الحقيقة والخيال في رقعة الشطرنج
الشطرنج لعبة عالمية إنتشرت مع منتصف هذا القرن بشكل واسع لدى كل الطبقات بعدما ظلت لفترة حكراً على الملوك والأمراء والأرستقراطيين ...
بعض الأضواء على اللعبة ، تاريخاً ولاعبين مع زوايا أخرى لا تخلو من الطابع الغرائبي .. وحتى الخيالي ...
في القرن السادس بعد الميلاد ، كان الهنود العسكريون يجرون التدريبـات لهجماتهم وتحركاتهم العسكرية على رقعة بدائية ، طورت لاحقاً لتتحول إلى ما يعرف اليوم برقعة الشطرنج ومنذ ذلك التاريخ الذي شهد إختراع لعبة الشطرنج على يد الهنود ، وهذه اللعبة بدأت بالانتشار بشكل متسارع لتغزو العالم كله ، وظل الجدل قائماً رغم ذلك حول تصنيف هذه اللعبة ، عسكرياً رياضيا فكرياً او غير ذلك من التصنيفات . وسط التزايد المستمر للمهتمين باللعبة إن كهواة أو كمحترفين أو حتى مجرد مراقبين .
وتبعاً للاحصائيات الأخيرة قدر عدد الذين يمارسون لعبة الشطرنج في المانيا الغربيـة وحدها باكثر من عشرة ملايين لاعب ولاعبة واكد المشرفون على الاحصاء . تفوق عدد الشباب على عدد المسنين في هذا المجال ، كما يعتبر الذكور هم الأكثر إقبالا على اللعبة من الاناث .
هذا في المانيا وحدها ... وإذا عرفنا انه بين الواحد وتسعين لاعباً ، هم أفضل لاعبي العالم بالشطرنج ، هناك أربع لاعبين آلمان فقط بينما يوجد ثمانية وثلاثون لاعباً سوفياتياً فكم هو عدد الممارسين لهذه اللعبة في الاتحاد السوفياتي ! ومن ثم في العالم اجمع ؟
- طاقة جسدية وفكرية
أعلن الأطباء الاختصاصيون مؤخراً ان لعبة الشطرنج تحتاج إلى مجهود فكري شديد إلى جانب المجـهـود الجسدي أيضاً , معتبرين أن الفترة التـي تستغرقها المباريات الواحدة ، والتي تتراوح بين خمس ساعات كمتوسط عادي ، تستهلك من اللاعبين طاقة كبيرة ، نوازي احياناً الطاقة التي يبذلها الملاكم في مبارياته على الحلبة .
خبير الشطرنج هارولد شونبرغ ، وهو عالم نفساني معروف أيضاً ، أورد في كتابه « كبار لاعبي الشطرنج ، ان جهوداً هائلة تبذل خلال اللعب لمجرد إضطرار اللاعب للحملقة في رقعة الشطرنج ، حيث عليه نقل الأحجار في مخيلته .. ومن ثم إستعراض الاحتمالات المقبلة لحركات غريمه .
عدا ذلك تاتي إرادة الانتصار لدى كبار اللاعبين وإستعدادهم لمطاردة الخصم بدون هوادة وباسلوب يصل إلى حد الكراهية للطرف الآخر . كما يجد اللاعب نفسه عرضة للتهديد هو الآخر من اللاعب المقابل ، وإزاء هذه العملية من التناوب .. في الخوف والاعتداء والمطاردة ، تتعرض اعصاب اللاعبين للتوتر بشكل مستمر مما يجعلهم غالباً دائمي التوتر .
وعكس باقي الألعاب الأخرى كالورق والزهر وغيرهما الألعاب التي تعتمد على الصدفة او الحظ ، يبرز الشطرنج كلعبة هذه مميزة بعيدة عن الاحتمالات الموجودة في الورق ، حيث يتم توزيع الأوراق فيحصل بعضهم على أوراق سيئة والبعض الآخر على أوراق جيدة ..
في الشطرنج الخطوط والأحجـار مـوزعـة بالتساوي بين اللاعبين ... إذ يحصل كل واحد منهما على عدد مماثل من الأحجار ، وبنفس القوة ، واللعبة تجري على رقعة مقسمة إلى 8 × ۸ مربعات سوداء وبيضاء ، كلون الحجـارة الموزعة حتى على صعيد اللون يجري التناوب على حمل الأحجار البيضاء أو السوداء خصوصاً وان صاحب الأحجار البيضاء سيفتتح اللعبة تبعاً للأصول المرعية في هذا المجال .
- الأرقام الخيالية
عدد النقلات المحتملة على هذه المربعات الأربعة والستين يفوق بكثير قدرتنا على التصوير علماء الرياضيات أحصوا ثلاثمائة وثمانية عشر مليار إحتمال في النقلات الأربع الأولى فقط ... ! وفي غضون مباراة كاملة من الشطرنج بين لاعبين محترفين وهي تتألف عادة من أربعين هناك إحتمال لنقـلات تتجـاوز بكثير عـدد الـذرات المنتشرة في الفضاء الكوني والـرقـم المطروح لا مجـال - ولمن يريد تجربة نقلـة لكتابته الأمر عليه إضافة 115 صفراً على يمين الرقم ٢٥ - لكن خـلال الألعاب الواقعية ، فان معظم النقلات الممكنة هي غير ذات شان على صعيد هذه الأرقام الخيالية .
- مباديء أولية
اللعب كما ذكرنا يبدأ بالتناوب حسب القواعد الثابتة ، ومع نقلة أولى من قبل صاحب الأحجـار البيضاء وتعتبر الهجوم الأول اما الهدف الأساسي فيكون دائماً هو تهديد الملك هذا الخطر بحاول الخصم تفاديه بتقوية دفاع ملكه عن طريق إحاطته بالجنود و . الضباط ، وإذا لم يوفق بذلك فانه سوف يخسر اللعبة .
وتتميز لعبة الشطرنج بالطابع الأرستقراطي ، إذ ان اللاعب بإمكانه ضرب كل الأحجار الأ الملك فرغم ان هدف اللعبة هو تطبير . الملك عن الرقعة ، لكن النقلة الأخيرة التي ستقوم بهذه المهمة لا تحصل ابدأ ، بل يكتفي اللاعب باسباقها بكلمة ، كش ملك ، ، ومع عدم وجود إحتمال لحماية الملك أو إخفائه وتنحيته من امام الضربة المتوقعة ، يخسر اللاعب ( صاحب الملك المكشوف ) لعبته ، دون أن تحصل الضربة على رأس الملك فعلا .
على صعيد قوة الاحجار فهي تتفاوت بين حجر وآخر والملك هو الحجر الأهم في اللعبة ، لكن حركته محصورة فقط بالانتقال إلى المربع المجاور له من اي إتجاه كان ، الأمر الذي يجعله ضعيفاً وبحاجة لحماية ، بينما الوزير فهو صاحب الاحتمال الأكبر للتحرك وفي كل الاتجـاهـات .. أفقيا ، عموديا وقطرياً وعلى مدى الرقعة بكاملها .
المبتدئون في اللعبة يحاولون قدر الإمكان ضرب أكبر عدد من الحجارة للضغط على ملك الخصم ، بينما يقوم الضالعون باللعبة في محاولات لارهاق الإمكـانـيـات التكتيكية والاستراتيجية للاعب الآخر ، ومن ثم التضحية بالأحجار في وقت يراهنون على وقوع اللاعب الخصم في وضع سيء بحيث يلتهي بضرب حجارتهم عن كشف ملكه الذي يترصدون له .
- أطفال وعباقرة في اللعبة
في البداية إنتشرت لعبة الشطرنج في بلاط الملوك والأمراء وقصور الأرستقراطيين فكانت لعبتهم المفضلة . أما الآن ومع دخـول النصف الأخير للقرن العشـرين ، فـاللعبـة صـارت بمتناول كل من يجد فيها لذة وبغض النظر عن الطبقة التي ينتمي إليها .
واليوم نتـابع أسماء عالمية تحترف اللعبة التي اوصلت أبطالها إلى الشهرة والثراء أيضاً .
وفي مباريات البطولة العالمية نسمع اسماء كبيرة أمثـال :
لاسكر وتاراش وكـابـابـلانكا وكـاربـوف وريشفسكي واليشن ويوفه وبوتفينيك وسميسلوف وتال وبتروسيان وسياسيكي وفيشر وكـورتشنــوي وغيرهم . .
من بين هؤلاء هناك بعض العباقرة الذين بدأوا اللعبة وهم مرحلة الطفولة ومنهم الكوبي جوزية كابابلانكا الذي كان في السادسة من عمره حين بدأ يدرك أصول اللعبة ، ولما أصبح في الثانية عشرة من عمره تغلب على بطل الشطرنج في بلده ـ كوبا - وبعدها ذهب إلى نيويورك وهناك تغلب على ابطال اللعبة واحداً بعد الآخر .
ساموئيل ريشيفسكي البولوني آثار ضجة أكبر من كابابلانكا ، لقد تعلم الشطرنج قبل تعلمه للقراءة والكتابة ، وانتصر وهو في السادسة من عمره ضد عشرين لاعباً دفعة واحدة ، مما دفع علماء النفس إلى فحصه للتعرف على دواخله ، فتبين انه طبيعي جداً ولا وجود عنده لأي ظاهرة غير عادية ولكن بلا ادنى شك فان كلا من ريشيفسكي وكابابلانكا .
كانا يمتلكان رؤيا إبداعية للشطرنج دون الاستناد الى معرفة نظرية ، فقد كانا ينفذان بسرعة البرق إلى التركيبات الأكثر تعقيداً في اللعبة .
لاعب روسي آخر كان إستثنائياً من نوع آخر ، إنه الكسندر اليشن ، خليفة اللاعبين السابقين الذي كان يدخن يوميا ما يزيد عن مائة سيجارة ويشرب العديد من زجاجـات الكحول ، ومن ثم يجلس امام رقعة الشطرنج مخموراً ، ويحرك الأحجار باید مرتجفة ، لكنه رغم ذلك كان يربح دائماً .
- الحرب النفسية
والكسندر اليشن برهن إضافة إلى كل ما ذكر ، بانه استاذ الحيل البارعة في اللعبة ، أو بالأحرى استاذ الحرب النفسية فبعدما أزاحه الهولندي ماكس يوفه ، في عام 1935 ، عن المرتبة الأولى عاد لاستعادة لقبه بعد عامين ، وإستطاع ذلك فعلا بالحيلة . فلما علم ان خصمه الهولندي لديه حساسية كبيرة تجاه القطط ، اجلس على ركبتيه قطة سيامية ، وظل يداعب شعرها طيلة فترة المباراة . في وقت اجلس بقربه زوجته ، التي كانت تعمل على حياكة كنزة صوفية مليئة بصور القطط إضافة إلى كل ذلك كان البشن يرشف قهوته بصوت عال لإثارة اعصاب خصمه بصورة اکبر .
ومنذ ذلك الحين دخلت الحرب النفسية في مضمار لعبة الشطرنج ، فبدات عمليـات التركيز في عيون الخصـم وإثارته . . إما بالسخرية ، او في محاولة شبيهة بمحاولة التنويم المغناطيسي ... وقد أوصى مرة احد اللاعبين عازف اورغن الوقوف خارج نافذة قاعة المباراة ، والبدء بعزف صاخب كلمـا حـاول خصمـه اللعب . وإستعان لذلك بصديق له يزود العازف بإشارة لبدء عمله ، والانتهاء منه حين يبدأ دوره هو في اللعب .
- قالوا في الشطرنج
الفيلسوف والشاعر الألماني الكبير غوته الذي لم يتعلم لعبة الشطرنج على الإطلاق قال « إنها وسيلة إختبار للدماغ . بنجامين فرنكلين مخترع مانعة الصواعق قال : « إنها مصدر الثقـافـة الأخلاقية ، أما أحد أبطال العالم وهـو السـوفـيـاتـي بـوريس سبـاسيكبي ، فوصف اللعبـة ببساطة على أنها مجرد رياضة .
البطل الألماني روبرت هوبز موضع لعبة الشطرنج في مصاف الفن ، والمباريات التي تلعب بطريقة جيدة هي . الجمال في حد ذاته . !
العالم النفساني المحلل هارولد شونبرغ ، وهو لاعب شطرنجي قدير ، رأى في اللعبة صراعاً فكرياً بين شخصين !
كلمة أخيرة نذكرها مع نهاية هذا الموضوع هو أن اللعبة بدأت تحقق أرباحاً خيالية للاعبيها ، قد تتجاوز الخمسة ملايين دولاراً عن المباريات الواحدة .
الشطرنج لعبة عالمية إنتشرت مع منتصف هذا القرن بشكل واسع لدى كل الطبقات بعدما ظلت لفترة حكراً على الملوك والأمراء والأرستقراطيين ...
بعض الأضواء على اللعبة ، تاريخاً ولاعبين مع زوايا أخرى لا تخلو من الطابع الغرائبي .. وحتى الخيالي ...
في القرن السادس بعد الميلاد ، كان الهنود العسكريون يجرون التدريبـات لهجماتهم وتحركاتهم العسكرية على رقعة بدائية ، طورت لاحقاً لتتحول إلى ما يعرف اليوم برقعة الشطرنج ومنذ ذلك التاريخ الذي شهد إختراع لعبة الشطرنج على يد الهنود ، وهذه اللعبة بدأت بالانتشار بشكل متسارع لتغزو العالم كله ، وظل الجدل قائماً رغم ذلك حول تصنيف هذه اللعبة ، عسكرياً رياضيا فكرياً او غير ذلك من التصنيفات . وسط التزايد المستمر للمهتمين باللعبة إن كهواة أو كمحترفين أو حتى مجرد مراقبين .
وتبعاً للاحصائيات الأخيرة قدر عدد الذين يمارسون لعبة الشطرنج في المانيا الغربيـة وحدها باكثر من عشرة ملايين لاعب ولاعبة واكد المشرفون على الاحصاء . تفوق عدد الشباب على عدد المسنين في هذا المجال ، كما يعتبر الذكور هم الأكثر إقبالا على اللعبة من الاناث .
هذا في المانيا وحدها ... وإذا عرفنا انه بين الواحد وتسعين لاعباً ، هم أفضل لاعبي العالم بالشطرنج ، هناك أربع لاعبين آلمان فقط بينما يوجد ثمانية وثلاثون لاعباً سوفياتياً فكم هو عدد الممارسين لهذه اللعبة في الاتحاد السوفياتي ! ومن ثم في العالم اجمع ؟
- طاقة جسدية وفكرية
أعلن الأطباء الاختصاصيون مؤخراً ان لعبة الشطرنج تحتاج إلى مجهود فكري شديد إلى جانب المجـهـود الجسدي أيضاً , معتبرين أن الفترة التـي تستغرقها المباريات الواحدة ، والتي تتراوح بين خمس ساعات كمتوسط عادي ، تستهلك من اللاعبين طاقة كبيرة ، نوازي احياناً الطاقة التي يبذلها الملاكم في مبارياته على الحلبة .
خبير الشطرنج هارولد شونبرغ ، وهو عالم نفساني معروف أيضاً ، أورد في كتابه « كبار لاعبي الشطرنج ، ان جهوداً هائلة تبذل خلال اللعب لمجرد إضطرار اللاعب للحملقة في رقعة الشطرنج ، حيث عليه نقل الأحجار في مخيلته .. ومن ثم إستعراض الاحتمالات المقبلة لحركات غريمه .
عدا ذلك تاتي إرادة الانتصار لدى كبار اللاعبين وإستعدادهم لمطاردة الخصم بدون هوادة وباسلوب يصل إلى حد الكراهية للطرف الآخر . كما يجد اللاعب نفسه عرضة للتهديد هو الآخر من اللاعب المقابل ، وإزاء هذه العملية من التناوب .. في الخوف والاعتداء والمطاردة ، تتعرض اعصاب اللاعبين للتوتر بشكل مستمر مما يجعلهم غالباً دائمي التوتر .
وعكس باقي الألعاب الأخرى كالورق والزهر وغيرهما الألعاب التي تعتمد على الصدفة او الحظ ، يبرز الشطرنج كلعبة هذه مميزة بعيدة عن الاحتمالات الموجودة في الورق ، حيث يتم توزيع الأوراق فيحصل بعضهم على أوراق سيئة والبعض الآخر على أوراق جيدة ..
في الشطرنج الخطوط والأحجـار مـوزعـة بالتساوي بين اللاعبين ... إذ يحصل كل واحد منهما على عدد مماثل من الأحجار ، وبنفس القوة ، واللعبة تجري على رقعة مقسمة إلى 8 × ۸ مربعات سوداء وبيضاء ، كلون الحجـارة الموزعة حتى على صعيد اللون يجري التناوب على حمل الأحجار البيضاء أو السوداء خصوصاً وان صاحب الأحجار البيضاء سيفتتح اللعبة تبعاً للأصول المرعية في هذا المجال .
- الأرقام الخيالية
عدد النقلات المحتملة على هذه المربعات الأربعة والستين يفوق بكثير قدرتنا على التصوير علماء الرياضيات أحصوا ثلاثمائة وثمانية عشر مليار إحتمال في النقلات الأربع الأولى فقط ... ! وفي غضون مباراة كاملة من الشطرنج بين لاعبين محترفين وهي تتألف عادة من أربعين هناك إحتمال لنقـلات تتجـاوز بكثير عـدد الـذرات المنتشرة في الفضاء الكوني والـرقـم المطروح لا مجـال - ولمن يريد تجربة نقلـة لكتابته الأمر عليه إضافة 115 صفراً على يمين الرقم ٢٥ - لكن خـلال الألعاب الواقعية ، فان معظم النقلات الممكنة هي غير ذات شان على صعيد هذه الأرقام الخيالية .
- مباديء أولية
اللعب كما ذكرنا يبدأ بالتناوب حسب القواعد الثابتة ، ومع نقلة أولى من قبل صاحب الأحجـار البيضاء وتعتبر الهجوم الأول اما الهدف الأساسي فيكون دائماً هو تهديد الملك هذا الخطر بحاول الخصم تفاديه بتقوية دفاع ملكه عن طريق إحاطته بالجنود و . الضباط ، وإذا لم يوفق بذلك فانه سوف يخسر اللعبة .
وتتميز لعبة الشطرنج بالطابع الأرستقراطي ، إذ ان اللاعب بإمكانه ضرب كل الأحجار الأ الملك فرغم ان هدف اللعبة هو تطبير . الملك عن الرقعة ، لكن النقلة الأخيرة التي ستقوم بهذه المهمة لا تحصل ابدأ ، بل يكتفي اللاعب باسباقها بكلمة ، كش ملك ، ، ومع عدم وجود إحتمال لحماية الملك أو إخفائه وتنحيته من امام الضربة المتوقعة ، يخسر اللاعب ( صاحب الملك المكشوف ) لعبته ، دون أن تحصل الضربة على رأس الملك فعلا .
على صعيد قوة الاحجار فهي تتفاوت بين حجر وآخر والملك هو الحجر الأهم في اللعبة ، لكن حركته محصورة فقط بالانتقال إلى المربع المجاور له من اي إتجاه كان ، الأمر الذي يجعله ضعيفاً وبحاجة لحماية ، بينما الوزير فهو صاحب الاحتمال الأكبر للتحرك وفي كل الاتجـاهـات .. أفقيا ، عموديا وقطرياً وعلى مدى الرقعة بكاملها .
المبتدئون في اللعبة يحاولون قدر الإمكان ضرب أكبر عدد من الحجارة للضغط على ملك الخصم ، بينما يقوم الضالعون باللعبة في محاولات لارهاق الإمكـانـيـات التكتيكية والاستراتيجية للاعب الآخر ، ومن ثم التضحية بالأحجار في وقت يراهنون على وقوع اللاعب الخصم في وضع سيء بحيث يلتهي بضرب حجارتهم عن كشف ملكه الذي يترصدون له .
- أطفال وعباقرة في اللعبة
في البداية إنتشرت لعبة الشطرنج في بلاط الملوك والأمراء وقصور الأرستقراطيين فكانت لعبتهم المفضلة . أما الآن ومع دخـول النصف الأخير للقرن العشـرين ، فـاللعبـة صـارت بمتناول كل من يجد فيها لذة وبغض النظر عن الطبقة التي ينتمي إليها .
واليوم نتـابع أسماء عالمية تحترف اللعبة التي اوصلت أبطالها إلى الشهرة والثراء أيضاً .
وفي مباريات البطولة العالمية نسمع اسماء كبيرة أمثـال :
لاسكر وتاراش وكـابـابـلانكا وكـاربـوف وريشفسكي واليشن ويوفه وبوتفينيك وسميسلوف وتال وبتروسيان وسياسيكي وفيشر وكـورتشنــوي وغيرهم . .
من بين هؤلاء هناك بعض العباقرة الذين بدأوا اللعبة وهم مرحلة الطفولة ومنهم الكوبي جوزية كابابلانكا الذي كان في السادسة من عمره حين بدأ يدرك أصول اللعبة ، ولما أصبح في الثانية عشرة من عمره تغلب على بطل الشطرنج في بلده ـ كوبا - وبعدها ذهب إلى نيويورك وهناك تغلب على ابطال اللعبة واحداً بعد الآخر .
ساموئيل ريشيفسكي البولوني آثار ضجة أكبر من كابابلانكا ، لقد تعلم الشطرنج قبل تعلمه للقراءة والكتابة ، وانتصر وهو في السادسة من عمره ضد عشرين لاعباً دفعة واحدة ، مما دفع علماء النفس إلى فحصه للتعرف على دواخله ، فتبين انه طبيعي جداً ولا وجود عنده لأي ظاهرة غير عادية ولكن بلا ادنى شك فان كلا من ريشيفسكي وكابابلانكا .
كانا يمتلكان رؤيا إبداعية للشطرنج دون الاستناد الى معرفة نظرية ، فقد كانا ينفذان بسرعة البرق إلى التركيبات الأكثر تعقيداً في اللعبة .
لاعب روسي آخر كان إستثنائياً من نوع آخر ، إنه الكسندر اليشن ، خليفة اللاعبين السابقين الذي كان يدخن يوميا ما يزيد عن مائة سيجارة ويشرب العديد من زجاجـات الكحول ، ومن ثم يجلس امام رقعة الشطرنج مخموراً ، ويحرك الأحجار باید مرتجفة ، لكنه رغم ذلك كان يربح دائماً .
- الحرب النفسية
والكسندر اليشن برهن إضافة إلى كل ما ذكر ، بانه استاذ الحيل البارعة في اللعبة ، أو بالأحرى استاذ الحرب النفسية فبعدما أزاحه الهولندي ماكس يوفه ، في عام 1935 ، عن المرتبة الأولى عاد لاستعادة لقبه بعد عامين ، وإستطاع ذلك فعلا بالحيلة . فلما علم ان خصمه الهولندي لديه حساسية كبيرة تجاه القطط ، اجلس على ركبتيه قطة سيامية ، وظل يداعب شعرها طيلة فترة المباراة . في وقت اجلس بقربه زوجته ، التي كانت تعمل على حياكة كنزة صوفية مليئة بصور القطط إضافة إلى كل ذلك كان البشن يرشف قهوته بصوت عال لإثارة اعصاب خصمه بصورة اکبر .
ومنذ ذلك الحين دخلت الحرب النفسية في مضمار لعبة الشطرنج ، فبدات عمليـات التركيز في عيون الخصـم وإثارته . . إما بالسخرية ، او في محاولة شبيهة بمحاولة التنويم المغناطيسي ... وقد أوصى مرة احد اللاعبين عازف اورغن الوقوف خارج نافذة قاعة المباراة ، والبدء بعزف صاخب كلمـا حـاول خصمـه اللعب . وإستعان لذلك بصديق له يزود العازف بإشارة لبدء عمله ، والانتهاء منه حين يبدأ دوره هو في اللعب .
- قالوا في الشطرنج
الفيلسوف والشاعر الألماني الكبير غوته الذي لم يتعلم لعبة الشطرنج على الإطلاق قال « إنها وسيلة إختبار للدماغ . بنجامين فرنكلين مخترع مانعة الصواعق قال : « إنها مصدر الثقـافـة الأخلاقية ، أما أحد أبطال العالم وهـو السـوفـيـاتـي بـوريس سبـاسيكبي ، فوصف اللعبـة ببساطة على أنها مجرد رياضة .
البطل الألماني روبرت هوبز موضع لعبة الشطرنج في مصاف الفن ، والمباريات التي تلعب بطريقة جيدة هي . الجمال في حد ذاته . !
العالم النفساني المحلل هارولد شونبرغ ، وهو لاعب شطرنجي قدير ، رأى في اللعبة صراعاً فكرياً بين شخصين !
كلمة أخيرة نذكرها مع نهاية هذا الموضوع هو أن اللعبة بدأت تحقق أرباحاً خيالية للاعبيها ، قد تتجاوز الخمسة ملايين دولاراً عن المباريات الواحدة .
تعليق