آثار الفن الهلنستي Hellenistic art .اكتشفت منذ القرن الثامن عشر في إيطاليا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آثار الفن الهلنستي Hellenistic art .اكتشفت منذ القرن الثامن عشر في إيطاليا

    هلنستي (فن)

    Hellenistic art - Art hellénistique

    الهلنستي (الفن ـ)

    ابتدأ التنقيب عن آثار الفن الهلنستي منذ القرن الثامن عشر؛ إذ اكتشفت في إيطاليا آثار مدينة هيركولانوم Herculanum ت(1719) ثم آثار مدينة بومبي Pompei ت(1748). وتابعت مدرسة أثينا الفرنسية عمليات التنقيب في جميع المناطق اليونانية والشرقية، حيث انتشر الفن الهلنستي مع امتداد النفوذ الإغريقي بقيادة الإسكندر المقدوني منذ عام 333ق.م وبعد انتصاره على داريوس Darios ملك الفرس في موقعة إيسوس Issos. وتشهد اللوحة الفسيفسائية المكتشفة في بومبي والمحفوظة في متحف نابولي على هذه المعركة الفاصلة، وهي تعود إلى القرن الثاني ق.م.
    وبانطلاق الإسكندر نحو الشرق انتقل الفن الإغريقي معه، فصارت برغامون Pergamon (برغاما Bergama اليوم، وموقعها في تركيا) وترالس Tralles وأنطاكية والإسكندرية ورودوس مراكز أساسية لحضارة أطلق عليها اسم «الحضارة الهلنستية»؛ نسبة إلى هيلين ابنة رب الأرباب زيوس، والتي كانت سبباً في حرب طروادة لحبها باريس.
    وهكذا انتقل مركز الثقل السياسي إلى آسيا الصغرى وسورية ومصر، وفيها أنشئت مراكز تولت إبداع الفن، وفتحت فيها آفاق جديدة تأثرت بتقاليد الشرق وبيئته الحضارية، وانتقلت الكلاسية الإغريقية إلى رومانسية طغى عليها الفكر والأدب والعاطفة، وساعد على ذلك تطور علوم التشريح والطب والفلسفة باتجاه الواقعية والتاريخ، وقد وصف المؤرخ ثيوقريطس Théokritos تفاصيل هذا التحول.
    وكان الإسكندر المقدوني من أكثر الرجال العظام اهتماماً بعمران المدن وبالعمارة والفن، فقد أنشأ ما يزيد على سبعين حاضرة ازدهر أكثرها ازدهاراً عظيماً، ومن أبرزها مدينة الإسكندرية.
    العمران والعمارة الهلنستية في سورية

    أطلال مدينة أفاميا في سورية شاهد على التنظيم العمراني الهلنستي
    سادت في ذلك العصر الأنظمة المعمارية الإغريقية الثلاثة - الدوري والإيوني والكورنثي - مع بعض التعديل. ويُرى التنظيم العمراني واضحاً في أطلال مدينة سيرينا (قورينا) Cyrène الليبية، كما أن هناك في أثينا نموذجاً نادراً لآبدة هلنستية للمعمار ليزيكراط Lysicrate.
    احتفظت المدن الهلنستية بالتقسيم الشطرنجي الذي كان منتشراً في العصر الإغريقي، وأحيطت المدن بسور منيع، تضم قلعة دفاعية ومعابد لتمجيد أبولّو وملاعب هي أشبه بمراكز ثقافية.
    ومن أبرز المدن الهلنستية في سورية كانت أنطاكية عاصمة الامبراطورية السلوقية، تقع على نهر العاصي محاطة بأسوار متينة، ومقسمة إلى أربعة أحياء، وكانت مركزاً تجارياً مهماً وشهيراً تضم الملاهي المتعددة والمغاني المعروفة باسم (دفنه). أنشأها الامبراطور سلوقس نيكاتور، وأطلق عليها اسم أخيه أنطيوخس، وهي من تصميم المعمار زينوس Xenos، كما أنشأ مدينة سلوقية وتحمل اسمه.
    أما مدينة أفاميا فقد أنشأها سلوقس نيكاتور باسم امرأته الفارسية أبامه Apame، وكانت تضم اصطبلات الفيلة والخيول وخزائن الدولة ومستودعات المؤن والذخائر، تحيط بها أسوار بطول ستة كيلومترات، وفيها قلعة هدمها الرومان، ويقع المسرح المدرج في جنوبيّ المدينة. وتبلغ مساحة المدينة 250 هكتاراً يشقها الشارع المستقيم من الباب الشمالي إلى الجنوب بطول 2كم وبعرض 23م، وعلى حافتيه تقوم الأروقة محمولة على أعمدة حلزونية ضخمة، ويلتقي هذا الشارع شوارع معترضة تنتهي ببوابات. وأنشأ سلوقس مدينة لاوديسه (اللاذقية) التي تحمل اسم أمه.
    وتقع مدينة دورا أوروبوس Dura-Europos على نهر الفرات، وقد أنشأها أحد أعوان سلوقس الأول، وكان لها ثلاثة أبواب، وتتألف معابدها من ثلاثة أقسام، الباحة والدهليز وقاعة العبادة، وأشهرها معبد الآلهة التدمرية، ومعبد أرتميس ومعبد أتاركاتيس ومعبد أدونيس.
    وشيد سلوقس نيكاتور مدينة بيرويا Beroia في حلب القديمة، وجعلها مستعمرة عسكرية ومحطة مراقبة، ومازالت آثارها في منطقة التل.
    وفي العام 101ق.م كان أنطيوخس التاسع قد أنشأ في دمشق عاصمة له إلى جانب المدينة الآرامية، وكانت تضم آغورا agora (سوق المدينة) وملعباً ومسرحاً في تنظيم عمراني شطرنجي يشقها الشارع المستقيم الذي أعيد ترتيبه في العصر الروماني.
    وأقيمت في سورية ملاعب ومسارح هلنستية، وزودت المدن بالمياه النقية، وفي أثينا بنى ملك سورية أنطيوخس الرابع عام 175ق.م معبد زيوس Zeus الأولمبي.
    العمران والعمارة الهلنستية في مصر
    في عام 1866 استطاع العالم محمود بك الفلكي اكتشاف آثار مدينة الإسكندرية الهلنستية، وتبين أنها كانت مقسمة إلى خمسة أحياء، وأجملها الحي الملكي في طرف المدينة الشمالي الشرقي، وكان يحوي قصوراً بين الحدائق مشرفة على البحر. كما تحوي المتحف والمسرح والمكتبة الكبرى وقبور البطالمة والمدفن الشهير الذي أنشأه بطلميوس الثاني للإسكندر والموجود حالياً في متحف إصطنبول، وفي جنوبيّ المدينة كانت حديقة بانيون Paneion التي تصعد حلزونياً حول التل والملعب، كما كان معبد الإله سرابيس. ويضم الحي الجنوبي الغربي ضاحية رهاكونيس، وفيها عمود الامبراطور ديوقليسيان Diocletianus. وكان الإسكندر قد طلب من المعمار دينوقراطس من رودوس تخطيطها حسب النظام الإغريقي.
    أما مرفأ المدينة فقد أنشئ بعد وصل جزيرة فاروس Pharos بالساحل بوساطة سد طوله 1250م، وفي الجهة الشرقية كانت المنارة الشهيرة التي صممها المعمار سوستراتوس، وبدأ بإقامتها سنة 297ق.م، وأتمها في عهد بطلميوس الثاني نحو 280ق.م، وكانت من عجائب الدنيا السبع.
    وتضم المدينة مخازن الحبوب والزيوت وقصر العدل، أما الملعب وساحة سباق الخيل والعربات فكانت خارج الباب الشرقي.
    كان البطالمة في مصر شديدي الاهتمام بإقامة المعابد، وفيها يلاحظ بجلاء الأسلوب المصري المعماري المتفوق على الطابع والأسلوب الإغريقي، وأصبحت العمارة مزيجاً مركّباً من الأعمدة والتيجان والنقوش التزيينية.
    ويعدّ عصر البطالمة العصر الوحيد الذي خلّف معابد لم تتلفها عوامل الزمن، كمعبد حتحور في دندره ومعبد دير المدينة ومعبد خنوم في إسنا ومعبد حور بأدفو. وإذا كان البطالمة قد حافظوا على معالم عمارة الأجزاء الرئيسية؛ فلقد أدخلوا على تخطيطها العام تعديلاً جديداً بإحاطة كل جزء رئيسي في المعبد بسور خاص به، وكان المعبد المصري محاطاً كله بسور واحد، كما أقام البطالمة جوسقاً صغيراً ذا أعمدة لإحياء الشعائر الخاصة فوق أسطح بعض المعابد مثل معبد دندره، كذلك أضيف إلى أكثر المعابد الهلنستية في مصر هيكل صغير محاط بصف من الأعمدة المتصل بعضها ببعض بجدار حجري.
    ولعل معبد أدفو الذي أنشئ في عام 237ق.م، وتم في عام 57ق.م أوضح الأمثلة على العمارة الهلنستية في مصر، أما معبد دندره فقد أنشئ في القرن الأول ق.م للمعبودة هاتور، فكانت أعمدته هاتورية، ويمتاز بسقف ذي دائرة للأبراج الفلكية.
    وفي جزيرة فيله بنى البطالمة معبد إيزيس الكبير، وفيه صرحان فخمان، وأعمدته من النوع المركّب.
    التصوير والنحت

    اللوحة الفسيفسائية المكتشفة في بومبي والتي تمثل معركة إيسوس
    مازالت الحفريات مستمرة للكشف عن آثار التصوير الهلنستي، وكان أهمها اللوحة الفسيفسائية المكتشفة في بومبي والتي تمثل موقعة إيسوس بين الإسكندر وداريوس، وهي نسخة رومانية عن أصل هلنستي صنعها فيلوكسينوس Philoxenos، وقد أتت الحروب والأحداث المضطربة على الآثار التصويرية الهلنستية؛ الفريسك أو الفسيفساء.
    ويمتاز النحت الهلنستي بالواقعية والتعبير عن الحياة والحقيقة، وكانت دراسته التشريحية دقيقة، كما في تمثال جذع بلڤدير Belvédère للنحات أبولونيوس Apollonios المحفوظ في متحف الڤاتيكان، إضافة إلى التعبير عن الانفعال الداخلي، الحزن والفرح والغضب. وبدت التماثيل الشخصية شديدة المطابقة لأصحابها، ومن أشهرها تمثال سينيكا[ر] Seneca وتمثال إيسوبوس Aisõpos. وثمة اهتمام خاص بتماثيل الأطفال بأوضاع مختلفة وتماثيل الحيوانات والفواكه والأزهار والنباتات.
    أ- النحت في سورية

    تمثال لاوكون كاهن طروادة
    في المتحف الوطني بدمشق عدد من التماثيل البرونزية والرخامية التي تعود إلى ذلك العصر، منها تماثيل ڤينوس Vénus وتمثال أسباسيا Aspasia في حماة وتمثال ليدا Léda في محافظة حمص. وفي أفاميا عثر على تمثال بسيشه Psyché في صورة طفلة متكئة على الأرض.
    كما عثر في مدينة اللاذقية على تمثال ڤينوس بثوبها المبلل جالسة على قاعدة مستطيلة وقد ثنت ساقها اليمنى وجعلت ذراعها اليسرى دعامة لها، ورأسها مرفوع وخداها ممتلئان وعيناها تتجهان إلى أعلى استعطافاً، وهي ملتفة بثوب رقيق، وهذا التمثال من المرمر الأبيض منحوت بإتقان وبأسلوب واقعي يعبّر عن الانفعال والهياج، وهو محفوظ في المتحف الوطني بدمشق. ومن أشهر التماثيل السورية الهلنستية تماثيل تيكه ربة أنطاكية الحامية لها، ومن أشهرها تمثال ربة السعادة المحفوظ في متحف الڤاتيكان، وأكثر هذه التماثيل هي نسخ رومانية عن الأصل الهلنستي.
    وفي دورا أوروبوس عثر على تماثيل أخرى، أهمها تمثال أفروديت وتماثيل فخارية أخرى.
    ب - في مصر
    وفي مصر اكتشف تمثال النيل المرمري المحفوظ في متحف الڤاتيكان، وقد مُثِّل على شكل شيخ وقور عار متكئ يحتضن ستة عشر طفلاً بشاعرية جميلة، ويستند بذراعه اليسرى على تمثال لأبي الهول، وتنحدر لحيته على صدره كأنها أمواج البحر، تقبض يده اليمنى على سنابل القمح واليسرى على قرن الخصب الذي تسيل منه الأمواه. ويمثل هذا التمثال وادي النيل أروع تمثيل.
    جـ - في اليونان وآسيا الصغرى
    أقام الملك أثال الأول Attale Ier في مدينة برغامون Pergamon على الأكروبول آبدة لتخليد انتصاراته، وجعل على قاعدتها تماثيل برونزية عدة تمثل الغاليين المقهورين، ومنها تمثال الغالي المحتضر وقد سقط على ترسه عارياً، وتمثال المحارب الغالي اليائس الذي قتل زوجته حتى لا يقعا أسيرين.

    جرة لشرب الخمر زينت بأدوات موسيقية (150-100ق.م)
    وأهم آثار هذه الآبدة الألواح الحجرية المحفوظة في متحف برلين والتي كانت تزين مذبح زيوس وأثينا، وتشاهد في إفريز المذبح تماثيل الآلهة الإغريقية تتقاتل. ومن أشهر هذه الألواح لوح يمثل إله الشمس (سيلته) يصارع عملاقاً، ولوح زيوس يهز العاصفة، ولوح العملاق يقبض على الإلهة أثينا. ويلاحظ في أسلوب هذه الألواح الوحدة في الإيحاء والإلهام، وكان النتوء غير ظاهر تماماً كما لو كان تصويراً. وقد سجلت أسماء النحاتين على الألواح.
    وفي رودوس Rodos كان من أشهر النحاتين كاريس Charès تلميذ النحات الإغريقي ليسيب[ر] Lysippe، ومن أشهر أعماله تمثال الشمس، ويعدّ واحداً من العجائب.
    وفي جزيرة ساموتراكِه Samothraké عثر على تمثال ربة النصر المجنحة الموجود في واجهة متحف اللوڤر. كما عثر في جزيرة ميلو Milo على تمثال ڤينوس الشهير رائعة متحف اللوڤر.
    ومن أشهر التماثيل تمثال لاوكون Laocoon كاهن طروادة الذي نصح مواطنيه أن يرفضوا خديعة الحصان الخشبي، فكان جزاؤه من أثينا أن دسّت له ثعابين تحيطه مع ولديه، ويحاول هو عبثاً إزاحتها، وهو محفوظ في متحف الڤاتيكان ونسخة منه في ساحة فلورنسا، وهي نسخ رومانية تعود إلى عام 50 ق.م.
    واشتهر النحات دوادالسيس Doidalsès، وقد أنجز تمثال أفروديت Aphrodite - ڤيينا المحفوظ في متحف اللوڤر (جالسة القرفصاء)، كما اشتهر النحات بويثوس Boethos؛ وله تمثال «الطفل والإوزّة» المحفوظ في متحف اللوڤر أيضاً.
    ومن أبرز المنحوتات الماثلة على الأواني إناء بورغيز المرمري، وارتفاعه 1.71م، ويعود إلى القرن الأول ق.م. وقد برز على سطحه نحت بارز يمثل «الساتير» وتابعات ديونيسوس Dionysos، ينفخون بالمزامير، ويرقصون حول ديونيسوس وزوجه آريان Ariane، ويعلو المشهد الدائري إفريز من عناقيد العنب.
    عفيف البهنسي
يعمل...
X