ولاَّدة بنت المستكفي بالله..أديبةٌ شاعرةٌ أندلسيَّةٌ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ولاَّدة بنت المستكفي بالله..أديبةٌ شاعرةٌ أندلسيَّةٌ

    ولاده مستكفي

    Wallada bint al-Mustakfi - Wallada bint al-Mustakfi

    ولاَّدة بنت المُسْتَكْفي
    (… ـ 484هـ/… ـ 1091م)

    ولاَّدة بنت المستكفي بالله محمَّد بن عبد الرَّحمن بن عُبيد الله بن النَّاصر عبد الرَّحمن بن محمَّد المروانيِّ الأموي المنسوب إلى عبد الرَّحمن بن الحَكَم المعروف بالدَّاخل. أديبةٌ شاعرةٌ أندلسيَّةٌ حسنة الشِّعر موصوفة بالنَّباهة، لم تتزوَّج قطّ، توفِّيت بقُرْطُبَةَ، وأبوها المستكفي بايعه أهل قرطبة لما خلعوا المستظهر.
    كانت «واحدةَ أوانِها، حُسْنَ منْظَرٍ ومَخْبَرٍ، وحلاوة موردٍ ومصدرٍ، وكان مجلسها بقُرْطُبَةَ منتدى أحرار المصر، وفناؤها ملعباً لجياد النَّظم والنَّثر، يعشو أهل الأدب إلى ضوء غرَّتها، ويتهالك أفراد الشُّعراء والكتَّاب على حلاوة عشرتها»، أوجدَتْ إلى القول فيها سبيلاً بقلَّة مبالاتِها، على الرَّغم من علو حَسَـبِها، حتى زُعِمَ أنَّها كتبَتْ على عاتقَي ثوبها:
    أَنَا واللهِ أصلُــــحُ للمعالي وأمشي مِشيَتِي وأتيهُ تِيها
    أُمكِّنُ عاشقي من صَحْنِ خَدّي وأُعطِي قُبلتي مَنْ يَشْتَهيها
    ويبدو أنَّ ذلك لم يتجاوز حدَّ القول، ففي حين يبني بعضُهم على مثل هذه الرِّوايات، فيجرد ولاَّدةَ من كلِّ فضيلة، يعتدل آخرون فيروي الصَّفديُّ أنَّها: «كانت مع ذلك مشهورة بالصيانة والعفاف»، غير أنَّ اطِّراحَها الحِرْزَ في قول الشِّعر، وذهابَها مَذْهَبَ مُجَّان الشُّعراء في القول، جعلاها غرضاً للقائلين فيها. ومن أخبارها في ذلك ما يُروى من أنَّها كتبَتْ إلى الشَّاعر ابن زيدون ذي الوزارتين:
    ترقَّبْ إذا جــنَّ الظَّلامُ زِيارتي فإنّي رأيْتُ اللَّيلَ أكْتمَ للسِّــِّر
    وبِي مِنك ما لو كان بالبَدْرِ ما بَدا وباللَّيل ما أدْجَى وبالنَّجمِ لم يَسْرِ
    وكان ابن زيدون كلفاً بولاَّدة هائماً فيها، وكانت في مرتبة من الأدب والظَّرف تختلس القلوب والألباب، ولابن زيدون في ولاَّدة شعرٌ ضربَ به في ميدان الإبداع بسَهْمٍ مُصيب، وبزَّ فيه كلَّ خاطرِ شعرٍ في عصره، وقد بادلتْهُ الحبَّ مع التَّحلِّي بالدلِّ وافتعال الإعراض والجفاء أحياناً، فاستقدحَتْ بدلِّها زَنْدَ شاعريَّتِهِ، فأبدعَ فيها القصائدَ الرَّائقات.
    من أخبارها مع ابن زيدون أنَّه كانت لها جاريةٌ سوداءُ بديعة الغناء، وتهيَّأ لولاَّدة مَيلٌ من ابن زيدون إلى السَّوداء، فكتبَتْ إليه:
    لَوْ كنْتَ تُنْصِفُ في الهَوَى ما بَيْنَنَا لمْ تَهْـوَ جارِيَتِيْ وَلَمْ تَتَخَيَّرِ
    وتَرَكْتَ غصناً مُثمِراً بِجَمَـــالِهِ وَجَنَحْتَ لِلْغُصْنِ الَّذي لَمْ يُثمرِ
    ولَقَدْ علِمْتَ بأنَّني بَدْرُ السـَّــما لَكِنْ وَلِعْتَ لِشِقْوَتِيْ بالْمُشْتَرِي
    غزلُها رقيقٌ عذبُ اللَّفظِ، نظمَتْهُ على الطَّبع من غير تكلُّف، فمن ذلك قولُها لابن زيدون:
    ألا هَلْ لنــا مِنْ بَعْدِ هَذَا التَّفَرُّقِ ســبيلٌ فيشكو كلُّ صَبٍّ بما لَقِي؟!
    وقدْ كنْتُ أوقاتَ التَّزاوُرِ في الشِّتا أبيْتُ على جَمْرٍ منَ الشَّوقِ مُحْرِقِ
    فكيفَ وقَدْ أمسـيْتُ في حالِ قطعةٍ؟! لقدْ عجَّــلَ المقدورُ ما كنْتُ أتَّقِي
    تمرُّ اللَّيالي لا أرى البَيْنَ ينقضي ولا الصَّبْرَ منْ رقِّ التَّشَوُّقِ مُعْتِقِي
    سقَى اللهُ أرْضاً قدْ غدَتْ لكَ مَنْزِلاً بكلِّ سَــكُوبٍ هاطلِ الوَبْلِ مُغْدِقِ
    عشقها الوزير أبو عامر بن عبدوس، فقيل ـ وهو الأرجح ـ: إنِّها أعرضَتْ عنه، وظلَّت على عَهْدِ حبِّها لابن زيدون، فاسْتَعَرَتِ العداوةُ بين الرَّجلين حتى كتب ابن زيدون في ابن عبدوس رسالتَهُ التَّهكميَّة «الرسالة الهزلية»، وقيل: إنَّها أظهرَتْ ميلاً لابن عبدوس، فاغتاظَ ابنُ زيدون، وكتب إليها يعرِّض بالوزير أبي عامر بن عبدوس، وكان يلقَّب بالفأر:
    أَكْرِمْ بوَلاَّدةٍ عِلْقـــاً لِمُعْتَلِقٍ لو فَرَّقت بينَ بَيْطارٍ وعَطَّارِ
    قالُوا: أبو عامرٍ أضحَى يُلِمُّ بها قلتُ: الفَراشةُ قدْ تدنو منَ النَّارِ
    ولشعرِ ولاَّدة رونقٌ وبهاءٌ إلا ما كانت تهجو به، وقد نزلََتْ في الهجاء إلى دَرَكِ هجاءِ مُجَّان الشعراء.
    أسـامة إختيـار
يعمل...
X