هند (موسيقي في)
India - Inde
الهند (الموسيقى في ـ)
أناشيد الڤيدا والتنويط:
تروي الأساطير الهندية وديانة براهما أن براهما خلق العالم بوساطة الموسيقى، وتعطي هذه الأسطورة فكرة عن أهمية الموسيقى في الحضارة الهندية ولاسيما علاقتها منذ البداية بالعبادات والفكر الديني. أما التاريخ الحقيقي لنشأة الموسيقى الهندية فيعود إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، حيث ارتبطت الأنغام الأولى بـ«أناشيد الڤيدا»[ر] Hymnes Védiques، وهي كما يُعرِّفها ويل ديورانت Will Durant ت(1885-1981) في كتابه الشهير «قصة الحضارة» The Story of Civilization مجموعة من الأسفار معناها الحرفي «كتاب المعرفة»… وكل سفر يتألف من مجموعة من الأناشيد، وهي شبيهة بالإنجيل، قليل جداً منها ما يرتفع إلى مستوى الأدب، وعدد ضئيل يبلغ درجة الإنشاد في رشاقتها وجمالها… وقد استعملت في أناشيد الڤيدا ثلاث درجات موسيقية أو ما يسمى في اللغة السنسكريتية[ر] «سوارا» Swaras كل واحد منها له اسم ويمثل ثمانية منها (أوكتافاً) واحداً وسميت كما يلي «سابتاك ماندرا» Saptak Mandra، و«سابتاك مادهيا» Saptak Madhya، و«سابتاك تاار» Saptak Taar. لم يبدأ التدوين في الموسيقى الهندية قبل القرن الثامن قبل الميلاد، عندما جرى التواصل مع الحضارات السامية على أطراف البحر المتوسط، واستعملت الكتابة في تدوين الڤيدات، وهي - حسب ديورانت ثانيةً - شبيهة بالكتابة الفينيقية جاء بها بعض التجار الفينيقيين وأُطلق عليها فيما بعد اسم «الكتابة البراهمية» ومنها اشتقت كل أحرف الهجاء في الهند. ويفيد هذا الأمر في معرفة تدوين الأناشيد والترانيم البدائية المرتبطة بها وتدوين «السفارا» التي تطورت فيما بعد وصارت تضم بين خمس وسبع درجات تم تسميتها باللغة السنسكريتية على التوالي: Shadjam¨ Rishabham¨ Gandharam¨ Madhyamam¨ Panchamam¨ Dhaivatam¨ Nishadam.
تم جمع أناشيد الفيدا نحو عام 500ق.م. وقد أُطلق على مجموعة درجات السفارا اسم Sargam. ومهما يكن فإن ثقافة الهند وحضارتها تطورت أسرع من تطور موسيقاها، فالموسيقى الهندية بقيت مرتبطة بأناشيد الڤيدا ولم تستطع أن تتحرر منها إلى أن جاء الغزو اليوناني ومعه حلم الإسكندر المقدوني بتوحيد العالم المعروف تحت ظل الثقافة الهيلينية، فاختلطت أول مرة مبادئ الموسيقى اليونانية بالترانيم الهندية، ودخلت في القرون التالية أنغام وألحان الشعوب التي غزت شبه القارة الهندية سواء منها القادم من البحر المتوسط أم القادم من الصين.
موسيقى الشمال وموسيقى الجنوب
عرفت الموسيقى الهندية في تطورها بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر (فترة الحكم الإسلامي) نظامين: الأول هو ما عُرف بالنظام الشمالي للموسيقى الهندية وسمي بـ«الموسيقى الهندوسية» Musique Hindoustanique، والثاني هو النظام الجنوبي أو ما سمي بـ«الموسيقى الكارناتيكية» Musique Carnatique (نسبة إلى إقليم كارناتاك)، ومع أن النظامين لا يختلفان من حيث نشأتهما وارتباطهما الوثيق بأناشيد الڤيدا، فإن موسيقى الشمال الهندوسية تأثرت بتقاليد الموسيقى العربية الإسلامية، والتزمت بخط تعبيري عاطفي وذلك عن طريق انتقال مبادئ الموسيقى الفارسية إليها، واستعملت نظاماً بالتدوين يختلف عن نظام مدرسة الجنوب. أما موسيقى الجنوب فقد اعتمدت على الغناء والدقة والمهارة في العزف واستعملت أسلوباً معقداً في التدوين، وعرفت موسيقاها فيما بعد ازدهاراً أكبر من موسيقى الشمال وصل إلى أوجه في العصر الذي سمي «العصر الذهبي للموسيقى الهندية»، وذلك بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على يد ثلاثة من المؤلفين الموسيقيين هم سياما ساستري Syama Sastri ت(1762-1827)، وموثوسوامي ديكشيتار Muthuswami Dikshitar ت(1775-1835)، وتياغاراجا Tyãgarãja ت(1757- 1847).
الـ«راغا» Raga
سواء كانت موسيقى الهند شمالية أم جنوبية، ومهما يكن أسلوب التدوين الذي استعملته فقد اعتمدت في النهاية على نظام في التأليف الموسيقي أُطلق عليه اسم الـ«راغا» Raga وهي كلمة سنسكريتية تعني «العواطف أو الجاذبية أو الألوان»، وأول ذكر لها جاء في كتاب ماتانغا Matanga المعروف باسم «براديشي» Brhaddesi بين القرنين الخامس والعاشر للميلاد. وتعبر الراغا عن عاطفة واحدة قد ترتبط بفصل من الفصول أو بلحظة من لحظات اليوم. والراغات منظمة ضمن نظام يتضمن خمس أو ست أو سبع درجات، أو كما ذُكر أعلاه «سفارا» تختلف عن السلم التقليدي المعروف في الموسيقى الغربية، ولاسيما في النظام المكون من خمس أو ست درجات. أما النظام المكون من سبع درجات في الأوكتاف الواحد فهو يشبه مثيله الغربي الكلاسيكي إلى حدٍ بعيد ويتألف من سبع نوطات هي: دو الصغيرة، ري، مي، فا، صول، لا، سي، أما دو الكبيرة المعروفة في السلم الغربي فملغاة، ويختار الموسيقي الهندي إحدى الراغات في عمله الموسيقي، ولا ينتقل من راغا إلى أخرى في القطعة الموسيقية الواحدة، فهو يعبر عن «الشتاء» أو «المساء» أو «النشوة» براغا واحدة، وكل واحدة من الراغات المعروفة تحمل إسماً، ولكن عدد الراغات وأسماءها يختلف بين المدرسة الهندوسية والكارناتيكية. وكان العدد الأصلي للراغات في البداية ستاً، ولكن مدرسة الشمال الهندوسية تبنت نظاماً يتضمن عشر راغات، تحمل كل واحدة منها اسماً وتتضمن سبع درجات قام بتنظيمها فيشنو نارايان باتكهاندي Vishnu Narayan Bhatkhande ت(1860-1936) وأصدر دراسته في أربعة مجلدات في الفترة ما بين عامي 1909-1932.
أما مدرسة الجنوب فقد اعتمدت نظاماً أكبر وأوسع يتضمن 72 من الراغات. وقد يتضمن بعضها الأسماء ذاتها التي تحملها راغات الشمال أو بالعكس، ولكن ليس من الضرورة أن تمثل النظام نفسه أو أن تعبر عن المشاعر ذاتها.
الإيقاعات Talas
تختلف الإيقاعات الهندية عن الإيقاعات المعروفة في الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وتستعمل الموسيقى الهندية إيقاعات متعددة يطلق عليها اسم «تالاس»، ويسمى الإيقاع الواحد منها «تالا» Tala ويتضمن مقياساً واحداً بإمكانه أن يتكون من أزمنة عدة. والأزمنة منظمة بوحدات تحت وحدات متغيرة ومختلفة في طولها بالإمكان تحديدها بضربات متوافقة في اليد أو بحركات بسيطة وصامتة تشبه حركات قائد الأوركسترا في الموسيقى الكلاسيكية.
الآلات الموسيقية
لا تختلف الآلات الموسيقية الهندية التقليدية من حيث تصنيفها [ر. الآلات الموسيقية] عن الآلات المعروفة في الموسيقى الغربية الكلاسيكية. فالآلات الموسيقية هي إما وترية وإما إيقاعية، وإما آلات نفخ، وقد استعملت المدرسة الهندية آلات أقرب إلى الآلات الشرقية المستعملة في الموسيقى العربية منها إلى الآلات الغربية. كذلك استعمل موسيقيوّ الشمال وعازفوه آلات مختلفة عن تلك التي استعملها زملاؤهم في الجنوب. وأشهر الآلات الموسيقية في الهند الـ«سيتار» Sitar وهي آلة وترية هندية أو فارسية المنشأ، استعملت في مدرسة الشمال، ثم الـ«سارود» Sarod وهي آلة وترية أخرى يُستعمل في صناعتها خشب الساج الهندي أو ما يسمى بالفرنسية تيك Teck، وهو خشب صلب جداً يستعمل في بناء السفن أيضاً، والـ«ڤينا» Vinâ وهي آلة وترية قديمة تشبه المندولين استعملها موسيقيو الشمال، والسارانغي Sârangî وهي آلة شبيهة بالربابة، ويعزف عليها بأسلوب يشبه العزف على التشيلو Cello (الفيولونسيل)[ر. الكمان]، وربما تكون أشهر آلة من آلات مدرسة الشمال الهندوسية، اكتسبت شعبية كبيرة في القرنين التاسع عشر والعشرين. ومن الآلات الهندية التقليدية الأخرى في الفرقة الموسيقية الهندية السنطور Santour وهو آلة وترية تشبه القانون، والبنشري Banshrî وهو الفلوت الهندي ويصنع من خشب البامبوس، ثم الشهناي Shehnai وهو آلة تشبه الأوبوا[ر] oboe التقليدية. أما الآلات الإيقاعية فأشهرها الطبلة Tablâ التي تستعمل في الفرقة الهندية آلة منفردة مع غناء يرافقها السارود والسيتار.
الموسيقيون الهنود
أشهر الموسيقيين الهنود في العصر الحديث هو علي أكبر خان Ali Akbar Khan الذي ولد في بنغلادش عام 1922، وهو عازف على السارود كان أول موسيقي هندي تُقدم أعماله في الغرب، ألبومه الشهير «موسيقى هندية - صباح ومساء راغاس» Music of India-Morning and Evening Ragas لعام 1955، وهو أول عمل لموسيقي هندي يسجل على أسطوانات ويحقق نجاحاً فريداً في الولايات المتحدة. وثاني أشهر الموسيقيين الهنود راڤي شانكار Ravi Shankar ت(1920) وهو عازف على السيتار، ألف أعمالاً متعددة حققت شهرة كبيرة مثل «الراغات الثلاث» Three Ragas ت(1961) و«ارتجالات» Improvisations ت(1962). ومن الموسيقيين الآخرين الذين اشتهروا في السنوات الأخيرة نصرت فاتح علي خان Nusrat Fateh Ali Khan ت(1948-1977) وهو موسيقي هندي من أصل باكستاني، تأثر بالموسيقى الإسلامية ولاسيما الصوفية منها، وقدم أعمالاً تعد ثورية في هذا المجال، مزج فيها بين قالب القوالي Qawwalî الصوفي والموسيقى الغربية، وتعاون مع عدد من الموسيقيين الغربيين في هذا المجال وألف موسيقى لأفلام عدة منها موسيقى فيلم «رجل ميت يمشي» Dead Man Walking للمخرج الأمريكي تيم روبنز. وقد انتشرت الموسيقى الهندية في النصف الثاني من القرن العشرين برواج الأفلام الهندية في العالم الثالث، وتأثر بها بعض الموسيقيين الغربيين، في الوقت الذي حاول فيه الموسيقيون الهنود المزج بين تقاليد الموسيقى الهندية والموسيقى الغربية التقليدية، فأنتجوا أعمالاً عصرية، استقبلت استقبالاً لا بأس به ولاسيما بين العامة وفي الأوساط الشعبية التي تحمست لها.
زيد الشريف
India - Inde
الهند (الموسيقى في ـ)
أناشيد الڤيدا والتنويط:
تروي الأساطير الهندية وديانة براهما أن براهما خلق العالم بوساطة الموسيقى، وتعطي هذه الأسطورة فكرة عن أهمية الموسيقى في الحضارة الهندية ولاسيما علاقتها منذ البداية بالعبادات والفكر الديني. أما التاريخ الحقيقي لنشأة الموسيقى الهندية فيعود إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، حيث ارتبطت الأنغام الأولى بـ«أناشيد الڤيدا»[ر] Hymnes Védiques، وهي كما يُعرِّفها ويل ديورانت Will Durant ت(1885-1981) في كتابه الشهير «قصة الحضارة» The Story of Civilization مجموعة من الأسفار معناها الحرفي «كتاب المعرفة»… وكل سفر يتألف من مجموعة من الأناشيد، وهي شبيهة بالإنجيل، قليل جداً منها ما يرتفع إلى مستوى الأدب، وعدد ضئيل يبلغ درجة الإنشاد في رشاقتها وجمالها… وقد استعملت في أناشيد الڤيدا ثلاث درجات موسيقية أو ما يسمى في اللغة السنسكريتية[ر] «سوارا» Swaras كل واحد منها له اسم ويمثل ثمانية منها (أوكتافاً) واحداً وسميت كما يلي «سابتاك ماندرا» Saptak Mandra، و«سابتاك مادهيا» Saptak Madhya، و«سابتاك تاار» Saptak Taar. لم يبدأ التدوين في الموسيقى الهندية قبل القرن الثامن قبل الميلاد، عندما جرى التواصل مع الحضارات السامية على أطراف البحر المتوسط، واستعملت الكتابة في تدوين الڤيدات، وهي - حسب ديورانت ثانيةً - شبيهة بالكتابة الفينيقية جاء بها بعض التجار الفينيقيين وأُطلق عليها فيما بعد اسم «الكتابة البراهمية» ومنها اشتقت كل أحرف الهجاء في الهند. ويفيد هذا الأمر في معرفة تدوين الأناشيد والترانيم البدائية المرتبطة بها وتدوين «السفارا» التي تطورت فيما بعد وصارت تضم بين خمس وسبع درجات تم تسميتها باللغة السنسكريتية على التوالي: Shadjam¨ Rishabham¨ Gandharam¨ Madhyamam¨ Panchamam¨ Dhaivatam¨ Nishadam.
تم جمع أناشيد الفيدا نحو عام 500ق.م. وقد أُطلق على مجموعة درجات السفارا اسم Sargam. ومهما يكن فإن ثقافة الهند وحضارتها تطورت أسرع من تطور موسيقاها، فالموسيقى الهندية بقيت مرتبطة بأناشيد الڤيدا ولم تستطع أن تتحرر منها إلى أن جاء الغزو اليوناني ومعه حلم الإسكندر المقدوني بتوحيد العالم المعروف تحت ظل الثقافة الهيلينية، فاختلطت أول مرة مبادئ الموسيقى اليونانية بالترانيم الهندية، ودخلت في القرون التالية أنغام وألحان الشعوب التي غزت شبه القارة الهندية سواء منها القادم من البحر المتوسط أم القادم من الصين.
موسيقى الشمال وموسيقى الجنوب
عرفت الموسيقى الهندية في تطورها بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر (فترة الحكم الإسلامي) نظامين: الأول هو ما عُرف بالنظام الشمالي للموسيقى الهندية وسمي بـ«الموسيقى الهندوسية» Musique Hindoustanique، والثاني هو النظام الجنوبي أو ما سمي بـ«الموسيقى الكارناتيكية» Musique Carnatique (نسبة إلى إقليم كارناتاك)، ومع أن النظامين لا يختلفان من حيث نشأتهما وارتباطهما الوثيق بأناشيد الڤيدا، فإن موسيقى الشمال الهندوسية تأثرت بتقاليد الموسيقى العربية الإسلامية، والتزمت بخط تعبيري عاطفي وذلك عن طريق انتقال مبادئ الموسيقى الفارسية إليها، واستعملت نظاماً بالتدوين يختلف عن نظام مدرسة الجنوب. أما موسيقى الجنوب فقد اعتمدت على الغناء والدقة والمهارة في العزف واستعملت أسلوباً معقداً في التدوين، وعرفت موسيقاها فيما بعد ازدهاراً أكبر من موسيقى الشمال وصل إلى أوجه في العصر الذي سمي «العصر الذهبي للموسيقى الهندية»، وذلك بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على يد ثلاثة من المؤلفين الموسيقيين هم سياما ساستري Syama Sastri ت(1762-1827)، وموثوسوامي ديكشيتار Muthuswami Dikshitar ت(1775-1835)، وتياغاراجا Tyãgarãja ت(1757- 1847).
الـ«راغا» Raga
سواء كانت موسيقى الهند شمالية أم جنوبية، ومهما يكن أسلوب التدوين الذي استعملته فقد اعتمدت في النهاية على نظام في التأليف الموسيقي أُطلق عليه اسم الـ«راغا» Raga وهي كلمة سنسكريتية تعني «العواطف أو الجاذبية أو الألوان»، وأول ذكر لها جاء في كتاب ماتانغا Matanga المعروف باسم «براديشي» Brhaddesi بين القرنين الخامس والعاشر للميلاد. وتعبر الراغا عن عاطفة واحدة قد ترتبط بفصل من الفصول أو بلحظة من لحظات اليوم. والراغات منظمة ضمن نظام يتضمن خمس أو ست أو سبع درجات، أو كما ذُكر أعلاه «سفارا» تختلف عن السلم التقليدي المعروف في الموسيقى الغربية، ولاسيما في النظام المكون من خمس أو ست درجات. أما النظام المكون من سبع درجات في الأوكتاف الواحد فهو يشبه مثيله الغربي الكلاسيكي إلى حدٍ بعيد ويتألف من سبع نوطات هي: دو الصغيرة، ري، مي، فا، صول، لا، سي، أما دو الكبيرة المعروفة في السلم الغربي فملغاة، ويختار الموسيقي الهندي إحدى الراغات في عمله الموسيقي، ولا ينتقل من راغا إلى أخرى في القطعة الموسيقية الواحدة، فهو يعبر عن «الشتاء» أو «المساء» أو «النشوة» براغا واحدة، وكل واحدة من الراغات المعروفة تحمل إسماً، ولكن عدد الراغات وأسماءها يختلف بين المدرسة الهندوسية والكارناتيكية. وكان العدد الأصلي للراغات في البداية ستاً، ولكن مدرسة الشمال الهندوسية تبنت نظاماً يتضمن عشر راغات، تحمل كل واحدة منها اسماً وتتضمن سبع درجات قام بتنظيمها فيشنو نارايان باتكهاندي Vishnu Narayan Bhatkhande ت(1860-1936) وأصدر دراسته في أربعة مجلدات في الفترة ما بين عامي 1909-1932.
أما مدرسة الجنوب فقد اعتمدت نظاماً أكبر وأوسع يتضمن 72 من الراغات. وقد يتضمن بعضها الأسماء ذاتها التي تحملها راغات الشمال أو بالعكس، ولكن ليس من الضرورة أن تمثل النظام نفسه أو أن تعبر عن المشاعر ذاتها.
الإيقاعات Talas
تختلف الإيقاعات الهندية عن الإيقاعات المعروفة في الموسيقى الكلاسيكية الغربية، وتستعمل الموسيقى الهندية إيقاعات متعددة يطلق عليها اسم «تالاس»، ويسمى الإيقاع الواحد منها «تالا» Tala ويتضمن مقياساً واحداً بإمكانه أن يتكون من أزمنة عدة. والأزمنة منظمة بوحدات تحت وحدات متغيرة ومختلفة في طولها بالإمكان تحديدها بضربات متوافقة في اليد أو بحركات بسيطة وصامتة تشبه حركات قائد الأوركسترا في الموسيقى الكلاسيكية.
الآلات الموسيقية
لا تختلف الآلات الموسيقية الهندية التقليدية من حيث تصنيفها [ر. الآلات الموسيقية] عن الآلات المعروفة في الموسيقى الغربية الكلاسيكية. فالآلات الموسيقية هي إما وترية وإما إيقاعية، وإما آلات نفخ، وقد استعملت المدرسة الهندية آلات أقرب إلى الآلات الشرقية المستعملة في الموسيقى العربية منها إلى الآلات الغربية. كذلك استعمل موسيقيوّ الشمال وعازفوه آلات مختلفة عن تلك التي استعملها زملاؤهم في الجنوب. وأشهر الآلات الموسيقية في الهند الـ«سيتار» Sitar وهي آلة وترية هندية أو فارسية المنشأ، استعملت في مدرسة الشمال، ثم الـ«سارود» Sarod وهي آلة وترية أخرى يُستعمل في صناعتها خشب الساج الهندي أو ما يسمى بالفرنسية تيك Teck، وهو خشب صلب جداً يستعمل في بناء السفن أيضاً، والـ«ڤينا» Vinâ وهي آلة وترية قديمة تشبه المندولين استعملها موسيقيو الشمال، والسارانغي Sârangî وهي آلة شبيهة بالربابة، ويعزف عليها بأسلوب يشبه العزف على التشيلو Cello (الفيولونسيل)[ر. الكمان]، وربما تكون أشهر آلة من آلات مدرسة الشمال الهندوسية، اكتسبت شعبية كبيرة في القرنين التاسع عشر والعشرين. ومن الآلات الهندية التقليدية الأخرى في الفرقة الموسيقية الهندية السنطور Santour وهو آلة وترية تشبه القانون، والبنشري Banshrî وهو الفلوت الهندي ويصنع من خشب البامبوس، ثم الشهناي Shehnai وهو آلة تشبه الأوبوا[ر] oboe التقليدية. أما الآلات الإيقاعية فأشهرها الطبلة Tablâ التي تستعمل في الفرقة الهندية آلة منفردة مع غناء يرافقها السارود والسيتار.
الموسيقيون الهنود
أشهر الموسيقيين الهنود في العصر الحديث هو علي أكبر خان Ali Akbar Khan الذي ولد في بنغلادش عام 1922، وهو عازف على السارود كان أول موسيقي هندي تُقدم أعماله في الغرب، ألبومه الشهير «موسيقى هندية - صباح ومساء راغاس» Music of India-Morning and Evening Ragas لعام 1955، وهو أول عمل لموسيقي هندي يسجل على أسطوانات ويحقق نجاحاً فريداً في الولايات المتحدة. وثاني أشهر الموسيقيين الهنود راڤي شانكار Ravi Shankar ت(1920) وهو عازف على السيتار، ألف أعمالاً متعددة حققت شهرة كبيرة مثل «الراغات الثلاث» Three Ragas ت(1961) و«ارتجالات» Improvisations ت(1962). ومن الموسيقيين الآخرين الذين اشتهروا في السنوات الأخيرة نصرت فاتح علي خان Nusrat Fateh Ali Khan ت(1948-1977) وهو موسيقي هندي من أصل باكستاني، تأثر بالموسيقى الإسلامية ولاسيما الصوفية منها، وقدم أعمالاً تعد ثورية في هذا المجال، مزج فيها بين قالب القوالي Qawwalî الصوفي والموسيقى الغربية، وتعاون مع عدد من الموسيقيين الغربيين في هذا المجال وألف موسيقى لأفلام عدة منها موسيقى فيلم «رجل ميت يمشي» Dead Man Walking للمخرج الأمريكي تيم روبنز. وقد انتشرت الموسيقى الهندية في النصف الثاني من القرن العشرين برواج الأفلام الهندية في العالم الثالث، وتأثر بها بعض الموسيقيين الغربيين، في الوقت الذي حاول فيه الموسيقيون الهنود المزج بين تقاليد الموسيقى الهندية والموسيقى الغربية التقليدية، فأنتجوا أعمالاً عصرية، استقبلت استقبالاً لا بأس به ولاسيما بين العامة وفي الأوساط الشعبية التي تحمست لها.
زيد الشريف