قدمت اللوحات مشاهد من تاريخ وأماكن مصرية متنوعة وللمرأة حضور طاغ
مي إبراهيم
تجربة فنية تستلهم التراث الشعبي المصري، وتعكس لوحاتها مشاهد متنوعة من وحي الأحياء الشعبية والأشخاص البسطاء، معتمدة على ألوان مشرقة، تنقل حالاً من البهجة إلى المتلقي الذي غالباً ما سيجد مشهداً من حياته أو ذكرياته في تلك اللوحات.
وفي معرض طاهر عبدالعظيم الذي جاء تحت عنوان "بلدي"، ويستضيفه غاليري كليج بالقاهرة، يقدم الفنان توليفة تحمل طابعاً من الأصالة، وإبداعاً من وحي مصر عبر لوحات تتنوع فيها الخامات، ما بين الألوان الزيتية والمائية والأكريليك.
حضور طاغ للمرأة
يقول طاهر عبدالعظيم، الذي يجمع بين الجانب الأكاديمي بوصفه أستاذاً متخصص في الفنون الجميلة والفن باعتباره مبدعاً، "الفن تعبير عن حال إنسانية للفنان، يتأثر بها ويؤثر فيها، هو مرآة لما بداخل الشخص، ولما يتفاعل معه، ما أقدمه هو ناتج من ثقافتي واهتماماتي والبيئة المحيطة التي نشأت فيها، وأتعامل معها، ويشمل هذا كل أنواع الفنون، ولا يقتصر فقط على الفن التشكيلي. الأديب نجيب محفوظ وصل إلى العالمية بإغراقه في المحلية، وبتعبيره البارع عن بيئته المحيطة التي هو ابن لها في القاهرة القديمة، ويمتد هذا إلى الفنانين كافة، فنراه في الفنانين الفطريين الذين يرسمون مشاهد من بيئتهم المحلية".
ويضيف عبدالعظيم، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "اطلعت على كثير من التجارب والمدارس الفنية حول العالم، لكني لم أجد نفسي إلا في مصر بتراثها الشعبي الذي حرصت على أن يكون عنواناً رئيساً لتجربتي الفنية على مدار السنوات، فهذا عالمي وهذه هي ثقافتي وحياتي".
تحضر المرأة بقوة في لوحات طاهر، إذ كانت البطلة في بعض المعارض التي كانت تيمتها الأساسية. وعن ذلك يقول "المرأة المصرية تتحمل كثيراً من الأعباء، وتسعى جاهدة للموازنة بين أسرتها وتحقيقها ذاتها، وألمس هذا في النساء من حولي، هن يناضلن بين مسؤوليات كثيرة، وبهن تستمر الحياة، ومن هنا فإن المرأة كانت حاضرة دائماً وبشكل أساسي في أعمالي كنوع من التكريم لجهودها وتقديراً لدورها الكبير في حياتنا وكشكل بسيط من أشكال رد الجميل، فهي الحب والسلام والحياة والتاريخ المليء بالعطاء".
نكهة مصرية
رموز متعددة من الحضارة المصرية القديمة والتراث الشرقي ظهرت في لوحات المعرض منحته نكهة مصرية، يقول عنها عبدالعظيم "جسدت مشاهد متنوعة من بقاع ومدن مختلفة من الشمال إلى الجنوب، فتجلت الأهرامات والمناطق الساحلية والحارة المصرية، وكذلك موتيفات مستوحاة من مصر القديمة، مثل زهرة اللوتس وعين حورس، إضافة إلى المعمار الإسلامي الذي كان تجسد في مآذن المساجد التي تتميز بها القاهرة".
وعن أقرب اللوحات إليه، يحكي "لوحة أصور فيها الحب بمفهوم شامل بين الرجل والمرأة في حالات مختلفة، الملك والملكة، الفلاح والفلاحة، وتظهر في اللوحة مفردات مصرية متنوعة، مثل سنابل القمح وجرة الماء، وفي أرضية اللوحة مجرى النيل الذي يمتد من الأزل إلى الأبد، هذه اللوحة من الأقرب إلى قلبي في هذا المعرض باعتبار أنها تلخص كثيراً من عناصر البيئة المصرية".
ويضيف "التراث المصري يستلزم معه عناصر أساسية، من بينها الشخوص والأماكن الشعبية المختلفة التي تميز المجتمع المصري، وكذلك المناسبات أو الاحتفالات الشعبية بطابعها الفريد، وجميع هذه العناصر حاضرة بأشكال مختلفة في المعرض الأخير".
السيرة النبوية برؤية تشكيلية
في معرض سابق قدم طاهر عبدالعظيم رؤية تشكيلية للسيرة النبوية فيما يزيد على 40 لوحة فنية صورت مشاهد من وحي السيرة النبوية واعتمدت مفرداتها الشهيرة، وعنها يقول "الفنان يعبر عن ذاته في أعماله، والسيرة النبوية هي جزء رئيس من تكويني، المعتقد الديني له انعكاس كبير على الشخص، وهذا المشروع دفعني إلى البحث وتقديم تصور وإعادة صياغة لقيم موجودة بالفعل".
ويختتم، "تواكب تنفيذي لهذا المشروع مع حادثة الرسوم المسيئة للرسول، لكني كنت رافضاً لأشكال التعبير غير السلمي والأفعال العصبية التي قام بها بعض الناس، إنما رأيت أن أعبر باستخدام أدواتي التي أمتلكها كفنان وأحاول توصيل رسالة سلمية عن طريق الفن".