فاروق الباز مشاهد فارقة في حياته وآراء جريئة في جوانب شتى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فاروق الباز مشاهد فارقة في حياته وآراء جريئة في جوانب شتى

    فاروق الباز مشاهد فارقة في حياته وآراء جريئة في جوانب شتى


    ابن الأسرة البسيطة الذي أصبح من أهم العاملين في ناسا.
    السبت 2023/03/11
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    الباز يرى أن السبب الأساسي في وصوله إلى ما هو عليه الآن هو التربية الصالحة وسط عائلة سعيدة هانئة

    يعد الدكتور فاروق الباز، العالم المصري الذي نشأ في أسرة بسيطة، نموذجا مثاليا في العالم العربي، فلم تمنعه الغربة من الاهتمام بأهم القضايا الراهنة في بلده والمنطقة العربية وفسحت له تجربته الرائدة في وكالة الفضاء الأميركية أن يمنح بلده في فترة ما جزءا من خبراته. وهو اليوم يمتلك تقييمه القيّم لعدد من الملفات وعلى رأسها التعليم والإدارة.

    د. فاروق الباز حصل على شهادة البكالوريوس من كلية العلوم (كيمياء – جيولوجيا) عام 1958 في جامعة عين شمس بمصر، ثم حصل على شهادة الماجستير في الجيولوجيا عام 1961 من معهد علم المعادن بميزوري الأميركية، كما حصل على عضوية جمعية سيغما كاي العلمية، ومن ثم نال شهادة الدكتوراه عام 1964، وتخصص في الجيولوجيا الاقتصادية.

    شغل الباز منصب سكرتير لجنة اختيار مواقع هبوط سفن برنامج أبولو على سطح القمر، وكان رئيسا لفريق تدريبات رواد الفضاء في العلوم عامة وتصوير القمر خاصة، وكلّف بالإشراف على أبحاث التجارب الخاصة بالمراقبات الأرضية من الفضاء والتصوير في مشروع الرحلة الفضائية المشتركة (أبولو - سويوز) في عام 1975.

    الباز يعتبر أن الرئيس أنور السادات أعظم من حكموا مصر، وأنه شخصية فارقة في تاريخ مصر الحديث

    صدر للباز 12 كتابا منها “أبولو فوق القمر”، “الصحراء والأراضي الجافة”، “حرب الخليج والبيئة” و”أطلس لصور الأقمار الصناعية للكويت”. ويشارك في المجلس الاستشاري لعدة مجلات علمية عالمية. كما أن له أكثر من 540 ورقة علمية منشورة، سواء قام بها وحيدا أو بمشاركة آخرين، بخلاف إشرافه على العديد من أطروحات الدكتوراه.

    حصل العالم المصري على ما يقرب من 31 جائزة، منها جائزة إنجاز أبولو، الميدالية المميزة للعلوم، جائزة تدريب فريق العمل من ناسا، جائزة فريق علم القمريات، جائزة فريق العمل في مشروع أبولو الأميركي – السوفييتي، جائزة ميريت من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات، كما حاز الباز على العديد من الجوائز العلمية من الولايات المتحدة ومن جامعات وهيئات علمية كثيرة حول العالم، ومن ضمنها جائزة الاستحقاق من الدرجة الأولى المصرية من الرئيس السادات، وجائرة الامتياز العلمي والتكنولوجي من ناسا.

    في حياة هذا العالم عدة مشاهد هامة منها أربعة كانت فارقة، وهي مشهد جلوسه على سلم أحد مدرجات الجامعة أثناء إلقائه محاضرة على الطلبة، والذي أحدث مقارنة لا إرادية بينه وبين بعض أساتذة الجامعة في الجامعات المصرية، وكانت النتيجة بالطبع لصالحه، ومشهد والدته حين زارت ناسا لحضور انطلاق الصاروخ ضمن “أبولو - سويوز” حين أبهرت بذكائها الفطري مدير المشروع و6 علماء آخرين استدعاهم للإجابة عن أسئلتها، ومشهد عودته إلى مصر ومعه دكتوراه في الجيولوجيا، وزميل له معه دكتوراه في الطاقة النووية ليفاجآ بالروتين القاتل لأي طموح، والذي راح بالفعل زميله ضحية له، أما الموقف الرابع فهو تسلمه جائزة الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات.
    سر النجاح



    الباز تسلم أكثر من جائزة من السادات


    ذات يوم قال له والده “أعط تُعطَى”، يؤمن بهذه المقولة ويسير على خطاها ولا يحيد عنها، ربما كانت أحد أسرار نجاحه ومحبة الجميع له.

    لديه أربع أميرات، فهو “أبوالبنات”، ويعبر عن فخره بهن وبما وما وصلن إليه من مكانة مجتمعية وعائلية.

    ومنذ بدأت جائحة كورونا لم يتمكن العالم المصري من زيارة وطنه وعائلته، حتى أنه يفتقد إلى التعرف على التغيرات العائلية الدائمة.

    ويدعم العالم المصري المرأة بشدة، ودائما ما يفتخر بملكات مصر القديمة اللاتي كانت فترة حكمهن من أزهى العصور لكنه يعتبر أن “مكانة المرأة في مصر كانت وما زالت في نظري بعض الشيء لا تعلو إلى مكانة الرجل في العمل. هذا في نظري خلل اجتماعي يتفشى في كل المجتمعات المتخلفة. إذا تعلمت المرأة مثلما تعلم الرجل فلها الحقوق الكاملة وعلى كل المؤسسات أن تحترمها وتساوي تعاملها مع الرجل. نحن حاليا نحتاج إلى عقول أحسن المواطنين بغض النظر إن كانوا ذكورا أم إناثا فلقد خلقنا الله سواسية”.

    وتصدر مشهده جالسا على سلالم أحد مدرجات المحاضرات بالجامعة وسائل التواصل الاجتماعي، حتى صارت الصورة الأيقونة للتواضع والبساطة، رغم الدرجة العلمية والعالمية، حتى أنها جعلت بعض الشباب يقارنون بين الصورة التي قدمها الباز وبين بعض أساتذة الجامعة في كلياتهم.

    ويرى الباز أن السبب الأساسي في وصوله إلى ما هو عليه الآن هو التربية الصالحة وسط عائلة سعيدة هانئة كان قائداها الشيخ محمد الباز وزوجته العظيمة زاهية أبوالعطا حمودة وكلاهما من عائلات مرموقة في قرية طوخ الأقلام مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية.


    في حياة هذا العالم عدة مشاهد هامة منها مشهد جلوسه على سلم أحد مدرجات الجامعة أثناء إلقائه محاضرة على الطلبة


    ويشير إلى أنه لم يتوقع أبدا أن يتلقى رسائل وتعليقات عن صورته وهو جالس على مدرجات الجامعة لأنه دائما ما يجلس بتلك الطريقة ولأن ذلك التصرف طبيعي جدا لكى يشعر كل الطلبة والطالبات أنهم على مستوى واحد “إنسانيا” مع أستاذهم.

    وفي تقييمه للعمل الإداري في مصر، يرى الباز أن سوء الإدارة ما زال متفشيا في كل الدوائر الحكومية وحتى في بعض المتاجر والمحلات. وهو يعتقد أن ذلك يرجع إلى عدم ضرب المثل المتميز في الإدارة بواسطة أولي الأمر في المواقع الحكومية الهامة أو العالية. لذلك لا بد من وجود وسيلة للخروج من هذه الدائرة المشينة والتي ينتج عنها تحطيم آمال الشباب وصبغتهم بكراهية للإنتاج للصالح العام وشعورهم بالنقص؛ لأنه لا أحد يشجعهم ليزيد من همتهم.

    أما عن صورة والدته في ناسا، فيستذكر الباز لي شيرر الذي كان مسؤولا عن “التجارب العلمية” في رحلات أبولو إلى القمر؛ وعمل معه ست سنوات في إدارة ناسا أثناء رحلات أبولو إلى سطح القمر. بعد انتهاء مشروع أبولو عين هو رئيسا لمركز كينيدي (أو كيب كنافيرال) بولاية فلوريدا، وعين الباز رئيسا لمركز دراسة الأرض والكواكب في معهد سميسثونيان بالعاصمة واشنطن. فاختارت إدارة ناسا العالم المصري ليخطط لرحلة “أبولو – سويوز” الأميركية – السوفييتية المشتركة.

    ويحكي لـ”العرب” أنه “في صيف 1985 دعوت والدتي للزيارة حيث آثرت أن ترى بنفسها انطلاق واحد من صواريخ أبولو. وعندما أخبرت الكابتن لي بهذا أصر أن يرسل سيارته الحكومية تقابلنا بالمطار قائلا ‘تعال إلى المكتب مع عائلتك ووالدتك لشرب القهوة أولا ثم تأخذها لترى المركز’. وقد كانت أمي تسأله أسئلة ذكية للغاية، وطلب من مساعديه العلماء واحدا تلو الآخر أن يجيبوا عليها، وجلسنا جميعا نتابع أسئلتها الذكية وإجابات الخبراء، ثم قرر أن يأخذنا جميعا لرؤية الصاروخ في موقع الإطلاق حتى يشرح لوالدتي بالتفصيل. وفى النهاية قالت والدتي: ربنا كان محوشني لليوم ده (…) عشان النهاردة أنا شفت مصارين أبولو”.

    وفي حين أن ناسا مكنت الشباب في سن 26 عاما، ومنهم الباز الذي كان في سن 29 عاما عندما شغل منصب سكرتير عام لجنة اختيار مواقع الهبوط لست رحلات إلى القمر، فإن الدول العربية لم تمكن بعد الشباب من تولي مناصب مهمة.

    ويرى الباز أن “أصل الخيبة في مصر ومعظم بلاد العالم العربي هو عدم الاعتماد على حديثي التخرج في إنجاز العمل ومعلوماتهم ما زالت طازجة قبل أن تصدأ نتيجة للإهمال وعدم الاحترام. ليس هذا سببه الواسطة أو الكوسة -كما نقول بمصر- ولكن السبب الأساسي هو جهل رؤساء العمل أو خوفهم من أن ينبغ من هو ‘لسه طالع من البيضة’ ويقوم بعمل أرقى من عملهم”.
    علاقته بالسادات



    يعتبر الباز أن الرئيس السادات من أعظم من حكموا مصر، وقد عرفه عن قرب، ويرى أنه شخصية فارقة في تاريخ مصر الحديث. فطن بأن الثورة المصرية خلال عصر الرئيس جمال عبدالناصر أخطأت كثيرا في حكم مصر. وظن أن ذلك كان سببا في تراجعها في كثير من الأمور اقتصاديا وسياسيا، أي مكانتها بين باقي الدول.

    لقد فطن مثلا أن تقسيم الأراضي الزراعية بشكل قسري نتج عنه قلة الإنتاج الزراعي. فطن أيضا أن البناء على أراضي وادي النيل قد كبل أيدي الدولة وجعلها تسعى دائما للتسول بين دول وبنوك العالم لكي تقترض لشراء ما يلزم من حبوب لإنتاج الخبز وهو أول مكونات الغذاء منذ عهد قدماء مصر. ولقد كان الإغريق والرومان يتباهون بأن أكلهم وخاصة الخبز كان من إنتاج مصر صاحبة أجود أنواع الحبوب (وخاصة القمح) بالعالم أجمع.


    الباز تسلم أكثر من جائزة من السادات، منها جائزة الاستحقاق من الدرجة الأولى، وجائزة ميريت من الدرجة الأولى، بخلاف جوائز أخرى عالمية


    وهذا في حقيقة الأمر رمز من رموز مصر منذ فجر التاريخ. على سبيل المثال توجد كتابات على كتل أهرام الجيزة توكد أن العاملين في بناء الهرم الأكبر كتبوا على أحد أحجاره “ملكنا رجل عظيم لا ينسى أحدا.. كل منا يأتيه في نهاية العمل كوز خبز (من القمح كعادة المصريين من فجر التاريخ) ومعه مشروب ممتع”. ولأن الرئيس السادات كان يفهم ذلك جليا فقد كان أهم ما فعله هو منع الوزارات والمؤسسات الحكومية من البناء فوق الأرض الصالحة للزراعة. إضافة إلى ذلك فقد شدد على دراسة صحارى مصر من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق والغرب.

    ويوضح “لهذا السبب فإني قد بدأت في دراسة الصحراء الغربية، والتمعن في إمكانية الأراضي التي تسمح لمعيشة الناس وكذلك بدأنا في دراسة الصحراء الغربية لأنها أوضحت آثارا عديدة لماض كانت تهطل فيه أمطار غزيرة، ولذلك ربما وجدنا هناك بعض هذه المياه قابعة على شكل مياه جوفية (وللعلم فهناك موقع يسمى شرق العوينات والذي يزرع فيه الكثير من القمح لإنتاج الخبز وكذلك ينتج فيه معظم أكل الجيش المصري)”.

    ويقول إن السادات “لم يكن يعطي الأوامر وهو بمكانه في القاهرة وحسب ولكنه كان دائم الترحال لتقصي الأمر بنفسه بعيدا عن وزرائه ومساعديه وأي من المسؤولين. على سبيل المثال سألني مرة أن أخطط لكي أريه شخصيا بعض ما ذكرت له نتيجة لأبحاثنا بالصحراء الغربية. خصص 15 يوما للترحال إلى أهم الأماكن بوجودي، ومعه رئيس الوزراء ممدوح سالم، بطائرة هليكوبتر لكي يرى بنفسه لكي يكون مطمئنا أنها تصلح لمعيشة الناس وخاصة لإنتاج ما يكفي من غذاء للإنسان والحيوان. لا يفعل ذلك أبدا رئيس دولة مشغول عالميا بمشكلة فلسطين إلا إذا كان همه الأول هو الخير والمستقبل الكريم لأبناء بلده”.

    تسلم الباز أكثر من جائزة من السادات، منها جائزة الاستحقاق من الدرجة الأولى، وجائزة ميريت من الدرجة الأولى، بخلاف جوائز أخرى عالمية.

    وهو يرى أن بعض العلماء لا يكرمون في بلدهم إلا بعد أن يكرموا دوليا، وذلك حقيقي ويحدث في حالة الحكومات المشغولة في أمورها هي، أي مكانة وثراء أعضائها وأقاربهم ومعارفهم. أما الحكومات التي تعلم أن عملها لصالح الناس يستلزم التعرف على ما يقومون به ودعمهم، وتشجيع النوابغ منهم لرفعة الوطن وكل العاملين فيه، فتقوم دوريا بلقاءات مع علمائها وباحثيها وتقديم الشكر والتقدير والجوائز للممتازين بينهم.

    مثلا، جيمس ويب أول رئيس لناسا كان يعمل في مكتبه يوما واحدا في الأسبوع لقراءة التقارير وإمضاء الخطابات. باقي الأسبوع كان يتنقل بين مراكز ناسا الخمسة في لقاءات مع رؤساء الأقسام. كانت رسالته لرؤساء الأقسام هي “شغلتكم الوحيدة هي دعم وتشجيع كل من يعمل تحت قيادتكم فردا فردا وحثهم للقيام بأكثر ما هو يعتقد أنه قادر عليه، إذا فعلتم هذا فسوف نسبق الروس ونصل إلى القمر، وإن لم تفعلوا فسوف يصل السوفييت قبلنا ونخسر السباق”. لذلك فإن الدول المتقدة والتي يحكمها من يفهم ذلك تزداد تقدما. أما الدول الأخرى فتبقى عالة على الإنسانية لأنها تستهلك ولا تنتج ثمارا.
    تقييمه للواقع



    لولا السفر إلى الخارج لما حقق ما حققه


    ما حصده الباز وجيله كان نتاج التعليم في الحقبة الملكية، وهو من أشد المطالبين بإصلاح التعليم حاليا، قائلا “تعلمت وجيلي في مدارس وزارة التربية والتعليم. معنى ذلك أننا كنا نتربى ونتعلم. كنا نصل إلى المدرسة قبل الوقت ونقف نتسامر ثم نخرس عندما نسمع الصفير ونهرول، فكل واحد منا يقف في صفوف يعرف مكانه فيها تماما دون هراء. عند ذلك يرفع ناظر المدرسة علم مصر في ذلك الوقت وكلنا نعظم إجلالا واحتراما. ثم نعيد ما يقول القائد المختار من السنة الأخيرة لتحية الملك ومصر والسودان (لأنهما كانتا في اتحاد تحت ملك مصر). تبدأ بعد ذلك مسيرة الطلبة من السنة الأولى إلى الأخيرة بانتظام وهدوء كامل لأننا كنا نعتقد أن من يلفظ حرفا يعاقب فورا. هذا كان جزءا من التربية حيث تعرفنا أن كلا منا جزء من مجموعة علينا أن نحترم نظامها لأنها تتحكم بأمان ونظام للصالح العام”.

    أما عن التعليم فكان أهم ما فيه هو “الهيبة من المعلم أو المعلمة”، حيث يقول “كنا نعلم جميعا أن المعلم كاد أن يكون رسولا، فإذا كنا مثلا في الطريق إلى المنزل، نتكلم أو نضحك ورأينا معلما كنا نخرس حتى يمر دون أن يلاحظ أننا نتحدث بصوت عالٍ، أو بألفاظ رديئة؛ لأننا كنا نتعلم أن للمعلم مكانة راقية ولا يجب أن يرى تلاميذه في هراء أو صوتهم عال في الطريق”.

    من كل هذا نجد أن “التربية والتعليم في زماننا كانت لها مكانة خاصة بالمجتمع، وكان القائمون عليها نخبة من أناس يعلمون أهميتها في خلق جيل جديد يتصف أولا بحسن الأخلاق والوطنية، وثانيا بالإصرار على جمع العلم والمعرفة من المهد الى اللحد”.

    ويمتلك الباز تقييمه الخاص للوسط الجامعي المصري، فمثلا يفسر شكوى بعض الطلبة من تعسف بعض الأساتذة الجامعيين بأنه يعود إلى تدهور الأخلاق عامة والتي تدهورت بعد ثورة 1952، لأنه قيل للناس أن كل ما كان قبل الثورة كان سفاهة وقلة أخلاق، وعلى أهل مصر أن يسمعوا ويسيروا في معية القائمين على الثورة ولا أحد غيرهم.


    تكريم مستحق


    ويعبر الباز عن أسفه الكبير لسماعه بقصص انتحار طلبة متفوقين أكاديميا؛ لأنه كان لمثل هؤلاء معزة خاصة مع أساتذتهم، وكانوا يساعدون زملاءهم على الدوام، ويقول “أنا كنت رياضيا وشاركت عاما في كل الفرق التي مثلت جامعة عين شمس في الهوكي وكرة القدم والكرة الطائرة. وساعدتني زميلاتي بالدراسة في جمع ما ضاع مني لعدم حضور محاضرات عديدة. أي أن الرياضة لا تعني إحباطا في العلم”.

    مثلما انتشرت صورته جالسا على سلالم إحدى المدرجات الجامعية، انتشر له فيديو يتحدث فيه عن زميل له في الدراسة حصل على دكتوراه في الطاقة النووية، وحصل الباز على دكتوراه في الجيولوجيا، ليعودا ليستلما عملهما، وكانت وظيفة زميله في فيزياء الصوت والضوء، وعند رفضه استلام الوظيفة أحضرته الشرطة من بيته، لأنه وقع على استلام العمل، ومات في سن مبكرة مقهورا، هذه القصة المؤلمة التي تؤكد أنه لولا تداركه لأمر توقيع العقد، لكان ربما لاقى نفس مصير زميله، ولكنه أيضا يؤكد للشباب أنه لولا السفر إلى الخارج لما حقق ما حققه، وبهذا المثال وغيره، أصبح الشباب طامحين في الهجرة إلى الخارج، الأمر الذي قد يراه البعض أثر بشكل ما على قضية الانتماء، حتى أن البعض يقول “الوطن ليس البلد الذي ولدت فيه، ولكن الوطن الذي احتضنك ورعاك”.

    ويرى الباز أن الهجرة لا تعني مفتاحا سهلا لحياة كريمة أبدا. ففي معظم المدن الأساسية في الولايات المتحدة -نيويورك مثلا- هناك أعدادا غفيرة من خريجي الجامعات المصرية يعملون في بيع سندوتشات طعمية وفول في عز الشتاء.

    في حين أن كل الدول العربية، وخاصة دول الخليج العربي الست، تفتح أبوابها لخريجي الجامعات المصرية المؤهلين للعمل في المجالات المختلفة وخاصة في الهندسة المعمارية والمحلات العامة.

    وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم، ومنها مصر، ينصح الباز الشباب بألّا يبدأوا “في التفكير بالزواج وإشباع غريزة الحب واللهو دون أن يكون في مقدرتهم إيجاد ما يلزم من بيئة تسعد فيه المحبوبة. الحب وحده لا يكفي لإرساء حياة سعيدة هانئة. البيئة المطلوبة لا تتكون إلا إذا استطاع الشاب أن يؤهل العيش الكريم له ولمحبوبته وأبنائهما. لا يمكن هذا في العصر الحديث إلا بعد، أولا: الحصول على شهادة ما. وثانيا: العمل في مكان يدفع ما يؤهل للعيش الكريم. بعد هذا يستطيع الشاب أو الشابة الزواج من الذي يؤهل للعيش السعيد وتربية عائلة سعيدة هانئة”.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    منى لملوم
    كاتبة مصرية
يعمل...
X