نازلي مدكور رسامة الأقلية السعيدة
الفن يعيد صياغة العالم واكتشاف ما نعرفه.
الأحد 2023/02/19
أيقونة مصرية تصنع من الرسم الخالص قضية لها
مثلما فعل الرسام الفرنسي كلود مونيه مع زهوره المائية، فإن نازلي مدكور يمكنها أن تستمر في رسم الربيع إلى ما لا نهاية، من غير أن يتكرر المشهد الذي ترسمه. ما من ورقة وما من زهرة وما من شجرة ترسمها الفنانة إلا وتظهر مرة واحدة. من لوحة إلى أخرى لا شيء يتكرر حتى وإن كان الموضوع واحدا.
"العالم لم يتغير" يمكنها أن تقول وهي تقصد "نحن الذين نتغير". تهبنا مدكور العالم الذي ألفناه وعشنا فيه لتقنعنا بصريا أننا لم نره من قبل. متعة الرسم لديها تنتقل مثل عدوى إلى المشاهد لتضعه في جوهر الطبيعة. ذلك الجوهر الذي لا تصل إليه الحواس مباشرة.
لا تهمها التفاصيل كثيرا، بالرغم من أن كل ضربة فرشاة لا تخطئ طريقها إلى مكانها المناسب. المكان الذي يستدعيها على سطح اللوحة. المشاهد التي ترسمها تظل حية، طازجة ولينة تنعش العين برذاذها اللوني. غير أن تلك المشاهد لا تحيل إلى الطبيعة. صحيح أن كل شيء في تلك المشاهد مستلهم من الطبيعة، غير أن الفنانة صنعت من كل ما رسمته شيئا آخر عن طريق الارتجال.
كل هذه الخفة التي تظهر في رسوم مدكور ليست من نتاج النظر المباشر. إنها خفة روحية تزيح عن المرئيات كثافتها المادية. تعريها من زينتها لتحتفي بجمالها الحقيقي، وهو الجمال الذي يقترحه الفن.
تكمل نازلي مدكور الطريق الذي بدأه أسلافها الانطباعيون، غير أنها تنحرف بالانطباع إلى هدف مختلف. وهو ما يؤهلها لأن تكون الفنانة العربية الوحيدة التي تنتمي إلى تيار الانطباعية الجديدة. وهو تيار حداثوي يكسر الحدود بين التشخيص والتجريد، ذاهبا إلى ما هو أبعد من المشهد الطبيعي من غير أن يجرده تماما.
حين يتحرر الجمال
◙ نازلي مدكور تستلهم حريتها من علاقة يقيمها الرسم بالطبيعة وهي مزيج من الشغف المجنون بالجمال الطبيعي
لذلك تستلهم نازلي مدكور حريتها من علاقة يقيمها الرسم بالطبيعة هي مزيج من الشغف المجنون بالجمال الطبيعي والرغبة في أن يتحرر ذلك الجمال من صورته الجاهزة، ليخلص إلى جوهره.
ولدت نازلي مدكور في القاهرة عام 1949. درست السياسة والاقتصاد وعملت خبيرة في المجالين، في مكتب الأمم المتحدة في مصر ثم أصبحت خبيرة اقتصادية في مركز التنمية الصناعية التابع للجامعة العربية. تزوجت وأنجبت. غير أن كل تلك النجاحات الاجتماعية والمهنية لم تنسها ولهًا قديما بالرسم.
التحقت بمدرسة فنية لمدة سنة ونصف السنة ثم سافرت إلى إيطاليا لتلتحق بجامعة متخصصة بالطلاب الصيفيين. حين أقامت معرضها الشخصي الأول وفوجئت بالإقبال عليه قررت أن يكون الفن مصيرها فاعتزلت العمل الإداري في مجال الاقتصاد لتتفرغ للفن.
◙ الواقع الوحيد الذي تؤمن به الفنانة هو ذلك الذي يتشكل في لوحاتها من خلاله نستغرق في تفاصيل حياة مجاورة
حياة ليست عادية، فهي تنطوي على قدر عظيم من التضحية من أجل الفن في بلد مثل مصر، الوظيفة فيه، إن كانت من نوع الوظائف التي شغلتها نازلي، تعني وضعا اقتصاديا مريحا.
تذكّرني نازلي هنا ببول غوغان الرسام الفرنسي الذي ترك وظيفته في البورصة ليستسلم لرياح الرسم التي أخذته إلى آخر الأرض في تاهيتي.
بدلا من أن تذهب إلى آخر الأرض ذهبت نازلي إلى آخر الرسم. وهو ما يجعلها من وجهة نظري مطمئنة إلى أنها لن تكون جزءا من الوصفة الجمالية المصرية.
نازلي هي أخرى بالرغم من أنها تكمل بنضالها وكدحها اليومي مسيرة نساء مصريات عظيمات ناضلن من أجل أنوثة الرسم. جاذبية سري وتحية حليم وإنجي أفلاطون وسواهن من رائدات الرسم في مصر.
ما تتميز به نازلي أنها وهبت الرسم المصري الحديث شيئا من خارجه، بإمكانه أن يغير الكثير من العادات البصرية. ربما لأنها لم تدرس الرسم أكاديميا في مصر فلم تنتقل إليها عادات المعلمين. ربما لأنها جاءت من خارج المزاج الثقافي بمزاج تصويري مختلف.
غير أن المؤكد أن هذه الفنانة وهبت الرسم المصري الحديث فرصة أن ينفتح على تيار الانطباعية الجديدة. وهو تيار لم يتعرف عليه الفن في العالم العربي.
سليلة الشغب الجمالي
◙ رسوم نازلي تحيلنا إلى انطباع يقع في لحظة إشراق أو انخطاف شعري
من أجل أن يكون الربيع ممكنا تخترع نازلي مدكور ورودها. من وجهة نظرها فإن ذلك يعني أن يكون الفنان معاصرا وأيضا أن يكون الفن قادرا على صنع صورة مستعارة من الحياة المتخيلة. تحيلنا رسوم نازلي إلى انطباع يقع في لحظة إشراق أو انخطاف شعري. وهي لحظة عابرة لا تستند إلى شيء من الواقع.
الواقع الوحيد الذي تؤمن به الفنانة هو ذلك الذي يتشكل على سطوح لوحاتها. من خلاله نستطيع أن نستغرق في تفاصيل حياة مجاورة. وأيضا نكتشف لذائذ تأمل طبيعة مجاورة. هنا بالضبط يكون الفن ضروريا. إذ إنه بطريقة أو بأخرى يعيدنا إلى اكتشاف ما كنا رأيناه بطريقة عابرة من غير أن نقف أمام سحره.
◙ رسامة من نوع نازلي تقوم باستخراج رسومها من داخل السطح كما لو أنه خزانة لخيالها المشبع بالمشاهد الطبيعية
ما تفعله نازلي ليس غريبا عن الفن العالمي. هناك تجارب فنية سعيدة حاولت أن تظهر إعجابها بالطبيعة، لكن بطريقة متمردة ومشاغبة، تقدم هذيان الفن على العواصف التي ينطوي عليها صمت الطبيعة.
الانطباعيون الفرنسيون كلهم حاولوا أن يستفزوا الطبيعة حين استعرضوا مفاتنها وهي تتغير وفق مزاج متقلب. غير أن الأميركيين، وفي مقدمتهم سي تومبلي، سعوا إلى القبض على مزاج الطبيعة في حالته التجريدية الصافية.
وكما أرى فإن المصرية نازلي مدكور تسعى إلى التعريف بذلك المزاج عربيا. هي طراز آخر من الفنانين. ذلك الطراز الذي يعيد تخيل العالم لا من جهة كونه أيقونة ثابتة بل باعتباره مجموعة متلاحقة من التركيبات، التي تتمكن الفنانة من إعادة تركيبها في كل لحظة رسم.
ولا أبالغ إذا قلت إن روحا متفائلة تتخلل الهواء الذي يحيط برسوم مدكور، كما لو أنها الرسالة الخفية التي تسعى الفنانة إلى إيصالها إلى المتلقي لتجعله سعيدا. يمكنني القول إن نازلي تنتمي إلى الأقلية السعيدة في العالم العربي.
إعادة صياغة الرؤى
◙ خبرة نازلي بعالمها ليست من النوع الرياضي الذي يستند على فرضيات مسبقة
منذ سنوات طويلة تركت نازلي مدكور العادة التقليدية في رسم تخطيطات مسبقة للوحة. ليس لديها مصغرات قلمية. تتجه كما تقول مباشرة إلى قماشة اللوحة لترسم. وهو عمل يتطلب استعدادا روحيا مسبقا للرسم، لتلقي صدماته غير السارة وأخباره المفرحة على حد السواء.
◙ نازلي تقوم باستخراج رسومها من داخل السطح كما لو أن ذلك السطح يمثل خزانة لخيالها المشبع بالمشاهد الطبيعية
غير أن خبرة نازلي بعالمها ليست من النوع الرياضي الذي يستند على فرضيات مسبقة. ما ينقص لديها يكمله ما يزيد. وهي تعترف بأن خبرتها تتبلور مع كل لوحة جديدة تقبل عليها.
رسامة من نوع نازلي إنما تقوم باستخراج رسومها من داخل السطح كما لو أن ذلك السطح يمثل بالنسبة إليها خزانة لخيالها المشبع بالمشاهد الطبيعية. وهي مشاهد لا زمن محددا لها. ما تسميه الفنانة بالربيع هو الزمن كله. وهو مقياسها لجمال الحياة التي إن لم تكن جميلة في الواقع فعليها أن تكون كذلك في الرسم.
ولأنها تدرك أن اللعبة يمكن أن تنزلق بها إلى العبث فإن نازلي تمارس الكثير من الانضباط وهي تراقب كائناتها تنمو أثناء الرسم. فهي لا تكتفي بإعادة صياغة ما تراه بل وتعمل جاهدة على إعادة ما تتخيله. وهو ما يجعلها تقف في أحيان كثيرة على حافة التجريد.
نازلي مدكور التي صنعت من الرسم الخالص قضية لها وهبت الرسم المصري فرصة مثالية للخروج من عنق زجاجة الوصفة الجاهزة لتنفتح به على العالم.
◙ فنانة ذهبت إلى آخر الرسم ما جعلها جزءا من الوصفة الجمالية المصرية
انشرWhatsAppTwitterFacebook
فاروق يوسف
كاتب عراقي
الفن يعيد صياغة العالم واكتشاف ما نعرفه.
الأحد 2023/02/19
أيقونة مصرية تصنع من الرسم الخالص قضية لها
مثلما فعل الرسام الفرنسي كلود مونيه مع زهوره المائية، فإن نازلي مدكور يمكنها أن تستمر في رسم الربيع إلى ما لا نهاية، من غير أن يتكرر المشهد الذي ترسمه. ما من ورقة وما من زهرة وما من شجرة ترسمها الفنانة إلا وتظهر مرة واحدة. من لوحة إلى أخرى لا شيء يتكرر حتى وإن كان الموضوع واحدا.
"العالم لم يتغير" يمكنها أن تقول وهي تقصد "نحن الذين نتغير". تهبنا مدكور العالم الذي ألفناه وعشنا فيه لتقنعنا بصريا أننا لم نره من قبل. متعة الرسم لديها تنتقل مثل عدوى إلى المشاهد لتضعه في جوهر الطبيعة. ذلك الجوهر الذي لا تصل إليه الحواس مباشرة.
لا تهمها التفاصيل كثيرا، بالرغم من أن كل ضربة فرشاة لا تخطئ طريقها إلى مكانها المناسب. المكان الذي يستدعيها على سطح اللوحة. المشاهد التي ترسمها تظل حية، طازجة ولينة تنعش العين برذاذها اللوني. غير أن تلك المشاهد لا تحيل إلى الطبيعة. صحيح أن كل شيء في تلك المشاهد مستلهم من الطبيعة، غير أن الفنانة صنعت من كل ما رسمته شيئا آخر عن طريق الارتجال.
كل هذه الخفة التي تظهر في رسوم مدكور ليست من نتاج النظر المباشر. إنها خفة روحية تزيح عن المرئيات كثافتها المادية. تعريها من زينتها لتحتفي بجمالها الحقيقي، وهو الجمال الذي يقترحه الفن.
تكمل نازلي مدكور الطريق الذي بدأه أسلافها الانطباعيون، غير أنها تنحرف بالانطباع إلى هدف مختلف. وهو ما يؤهلها لأن تكون الفنانة العربية الوحيدة التي تنتمي إلى تيار الانطباعية الجديدة. وهو تيار حداثوي يكسر الحدود بين التشخيص والتجريد، ذاهبا إلى ما هو أبعد من المشهد الطبيعي من غير أن يجرده تماما.
حين يتحرر الجمال
◙ نازلي مدكور تستلهم حريتها من علاقة يقيمها الرسم بالطبيعة وهي مزيج من الشغف المجنون بالجمال الطبيعي
لذلك تستلهم نازلي مدكور حريتها من علاقة يقيمها الرسم بالطبيعة هي مزيج من الشغف المجنون بالجمال الطبيعي والرغبة في أن يتحرر ذلك الجمال من صورته الجاهزة، ليخلص إلى جوهره.
ولدت نازلي مدكور في القاهرة عام 1949. درست السياسة والاقتصاد وعملت خبيرة في المجالين، في مكتب الأمم المتحدة في مصر ثم أصبحت خبيرة اقتصادية في مركز التنمية الصناعية التابع للجامعة العربية. تزوجت وأنجبت. غير أن كل تلك النجاحات الاجتماعية والمهنية لم تنسها ولهًا قديما بالرسم.
التحقت بمدرسة فنية لمدة سنة ونصف السنة ثم سافرت إلى إيطاليا لتلتحق بجامعة متخصصة بالطلاب الصيفيين. حين أقامت معرضها الشخصي الأول وفوجئت بالإقبال عليه قررت أن يكون الفن مصيرها فاعتزلت العمل الإداري في مجال الاقتصاد لتتفرغ للفن.
◙ الواقع الوحيد الذي تؤمن به الفنانة هو ذلك الذي يتشكل في لوحاتها من خلاله نستغرق في تفاصيل حياة مجاورة
حياة ليست عادية، فهي تنطوي على قدر عظيم من التضحية من أجل الفن في بلد مثل مصر، الوظيفة فيه، إن كانت من نوع الوظائف التي شغلتها نازلي، تعني وضعا اقتصاديا مريحا.
تذكّرني نازلي هنا ببول غوغان الرسام الفرنسي الذي ترك وظيفته في البورصة ليستسلم لرياح الرسم التي أخذته إلى آخر الأرض في تاهيتي.
بدلا من أن تذهب إلى آخر الأرض ذهبت نازلي إلى آخر الرسم. وهو ما يجعلها من وجهة نظري مطمئنة إلى أنها لن تكون جزءا من الوصفة الجمالية المصرية.
نازلي هي أخرى بالرغم من أنها تكمل بنضالها وكدحها اليومي مسيرة نساء مصريات عظيمات ناضلن من أجل أنوثة الرسم. جاذبية سري وتحية حليم وإنجي أفلاطون وسواهن من رائدات الرسم في مصر.
ما تتميز به نازلي أنها وهبت الرسم المصري الحديث شيئا من خارجه، بإمكانه أن يغير الكثير من العادات البصرية. ربما لأنها لم تدرس الرسم أكاديميا في مصر فلم تنتقل إليها عادات المعلمين. ربما لأنها جاءت من خارج المزاج الثقافي بمزاج تصويري مختلف.
غير أن المؤكد أن هذه الفنانة وهبت الرسم المصري الحديث فرصة أن ينفتح على تيار الانطباعية الجديدة. وهو تيار لم يتعرف عليه الفن في العالم العربي.
سليلة الشغب الجمالي
◙ رسوم نازلي تحيلنا إلى انطباع يقع في لحظة إشراق أو انخطاف شعري
من أجل أن يكون الربيع ممكنا تخترع نازلي مدكور ورودها. من وجهة نظرها فإن ذلك يعني أن يكون الفنان معاصرا وأيضا أن يكون الفن قادرا على صنع صورة مستعارة من الحياة المتخيلة. تحيلنا رسوم نازلي إلى انطباع يقع في لحظة إشراق أو انخطاف شعري. وهي لحظة عابرة لا تستند إلى شيء من الواقع.
الواقع الوحيد الذي تؤمن به الفنانة هو ذلك الذي يتشكل على سطوح لوحاتها. من خلاله نستطيع أن نستغرق في تفاصيل حياة مجاورة. وأيضا نكتشف لذائذ تأمل طبيعة مجاورة. هنا بالضبط يكون الفن ضروريا. إذ إنه بطريقة أو بأخرى يعيدنا إلى اكتشاف ما كنا رأيناه بطريقة عابرة من غير أن نقف أمام سحره.
◙ رسامة من نوع نازلي تقوم باستخراج رسومها من داخل السطح كما لو أنه خزانة لخيالها المشبع بالمشاهد الطبيعية
ما تفعله نازلي ليس غريبا عن الفن العالمي. هناك تجارب فنية سعيدة حاولت أن تظهر إعجابها بالطبيعة، لكن بطريقة متمردة ومشاغبة، تقدم هذيان الفن على العواصف التي ينطوي عليها صمت الطبيعة.
الانطباعيون الفرنسيون كلهم حاولوا أن يستفزوا الطبيعة حين استعرضوا مفاتنها وهي تتغير وفق مزاج متقلب. غير أن الأميركيين، وفي مقدمتهم سي تومبلي، سعوا إلى القبض على مزاج الطبيعة في حالته التجريدية الصافية.
وكما أرى فإن المصرية نازلي مدكور تسعى إلى التعريف بذلك المزاج عربيا. هي طراز آخر من الفنانين. ذلك الطراز الذي يعيد تخيل العالم لا من جهة كونه أيقونة ثابتة بل باعتباره مجموعة متلاحقة من التركيبات، التي تتمكن الفنانة من إعادة تركيبها في كل لحظة رسم.
ولا أبالغ إذا قلت إن روحا متفائلة تتخلل الهواء الذي يحيط برسوم مدكور، كما لو أنها الرسالة الخفية التي تسعى الفنانة إلى إيصالها إلى المتلقي لتجعله سعيدا. يمكنني القول إن نازلي تنتمي إلى الأقلية السعيدة في العالم العربي.
إعادة صياغة الرؤى
◙ خبرة نازلي بعالمها ليست من النوع الرياضي الذي يستند على فرضيات مسبقة
منذ سنوات طويلة تركت نازلي مدكور العادة التقليدية في رسم تخطيطات مسبقة للوحة. ليس لديها مصغرات قلمية. تتجه كما تقول مباشرة إلى قماشة اللوحة لترسم. وهو عمل يتطلب استعدادا روحيا مسبقا للرسم، لتلقي صدماته غير السارة وأخباره المفرحة على حد السواء.
◙ نازلي تقوم باستخراج رسومها من داخل السطح كما لو أن ذلك السطح يمثل خزانة لخيالها المشبع بالمشاهد الطبيعية
غير أن خبرة نازلي بعالمها ليست من النوع الرياضي الذي يستند على فرضيات مسبقة. ما ينقص لديها يكمله ما يزيد. وهي تعترف بأن خبرتها تتبلور مع كل لوحة جديدة تقبل عليها.
رسامة من نوع نازلي إنما تقوم باستخراج رسومها من داخل السطح كما لو أن ذلك السطح يمثل بالنسبة إليها خزانة لخيالها المشبع بالمشاهد الطبيعية. وهي مشاهد لا زمن محددا لها. ما تسميه الفنانة بالربيع هو الزمن كله. وهو مقياسها لجمال الحياة التي إن لم تكن جميلة في الواقع فعليها أن تكون كذلك في الرسم.
ولأنها تدرك أن اللعبة يمكن أن تنزلق بها إلى العبث فإن نازلي تمارس الكثير من الانضباط وهي تراقب كائناتها تنمو أثناء الرسم. فهي لا تكتفي بإعادة صياغة ما تراه بل وتعمل جاهدة على إعادة ما تتخيله. وهو ما يجعلها تقف في أحيان كثيرة على حافة التجريد.
نازلي مدكور التي صنعت من الرسم الخالص قضية لها وهبت الرسم المصري فرصة مثالية للخروج من عنق زجاجة الوصفة الجاهزة لتنفتح به على العالم.
◙ فنانة ذهبت إلى آخر الرسم ما جعلها جزءا من الوصفة الجمالية المصرية
انشرWhatsAppTwitterFacebook
فاروق يوسف
كاتب عراقي