"عمل نهاري" فانتازيا وخيال علمي لمطاردة مصاصي الدماء
معالجة درامية تركز على سلاح الفامباير في مواجهة البشر.
ناب الفامباير سلاحه المستهدف
لم يبتعد المخرج السينمائي جي بيري عن صورة الفامباير التي قدمها زملاؤه السابقون، من رواد السينما والمجددين، لكنه أضفى على هذه الثيمة حيثيات جديدة جعلتها مادة درامية مشوقة تمزج بين سينما الخيال العلمي والفانتازيا.
تنوعت عبر تاريخ السينما التجارب والأساليب التي عالجت شخصيات حظيت بشعبية واسعة ووجد فيها الجمهور العريض تلك المواصفات الفريدة للشخصيات التي تتجدد بتجدد تلك التجارب وتنوّعها ومن ذلك إعادة تقديم شخصيات المخبرين والمجرمين المتسلسلين والجواسيس وزعماء المافيات.
وفي فيلم “عمل نهاري” للمخرج جي بيري سوف نكون مع نوع من الفانتازيا التي تمتزج بالعنف والرعب والخيال الواسع وتتعلق بإعادة إنتاج الشخصية السينمائية التي تتمثل في القاتل التقليدي ومصاص الدماء الفامباير الذي ربما لا يعلم الكثيرون أن بدايات ظهوره السينمائي كانت في بواكير السينما وفي مرحلتها الصامتة وذلك في العام 1913 في فيلم حمل اسم “الفامباير” للمخرج روبرت فينغولا. علاوة على ذلك يحصي موقع “آي أم دي بي” الشهير 150 فيلم فامباير منذ تلك البدايات حتى الآن.
على أننا هنا أمام معالجة فيلمية خيالية مختلفة لا تتعلق بالفامباير نفسه بل بأداته التي يستخدمها للاقتصاص من ضحاياه وهما النابان الشهيران بوصفهما مصدر قوته وسلاحه الوحيد ولهذا سوف يكون السؤال، ماذا لو تم سلب كائنات الفامباير ذلك السلاح وماذا لو شهدت تلك الكائنات في زمن ما حالة من الانتشار غير المسبوق فلا يكاد حي من الأحياء ولا مؤسسة يخلوان من فامباير، تلك هي الفانتازيا والجانب الخيالي الذي اشتغل عليه هذا الفيلم.
من هنا لابد من إيجاد الشخصية أو الشخصيات المقابلة ممثلة في صيادي الفامباير ويبرز في مقدمتهم بود جابلونيسكي (الممثل جامي فوكس) الذي يتنقل بسيارته القديمة على أساس أن اختصاصه هو تنظيف مسابح الأثرياء متنقلا بين فيلات أثرياء لوس أنجلس وسوف نشاهد أولى مهامه في اصطياد عجوز فامباير بعد صراع كارثي معها.
المخرج جي بيري استفاد كثيرا من العديد من الأفلام السابقة التي عالجت شخصية الفامباير نفسها وقدمتها
وكما ذكرنا فإن مهمة بود هي انتزاع النابين القاتلين ثم الذهاب لبيعهما إلى من يتاجر فيهما لكنه لن يحصل على الثمن الذي يريده لاسيما وأنه يعيش أزمة طلاق تستدعي منه جلب مبلغ كبير من المال لتغطية أجور دراسة ابنته الوحيدة وتقويم أسنانها وإلا فإن احتمال فقدان الأم والابنة بانتقالهما إلى مدينة أخرى بعيدة يبقى قائما ويؤرقه.
كل ذلك سوف يدفع بود إلى السعي للعودة إلى المؤسسة الاتحادية المختصة في ملاحقة شخصيات الفامباير وهو اتحاد مرخص وعنده قوانينه التي كان قد خرقها بود وطرد من الاتحاد بسببها لكنه سوف يعود بوساطة صديقه بيغ جون (الممثل سنوب دوغ) ومن هنا تبدأ رحلة ومهام بود.
في موازاة ذلك لن يعلم بود أن تلك العجوز ذات القدرات الخارقة التي قتلها وانتزع أسنانها هي ابنة امرأة تتزعم عصابة من الفامباير وأن تلك العجوز ما هي إلا ابنتها التي عاشت معها عبر أجيال.
في هذا التحول سوف يمزج المخرج بين سينما الخيال العلمي من خلال حالة عبور الزمن وتأسيس اتحاد مطاردي الفامباير، وبين الفانتازيا المتعلقة بالمتاجرة بأسنان الفامباير والشخصيات ذات القدرات الخارقة والاستثنائية، فمثلا يواجه بود صراعا شرسا مع العجوز لكونها سريعة الحركة والالتواء وحتى لو ضربت بالرصاص فإن الرصاص لا يقتلها وهكذا.
ولا شك أن المخرج قد استفاد كثيرا من العديد من الأفلام التي عالجت وقدمت هذه الشخصية نفسها ليقدم لنا هذه الحصيلة وهذه الشخصية التي أريد لها أن تؤكد حضورها من خلال خوضها لسلسلة لا تنتهي من الصراعات. ولنعد إلى المسارات السردية – الدرامية السائدة والتي حملها المخرج بمساحة كبيرة من التشويق لدى جمهور عريض متعطش لقصص الفامباير وهو يرى في هذا الفيلم شكلا آخر وقصة أخرى مختلفة عن القصص التقليدية السائدة في مثل هذا النوع من الأفلام.
ولعل نقطة التحول في هذه الدراما سوف ترتكز على انقسام واستقطاب مع اشتعال المواجهة بين بود وتلك الزعيمة الفامباير المتخفية خلف شركة للعقارات، إنها أودري (الممثلة كارلا سوزا) وهي أم العجوز التي قتلها بود على افتراض أنهما متجاوزتان للأزمنة.
خلال ذلك تقتفي أودري مكان بود وتتمكن من تجنيد امرأة تسكن قريبا منه لكن لم يكن في حسبانها أن المرأة سوف تعمل لصالحه فيما بعد وفي إطار المواجهات التي سوف يخوضها.
من هنا سوف ننتقل في القسم الثاني من الفيلم إلى مسار حافل بالمطاردات بين الطرفين يتوج بقيام أودري باختطاف زوجة بود وابنته مما يصعد الصراع بين الطرفين، لكن خلال ذلك يكون بود قد خاض صراعات طويلة وقتالا ضاريا مع العشرات من الفامباير الذين صاروا يتجمعون في كل مكان حتى صار صعبا السيطرة عليهم ولهذا زج المخرج بسلسلة من المعارك والمواجهات الدامية وقطع الرؤوس مما احتشد به الفيلم.
واقعيا قدم الفيلم خليطا من الأحداث القائمة على أساس شخصية الفامباير التقليدية ولكن في إطار تحول تلك الشخصية إلى ظاهرة تستوجب تأسيس اتحاد يضم الذين يقومون بالمطاردات واقتلاع الأنياب. ثم إن الأحداث في شكلها الفانتازي تشظت باتجاه المبالغات المرتبطة بالقدرات الخارقة لشخصيات الفامباير التي لا يقتلها الرصاص وبإمكانها أن تصلح أطرافها الجسمية إذا أصابها التكسر وغير ذلك من الغرائبيات الملفتة للنظر التي عج بها الفيلم.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن
معالجة درامية تركز على سلاح الفامباير في مواجهة البشر.
ناب الفامباير سلاحه المستهدف
لم يبتعد المخرج السينمائي جي بيري عن صورة الفامباير التي قدمها زملاؤه السابقون، من رواد السينما والمجددين، لكنه أضفى على هذه الثيمة حيثيات جديدة جعلتها مادة درامية مشوقة تمزج بين سينما الخيال العلمي والفانتازيا.
تنوعت عبر تاريخ السينما التجارب والأساليب التي عالجت شخصيات حظيت بشعبية واسعة ووجد فيها الجمهور العريض تلك المواصفات الفريدة للشخصيات التي تتجدد بتجدد تلك التجارب وتنوّعها ومن ذلك إعادة تقديم شخصيات المخبرين والمجرمين المتسلسلين والجواسيس وزعماء المافيات.
وفي فيلم “عمل نهاري” للمخرج جي بيري سوف نكون مع نوع من الفانتازيا التي تمتزج بالعنف والرعب والخيال الواسع وتتعلق بإعادة إنتاج الشخصية السينمائية التي تتمثل في القاتل التقليدي ومصاص الدماء الفامباير الذي ربما لا يعلم الكثيرون أن بدايات ظهوره السينمائي كانت في بواكير السينما وفي مرحلتها الصامتة وذلك في العام 1913 في فيلم حمل اسم “الفامباير” للمخرج روبرت فينغولا. علاوة على ذلك يحصي موقع “آي أم دي بي” الشهير 150 فيلم فامباير منذ تلك البدايات حتى الآن.
على أننا هنا أمام معالجة فيلمية خيالية مختلفة لا تتعلق بالفامباير نفسه بل بأداته التي يستخدمها للاقتصاص من ضحاياه وهما النابان الشهيران بوصفهما مصدر قوته وسلاحه الوحيد ولهذا سوف يكون السؤال، ماذا لو تم سلب كائنات الفامباير ذلك السلاح وماذا لو شهدت تلك الكائنات في زمن ما حالة من الانتشار غير المسبوق فلا يكاد حي من الأحياء ولا مؤسسة يخلوان من فامباير، تلك هي الفانتازيا والجانب الخيالي الذي اشتغل عليه هذا الفيلم.
من هنا لابد من إيجاد الشخصية أو الشخصيات المقابلة ممثلة في صيادي الفامباير ويبرز في مقدمتهم بود جابلونيسكي (الممثل جامي فوكس) الذي يتنقل بسيارته القديمة على أساس أن اختصاصه هو تنظيف مسابح الأثرياء متنقلا بين فيلات أثرياء لوس أنجلس وسوف نشاهد أولى مهامه في اصطياد عجوز فامباير بعد صراع كارثي معها.
المخرج جي بيري استفاد كثيرا من العديد من الأفلام السابقة التي عالجت شخصية الفامباير نفسها وقدمتها
وكما ذكرنا فإن مهمة بود هي انتزاع النابين القاتلين ثم الذهاب لبيعهما إلى من يتاجر فيهما لكنه لن يحصل على الثمن الذي يريده لاسيما وأنه يعيش أزمة طلاق تستدعي منه جلب مبلغ كبير من المال لتغطية أجور دراسة ابنته الوحيدة وتقويم أسنانها وإلا فإن احتمال فقدان الأم والابنة بانتقالهما إلى مدينة أخرى بعيدة يبقى قائما ويؤرقه.
كل ذلك سوف يدفع بود إلى السعي للعودة إلى المؤسسة الاتحادية المختصة في ملاحقة شخصيات الفامباير وهو اتحاد مرخص وعنده قوانينه التي كان قد خرقها بود وطرد من الاتحاد بسببها لكنه سوف يعود بوساطة صديقه بيغ جون (الممثل سنوب دوغ) ومن هنا تبدأ رحلة ومهام بود.
في موازاة ذلك لن يعلم بود أن تلك العجوز ذات القدرات الخارقة التي قتلها وانتزع أسنانها هي ابنة امرأة تتزعم عصابة من الفامباير وأن تلك العجوز ما هي إلا ابنتها التي عاشت معها عبر أجيال.
في هذا التحول سوف يمزج المخرج بين سينما الخيال العلمي من خلال حالة عبور الزمن وتأسيس اتحاد مطاردي الفامباير، وبين الفانتازيا المتعلقة بالمتاجرة بأسنان الفامباير والشخصيات ذات القدرات الخارقة والاستثنائية، فمثلا يواجه بود صراعا شرسا مع العجوز لكونها سريعة الحركة والالتواء وحتى لو ضربت بالرصاص فإن الرصاص لا يقتلها وهكذا.
ولا شك أن المخرج قد استفاد كثيرا من العديد من الأفلام التي عالجت وقدمت هذه الشخصية نفسها ليقدم لنا هذه الحصيلة وهذه الشخصية التي أريد لها أن تؤكد حضورها من خلال خوضها لسلسلة لا تنتهي من الصراعات. ولنعد إلى المسارات السردية – الدرامية السائدة والتي حملها المخرج بمساحة كبيرة من التشويق لدى جمهور عريض متعطش لقصص الفامباير وهو يرى في هذا الفيلم شكلا آخر وقصة أخرى مختلفة عن القصص التقليدية السائدة في مثل هذا النوع من الأفلام.
ولعل نقطة التحول في هذه الدراما سوف ترتكز على انقسام واستقطاب مع اشتعال المواجهة بين بود وتلك الزعيمة الفامباير المتخفية خلف شركة للعقارات، إنها أودري (الممثلة كارلا سوزا) وهي أم العجوز التي قتلها بود على افتراض أنهما متجاوزتان للأزمنة.
خلال ذلك تقتفي أودري مكان بود وتتمكن من تجنيد امرأة تسكن قريبا منه لكن لم يكن في حسبانها أن المرأة سوف تعمل لصالحه فيما بعد وفي إطار المواجهات التي سوف يخوضها.
من هنا سوف ننتقل في القسم الثاني من الفيلم إلى مسار حافل بالمطاردات بين الطرفين يتوج بقيام أودري باختطاف زوجة بود وابنته مما يصعد الصراع بين الطرفين، لكن خلال ذلك يكون بود قد خاض صراعات طويلة وقتالا ضاريا مع العشرات من الفامباير الذين صاروا يتجمعون في كل مكان حتى صار صعبا السيطرة عليهم ولهذا زج المخرج بسلسلة من المعارك والمواجهات الدامية وقطع الرؤوس مما احتشد به الفيلم.
واقعيا قدم الفيلم خليطا من الأحداث القائمة على أساس شخصية الفامباير التقليدية ولكن في إطار تحول تلك الشخصية إلى ظاهرة تستوجب تأسيس اتحاد يضم الذين يقومون بالمطاردات واقتلاع الأنياب. ثم إن الأحداث في شكلها الفانتازي تشظت باتجاه المبالغات المرتبطة بالقدرات الخارقة لشخصيات الفامباير التي لا يقتلها الرصاص وبإمكانها أن تصلح أطرافها الجسمية إذا أصابها التكسر وغير ذلك من الغرائبيات الملفتة للنظر التي عج بها الفيلم.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن