الْأفيُون ( نَبْذَة عامّة قصيرة جدًّا ).
الْأفيُون: عُصَارَةٌ نَبَاتِيَّة تُسْتَخْدَمُ لِلتَّخْدِيرِ والتَّنْوِيم.
• إِقْتِضَابات:
أ - الْأفيُون opium، من [اليونانية: opion]، مادّة دوائية مستفردة من عصارة سائلة لبنيّة تخرج بعد تجريح الثمار الفُجَّة شبه الكروية الحافظة لبذور نبات أبُو النّوْم أو الخَشْخاشُ المُنَوِّم [عِلْمِيًّا: Papaver somniferum] من الفصيلةِ الخَشْخَاشِيَّة [عِلْمِيًّا: Papaveraceae] وهي من النباتات الآسْيَوِيَّة الأوربية، ويبلغ قطر الثمرة نحو 4 سم ويتحول لونها بعد خروج عصارتها من الأخضر إلى الأصفر الباهت. وتصبح العصارة، التي لها رائحة مميزة خاصة، عسلية اللون عند تعرضها للهواء ويتحول هذا اللون إلى البني الأحمر الداكن إذا ما تعرضت لأشعة الشمس.
ب - وقد استفرد الأفيون سنة 1803 الصَيْدَلِيّ الفَرَنْسِيّ جان فرانسوا دورون jean-françois derosne ، وأكد صَيْدَلِيّ فَرَنْسِيّ آخر هو أرمان سوغان armand seguin هذا الاكتشاف في العام 1804 باستفراد الأفيون على هيئة بلورات، ولم يتم التوصل إلى استحصال أملاحه إلا سنة 1817 من قبل الصَيْدَلِيّ الأَلْمانِيّ فردريش شتورنر friedrich stürner.
ت - يتوافر الأفيون في المشافي والصيدليات على صورة مسحوق أو صبغة بسيطة أو صبغة زعفرانية جاوية أو خلاصة جافة أو أقراص متنوعة الأشكال.
ث- يزرع الخَشْخاش المُنَوِّم في شبه القارة الهندية وإيران وتركية وروسية وهنغارية ويوغسلافية واليابان.
ج - وكانت الصِّينُ في القرن التاسع عشر أكبر مستهلك للأفيون [حرب الأفيون: باختصار: فكرت الأمبراطورية البريطانية فى السيطرة على دولة الصين، لكن وجدت أن أعداد الشعب الصينى أعداد هائلة، فكيف يمكن للجيش البريطانى السيطرة على الجموع الغفيرة، فلم تجد سبيلا سوى إغراق الشعب فى المخدرات بتغييب عقولهم، فكانت تقوم القوات البريطانية بتوزيع الأفيون مجانًا على أفراد الشعب وأصبحت الشوارع والطرقات مكتظة بالمغيبين الذين لا حول لهم ولا قوة حتى إن المدرعات البريطانية كانت تدهسهم فى الشوارع].
ح - عرف المصريون القدماء الخَشْخاش واستعملوه في المداواة، واستعمله أطباء اليونان والرومان في المعالجة، كما استعمله المداوون العرب بنجاح كبير، ونقل عنهم إلى أوربة. وكانت الأمهات فيما مضى يستعملن مغلي ثمار الخشخاش لإسكات الأطفال وخلودهم إلى النوم، كما استعمل قشر ثمار الخَشْخاش مدقوقًا لتخفيف السعال وآلام الصدر.
خ - وفي العصور الحديثة استعمل اللودانُم laudanum (صبغة الأفيون المزعفرة) وصبغة الأفيون الغولية (الكحولية) في أروبّا لتسكين الآلام، وبدأ تحضير الأدوية منه في القرن التاسع عشر، فاستعملت مستحضراته في تسكين آلام الإثغار (التسنين) dysentérie عند الأطفال وفي تسكين السعال وآلام الزحار dysentérie. وكان الأفيون دواء القرن التاسع عشر إذ لم يكن هناك علاج ولا مداواة من دونه.
• تركيب الأفيون:
الأفيون مادة معقدة مكونة من ماء وبروتينات وسكريات وراتنجيات وشحوم وأصبغة وقلوانيات (أشباه قلويات) alcaloides يتجاوز عددها 25 قلوانياً مختلفاً أبرزها: الْمُورفين morphine والكُودئين codeine والبابافرين (خَشخاشين) papaverine والنركوتين narcotine والهيروئين heroine.
تصنف قلوانيات الأفيون وفق ثلاث مجموعات هي:
1 - المورفين: أكثر مركبات الأفيون شيوعاً، وأول مادة دوائية صرفة فصلت عن الأفيون الخام عام 1806، وهو قلوانيٌّ موجود في لُبِّ الأفيون بنسبة 8 ـ12%، تركيبه C17H19O3N,H2O ويتألف هذا الملح من بلورات على هيئة مكعبات، ويستعمل في الأدوية الصيدلانية بشكل هِيدْرَات الْكُلُورَال hydrate de chloral المُنْحَلّة. وهو مادة بيضاء اشتق اسمها من مورفيوس Morpheus إله الأحلام عند اليونان، تتميز بثباتها وسهولة نقلها. وتتألف جزيئة المورفين من تكاثف حلقة الفينانثرين phénanthrène مهدرجة جزئيًّا مع حلقة إيزوكينولين isoquinoléine مهدرجة كليًّا (الشكل ـ1). المورفين مسكِّنٌ للألم analgésique، وتختلف شدة تأثيراته باختلاف الأنواع الحيوانية التي تتناوله، فهو فعال على نحو خاص في الإنسان والكلاب. وتستعمل هِيدْرَات الْكُلُورَال المورفين زرقاً لتخفيف الألم ولها تأثير منوِّم، لكن تكرار استعمالها يؤدِّي إلى الاعتياد [إِدْمَانُ المُخَدِّرات toxicomanie]، ويؤثِّر المورفين في أجهزة التنفس ودوران الدَّم système circulatoire والهضم والجملة العصبية المركزية système nerveux central خاصة، ويعد المورفين العنصر الأساسي للتركيب الجزئي لمشتقاته: الكودئين codéine والكودثيلين codéthyline والدِيامُورفين diamorphine. ويقتصر إنتاجه القانوني على الاحتياجات الطبية. دخل المورفين الاستعمال الطبي عام 1830، واعتقد الأطباء أنه علاج عام لعدد كبير من الأمراض: كالسرطان، والربو، وأمراض القلب، وبقي معترفًا بقيمته مدة طويلة في العمليات الجراحية مسكِّنًا للآلام ومنوِّمًا، وفي خفض ضغط الدم، وتخفيف النزف الدموي، ومعالجة الإسهال وتسكين السعال. واستعمل المورفين منذ عام 1853 زرقاً تحت الجلد بعد ابتكار إبر الزرق injection sous-cutanée.
2 - الكودئين: أو الميتيل مُورْفِين، استفرده سنة 1832 الفرنسي بيير جان روبيكيه Pierre Jean Robiquet. وهو أحد قلوانيات الأفيون. ويستخرج على هيئة بلورات لا لون لها ولا رائحة، وهو أقل سمية من الأفيون. ويبين (الشكل ـ2) صيغته. يستعمل الكودئين مسكنًّا للسُّعال ومركناً sédatif. وتتفاوت المقادير الدوائية المسموح بها للكبار بين 02،0 و 06،0 غرام في كل 24 ساعة. واعطاء مقادير مفرطة منه تسبب تَسمُّمًا intoxication، وتقدر الجُرْعَةُ LD القاتِلَة للبالغين بغرام واحد. يشكل الكودئين مع الحموض القوية أملاحاً أكثرها استعمالًا فوسفات الكودئين المركنة للسعال. ويعطى الكودئين مركنًا ومنوِّمًا عن طريق الفم أو زرقاً في العضل. ويبدي الأطفال الصغار والمصابون بقصور تنفسي insuffisance respiratoire حساسية شديدة لهذه المادة. يتظاهر الانسمام بالكودئين بغثيان وإقياء وتقبض حدقة العين وهيوجية يتبعها سبات تتخلله اختلاجات ويحدث الموت بخمود تنفسي. ويعد النالين Nalline الترياق النوعي Antidote لحالة الانسمام فهو يعدل تأثير الكودئين السيء ويقاوم أثاره في العضوية.
3 - الببافرين: وهو من زمرة بنزيل إيزوكينولين Benzylisoquinoléine وهو قلواني مشتق من إيزوكينولين Isoquinoléine المستخلص من الأفيون أو المُهَيّأ تركيبيًّا، وقد استفرد أول مرة عام 1884، ويبين (الشكل ـ3) صيغته. والببافرين على نقيض القلوانيات الأفيونية الأخرى لا تأثير له في الجهاز العصبي المركزي، لكن له تأثيرًا مسكنًّا خفيفًا. يعارض الببافرين تَقَفُّعات contracture الألياف الملس لذا يتصف بتأثير خفيف حالٍّ للتشنج وخافضٍ للضغط الشرياني بتوسيعه الأوعية المحيطية، وله كذلك تأثير مضادّ للسعال. يعطى الببافرين عن طريق الفم أو زرقاً في العضل. ولا يؤدِّي استعماله إلى الإدمان. ويستعمل أحياناً في معالجة الإقفار ischémie الدماغي والمحيطي المترافق بتشنُّج شرياني كما يستعمل في بعض حالات إقفار عضلة القلب Ischémie myocardique المترافق بالـَّلانَظْمِيَّة arythmique، ويعطى على شكل هِيدْرَات الْكُلُورَال لمعالجة تشنُّجات الأنبوب الهضمي والسُّعال التشنُّجي.
4 - النركوتين: قَلَوَانِيٌّ مشتقٌ من الأفيون الذي يحوي 5% منه، وهو مخلِّج convulsif خفيف وقليل السمِّية لكنه يزيد من تأثير المورفين، ويبيِّنُ (الشكل ـ4) صيغته. يؤثِّر النركوتين في العَضَلاتِ المَلْساء ويَكْبِت المنعكس السُّعالي. استعمالاته الطبية قليلة جدًّا وإن كان لايؤدِّي إلى الإدمان.
• الاستهلاك غير الطبي:
أ - انتشر إِدْمانُ الأَفْيُون habitude de l'opium في جميع أنحاء العالم، ويشغل الأفيون ومشتقاته المكان الأول بين المخدرات. يترك تعاطي الأفيون بالتدخين عند المبتدئين أثرًا غير مقبول (غثيانًا)، ويبقى المتعاطي من دون حركة ساعات عدة، وبعد أن يعتاده المدخن يشعر بسعادة مزيفة مؤقتة ويتحلَّل من التزاماته الاجتماعية والأخلاقية، وتزداد حاجته إلى تعاطيه باطراد، وتضعف ذاكرته، وتنهار إرادته وتعتريه الكآبة والحزن والقلق وسرعة الانفعال أحيانًا، ويصاب بخمولٍ نفسيٍّ وعضويٍّ ويترافق ذلك مع انخفاض خطير في تغذيته، وضعف في حواسه عامة، وحاسة ذوقه خاصة نتيجة تناقص حليمات الذوق عنده، وتضطرب وظائف غدده اللُّعابية فيجف لسانه، ويتجعد جلده ويجف، وتستمر لديه تشنجات البواب والغثيان، ويصاب بالإمساك، وتختل وظائف غدده الصم ولاسيِّما الغدة الدرقية والغدد التناسلية، وتضمر أعضاؤه الجنسية، ويقل عدد النطاف لديه أو ينقطع الطمث لدى المرأة.
ب - الهِيرُوِين héroïne: وهو ثُنائِيُّ أَسِيتِيل مُورفِين diactéyl morphin، اشتق اسمه من اليونانية hêros وتعني البطل وهو عقار أشَدُّ فتكًا من الْمُورْفِين. يصنع الهِيرُوِين سرًّا بمعالجة المورفين بحمض الخل، وهو نوعان: نوع صرف يستنشق وآخر خليط بموادّ كيمياوية يؤخذ زرقًا. وقد انتشر إِدْمانُ الهِيرُوِين héroïnomanie في الولايات المتحدة الأمريكية مع حظر استيراده وصناعته وبيعه، فكان يهرب إلى داخل البلاد بكمِّيَّات كبيرة. يشعر متعاطي الجرعة الأولى من الهِيرُوِين بارتخاء واطمئنان عابرين يتبعهما انحطاط في القوى وإحساس بالشقاء، ويأخذ المدمن بعد ذلك جرعة أو شمة ثانية لتلبية حاجة ملحة وينقلب المدمن إلى عبد للمخدر، فيضعف ويفقد شهيته ويعاني الأرق، ويعيش في خوف دائم عندما لا يتاح له استنشاقه، وقد يرتكب الجريمة في سبيل الحصول عليه. وإذا ما مُنِعَ عنه ارتجف وأصابه الإسهال وأحاق الألم ببطنه وظهره وأصيب بالحمى والغثيان.
• إنتاج الأفيون وتحريمه:
أ - تعَدُّ تجارة الأفيون من أكثر أنواع التجارة المحرمة دولياً. ففي عام 1909 اقترح ثيودور روزفلت theodore roosevelt عقد معاهدة دولية لتحريم تجارة المخدرات وقد أخذت بها الأمم المتحدة، وتم التوصل إلى وضع اتفاقية العقاقير المخدرة، وألفت «الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات» (INCB) ومقرها جنيف، وهي تقوِّم حاجات العالم من المخدرات المشتقة من الأفيون وتراقبها، ووقع اتفاق في نيويورك عام 1953 يرمي إلى تعرف الحاجات الحقيقية من الأفيون للأغراض الطبية والعلمية، ولوضع قواعد زراعة الخشخاش وإنتاجه، ولتجارة الأفيون العالمية ولاستعماله.
الْأفيُون: عُصَارَةٌ نَبَاتِيَّة تُسْتَخْدَمُ لِلتَّخْدِيرِ والتَّنْوِيم.
• إِقْتِضَابات:
أ - الْأفيُون opium، من [اليونانية: opion]، مادّة دوائية مستفردة من عصارة سائلة لبنيّة تخرج بعد تجريح الثمار الفُجَّة شبه الكروية الحافظة لبذور نبات أبُو النّوْم أو الخَشْخاشُ المُنَوِّم [عِلْمِيًّا: Papaver somniferum] من الفصيلةِ الخَشْخَاشِيَّة [عِلْمِيًّا: Papaveraceae] وهي من النباتات الآسْيَوِيَّة الأوربية، ويبلغ قطر الثمرة نحو 4 سم ويتحول لونها بعد خروج عصارتها من الأخضر إلى الأصفر الباهت. وتصبح العصارة، التي لها رائحة مميزة خاصة، عسلية اللون عند تعرضها للهواء ويتحول هذا اللون إلى البني الأحمر الداكن إذا ما تعرضت لأشعة الشمس.
ب - وقد استفرد الأفيون سنة 1803 الصَيْدَلِيّ الفَرَنْسِيّ جان فرانسوا دورون jean-françois derosne ، وأكد صَيْدَلِيّ فَرَنْسِيّ آخر هو أرمان سوغان armand seguin هذا الاكتشاف في العام 1804 باستفراد الأفيون على هيئة بلورات، ولم يتم التوصل إلى استحصال أملاحه إلا سنة 1817 من قبل الصَيْدَلِيّ الأَلْمانِيّ فردريش شتورنر friedrich stürner.
ت - يتوافر الأفيون في المشافي والصيدليات على صورة مسحوق أو صبغة بسيطة أو صبغة زعفرانية جاوية أو خلاصة جافة أو أقراص متنوعة الأشكال.
ث- يزرع الخَشْخاش المُنَوِّم في شبه القارة الهندية وإيران وتركية وروسية وهنغارية ويوغسلافية واليابان.
ج - وكانت الصِّينُ في القرن التاسع عشر أكبر مستهلك للأفيون [حرب الأفيون: باختصار: فكرت الأمبراطورية البريطانية فى السيطرة على دولة الصين، لكن وجدت أن أعداد الشعب الصينى أعداد هائلة، فكيف يمكن للجيش البريطانى السيطرة على الجموع الغفيرة، فلم تجد سبيلا سوى إغراق الشعب فى المخدرات بتغييب عقولهم، فكانت تقوم القوات البريطانية بتوزيع الأفيون مجانًا على أفراد الشعب وأصبحت الشوارع والطرقات مكتظة بالمغيبين الذين لا حول لهم ولا قوة حتى إن المدرعات البريطانية كانت تدهسهم فى الشوارع].
ح - عرف المصريون القدماء الخَشْخاش واستعملوه في المداواة، واستعمله أطباء اليونان والرومان في المعالجة، كما استعمله المداوون العرب بنجاح كبير، ونقل عنهم إلى أوربة. وكانت الأمهات فيما مضى يستعملن مغلي ثمار الخشخاش لإسكات الأطفال وخلودهم إلى النوم، كما استعمل قشر ثمار الخَشْخاش مدقوقًا لتخفيف السعال وآلام الصدر.
خ - وفي العصور الحديثة استعمل اللودانُم laudanum (صبغة الأفيون المزعفرة) وصبغة الأفيون الغولية (الكحولية) في أروبّا لتسكين الآلام، وبدأ تحضير الأدوية منه في القرن التاسع عشر، فاستعملت مستحضراته في تسكين آلام الإثغار (التسنين) dysentérie عند الأطفال وفي تسكين السعال وآلام الزحار dysentérie. وكان الأفيون دواء القرن التاسع عشر إذ لم يكن هناك علاج ولا مداواة من دونه.
• تركيب الأفيون:
الأفيون مادة معقدة مكونة من ماء وبروتينات وسكريات وراتنجيات وشحوم وأصبغة وقلوانيات (أشباه قلويات) alcaloides يتجاوز عددها 25 قلوانياً مختلفاً أبرزها: الْمُورفين morphine والكُودئين codeine والبابافرين (خَشخاشين) papaverine والنركوتين narcotine والهيروئين heroine.
تصنف قلوانيات الأفيون وفق ثلاث مجموعات هي:
1 - المورفين: أكثر مركبات الأفيون شيوعاً، وأول مادة دوائية صرفة فصلت عن الأفيون الخام عام 1806، وهو قلوانيٌّ موجود في لُبِّ الأفيون بنسبة 8 ـ12%، تركيبه C17H19O3N,H2O ويتألف هذا الملح من بلورات على هيئة مكعبات، ويستعمل في الأدوية الصيدلانية بشكل هِيدْرَات الْكُلُورَال hydrate de chloral المُنْحَلّة. وهو مادة بيضاء اشتق اسمها من مورفيوس Morpheus إله الأحلام عند اليونان، تتميز بثباتها وسهولة نقلها. وتتألف جزيئة المورفين من تكاثف حلقة الفينانثرين phénanthrène مهدرجة جزئيًّا مع حلقة إيزوكينولين isoquinoléine مهدرجة كليًّا (الشكل ـ1). المورفين مسكِّنٌ للألم analgésique، وتختلف شدة تأثيراته باختلاف الأنواع الحيوانية التي تتناوله، فهو فعال على نحو خاص في الإنسان والكلاب. وتستعمل هِيدْرَات الْكُلُورَال المورفين زرقاً لتخفيف الألم ولها تأثير منوِّم، لكن تكرار استعمالها يؤدِّي إلى الاعتياد [إِدْمَانُ المُخَدِّرات toxicomanie]، ويؤثِّر المورفين في أجهزة التنفس ودوران الدَّم système circulatoire والهضم والجملة العصبية المركزية système nerveux central خاصة، ويعد المورفين العنصر الأساسي للتركيب الجزئي لمشتقاته: الكودئين codéine والكودثيلين codéthyline والدِيامُورفين diamorphine. ويقتصر إنتاجه القانوني على الاحتياجات الطبية. دخل المورفين الاستعمال الطبي عام 1830، واعتقد الأطباء أنه علاج عام لعدد كبير من الأمراض: كالسرطان، والربو، وأمراض القلب، وبقي معترفًا بقيمته مدة طويلة في العمليات الجراحية مسكِّنًا للآلام ومنوِّمًا، وفي خفض ضغط الدم، وتخفيف النزف الدموي، ومعالجة الإسهال وتسكين السعال. واستعمل المورفين منذ عام 1853 زرقاً تحت الجلد بعد ابتكار إبر الزرق injection sous-cutanée.
2 - الكودئين: أو الميتيل مُورْفِين، استفرده سنة 1832 الفرنسي بيير جان روبيكيه Pierre Jean Robiquet. وهو أحد قلوانيات الأفيون. ويستخرج على هيئة بلورات لا لون لها ولا رائحة، وهو أقل سمية من الأفيون. ويبين (الشكل ـ2) صيغته. يستعمل الكودئين مسكنًّا للسُّعال ومركناً sédatif. وتتفاوت المقادير الدوائية المسموح بها للكبار بين 02،0 و 06،0 غرام في كل 24 ساعة. واعطاء مقادير مفرطة منه تسبب تَسمُّمًا intoxication، وتقدر الجُرْعَةُ LD القاتِلَة للبالغين بغرام واحد. يشكل الكودئين مع الحموض القوية أملاحاً أكثرها استعمالًا فوسفات الكودئين المركنة للسعال. ويعطى الكودئين مركنًا ومنوِّمًا عن طريق الفم أو زرقاً في العضل. ويبدي الأطفال الصغار والمصابون بقصور تنفسي insuffisance respiratoire حساسية شديدة لهذه المادة. يتظاهر الانسمام بالكودئين بغثيان وإقياء وتقبض حدقة العين وهيوجية يتبعها سبات تتخلله اختلاجات ويحدث الموت بخمود تنفسي. ويعد النالين Nalline الترياق النوعي Antidote لحالة الانسمام فهو يعدل تأثير الكودئين السيء ويقاوم أثاره في العضوية.
3 - الببافرين: وهو من زمرة بنزيل إيزوكينولين Benzylisoquinoléine وهو قلواني مشتق من إيزوكينولين Isoquinoléine المستخلص من الأفيون أو المُهَيّأ تركيبيًّا، وقد استفرد أول مرة عام 1884، ويبين (الشكل ـ3) صيغته. والببافرين على نقيض القلوانيات الأفيونية الأخرى لا تأثير له في الجهاز العصبي المركزي، لكن له تأثيرًا مسكنًّا خفيفًا. يعارض الببافرين تَقَفُّعات contracture الألياف الملس لذا يتصف بتأثير خفيف حالٍّ للتشنج وخافضٍ للضغط الشرياني بتوسيعه الأوعية المحيطية، وله كذلك تأثير مضادّ للسعال. يعطى الببافرين عن طريق الفم أو زرقاً في العضل. ولا يؤدِّي استعماله إلى الإدمان. ويستعمل أحياناً في معالجة الإقفار ischémie الدماغي والمحيطي المترافق بتشنُّج شرياني كما يستعمل في بعض حالات إقفار عضلة القلب Ischémie myocardique المترافق بالـَّلانَظْمِيَّة arythmique، ويعطى على شكل هِيدْرَات الْكُلُورَال لمعالجة تشنُّجات الأنبوب الهضمي والسُّعال التشنُّجي.
4 - النركوتين: قَلَوَانِيٌّ مشتقٌ من الأفيون الذي يحوي 5% منه، وهو مخلِّج convulsif خفيف وقليل السمِّية لكنه يزيد من تأثير المورفين، ويبيِّنُ (الشكل ـ4) صيغته. يؤثِّر النركوتين في العَضَلاتِ المَلْساء ويَكْبِت المنعكس السُّعالي. استعمالاته الطبية قليلة جدًّا وإن كان لايؤدِّي إلى الإدمان.
• الاستهلاك غير الطبي:
أ - انتشر إِدْمانُ الأَفْيُون habitude de l'opium في جميع أنحاء العالم، ويشغل الأفيون ومشتقاته المكان الأول بين المخدرات. يترك تعاطي الأفيون بالتدخين عند المبتدئين أثرًا غير مقبول (غثيانًا)، ويبقى المتعاطي من دون حركة ساعات عدة، وبعد أن يعتاده المدخن يشعر بسعادة مزيفة مؤقتة ويتحلَّل من التزاماته الاجتماعية والأخلاقية، وتزداد حاجته إلى تعاطيه باطراد، وتضعف ذاكرته، وتنهار إرادته وتعتريه الكآبة والحزن والقلق وسرعة الانفعال أحيانًا، ويصاب بخمولٍ نفسيٍّ وعضويٍّ ويترافق ذلك مع انخفاض خطير في تغذيته، وضعف في حواسه عامة، وحاسة ذوقه خاصة نتيجة تناقص حليمات الذوق عنده، وتضطرب وظائف غدده اللُّعابية فيجف لسانه، ويتجعد جلده ويجف، وتستمر لديه تشنجات البواب والغثيان، ويصاب بالإمساك، وتختل وظائف غدده الصم ولاسيِّما الغدة الدرقية والغدد التناسلية، وتضمر أعضاؤه الجنسية، ويقل عدد النطاف لديه أو ينقطع الطمث لدى المرأة.
ب - الهِيرُوِين héroïne: وهو ثُنائِيُّ أَسِيتِيل مُورفِين diactéyl morphin، اشتق اسمه من اليونانية hêros وتعني البطل وهو عقار أشَدُّ فتكًا من الْمُورْفِين. يصنع الهِيرُوِين سرًّا بمعالجة المورفين بحمض الخل، وهو نوعان: نوع صرف يستنشق وآخر خليط بموادّ كيمياوية يؤخذ زرقًا. وقد انتشر إِدْمانُ الهِيرُوِين héroïnomanie في الولايات المتحدة الأمريكية مع حظر استيراده وصناعته وبيعه، فكان يهرب إلى داخل البلاد بكمِّيَّات كبيرة. يشعر متعاطي الجرعة الأولى من الهِيرُوِين بارتخاء واطمئنان عابرين يتبعهما انحطاط في القوى وإحساس بالشقاء، ويأخذ المدمن بعد ذلك جرعة أو شمة ثانية لتلبية حاجة ملحة وينقلب المدمن إلى عبد للمخدر، فيضعف ويفقد شهيته ويعاني الأرق، ويعيش في خوف دائم عندما لا يتاح له استنشاقه، وقد يرتكب الجريمة في سبيل الحصول عليه. وإذا ما مُنِعَ عنه ارتجف وأصابه الإسهال وأحاق الألم ببطنه وظهره وأصيب بالحمى والغثيان.
• إنتاج الأفيون وتحريمه:
أ - تعَدُّ تجارة الأفيون من أكثر أنواع التجارة المحرمة دولياً. ففي عام 1909 اقترح ثيودور روزفلت theodore roosevelt عقد معاهدة دولية لتحريم تجارة المخدرات وقد أخذت بها الأمم المتحدة، وتم التوصل إلى وضع اتفاقية العقاقير المخدرة، وألفت «الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات» (INCB) ومقرها جنيف، وهي تقوِّم حاجات العالم من المخدرات المشتقة من الأفيون وتراقبها، ووقع اتفاق في نيويورك عام 1953 يرمي إلى تعرف الحاجات الحقيقية من الأفيون للأغراض الطبية والعلمية، ولوضع قواعد زراعة الخشخاش وإنتاجه، ولتجارة الأفيون العالمية ولاستعماله.