نَبْذَةٌ تَعْرِيفِيَّةٌ عَامَّة عَنْ نَبَاتَ الحَنظَلُ.
الْحَنظَلُ نبات بَرِّيٌّ يُشْبِهُ ثَمَرَةَ البِطِّيخِ، لَوْنُهُ بَيْنَ الاخْضِرارِ وَالاِصْفِرَارِ، طَعْمُهُ مُرٌّ، وَيُسْتَعمَلُ فِي الأَدْوِيَةِ الطِّبِّيَّةِ، وَلَهُ أَثَرٌ سَامٌّ فِي الْحَيَوَانِ وَالْإِنْسَانِ إِذَا تُخُطِّيَتْ الْجُرْعَة الْمُوصَى بِهَا.
وَهُوَ نَبَاتٌ مُعَمَّرٌ، (أَيْ يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ وَاحِدٍ). يَنْمُو فِي الْمَنَاطِقِ الْجَافَّةِ فِي كُلِّ بُلْدَانِ الْوَطِنِ الْعَرَبِيِّ، وَفِي تُرْكِيَا وَإِيْرَان وَالْهِنْد، وَبِخَاصَّةٍ فِي الْأَرَاضِي الرَّمْلِيَّةِ، وَيَتَّبِعُ النَّبَاتُ الْفَصِيلَةَ الْقَرْعِيَّةَ، وَالَّتِي يَنْتَمِي إِلَيْهَا الْيَقْطِينُ وَالبِّطِيخُ وَالْقِثَاءُ وَالْخِيَارُ، وَهُوَ نَبَاتٌ يَتَحَمَّلُ الْجَفَافَ إِلَى دَرَجةٍ كَبِيرةٍ.
وَهُوَ نَبَاتٌ زَاحِفٌ، أَيْ تَمْتَدُّ سَاقُهُ عَلَى سَطْحِ الْأَرْضِ، وَيَحْمِلُ أَوْرَاقًا بَسِيطَةً، عَمِيقَةَ التَّفَصُّصِ، خَشِنَةَ الْمَلْمَسِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ شُعَيْرَاتٍ تُغَطِّي سَطْحَهَا، وَجُذُورُهُ سَمِيكَةٌ تَخْتَزِنُ الْمَاءَ.
وَيَحْمِلُ النَّبَاتُ الْوَاحِدُ أَزْهَارًا مُذَكَّرَةً وَأُخْرَى مُؤَنَّثَة، صَفْرَاءَ اللَّوْنِ، ويُعْطِي النَّبَاتُ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ الثِّمَارْ، كُرَوِيَّةِ الشَّكْلْ، مَلْسَاءْ يَكُونُ لَوْنُهَا أَخْضَرَ مُبَرْقَشًا بِخُطُوطٍ بَيْضَاءَ.
وَتَصْفَرُّ الثِّمَارُ عِنْدَ نُضْجِهَا، وَتُصْبِحُ شِبْهَ جَوْفَاءٍ لِجَفَافِ لُبَابِهَا، وَجَفَافِ بُذُورِهَا بِالدَّاخِلِ، وَيُصْبِحُ غِلَافُ الثَّمَرةِ الْخَارِجِيِّ خَشَبِيًّا، وَيَصِلُ حَجْمُهَا إِلَى حَجْمِ الْبُرْتُقَالَةِ.
وَالثِّمَارُ شَدِيدَةُ الْمَرَارَةِ، وَلِمَرَارَةِ الثَّمَرَةِ سُمِّيَ النَّبَاتُ عَلْقِمًا، أَوْ مَرَارَةَ الصَّحَارِي، أَوْ مٌرَّ الصَّحَارِي.
وَثِمَارُ الْحَنْظَلِ مُسْهِّلةٌ شَدِيدَةُ الْأَثَرِ، وَإِسْهَالُهَا نَاتِجٌ عَنْ اِحْتِوَائِهَا عَلَى مَادَّةٍ كِيمْيَائِيَّةٍ تُسَمَّى جُلُوكُوسِيد الْكُولُوسِنْتِينْ، وَيُسْتَعْمَلُ لُبُّهَا فِي الدَّوَاءِ، بَعْدَ إِزَالَةِ الْقِشْرِ وَالْبُذُورِ.
وَمَا زَالَ لُبُّ ثَمَرَةِ الْحَنْظَلِ مِنَ الْمُفْرَدَاتِ فِي دُسْتُورِ الدَّوَاءِ الْأَمْرِيكِيِّ، وَدُسْتُورِ الدَّوَاءِ الْمِصْرِيِّ، وَغَيْرِهَا مِنْ دَسَاتِيرِ الْأَدْوِيَّةِ. وَالْجُرْعَةُ فِي حُدُودِ 120 مِلِّيغْرَام، أَيْ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ غْرَأم وَتَأْثِيرُهَا مَلْحُوظٌ عَلَى الْأَمْعَاءِ.
وَثَمَرَةُ الْحَنْظَلِ غَيْرَ النَّاضِجَةِ تُسَهِّلُ بِإِفْرَاطٍ، وُتَقِيِّءُ بِشِدَّةٍ حَتَى أَنَّهَا قَدْ تَقْتُلُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْعَالِمُ النَّبَاتِيُّ اِبْنُ الْبَيْطَارِ فِي كِتَابِهِ «جَامِعُ الْأَدْوِيَّةِ وَالْأَغِذِيَّة» عَنِ الْحَنْظَلِ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَلَّا يُسْتَعْمَلَ فِي الْأَدْوِيَّةِ شَيْءٌ مِنْ قُشُورِ الْحَنْظَلِ أَوْ بُذُورِهِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْلُّبُّ مِنَ الثَّمَرَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الطَّبِيبُ دَاوُدَ الْأَنْطَاكِيّ فِي كِتَابِهِ «تَذْكِرَةَ أُولِي الْأَلْبَابِ» بِأَنَّهُ: نَبْتٌ يَمْتَدُّ عَلَى الْأَرْضِ كَالْبِطِّيخِ، وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ، تَبْقَى قُوَتُهُ إِلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، وُيسَهِّلُ الْبَلْغَمَ شُرْبًا، وَيْنْفَعُ فِي الْفَالِجَ وَهُوَ عَاهَةٌ تُصِيبُ الْبَدَنَ فَتَشُّلُّ بَعْضَهُ عَنِ الْحَرَكَةِ، كَمَا يَنْفَعُ أَيْضًا فِي الصُّدَاعِ وَعِرْقَ النَّسَا وَالْمَفَاصِلِ وَالنِّقْرِسَ وَأَوْجَاعَ الظَّهْرِ، وَطبِيخُهُ مَعَ الزَّيْتِ يَنْفَعُ فِي الْجُذَامِ وَأَوْجَاعِ الْأُذُنِ وَالْيَرَقَان.
وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الْمَوْسُوعِيُّ يَعْقُوب بَنِ إِسْحَاق الْكِنِدي فِي كِتَابِه «رِسَالَةٌ فِي قَدَرِ مَنْفَعَةِ صِنَاعَةِ الطِّبّ» طَرِيقَةً جَمِيلَةً لِلْعِلَاجِ بِهِ عَنْ طَرِيقِ دَلْكِ الْأَقْدَامِ بِالْحَنْظَلِ فَيُؤَدِّي لِلْإِسْهَالِ فَيُبْرِئُ آلَام الْمَفَاصِلِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُومَ الْمَرِيضُ بِقَطْعِ حَنْظَلَةٍ خَضْرَاءَ نِصْفَيْنِ وَكُلَّ نِصْفٍ يُدَاسُ عَلَيْهَا بِالْقَدَمِ وَيَقِفُ الْمُتَعَالِجُ عَلَيْهَا حَتَى إِذَا شَعَرَ بِأَنَّ الطَّعْمَ الْمُرَّ وَصَلَ إِلَى حَلْقِهِ تَرَكَهَا لِيُصَابَ بَعْدَهَا بِإِسْهَالٍ يُزِيلُ الدِّيدَانَ ويخَفِّضُ السُّكَّرِّيّ وَيُرِيحُ الْمَفَاصِلَ.
وَقَدْ اِسْتَعْمَلَ الْعَرَبُ هَذِهِ الثِّمَارَ فِي التَّدَاوِي، وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي مُصَنَّفَاتِهِمِ الْكَثِيَرةِ عَنْ مُفْرَدَاتِ الْأَدْوِيَّةِ وَالْعَقَاقِير.
وَإِنَّكَ بِمُجَرَدِ زِيَارَتِكَ لِدُكَّانِ بَائِعِ الْأعْشَابِ الطِّبِّيَّةِ، أَوْ الْعَطَّار، يُشِيرُ إِلَى وُجُودِ الْحَنْظَلِ كَأَهَمِّ الْمَوَادِّ النَّبَاتِيَّةِ الطِّبِّيَّة، فهم ينصحونَ بهِ لِعَدَّةِ عِلَلٍ، فَمَنْقُوعُ لُبِّ الثَّمَرَةِ يُزِيلُ حَالَاتِ الْإِمْسَاكِ الْمُزْمِن وُيُنَشِّطُ حَرَكَةَ الْأَمْعَاءِ وَالْمَعِدَة وَيَطْرُدُ الْغَازَات. كَمَا يُفِيدُ فِي دَرِّ الصَّفْراء وَعِلَاجِ وَآلَامِ الْكَبِدِ وَالْأَمْرَاضِ الرُّومَاتِيزْمِيَّةِ. وُيْسْتَعْمَلُ الزَّيْتُ الْمُسْتَخْلَصُ مِنَ الْبُذُورِ فِي مُعَالَجَةِ بَعْضِ الْأَمْرَاضِ الْجِلْدِيَّةِ كَالْجَرَبِ، وَفِي طَرْدِ الْقُرَادِ الْعَالِقِ بِجِلْدِ الَحَيَوَانَات. وَيُضِيفُ بَعْضُ الْأَهَالِي الثُّومَ إِلى مَغْلِيِّ جُذُورِهِ لِعِلَاجِ لَدْغَةِ الثُّعْبَانِ، كَمَا يُسْتَعْمَلُ فِي عِلَاجِ الْجُرُوحِ لِأَنَّ لَهُ خَوَاصٌّ مُطَهِّرَة.
فِي تَجْرِبَةٍ سَرِيرِيَّة حَدِيثَةٍ، اِسْتَنْتَجَتْ إِلَى أَنَّ اِسْتِخَدَامَ نَبَاتِ الْحَنْظَلِ مَرَّةً وَاحِدَةً يَوْمِيًّا لِمُدَّةِ شَّهْرَيْنِ بِجُرْعَةٍ مِقْدَارُهَا 125 مِلِّيغْرَام، يُؤَدِّي إِلَى اِنْخِفَاضٍ مَلْحُوظٍ فِي نِسْبَةِ سُّكَّرِ الدَّم لَدَى مَرْضَى السُّكَّرِّيِّ مِنَ النَّمَطِ الثَّانِي دُونَ حُدُوثِ آثَارٍ جَانِبِيَّةٍ سَلْبِيَّة. التَّجْرُبَةُ السَّرِيريَّة ( أَيْ الدِّرَاسَاتِ عَلَى الْبَشَر) تَسْتَنِدُ عَلَى الْمُرَاقَبَةِ الْمُبَاشِرَة لِلْمَرِيضِ، والَّتِي تُعتبَرُ مِعْيَارًا ذَهَبِيًّا لِاِخْتِبَارِ فَعَالِيَّة وَسَلَامَةِ الْأَدْوِيَّةِ.
وَتُشِيرُ الْأَبْحَاثُ التَّجْرِيبِيَّة الْحَدِيثَةُ، وَذَلِكَ مِنْ تَجَارِبَ أُجْرِيَتْ عَلَى الْفِئْرَان، إِلَى أَنَّ لِخُلَاصَةِ بُذُورِهِ أَوْ لُبِّهِ تَأْثِيرًا فِي تَخْفِّيضِ نِسْبَةِ السُّكَّر فِي الدَّم، وَخَافِضًا لِلْكُولِسْتِرُول الضَّارّ «أَلْ دِي أَلْ»، وَخَافِضًا لِضَغْطِ الدَّم، وَوَاقِيًّا لِتَلَفِ الْأَعْصَاب، وَمَانِعًا لِتَسَمُّمِ الْكَبِد.
أَيْضًا تُشِيرُ الْأَبْحَاثُ التَّجْرِيبِيَّة الْحَدِيثَةُ، وَذَلِكَ مِنْ تَجَارِبَ أُجْرِيَتْ فِي بِيئَةٍ مُصْطَنَعَة ( فِي الْمُخْتَبَر)، إِلَى أَنَّ لِخُلَاصَةِ بُذُورِهِ أَوْ لُبِّهِ تَأْثِيرًا مُضَادًّا لِلْمَيكْرُوبَات، وَمُضَادًّا لِلْفُطْرِيَّات، وُمُضَادًّا لِلْأَكْسَدَةِ، وَمُضَادًّا لِلْاِلْتِهَاب، وَمُضادًّا لِلْأَوْرَام.
يُعَدُّ الْحَنْظَل مِنْ أَشَدِّ الْمَوَادِّ سُمِّيَّةً؛ حَيْثُ يُسَبِبُ تَهُيُّجًا لِلْمَعِدَة وَالْأَمْعَاءِ وَيُسَبِبُ الْإِسْهَال الشَّدِيدَ مَصْحُوبًا بالدَّم، وَلَوْ أَكَلَ الْإِنْسَانُ رُبْعَ ثَمَرَةٍ فَإِنَّهُ سَيَمُوتُ لَا مَحَالَةِ وَقَدْ ذَكَرَ جَابِر الْقَحْطَانِيّ الْخَبِيرُ بالنَّبَاتَاتِ الطِّبِّيَّة السُّعُودِيّ فِي مَقَالَةٍ نُشِرَت فِي جَرِيدَةِ الرِّياضِ اليَّوْمِيَّة أَنَّ اِمْرَأَةً تَنَاوَلَتْ 120 غِرَامًا مِنَ الْحَنْظَلِ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُسْقِطَ جَنِينَهَا إِلَّا أنَّهَا مَاتَتْ بَعْدَ 50 سَاعَةً بِالرّغْمِ مِنَ الْعِلَاجِ فِي الْمُسْتَشْفى.
لِذَلِكَ هُوَ غَيْرُ آمِنٍ بَتَاتًا لِلْنِّسَاءِ الْحَوَامِل وَالْمُرْضِعَات وَالْأَطْفَال الْأَقَلَّ مِنْ 18 سَنَة.
شَّخصِيًّا وَمُنْذُ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ كَانَتْ قَدْ وَقَعَتْ حَادِثَة مُشَابِهَة، وَذَلِكَ عِنْدَمَا كُنْتُ بَائِعًا فِي دُكَّانٍ لِلْأَعْشَابِ الطِّبِّيَّة فِي مَدِينَةِ الْأَرْبِعَاءِ بِوِلَايَةِ الْبِلِيدَة الْجَزَائِرِيَّةِ، بِحَيْثُ طَلَبِ مِنِّي زَبُونٌ ثِمَارَ الْحَنْظَلِ، وَقْبَلَ الْبَيْعِ حَذَرْتُهُ بِصَرَامَةٍ مِنْ أنَّهَا نَبْتَةٌ سَامَّةٌ جِدًّا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا خِبْرَةٌ لَا تَسْتَعِمِلْهَا، قَالَ هِي لِأَبِي وَلَا شَّكَّ أنَّ أَبِي بِهَا خَبِيرٌ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهَا تَنْفَعُ مِنَ الرُّومَاتِيزْم. لَمْ يَمِضِي إلَّا يَوْمَانِ وَإِذَا بِالشُّرْطَةِ الْجِنَائِيَّةِ عِنْدِنَا بِالدُكَّانِ، يُحَقِّقُونَ فِي النَّبَاتِ الَّذِي اِشْتَرَاهُ الزَّبُونُ فَقَدْ تُوُفِيَ وَالِدُهُ إِثْرَ تَعَاطِيهِ الْحَنْظَل، وَذَلِكَ أَنَّ وَالِدَهُ كَانَ يُعَانِي أَعْرَاضٍ بِدَائِيَّةٍ لِمَرَضِ ألْزَهَايْمَرَ، لِذَلِكَ فَهُوَ لَا يَعِي مَا يَفْعَل، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذِي قَبْلٍ خَبِيرًا فِي الْأَعْشَابِ الطبِّيَّةِ فإِنَّ الْمَرَضَ يُنْسيهِ تِلْكَ الْخِبْرَةَ الْمُتَوَارِثَة. لِلْأَسَف تَعَاطَى الرَّجُلُ جُرْعَةً زَائِدَةً مِنَ الْحَنْظَلِ وَتُوُفِّيَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى الْمُسْتَشْفَى، وقُدِّمَ إِبْنْهُ لِلتَّحْقِيق بِحُكْمِ أَنَّهُ أَعْطَى لِأَبِيهِ مَادَّةً نَبَاتِيَّةً سَامَّة وَهُوَ يُعَانِي مِنْ أَعْراضٍ بِدَائِيَّةٍ لِدَاءِ ألْزَهَايْمَرَ. وَمِنْ تِلْكَ الْحَادِثَةِ حَذَفْنَا مَادَّةَ الْحَنْظَلِ بِشَّكْلٍ شِبْهِ تَامٍّ مِنَ الْبَيْع، بِاسْتِثْنَاءِ أَشْخَاصٍ لَهُمْ دِرَايَةٌ فِي الْأَعْشَابِ الطِّيِّيَّةِ.
إِنَّ الْمَاعِز الَّتِي أُعْطِيت غِذَاءً يَحْتَوِي عَلَى ثِمَارِ نَبَاتِ الْحَنْظَلِ مَعَ أَوْرَاقَهِ يَتَرَكَّز بِـ(2.0-10غم/كغم) أَظْهَرت حَالَاتِ تَسَمُّمٍ حَادٍّ وَكَانَتْ عَلَى أشَدِّهَا عِنْدَ التَرْكِّيز بِـ(10غم/كغم) إِذْ سَبَبَتْ حَالَاتِ مَوتٍ فُجَائِيٍّ عِنْدَ الْمَاعِز فِي يَوْمِ الْأَوَّل إِلَى الْأُسْبُوعِ الثَّانِي.
تَبْدَأُ الْجُرْعَةُ الْقَاتِلَةُ مِنْ لُبِّ الْحَنْظَلِ مِنْ 2غ. وَفِي حَالَةِ التَسَمُّم بِالْحَنْظَلِ يَجِبُ اِتِّبَاعُ الْآتِي: - يَجِبُ غَسْلُ الْمَعِدَةِ لِإِخْرَاجِ مَا فِيهَا بِأَسْرعٍ وَقْتٍ، ثُمَّ يُعْطَى الْمُتَسَّمِّمُ بَعْدَ الْغُسْلِ جُرْعَةً مِنْ صِبْغَةِ الْأَفْيُّون عَنْ طَرِيقِ الْفَم أَوْ الشَّرْج، ثُمَّ تَتَبِّعُ بِأَحَدِ الْمُنَبِّهَاتِ وَأَكْلٍ غَنِّيٍّ بِالْمَوَادِّ الْهُلَامِيَّةِ.
لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعْمَلَ نَبَاتُ الْحَنْظَلِ والنَّبَاتاتُ السَّامَّة عُمُومًا، بِدُونِ إِشْرافٍ مِنَ اِخْتِصَاصِيِّ النَّبَاتَاتِ الطِّبِّيَّة أَوْ اِخْتِصَاصِيِّ السُّمُومِيَّات.
التَّوَزُّع الْجُغْرَافِيّ الْحَيَوِيّ:
الْجَزَائِر، سُورِيَّة، لُبْنَان، مِصْر، الْكُوَيْت، الْعِرَاق، عُمَان، مُورِيتَانْيَا، لِيبْيَا، الْمَغْرِب، تُونس، الْمَمْلَكَةُ العَرَبِيَّةُ السَّعُودِيَّة، فِلَسْطِين، اليَمَن، السُّودَان، أَفَغَانِسْتَان، بَنْغِلَادِيش، جُمْهُورِيّة بِنِين، بُورْكِينَا فَاسُو، جُزُرُ الْكَنَارِيّ، جُمْهُورِيَّة التشاد، جَزِيرَة الرَّأْس الْأَخْضَر، قُبْرُص، جِيبُوتِي، إِرِيتَرِيَا، إثْيُوبْيا، اليُّونَان، الْهِنْد، إِيْرَان، دُوَل الْخَلِيج، سَاحِل الْعَاج، كِينْيَا، جُمْهُورِيَّة مَالِي، بُورْمَا، النِّيجَر، بَاكِسْتَان، السِّنِغال، صِقِلِّيَّة، سَيْنَاء، جَزِيرَة سُقُطْراء، الصُّومَال، إِسْبَانْيَا، سِيرِيلانْكا، تُرْكِيَا، تُركُمَانِستَان.
ـــــــــــــــــ
الْحَنظَلُ نبات بَرِّيٌّ يُشْبِهُ ثَمَرَةَ البِطِّيخِ، لَوْنُهُ بَيْنَ الاخْضِرارِ وَالاِصْفِرَارِ، طَعْمُهُ مُرٌّ، وَيُسْتَعمَلُ فِي الأَدْوِيَةِ الطِّبِّيَّةِ، وَلَهُ أَثَرٌ سَامٌّ فِي الْحَيَوَانِ وَالْإِنْسَانِ إِذَا تُخُطِّيَتْ الْجُرْعَة الْمُوصَى بِهَا.
وَهُوَ نَبَاتٌ مُعَمَّرٌ، (أَيْ يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ وَاحِدٍ). يَنْمُو فِي الْمَنَاطِقِ الْجَافَّةِ فِي كُلِّ بُلْدَانِ الْوَطِنِ الْعَرَبِيِّ، وَفِي تُرْكِيَا وَإِيْرَان وَالْهِنْد، وَبِخَاصَّةٍ فِي الْأَرَاضِي الرَّمْلِيَّةِ، وَيَتَّبِعُ النَّبَاتُ الْفَصِيلَةَ الْقَرْعِيَّةَ، وَالَّتِي يَنْتَمِي إِلَيْهَا الْيَقْطِينُ وَالبِّطِيخُ وَالْقِثَاءُ وَالْخِيَارُ، وَهُوَ نَبَاتٌ يَتَحَمَّلُ الْجَفَافَ إِلَى دَرَجةٍ كَبِيرةٍ.
وَهُوَ نَبَاتٌ زَاحِفٌ، أَيْ تَمْتَدُّ سَاقُهُ عَلَى سَطْحِ الْأَرْضِ، وَيَحْمِلُ أَوْرَاقًا بَسِيطَةً، عَمِيقَةَ التَّفَصُّصِ، خَشِنَةَ الْمَلْمَسِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ شُعَيْرَاتٍ تُغَطِّي سَطْحَهَا، وَجُذُورُهُ سَمِيكَةٌ تَخْتَزِنُ الْمَاءَ.
وَيَحْمِلُ النَّبَاتُ الْوَاحِدُ أَزْهَارًا مُذَكَّرَةً وَأُخْرَى مُؤَنَّثَة، صَفْرَاءَ اللَّوْنِ، ويُعْطِي النَّبَاتُ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ الثِّمَارْ، كُرَوِيَّةِ الشَّكْلْ، مَلْسَاءْ يَكُونُ لَوْنُهَا أَخْضَرَ مُبَرْقَشًا بِخُطُوطٍ بَيْضَاءَ.
وَتَصْفَرُّ الثِّمَارُ عِنْدَ نُضْجِهَا، وَتُصْبِحُ شِبْهَ جَوْفَاءٍ لِجَفَافِ لُبَابِهَا، وَجَفَافِ بُذُورِهَا بِالدَّاخِلِ، وَيُصْبِحُ غِلَافُ الثَّمَرةِ الْخَارِجِيِّ خَشَبِيًّا، وَيَصِلُ حَجْمُهَا إِلَى حَجْمِ الْبُرْتُقَالَةِ.
وَالثِّمَارُ شَدِيدَةُ الْمَرَارَةِ، وَلِمَرَارَةِ الثَّمَرَةِ سُمِّيَ النَّبَاتُ عَلْقِمًا، أَوْ مَرَارَةَ الصَّحَارِي، أَوْ مٌرَّ الصَّحَارِي.
وَثِمَارُ الْحَنْظَلِ مُسْهِّلةٌ شَدِيدَةُ الْأَثَرِ، وَإِسْهَالُهَا نَاتِجٌ عَنْ اِحْتِوَائِهَا عَلَى مَادَّةٍ كِيمْيَائِيَّةٍ تُسَمَّى جُلُوكُوسِيد الْكُولُوسِنْتِينْ، وَيُسْتَعْمَلُ لُبُّهَا فِي الدَّوَاءِ، بَعْدَ إِزَالَةِ الْقِشْرِ وَالْبُذُورِ.
وَمَا زَالَ لُبُّ ثَمَرَةِ الْحَنْظَلِ مِنَ الْمُفْرَدَاتِ فِي دُسْتُورِ الدَّوَاءِ الْأَمْرِيكِيِّ، وَدُسْتُورِ الدَّوَاءِ الْمِصْرِيِّ، وَغَيْرِهَا مِنْ دَسَاتِيرِ الْأَدْوِيَّةِ. وَالْجُرْعَةُ فِي حُدُودِ 120 مِلِّيغْرَام، أَيْ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ غْرَأم وَتَأْثِيرُهَا مَلْحُوظٌ عَلَى الْأَمْعَاءِ.
وَثَمَرَةُ الْحَنْظَلِ غَيْرَ النَّاضِجَةِ تُسَهِّلُ بِإِفْرَاطٍ، وُتَقِيِّءُ بِشِدَّةٍ حَتَى أَنَّهَا قَدْ تَقْتُلُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْعَالِمُ النَّبَاتِيُّ اِبْنُ الْبَيْطَارِ فِي كِتَابِهِ «جَامِعُ الْأَدْوِيَّةِ وَالْأَغِذِيَّة» عَنِ الْحَنْظَلِ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَلَّا يُسْتَعْمَلَ فِي الْأَدْوِيَّةِ شَيْءٌ مِنْ قُشُورِ الْحَنْظَلِ أَوْ بُذُورِهِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْلُّبُّ مِنَ الثَّمَرَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الطَّبِيبُ دَاوُدَ الْأَنْطَاكِيّ فِي كِتَابِهِ «تَذْكِرَةَ أُولِي الْأَلْبَابِ» بِأَنَّهُ: نَبْتٌ يَمْتَدُّ عَلَى الْأَرْضِ كَالْبِطِّيخِ، وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ، تَبْقَى قُوَتُهُ إِلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، وُيسَهِّلُ الْبَلْغَمَ شُرْبًا، وَيْنْفَعُ فِي الْفَالِجَ وَهُوَ عَاهَةٌ تُصِيبُ الْبَدَنَ فَتَشُّلُّ بَعْضَهُ عَنِ الْحَرَكَةِ، كَمَا يَنْفَعُ أَيْضًا فِي الصُّدَاعِ وَعِرْقَ النَّسَا وَالْمَفَاصِلِ وَالنِّقْرِسَ وَأَوْجَاعَ الظَّهْرِ، وَطبِيخُهُ مَعَ الزَّيْتِ يَنْفَعُ فِي الْجُذَامِ وَأَوْجَاعِ الْأُذُنِ وَالْيَرَقَان.
وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الْمَوْسُوعِيُّ يَعْقُوب بَنِ إِسْحَاق الْكِنِدي فِي كِتَابِه «رِسَالَةٌ فِي قَدَرِ مَنْفَعَةِ صِنَاعَةِ الطِّبّ» طَرِيقَةً جَمِيلَةً لِلْعِلَاجِ بِهِ عَنْ طَرِيقِ دَلْكِ الْأَقْدَامِ بِالْحَنْظَلِ فَيُؤَدِّي لِلْإِسْهَالِ فَيُبْرِئُ آلَام الْمَفَاصِلِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُومَ الْمَرِيضُ بِقَطْعِ حَنْظَلَةٍ خَضْرَاءَ نِصْفَيْنِ وَكُلَّ نِصْفٍ يُدَاسُ عَلَيْهَا بِالْقَدَمِ وَيَقِفُ الْمُتَعَالِجُ عَلَيْهَا حَتَى إِذَا شَعَرَ بِأَنَّ الطَّعْمَ الْمُرَّ وَصَلَ إِلَى حَلْقِهِ تَرَكَهَا لِيُصَابَ بَعْدَهَا بِإِسْهَالٍ يُزِيلُ الدِّيدَانَ ويخَفِّضُ السُّكَّرِّيّ وَيُرِيحُ الْمَفَاصِلَ.
وَقَدْ اِسْتَعْمَلَ الْعَرَبُ هَذِهِ الثِّمَارَ فِي التَّدَاوِي، وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي مُصَنَّفَاتِهِمِ الْكَثِيَرةِ عَنْ مُفْرَدَاتِ الْأَدْوِيَّةِ وَالْعَقَاقِير.
وَإِنَّكَ بِمُجَرَدِ زِيَارَتِكَ لِدُكَّانِ بَائِعِ الْأعْشَابِ الطِّبِّيَّةِ، أَوْ الْعَطَّار، يُشِيرُ إِلَى وُجُودِ الْحَنْظَلِ كَأَهَمِّ الْمَوَادِّ النَّبَاتِيَّةِ الطِّبِّيَّة، فهم ينصحونَ بهِ لِعَدَّةِ عِلَلٍ، فَمَنْقُوعُ لُبِّ الثَّمَرَةِ يُزِيلُ حَالَاتِ الْإِمْسَاكِ الْمُزْمِن وُيُنَشِّطُ حَرَكَةَ الْأَمْعَاءِ وَالْمَعِدَة وَيَطْرُدُ الْغَازَات. كَمَا يُفِيدُ فِي دَرِّ الصَّفْراء وَعِلَاجِ وَآلَامِ الْكَبِدِ وَالْأَمْرَاضِ الرُّومَاتِيزْمِيَّةِ. وُيْسْتَعْمَلُ الزَّيْتُ الْمُسْتَخْلَصُ مِنَ الْبُذُورِ فِي مُعَالَجَةِ بَعْضِ الْأَمْرَاضِ الْجِلْدِيَّةِ كَالْجَرَبِ، وَفِي طَرْدِ الْقُرَادِ الْعَالِقِ بِجِلْدِ الَحَيَوَانَات. وَيُضِيفُ بَعْضُ الْأَهَالِي الثُّومَ إِلى مَغْلِيِّ جُذُورِهِ لِعِلَاجِ لَدْغَةِ الثُّعْبَانِ، كَمَا يُسْتَعْمَلُ فِي عِلَاجِ الْجُرُوحِ لِأَنَّ لَهُ خَوَاصٌّ مُطَهِّرَة.
فِي تَجْرِبَةٍ سَرِيرِيَّة حَدِيثَةٍ، اِسْتَنْتَجَتْ إِلَى أَنَّ اِسْتِخَدَامَ نَبَاتِ الْحَنْظَلِ مَرَّةً وَاحِدَةً يَوْمِيًّا لِمُدَّةِ شَّهْرَيْنِ بِجُرْعَةٍ مِقْدَارُهَا 125 مِلِّيغْرَام، يُؤَدِّي إِلَى اِنْخِفَاضٍ مَلْحُوظٍ فِي نِسْبَةِ سُّكَّرِ الدَّم لَدَى مَرْضَى السُّكَّرِّيِّ مِنَ النَّمَطِ الثَّانِي دُونَ حُدُوثِ آثَارٍ جَانِبِيَّةٍ سَلْبِيَّة. التَّجْرُبَةُ السَّرِيريَّة ( أَيْ الدِّرَاسَاتِ عَلَى الْبَشَر) تَسْتَنِدُ عَلَى الْمُرَاقَبَةِ الْمُبَاشِرَة لِلْمَرِيضِ، والَّتِي تُعتبَرُ مِعْيَارًا ذَهَبِيًّا لِاِخْتِبَارِ فَعَالِيَّة وَسَلَامَةِ الْأَدْوِيَّةِ.
وَتُشِيرُ الْأَبْحَاثُ التَّجْرِيبِيَّة الْحَدِيثَةُ، وَذَلِكَ مِنْ تَجَارِبَ أُجْرِيَتْ عَلَى الْفِئْرَان، إِلَى أَنَّ لِخُلَاصَةِ بُذُورِهِ أَوْ لُبِّهِ تَأْثِيرًا فِي تَخْفِّيضِ نِسْبَةِ السُّكَّر فِي الدَّم، وَخَافِضًا لِلْكُولِسْتِرُول الضَّارّ «أَلْ دِي أَلْ»، وَخَافِضًا لِضَغْطِ الدَّم، وَوَاقِيًّا لِتَلَفِ الْأَعْصَاب، وَمَانِعًا لِتَسَمُّمِ الْكَبِد.
أَيْضًا تُشِيرُ الْأَبْحَاثُ التَّجْرِيبِيَّة الْحَدِيثَةُ، وَذَلِكَ مِنْ تَجَارِبَ أُجْرِيَتْ فِي بِيئَةٍ مُصْطَنَعَة ( فِي الْمُخْتَبَر)، إِلَى أَنَّ لِخُلَاصَةِ بُذُورِهِ أَوْ لُبِّهِ تَأْثِيرًا مُضَادًّا لِلْمَيكْرُوبَات، وَمُضَادًّا لِلْفُطْرِيَّات، وُمُضَادًّا لِلْأَكْسَدَةِ، وَمُضَادًّا لِلْاِلْتِهَاب، وَمُضادًّا لِلْأَوْرَام.
يُعَدُّ الْحَنْظَل مِنْ أَشَدِّ الْمَوَادِّ سُمِّيَّةً؛ حَيْثُ يُسَبِبُ تَهُيُّجًا لِلْمَعِدَة وَالْأَمْعَاءِ وَيُسَبِبُ الْإِسْهَال الشَّدِيدَ مَصْحُوبًا بالدَّم، وَلَوْ أَكَلَ الْإِنْسَانُ رُبْعَ ثَمَرَةٍ فَإِنَّهُ سَيَمُوتُ لَا مَحَالَةِ وَقَدْ ذَكَرَ جَابِر الْقَحْطَانِيّ الْخَبِيرُ بالنَّبَاتَاتِ الطِّبِّيَّة السُّعُودِيّ فِي مَقَالَةٍ نُشِرَت فِي جَرِيدَةِ الرِّياضِ اليَّوْمِيَّة أَنَّ اِمْرَأَةً تَنَاوَلَتْ 120 غِرَامًا مِنَ الْحَنْظَلِ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُسْقِطَ جَنِينَهَا إِلَّا أنَّهَا مَاتَتْ بَعْدَ 50 سَاعَةً بِالرّغْمِ مِنَ الْعِلَاجِ فِي الْمُسْتَشْفى.
لِذَلِكَ هُوَ غَيْرُ آمِنٍ بَتَاتًا لِلْنِّسَاءِ الْحَوَامِل وَالْمُرْضِعَات وَالْأَطْفَال الْأَقَلَّ مِنْ 18 سَنَة.
شَّخصِيًّا وَمُنْذُ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ كَانَتْ قَدْ وَقَعَتْ حَادِثَة مُشَابِهَة، وَذَلِكَ عِنْدَمَا كُنْتُ بَائِعًا فِي دُكَّانٍ لِلْأَعْشَابِ الطِّبِّيَّة فِي مَدِينَةِ الْأَرْبِعَاءِ بِوِلَايَةِ الْبِلِيدَة الْجَزَائِرِيَّةِ، بِحَيْثُ طَلَبِ مِنِّي زَبُونٌ ثِمَارَ الْحَنْظَلِ، وَقْبَلَ الْبَيْعِ حَذَرْتُهُ بِصَرَامَةٍ مِنْ أنَّهَا نَبْتَةٌ سَامَّةٌ جِدًّا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا خِبْرَةٌ لَا تَسْتَعِمِلْهَا، قَالَ هِي لِأَبِي وَلَا شَّكَّ أنَّ أَبِي بِهَا خَبِيرٌ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهَا تَنْفَعُ مِنَ الرُّومَاتِيزْم. لَمْ يَمِضِي إلَّا يَوْمَانِ وَإِذَا بِالشُّرْطَةِ الْجِنَائِيَّةِ عِنْدِنَا بِالدُكَّانِ، يُحَقِّقُونَ فِي النَّبَاتِ الَّذِي اِشْتَرَاهُ الزَّبُونُ فَقَدْ تُوُفِيَ وَالِدُهُ إِثْرَ تَعَاطِيهِ الْحَنْظَل، وَذَلِكَ أَنَّ وَالِدَهُ كَانَ يُعَانِي أَعْرَاضٍ بِدَائِيَّةٍ لِمَرَضِ ألْزَهَايْمَرَ، لِذَلِكَ فَهُوَ لَا يَعِي مَا يَفْعَل، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذِي قَبْلٍ خَبِيرًا فِي الْأَعْشَابِ الطبِّيَّةِ فإِنَّ الْمَرَضَ يُنْسيهِ تِلْكَ الْخِبْرَةَ الْمُتَوَارِثَة. لِلْأَسَف تَعَاطَى الرَّجُلُ جُرْعَةً زَائِدَةً مِنَ الْحَنْظَلِ وَتُوُفِّيَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى الْمُسْتَشْفَى، وقُدِّمَ إِبْنْهُ لِلتَّحْقِيق بِحُكْمِ أَنَّهُ أَعْطَى لِأَبِيهِ مَادَّةً نَبَاتِيَّةً سَامَّة وَهُوَ يُعَانِي مِنْ أَعْراضٍ بِدَائِيَّةٍ لِدَاءِ ألْزَهَايْمَرَ. وَمِنْ تِلْكَ الْحَادِثَةِ حَذَفْنَا مَادَّةَ الْحَنْظَلِ بِشَّكْلٍ شِبْهِ تَامٍّ مِنَ الْبَيْع، بِاسْتِثْنَاءِ أَشْخَاصٍ لَهُمْ دِرَايَةٌ فِي الْأَعْشَابِ الطِّيِّيَّةِ.
إِنَّ الْمَاعِز الَّتِي أُعْطِيت غِذَاءً يَحْتَوِي عَلَى ثِمَارِ نَبَاتِ الْحَنْظَلِ مَعَ أَوْرَاقَهِ يَتَرَكَّز بِـ(2.0-10غم/كغم) أَظْهَرت حَالَاتِ تَسَمُّمٍ حَادٍّ وَكَانَتْ عَلَى أشَدِّهَا عِنْدَ التَرْكِّيز بِـ(10غم/كغم) إِذْ سَبَبَتْ حَالَاتِ مَوتٍ فُجَائِيٍّ عِنْدَ الْمَاعِز فِي يَوْمِ الْأَوَّل إِلَى الْأُسْبُوعِ الثَّانِي.
تَبْدَأُ الْجُرْعَةُ الْقَاتِلَةُ مِنْ لُبِّ الْحَنْظَلِ مِنْ 2غ. وَفِي حَالَةِ التَسَمُّم بِالْحَنْظَلِ يَجِبُ اِتِّبَاعُ الْآتِي: - يَجِبُ غَسْلُ الْمَعِدَةِ لِإِخْرَاجِ مَا فِيهَا بِأَسْرعٍ وَقْتٍ، ثُمَّ يُعْطَى الْمُتَسَّمِّمُ بَعْدَ الْغُسْلِ جُرْعَةً مِنْ صِبْغَةِ الْأَفْيُّون عَنْ طَرِيقِ الْفَم أَوْ الشَّرْج، ثُمَّ تَتَبِّعُ بِأَحَدِ الْمُنَبِّهَاتِ وَأَكْلٍ غَنِّيٍّ بِالْمَوَادِّ الْهُلَامِيَّةِ.
لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعْمَلَ نَبَاتُ الْحَنْظَلِ والنَّبَاتاتُ السَّامَّة عُمُومًا، بِدُونِ إِشْرافٍ مِنَ اِخْتِصَاصِيِّ النَّبَاتَاتِ الطِّبِّيَّة أَوْ اِخْتِصَاصِيِّ السُّمُومِيَّات.
التَّوَزُّع الْجُغْرَافِيّ الْحَيَوِيّ:
الْجَزَائِر، سُورِيَّة، لُبْنَان، مِصْر، الْكُوَيْت، الْعِرَاق، عُمَان، مُورِيتَانْيَا، لِيبْيَا، الْمَغْرِب، تُونس، الْمَمْلَكَةُ العَرَبِيَّةُ السَّعُودِيَّة، فِلَسْطِين، اليَمَن، السُّودَان، أَفَغَانِسْتَان، بَنْغِلَادِيش، جُمْهُورِيّة بِنِين، بُورْكِينَا فَاسُو، جُزُرُ الْكَنَارِيّ، جُمْهُورِيَّة التشاد، جَزِيرَة الرَّأْس الْأَخْضَر، قُبْرُص، جِيبُوتِي، إِرِيتَرِيَا، إثْيُوبْيا، اليُّونَان، الْهِنْد، إِيْرَان، دُوَل الْخَلِيج، سَاحِل الْعَاج، كِينْيَا، جُمْهُورِيَّة مَالِي، بُورْمَا، النِّيجَر، بَاكِسْتَان، السِّنِغال، صِقِلِّيَّة، سَيْنَاء، جَزِيرَة سُقُطْراء، الصُّومَال، إِسْبَانْيَا، سِيرِيلانْكا، تُرْكِيَا، تُركُمَانِستَان.
ـــــــــــــــــ