص الكهارل.
- الامتصاص في الأمعاء الغليظة: هو امتصاص محدود للماء والكهارل، ولقليل من نواتج هضم البروتينات والشحوم والسكريات، ونواتج هضم الجراثيم للسكريات.
طرق الامتصاص
يتم الامتصاص بطريقتين هما: عبر السبيل بين الخلوي، وعبر السبيل الخلوي.
أ- الامتصاص عبر السبيل بين الخلوي: يخضع الامتصاص لقيم تركيز مدروج الضغط الحلولي osmotic pressure gradient للكيموس، ويتم فيه امتصاص الماء فقط عبر مسامات (أقنية) تقع بين الخلايا، تصل بين لمعة الأمعاء (الامتصاص بطريقة الحلول للمحاليل منخفضة التوتر) والوسط بين الخلوي (البلازما). فإذا كانت الوجبة الطعامية مفرطة التوتر hypertonic انتقل الماء من البلازما إلى لمعة الأمعاء حتى يتم تعادل التوتر بين الوسطين. وإذا كانت الوجبة الطعامية منخفضة التوتر hypotonic انتقل الماء من لمعة الأمعاء إلى البلازما عبر مسامات السبيل بين الخلوي. ويمارس الضغط المائي السكوني hydrostatic دوراً في حركة الماء والعناصر المذابة فيه، فحينما يزداد الضغط المائي السكوني في لمعة الأمعاء نتيجة تقلص عضلات جدارها ينتقل الماء من لمعة الأمعاء إلى الأوعية الشعرية للزغابات.
ب - الامتصاص عبر السبيل الخلوي: يتم امتصاص الماء والعناصر المذابة فيه، بطريقة الاحتساء pinocytosis التي يتم فيها نقل بعض العناصر البروتينية كالغلوبولينات المناعية، وتستعمل هذه الطريقة عند الرضع لتوفير المناعة المؤقتة لهم، وبطريقة الانتشار السلبي passive diffusion يتم فيها نقل الماء والعناصر المذابة فيه، عبر مسامات في الغشاء القمي للزغابات، وطريقة الانتشار بالذوبان في الأغشية وهي طريقة خاصة لنقل العناصر المنحلة بالشحوم، وطريقة الانتشار التسهيلي facilited diffusion وتدعى أيضاً طريقة النقل المتآزر contransport، يتم فيها نقل عنصرين، مثل امتصاص الغلوكوز بطريقة الانتشار التسهيلي بمؤازة النقل الفعال لشوارد الصوديوم، ويجري ذلك بوجود ناقل نوعي في الغشاء القمي ترتبط به الجزيئات المنقولة، وطريقة النقل الفعَّال active transport هي طريقة نقل اصطفائي، يتم فيها نقل عنصر بعكس تركيز مدروجه الكيميائي والكهربائي.
الامتصاص في الأنبوب الهضمي
يتم فيه امتصاص الماء والشوارد ونواتج هضم السكريات والبروتينات والشحوم.
1- امتصاص الماء والشوارد:
أ- امتصاص الماء والشوارد في العفج: يتم إفراز شوارد البيكاربونات من الخلايا الظهارية وخلايا غدد برونر Brunner لتعديل حموضة الكيموس بطريقة عكس مدروج التركيز. ويتم امتصاص الماء من لمعة الأمعاء إلى خلايا الطبقة المخاطية إذا كانت الوجبة الطعامية منخفضة التوتر، ومن خلايا الطبقة المخاطية إلى لمعة الأمعاء إذا كانت الوجبة الطعامية مفرطة التوتر. ويتم نقل شوارد الصوديوم والكلور والبوتاسيوم من لمعة الأمعاء إلى خلايا الطبقة المخاطية إذا كان تركيزها مرتفعاً في لمعة الأمعاء، والعكس صحيح.
ب- امتصاص الماء والشوارد في الصائم: يتم فيه امتصاص شوارد البيكاربونات التي تم إفرازها من الغدد اللعابية والمعدة والعفج والمعثكلة والكبد. كما يتم امتصاص شوارد الصوديوم والكلور من لمعة الصائم إلى داخل الخلايا الظهارية بآلية المدروج الكيميائي والكهربائي وبمشاركة المضخة الصودية البوتاسية Na+/K+ (ATP ase) التي تسهم في استمرار امتصاص الصوديوم والكلور والبوتاسيوم والماء.
ج- امتصاص الماء والشوارد في اللفائفي: يتم فيه امتصاص الكلور وبدرجة أقل شوارد الصوديوم والماء بآلية مدروج الضغط التناضحي، كما يتم إفراز البيكاربونات بكميات كبيرة.
- امتصاص الماء والشوارد في القولون الصاعد والمستعرض: يتم فيه امتصاص شوارد الصوديوم والماء بكميات كبيرة مع إفراز شوارد البيكاربونات في لمعة الأمعاء.
د- امتصاص الماء والشوارد في القولون النازل: يتم فيه امتصاص ما تبقى من شوارد الصوديوم، ويمارس الألدوستيرون دوره في هذا المستوى بزيادة امتصاص الصوديوم مع إفراز شوارد البوتاسيوم والبيكاربونات، حيث يكون تركيزها مرتفعاً في كتلة البراز.
هـ- امتصاص شوارد الكلسيوم والحديد والمغنيزيوم: يتم امتصاص شوارد الكلسيوم المنحلة. أما الأملاح الكلسية غير المنحلة فهي غير قابلة للامتصاص. ويتم امتصاص الكلسيوم من لمعة الأمعاء عبر السبيلين بين الخلوي والسبيل الخلوي، ويتم امتصاص معظم الكلسيوم بمستوى العفج. كما يمارس هرمون الدريقات PTH دوره في تحويل الفيتامين D إلى شكله الفعَّال الذي يزيد من امتصاص الكلسيوم حينما ينخفض تركيزه في الدم.
ويتم امتصاص الحديد في العفج والصائم واللفائفي، ويمارس حمض المعدة دوراً رئيساً في امتصاصه. كما يمتص المغنيزيوم من الصائم واللفائفي، وتمارس حموضة المعدة دوراً في امتصاصه.
2- امتصاص نواتج هضم السكريات: يتم امتصاص السكريات الثنائية التي تضم: السكروز (سكر القصب) واللاكتوز (سكر اللبن) والملتوز (سكر الشعير). يؤثر في السكريات الثنائية في مستوى العفج والصائم جميع الإنزيمات الحالَّة للسكريات التي تشتمل على السكراز واللاكتاز والملتاز والإيزوملتاز التي تجعلها سكاكر بسيطة (فركتوز، غالاكتوز، غلوكوز). ويتم امتصاص السكريات البسيطة من السبيل الخلوي أولاً، والسبيل بين الخلوي ثانياً، وحين تدخل السكاكر البسيطة إلى داخل الخلية المعوية يتم تفكيكها إلى لبنات lactate وحصرومات pyruvate حيث تجتاز الغشاء القاعدي الجانبي للخلايا المعوية إلى جدار الأوعية الشعرية ومنها إلى وريد الباب فالكبد.
3- امتصاص نواتج هضم البروتينات: يؤدي هضم البروتينات في العفج والصائم بتأثير الإنزيمات الحالَّة للبروتينات المعثكلية إلى تحرر الحموض الأمينية والببتيدات التي يتم امتصاصها من الطبقة المخاطية للأمعاء عبر السبيل الخلوي والسبيل بين الخلوي. ويتم امتصاص الحموض الأمينية الحرة عبر السبيل الخلوي للأمعاء في الصائم واللفائفي العلوي بطريقة الانتشار التسهيلي المرتبط بتركيز شوارد الصوديوم، ويتم امتصاص الببتيدات الثنائية بطريقة النقل الفعَّال.
4- امتصاص نواتج هضم الشحوم: يؤدي هضم الشحوم في المعدة والأمعاء الدقيقة بتأثير الإنزيمات الحالَّة للدسم (الليباز اللساني والليباز المعثكلي والليباز المعوي وفوسفوليباز واستراز الكولسترول) إلى تشكيل الغليسيريدات الأحادية والحموض الدسمة الحرة والغليسيرول والكولسترول، كما تمارس الأملاح الصفراوية دوراً في استحلاب الدسم لتسهيل امتصاصها. وتمتص نواتج هضم الشحوم بآلية الانتشار السلبي، ويتم في داخل الخلايا نقل الحموض الدسمة (بوساطة ناقل هو البروتين الرابط للحموض الدسمة الذي يسهم في إعادة أسترتها) إلى الشبكة الهيولية الباطنة لتشكيل غليسيريدات ثلاثية تصل إلى المسامات بين الخلوية ومنها إلى وريد الباب، وينتقل الكولسترول بالطريقة نفسها. ويتم في الشبكة الهيولية الباطنة اصطناع الدقائق الكيلوسية من الشحميات الفسفورية phospholipids واسترات الكولسترول والغليسيريدات الثلاثية، ثم تُطرح الدقائق الكيلوسية عبر الغشاء القاعدي الجانبي للخلايا المعوية في الفراغ بين الخلوي بعملية التقاظ exocytosis، فتصل الدقائق الكيلوسية إلى اللمف lymph الذي يصب في القناة الصدرية ومنها إلى الوريد تحت الترقوة الأيسر. وينقل اللمف البروتينات الشحمية lipoproteins التي تشتمل على ثلاثة أنواع هي:
أ- البروتين الشحمي وضيع الكثافة very-low density lipoprotein (VLDL): يُصنَّع في الكبد والأمعاء، ويكشف في حالة الصيام، ويقوم بنقل الغليسيريدات الثلاثية إلى الأنسجة. يتركب من غليسيريدات ثلاثية وشحميات فسفورية وكولسترول صمائم بروتينية هي (C¨ E¨ B100).
ب - البروتين الشحمي خفيض الكثافة (LDL) low- density lipoprotein: ينتج من تفكك البروتين الشحمي وضيع الكثافة VLDL، يتركب من شحميات فسفورية وكولسترول بوفرة وصميم بروتيني (B100)، وهو فقير بالغليسيريدات الثلاثية إذا قورن مع الدقائق الكيلوسية.
ج- البروتين الشحمي رفيع الكثافة high- dencity lipoproteins (HDL): يُصنَّع في الكبد والأمعاء، يتركب من غليسيريدات ثلاثية وكولسترول وصمائم بروتينية. له دور في عملية قنص الكولسترول ونقله إلى الكبد ثم تقويضه في الكبد وطرحه مع الصفراء.
هشام الطيان
Physiology of the digestive system - Physiologie du système digestif
الهضم (فيزيولوجية جهاز ـ)
الهضم عملية وظيفية غايتها تحويل الأطعمة إلى عناصر بسيطة يسهل امتصاصها للاستفادة منها في بناء البدن وتأمين الطاقة اللازمة. تشتمل عمليات الهضم على: عمليات فيزيائية غايتها تجزئة الأطعمة ومزجها، وعمليات كيميائية غايتها هضم الأطعمة بالعصارات التي تحتوي على إنزيمات مختلفة، تقوم بتحويلها إلى مواد بسيطة يسهل امتصاصها من الزغابات المعوية.
تتم عمليات الهضم بعدة وظائف، هي الوظائف الحركية والإفرازية والامتصاصية. وتشتمل وظائف الهضم على الهضم في الفم (المضغ والإفراز اللعابي) والبلع، وحركة الطعام في المريء، والهضم في المعدة (الوظيفة الإفرازية والحركية)، والهضم في العفج (الإفراز المعثكلي والصفراوي والعفجي)، والهضم في الأمعاء الدقيقة (الوظيفة الإفرازية والحركية)، والهضم في الأمعاء الغليظة (الوظيفة الإفرازية والحركية) والتغوط.
الهضم في الفم
- المضغ mastication: هي حركات تقطيع الطعام وتفتيته وطحنه بالأسنان ثم مزجه باللعاب ليتحول إلى كتلة عجينية يسهل ابتلاعها.
تبقى اللقمة الطعامية في الفم مدة 15-20ثانية. وتتم عملية المضغ بحركة الفك السفلي نتيجة تقلص العضلات الماضغة، كما تتم بحركة اللسان والخدين والشفتين. ويؤدي وجود الطعام بالفم إلى تحريض مستقبلات التذوق والحرور.
آلية الإفراز اللعابي |
- تركيب اللعاب ودوره في الهضم: يتركب من الماء بنسبة 99% من وزن اللعاب ومن الكهارل (الصوديوم والكلور والبوتاسيوم والكلسيوم واليود والبيكاربونات والفوسفات) والبروتينات والإنزيمات والمخاط (جزيئات مخاطية سكرية)، والغلوبولينات المناعية. تفاعله يميل إلى القلوية، وتبلغ كمية المفرز منه نحو 1000مل/يومياً.
يوجد في اللعاب: إنزيم التيالين ptyalin (أميلاز اللعاب)، وله دور في تفكيك النشاء إلى ملتوز maltose ثم إلى جزيئتين من الغلوكوز بتأثير إنزيم الملتاز maltase. ولإنزيم الليباز lipase دور في هضم الشحوم التي توجد في حليب المرضع. ولا يتم الهضم الكامل في الفم لقصر فترة بقاء الأطعمة فيه، ويستمر فعل تلك الإنزيمات في المعدة مدة نصف ساعة من بلع الطعام.
ويقوم اللعاب بدور في: ترطيب الطعام وتزليقه لتسهيل بلعه، وغسل الفم وقتل الجراثيم بإنزيم الليزوزوم اللعابي، وتسهيل حاسة التذوق والتكلم، ودارئ، ولاحتوائه على بيكاربونات وفوسفات ومخاط فإنه يعدِّل من الحموضة الناتجة من جراثيم الفم.
- آلية الإفراز اللعابي وتنظيمه: يحدث الإفراز اللعابي نتيجة آليات عصبية، تشتمل على منعكسات لا شرطية (فطرية) ومنعكسات شرطية (مكتسبة).
أ- المنعكسات اللاشرطية أو الفطرية inborn reflexes: يسبب وجود الطعام في الفم تحريض مستقبلات حس التذوق واللمس التي تقع في الغشاء المخاطي لجوف الفم واللسان، وتزداد غزارة الإفراز اللعابي حينما يكون التحريض شديداً كتناول الأطعمة الحامضة.
ب - المنعكسات الشرطية والمكتسبة conditioned reflexes: يُحرَّض الإفراز اللعابي استجابة لمنبهات بصرية أو سمعية أو حسية أو شمية (بمعزل عن وجود الطعام في الفم)، ويتطلب ذلك سلامة المراكز الدماغية العليا.
البلع deglutition
هو عملية مرور الطعام من البلعوم، وتتم في عدة ثوان. تقوم به حركات إرادية تنقل اللقمة الطعامية بعد مضغها من الفم إلى المريء. يشترك في عملية البلع مجموعة عضلات اللسان والبلعوم والمريء. لا تتم عملية البلع في غياب الإفراز اللعابي. وتقسم لثلاث مراحل هي: مرحلة فموية (إرادية) ومرحلة بلعومية ومرحلة مريئية (لاإرادية).
حركة الطعام في المريء
يسبب وجود الكتلة الطعامية في المريء ظهور حركات تمعجية (حوية) انعكاسية تنتشر من أعلى المريء إلى أسفله. يعصب المريء بالعصب المبهم، كما توجد في جداره ضفائر عصبية. ويتقلص الثلث العلوي من المريء إرادياً، وتنفتح المصرة المريئية السفلية حين وصول كتلة الطعام إلى المعدة بمنعكس عضلي موضعي.
الهضم في المعدة
باطن المعدة والجزء ا لبطني للمريء والعفج |
1- الوظيفة الإفرازية للمعدة: تتوضع الغدد المفرزة في الطبقة المخاطية من القاع والجسم والغار المعدي (منطقة البواب). وتفرز عصارتها من ثقوب تقع في ثنايا الطبقة المخاطية.
تتركب العصارة المعدية من سائل عديم اللون لزج، تفاعلها حامضي، وتبلغ كميتها نحو 2-3 ل/يوم. وتحتوي على:
أ- إنزيم مولد الببسين pepsinogen: ويفرز من الخلايا الرئيسة للطبقة المخاطية.
ب - حمض كلور الماء: ويفرز من الخلايا الجدارية للطبقة المخاطية في غار المعدة، ويقوم بالوظائف الآتية: تحويل مولد الببسين إلى ببسين فعَّال، ويفكك المركّبات اللاعضوية كأملاح الحديد وكربونات الكلسيوم، كما يفكك بعض السكاكر كسكر القصب لتسهيل امتصاصها في العفج، ويرسب الجبنين casein في حليب المرضع، ويقتل الجراثيم، ويحرض إفراز هرمون السكرتين secretin من خلايا مخاطية العفج الذي يحرض المعثكلة والكبد على إفراز الإنزيمات وإفراغ الصفراء.
ج- المخاط mucus: يفرز من الخلايا المخاطية للطبقة المخاطية المعدية. ويقوم بحماية بطانة المعدة، فيتحد مع الفائض من حمض المعدة فيزيل تأثيراته، كما يسهِّل خلط الكيموس وتزليقه.
د- العامل الداخلي المنشأ intrinsic factor: يفرز من الخلايا الجدارية للطبقة المخاطية المعدية مع حمض كلور الماء، وهو بروتين سكري، وظيفته الاتحاد مع العامل الخارجي المنشأ (الفيتامين B12) الوارد مع الطعام، ويتم امتصاص هذا المركّب في اللفائفي. ويؤدي ضمور الطبقة المخاطية المعدية إلى حدوث فقر دم وبيل pernicious anemia ينتج من سوء امتصاص الفيتامين B12.
هـ - هرمون الغاسترين gastrin: يفرز من خلايا G في غدد الغار التي تقع في منطقة البواب بالمعدة. وتمارس شوارد الكلسيوم دوراً رئيساً في إفرازه، إضافة إلى دور الدماغ. وتؤدي زيادة درجة حموضة المعدة (PH=3) إلى تثبيط إفرازه. ويعدّ السوماتوستاتين والسكرتين والغلوكاكون والببتيد المعوي المفعِّل للأوعية (VIP)، والكالسيتونين من مثبطات إفرازه. ويحرض الغاسترين على: إفراز حمض كلور الماء وزيادة فعالية الحركات التمعجية وزيادة إفراز العامل الداخلي المنشأ.
يخضع الإفراز المعدي لثلاثة أطوار هي:
أ - الطور الدماغي: يمارس دوره في الإفراز بالمنعكسات الشرطية، فالإفراز المعدي يتم حين رؤية الطعام أو شم رائحته أو السمع به أو التفكير به. كما يتم الإفراز بالمنعكسات اللاشرطية، وبها يحدث الإفراز المعدي نتيجة تحريض الطعام مستقبلات حس التذوق واللمس على نحو مباشر.
ب - الطور المعدي: يؤدي تماس الطعام بالطبقة المخاطية للمعدة إلى نشوء إشارات عصبية تحريضية تسبب حدوث تقلصات حركية وإفراز عصارة معدية. وتنتقل الإشارات العصبية بمنعكس غير مباشر إلى نواة العصب المبهم الذي يحرض نشوء حركات تمعجية والإفراز المعدي.
ج - الطور المعوي: يؤدي وصول الكيموس إلى العفج وتمدد لمعته إلى إفراز السكرتين والببتيد المعوي الموسع للأوعية VIP والسوماتوستاتين والببتيد المثبط لمفرزات المعدة gastric inhibitory peptide (GIP) التي تثبط الوظيفة الحركية للمعدة وإفرازها.
2- الوظيفة الحركية للمعدة: تحدث الحركات الموجية في المعدة نتيجة تقلص العضلات الملس التي تقع في جدارها. تسهم تلك الحركات في مزج الطعام مع العصارة المعوية وتحريكه ودفعه إلى البواب لتفتح المصرة البوابية. وتكون المصرة البوابية مغلقة، فترتد الموجات نحو جسم المعدة وقاعها، فتتم بذلك عملية تحريك الطعام ومزجه، وهكذا تستمر الموجات على نحو بطيء وتلقائي، تدعمها موجات سريعة وقوية تؤدي بعد مضي 3-5 ساعات إلى فتح مصرة البواب بمؤازرة عدة أسباب أخرى هي: زيادة حجم الوجبة الطعامية التي تسبب زيادة الضغط على جدار المعدة، وتجانس الكيموس ودرجة حموضته.
الهضم في العفج duodenum
المعثكلة |
1 ـ الإفراز المعثكلي pancreas secretion: تبلغ كمية عصارة المعثكلة قرابة لترين يومياً، وهي سائل شفاف، قلوي غني بالمخاط، يحتوي ماءً وكهارل وعدداً كبيراً من الإنزيمات الحالّة للبروتينات والشحوم والسكر.
أ ـ الإنزيمات الحالّة للبروتينات proteolytic enzymes: أهمها التِربسين والكيموتربسين: يعمل هذان الإنزيمان على هضم البروتينات وتفكيكها إلى حموض أمينية.
ـ التِربسين trypsin: يُفرز مولد التربسين من المعثكلة.
ـ الكيموتربسين chymotrypsin: يُفرز مولد الكيموتربسين من المعثكلة، ويتحول إلى كيموتربسين فعّال بتأثير التربسين.
ب ـ الإنزيمات الحالّة للشحوم lipolytic enzymes: أهمها الليباز والفوسفوليباز. يعمل هذان الإنزيمان على هضم الشحوم وتفكيكها إلى حموض دسمة وغليسيريدات.
- الليباز lipase: يُفرز من المعثكلة على نحو فعّال، ويعمل بوجود الأملاح الصفراوية.
- الفوسفوليباز phospholipase: يفرز من المعثكلة بشكل غير فعّال ويتحول إلى شكل فعّال بتأثير التربسين. ويعمل الفوسفوليباز على تفكيك الغليسيريدات وشطر الحموض الدسمة من الشحميات الفوسفورية.
ج ـ الإنزيمات الحالّة للسكريات glycolytic enzymes: أهمها الأميلاز amylase الذي يفرز من المعثكلة على نحو فعّال، كما تُفرز عصارة المعثكلة استجابة لتنظيم خلطي نتيجة وصول الكيموس إلى العفج وتحريضه على إفراز هرمونين هما: السكرتين الذي يحرض المعثكلة على الإفراز المائي البيكاربوناتي، ويحرض على الإفراز الصفراوي، ويثبط إفراز حمض كلور الماء والغاسترين، ويثبط حركية المعدة. والكوليسيستوكينين cholecystokinin (CCK) ويدعى البانكريوزيمين pancreozymin الذي يحرض المعثكلة على الإفراز الغني بالإنزيمات وعلى إفراغ الحويصل الصفراوي، كما يحرض على إفراغ المعدة في العفج، ويثبط إفراز الغاسترين الذي يعدّ من محرضات الإفراز الإنزيمي للمعثكلة.
ويحرض هرمون الغلوكاكون على الإفراز المائي البيكاربوناتي والإنزيمي من المعثكلة.
صورة تمثل الكبد والقولونات |
تتكوّن الصفراء من الأصبغة والأملاح الصفراوية، وتحتوي على الكولسترول والشحوم الفوسفورية والكهارل، وتخلو من الإنزيمات. وتُفرَغ الصفراء في العفج بآليتين عصبية وخلطية.
أ- الآلية العصبية: يؤدي تحريض العصب المبهم إلى تقلص الحويصل الصفراوي واسترخاء مصرة أودي oddi s sphincter، ويؤدي تحريض العصب الودي إلى استرخاء الحويصل الصفراوي وغلق مصرة أودي. ويسبب النظر إلى الأطعمة أو شم رائحتها إلى إفراغ الصفراء بمنعكس شرطي.
ب - الآلية الخلطية: يؤدي وصول الكيموس إلى العفج إلى إفراغ الصفراء بوساطة هرمون يفرز من الطبقة المخاطية للعفج هو الكوليسيستوكينين cholecystokinin (CCK) (البانكريوزيمن) الذي يقلص الحويصل الصفراوي، ويرخي مصرة أودي.
أما الكبد: فيعدّ أكبر غدة في بدن الإنسان، يبلغ وزنه عند الكهل نحو 1.5كغ، ويختزن نحو 500 مل من الدم. وأهم وظائف الكبد في البدن هي:
1- إفراز الصفراء وتخزينها في الحويصل الصفراوي وإفراغها في العفج لهضم الشحوم.
2- التقاط الجراثيم وإبادتها بوساطة خلايا كوبفر Kupffer التي توجد في الجيوب الكبدية.
3- إزالة السمية detoxication من المواد داخلية المنشأ كالبيليروبين وغيرها، والمواد خارجية المنشأ كالسموم العضوية وبعض العقاقير.
4 - استقلاب البروتينات وتشكيل «اليوريا» urea.
5- استقلاب الشحوم وأكسدة الحموض الدسمة، وتشكيل الكولسترول والفوسفوليبيدات والحموض الدسمة.
6- استقلاب السكريات وتخزين الغليكوجين وتنظيم غلوكوز الدم.
7- اصطناع عوامل التخثر: يتم تركيب الفبرينوجين (مولد الليفين)، وهو عامل مهمّ في تخثر الدم، والبروترومبين (إنزيم التخثر).
8- تخزين الحديد وهو ضروري لتكوين خضاب الدم، وتخزين النحاس الذي يسهم في وظيفة الحديد.
9- تركيب الفيتامين A من الكاروتين carotene، وتخزين الفيتامينات A¨ D¨ K¨ B12.
3 ـ الإفراز العفجي pancreatic secretion: تُفرز الطبقة المخاطية للعفج عصارة تحتوي على شوارد البيكاربونات والمخاط. وتفرز المعثكلة في العفج عصارة تحتوي على: إنزيمات حالَّة للبروتينات، أهمها التِربسين والكيموتربسين، وإنزيمات حالَّة للنوويدات nucleotic enzymes، أهمها الريبونوكلياز والديوكسي ريبونوكلياز deoxyribonuclease، وإنزيمات حالَّة للشحوم، أهمها الليباز والفوسفوليباز وإستراز الكولسترول cholesterol esterase، وإنزيمات حالَّة للسكريات، أهمها الأميلاز.
الهضم في الأمعاء الدقيقة
يتم الهضم بعمليتين هما الوظيفة الإفرازية والوظيفة الحركية للأمعاء.
1- الوظيفة الإفرازية: تفرز غدد برونر المخاط في العفج. وتفرز غدد ليبركون في العفج عصارة شفافة تحتوي على الماء والكهارل. ويبلغ المقدار المفرز من العصارة المعوية نحو لتر يومياً، وتفاعلها قلوي.
وتفرز الطبقة المخاطية للأمعاء الدقيقة عصارة تحتوي على إنزيمات لهضم البروتينات والشحوم والسكريات هي: إنزيم الأنتيروكيناز enterokinase وإنزيمات الببتيداز peptidase وإنزيم الليباز lipase وإنزيم الملتازmaltase وإنزيم اللاكتاز lactase وإنزيم السكراز saccharase.
2- الوظيفة الحركية: تتصف الأمعاء الدقيقة بوجود نوعين من الحركات هما حركات الدفع والحركات المازجة (اللادفع).
أ- حركات الدفع: هي حركات تمعجية peristaltic تحدث من تقلص العضلات الدائرية والطولانية بصورة تلقائية. وتبلغ سرعة الدفع قرابة 1سم/دقيقة.
ب - حركات اللادفع (الحركات المازجة): هي حركات تقطعية segmentation موضعية، وظيفتها مزج الطعام لتسهيل امتصاصه. تنتج الحركات التقطعية عن تقلص قطع من الأمعاء على نحو تصبح فيه بشكل سلسلة من العقد تتجه من الأعلى للأسفل بتواتر يبلغ نحو 5 -10 حركات بالدقيقة.
الهضم في الأمعاء الغليظة (القولون colon)
يدخل بقايا الكيموس من الأمعاء الدقيقة إلى القسم الأول من الأمعاء الغليظة، وهو الأعور، فيه مصرة تفتح بمنعكس حين وصول الكيموس إليها، وتمنع عودته إلى الأمعاء الدقيقة.
تقوم الأمعاء الغليظة بهضم الألياف النباتية بوساطة إنزيمات الجراثيم القولونية وهضم السللوز الذي يتخمر بإنزيمات الجراثيم في الأمعاء الغليظة، وينتج من التخمر تحرر سكاكر بسيطة تستقلب من الجراثيم نفسها. كما تهضم الأمعاء الغليظة بقايا البروتينات. وتمتص الأمعاء الغليظة الماء والكهارل، وينتج من ذلك تكثيف في كتلة الكيموس التي تمتزج بالمخاط وبقايا الخلايا المتوسفة والأصبغة الصفراوية لتكوِّن كتلة البراز التي تخزَّن لحين الحاجة إلى طرحها خارج البدن بعملية التغوط.
لجدار الأمعاء الغليظة تعصيب موضعي مستقل مسؤول عن ظهور حركات الدفع والتقطع، والغاية من هذه الحركات مزج الكتلة الطعامية المتبقية ثم طرحها خارجاً.
- التغوط defecation: يحدث التغوط نتيجة تمدد جدار المستقيم بكتلة الفضلات الغائطية، فحينما يبلغ حجمها أكثر من 100مل يحدث شعور بالرغبة في التغوط، فتسترخي المصرة الشرجية الداخلية (اللاإرادية) والخارجية (الإرادية). ويشارك تقلص عضلات البطن وعضلة الحجاب الحاجز وغلق المزمار واسترخاء العضلة الرافعة للشرج في تسهيل عملية التغوط.
الامتصاص absorption
تبدأ عملية الامتصاص في الأنبوب الهضمي من جوف الفم حتى الأمعاء الغليظة.
- الامتصاص في الفم: هو امتصاص بسيط لقصر فترة بقاء الطعام في الفم. ويمكن امتصاص بعض الأدوية في جوف الفم (تحت اللسان)، وتصل إلى الوريد الأجوف العلوي كالنيتروغلسيرين.
- الامتصاص في المعدة: هو امتصاص محدود لكمية قليلة من الماء وبعض الكهارل والكحول.
- الامتصاص في الأمعاء الدقيقة: هو المكان الرئيس لعمليات الامتصاص لوجود الزغابات المعوية villi التي تضاعف من سطح تماس الكيموس معها وكذلك الزغيبات microvilli التي تقع في قمة الخلايا الظهارية للأمعاء، إضافة إلى وجود طيات في الطبقة المخاطية للأمعاء (الصائم واللفائفي). كما يبقى الكيموس عدة ساعات في الأمعاء الدقيقة، يتم فيها امتصاص نواتج هضم السكريات والدسم والبروتينات، كما تمتص الكهارل.
- الامتصاص في الأمعاء الغليظة: هو امتصاص محدود للماء والكهارل، ولقليل من نواتج هضم البروتينات والشحوم والسكريات، ونواتج هضم الجراثيم للسكريات.
طرق الامتصاص
يتم الامتصاص بطريقتين هما: عبر السبيل بين الخلوي، وعبر السبيل الخلوي.
أ- الامتصاص عبر السبيل بين الخلوي: يخضع الامتصاص لقيم تركيز مدروج الضغط الحلولي osmotic pressure gradient للكيموس، ويتم فيه امتصاص الماء فقط عبر مسامات (أقنية) تقع بين الخلايا، تصل بين لمعة الأمعاء (الامتصاص بطريقة الحلول للمحاليل منخفضة التوتر) والوسط بين الخلوي (البلازما). فإذا كانت الوجبة الطعامية مفرطة التوتر hypertonic انتقل الماء من البلازما إلى لمعة الأمعاء حتى يتم تعادل التوتر بين الوسطين. وإذا كانت الوجبة الطعامية منخفضة التوتر hypotonic انتقل الماء من لمعة الأمعاء إلى البلازما عبر مسامات السبيل بين الخلوي. ويمارس الضغط المائي السكوني hydrostatic دوراً في حركة الماء والعناصر المذابة فيه، فحينما يزداد الضغط المائي السكوني في لمعة الأمعاء نتيجة تقلص عضلات جدارها ينتقل الماء من لمعة الأمعاء إلى الأوعية الشعرية للزغابات.
ب - الامتصاص عبر السبيل الخلوي: يتم امتصاص الماء والعناصر المذابة فيه، بطريقة الاحتساء pinocytosis التي يتم فيها نقل بعض العناصر البروتينية كالغلوبولينات المناعية، وتستعمل هذه الطريقة عند الرضع لتوفير المناعة المؤقتة لهم، وبطريقة الانتشار السلبي passive diffusion يتم فيها نقل الماء والعناصر المذابة فيه، عبر مسامات في الغشاء القمي للزغابات، وطريقة الانتشار بالذوبان في الأغشية وهي طريقة خاصة لنقل العناصر المنحلة بالشحوم، وطريقة الانتشار التسهيلي facilited diffusion وتدعى أيضاً طريقة النقل المتآزر contransport، يتم فيها نقل عنصرين، مثل امتصاص الغلوكوز بطريقة الانتشار التسهيلي بمؤازة النقل الفعال لشوارد الصوديوم، ويجري ذلك بوجود ناقل نوعي في الغشاء القمي ترتبط به الجزيئات المنقولة، وطريقة النقل الفعَّال active transport هي طريقة نقل اصطفائي، يتم فيها نقل عنصر بعكس تركيز مدروجه الكيميائي والكهربائي.
الامتصاص في الأنبوب الهضمي
يتم فيه امتصاص الماء والشوارد ونواتج هضم السكريات والبروتينات والشحوم.
1- امتصاص الماء والشوارد:
أ- امتصاص الماء والشوارد في العفج: يتم إفراز شوارد البيكاربونات من الخلايا الظهارية وخلايا غدد برونر Brunner لتعديل حموضة الكيموس بطريقة عكس مدروج التركيز. ويتم امتصاص الماء من لمعة الأمعاء إلى خلايا الطبقة المخاطية إذا كانت الوجبة الطعامية منخفضة التوتر، ومن خلايا الطبقة المخاطية إلى لمعة الأمعاء إذا كانت الوجبة الطعامية مفرطة التوتر. ويتم نقل شوارد الصوديوم والكلور والبوتاسيوم من لمعة الأمعاء إلى خلايا الطبقة المخاطية إذا كان تركيزها مرتفعاً في لمعة الأمعاء، والعكس صحيح.
ب- امتصاص الماء والشوارد في الصائم: يتم فيه امتصاص شوارد البيكاربونات التي تم إفرازها من الغدد اللعابية والمعدة والعفج والمعثكلة والكبد. كما يتم امتصاص شوارد الصوديوم والكلور من لمعة الصائم إلى داخل الخلايا الظهارية بآلية المدروج الكيميائي والكهربائي وبمشاركة المضخة الصودية البوتاسية Na+/K+ (ATP ase) التي تسهم في استمرار امتصاص الصوديوم والكلور والبوتاسيوم والماء.
ج- امتصاص الماء والشوارد في اللفائفي: يتم فيه امتصاص الكلور وبدرجة أقل شوارد الصوديوم والماء بآلية مدروج الضغط التناضحي، كما يتم إفراز البيكاربونات بكميات كبيرة.
- امتصاص الماء والشوارد في القولون الصاعد والمستعرض: يتم فيه امتصاص شوارد الصوديوم والماء بكميات كبيرة مع إفراز شوارد البيكاربونات في لمعة الأمعاء.
د- امتصاص الماء والشوارد في القولون النازل: يتم فيه امتصاص ما تبقى من شوارد الصوديوم، ويمارس الألدوستيرون دوره في هذا المستوى بزيادة امتصاص الصوديوم مع إفراز شوارد البوتاسيوم والبيكاربونات، حيث يكون تركيزها مرتفعاً في كتلة البراز.
هـ- امتصاص شوارد الكلسيوم والحديد والمغنيزيوم: يتم امتصاص شوارد الكلسيوم المنحلة. أما الأملاح الكلسية غير المنحلة فهي غير قابلة للامتصاص. ويتم امتصاص الكلسيوم من لمعة الأمعاء عبر السبيلين بين الخلوي والسبيل الخلوي، ويتم امتصاص معظم الكلسيوم بمستوى العفج. كما يمارس هرمون الدريقات PTH دوره في تحويل الفيتامين D إلى شكله الفعَّال الذي يزيد من امتصاص الكلسيوم حينما ينخفض تركيزه في الدم.
ويتم امتصاص الحديد في العفج والصائم واللفائفي، ويمارس حمض المعدة دوراً رئيساً في امتصاصه. كما يمتص المغنيزيوم من الصائم واللفائفي، وتمارس حموضة المعدة دوراً في امتصاصه.
2- امتصاص نواتج هضم السكريات: يتم امتصاص السكريات الثنائية التي تضم: السكروز (سكر القصب) واللاكتوز (سكر اللبن) والملتوز (سكر الشعير). يؤثر في السكريات الثنائية في مستوى العفج والصائم جميع الإنزيمات الحالَّة للسكريات التي تشتمل على السكراز واللاكتاز والملتاز والإيزوملتاز التي تجعلها سكاكر بسيطة (فركتوز، غالاكتوز، غلوكوز). ويتم امتصاص السكريات البسيطة من السبيل الخلوي أولاً، والسبيل بين الخلوي ثانياً، وحين تدخل السكاكر البسيطة إلى داخل الخلية المعوية يتم تفكيكها إلى لبنات lactate وحصرومات pyruvate حيث تجتاز الغشاء القاعدي الجانبي للخلايا المعوية إلى جدار الأوعية الشعرية ومنها إلى وريد الباب فالكبد.
3- امتصاص نواتج هضم البروتينات: يؤدي هضم البروتينات في العفج والصائم بتأثير الإنزيمات الحالَّة للبروتينات المعثكلية إلى تحرر الحموض الأمينية والببتيدات التي يتم امتصاصها من الطبقة المخاطية للأمعاء عبر السبيل الخلوي والسبيل بين الخلوي. ويتم امتصاص الحموض الأمينية الحرة عبر السبيل الخلوي للأمعاء في الصائم واللفائفي العلوي بطريقة الانتشار التسهيلي المرتبط بتركيز شوارد الصوديوم، ويتم امتصاص الببتيدات الثنائية بطريقة النقل الفعَّال.
4- امتصاص نواتج هضم الشحوم: يؤدي هضم الشحوم في المعدة والأمعاء الدقيقة بتأثير الإنزيمات الحالَّة للدسم (الليباز اللساني والليباز المعثكلي والليباز المعوي وفوسفوليباز واستراز الكولسترول) إلى تشكيل الغليسيريدات الأحادية والحموض الدسمة الحرة والغليسيرول والكولسترول، كما تمارس الأملاح الصفراوية دوراً في استحلاب الدسم لتسهيل امتصاصها. وتمتص نواتج هضم الشحوم بآلية الانتشار السلبي، ويتم في داخل الخلايا نقل الحموض الدسمة (بوساطة ناقل هو البروتين الرابط للحموض الدسمة الذي يسهم في إعادة أسترتها) إلى الشبكة الهيولية الباطنة لتشكيل غليسيريدات ثلاثية تصل إلى المسامات بين الخلوية ومنها إلى وريد الباب، وينتقل الكولسترول بالطريقة نفسها. ويتم في الشبكة الهيولية الباطنة اصطناع الدقائق الكيلوسية من الشحميات الفسفورية phospholipids واسترات الكولسترول والغليسيريدات الثلاثية، ثم تُطرح الدقائق الكيلوسية عبر الغشاء القاعدي الجانبي للخلايا المعوية في الفراغ بين الخلوي بعملية التقاظ exocytosis، فتصل الدقائق الكيلوسية إلى اللمف lymph الذي يصب في القناة الصدرية ومنها إلى الوريد تحت الترقوة الأيسر. وينقل اللمف البروتينات الشحمية lipoproteins التي تشتمل على ثلاثة أنواع هي:
أ- البروتين الشحمي وضيع الكثافة very-low density lipoprotein (VLDL): يُصنَّع في الكبد والأمعاء، ويكشف في حالة الصيام، ويقوم بنقل الغليسيريدات الثلاثية إلى الأنسجة. يتركب من غليسيريدات ثلاثية وشحميات فسفورية وكولسترول صمائم بروتينية هي (C¨ E¨ B100).
ب - البروتين الشحمي خفيض الكثافة (LDL) low- density lipoprotein: ينتج من تفكك البروتين الشحمي وضيع الكثافة VLDL، يتركب من شحميات فسفورية وكولسترول بوفرة وصميم بروتيني (B100)، وهو فقير بالغليسيريدات الثلاثية إذا قورن مع الدقائق الكيلوسية.
ج- البروتين الشحمي رفيع الكثافة high- dencity lipoproteins (HDL): يُصنَّع في الكبد والأمعاء، يتركب من غليسيريدات ثلاثية وكولسترول وصمائم بروتينية. له دور في عملية قنص الكولسترول ونقله إلى الكبد ثم تقويضه في الكبد وطرحه مع الصفراء.
هشام الطيان