هايزه (باول فان)
Heyse (Paul von-) - Heyse (Paul von-)
هايْزِه (باول ڤون ـ)
(1830 ـ 1914)
باول ڤون هايْزِه Paul von Heyse قاص وروائي وشاعر ومسرحي غزير الإنتاج، وأول ألماني يفوز بجائزة نوبل في عام 1910. ولد في برلين وتوفي في مونيخ. كان والده أستاذاً جامعياً وباحثاً لغوياً من عائلة برجوازية متوسطة. تلقى باول هايْزِه تعليمه باللغتين اليونانية واللاتينية في برلين ثم درس الآداب الكلاسيكية والرومنسية في برلين وبون وحصل على درجة الدكتوراه في عام 1852، وكان في أثناء دراسته قد انتمى إلى الجمعية الأدبية البرلينية ذات الاسم الغريب والدال «نفق فوق نهر شْبْرْيه» Tunnel über der Spree حيث تلقى المحفزات الأولى على الإبداع الذاتي. قام في عام 1852- 1853 برحلة دراسية إلى سويسرا وإيطاليا، ثم تفرغ لدراسة المخطوطات البروفنسية Provençal في روما وفلورنسا ومودينا وڤينيسيا (البندقية) حتى عام 1854 حين تلقى من ملك باڤاريا مكسيمليان الثاني Maximilian II دعوة للعمل في بلاطه فانتقل إلى مونيخ وتزوج مارغرت كوغْلَر Margaret Kugler ابنة الكاتب والمؤرخ الفني فرانتس كوغْلَر F.Kugler الذي كان من كبار أعضاء «جمعية النفق» ثم مستشاراً في وزارة الثقافة. عقد هايْزِه في مونيخ علاقات صداقة مهمة وملهمة في الأوساط الثقافية وتراسل بكثافة مع معاصريه من الأدباء مثل كِلَّر[ر] Keller وشتورم[ر] Storm وفونتانه[ر] Fontane وغيرهم. لاقى هايْزِه في مسيرته الإبداعية حفاوة كبيرة من أبناء جيله وتقديراً من معاصريه على صعيد القصة الطويلة والرواية، أما في سنوات حياته الأخيرة فقد اتخذ موقفاً معادياً من الحركة الطبيعية Der Naturalismus الألمانية ومن مؤيدي فلسفة نيتشِه[ر] Nietzsche فيما يخص فكرة الإنسان الخارق Der Übermensch، وكانت الردود على مواقفه مؤلمة ومهينة. وفي عام 1910 مُنح هايْزِه لقب النبالة von ولقب مواطن شرف لمدينة مونيخ ثم أصيب في عام 1914 بمرض ذات الرئة وقضى به.
كان هايْزِه الشخصية الأكثر أهمية وتنوعاً أدبياً في «حلقة أدباء مونيخ» Münchener Dichterkreis كما احتل حتى منعطف القرن مكانة بارزة لدى شريحة البرجوازية المثقفة؛ إذ إنه على صعيد الأشكال الفنية والمفاهيم الجمالية الأدبية والفلسفية الأخلاقية يعد استمراراً لتراث الكلاسيكية الألمانية ممثلاً بأعمال غوته[ر] Goethe وشيلر[ر] Schiller على نحو رئيسي، والكلاسيكية اليونانية واللاتينية القديمة؛ فقد عالج في أعماله المختلفة قضايا عصره وصراعاته ولاسيما على الصعيد الأخلاقي، مع ميل واضح نحو المثالية الجمالية على الرغم من بعض السمات الثورية النقدية ضد ضيق أفق البرجوازية، فقد كان يؤْثِر الجمال ويكره القبح المتجلي في تفصيلات الحياة اليومية المملة.
تبرز من بين أعمال هايْزِه الروائية الكثيرة رواية «أطفال العالم» Kinder der Welt ت(1873 في ثلاثة أجزاء) التي تذكر بأعمال بلزاك[ر] الواقعية الاجتماعية، ولكن بجرأة تكاد تكون صادمة في ظروف هايْزِه من حيث تأكيد التوجه الدنيوي الإلحادي لشخصياته الرئيسية التي تنتمي إلى البرجوازية المتوسطة والصغيرة في ألمانيا المعاصرة، إلى جانب إبراز الأخلاقية الفردية في مواجهة أعراف المجتمع وتقاليده. ومع ذلك لاتخلو الرواية من مثالية مضلّلة، ولاسيما عند وصف الفقراء بأنهم ينامون مرتاحي البال. أما على صعيد قصصه الطويلة[ر. القصة] Novelle الكثيرة أيضاً فتبرز النماذج الآتية: «الشرسة» L’Arrabiato ت(1855) و«أندريا دِلفين» Andrea Delfin ت(1862) و«فتاة من تْرِبِّي» Das Mädchen von Treppi ت(1868) و«القنطورُس الأخير» Der Letzte Centaur ت(1871) و«عاملة التطريز من ترِڤيزو» Die Stickerin von Treviso ت(1871). ويعتمد فن القصة الطويلة عند هايْزِه على الإكثار من الرسم بالخطوط العريضة بدلاً من التشخيص، وعلى تفضيل أجواء المناظر الطبيعية، ولاسيما الإيطالية على الألمانية، وعلى الاحتفاء بعالم الفنانين وتمجيد الجمال، والابتعاد عن وصف الواقع الاجتماعي الذي يعده ظل الحياة. وموضوعه الرئيسي هو الحب بتنويعات لا حدود لها، وتأكيد رفض أعراف الزواج التقليدي. وهو يقدم عوالم شخصياته بأسلوب لطيف ممتع بلغة بسيطة جزلة وراقية في الوقت نفسه، مع الولوج إلى أعماق شخصياته الرئيسية القليلة لإظهار دوافعها ومسوغات سلوكها. ويبدو أن تطويره لشخصيات من نوع اللامنتمي، الخارج على مواصفات البرجوازية، التواق إلى الطبيعة الأصلية والتجارب الحقيقية التي تمتحن معدن الشخصية في بنية درامية متينة قد مهَّد لشعبيته وشهرته في عصره. وقد شرح هايْزِه أسلوبه هذا في «نظرية الصقر» Falkentheorie التي نشرها مقدمةً لمجموعة «كنز القصص الطويلة الألمانية» Deutscher Novellenschatz التي جمعها ونشرها بين عامي 1870- 1876، وأبرز فيها سمات الاختلاف والتعارض مع الواقعية البرجوازية على صعيدي الشكل والمضمون. وإضافة إلى الرواية والقصة برزت موهبة هايْزِه كذلك في الشعر، ولاسيما في مجموعته «قصائد» Gedichte ت(1872)، وفي الصور الأدبية Portraits لبعض كبار الشعراء، وكذلك في ترجماته الإبداعية المتميزة عن الإسبانية والإيطالية والإنكليزية على صعيد الشعر والدراما.
على الرغم من أن هايْزِه قد كتب كثيراً من النصوص المسرحية، فإنه لم يحقق في هذا الميدان نجاحاًً يذكر، لا في عصره ولا لاحقاً، عدا مسرحية «كولبِرغ» Kolberg ج(1868) ذات الطابع السياسي المضمر والتي عُرضت في ستين أمسية في عام 1869، وكانت موجهة ضد موجة التعصب القومي الأعمى في صفوف البرجوازية الألمانية.
نبيل الحفار
Heyse (Paul von-) - Heyse (Paul von-)
هايْزِه (باول ڤون ـ)
(1830 ـ 1914)
كان هايْزِه الشخصية الأكثر أهمية وتنوعاً أدبياً في «حلقة أدباء مونيخ» Münchener Dichterkreis كما احتل حتى منعطف القرن مكانة بارزة لدى شريحة البرجوازية المثقفة؛ إذ إنه على صعيد الأشكال الفنية والمفاهيم الجمالية الأدبية والفلسفية الأخلاقية يعد استمراراً لتراث الكلاسيكية الألمانية ممثلاً بأعمال غوته[ر] Goethe وشيلر[ر] Schiller على نحو رئيسي، والكلاسيكية اليونانية واللاتينية القديمة؛ فقد عالج في أعماله المختلفة قضايا عصره وصراعاته ولاسيما على الصعيد الأخلاقي، مع ميل واضح نحو المثالية الجمالية على الرغم من بعض السمات الثورية النقدية ضد ضيق أفق البرجوازية، فقد كان يؤْثِر الجمال ويكره القبح المتجلي في تفصيلات الحياة اليومية المملة.
تبرز من بين أعمال هايْزِه الروائية الكثيرة رواية «أطفال العالم» Kinder der Welt ت(1873 في ثلاثة أجزاء) التي تذكر بأعمال بلزاك[ر] الواقعية الاجتماعية، ولكن بجرأة تكاد تكون صادمة في ظروف هايْزِه من حيث تأكيد التوجه الدنيوي الإلحادي لشخصياته الرئيسية التي تنتمي إلى البرجوازية المتوسطة والصغيرة في ألمانيا المعاصرة، إلى جانب إبراز الأخلاقية الفردية في مواجهة أعراف المجتمع وتقاليده. ومع ذلك لاتخلو الرواية من مثالية مضلّلة، ولاسيما عند وصف الفقراء بأنهم ينامون مرتاحي البال. أما على صعيد قصصه الطويلة[ر. القصة] Novelle الكثيرة أيضاً فتبرز النماذج الآتية: «الشرسة» L’Arrabiato ت(1855) و«أندريا دِلفين» Andrea Delfin ت(1862) و«فتاة من تْرِبِّي» Das Mädchen von Treppi ت(1868) و«القنطورُس الأخير» Der Letzte Centaur ت(1871) و«عاملة التطريز من ترِڤيزو» Die Stickerin von Treviso ت(1871). ويعتمد فن القصة الطويلة عند هايْزِه على الإكثار من الرسم بالخطوط العريضة بدلاً من التشخيص، وعلى تفضيل أجواء المناظر الطبيعية، ولاسيما الإيطالية على الألمانية، وعلى الاحتفاء بعالم الفنانين وتمجيد الجمال، والابتعاد عن وصف الواقع الاجتماعي الذي يعده ظل الحياة. وموضوعه الرئيسي هو الحب بتنويعات لا حدود لها، وتأكيد رفض أعراف الزواج التقليدي. وهو يقدم عوالم شخصياته بأسلوب لطيف ممتع بلغة بسيطة جزلة وراقية في الوقت نفسه، مع الولوج إلى أعماق شخصياته الرئيسية القليلة لإظهار دوافعها ومسوغات سلوكها. ويبدو أن تطويره لشخصيات من نوع اللامنتمي، الخارج على مواصفات البرجوازية، التواق إلى الطبيعة الأصلية والتجارب الحقيقية التي تمتحن معدن الشخصية في بنية درامية متينة قد مهَّد لشعبيته وشهرته في عصره. وقد شرح هايْزِه أسلوبه هذا في «نظرية الصقر» Falkentheorie التي نشرها مقدمةً لمجموعة «كنز القصص الطويلة الألمانية» Deutscher Novellenschatz التي جمعها ونشرها بين عامي 1870- 1876، وأبرز فيها سمات الاختلاف والتعارض مع الواقعية البرجوازية على صعيدي الشكل والمضمون. وإضافة إلى الرواية والقصة برزت موهبة هايْزِه كذلك في الشعر، ولاسيما في مجموعته «قصائد» Gedichte ت(1872)، وفي الصور الأدبية Portraits لبعض كبار الشعراء، وكذلك في ترجماته الإبداعية المتميزة عن الإسبانية والإيطالية والإنكليزية على صعيد الشعر والدراما.
على الرغم من أن هايْزِه قد كتب كثيراً من النصوص المسرحية، فإنه لم يحقق في هذا الميدان نجاحاًً يذكر، لا في عصره ولا لاحقاً، عدا مسرحية «كولبِرغ» Kolberg ج(1868) ذات الطابع السياسي المضمر والتي عُرضت في ستين أمسية في عام 1869، وكانت موجهة ضد موجة التعصب القومي الأعمى في صفوف البرجوازية الألمانية.
نبيل الحفار