"حكايات أرماغادون".. نهاية العالم في عام 2030
فيلم خيال علمي مشاهده مكررة وأفكاره مستنسخة لوصف دمار الأرض وصراع البقاء فيها.
لا شيء سوى الخراب
كانت صورة نهاية العالم ودمار الأرض وانعدام الحياة فيها ولا تزال من الموضوعات المستقبلية الخيالية التي انشغلت بها السينما في تكريس الموضوعات الأكثر إثارة لفضول المشاهد، وما يمكن أن يجري افتراضه من أسباب الانهيار العظيم أو ما عرف بقصص الأرماغادون التي انشغلت بها سينما الخيال العلمي بشكل خاص.
يأتي الفيلم الجديد “حكايات أرماغادون” للمخرجين باول بليتز وجونا شوارتز ليُضاف إلى العشرات من الأفلام التي عالجت ثيمة نهاية العالم ودمار الأرض على مرّ تاريخ السينما العالمية، وخاصة مع التركيز عبر تلك الأفلام على قصص الناجين وكيف يواجهون الواقع الجديد الذي يعيشونه بعد انهيار كوكب الأرض أو وصوله إلى حافة النهاية بسبب الحروب والصراعات وأحيانا بسبب الكوارث الطبيعية.
وتحضر في الذهن هنا أفلام أخرى مثل “أرماغادون” 1996 الذي أدّى الدور الرئيسي فيه الممثل بروس ويليس، وكأننا ذاهبون إلى حرب كونية شاملة لا هوادة فيها، وهذه مقاربة أخرى لما قبل الانهيار العظيم وخلال معارك الأرماغادون.
☚ الفيلم تدور أحداثه في أماكن متباعدة وبيئات مختلفة، إلاّ أنها تشترك جميعها في تقاسم الخراب الحاصل على الأرض
ثم بإمكاننا أن نستذكر العشرات من الأفلام الأخرى ونخصّ منها بالذكر الأفلام التي أُنتجت خلال عامي 2020 و2021 مثل فيلم “وحيدا”، و”جيش الموتى”، و”الاستيقاظ”، و”فينتش”، و”صديق العالم”، و”غرينلاند”، و”حب ووحوش”، و”سماء منتصف الليل”، و”شبه الجزيرة”، و”مكان هادئ ” و”مكان الشيطان” و”2067″ وغيرها.
وفي هذا الفيلم سوف ننتقل إلى عام 2030 وما تلاه، وسنشاهد صورة العالم من خلال أماكن وبيئات مختلفة من أوروبا إلى أستراليا وبشكل خاص من ألمانيا إلى أستراليا، وعلى الرغم من المسافات الجغرافية الشاسعة إلاّ أن المعاناة اليومية وصور الخراب وتشرّد الناجين تبدو مشتركة في كل الأحوال.
وكما هو معتاد فإن يوميات الناجين هي الشغل الشاغل لمخرجي هذه الأفلام وكيف يسيّرون مفردات حياتهم وكيف يتفاعلون مع الواقع الجديد الذي يعيشونه، لاسيما وأن هذا الفيلم قد اشترك في كتابته خمسة من كتاب السيناريو من بينهم أحد المخرجين.
وفي البدء سوف نعيش تلك اليوميات مع شخصيتين وحيدتين تلتقيان صدفةً وهما رافاغار (الممثل فاي كيلمان) وأليكسندر (الممثل ديفيد ما تيرسون) وكل منهما يعارض الآخر في إيجاد سبيل للنجاة، فهما يعيشان في مناطق محطمة وكل همهما هو البقاء على قيد الحياة وما يتطلبه ذلك من بحث عن الماء والطعام، ولهذا تشغل رحلتهما معا وشجاراتهما المستمرة حوالي نصف مساحة الفيلم، لاسيما مع حذر رافاغار المستمر في مقابل تهوّر أليكسندر وما ترتب على ذلك من تقديم معلومات إلى المُشاهد تُفيد بأمرين وهما تفشي أحد الأوبئة ووجود كائنات الزومبي.
وها هما يتنقلان من مكان إلى آخر، فلا يعثران إلاّ على المزيد من القتلى الذين تمّ الإجهاز عليهم على يد أشخاص مجهولين أو على يد الغول الذي يتخيّلان أنه يراقب كل كائن بشري ولن يتوقّف حتى يتمكّن من الإجهاز عليه.
وفي واقع الأمر، ومع هذا القسم من القصة السينمائية، لن نجد الكثير ممّا يمكن أن يلفت النظر كإضافة نوعية إلى فيلم من أفلام نهاية الأرض؛ فالشخصيات تقوم بأفعال نمطية متكرّرة ظهرت في العشرات من الأفلام السابقة، وتتلخّص في مسألة الصراع من أجل البقاء ووجود الزومبي والأرض المحطمة والخرائب التي يعيش فيها الناجون، ولهذا من المستغرب أن مخرجين اثنين وثلة من كتاب السيناريو يخرجون علينا بهذا الشكل النمطي الذي لا يخلو من التكرار المستنسخ من أفلام أخرى.
خوف من مجهول آت لا محالة
أما إذا انتقلنا إلى القسم الآخر من الأرض، وتاليا إلى فصل آخر من فصول القصة، فسوف نجد معاناة رجل وطفلة وهما يحاولان النجاة من الأشرار، بينما يحلّق في الأفق ما يمكن أن يبدو مركبة فضائية دون رابط مع معاناة الرجل والطفلة اللذين يلتقيان صدفةً.
لكن المفارقة أن الفتاة الصغيرة هي التي تتمكّن من إنقاذ حياة الرجل مستخدمة المسدس، بينما هو ممدّد على الأرض ينتظر رصاصة الرحمة التي من الممكن أن تطلقها امرأة مسلحة لا ندري سبب إقدامها على مثل هذا القتل العشوائي، إلاّ إذا افترضنا أن الناس قد أُصيبوا بلوثة تدفعهم إلى القتل بسبب أو دونه، ولهذا فإن الرصاصة التي يمكن أن تنطلق في أية لحظة ومن أي مكان تشعل الخوف لدى الشخصيتين وتتركهما في حالة من الترقب والقلق.
يتميّز الفيلم بأن أغلب مشاهده قد تمّ تصويرها في أماكن طبيعية وخارجية لم تكن تحتاج إلى أي جهد إنتاجي، لكن الإسراف في إظهار مشاهد مزعجة مثل طهي والتهام الديدان والحيوانات الهالكة والمتفسخة كان مبالغة لا معنى لها ولا موجب باعتبار أن ذلك يعدّ
في حكم تحصيل الحاصل في حالات كهذه.
ومن جهة أخرى تستدعي النمطية السائدة لإقناعنا بأننا في حقبة الأرماغادون ونهاية العالم ظهور الزومبي والوباء وتقاتل الناجين فيما بينهم، وهي أيضا صور نمطية معتادة ومتكرّرة، وتكرارها هنا كان يفترض أن يقدّم إضافة أخرى تجذب المشاهدين لإعادة اكتشاف هذا النوع من المغامرات والمعاناة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن
فيلم خيال علمي مشاهده مكررة وأفكاره مستنسخة لوصف دمار الأرض وصراع البقاء فيها.
لا شيء سوى الخراب
كانت صورة نهاية العالم ودمار الأرض وانعدام الحياة فيها ولا تزال من الموضوعات المستقبلية الخيالية التي انشغلت بها السينما في تكريس الموضوعات الأكثر إثارة لفضول المشاهد، وما يمكن أن يجري افتراضه من أسباب الانهيار العظيم أو ما عرف بقصص الأرماغادون التي انشغلت بها سينما الخيال العلمي بشكل خاص.
يأتي الفيلم الجديد “حكايات أرماغادون” للمخرجين باول بليتز وجونا شوارتز ليُضاف إلى العشرات من الأفلام التي عالجت ثيمة نهاية العالم ودمار الأرض على مرّ تاريخ السينما العالمية، وخاصة مع التركيز عبر تلك الأفلام على قصص الناجين وكيف يواجهون الواقع الجديد الذي يعيشونه بعد انهيار كوكب الأرض أو وصوله إلى حافة النهاية بسبب الحروب والصراعات وأحيانا بسبب الكوارث الطبيعية.
وتحضر في الذهن هنا أفلام أخرى مثل “أرماغادون” 1996 الذي أدّى الدور الرئيسي فيه الممثل بروس ويليس، وكأننا ذاهبون إلى حرب كونية شاملة لا هوادة فيها، وهذه مقاربة أخرى لما قبل الانهيار العظيم وخلال معارك الأرماغادون.
☚ الفيلم تدور أحداثه في أماكن متباعدة وبيئات مختلفة، إلاّ أنها تشترك جميعها في تقاسم الخراب الحاصل على الأرض
ثم بإمكاننا أن نستذكر العشرات من الأفلام الأخرى ونخصّ منها بالذكر الأفلام التي أُنتجت خلال عامي 2020 و2021 مثل فيلم “وحيدا”، و”جيش الموتى”، و”الاستيقاظ”، و”فينتش”، و”صديق العالم”، و”غرينلاند”، و”حب ووحوش”، و”سماء منتصف الليل”، و”شبه الجزيرة”، و”مكان هادئ ” و”مكان الشيطان” و”2067″ وغيرها.
وفي هذا الفيلم سوف ننتقل إلى عام 2030 وما تلاه، وسنشاهد صورة العالم من خلال أماكن وبيئات مختلفة من أوروبا إلى أستراليا وبشكل خاص من ألمانيا إلى أستراليا، وعلى الرغم من المسافات الجغرافية الشاسعة إلاّ أن المعاناة اليومية وصور الخراب وتشرّد الناجين تبدو مشتركة في كل الأحوال.
وكما هو معتاد فإن يوميات الناجين هي الشغل الشاغل لمخرجي هذه الأفلام وكيف يسيّرون مفردات حياتهم وكيف يتفاعلون مع الواقع الجديد الذي يعيشونه، لاسيما وأن هذا الفيلم قد اشترك في كتابته خمسة من كتاب السيناريو من بينهم أحد المخرجين.
وفي البدء سوف نعيش تلك اليوميات مع شخصيتين وحيدتين تلتقيان صدفةً وهما رافاغار (الممثل فاي كيلمان) وأليكسندر (الممثل ديفيد ما تيرسون) وكل منهما يعارض الآخر في إيجاد سبيل للنجاة، فهما يعيشان في مناطق محطمة وكل همهما هو البقاء على قيد الحياة وما يتطلبه ذلك من بحث عن الماء والطعام، ولهذا تشغل رحلتهما معا وشجاراتهما المستمرة حوالي نصف مساحة الفيلم، لاسيما مع حذر رافاغار المستمر في مقابل تهوّر أليكسندر وما ترتب على ذلك من تقديم معلومات إلى المُشاهد تُفيد بأمرين وهما تفشي أحد الأوبئة ووجود كائنات الزومبي.
وها هما يتنقلان من مكان إلى آخر، فلا يعثران إلاّ على المزيد من القتلى الذين تمّ الإجهاز عليهم على يد أشخاص مجهولين أو على يد الغول الذي يتخيّلان أنه يراقب كل كائن بشري ولن يتوقّف حتى يتمكّن من الإجهاز عليه.
وفي واقع الأمر، ومع هذا القسم من القصة السينمائية، لن نجد الكثير ممّا يمكن أن يلفت النظر كإضافة نوعية إلى فيلم من أفلام نهاية الأرض؛ فالشخصيات تقوم بأفعال نمطية متكرّرة ظهرت في العشرات من الأفلام السابقة، وتتلخّص في مسألة الصراع من أجل البقاء ووجود الزومبي والأرض المحطمة والخرائب التي يعيش فيها الناجون، ولهذا من المستغرب أن مخرجين اثنين وثلة من كتاب السيناريو يخرجون علينا بهذا الشكل النمطي الذي لا يخلو من التكرار المستنسخ من أفلام أخرى.
خوف من مجهول آت لا محالة
أما إذا انتقلنا إلى القسم الآخر من الأرض، وتاليا إلى فصل آخر من فصول القصة، فسوف نجد معاناة رجل وطفلة وهما يحاولان النجاة من الأشرار، بينما يحلّق في الأفق ما يمكن أن يبدو مركبة فضائية دون رابط مع معاناة الرجل والطفلة اللذين يلتقيان صدفةً.
لكن المفارقة أن الفتاة الصغيرة هي التي تتمكّن من إنقاذ حياة الرجل مستخدمة المسدس، بينما هو ممدّد على الأرض ينتظر رصاصة الرحمة التي من الممكن أن تطلقها امرأة مسلحة لا ندري سبب إقدامها على مثل هذا القتل العشوائي، إلاّ إذا افترضنا أن الناس قد أُصيبوا بلوثة تدفعهم إلى القتل بسبب أو دونه، ولهذا فإن الرصاصة التي يمكن أن تنطلق في أية لحظة ومن أي مكان تشعل الخوف لدى الشخصيتين وتتركهما في حالة من الترقب والقلق.
يتميّز الفيلم بأن أغلب مشاهده قد تمّ تصويرها في أماكن طبيعية وخارجية لم تكن تحتاج إلى أي جهد إنتاجي، لكن الإسراف في إظهار مشاهد مزعجة مثل طهي والتهام الديدان والحيوانات الهالكة والمتفسخة كان مبالغة لا معنى لها ولا موجب باعتبار أن ذلك يعدّ
في حكم تحصيل الحاصل في حالات كهذه.
ومن جهة أخرى تستدعي النمطية السائدة لإقناعنا بأننا في حقبة الأرماغادون ونهاية العالم ظهور الزومبي والوباء وتقاتل الناجين فيما بينهم، وهي أيضا صور نمطية معتادة ومتكرّرة، وتكرارها هنا كان يفترض أن يقدّم إضافة أخرى تجذب المشاهدين لإعادة اكتشاف هذا النوع من المغامرات والمعاناة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
طاهر علوان
كاتب عراقي مقيم في لندن