مهرجان كتب فرنكوفوني يوفر جرعة أوكسيجين لبيروت
المسار الأدبي الذي يلاقي فيه الكتّاب القرّاء في مواقع عدة في حيّي الجميزة ومار مخايل “جعل الناس يلمسون نشاطا كبيرا في بيروت.
زينة أبي راشد توفر مساحة عامة بعد الصدمات
“مهرجان كتب بيروت” الفرنكوفوني الدولي هدف إلى أن يعيد لبيروت مكانتها كـ"عاصمة للكتاب" في المنطقة للتشجيع على البقاء في لبنان بعدما غادره الكثير من الناس.
بيروت - بدت مجموعة أنشطة أدبية تستضيفها منطقتا الجميزة ومار مخايل في بيروت السبت والأحد، ضمن “مهرجان كتب بيروت” الفرنكوفوني الدولي، أشبه بمحاولة لطي صفحة سوداء في هذين الحيّين اللذين دمرهما انفجار مرفأ بيروت عام 2020. ووفر هذا الحدث “جرعة أوكسيجين” في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها لبنان، بحسب المنظمين.
واحتضنت صالات العرض والمقاهي في الحيّين اللذين عادا ينبضان بالحركة بعدما كانا بالأمس القريب منكوبين، عددا من المؤلفين والكتّاب الفرنكوفونيين، من بين أكثر من 110 متعددي الجنسية مشاركين في المهرجان القائم على لقاءات في نحو 30 موقعا من المدينة، وأنشطة في مناطق أخرى، عوضا عن إقامة معرض للكتاب الفرنكوفوني في موقع واحد ثابت، كما درجت العادة حتى 2018.
ويعود سبب اختيار هذه الصيغة المجانية، التي لا يشكّل بيع الكتب عنصرا أساسيا فيها، إلى أن شراء المؤلفات المستوردة لم يعد في متناول معظم اللبنانيين، بفعل الضائقة الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها بلدهم، حتى أن “المكتبات الفرنكوفونية خسرت 70 في المئة من زبائنها”، على ما كشف الملحق المختص بالكتاب والنقاش الفكري في السفارة الفرنسية ماتيو دييز.
ومع أن “من المبكر”، بحسب دييز، تقييم الحدث الذي يستمر إلى الثلاثين من أكتوبر الجاري، فإن الدبلوماسي الفرنسي أعرب عن ارتياحه إلى أن “الأمور تسير جيدا”.
فالمسار الأدبي الذي يلاقي فيه الكتّاب القرّاء في مواقع عدة في حيّي الجميزة ومار مخايل “جعل الناس يلمسون نشاطا كبيرا في بيروت (…) بعد أربع سنوات لم يحصل فيها أي نشاط أدبي منذ انتهاء آخر معرض للكتاب الفرنكوفوني”.
وكانت الدورة الخامسة والعشرون التي نظمت عام 2018، الأخيرة، إذ ألغي المعرض عام 2019 بسبب التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها بيروت، ثم حالت جائحة كوفيد – 19 دون انعقاده، وبعدها حصل انفجار مرفأ بيروت.
ولاحظ دييز أن “صيغة هذا المهرجان الأدبي التي مثّلت تجديدا كبيرا بالنسبة إلى معرض للكتاب يقام في موقع واحد، تثير الحماسة إن لدى الكتّاب أو لدى الجمهور”.وأضاف “ما يقوله لنا الكتّاب والجمهور على السواء هو أن جرعة الأوكسيجين التي يوفرها هذا الحدث الثقافي، مفيدة للجميع في المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان”.
ومن هؤلاء مثلا الرسامة وكاتبة القصص المصورة زينة أبي راشد التي شددت على الحاجة إلى “مساحة عامة (…) بعد كل الصدمات التي شهدتها المدينة، وخصوصا في هذا الحيّ” المواجه لمنطقة المرفأ. ورأت أن “من الرائع أن يكون الأدب حاضرا على الرصيف”.
وفي الطبقة العليا من منزل آل داغر ذي الهندسة اللبنانية التقليدية، والذي لا يزال في طور الترميم، توزع أدباء لبنانيون فرنكوفونيون بين السقالات، فيما قالت مالكته ياسمين داغر إن العائلة فتحت هذا البيت الذي يعود إلى القرن التاسع عشر أمام الأنشطة الثقافية “لإظهار أهمية الحفاظ على التراث”.
وفي المنزل المجاور، جلست ديمة العبدالله التي تركت لبنان قبل 33 عاما وأمامها كتاباها، ورأت في تصريح لوكالة فرانس برس أن هذا المهرجان الذي ينظمه المعهد الفرنسي في لبنان يُظهر أن “لبنان لا يزال مساحة للأدب والشعر والموسيقى والفن، ولا يزال فيه ناس يقرأون ويعبّرون عن رأيهم”.
وعلى بعد العشرات من الأمتار، تقع صالة “آرت ديستريكت”، حيث تشاركت الكاتبتان البلجيكية جنفييف داماس واللبنانية هيام يارد الطاولة نفسها. وأبدت داماس إعجابها بترميم الجدران الحجرية والسقف “وكأن المدينة تطوي صفحة وتمضي إلى الأمام”، وفق قولها.
ولم يقتصر لقاء الجمهور بالكتاب على صالات العرض، بل شمل كذلك عددا من المقاهي والمطاعم. أما مكتبة سمير العريقة في المنطقة، فتزينت برسوم جدارية لنور حيدر وجويل الأشقر التي صوّرت بريشتها أماكن من الجميزة نابعة من ذكرياتها في هذا الحيّ.
وقالت “بعد كوفيد والانفجار، انقطعت علاقتنا بالمدينة، إذ مكثنا في منازلنا. في هذه الرسوم أعود إلى المدينة وإلى الأماكن التي رسمتها التي لا تزال هنا، ولكن تغيرت بعض ملامحها”.
ولقيت فكرة إقامة “معارض بهذه الطريقة الجديدة، وخصوصا في حيّ مثل الجمّيزة الذي عانى بشدة جرّاء انفجار الرابع من أغسطس، ونرى فيه المنازل المرممة والجو الرائع”، ترحيب السفير الإسباني في بيروت يسوس سانتوس أغوادو، الذي تنقّل من صالة عرض إلى أخرى.
وقال السفير وهو يحمل كتبا اشتراها، من بينها ترجمات من الإسبانية إلى الفرنسية لدواوين شعرية، إن “التغيير في الأسلوب” من خلال إقامة الأنشطة الثقافية في مواقع عدة فكرة جيدة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
المسار الأدبي الذي يلاقي فيه الكتّاب القرّاء في مواقع عدة في حيّي الجميزة ومار مخايل “جعل الناس يلمسون نشاطا كبيرا في بيروت.
زينة أبي راشد توفر مساحة عامة بعد الصدمات
“مهرجان كتب بيروت” الفرنكوفوني الدولي هدف إلى أن يعيد لبيروت مكانتها كـ"عاصمة للكتاب" في المنطقة للتشجيع على البقاء في لبنان بعدما غادره الكثير من الناس.
بيروت - بدت مجموعة أنشطة أدبية تستضيفها منطقتا الجميزة ومار مخايل في بيروت السبت والأحد، ضمن “مهرجان كتب بيروت” الفرنكوفوني الدولي، أشبه بمحاولة لطي صفحة سوداء في هذين الحيّين اللذين دمرهما انفجار مرفأ بيروت عام 2020. ووفر هذا الحدث “جرعة أوكسيجين” في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها لبنان، بحسب المنظمين.
واحتضنت صالات العرض والمقاهي في الحيّين اللذين عادا ينبضان بالحركة بعدما كانا بالأمس القريب منكوبين، عددا من المؤلفين والكتّاب الفرنكوفونيين، من بين أكثر من 110 متعددي الجنسية مشاركين في المهرجان القائم على لقاءات في نحو 30 موقعا من المدينة، وأنشطة في مناطق أخرى، عوضا عن إقامة معرض للكتاب الفرنكوفوني في موقع واحد ثابت، كما درجت العادة حتى 2018.
ويعود سبب اختيار هذه الصيغة المجانية، التي لا يشكّل بيع الكتب عنصرا أساسيا فيها، إلى أن شراء المؤلفات المستوردة لم يعد في متناول معظم اللبنانيين، بفعل الضائقة الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها بلدهم، حتى أن “المكتبات الفرنكوفونية خسرت 70 في المئة من زبائنها”، على ما كشف الملحق المختص بالكتاب والنقاش الفكري في السفارة الفرنسية ماتيو دييز.
ومع أن “من المبكر”، بحسب دييز، تقييم الحدث الذي يستمر إلى الثلاثين من أكتوبر الجاري، فإن الدبلوماسي الفرنسي أعرب عن ارتياحه إلى أن “الأمور تسير جيدا”.
فالمسار الأدبي الذي يلاقي فيه الكتّاب القرّاء في مواقع عدة في حيّي الجميزة ومار مخايل “جعل الناس يلمسون نشاطا كبيرا في بيروت (…) بعد أربع سنوات لم يحصل فيها أي نشاط أدبي منذ انتهاء آخر معرض للكتاب الفرنكوفوني”.
وكانت الدورة الخامسة والعشرون التي نظمت عام 2018، الأخيرة، إذ ألغي المعرض عام 2019 بسبب التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها بيروت، ثم حالت جائحة كوفيد – 19 دون انعقاده، وبعدها حصل انفجار مرفأ بيروت.
ولاحظ دييز أن “صيغة هذا المهرجان الأدبي التي مثّلت تجديدا كبيرا بالنسبة إلى معرض للكتاب يقام في موقع واحد، تثير الحماسة إن لدى الكتّاب أو لدى الجمهور”.وأضاف “ما يقوله لنا الكتّاب والجمهور على السواء هو أن جرعة الأوكسيجين التي يوفرها هذا الحدث الثقافي، مفيدة للجميع في المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان”.
ومن هؤلاء مثلا الرسامة وكاتبة القصص المصورة زينة أبي راشد التي شددت على الحاجة إلى “مساحة عامة (…) بعد كل الصدمات التي شهدتها المدينة، وخصوصا في هذا الحيّ” المواجه لمنطقة المرفأ. ورأت أن “من الرائع أن يكون الأدب حاضرا على الرصيف”.
وفي الطبقة العليا من منزل آل داغر ذي الهندسة اللبنانية التقليدية، والذي لا يزال في طور الترميم، توزع أدباء لبنانيون فرنكوفونيون بين السقالات، فيما قالت مالكته ياسمين داغر إن العائلة فتحت هذا البيت الذي يعود إلى القرن التاسع عشر أمام الأنشطة الثقافية “لإظهار أهمية الحفاظ على التراث”.
وفي المنزل المجاور، جلست ديمة العبدالله التي تركت لبنان قبل 33 عاما وأمامها كتاباها، ورأت في تصريح لوكالة فرانس برس أن هذا المهرجان الذي ينظمه المعهد الفرنسي في لبنان يُظهر أن “لبنان لا يزال مساحة للأدب والشعر والموسيقى والفن، ولا يزال فيه ناس يقرأون ويعبّرون عن رأيهم”.
وعلى بعد العشرات من الأمتار، تقع صالة “آرت ديستريكت”، حيث تشاركت الكاتبتان البلجيكية جنفييف داماس واللبنانية هيام يارد الطاولة نفسها. وأبدت داماس إعجابها بترميم الجدران الحجرية والسقف “وكأن المدينة تطوي صفحة وتمضي إلى الأمام”، وفق قولها.
ولم يقتصر لقاء الجمهور بالكتاب على صالات العرض، بل شمل كذلك عددا من المقاهي والمطاعم. أما مكتبة سمير العريقة في المنطقة، فتزينت برسوم جدارية لنور حيدر وجويل الأشقر التي صوّرت بريشتها أماكن من الجميزة نابعة من ذكرياتها في هذا الحيّ.
وقالت “بعد كوفيد والانفجار، انقطعت علاقتنا بالمدينة، إذ مكثنا في منازلنا. في هذه الرسوم أعود إلى المدينة وإلى الأماكن التي رسمتها التي لا تزال هنا، ولكن تغيرت بعض ملامحها”.
ولقيت فكرة إقامة “معارض بهذه الطريقة الجديدة، وخصوصا في حيّ مثل الجمّيزة الذي عانى بشدة جرّاء انفجار الرابع من أغسطس، ونرى فيه المنازل المرممة والجو الرائع”، ترحيب السفير الإسباني في بيروت يسوس سانتوس أغوادو، الذي تنقّل من صالة عرض إلى أخرى.
وقال السفير وهو يحمل كتبا اشتراها، من بينها ترجمات من الإسبانية إلى الفرنسية لدواوين شعرية، إن “التغيير في الأسلوب” من خلال إقامة الأنشطة الثقافية في مواقع عدة فكرة جيدة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook