نَبْذَةٌ تَعْرِيفِيَّةٌ عَامَّةٌ عَنْ نَبَاتَ التِّين.
يُطْلَقُ لَفْظُ «التِّين» عَلَى النَّبَاتَاتِ مِنْ جِنْسِ فِيكَسْ مِنَ الْفَصِيلَةِ التُّوتِيَّةِ، كَمَا يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى جِنْسِ أوبانْشيا مِنْ فَصِيلَةِ الصَبَّار.
وَيَحْتَوِي جِنْسْ فِيكَسْ عَلَى عِدَّةِ أَنْوَاعٍ تُزْرَعُ لِلْزِّينَةِ، مَا عَدَا النَّوْعِ الْمُسَمَّى «تِينْ بَرْشُومِي» أَوْ «تِينٌ شَائِعٌ»، الْاِسْمُ الْعِلْمِيُّ لَهُ بِاللَّاتِينِيَّة «فِيكَسْ كَارِّيكَا»، وَهَذا النَّوْعُ هُوَ الَّذِي وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حِينَ أَقْسَمَ بِهِ اللهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَطُورِ سِينِينَ». (الْآيَّة رَقَم 1-2 مِنْ سُورَةِ التِّين).
وَقَدْ أَوْصَى وَأثْنَى عَنْهَا نَبِيُّ الْإِسْلَام مُحَمَّد (ص): قَائِلًا: «كُلُوا؛ فَلَوْ قُلْتُ إنَّ فاكِهَةً نَزَلَتْ مِنَ الجَنَّةِ لَقُلْتُ هَذِهِ لِأنَّ فاكِهَةَ الجَنَّةِ بِلا عَجَمٍ».
وَعُرفَ التِّينُ الْبَرْشُومِيُّ أَو الشَّائِعُ فِي الزِّرَاعَةِ مُنْذُ الْقِدَمِ. وَزَرَعَهُ قُدَمَاءُ الْمِصْرِيينَ مُنْذُ 4000 سَنَةَ ق.م.
مَوْطِنُهُ الْأَصْلِيُّ جَنُوبُ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَمِنْهَا اِنْتَشَرَ فِي حَوْضِ الْبَحْرِ الْمُتَوَسِّط. وَكَتَبَ عَنْهُ الْفَيْلَسُوفُ اليُّونَانِيُّ سُقْراط فِي كِتَابٍ لَهُ اِسْمُهُ «دِرَاسَاتٌ فِي النَّبَات»، وَوَصَفَ طَرِيقَةَ زِرَاعَتِهِ.
وَالتِّينُ الْبَرْشُومِيُّ أَوِ الشَّاِئعِ شَجَرَةٌ مُتَوَسِّطَةُ الطُـولِ، لَهَا أَوْرَاقٌ مُفَصَّصَـة، وَثَمَـرَتُهَـا غَضَّةٌ، وَلَهَا حَامِلٌ لَحْمِيٌّ أَجْوفَ، وَلَهُ فُتْحَةٌ عِنْدَ قِمَّتِهِ.
وَتُسْتَعْمَل ثِمَارُ التِّينِ بِغَالِبِيَّة أَصْنَافِهَا وَضَرُوبِهَا، طَازَجَةً أَوْ مُجَفَّفَةً أَوْ مَحْفُوظَةً أَوْ مُعَلَّبَةً. وَلَهَا قِيمَةٌ غِذَائِيَّةٌ عَالِيَّة، تَحْتَوِي عَلَى 6% بُرُوتِين، 1,5% دُهُون، وَحَوَالَيّ 87% سَكَاكِر، وَحَوَالَيّ 6% أَلْيَاف، وَبِهَا بَعْضُ الْأَمْلَاحِ الْمَعْدَنِيَّةِ بِكَمِّيَّاتٍ ضَئِيلَة.
وَيُسْتَعْمَلُ التِّينُ طِبِّيًّا كَمَادَّةٍ مُلَيِّنَةٍ، وَمُلَطِّفَةٍ لالتهابات الْأَغْشِيَّةِ الْمُخَاطِيَّةِ. وَبِهَا مَوَادٌّ مُطَهِّرة. وَيُسْتَعْمَلُ مِنَ الظَّاهِرِ فِي عِلَاجِ الْجُرُوحِ وَالْقُرُوحِ بِتَضْمِيدِهَا بِالثِّمَارِ الْمُجَفَّفَةِ وَالْمَغْلِيَّةِ فِي الْحَلِيبِ.
• التِّين قَدْيمًا.
يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْعَالَمَ الْقَدِيمَ قَدْ اِسْتَغَلَّ التِّينَ كَدَوَاءٍ طبِّيٍّ وَغِذَائِيٍّ صِحِّيٍّ في آنٍ مَعًا، فَقَدْ ذَكَرَهُ الْكَثِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْقُدَامَى فِي شَتَّى تَخَصُّصَاتهِم الْعِلْمِيَّة، وَمِنْهَا مَا يَأْتِي:
- قَالَ عَنْهَا اِبْنِ قَيّمِ الجَوْزِيَّةِ-الْعَالِمُ الْفَقِيهُ الْعَرَبِيُّ (ت: 751ه): التِّينُ يَدخُلُ أَكْلُهُ والنظَرُ إليهِ في بابِ الْمُفْرِحَاتِ، ولهُ لَذَّةٌ يَمتازُ بها عنْ سائِرِ الفواكِهِ، ويَزيدُ في الْقُوَّةِ، ويُوافِقُ الْبَاءَةَ، ويَنْفَعُ مِن البَواسِيرِ والنِّقْرِسِ، وَيَجْلُو رَمْلَ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ، وَيُؤَمِّنُ مِنَ السُّمُومِ. وَهُوَ أَغْذَأُ مِنْ جَمِيعِ الْفَوَاكِهِ، وَيَنْفَعُ خُشُونَةِ الْحَلْقِ وَالصَّدْرِ وَقَصَبَةِ الرِّئَةِ، وَيَغْسِلُ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ، وَيُنَقِّى الْخَلْطَ الْبَلْغَمِيَّ مِنَ الْمَعِدَةِ، إِلَّا أَنَّهُ يُوَّلِدُ الْقُمَّلَ إِذَا أُكْثِرَ مِنْهُ جِدًّا. وَيَابِسُهُ: يَغْذُو وَيْنْفَعُ الْعَصَبَ.
- وَقَال عَنْهَا جَالِينُوسْ-الطَّبِيبُ الْإِغْرِيقِيُّ (ت: 216م): أَكْلُهُ عَلَى الرِّيقِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَجِيبَةٌ، وَالْمَاءُ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ التِّينُ طَبْخًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَصِيُر شَبِيهًا بِالْعَسَلِ فِي قِوَامِهِ وَقُوَّتِهِ مَعًا، وَإِذَ أَكَلَ التِّينُ مَعَ الْجَوْزِ وَالسُّذَابِ - قَبْلَ أَخْذِ السُّمِّ الْقَاتِلِ -: نَفَعَ وَحَفِظَ مِنَ الضَّرَرَ ".
- وَقَالَ عَنْهَا يُوحَّنَا بَنْ مَاسْوِيهْ-الصَّيْدَلانِيُّ والطَّبِيبُ الْفَارِسِيِّ (ت: 857م): لَيْسَ فِي الْفَاكِهَةِ أَغْذَى مِنْهُ أَيْ التِّين.
- وَقَالَ عَنْهَا دِيُسقُورِيدس-الطَّبِيبُ اليُّونَانِيُّ (ت: 90م): إِذَا أُسْتِعْمِلَ مَعَ قِشْرِ الرُّمَانِ أَبْرَأَ الدَّاحِسَ، وَإِذَا طُبِخَ بِالشَّرَابِ وَخُلِطَ مَعَ عُشْبَةِ الْإِفسِنتِين وَدَقِيقِ الشَّعِيرِ وَافَقَ دَاءَ الْحَبَن. (الحَبَنُ = داءٌ في البَطْن يَعظُم منه ويَرِمُ).
- وَقَالَ عَنْهَا اِبْنِ زَكَرِيّا الرَّازِيّ-الطَّبِيبُ وَالكِيمْيَائِيُّ الْفَارِسِيّ (ت: 923م): التِّينُ يُسَخِّنُ الْكُلَى وَيُهَيِّجُ النَّعْظَ ، وَيَدْفَعُ الفُضُولَ إِلَى الْمَسَامّ أيْ ثُقُوبُ الجِلْد.
- وَقَالَ عَنْهَا اِبْنُ اللُّبَاد-الطَّبِيبُ وَالْمُؤَرِّخ الْبَغْدَادِيِّ (ت: 1231م): التِّينُ أَغْذَى مِنْ جَمِيعِ الْفَاكِهَةِ، فِيهِ تَلْيِّينٌ لِلطَّبْعِ وَتَسْكِّينٌ لِلْعَطَشِ، يَنْفَعُ مِنَ السُّعَالِ الْمُزْمِنِ وَيُدِّرُ الْبَوْلَ وَلِأَكْلِهِ عَلَى الرِّيقِ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ فِي تَفْتِيحِ مَجَارِي الْغِذَاءِ.
- وَقَالَ عَنْهَا عَلِيّ اِبْنُ مُوسَىٰ الرِّضَا-الْإِمَامُ الْعَرَبِيُّ (ت: 203هـ): التِّينُ يُطَوِّلُ الشَّعْرَ، وَهُوَ أَمَانٌ مِنَ الْفَالِجِ. الْفَالِج = شَلَلٌ يُصِيبُ أَحَدَ شِقَّيْ الْجِسْم.
- وَقَالَ عَنْهَا الشَّوْكَانِيُّ-الْعَلَّامَة الْيَّمَنِيّ (ت: 1250هـ): قَالَ كثيرٌ مِنْ أهلِ الطبِّ: إِن التِّينَ أَنْفَعُ الْفَوَاكِهِ وأَكْثَرُهَا غِذَاءً.
- قالَ عَنْهَا بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ-الْفَقِيهُ الْبَغْدَاديُّ (ت: 880هـ): ومِنْ خَوَاصِّ التِّينِ: أَنَّهُ غِذَاءٌ وفَاكِهَةٌ، وهُوَ سَرِيعُ الهَضْمِ، وَيُقَلِّلُ الْبَلْغَمَ، وَيُطَهِّرُ الْكُلْيَتَيْنِ وَالْمَثَانة، ، وَيُسْمِنُ الْبَدَنَ، ويَفَتْحُ مَسَامَّ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ.
- وَقَالَ عَنْهَا الأَلُوسِيّ-الْأَدِيبُ وَالشَّاعِرُ الْعُثْمَانِيُّ (ت: 1270هـ): إنَّهُ أصَحُّ الفَوَاكِهِ غذاءً إذا أُكِلَ علَى الخلاءِ ولم يُتْبَعْ بشيءٍ، وهوَ دواءٌ كثيرُ النفعِ، يَفْتَحُ السُّدَدَ، ويقوِّي الكبدَ، ويُذْهِبُ الطحالَ وعُسْرَ الْبَوْلِ وهُزَالَ الكُلَى وَالْخَفَقَانِ وَالرَّبْوَ وَالسُّعَالَ وأوجاعَ الصدرِ وخشونةَ القصبةِ، إلَى غيرِ ذلكَ.
- وَقَالَ عَنْهَا البِقَاعِيُّ-الْعَالِمُ الْعَرَبِيُّ النَّحْوِيُّ (ت: 885هـ): هُو مَعَ كَوْنِه فَاكِهَةً شَهِيَّةً حُلْوةً جِدًّا، غِذَاءٌ يُقِيمُ الصُّلْبَ وقُوتٌ كالبُرّ، وسَرِيعُ الهَضْمِ، ودَوَاءٌ كَثِيرُ النَّفْعِ، يُوَلِّدُ دَمًا صَالِحًا.
من فَوَائِدِ ثِمَارها الَّتِي يؤيِّدُها الْعِلْم:
1 - الْحِمَايَة مِنْ اِرْتِفَاعِ ضَغْطِ الدَّم: مِنَ الْفَوَائِدِ الصِّحِّيَّةِ الْمُثَّبَّتَة لِلْتِّينِ أَنَّهُ يُخَفِّضُ مِنْ ضَغْطِ الدَّم بِأَمَانٍ لَدَى الْمُصَابِينَ بِهِ أَوِ الْأَصِحَّاء، ومِنَ الْمُرَجَّحِ أَنَّ ذَلِكَ لِاِحْتِوَائِهِ عَلَى نِسْبَةٍ جَيِّدَةٍ مِنَ الْبُوتَاسْيُّوم.
2 - تَنْظِّيمُ الشَّهِيَّة: الْأَلْيَّافُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا التِّينُ تُسْهِمُ فِي الشُّعُورِ بِالشَّبْعِ لِفَتَرَاتٍ أَطْوَلَ، لِذَلِكَ مِنَ الْمُرَجَّح أَنْ تَأْكُلَ أَقَلَّ وَتَبْقَى رَاضِيًّا لِفَتْرَةِ أَطْوَلَ.
3 - يُقلِّل مِنْ فُرصِ إِصَابَتِكَ بِالْإِمْسَاكِ: تُسَاهِمُ ثِمَارُ التِّينِ بِشَكْلٍ فَعَّال، وَهَذا بِدَوِرِهَا وَطِبِيعَتِهَا اللِّزِجَةِ فِي اِنْزِلَاقِ الْفَضَلَاتِ «الْبِرَاز» بِسُهُولَةٍ بَالِغَة دُونَ أَنْ تَتَسَبَّبَ فِي صُعُوبَةِ الْإِخْرَاجِ. كَثِيرًا مَا يُسْتَخْدَمُ شَرَابُ التِّينِ لِعِلَاجِ الْإِمْسَاكِ. وَقَدْ بَيَّنَتِ الدِرَاسَاتُ دَوْرَهُ فِي تَقْلِيلِ نَوْبَاتِ الْإِمْسَاكِ، وَاِتَّضَحَ أَنَّهُ يُمْكِن أَنْ يُحَسِّنَ أَعْرَاضَ الْإِمْسَاكَ الْوَظِيفِيِّ وَآلَامِهِ كَمَا تَفْعَلُ الْأَدْوِيَّةُ الَّتِي يَثِفُهَا الطَّبِيبُ.
4 - تَخْفِيض الْكُولِسْتِرُول: يَحْتَوِي التِّين عَلَى الْبِكْتِين، وَهِيَ أَلْيَافٌ قَابِلَةٌ لِلْذَّوَبَانِ، وَعِنْدَمَا تَمُرُّ الْأَلْيَّافُ عَبْرَ الْجِهَازِ الْهَضْمِيِّ فَإِنَّهَا تَمْتَصُ كُرَاتِ الْكُولِسْتِرُول الضَّارّ «أَلْ دِي أَلْ»، وَتُخْرِجُهَا مِنَ الْجِسْمِ عَبْرَ الْبِرَاز.
5 - تُسَيطر عَلَى مُسْتَوَيَاتِ السُّكَّر فِي الدَّم: تُبْطِئُ الْأَلْيَّافُ الْمَوْجُودَة فِي التِّينِ اِمْتِصَاصَ الْكَرْبُوهَيْدراتِ وَبِالتَّالِي تُخَفِّضُ الْحَاجَةَ إِلَى الْأَنْسُولِين. هَذَا يَمْنَعُ حُدُوثَ تَغَيُّرَاتٍ مُفَاجِئَةِ فِي مُسْتَويَاتِ السُّكَّر فِي الدَّم. تَنَاوُلُ ثِمَارَ التِّينِ بِاِعْتِدَالٍ مُفِيدٌ لِمَرْضَى السُّكَّرِّيّ.
6 - تَحْسِّينُ الرُّؤْيَةِ: التِّينُ غَنِّيٌّ بِـ«الْبِيتَا كَارُوتِين» الَّذِي يُحَوِّلُهُ الْجِسْمُ إِلَى « فِيتَامِينِ أَلِفْ»، وَهَذِهِ الْمُغَذِيَّات الدَّقِيقَة قَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا عَامِلٌ مُهِمٌّ فِي مُسَاعَدَةِ الْعَيْنِ عَلَى التَّكَيُّفِ مَعَ الظَلَامِ، وَحِمَايَتِهَا مِنَ «الْعَشَاوَة»، وَهُوَ عَدَمُ قُدْرَةِ الْعَيْنِ عَلَى رُؤْيَّةِ الْأَشْيَاءَ بِوُضُوحٍ فِي اللَّيْلِ.
7 - صِحَّةُ الْعِظَام: يَحْتَوِي التِّينُ عَلَى كَمِّيَّةٍ عَالِيَّةٍ مِنَ الْكَالِسْيُّوم بِالْمُقَارَنَةِ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْفَوَاكِهِ، لِذَا فَمِنَ الْمُرَجَّحِ جِدًّا أَنَّه مُفِيدٌ لِصِحَّةِ الْعِظَامِ.
8 - فَتْرَةُ الْحَمْلِ: يُمْكِن أَنْ نَقُولَ أنَّ فَاكِهَةَ التِّينِ مِنْ أَفْضَلِ الْأصْدِقَاءِ لِلْحَامِلِ وَجَنِينِهَا، فَالتِّينُ غَنِيٌّ بِـ«فِيتَامِينَ بَاءْ-9» الَّذِي لَهُ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي تَكْوِّينِ خَلَايَا الدَّمِ الْحَمْرَاء، كَمَا يُسَاعِدُ الْخَلَايَا عَلَى النُّمُوِّ وَعَلَى أَدَاءِ وَظَائِفِهَا بِشَكْلٍ صِحِّيٍّ. وَفَضْلًا عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ لَهُ دَورٌ بَالِغُ الْأَهِمِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْمَرْحَلَةِ الْمُبَكِّرَةِ مِنْ فَتْرَةِ الْحَمْل، إِذْ تُسْهِمُ فِي الْحَدِّ مِنْ مَخَاطِرِ إِصَابَةِ الْأَجِنَّةِ بِعُيُوبٍ خَلْقِيَّةٍ فِي الدِّمَاغِ وَالْعَمُودِ الْفِقَرِيِّ. كَمَا أَنَّ الْمُحْتَوَى الْغِذَائِيِّ للتِّينِ يُمْكِنُ أَنْ يَقِي الْحَامِلَ مِنْ فَقْرِ الدَّم، كَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ يُقَلِّلُ الشُّعُورَ بِالْغَثَيَانِ الصَّبَاحِيِّ، والأَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّهُ مليِّنٌ طَبِيعِيٌّ وآمِنٌ يَقِيهَا مِنَ الْإمْسَاك الَّذِي يُعَدُّ مُشْكِلَةً شَائِعَةً وَمُزْعِجَة لَهُنَّ، وَثَلَاثُ حَبَّاتٍ مِنَ التِّينِ قَدْ تُعَدُّ كَافِيَّةً.
9 - يَتَنَاوُلُ بَعْضُ التِّينَ الرِّيَاضِيِّينَ التِّينَ مُبَاشَرةً لِتَعْزِّيزِ الْأَدَاءِ: قَدْ يَحُدُّ الْمُحْتَوَى الْغِذَائِيِّ للتِّينِ مِنْ تَلَفِ الْعَضَلَاتِ الَّذِي يَحْدُثُ أَثْنَاءَ التَّمْرِينِ الصَّعْب؛ مِمَّا يُسَاعِدُ الرِّيَاضِيِّينَ عَلَى التَّعَافِي مِنَ الْجَلْسَةِ بِسْرْعَةٍ أَكْبَرَ، وَيُمَكِّنَّهَمْ مِنْ مُمَارَسَةِ التَّمْرِينَاتِ الرِّيَاضِيَّة بِمَزِيدٍ مِنَ الْقُوَةِ وَالتَّكْرَارِ.
10 - مُسَاعِدٌ عَلَى الهَضْمِ: يَحْتَوِي التِّينُ عَلَى مَادَّةٍ تُسَمَّى إِنْزِيمْ «فِيسِّنْ» الَّذِي ثَبَتَ لَهُ دَوْرًا مُهِمًّا فِي عَمَلِيّةِ هَضْمِ الطَّعَام.
11 - طَارِدٌ للدِّيْدَان: إِنْزِيمُ الْـ«فِيسِّنْ» أَحَدُ المُكَوِّناتِ الْفَعَّالة في التِّينِ ثَبَتَ أنَّ لَهُ دَوْرًا مُهِمًّا فِي عَمَلِيَّةِ طَرْدِ الدِّيْدَان الخَيْطِيَّة، وَالَّتِي تُعْتَبَرُ الْحِكَّةُ الشَّرْجِيَّةُ أَهَمَّ الْأَعْرَاضِ لَهَا.
12 - الْوِقَايَة مِنْ سَرَطَانِ الْقَوْلُونِ: إِنَّ وُجُودَ الْأَلْيَّافَ فِي التِّينِ يُسَاعِدُ عَلَى تَطْهِّيرِ الْقَوُلُونِ مِنَ الْمَوَادِّ الَّتِي تُسبِّبُ السَّرَطَان.
• التَّحْضِيرَات التَّقْليدِيَّة:
- مَغْلِيُّ التِّينِ: 50-100غ تِينٌ مُجَفَّفٌ أَوْ طَازَجٌ، تُغَلَّى فِي لِيتْرٍ مِنَ الْمَاءِ لِمُدَّةِ 10د. يُصَفَّى وَيُشْرَبُ طِوَالَ الْيَّوْمِ بَعِيدًا عَنْ وَجَبَاتِ الطَّعَام.
- نَقِيعُ التِّينِ: 4-6 حبَّات مِنَ الثِّمَارِ، طَازَجةً أَوْ مُجَفَّفَةً، يُشَقُّ كُلٌّ مِنْهَا إِلَى شَطْرَيْنِ، ثُمَّ يُنْقَعُ بِكُوبٍ مِنَ الْمَاءِ الْفَاتِرِ مَسَاءً، وِفِي الصَّبَاحِ التَّالِي تُؤْكَلُ الثِّمَارُ عَلَى الرِّيقِ وَيُشْرَبُ عَلَيْهَا مَاؤُهَا. مَوصُوفٌ فِي الطِّبِّ الشَّعْبِيّ لِلْقَضَاءِ وَالْوِقَايَةِ مِنَ الْإِمْسَاك.
- مَغْلِيُّ التِّينُ بِالْحَلِيبِ: 50-100غ مِنَ التِّينِ، مُجَفَّفٌ أَوْ طَازِجٌ، تُغَلَّى فِي لِيتْرٍ مِنَ الْحَلِيبِ لِمُدَّةِ 10د.
نَقِيعُ التِّينِ بِزَيْتِ الزَّيْتُونِ: تُنْقَعُ حواليّ 20 حَبَّةٍ مِنَ التِّينِ الْمُجَفَّ فِي لِيتْرٍ مِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ فِي بَرْطَمَانٍ زُجَاجِيٍّ. مَوصُوفٌ فِي الطِّبِّ الشَّعْبِيّ لَدَى مَرْضَى السَّرَطَانِ أَثْنَاءَ خُضُوعِهِمْ لِلْعِلَاجِ الْكِيمْيَائِيِّ، وَفِي مُعَالَجَةِ جُرْثُومَةُ الْمَعِدَة «هِيلِيكُوبَاكْتِر البَوَّابِيَّة».
• التَّوْصِيَّات:
- اِحْرِص أَيْضًا عَلَى شُرْبِ كَمِّيَّاتٍ وَفِيرَةٍ مِنَ الْمَاءِ. فَالْأَلْيَّافُ الْمَوْجُودَةُ فِي التِّينِ تُحَقِّقُ أَفْضَلَ فَوائِدٍ لَهَا عِنْدَمَا تَمْتَصُ الْمَاَء جَاعِلَةً الْبِرَازَ ليِّنًا وَمُتْكَتِّلًا.
- يُمْكِنْ أَنْ يَتَسَبَّبَ تَنَاوُلُ كَمِّيَّةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ التِّينِ فِي زِيَادَةِ حَرَكَاتِ الْأَمْعَاءِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ، مِمَّا يُعَزِّزُ مِنْ عَمَلِيَّةِ التَّخْمِيرِ وَيُؤَدِّي إِلَى تَكْوِّينِ غَازَاتٍ مِعَوِيَّةٍ وَبِالتَّالِي اِنْتِفَاخُ الْبَطْن، وَغَالِبًا مَا تَخْتَفِي هَذِهِ الْمُشْكِلَةُ بَعْدَ سَاعَتَيْنِ.
ــــــــــــــــــــ
يُطْلَقُ لَفْظُ «التِّين» عَلَى النَّبَاتَاتِ مِنْ جِنْسِ فِيكَسْ مِنَ الْفَصِيلَةِ التُّوتِيَّةِ، كَمَا يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى جِنْسِ أوبانْشيا مِنْ فَصِيلَةِ الصَبَّار.
وَيَحْتَوِي جِنْسْ فِيكَسْ عَلَى عِدَّةِ أَنْوَاعٍ تُزْرَعُ لِلْزِّينَةِ، مَا عَدَا النَّوْعِ الْمُسَمَّى «تِينْ بَرْشُومِي» أَوْ «تِينٌ شَائِعٌ»، الْاِسْمُ الْعِلْمِيُّ لَهُ بِاللَّاتِينِيَّة «فِيكَسْ كَارِّيكَا»، وَهَذا النَّوْعُ هُوَ الَّذِي وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حِينَ أَقْسَمَ بِهِ اللهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَطُورِ سِينِينَ». (الْآيَّة رَقَم 1-2 مِنْ سُورَةِ التِّين).
وَقَدْ أَوْصَى وَأثْنَى عَنْهَا نَبِيُّ الْإِسْلَام مُحَمَّد (ص): قَائِلًا: «كُلُوا؛ فَلَوْ قُلْتُ إنَّ فاكِهَةً نَزَلَتْ مِنَ الجَنَّةِ لَقُلْتُ هَذِهِ لِأنَّ فاكِهَةَ الجَنَّةِ بِلا عَجَمٍ».
وَعُرفَ التِّينُ الْبَرْشُومِيُّ أَو الشَّائِعُ فِي الزِّرَاعَةِ مُنْذُ الْقِدَمِ. وَزَرَعَهُ قُدَمَاءُ الْمِصْرِيينَ مُنْذُ 4000 سَنَةَ ق.م.
مَوْطِنُهُ الْأَصْلِيُّ جَنُوبُ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَمِنْهَا اِنْتَشَرَ فِي حَوْضِ الْبَحْرِ الْمُتَوَسِّط. وَكَتَبَ عَنْهُ الْفَيْلَسُوفُ اليُّونَانِيُّ سُقْراط فِي كِتَابٍ لَهُ اِسْمُهُ «دِرَاسَاتٌ فِي النَّبَات»، وَوَصَفَ طَرِيقَةَ زِرَاعَتِهِ.
وَالتِّينُ الْبَرْشُومِيُّ أَوِ الشَّاِئعِ شَجَرَةٌ مُتَوَسِّطَةُ الطُـولِ، لَهَا أَوْرَاقٌ مُفَصَّصَـة، وَثَمَـرَتُهَـا غَضَّةٌ، وَلَهَا حَامِلٌ لَحْمِيٌّ أَجْوفَ، وَلَهُ فُتْحَةٌ عِنْدَ قِمَّتِهِ.
وَتُسْتَعْمَل ثِمَارُ التِّينِ بِغَالِبِيَّة أَصْنَافِهَا وَضَرُوبِهَا، طَازَجَةً أَوْ مُجَفَّفَةً أَوْ مَحْفُوظَةً أَوْ مُعَلَّبَةً. وَلَهَا قِيمَةٌ غِذَائِيَّةٌ عَالِيَّة، تَحْتَوِي عَلَى 6% بُرُوتِين، 1,5% دُهُون، وَحَوَالَيّ 87% سَكَاكِر، وَحَوَالَيّ 6% أَلْيَاف، وَبِهَا بَعْضُ الْأَمْلَاحِ الْمَعْدَنِيَّةِ بِكَمِّيَّاتٍ ضَئِيلَة.
وَيُسْتَعْمَلُ التِّينُ طِبِّيًّا كَمَادَّةٍ مُلَيِّنَةٍ، وَمُلَطِّفَةٍ لالتهابات الْأَغْشِيَّةِ الْمُخَاطِيَّةِ. وَبِهَا مَوَادٌّ مُطَهِّرة. وَيُسْتَعْمَلُ مِنَ الظَّاهِرِ فِي عِلَاجِ الْجُرُوحِ وَالْقُرُوحِ بِتَضْمِيدِهَا بِالثِّمَارِ الْمُجَفَّفَةِ وَالْمَغْلِيَّةِ فِي الْحَلِيبِ.
• التِّين قَدْيمًا.
يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْعَالَمَ الْقَدِيمَ قَدْ اِسْتَغَلَّ التِّينَ كَدَوَاءٍ طبِّيٍّ وَغِذَائِيٍّ صِحِّيٍّ في آنٍ مَعًا، فَقَدْ ذَكَرَهُ الْكَثِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْقُدَامَى فِي شَتَّى تَخَصُّصَاتهِم الْعِلْمِيَّة، وَمِنْهَا مَا يَأْتِي:
- قَالَ عَنْهَا اِبْنِ قَيّمِ الجَوْزِيَّةِ-الْعَالِمُ الْفَقِيهُ الْعَرَبِيُّ (ت: 751ه): التِّينُ يَدخُلُ أَكْلُهُ والنظَرُ إليهِ في بابِ الْمُفْرِحَاتِ، ولهُ لَذَّةٌ يَمتازُ بها عنْ سائِرِ الفواكِهِ، ويَزيدُ في الْقُوَّةِ، ويُوافِقُ الْبَاءَةَ، ويَنْفَعُ مِن البَواسِيرِ والنِّقْرِسِ، وَيَجْلُو رَمْلَ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ، وَيُؤَمِّنُ مِنَ السُّمُومِ. وَهُوَ أَغْذَأُ مِنْ جَمِيعِ الْفَوَاكِهِ، وَيَنْفَعُ خُشُونَةِ الْحَلْقِ وَالصَّدْرِ وَقَصَبَةِ الرِّئَةِ، وَيَغْسِلُ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ، وَيُنَقِّى الْخَلْطَ الْبَلْغَمِيَّ مِنَ الْمَعِدَةِ، إِلَّا أَنَّهُ يُوَّلِدُ الْقُمَّلَ إِذَا أُكْثِرَ مِنْهُ جِدًّا. وَيَابِسُهُ: يَغْذُو وَيْنْفَعُ الْعَصَبَ.
- وَقَال عَنْهَا جَالِينُوسْ-الطَّبِيبُ الْإِغْرِيقِيُّ (ت: 216م): أَكْلُهُ عَلَى الرِّيقِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَجِيبَةٌ، وَالْمَاءُ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ التِّينُ طَبْخًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَصِيُر شَبِيهًا بِالْعَسَلِ فِي قِوَامِهِ وَقُوَّتِهِ مَعًا، وَإِذَ أَكَلَ التِّينُ مَعَ الْجَوْزِ وَالسُّذَابِ - قَبْلَ أَخْذِ السُّمِّ الْقَاتِلِ -: نَفَعَ وَحَفِظَ مِنَ الضَّرَرَ ".
- وَقَالَ عَنْهَا يُوحَّنَا بَنْ مَاسْوِيهْ-الصَّيْدَلانِيُّ والطَّبِيبُ الْفَارِسِيِّ (ت: 857م): لَيْسَ فِي الْفَاكِهَةِ أَغْذَى مِنْهُ أَيْ التِّين.
- وَقَالَ عَنْهَا دِيُسقُورِيدس-الطَّبِيبُ اليُّونَانِيُّ (ت: 90م): إِذَا أُسْتِعْمِلَ مَعَ قِشْرِ الرُّمَانِ أَبْرَأَ الدَّاحِسَ، وَإِذَا طُبِخَ بِالشَّرَابِ وَخُلِطَ مَعَ عُشْبَةِ الْإِفسِنتِين وَدَقِيقِ الشَّعِيرِ وَافَقَ دَاءَ الْحَبَن. (الحَبَنُ = داءٌ في البَطْن يَعظُم منه ويَرِمُ).
- وَقَالَ عَنْهَا اِبْنِ زَكَرِيّا الرَّازِيّ-الطَّبِيبُ وَالكِيمْيَائِيُّ الْفَارِسِيّ (ت: 923م): التِّينُ يُسَخِّنُ الْكُلَى وَيُهَيِّجُ النَّعْظَ ، وَيَدْفَعُ الفُضُولَ إِلَى الْمَسَامّ أيْ ثُقُوبُ الجِلْد.
- وَقَالَ عَنْهَا اِبْنُ اللُّبَاد-الطَّبِيبُ وَالْمُؤَرِّخ الْبَغْدَادِيِّ (ت: 1231م): التِّينُ أَغْذَى مِنْ جَمِيعِ الْفَاكِهَةِ، فِيهِ تَلْيِّينٌ لِلطَّبْعِ وَتَسْكِّينٌ لِلْعَطَشِ، يَنْفَعُ مِنَ السُّعَالِ الْمُزْمِنِ وَيُدِّرُ الْبَوْلَ وَلِأَكْلِهِ عَلَى الرِّيقِ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ فِي تَفْتِيحِ مَجَارِي الْغِذَاءِ.
- وَقَالَ عَنْهَا عَلِيّ اِبْنُ مُوسَىٰ الرِّضَا-الْإِمَامُ الْعَرَبِيُّ (ت: 203هـ): التِّينُ يُطَوِّلُ الشَّعْرَ، وَهُوَ أَمَانٌ مِنَ الْفَالِجِ. الْفَالِج = شَلَلٌ يُصِيبُ أَحَدَ شِقَّيْ الْجِسْم.
- وَقَالَ عَنْهَا الشَّوْكَانِيُّ-الْعَلَّامَة الْيَّمَنِيّ (ت: 1250هـ): قَالَ كثيرٌ مِنْ أهلِ الطبِّ: إِن التِّينَ أَنْفَعُ الْفَوَاكِهِ وأَكْثَرُهَا غِذَاءً.
- قالَ عَنْهَا بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ-الْفَقِيهُ الْبَغْدَاديُّ (ت: 880هـ): ومِنْ خَوَاصِّ التِّينِ: أَنَّهُ غِذَاءٌ وفَاكِهَةٌ، وهُوَ سَرِيعُ الهَضْمِ، وَيُقَلِّلُ الْبَلْغَمَ، وَيُطَهِّرُ الْكُلْيَتَيْنِ وَالْمَثَانة، ، وَيُسْمِنُ الْبَدَنَ، ويَفَتْحُ مَسَامَّ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ.
- وَقَالَ عَنْهَا الأَلُوسِيّ-الْأَدِيبُ وَالشَّاعِرُ الْعُثْمَانِيُّ (ت: 1270هـ): إنَّهُ أصَحُّ الفَوَاكِهِ غذاءً إذا أُكِلَ علَى الخلاءِ ولم يُتْبَعْ بشيءٍ، وهوَ دواءٌ كثيرُ النفعِ، يَفْتَحُ السُّدَدَ، ويقوِّي الكبدَ، ويُذْهِبُ الطحالَ وعُسْرَ الْبَوْلِ وهُزَالَ الكُلَى وَالْخَفَقَانِ وَالرَّبْوَ وَالسُّعَالَ وأوجاعَ الصدرِ وخشونةَ القصبةِ، إلَى غيرِ ذلكَ.
- وَقَالَ عَنْهَا البِقَاعِيُّ-الْعَالِمُ الْعَرَبِيُّ النَّحْوِيُّ (ت: 885هـ): هُو مَعَ كَوْنِه فَاكِهَةً شَهِيَّةً حُلْوةً جِدًّا، غِذَاءٌ يُقِيمُ الصُّلْبَ وقُوتٌ كالبُرّ، وسَرِيعُ الهَضْمِ، ودَوَاءٌ كَثِيرُ النَّفْعِ، يُوَلِّدُ دَمًا صَالِحًا.
من فَوَائِدِ ثِمَارها الَّتِي يؤيِّدُها الْعِلْم:
1 - الْحِمَايَة مِنْ اِرْتِفَاعِ ضَغْطِ الدَّم: مِنَ الْفَوَائِدِ الصِّحِّيَّةِ الْمُثَّبَّتَة لِلْتِّينِ أَنَّهُ يُخَفِّضُ مِنْ ضَغْطِ الدَّم بِأَمَانٍ لَدَى الْمُصَابِينَ بِهِ أَوِ الْأَصِحَّاء، ومِنَ الْمُرَجَّحِ أَنَّ ذَلِكَ لِاِحْتِوَائِهِ عَلَى نِسْبَةٍ جَيِّدَةٍ مِنَ الْبُوتَاسْيُّوم.
2 - تَنْظِّيمُ الشَّهِيَّة: الْأَلْيَّافُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا التِّينُ تُسْهِمُ فِي الشُّعُورِ بِالشَّبْعِ لِفَتَرَاتٍ أَطْوَلَ، لِذَلِكَ مِنَ الْمُرَجَّح أَنْ تَأْكُلَ أَقَلَّ وَتَبْقَى رَاضِيًّا لِفَتْرَةِ أَطْوَلَ.
3 - يُقلِّل مِنْ فُرصِ إِصَابَتِكَ بِالْإِمْسَاكِ: تُسَاهِمُ ثِمَارُ التِّينِ بِشَكْلٍ فَعَّال، وَهَذا بِدَوِرِهَا وَطِبِيعَتِهَا اللِّزِجَةِ فِي اِنْزِلَاقِ الْفَضَلَاتِ «الْبِرَاز» بِسُهُولَةٍ بَالِغَة دُونَ أَنْ تَتَسَبَّبَ فِي صُعُوبَةِ الْإِخْرَاجِ. كَثِيرًا مَا يُسْتَخْدَمُ شَرَابُ التِّينِ لِعِلَاجِ الْإِمْسَاكِ. وَقَدْ بَيَّنَتِ الدِرَاسَاتُ دَوْرَهُ فِي تَقْلِيلِ نَوْبَاتِ الْإِمْسَاكِ، وَاِتَّضَحَ أَنَّهُ يُمْكِن أَنْ يُحَسِّنَ أَعْرَاضَ الْإِمْسَاكَ الْوَظِيفِيِّ وَآلَامِهِ كَمَا تَفْعَلُ الْأَدْوِيَّةُ الَّتِي يَثِفُهَا الطَّبِيبُ.
4 - تَخْفِيض الْكُولِسْتِرُول: يَحْتَوِي التِّين عَلَى الْبِكْتِين، وَهِيَ أَلْيَافٌ قَابِلَةٌ لِلْذَّوَبَانِ، وَعِنْدَمَا تَمُرُّ الْأَلْيَّافُ عَبْرَ الْجِهَازِ الْهَضْمِيِّ فَإِنَّهَا تَمْتَصُ كُرَاتِ الْكُولِسْتِرُول الضَّارّ «أَلْ دِي أَلْ»، وَتُخْرِجُهَا مِنَ الْجِسْمِ عَبْرَ الْبِرَاز.
5 - تُسَيطر عَلَى مُسْتَوَيَاتِ السُّكَّر فِي الدَّم: تُبْطِئُ الْأَلْيَّافُ الْمَوْجُودَة فِي التِّينِ اِمْتِصَاصَ الْكَرْبُوهَيْدراتِ وَبِالتَّالِي تُخَفِّضُ الْحَاجَةَ إِلَى الْأَنْسُولِين. هَذَا يَمْنَعُ حُدُوثَ تَغَيُّرَاتٍ مُفَاجِئَةِ فِي مُسْتَويَاتِ السُّكَّر فِي الدَّم. تَنَاوُلُ ثِمَارَ التِّينِ بِاِعْتِدَالٍ مُفِيدٌ لِمَرْضَى السُّكَّرِّيّ.
6 - تَحْسِّينُ الرُّؤْيَةِ: التِّينُ غَنِّيٌّ بِـ«الْبِيتَا كَارُوتِين» الَّذِي يُحَوِّلُهُ الْجِسْمُ إِلَى « فِيتَامِينِ أَلِفْ»، وَهَذِهِ الْمُغَذِيَّات الدَّقِيقَة قَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا عَامِلٌ مُهِمٌّ فِي مُسَاعَدَةِ الْعَيْنِ عَلَى التَّكَيُّفِ مَعَ الظَلَامِ، وَحِمَايَتِهَا مِنَ «الْعَشَاوَة»، وَهُوَ عَدَمُ قُدْرَةِ الْعَيْنِ عَلَى رُؤْيَّةِ الْأَشْيَاءَ بِوُضُوحٍ فِي اللَّيْلِ.
7 - صِحَّةُ الْعِظَام: يَحْتَوِي التِّينُ عَلَى كَمِّيَّةٍ عَالِيَّةٍ مِنَ الْكَالِسْيُّوم بِالْمُقَارَنَةِ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْفَوَاكِهِ، لِذَا فَمِنَ الْمُرَجَّحِ جِدًّا أَنَّه مُفِيدٌ لِصِحَّةِ الْعِظَامِ.
8 - فَتْرَةُ الْحَمْلِ: يُمْكِن أَنْ نَقُولَ أنَّ فَاكِهَةَ التِّينِ مِنْ أَفْضَلِ الْأصْدِقَاءِ لِلْحَامِلِ وَجَنِينِهَا، فَالتِّينُ غَنِيٌّ بِـ«فِيتَامِينَ بَاءْ-9» الَّذِي لَهُ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي تَكْوِّينِ خَلَايَا الدَّمِ الْحَمْرَاء، كَمَا يُسَاعِدُ الْخَلَايَا عَلَى النُّمُوِّ وَعَلَى أَدَاءِ وَظَائِفِهَا بِشَكْلٍ صِحِّيٍّ. وَفَضْلًا عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ لَهُ دَورٌ بَالِغُ الْأَهِمِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْمَرْحَلَةِ الْمُبَكِّرَةِ مِنْ فَتْرَةِ الْحَمْل، إِذْ تُسْهِمُ فِي الْحَدِّ مِنْ مَخَاطِرِ إِصَابَةِ الْأَجِنَّةِ بِعُيُوبٍ خَلْقِيَّةٍ فِي الدِّمَاغِ وَالْعَمُودِ الْفِقَرِيِّ. كَمَا أَنَّ الْمُحْتَوَى الْغِذَائِيِّ للتِّينِ يُمْكِنُ أَنْ يَقِي الْحَامِلَ مِنْ فَقْرِ الدَّم، كَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ يُقَلِّلُ الشُّعُورَ بِالْغَثَيَانِ الصَّبَاحِيِّ، والأَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّهُ مليِّنٌ طَبِيعِيٌّ وآمِنٌ يَقِيهَا مِنَ الْإمْسَاك الَّذِي يُعَدُّ مُشْكِلَةً شَائِعَةً وَمُزْعِجَة لَهُنَّ، وَثَلَاثُ حَبَّاتٍ مِنَ التِّينِ قَدْ تُعَدُّ كَافِيَّةً.
9 - يَتَنَاوُلُ بَعْضُ التِّينَ الرِّيَاضِيِّينَ التِّينَ مُبَاشَرةً لِتَعْزِّيزِ الْأَدَاءِ: قَدْ يَحُدُّ الْمُحْتَوَى الْغِذَائِيِّ للتِّينِ مِنْ تَلَفِ الْعَضَلَاتِ الَّذِي يَحْدُثُ أَثْنَاءَ التَّمْرِينِ الصَّعْب؛ مِمَّا يُسَاعِدُ الرِّيَاضِيِّينَ عَلَى التَّعَافِي مِنَ الْجَلْسَةِ بِسْرْعَةٍ أَكْبَرَ، وَيُمَكِّنَّهَمْ مِنْ مُمَارَسَةِ التَّمْرِينَاتِ الرِّيَاضِيَّة بِمَزِيدٍ مِنَ الْقُوَةِ وَالتَّكْرَارِ.
10 - مُسَاعِدٌ عَلَى الهَضْمِ: يَحْتَوِي التِّينُ عَلَى مَادَّةٍ تُسَمَّى إِنْزِيمْ «فِيسِّنْ» الَّذِي ثَبَتَ لَهُ دَوْرًا مُهِمًّا فِي عَمَلِيّةِ هَضْمِ الطَّعَام.
11 - طَارِدٌ للدِّيْدَان: إِنْزِيمُ الْـ«فِيسِّنْ» أَحَدُ المُكَوِّناتِ الْفَعَّالة في التِّينِ ثَبَتَ أنَّ لَهُ دَوْرًا مُهِمًّا فِي عَمَلِيَّةِ طَرْدِ الدِّيْدَان الخَيْطِيَّة، وَالَّتِي تُعْتَبَرُ الْحِكَّةُ الشَّرْجِيَّةُ أَهَمَّ الْأَعْرَاضِ لَهَا.
12 - الْوِقَايَة مِنْ سَرَطَانِ الْقَوْلُونِ: إِنَّ وُجُودَ الْأَلْيَّافَ فِي التِّينِ يُسَاعِدُ عَلَى تَطْهِّيرِ الْقَوُلُونِ مِنَ الْمَوَادِّ الَّتِي تُسبِّبُ السَّرَطَان.
• التَّحْضِيرَات التَّقْليدِيَّة:
- مَغْلِيُّ التِّينِ: 50-100غ تِينٌ مُجَفَّفٌ أَوْ طَازَجٌ، تُغَلَّى فِي لِيتْرٍ مِنَ الْمَاءِ لِمُدَّةِ 10د. يُصَفَّى وَيُشْرَبُ طِوَالَ الْيَّوْمِ بَعِيدًا عَنْ وَجَبَاتِ الطَّعَام.
- نَقِيعُ التِّينِ: 4-6 حبَّات مِنَ الثِّمَارِ، طَازَجةً أَوْ مُجَفَّفَةً، يُشَقُّ كُلٌّ مِنْهَا إِلَى شَطْرَيْنِ، ثُمَّ يُنْقَعُ بِكُوبٍ مِنَ الْمَاءِ الْفَاتِرِ مَسَاءً، وِفِي الصَّبَاحِ التَّالِي تُؤْكَلُ الثِّمَارُ عَلَى الرِّيقِ وَيُشْرَبُ عَلَيْهَا مَاؤُهَا. مَوصُوفٌ فِي الطِّبِّ الشَّعْبِيّ لِلْقَضَاءِ وَالْوِقَايَةِ مِنَ الْإِمْسَاك.
- مَغْلِيُّ التِّينُ بِالْحَلِيبِ: 50-100غ مِنَ التِّينِ، مُجَفَّفٌ أَوْ طَازِجٌ، تُغَلَّى فِي لِيتْرٍ مِنَ الْحَلِيبِ لِمُدَّةِ 10د.
نَقِيعُ التِّينِ بِزَيْتِ الزَّيْتُونِ: تُنْقَعُ حواليّ 20 حَبَّةٍ مِنَ التِّينِ الْمُجَفَّ فِي لِيتْرٍ مِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ فِي بَرْطَمَانٍ زُجَاجِيٍّ. مَوصُوفٌ فِي الطِّبِّ الشَّعْبِيّ لَدَى مَرْضَى السَّرَطَانِ أَثْنَاءَ خُضُوعِهِمْ لِلْعِلَاجِ الْكِيمْيَائِيِّ، وَفِي مُعَالَجَةِ جُرْثُومَةُ الْمَعِدَة «هِيلِيكُوبَاكْتِر البَوَّابِيَّة».
• التَّوْصِيَّات:
- اِحْرِص أَيْضًا عَلَى شُرْبِ كَمِّيَّاتٍ وَفِيرَةٍ مِنَ الْمَاءِ. فَالْأَلْيَّافُ الْمَوْجُودَةُ فِي التِّينِ تُحَقِّقُ أَفْضَلَ فَوائِدٍ لَهَا عِنْدَمَا تَمْتَصُ الْمَاَء جَاعِلَةً الْبِرَازَ ليِّنًا وَمُتْكَتِّلًا.
- يُمْكِنْ أَنْ يَتَسَبَّبَ تَنَاوُلُ كَمِّيَّةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ التِّينِ فِي زِيَادَةِ حَرَكَاتِ الْأَمْعَاءِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ، مِمَّا يُعَزِّزُ مِنْ عَمَلِيَّةِ التَّخْمِيرِ وَيُؤَدِّي إِلَى تَكْوِّينِ غَازَاتٍ مِعَوِيَّةٍ وَبِالتَّالِي اِنْتِفَاخُ الْبَطْن، وَغَالِبًا مَا تَخْتَفِي هَذِهِ الْمُشْكِلَةُ بَعْدَ سَاعَتَيْنِ.
ــــــــــــــــــــ