بين عامي ١٩٤٥ ـ ١٩٥٥ بطل يباع بالمزاد العلني
اميركا تصنع بطلا مزيفاً ... وتحطمه بوحشية !
في حرب القرم عام ١٨٤٨ دخلت الكاميرا الفوتوغرافية لأول مرة إلى ساحات القتال ومنذ ذلك التاريخ صارت جزء يتجزء من الحروب .
وهذا الكتاب يعود بنا إلى الصور الأولى ويتابع حتى صور حرب - الفوكلاند - عام ٨٣ والحرب اللبنانية التي لم تتوقف بعد ونظـرا لأهمية هذا الموضوع بالنسبة لمتتبعي تاريخ التصوير » رأينا ترجمته من الألمانية ، خصوصا وأنه لم يترجم إلى أي لغة بعد ليكون بمتناول قرائنا باسرع وقت ممکن .
الكتاب لرينيه فاسیان و شانس کریستیان آدم ويقع في ٣٤٠ صفحة من الحجم الكبير ويحتوي على صور لم يسبق نشرها قبل الان لأسباب عديده والصور جميعها بالاسود والأبيض بلا شك وهو مقسم إلى سبع فترات تاريخيه تبدا بين عامي ١٨٤٨ و ۱۸۷۰ وتنتهي بين عامي ١٩٥٠ و ۱۹۸۳ .
عشر سنوات ، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، مات في مستوطنة هندية في أريزونا ايرا هاملتون هایز ( IRA Hamilton Hayes ) ، وهو من قبيلة بيما ( Pima ) وكان هندياً طيب القلب ذهب إلى الحرب . في سبيل الولايات المتحدة .. وساهم في الهجوم على جزيرة( Iwo Jima ) إيفو جيما ، في ساحة القتال المحيط الهادي ، وقد أخذت صورة مع خمسة آخرين مـن رجـال مشاة البحرية الأميركية ، أثناء رفع العلم الأميركي على قمة جبل سوريباشي ( Surihachi ) وكان ذلك لتعاسة إيرا هاملتون هايز الذي وصفه الكاتب الأميركي المعروف ويليام برادفورد هوي -William Brad ) ( ford Huie في كتابه بصفة ، بطل ايفو جيما .
وقصة موت الهندي إيرا هاملتون هايز ، الذي صور كنصب تذكاري وسوق كاثر تذكاري ، بدأت في اريزونا أبناء جلدة إيرا من قبيلة . بيما هاجروا إلى منطقة تقع على طول نهر غيلا ( Gila ) و اسلافهم واجدادهم قاموا بحرث الأراضي وزراعة القطن . ولقد عـاشـوا وماتوا دون أن يتسببوا بضرر لاي إنسـان ! .. وحتى منتصف القرن التاسع عشر كانت القبيلة معروفة بحبها للسلام ، ورجالها يقتلوا في حياتهم اي رجل ابيض ولم يسلخوا ، فروة ، أي مستوطن ، ولم يهاجموا قط أي قطار للسكك الحديدية .
وفي الغرب على ضفتي المسيسبي كان المهاجرون يتنفسون الصعداء عندما تصل عرباتهم إلى منطقة نهر غيلا ، حيث أرض قبيلة بيماء الهندية كانت طيبة وخصبة .
ورجال قبيلة ، بيما ، بدأوا يتعاطون القتل فقط عند تماسهم باميركا الفولاذية امیرکا المتزمتين . المتشددين في الدين والسلوك ، والتي كانت تدرب رجالها على الأمور العسكرية إن رجال قبيلة . بيما ، من الهنود اشتركوا في الحرب في عام ١٨٤٨ ضد المكسيك ، كما أنهم حاربوا خلال الحرب العالمية الثانية على كل ساحات القتال سواء في أوروبا أو في المحيط الهادي . والذي حصل ان قبيلة . بيما . . في هذه الاثنـاء إعتنقت الـديـانـة المسيحية ، بفضل المبشرين فاصبح معظم افرادها من اتباع الكنيسة . البريسبيتارية المشيخيـة - ( Presbyterian ) والبعض التحقـوا بـالكنيسـة المعمدانية ( Baptist ) والقلائل من بينهم اصبحوا كاثوليك .
وفي عام ١٩٤٢ التحق ابرا هاملتون هايز بالجيش الأميركي وكان آنذاك في التاسعة عشر من عمره ، وكان لاعب كرة قدم جيد وحصل بسرعة على ميدالية افضل ووزنه خمسة وسبعين كيلوغراماً رام وقناص في وحدته ، ورفاقـه البيض كانوا يحبونه وكان هو يحبهم بدوره ، كما يحب مرافقة الرجال من الوحدة الممتازة التي كانت تتهيؤ للعمل في المحيط الهادي ، وكان يقدر رمـوزهـا ويحب علومها الاجتماعية رجال مشاة البحرية الأميركية ، الذين تأثروا بالتعلق الطفولي للهندي بهم اطلقوا عليه إسم ( Chief Falling Cloul ) اي زعيـم
السحابة الهابطة .
وبعد ذلك اظهر ايرا هاملتون هايز رغبة في قتل كل ياباني ما بين طوكيو ويـوغـانـفيـل (Bougainville) .
وفي أول الأمر كان الناس هناك في الوطن يعتبرون أن كلامه هذا مجرد رسائل من شاب فخور لكونه تابعاً لمشاة البحرية الأميركية ويقاتل من أجل بلاده وفيما بعد اصبح هایز اکثر ميلا للعسكرية . وقد عرف أقاربه انه تحول إلى رجل يجد لذة كبيرة في إطلاق الرصاص على اليابانيين !!!
الثالث والعشرين من شباط عام ١٩٤٥ ، اليوم الذي نصبت فيه الولايات المتحدة تذكاراً لايرا هاملتون هايز ، كان من أشد الأيام الدموية في الحرب العالمية الثانية فأثناء الهجوم الصاعق على الجزيرة اليابانية البركانية و ايفو جيما ، قتل ستة آلاف وثمـانـمـائة وواحد وعشرون اميريكياً ، وجثثهم كانت تغطي الساحل على طول أربعة أميال .
وايرا هاملتون هايز كان آنذاك جندياً في الفرقة الخامسة لمشاة البحـريـة - الكتيبـة الثامنة والعشرين ، الفوج الثاني السرية الأولى والفصيلة الثالثة نزل عن ارض الجزيرة المذكورة مع زوارق إنزال . وكان يتبع وحدته ايضاً جو روزنتال Joe Rosenthal مصور حربي من ذلك التاريخ .
ولم يشارك ايرا هاملتون هايز احتلال سوريباشي ( Surihachi ) اعلى جبل في الجزيرة ، حيث انه كان مع جور روزنتال قد وصلا متاخرين ثلاث ساعات ، وكانت اللحظة التاريخية قد ولت وكان علم الولايات المتحدة يرفرف منذ فترة غير قصيرة فوق قمة البركان الخامد منذ فترة طويلة بعدما ثبت على انبوب ماء استعمل كسار للعلم ، وثمة رقيب إسمه لويس لاوري ( Louis Lowery ) الذي كان يعمل لحساب المجلة البحـريـة ليـدر نـاكـن ( Leder - Nacken ) كان قد صور الأبطال المرهقين حتى الموت اثناء رفع العلم .
وعندما تسلق جو روزنتال القمة ، كان الريح يزال يهب فوق الجبل وكان يغص بجنود مشاة البحرية . فالبعض كان يشد الأسلاك من أجل مراكز المراقبة والبعض الآخر كان يأخذ صوراً تذكارية ، وجماعة ثالثة انزلت العلم عن الساري ومزقته إلى قطع صغيرة ووزعت اجزاءه على كل الموجودين كذكرى . ومن ثم أحضر علم كبير تم استبداله بالعلم الأصلي ولالتقاط صور تذكارية يرسلها المصور جو روزنتال إلى الوطن . أعيد تمثيل حادثة رفع العلم مجدداً مع علم آخر أكبر ، ومع جنود آخرین وهكذا اختير هؤلاء من بين مشاة البحرية وعددهم ستة جنود قاموا بتمثيل عملية الاحتلال ورفع العلم مع صرخات النصر وهم يهزون بنادقهم بفرح ونشوة وكان إيرا هاملتون هايز واحداً من بين هؤلاء الستة .
وفي نفس اليوم ارسل جو روزنتال المصور الحربي ، أفلامه للتظهير الروتيني إلى مختبر عسكري في جزيرة غوام ( Guam ) ومن ثم نسي الحادث - ثلاثة رجال من مشاة البحرية الذين وقفوا أمام المصور روزنتال مع العلم على قمة جبل سوريباشي وهم يهزون البنادق علامة الانتصار ، قتلوا المعارك الدامية التي دارت الأسابيع المقبلة إيرا هاملتون هايز كان واحداً من بين الثلاثة الآخرين الذين ظلوا على قيد الحياة وكان من جديد مع مشاة البحرية الأميركية في مكان ما على ساحات القتال في المحيط الهادي من أجل أن يقتل أكبر عدد من اليابانيين ـ كما كتب في رسائله ( ! ) وفي آذار عام 1945 كان انتصار الحلفاء على المانيا الهتلرية على قاب قوسين أو ادنى . وكانت الولايات المتحدة تستعد للعرض العسكري التاريخي وتتذوق صور النصر البنتاغون - وزارة الدفاع الأميركية - بتصفح الضباط المختصون بالدعاية آلاف الصور الفوتوغرافية التي تتناسب مع آخر معركة دعائية من أجل بيع سندات دين للحـرب .. إن صورة جو روزنتال ، التي بيع منها في هذه الاثناء الملايين من النسخ ، بدت على أنها الصورة الأكثر ملاءمة للحملة .
اميركا كانت دائما تسعى للبحث عن أبطال لها وقد وجدت أبطالها أخيراً . وبعد شهر واحد طار ثلاثة رجال من مشاة البحرية الأميركية على متن طائرة من طراز ( 4 - DC ) وكان لهم الأفضليـة بالعودة مع كبار الضباط برتبة جنرال إلى الولايات المتحدة .
وفي واشنطن فإن كل من رينيه غاينون ( René Gagnoin ) جون برادلي ( Jon Bradley ) وايرا هاملتون هايز ، كانوا منتظرين من قبل الرئيس الأميركي ، ومن المحافظين ومن نواب الكونغرس ومن ، لبنات الثورة الأميركية ، وهي جمعية محافظة تقليدية .
اعين الأمة كانت موجهة نحو رجل عاش في الغرب الضاري ، في أيام الرواد الأوائل في الولايات المتحدة ، على صاحب البشرة الحمراء الهندي جندي مشاة البحرية ايرا هاملتون هايز ، من قبيلة ، بيما الهندية المتمركزة على ضفاف نهر غايلا . لقد اعتبر إيرا الرمز والمثال والنموذج .
هل كان ايرا هايز اعظم رجل بين الهنود ؟
هل كان أعظم من كريزي هورس ( Grazy Horse ) ؟
هل كان أعظم من بوفالو بيل ( Buffalo Bill ) ؟
إن هندي قبيلة ، بيما ، بدا يسبح في الشرف والرخاء العلني حيث أنه نام في الفندق الشهير استـوريـا والـدورف . ( Waldorf - Astoria ) وكـان الناس في الحفلات يتهافتون عليه كانوا يتهافتون على زجاجات المشـروب .
خصصت الحفلات الخاصة به في الراديو . وحصل على العديد من الساعات الذهبية المهداة له ، وشرب نخب الأمة .
وكتبت صحيفة تقول ، أنه عمل على رفع العلم على قمة جبل سوريباشي .
في الوقت الذي كان الرصاص ينهمر على الأبطال من كل حدب وصوب . . أحد الصحافيين ذكر بان الرصاص قد اخترق القماش التاريخي ( ! ) وفي فيلم سينمائي بعنوان - رمال ايفو
جيما (The Sands of Jwo- Jima)
، الذي قام ببطولته الممثل الأميركي الكبير الراحل جون واين ( John Wayne ) . ومعه ايرا هاملتون هایز کممثل ثانوي فإن مشهد رفع العلم على السارية فوق قمة جبل . سوريباشي . كان اهم مشهد في الفيلم كله .
إن صورة جو روزنتال ظهرت على الطوابع المالية بقيمة ثلاثة سنتات وقد نسخت على الزبدة . وعلى الهامبرغر . وعلى الحجارة الرملية ، وعلى الأيس كريم وقد صب منها بما وزنه مائة طن اجـل نصب تذكاري في مقبرة الجنـود ارلنـغـتـون ( Arlington ) .
و في أيار من عام ١٩٤٥ آراد كل مواطن أميركي ان يشد على يد بطل ايفو جيما وأراد كل واحد ان يربت على كتفه ، وكل واحد اراد ان يقدم له المشروب .
الهندي إيرا هاملتون هايز أحد افراد مشاة البحرية الأميركية كان الإنسان المفضل والمحبوب لدى كل شخص ومرة قال صاحب بار لـ ايرا هاملتون هایز ، إسمع ، يا زعيم ، إسمع . يجب أن تعرف بانك اصبحت ما يسمونه بالرمز . خذ راحتك و اشرب ... كل اميركي يريد ان يهبك محبته وتقديره وعرفانه ، وأن يهبك ايضاً مشروباً إذا كن سعيداً واشرب !!! .
إن نصر ايرا هاملتون هايز لم يكن مستديماً وكلما اخذ يخف ويختفي ، كلما إزداد شرب هايز وذلك من أجل التنعم على الأقل بالنشوة ، بالشعور بالسعادة التي اخذت تضمحل وفي رحلة بسيارة مكشوفة إلى مدفن للجنود كان على الضباط المرافقين يجلسوه في الوسط ما بين زميلين له وإلا لكان هندي الـ . بيما المخمور إنقلب من السيارة .
وفي جولة دعائية من اجل سندات دین الحرب ، في شيكاغو اختفى ايرا هاملتون هايز لاول مرة .
الجنود الذين تتبعوا اثره وجدوه بعد بحث طويل في أحد البارات فاعادوه .
القلائل من الناس أدركوا بان هايز هو عبارة عن رجل مصيره الهلاك من اجل المصلحة العامة .
وما من أحد فهم بان الهندي لم يكن يملك أية قوة مقاومة ، وما من احد رای بان إيرا هاملتون هايز كان يخجل من نفسه ، لأنه كان بطلا زائفاً ، وكان يـعـاني ويتالم من ذلك كثيراً .
وفي أيلول من عام ١٩٤٦ كان بطل ، النصب التذكاري ، قد عاد ! إلى منطقة بيما ، عاد ليسكن ثـانيـة في أدوب هـاوز ( Adobe - Hause ) التي غادرها قبل اربع سنوات .
عمل كجاني للقطن في الحقول الواقعة على ضفاف نهر غيلا ونعم بإعجاب وتقدير أبناء جلدته .
ولكن الأمور أخذت تسوء معه إنما لم يكن بعد ليعرف ذلك وكان يتمنى فقط شيئاً واحداً وهو ان يحلم ثانية الحلم الرائع الذي مر به ، حلم الليالي الجميلة فندق والدورف أستوريا ، الحلم عن أميركا البيضاء الجيدة الحلم الذي كان يضغط على قلبه ، الحلم بسيارة فورد فاخرة .
إيرا هاملتون هايز كان بحاجة إلى المال وأفراد قبيلته الـ « بيما ، شيدوا له مصيدة للسواح بغية تحقيق حلمه .
ومثل هذه المصيدات للسواح يعرفها كل سائق سيارة بمر بسيارته عبر الولايات الأميركية . وهذه المصيدات السياحية هي عبارة عن منجم ذهب لسكان المنطقة . وعلى الأخص في المناطق الريفية على الرغم من انهم لا يقدمون الى السواح إلا محطة وقود ، مرطبات من العلب الآلية آلة موسيقية ، . هامبورغر ، وتذكارات أو ذكريات نموذجية ..
الم يكن إيرا هاملتون هايز أكبر ذكرى حرب حي في الولايات المتحدة الأميركية ؟
وسمى رجـال قبيلة بيما مصيدتهم الخاصة بهم للسواح بـ تريدينغ بوست ( Trading Post ) ولم يكن في الولايات المتحدة بافضل منها وأمام مدخل المحطة كان هناك تمثال لابرا هاملتون هايز مع علم ، إيفو - جيما . واثنـاء الليـل كـان النصـب التذكاري يضاء بواسطة الانوار الكاشفة تماماً ، مثل دمية في واجهة أحد المخازن الكبرى في لاس فيـغـاس وهنـاك لافتات تشير من على بعد أميال من الحدود إلى المستوطنة ، إلى الرجل الشهير وقد كتب على اللوحات واللافتات .
شاهد الهندي من مشاة البحرية الأميركية الذي رفع العلم الأميركي فوق ايفو جيما ، شاهد أكبر بطل هندي في الولايات المتحدة ، صور إيرا هاملتون هايز ، الزعيم الهندي العالمي الشهير ، ، السحـابـة الهابطة » !!
وبالنسبة للسواح فإن الزعيم الهندي - السحابة الهابطة يجب ان يرتدي ثوب القتال الخـاص بمشاة البحرية الأميركية ، ويقف أمام عدسات المصورين وكان يرفع العلم ومن ثم ينـزلـه ، يعطي التواقيع على بطاقات بريدية إيفـو - جيما .. على التمهوك » - فاس حرب لهنود اميركا - وعلى ، المدي ،الخاصة بسلخ فروة الراس ، وعـلى مسدسات الأطفال ، وكل اميركي يريد ان يقدم له كاساً من البيرة عليه أن يشرب معه بطيبة خاطر وكان رجال الشرطة في ولاية اريزونا يعاملون الهندي كنصب تذكاري حي .
ونساء البارات كن يقدمن له سـرأ الـ « جنجرز عوضاً عن البيرة ، ورجـال الشرطة يقدمون له القهوة عندما كانوا يأخذونه معهم إلى المخفر ليتخلص من سكره .
أما السائقون فكـانـوا ينقلـونـه مـجـانـاً إلى المستوطنة .
قضاة الصلح اعتادوا مخابرة المستوطنة هاتفياً حيث يقولون : رفع العلم ! ثانية في المدينة ،
تعالوا وخذوه ! .
وبين الحين والآخر كان إيرا هاملتون هايز يسافر ، بناء على دعوة النحات الشهير فلیکس دو ولدون ( Felix de Weldon ) الذي كان يعمل على التمثال البرونزي في مدفن الجنود في ارلنغتون في واشنطن .
- إيرا هاملتون هايز كان آنذاك غير مخمور ولكن ولدون وجد فقط القليل من الشبه بين الرجل صاحب العضلات على الصورة الفوتوغرافية الشهيرة . التي التقطها المصور الحربي جو روزنتال ، والرجل الذي يقف الآن امامه فهندي الـ ، بيما ، يزن في هذه الأثناء مائة وخمسة كيلو غرامات ، حيث تحول إلى رجل مترهل تعتريه الرجفة .
والمحاولة الجدية للغاية من أجل إنقاذ حياة إيرا هاملتون هايز جرت عام ١٩٥٣ عمـال اجتماعيون من آريزونا توسطوا له بمركز تدريب في شيكاغو . وفي كتـاب التـوصيـة الـذي زود الهندي به جاء : نرسل إليكم اکبر بطل هندي ايرا هاملتون هايز إنه غير قادر على ترتيب أموره مع الإعلام .
إنه يشرب بإسراف منذ أن ترك مشاة البحرية الأميركية إيرا يريد من كل قلبه التوقف عن الشرب ولكنه يشعر بالذنب من اجل رفع العلم في إيفو ـ جيما .. إيرا هايز يعلم بان زملائه ورفاقه في مشاة البحرية يعلمون بأنه أكبر كاذب ! .
وعندما نزل ایرا هاملتون هایز من القطار في شيكاغو ، كان زملاء جو روزنتال في المهنة ـ أي المصورون - يقفون في المحطة وقال أحد العمال الاجتماعيين فيما بعد ء الكلب المسكين لم يكن لديه اية فرصة . الصحافيون كانوا هم أيضاً قد اكتشفوا عنوانه ونشروه عنوان شركة انترناشيونال هارفستر ، حيث كان على ايرا هايز تعلم مهنة الخراطة . وعلى الأثر تكدست مركز البريد الطلبات من جامعي التواقيع الذين يطلبون توقيع إيرا هايز وعندما كان يترك الشركة بعد انتهاء مدة التدريب بعد الظهر ، كان الوطنيـون يمسكون به ، لياخذونه معهم إلى حفلاتهم .
وكان هايز يستيقظ غالباً ليجد نفسه في زنزانة من زنزانات مخفر الشرطة للتخلص من سكره ودائماً كانت الصحف تقـوم بعرض صور يظهر فيها ، اعظم الهنود ،جالسا على كرسي البار مخمورا ، مريضاً وقذراً .
والفرصة الأخيرة الأخيرة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى بطلها ، لم تكن سوى مؤامرة انسانية من اناس اصحاب ضمير سيء وصحافيين راغبين بالدعاية ایرا هاملتون مايز عرض بيعه بالمزاد العلني !
وصحيفة السان - تايمز Sun ( Times هي صاحبة الفكرة التي طرحت القيام باوسع حملة لإنقاذ النصب التذكاري الحي .. عام 1953 كانت السان - تايمز تقود نوعاً من اليانصيب من أجل إعادة تأهيل الرجل المنهار ، إلى المجتمع .
والسباق من اجـل الجائزة الكبرى فازت به إمرأة كانت شخصية بارزة مثل بطلنا الهندي وكانت بحاجة إلى سائق إنها اليزابیت آن مارتن Eli sabeth Ann Martin ، زوجة المغني والممثل دين مارتن Dean Martin . وفي تشرين الأول سافر إيرا هاملتون هايز معها إلى لوس انجلوس .
آل مارتن كانت لديهم سيارة فورد رائعة وسيارة كرايزلر خارقة ، وسرير فاخر له في غرفة
رائعة في بيفرلي هيلز واربعة اولاد يجب نقلهم عبر ، بولفارات ، لوس انجلوس إلى مدرسة المضرب وإلى التسوق ولكن عندما الرقص ، إلى ساحة لعب كرة نجـح هايز بالفحص الشفهي لقيادة السيارات ، وخرج إلى الشمس الكاليفورنيـة ، وجد بانتظارة مجدداً المجموعة التي اصبحت قدره : مجموعة المصورين إيرا هاملتون هايز لم يكن لديه اية فرصة وتدريجيا بدا الناس يشمون ما حصل حقا في ايفو جيما .
وفي يوم من الأيام ، صادف ايرا هاملتون هايز أحد مشاة البحرية الأميركية في الشارع فبادر الأخير إلى ضربه علناً في عرض الشارع ونعته بأفظع الشتائم ومما قاله له : . رافع علم كذاب ! . وفي حديث لـ إيرا هاملتون هايز مع إليزابيت مارتن إعترف لها قائلا « إنني لست ببطل فالأبطال الحقيقيون سقطوا قتلى في ساحة الوغى على جزيرة ايفو - جيما .
وفي بداية تشرين الثاني عام ١٩٥٤ كان ايرا
هاملتون هايز قد وصل إلى نهاية المطاف .
الشرطة في لوس انجلوس وضعت الرجل الذي كانت الدموع تنهمر على خديه في احد الباصات بعدما دفعت عنه ثمن بطاقة السفر .
إيرا هايز سافر عائداً إلى المنطقة التي تقطنها قبيلته الـ بيما . . على ضفاف نهر غيلا وعندما نزل هناك من الباص في الحادي عشر من تشرين الثاني كتبت صحيفة فونيكس غـازيـت ( Phoenic Gazette ) تقول :
لم يكن هناك اي استقبال لبطل - ايفوا - جيما .. عندما عاد مساء إلى البلدة وجد بانتظاره في المحطة المصورون والصحافيون فقط .
إيرا هاملتون هايز توفي في ليل الثالث والعشرين من كانون الثاني عام 1955 من جراء شربه كمية مفرطة من الكحول .
وعندما شاهده ابناء جلدته من قبيلة بيمـا الهندية حيا لآخر مرة كان يجلس على الدرج القذر لمنزل ادوب هاوز وكان يشرب . وعندما وجدوه في صباح يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني كان يرتدي الثياب التي تذكر بالصورة الحربية التذكارية على النصب التذكاري قميص عسكري باللون الكاكي والجزمة الخاصة بمشاة البحرية وهكذا انتهت قصة البطـل الزائف الذي جعلت منه السلطات الأميركية بطلا رغم انفه ..
إستغلته من أجل مصالحها ومن أجل ، سندات الدين الحربية . .. غير عابئة بما سيلحقه من جراء ذلك الزيف الذي يختاره بنفسه .
اميركا تصنع بطلا مزيفاً ... وتحطمه بوحشية !
في حرب القرم عام ١٨٤٨ دخلت الكاميرا الفوتوغرافية لأول مرة إلى ساحات القتال ومنذ ذلك التاريخ صارت جزء يتجزء من الحروب .
وهذا الكتاب يعود بنا إلى الصور الأولى ويتابع حتى صور حرب - الفوكلاند - عام ٨٣ والحرب اللبنانية التي لم تتوقف بعد ونظـرا لأهمية هذا الموضوع بالنسبة لمتتبعي تاريخ التصوير » رأينا ترجمته من الألمانية ، خصوصا وأنه لم يترجم إلى أي لغة بعد ليكون بمتناول قرائنا باسرع وقت ممکن .
الكتاب لرينيه فاسیان و شانس کریستیان آدم ويقع في ٣٤٠ صفحة من الحجم الكبير ويحتوي على صور لم يسبق نشرها قبل الان لأسباب عديده والصور جميعها بالاسود والأبيض بلا شك وهو مقسم إلى سبع فترات تاريخيه تبدا بين عامي ١٨٤٨ و ۱۸۷۰ وتنتهي بين عامي ١٩٥٠ و ۱۹۸۳ .
عشر سنوات ، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، مات في مستوطنة هندية في أريزونا ايرا هاملتون هایز ( IRA Hamilton Hayes ) ، وهو من قبيلة بيما ( Pima ) وكان هندياً طيب القلب ذهب إلى الحرب . في سبيل الولايات المتحدة .. وساهم في الهجوم على جزيرة( Iwo Jima ) إيفو جيما ، في ساحة القتال المحيط الهادي ، وقد أخذت صورة مع خمسة آخرين مـن رجـال مشاة البحرية الأميركية ، أثناء رفع العلم الأميركي على قمة جبل سوريباشي ( Surihachi ) وكان ذلك لتعاسة إيرا هاملتون هايز الذي وصفه الكاتب الأميركي المعروف ويليام برادفورد هوي -William Brad ) ( ford Huie في كتابه بصفة ، بطل ايفو جيما .
وقصة موت الهندي إيرا هاملتون هايز ، الذي صور كنصب تذكاري وسوق كاثر تذكاري ، بدأت في اريزونا أبناء جلدة إيرا من قبيلة . بيما هاجروا إلى منطقة تقع على طول نهر غيلا ( Gila ) و اسلافهم واجدادهم قاموا بحرث الأراضي وزراعة القطن . ولقد عـاشـوا وماتوا دون أن يتسببوا بضرر لاي إنسـان ! .. وحتى منتصف القرن التاسع عشر كانت القبيلة معروفة بحبها للسلام ، ورجالها يقتلوا في حياتهم اي رجل ابيض ولم يسلخوا ، فروة ، أي مستوطن ، ولم يهاجموا قط أي قطار للسكك الحديدية .
وفي الغرب على ضفتي المسيسبي كان المهاجرون يتنفسون الصعداء عندما تصل عرباتهم إلى منطقة نهر غيلا ، حيث أرض قبيلة بيماء الهندية كانت طيبة وخصبة .
ورجال قبيلة ، بيما ، بدأوا يتعاطون القتل فقط عند تماسهم باميركا الفولاذية امیرکا المتزمتين . المتشددين في الدين والسلوك ، والتي كانت تدرب رجالها على الأمور العسكرية إن رجال قبيلة . بيما ، من الهنود اشتركوا في الحرب في عام ١٨٤٨ ضد المكسيك ، كما أنهم حاربوا خلال الحرب العالمية الثانية على كل ساحات القتال سواء في أوروبا أو في المحيط الهادي . والذي حصل ان قبيلة . بيما . . في هذه الاثنـاء إعتنقت الـديـانـة المسيحية ، بفضل المبشرين فاصبح معظم افرادها من اتباع الكنيسة . البريسبيتارية المشيخيـة - ( Presbyterian ) والبعض التحقـوا بـالكنيسـة المعمدانية ( Baptist ) والقلائل من بينهم اصبحوا كاثوليك .
وفي عام ١٩٤٢ التحق ابرا هاملتون هايز بالجيش الأميركي وكان آنذاك في التاسعة عشر من عمره ، وكان لاعب كرة قدم جيد وحصل بسرعة على ميدالية افضل ووزنه خمسة وسبعين كيلوغراماً رام وقناص في وحدته ، ورفاقـه البيض كانوا يحبونه وكان هو يحبهم بدوره ، كما يحب مرافقة الرجال من الوحدة الممتازة التي كانت تتهيؤ للعمل في المحيط الهادي ، وكان يقدر رمـوزهـا ويحب علومها الاجتماعية رجال مشاة البحرية الأميركية ، الذين تأثروا بالتعلق الطفولي للهندي بهم اطلقوا عليه إسم ( Chief Falling Cloul ) اي زعيـم
السحابة الهابطة .
وبعد ذلك اظهر ايرا هاملتون هايز رغبة في قتل كل ياباني ما بين طوكيو ويـوغـانـفيـل (Bougainville) .
وفي أول الأمر كان الناس هناك في الوطن يعتبرون أن كلامه هذا مجرد رسائل من شاب فخور لكونه تابعاً لمشاة البحرية الأميركية ويقاتل من أجل بلاده وفيما بعد اصبح هایز اکثر ميلا للعسكرية . وقد عرف أقاربه انه تحول إلى رجل يجد لذة كبيرة في إطلاق الرصاص على اليابانيين !!!
الثالث والعشرين من شباط عام ١٩٤٥ ، اليوم الذي نصبت فيه الولايات المتحدة تذكاراً لايرا هاملتون هايز ، كان من أشد الأيام الدموية في الحرب العالمية الثانية فأثناء الهجوم الصاعق على الجزيرة اليابانية البركانية و ايفو جيما ، قتل ستة آلاف وثمـانـمـائة وواحد وعشرون اميريكياً ، وجثثهم كانت تغطي الساحل على طول أربعة أميال .
وايرا هاملتون هايز كان آنذاك جندياً في الفرقة الخامسة لمشاة البحـريـة - الكتيبـة الثامنة والعشرين ، الفوج الثاني السرية الأولى والفصيلة الثالثة نزل عن ارض الجزيرة المذكورة مع زوارق إنزال . وكان يتبع وحدته ايضاً جو روزنتال Joe Rosenthal مصور حربي من ذلك التاريخ .
ولم يشارك ايرا هاملتون هايز احتلال سوريباشي ( Surihachi ) اعلى جبل في الجزيرة ، حيث انه كان مع جور روزنتال قد وصلا متاخرين ثلاث ساعات ، وكانت اللحظة التاريخية قد ولت وكان علم الولايات المتحدة يرفرف منذ فترة غير قصيرة فوق قمة البركان الخامد منذ فترة طويلة بعدما ثبت على انبوب ماء استعمل كسار للعلم ، وثمة رقيب إسمه لويس لاوري ( Louis Lowery ) الذي كان يعمل لحساب المجلة البحـريـة ليـدر نـاكـن ( Leder - Nacken ) كان قد صور الأبطال المرهقين حتى الموت اثناء رفع العلم .
وعندما تسلق جو روزنتال القمة ، كان الريح يزال يهب فوق الجبل وكان يغص بجنود مشاة البحرية . فالبعض كان يشد الأسلاك من أجل مراكز المراقبة والبعض الآخر كان يأخذ صوراً تذكارية ، وجماعة ثالثة انزلت العلم عن الساري ومزقته إلى قطع صغيرة ووزعت اجزاءه على كل الموجودين كذكرى . ومن ثم أحضر علم كبير تم استبداله بالعلم الأصلي ولالتقاط صور تذكارية يرسلها المصور جو روزنتال إلى الوطن . أعيد تمثيل حادثة رفع العلم مجدداً مع علم آخر أكبر ، ومع جنود آخرین وهكذا اختير هؤلاء من بين مشاة البحرية وعددهم ستة جنود قاموا بتمثيل عملية الاحتلال ورفع العلم مع صرخات النصر وهم يهزون بنادقهم بفرح ونشوة وكان إيرا هاملتون هايز واحداً من بين هؤلاء الستة .
وفي نفس اليوم ارسل جو روزنتال المصور الحربي ، أفلامه للتظهير الروتيني إلى مختبر عسكري في جزيرة غوام ( Guam ) ومن ثم نسي الحادث - ثلاثة رجال من مشاة البحرية الذين وقفوا أمام المصور روزنتال مع العلم على قمة جبل سوريباشي وهم يهزون البنادق علامة الانتصار ، قتلوا المعارك الدامية التي دارت الأسابيع المقبلة إيرا هاملتون هايز كان واحداً من بين الثلاثة الآخرين الذين ظلوا على قيد الحياة وكان من جديد مع مشاة البحرية الأميركية في مكان ما على ساحات القتال في المحيط الهادي من أجل أن يقتل أكبر عدد من اليابانيين ـ كما كتب في رسائله ( ! ) وفي آذار عام 1945 كان انتصار الحلفاء على المانيا الهتلرية على قاب قوسين أو ادنى . وكانت الولايات المتحدة تستعد للعرض العسكري التاريخي وتتذوق صور النصر البنتاغون - وزارة الدفاع الأميركية - بتصفح الضباط المختصون بالدعاية آلاف الصور الفوتوغرافية التي تتناسب مع آخر معركة دعائية من أجل بيع سندات دين للحـرب .. إن صورة جو روزنتال ، التي بيع منها في هذه الاثناء الملايين من النسخ ، بدت على أنها الصورة الأكثر ملاءمة للحملة .
اميركا كانت دائما تسعى للبحث عن أبطال لها وقد وجدت أبطالها أخيراً . وبعد شهر واحد طار ثلاثة رجال من مشاة البحرية الأميركية على متن طائرة من طراز ( 4 - DC ) وكان لهم الأفضليـة بالعودة مع كبار الضباط برتبة جنرال إلى الولايات المتحدة .
وفي واشنطن فإن كل من رينيه غاينون ( René Gagnoin ) جون برادلي ( Jon Bradley ) وايرا هاملتون هايز ، كانوا منتظرين من قبل الرئيس الأميركي ، ومن المحافظين ومن نواب الكونغرس ومن ، لبنات الثورة الأميركية ، وهي جمعية محافظة تقليدية .
اعين الأمة كانت موجهة نحو رجل عاش في الغرب الضاري ، في أيام الرواد الأوائل في الولايات المتحدة ، على صاحب البشرة الحمراء الهندي جندي مشاة البحرية ايرا هاملتون هايز ، من قبيلة ، بيما الهندية المتمركزة على ضفاف نهر غايلا . لقد اعتبر إيرا الرمز والمثال والنموذج .
هل كان ايرا هايز اعظم رجل بين الهنود ؟
هل كان أعظم من كريزي هورس ( Grazy Horse ) ؟
هل كان أعظم من بوفالو بيل ( Buffalo Bill ) ؟
إن هندي قبيلة ، بيما ، بدا يسبح في الشرف والرخاء العلني حيث أنه نام في الفندق الشهير استـوريـا والـدورف . ( Waldorf - Astoria ) وكـان الناس في الحفلات يتهافتون عليه كانوا يتهافتون على زجاجات المشـروب .
خصصت الحفلات الخاصة به في الراديو . وحصل على العديد من الساعات الذهبية المهداة له ، وشرب نخب الأمة .
وكتبت صحيفة تقول ، أنه عمل على رفع العلم على قمة جبل سوريباشي .
في الوقت الذي كان الرصاص ينهمر على الأبطال من كل حدب وصوب . . أحد الصحافيين ذكر بان الرصاص قد اخترق القماش التاريخي ( ! ) وفي فيلم سينمائي بعنوان - رمال ايفو
جيما (The Sands of Jwo- Jima)
، الذي قام ببطولته الممثل الأميركي الكبير الراحل جون واين ( John Wayne ) . ومعه ايرا هاملتون هایز کممثل ثانوي فإن مشهد رفع العلم على السارية فوق قمة جبل . سوريباشي . كان اهم مشهد في الفيلم كله .
إن صورة جو روزنتال ظهرت على الطوابع المالية بقيمة ثلاثة سنتات وقد نسخت على الزبدة . وعلى الهامبرغر . وعلى الحجارة الرملية ، وعلى الأيس كريم وقد صب منها بما وزنه مائة طن اجـل نصب تذكاري في مقبرة الجنـود ارلنـغـتـون ( Arlington ) .
و في أيار من عام ١٩٤٥ آراد كل مواطن أميركي ان يشد على يد بطل ايفو جيما وأراد كل واحد ان يربت على كتفه ، وكل واحد اراد ان يقدم له المشروب .
الهندي إيرا هاملتون هايز أحد افراد مشاة البحرية الأميركية كان الإنسان المفضل والمحبوب لدى كل شخص ومرة قال صاحب بار لـ ايرا هاملتون هایز ، إسمع ، يا زعيم ، إسمع . يجب أن تعرف بانك اصبحت ما يسمونه بالرمز . خذ راحتك و اشرب ... كل اميركي يريد ان يهبك محبته وتقديره وعرفانه ، وأن يهبك ايضاً مشروباً إذا كن سعيداً واشرب !!! .
إن نصر ايرا هاملتون هايز لم يكن مستديماً وكلما اخذ يخف ويختفي ، كلما إزداد شرب هايز وذلك من أجل التنعم على الأقل بالنشوة ، بالشعور بالسعادة التي اخذت تضمحل وفي رحلة بسيارة مكشوفة إلى مدفن للجنود كان على الضباط المرافقين يجلسوه في الوسط ما بين زميلين له وإلا لكان هندي الـ . بيما المخمور إنقلب من السيارة .
وفي جولة دعائية من اجل سندات دین الحرب ، في شيكاغو اختفى ايرا هاملتون هايز لاول مرة .
الجنود الذين تتبعوا اثره وجدوه بعد بحث طويل في أحد البارات فاعادوه .
القلائل من الناس أدركوا بان هايز هو عبارة عن رجل مصيره الهلاك من اجل المصلحة العامة .
وما من أحد فهم بان الهندي لم يكن يملك أية قوة مقاومة ، وما من احد رای بان إيرا هاملتون هايز كان يخجل من نفسه ، لأنه كان بطلا زائفاً ، وكان يـعـاني ويتالم من ذلك كثيراً .
وفي أيلول من عام ١٩٤٦ كان بطل ، النصب التذكاري ، قد عاد ! إلى منطقة بيما ، عاد ليسكن ثـانيـة في أدوب هـاوز ( Adobe - Hause ) التي غادرها قبل اربع سنوات .
عمل كجاني للقطن في الحقول الواقعة على ضفاف نهر غيلا ونعم بإعجاب وتقدير أبناء جلدته .
ولكن الأمور أخذت تسوء معه إنما لم يكن بعد ليعرف ذلك وكان يتمنى فقط شيئاً واحداً وهو ان يحلم ثانية الحلم الرائع الذي مر به ، حلم الليالي الجميلة فندق والدورف أستوريا ، الحلم عن أميركا البيضاء الجيدة الحلم الذي كان يضغط على قلبه ، الحلم بسيارة فورد فاخرة .
إيرا هاملتون هايز كان بحاجة إلى المال وأفراد قبيلته الـ « بيما ، شيدوا له مصيدة للسواح بغية تحقيق حلمه .
ومثل هذه المصيدات للسواح يعرفها كل سائق سيارة بمر بسيارته عبر الولايات الأميركية . وهذه المصيدات السياحية هي عبارة عن منجم ذهب لسكان المنطقة . وعلى الأخص في المناطق الريفية على الرغم من انهم لا يقدمون الى السواح إلا محطة وقود ، مرطبات من العلب الآلية آلة موسيقية ، . هامبورغر ، وتذكارات أو ذكريات نموذجية ..
الم يكن إيرا هاملتون هايز أكبر ذكرى حرب حي في الولايات المتحدة الأميركية ؟
وسمى رجـال قبيلة بيما مصيدتهم الخاصة بهم للسواح بـ تريدينغ بوست ( Trading Post ) ولم يكن في الولايات المتحدة بافضل منها وأمام مدخل المحطة كان هناك تمثال لابرا هاملتون هايز مع علم ، إيفو - جيما . واثنـاء الليـل كـان النصـب التذكاري يضاء بواسطة الانوار الكاشفة تماماً ، مثل دمية في واجهة أحد المخازن الكبرى في لاس فيـغـاس وهنـاك لافتات تشير من على بعد أميال من الحدود إلى المستوطنة ، إلى الرجل الشهير وقد كتب على اللوحات واللافتات .
شاهد الهندي من مشاة البحرية الأميركية الذي رفع العلم الأميركي فوق ايفو جيما ، شاهد أكبر بطل هندي في الولايات المتحدة ، صور إيرا هاملتون هايز ، الزعيم الهندي العالمي الشهير ، ، السحـابـة الهابطة » !!
وبالنسبة للسواح فإن الزعيم الهندي - السحابة الهابطة يجب ان يرتدي ثوب القتال الخـاص بمشاة البحرية الأميركية ، ويقف أمام عدسات المصورين وكان يرفع العلم ومن ثم ينـزلـه ، يعطي التواقيع على بطاقات بريدية إيفـو - جيما .. على التمهوك » - فاس حرب لهنود اميركا - وعلى ، المدي ،الخاصة بسلخ فروة الراس ، وعـلى مسدسات الأطفال ، وكل اميركي يريد ان يقدم له كاساً من البيرة عليه أن يشرب معه بطيبة خاطر وكان رجال الشرطة في ولاية اريزونا يعاملون الهندي كنصب تذكاري حي .
ونساء البارات كن يقدمن له سـرأ الـ « جنجرز عوضاً عن البيرة ، ورجـال الشرطة يقدمون له القهوة عندما كانوا يأخذونه معهم إلى المخفر ليتخلص من سكره .
أما السائقون فكـانـوا ينقلـونـه مـجـانـاً إلى المستوطنة .
قضاة الصلح اعتادوا مخابرة المستوطنة هاتفياً حيث يقولون : رفع العلم ! ثانية في المدينة ،
تعالوا وخذوه ! .
وبين الحين والآخر كان إيرا هاملتون هايز يسافر ، بناء على دعوة النحات الشهير فلیکس دو ولدون ( Felix de Weldon ) الذي كان يعمل على التمثال البرونزي في مدفن الجنود في ارلنغتون في واشنطن .
- إيرا هاملتون هايز كان آنذاك غير مخمور ولكن ولدون وجد فقط القليل من الشبه بين الرجل صاحب العضلات على الصورة الفوتوغرافية الشهيرة . التي التقطها المصور الحربي جو روزنتال ، والرجل الذي يقف الآن امامه فهندي الـ ، بيما ، يزن في هذه الأثناء مائة وخمسة كيلو غرامات ، حيث تحول إلى رجل مترهل تعتريه الرجفة .
والمحاولة الجدية للغاية من أجل إنقاذ حياة إيرا هاملتون هايز جرت عام ١٩٥٣ عمـال اجتماعيون من آريزونا توسطوا له بمركز تدريب في شيكاغو . وفي كتـاب التـوصيـة الـذي زود الهندي به جاء : نرسل إليكم اکبر بطل هندي ايرا هاملتون هايز إنه غير قادر على ترتيب أموره مع الإعلام .
إنه يشرب بإسراف منذ أن ترك مشاة البحرية الأميركية إيرا يريد من كل قلبه التوقف عن الشرب ولكنه يشعر بالذنب من اجل رفع العلم في إيفو ـ جيما .. إيرا هايز يعلم بان زملائه ورفاقه في مشاة البحرية يعلمون بأنه أكبر كاذب ! .
وعندما نزل ایرا هاملتون هایز من القطار في شيكاغو ، كان زملاء جو روزنتال في المهنة ـ أي المصورون - يقفون في المحطة وقال أحد العمال الاجتماعيين فيما بعد ء الكلب المسكين لم يكن لديه اية فرصة . الصحافيون كانوا هم أيضاً قد اكتشفوا عنوانه ونشروه عنوان شركة انترناشيونال هارفستر ، حيث كان على ايرا هايز تعلم مهنة الخراطة . وعلى الأثر تكدست مركز البريد الطلبات من جامعي التواقيع الذين يطلبون توقيع إيرا هايز وعندما كان يترك الشركة بعد انتهاء مدة التدريب بعد الظهر ، كان الوطنيـون يمسكون به ، لياخذونه معهم إلى حفلاتهم .
وكان هايز يستيقظ غالباً ليجد نفسه في زنزانة من زنزانات مخفر الشرطة للتخلص من سكره ودائماً كانت الصحف تقـوم بعرض صور يظهر فيها ، اعظم الهنود ،جالسا على كرسي البار مخمورا ، مريضاً وقذراً .
والفرصة الأخيرة الأخيرة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى بطلها ، لم تكن سوى مؤامرة انسانية من اناس اصحاب ضمير سيء وصحافيين راغبين بالدعاية ایرا هاملتون مايز عرض بيعه بالمزاد العلني !
وصحيفة السان - تايمز Sun ( Times هي صاحبة الفكرة التي طرحت القيام باوسع حملة لإنقاذ النصب التذكاري الحي .. عام 1953 كانت السان - تايمز تقود نوعاً من اليانصيب من أجل إعادة تأهيل الرجل المنهار ، إلى المجتمع .
والسباق من اجـل الجائزة الكبرى فازت به إمرأة كانت شخصية بارزة مثل بطلنا الهندي وكانت بحاجة إلى سائق إنها اليزابیت آن مارتن Eli sabeth Ann Martin ، زوجة المغني والممثل دين مارتن Dean Martin . وفي تشرين الأول سافر إيرا هاملتون هايز معها إلى لوس انجلوس .
آل مارتن كانت لديهم سيارة فورد رائعة وسيارة كرايزلر خارقة ، وسرير فاخر له في غرفة
رائعة في بيفرلي هيلز واربعة اولاد يجب نقلهم عبر ، بولفارات ، لوس انجلوس إلى مدرسة المضرب وإلى التسوق ولكن عندما الرقص ، إلى ساحة لعب كرة نجـح هايز بالفحص الشفهي لقيادة السيارات ، وخرج إلى الشمس الكاليفورنيـة ، وجد بانتظارة مجدداً المجموعة التي اصبحت قدره : مجموعة المصورين إيرا هاملتون هايز لم يكن لديه اية فرصة وتدريجيا بدا الناس يشمون ما حصل حقا في ايفو جيما .
وفي يوم من الأيام ، صادف ايرا هاملتون هايز أحد مشاة البحرية الأميركية في الشارع فبادر الأخير إلى ضربه علناً في عرض الشارع ونعته بأفظع الشتائم ومما قاله له : . رافع علم كذاب ! . وفي حديث لـ إيرا هاملتون هايز مع إليزابيت مارتن إعترف لها قائلا « إنني لست ببطل فالأبطال الحقيقيون سقطوا قتلى في ساحة الوغى على جزيرة ايفو - جيما .
وفي بداية تشرين الثاني عام ١٩٥٤ كان ايرا
هاملتون هايز قد وصل إلى نهاية المطاف .
الشرطة في لوس انجلوس وضعت الرجل الذي كانت الدموع تنهمر على خديه في احد الباصات بعدما دفعت عنه ثمن بطاقة السفر .
إيرا هايز سافر عائداً إلى المنطقة التي تقطنها قبيلته الـ بيما . . على ضفاف نهر غيلا وعندما نزل هناك من الباص في الحادي عشر من تشرين الثاني كتبت صحيفة فونيكس غـازيـت ( Phoenic Gazette ) تقول :
لم يكن هناك اي استقبال لبطل - ايفوا - جيما .. عندما عاد مساء إلى البلدة وجد بانتظاره في المحطة المصورون والصحافيون فقط .
إيرا هاملتون هايز توفي في ليل الثالث والعشرين من كانون الثاني عام 1955 من جراء شربه كمية مفرطة من الكحول .
وعندما شاهده ابناء جلدته من قبيلة بيمـا الهندية حيا لآخر مرة كان يجلس على الدرج القذر لمنزل ادوب هاوز وكان يشرب . وعندما وجدوه في صباح يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني كان يرتدي الثياب التي تذكر بالصورة الحربية التذكارية على النصب التذكاري قميص عسكري باللون الكاكي والجزمة الخاصة بمشاة البحرية وهكذا انتهت قصة البطـل الزائف الذي جعلت منه السلطات الأميركية بطلا رغم انفه ..
إستغلته من أجل مصالحها ومن أجل ، سندات الدين الحربية . .. غير عابئة بما سيلحقه من جراء ذلك الزيف الذي يختاره بنفسه .
تعليق