فيلم "الثنائي" عن مستقبل الكائنات المستنسخة ينتهي بمقاتلة نسختها الأصلية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيلم "الثنائي" عن مستقبل الكائنات المستنسخة ينتهي بمقاتلة نسختها الأصلية

    فيلم "الثنائي" عن مستقبل الكائنات المستنسخة ينتهي بمقاتلة نسختها الأصلية


    الاختلاف سنة كونية، حتى النسخ ليست شبيهة بأصحابها.


    النسخة تتفوق على الأصل

    تطرح بعض الأفلام السينمائية موضوع الاستنساخ الذي يعد أعظم الثورات الطبية في تاريخ البشرية، لكنها تقدمه بالكشف عن جوانبه السلبية، فالمستنسخ قد يشبه الأصل في الشكل لكنه ربما يتمرد في السلوك والأفكار، ومثل هذه الفرضيات هي التي تحفّز المخرجين على صناعة أفلام الخيال العلمي.

    في زمن مستقبلي ما قد يجد الإنسان أنه من السهل أن تكون هنالك نسخة أخرى منه تم استنساخها بسهولة، هي في الواقع فرضية من فرضيات سينما الخيال العلمي التي تزعم مواكبة الطفرات في مجال التكنولوجيا الطبية عالية التطور والتي تصل إلى ذروتها بشيوع عمليات الاستنساخ وما يتبع ذلك على الشاشات من تفاعلات نفسية وردود أفعال وأحيانا صراعات بين الأصل والمستنسخ.

    هذه الفرضية يشتغل عليها فيلم “الثنائي” المعروض حديثا للمخرج ريلي ستيرنز الذي برع في تقديم هذه القصة مبتدئا من مشهد نزال أمام الجمهور بين روبرت (الممثل ثيو جيمس) وبين شبيهه أو النسخة المستنسخة منه، نزال يفرض عليهما أن يتباريا حتى الموت، وفي غضون لحظات يتم رفع الغطاء عن خمسة أنواع من السلاح يجب على المتبارييْن أن يختارا واحدا منها لغرض المباراة، هكذا تقول قواعد النزال.

    سوف ننتهي من هذه المشاهد الدامية لننتقل إلى سارة (الممثلة كارين غيلان) التي تعيش يومها الروتيني المعتاد وتكثر من شرب الكحول فيما لا يبدو أنها تتمتع بعلاقة متينة مع صديقها بيتر (الممثل بيولا كوالي) ولا يبدو أنها تتمتع بعلاقة متينة أيضا مع والدتها.

    تفيق سارة في أحد الصباحات على بقعة دم على وسادتها، وعندما تذهب إلى المستشفى يحدث معها الشيء نفسه وهناك تخبرها الطبيبة بأنه لم يبق لديها من وقت طويل للحياة وأنها مصابة بمرض خطير ونادر سرعان ما سينتشر في جسدها وعليها أن ترتب الآن موضوع موتها فيما إذا كانت ترغب في أن تدفن أو تحرق جثتها.

    هذا التحول الدرامي لم يكن في ذهن سارة أن أحدا سيعلم به، لكن عن طريق الخطأ يتم إرسال تلك التفاصيل إلى الخطيب بيتر، وعندها تكتشف سارة أن صديقها غير مبال بمحنتها، لكن ما لم يكن في الحسبان هو أن لها حقا في أن تكون هنالك نسخة منها لكي تحمل اسمها ولكي لا تفجع أمها بموتها، وبالفعل يتم إنجاز ذلك وخلال وقت قصير تكون في مواجهة نسختها المقابلة لتبدأ تدريبها على حياتها الجديدة وتخبرها بهواياتها وعلاقتها بخطيبها وما تفضل من طعام وغير ذلك.

    المرأة التي توشك على الموت والتي سلّمت بقدرها ليس عندها الكثير لتفعله، انتظرت قدرها خلال بضعة أشهر ولم تكن تحسب خلالها أن نسختها المقابلة قد تفوّقت عليها فأخذت منها خطيبها الذي وجد في المستنسخة طباعا اجتذبته أكثر من صديقته الحقيقية، وحتى الأم في انجذابها إليها تجد فيها اهتماما أكثر من ابنتها الحقيقية، هذه المعطيات التي تحيط بسارة تجعلها تعيش في وحدة قاسية لكنها تخرج من المستشفى بمفاجأة أن المرض قد اختفى وأنها لن تموت قريبا.

    ويسير الفيلم وفق فرضية تتعلق بمستقبل ما غير محدد عندما تصدر تشريعات وقوانين تتعلق بالمستنسخين وحياتهم، أما في حالة سارة ونسختها فإنهما لن تكونا على وفاق وتشعر سارة بأنها قد تعرضت إلى سرقة حياتها ولهذا لا يكون أمامها بحسب القانون إلا خوض معركة بالسلاح أمام الجمهور تنتهي بمقتل إحداهما، ولهذا تبذل سارة جهدا في التدريب وتعلم مهارات القتال حتى تنقذ حياتها.

    أما نسختها المقابلة فإن مسارها النفسي والسلوكي لا يخلو من مراوغة ومكر ولهذا تحاول جرّ سارة إلى القبول بالأمر الواقع والرضا بخسائرها، وتصحبها لحضور جلسات لأشخاص مرّوا بمثل تجربتهما، وانتهت بشعورهما بالحزن لفراق النسخة المقابلة، أما سارة فتنتفض رافضة أية مساومة أو لين فلا بد أن تختفي سارة المستنسخة بأي شكل.


    الفيلم يسير وفق فرضية تتعلق بمستقبل ما غير محدد عندما تصدر تشريعات وقوانين تتعلق بالمستنسخين وحياتهم


    وفي الوقت الذي اختارت فيه البطلة الطريق المعتاد بخوض المعركة أمام الجمهور، اختارت نسختها خطاً آخر مختلفاً باصطحاب سارة إلى الغابة بزعم أنهما سوف تهربان إلى بلد آخر وهناك تفترقان لكن سارة تخدع وتشرب ماء مسموما.

    ويقطع المخرج باقي التفاصيل لتظهر الفتاة المستنسخة وقد انتحلت شخصية البطلة وبمساندة الخطيب والأم مع أنهما يعلمان بالخدعة ورغم ذلك تسجل سارة على أنها مفقودة أو هاربة ويطبق عليها القانون.

    من هنا نجد أن هذا النوع من أفلام الخيال العلمي يحيلنا إلى الاشتغال على الفكرة المجردة وعدم التركيز على متطلبات أخرى، ولهذا فإن هذه الدراما الفيلمية فيها الكثير من عناصر فيلم الخيال العلمي الناجح على الرغم من بساطة القصة والتكاليف الإنتاجية المحدودة، إلا أن دورا نفسيا مؤثرا كان بحاجة إلى ممثلة أخرى غير كارين غيلان التي لم تكن بارعة بما فيه الكفاية للتعبير عن مأزقها كما أن المخرج وهو نفسه كاتب السيناريو لم يعمق الجوانب النفسية لسلسلة المآزق التي وجدت سارة نفسها فيها.

    أما لجهة استخدام الصوت والمؤثرات البصرية فقد تميزت الموسيقى التصويرية بشكل واضح للتعبير عن مأزق الشخصية وذلك ما يحسب للمغنية وعازفة الغيتار الأميركية إيما راندل التي برعت في رسم الخطوط الموسيقية التي رافقت المشاهد وتعمّقت خلال ذلك في وظيفة الموسيقى في السياق الفيلمي.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    طاهر علوان
    كاتب عراقي مقيم في لندن
يعمل...
X