عالم الآثار البريطاني تشارلز ليونارد وولي Charles Leonard Woolley

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عالم الآثار البريطاني تشارلز ليونارد وولي Charles Leonard Woolley

    وولي (ليونارد)

    Woolley (Leonard-) - Woolley (Leonard-)

    وولي (ليونارد ـ)
    (1880ـ 1960م)

    ولد عالم الآثار البريطاني المعروف تشارلز ليونارد وولي Charles Leonard Woolley في مدينة لندن، وكان أبوه قساً بروتستنتياً، وهو نفسه درس اللاهوت في جامعة أكسفورد قبل أن يتحول إلى التخصص في الآثار، ولذلك كان للجانب الديني تأثير كبير في طريقة تعامله مع وقائع العمل الأثري وتفسير بعض الاكتشافات التي أدت إليها تنقيباته. وحين كان في العشرينيات من عمره مارس العمل الحقلي الأثري لأول مرة في النوبة وفي إيطاليا قبل أن يتولى إدارة التنقيبات الأثرية في موقع كركميش Karkamish في عام 1911م حينما كان في الواحدة والثلاثين من عمره. خدم ليونارد وولي منذ اندلاع الحرب العالمية الأولى ضابطاً في مخابرات الجيش البريطاني في مصر، وتعرّض للأسر في تركيا منذ عام 1916م حتى نهاية الحرب في عام 1918م.
    من اليمين إلى اليسار: ليونارد ومساعده لورانس يقفان أمام لوح
    من عصر الحثيين في أثناء عملية التنقيب في كركميش في سورية
    بين عامي 1911و1914
    أمضى وولي فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية في التنقيبات الأثرية في تركيا ومصر والعراق وسورية. وفي عام 1935م منح رتبة فارس في بريطانيا تقديراً لخدماته في مجال الآثار، وعمل مستشاراً خاصاً بالشؤون الأثرية في الهند في عام 1938م. وفي الحرب العالمية الثانية أصبح مستشاراً لقيادة قوات الحلفاء. وكان له دور مهم في حماية الآثار من مخاطر تلك الحرب؛ إذ إنه بناء على مشورته أصدر القائد الأعلى لقوات الحلفاء آنذاك، الجنرال دوايت ايزنهاور D.Eisenhower أمراً منع بموجبه تخريب الأبنية التي تحوي كنوزاً أثرية وفنية أو نهبها. وواصل بعد انتهاء تلك الحرب أعمال التنقيب الأثري، ومن ثم عكف على إعداد البحوث والكتب الخاصة بتنقيباته، ولكن بعضها تأخر في الصدور إلى ما بعد وفاته، ومن تلك الكتب مذكراته التي صدرت في عام 1962م. كانت تنقيبات المتحف البريطاني في موقع مدينة كركميش القديمة ـ على الضفة الغربية لنهر الفرات في بلدة جرابلس عند الحدود السورية ـ التركية حالياً ـ بين عامي 1878ـ1881م، واستؤنف التنقيب في هذا الموقع عام 1911م ليستمر حتى عام 1914م. وقد تولى ليونارد وولي إدارة تلك التنقيبات قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى خلفاً لكامبل تومبسون، وفي ذلك الوقت قام وولي بالتنقيب في الموقع الأثري تل يونس Yunus القريب من كركميش، حيث اكتشف أفراناً لصنع الفخار وأرجع تأريخها إلى دور «حَلَف الباكر». فضلاً عن العمل في كركميش قام وولي بمساعدة لورنس العرب بالتحري في موقع ديوي حيوك Deve Huyuk على الحدود بين سورية وتركيا، حيث وجدت ثلاث مقابر في هذا الموقع الذي تعرض للنهب من قبل المزارعين المحليين، المقبرة الأولى خاصة بالحرق ويعود تأريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، والمقبرة الثانية استعملت لدفن الجنود الأخمينيين الفرس في القرن الخامس قبل الميلاد، أما المقبرة الثالثة فتعود إلى العصر الفرثي. ومع نشوب الحرب أجرى وولي ومساعده لورنس أعمال تحرٍ أثري في شبه جزيرة سيناء في عام 1914م قبل التفرغ تماماً لعمل المخابرات العسكرية في مصر، وبعد انتهاء الحرب عاد وولي إلى كركميش ليواصل أعمال التنقيب، ولكن الأحوال السياسية لم تمكنه من ذلك فأوقف عمله وانتقل إلى التنقيب في تل العمارنة في مصر (1921ـ1922م).
    انتقل وولي إلى العراق وباشر عمله في عام 1922م بإدارة تنقيبات المتحف البريطاني في تل العبيد على بعد نحو 6.5كم إلى الشمال من أور. وهناك اكتشفت لأول مرة آثار العصر الأول من عصور ما قبل التأريخ في جنوبي العراق، وفي العام نفسه باشر بإدارة تنقيبات البعثة الأثرية المشتركة من المتحف البريطاني ومتحف جامعة بنسلفانيا في أور، وهي التنقيبات التي استمرت حتى عام 1934م، وكان مساعده في المواسم الستة الأخيرة هناك ماكس ملوان Max Mallowan. في عام 1935م قام وولي بحفر مجس سبر في تل عطشانة [ر] (ألالاخ القديمة) على الضفة اليمنى لنهر العاصي في سهل العمق، ولما اكتشف أهمية هذا الموقع عاد إلى التنقيب فيه قبل الحرب العالمية الثانية (1937ـ1939م)، وواصل التنقيب هناك بعد انتهاء الحرب (1946ـ1949م). وقد شملت تنقيباته في الموسم الأول موقع المينا على ساحل البحر المتوسط حيث اكتشف مخازن للفخار الإيجي والقبرصي، وأرخ السكن في الموقع من أواخر القرن التاسع ق.م حتى أوائل العصر الهلنستي.
    من أشهر الاكتشافات التي اقترن بها اسم ليونارد وولي المقبرة الملكية في أور التي ضمت ستة عشر ضريحاً ملكياً اكتشفت في كل منها كنوز نفيسة يعود تأريخها إلى نحو منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، ويعود إلى وولي ودقته في التنقيب الفضل في رسم المشهد الحقيقي لما حدث في تلك الأضرحة التي مورست فيها التضحية البشرية بعشرات الأشخاص، وكان تفسيره لتلك الممارسة ـ في كونها تضحية بالأتباع من الحاشية مع الملك أو الملكة المتوفين ـ مصيباً؛ إذ أثبتته الأدلة الكتابية التي لم تكن مكتشفة في حينه. شغل التقرير النهائي لتنقيبات وولي في أور عشرة مجلدات كتب معظمها بنفسه، واستغرق نشر هذه المجلدات خمسين عاماً بعد انتهاء التنقيب. أما الرُّقُم المسمارية التي اكتشفها في تلك المدينة فقد بلغ عددها في سجلات البعثة نحو 20 ألف رقيم، وصدرت استنساخات بعضها بثمانية مجلدات، وأُخذ على وولي تسرعه أحياناً في الاستنتاج أو تقديم تفسيرات يريد لها أن تتفق مع النصوص الدينية، وهذا ما حدث في تفسيره لطبقة سميكة من الرواسب الطينية على أنها من مخلفات الطوفان، وكذلك إعلانه عن اكتشاف بيت النبي إبراهيم في أور، أو وصفه لمجيء السومريين بعد الطوفان، وجميعها استنتاجات نفاها البحث العلمي، ويُحمد وولي على تقبله الأدلة العلمية واستعداده دوماً للتراجع عن الاستنتاجات التي لا تثبت صحتها، و تتفق آراء الباحثين على أنه واحد من أفضل المنقبين الآثاريين في القرن العشرين.
    نائل حنون

يعمل...
X