هرم سنان مري
Harem ibn Sinan al-Murri - Harem ibn Sinan al-Murri
هَرِمُ بن سِنَان المري
(…ـ نحو 15ق.هـ/… ـ نحو 608م)
هَرِم بنُ سِنَان بنِ أبي حارثة المرِّي، من مُرَّة بن عَوْف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن رَيْث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، فهو مُرّي ذبياني غطفاني قيسي.
كان رئيس قومه في الجاهلية، وعُدَّ واحداً من أجواد العرب؛ علماً أن قصته مع الشاعر المشهور زهير بن أبي سُلْمى مشهورة بين الناس في عصره وإلى يوم الناس هذا. فقد آلى على نفسه أنه لا يُسَلِّم عليه زهير إلا أعطاه: عبداً أو أمة أو فرساً أو بعيراً؛ فاستحيا زهير مما كان يقبل منه، فجعل يمرُّ بالجماعة فيهم هَرم فيقول: عِمُوا صباحاً غير هرم، وخيركم استثنيت.
وكان أخوه خارجة بن سنان أكثر شهرة منه، فلمَّا قيّض الله له زهير بن أبي سلمى ومدحه طارت شهرته وخفي أمر أخيه؛ وهو القائل فيه:
قد جعل المبتغون الخير في هَرِمٍ
والسائلون إلى أبوابه طُرُقا
مَنْ يلق يوماً على عِلاَّته هرماً
يلقَ السماحة منه والنَّدى خُلُقا
وأكد شعر زهير أن هرماً كان السيد الجاهلي المثالي العريق في النسب والجود وحماية الجار والنقاء والشرف والعفة، وصلة الرحم وبلاغة القول وفك العاني والأسير… ولعل هذه الصفات التي أسبغها زهير على هذا السيد الكريم هي التي جعلت أمير المؤمنين عمر يقول حينما يسمع أبياتاً لزهير يصف فيها هرماً: ذلك رسول اللهr.
وقد اشتهر أمرهما معاً بين الناس؛ هرِم بالعطاء وزهير في المدح والشكر. ولا شيء أدل على هذا من الأخبار والأشعار التي رويت عنهما، إذ قيل: إن بعض ولد زهير قد وفد على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في خلافته فقال له: «ما فَعَلت الحُلَلُ التي كساها هَرم أباك؟» قال: «أبلاها الدهر»، قال: «لكن الحُلَل التي كساها أبوك هرماً لم يُبْلها الدهر».
وأياً ما يكن أمر هذا الخبر فقد ظل هَرِم مضرب المثل بالجود والعمل الصالح، وزهير مضرب المثل بالشكر والثناء على فعل الخير، ولولا هذا لمَا وجد ذاك. لذلك اقترن كل منهما بالآخر إكراماً وثناءً؛ وهذا ما يُرى في قول الشاعر المعروف ابن الحلاوي إذ ذكرهما معاً في مدحه للملك الصالح:
تجيزها وتُجيز المادحين بها
فقل لنا: أزهير أنت أم هَرِمُ؟!
وقد اشتهر هَرِم وابن عمه الحارث ابن عوف بن أبي حارثة بدخولهما في الإصلاح بين عبس وذبيان، في الحرب المشهورة باسم (داحس والغبراء)، واحتملا من مالهما ديات القتلى فبلغت ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين. وقد أثنى زهير على أفعالهما النبيلة في معلقته الشهيرة؛ فقال:
يميناً لنعم السيدان وُجدتما
على كل حالٍ من سَحِيْلٍ ومُبْرَم
(والسحيل: الخيط الذي لم يُبْرَم، والمُبْرَم ضده).
وفي ضوء الأخبار الموثقة ليس بصحيح ما روي عن أخيه خارجة بن سنان أنه هو الذي حمل ديات حرب (داحس والغبراء)، وإن وُجد لـه ذكر مع أخيه يزيد في خبر الإصلاح، فضلاً عن أسماء أخرى.
وقد مات هرم قبل الإسلام في أرض لبني أسد يقال لها (رُزاء) وهو متوجه إلى النعمان بن المنذر في الحيرة.
حسين جمعة
Harem ibn Sinan al-Murri - Harem ibn Sinan al-Murri
هَرِمُ بن سِنَان المري
(…ـ نحو 15ق.هـ/… ـ نحو 608م)
هَرِم بنُ سِنَان بنِ أبي حارثة المرِّي، من مُرَّة بن عَوْف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن رَيْث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، فهو مُرّي ذبياني غطفاني قيسي.
كان رئيس قومه في الجاهلية، وعُدَّ واحداً من أجواد العرب؛ علماً أن قصته مع الشاعر المشهور زهير بن أبي سُلْمى مشهورة بين الناس في عصره وإلى يوم الناس هذا. فقد آلى على نفسه أنه لا يُسَلِّم عليه زهير إلا أعطاه: عبداً أو أمة أو فرساً أو بعيراً؛ فاستحيا زهير مما كان يقبل منه، فجعل يمرُّ بالجماعة فيهم هَرم فيقول: عِمُوا صباحاً غير هرم، وخيركم استثنيت.
وكان أخوه خارجة بن سنان أكثر شهرة منه، فلمَّا قيّض الله له زهير بن أبي سلمى ومدحه طارت شهرته وخفي أمر أخيه؛ وهو القائل فيه:
قد جعل المبتغون الخير في هَرِمٍ
والسائلون إلى أبوابه طُرُقا
مَنْ يلق يوماً على عِلاَّته هرماً
يلقَ السماحة منه والنَّدى خُلُقا
وأكد شعر زهير أن هرماً كان السيد الجاهلي المثالي العريق في النسب والجود وحماية الجار والنقاء والشرف والعفة، وصلة الرحم وبلاغة القول وفك العاني والأسير… ولعل هذه الصفات التي أسبغها زهير على هذا السيد الكريم هي التي جعلت أمير المؤمنين عمر يقول حينما يسمع أبياتاً لزهير يصف فيها هرماً: ذلك رسول اللهr.
وقد اشتهر أمرهما معاً بين الناس؛ هرِم بالعطاء وزهير في المدح والشكر. ولا شيء أدل على هذا من الأخبار والأشعار التي رويت عنهما، إذ قيل: إن بعض ولد زهير قد وفد على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في خلافته فقال له: «ما فَعَلت الحُلَلُ التي كساها هَرم أباك؟» قال: «أبلاها الدهر»، قال: «لكن الحُلَل التي كساها أبوك هرماً لم يُبْلها الدهر».
وأياً ما يكن أمر هذا الخبر فقد ظل هَرِم مضرب المثل بالجود والعمل الصالح، وزهير مضرب المثل بالشكر والثناء على فعل الخير، ولولا هذا لمَا وجد ذاك. لذلك اقترن كل منهما بالآخر إكراماً وثناءً؛ وهذا ما يُرى في قول الشاعر المعروف ابن الحلاوي إذ ذكرهما معاً في مدحه للملك الصالح:
تجيزها وتُجيز المادحين بها
فقل لنا: أزهير أنت أم هَرِمُ؟!
وقد اشتهر هَرِم وابن عمه الحارث ابن عوف بن أبي حارثة بدخولهما في الإصلاح بين عبس وذبيان، في الحرب المشهورة باسم (داحس والغبراء)، واحتملا من مالهما ديات القتلى فبلغت ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين. وقد أثنى زهير على أفعالهما النبيلة في معلقته الشهيرة؛ فقال:
يميناً لنعم السيدان وُجدتما
على كل حالٍ من سَحِيْلٍ ومُبْرَم
(والسحيل: الخيط الذي لم يُبْرَم، والمُبْرَم ضده).
وفي ضوء الأخبار الموثقة ليس بصحيح ما روي عن أخيه خارجة بن سنان أنه هو الذي حمل ديات حرب (داحس والغبراء)، وإن وُجد لـه ذكر مع أخيه يزيد في خبر الإصلاح، فضلاً عن أسماء أخرى.
وقد مات هرم قبل الإسلام في أرض لبني أسد يقال لها (رُزاء) وهو متوجه إلى النعمان بن المنذر في الحيرة.
حسين جمعة