الوصية Testament هي الإيصاء، وتطلق لغةً بمعنى: العهد إلى الغير في القيام بفعل أمر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوصية Testament هي الإيصاء، وتطلق لغةً بمعنى: العهد إلى الغير في القيام بفعل أمر

    وصيه

    Will - Testament

    الوصية

    الوصية هي الإيصاء، وتطلق لغةً بمعنى: العهد إلى الغير في القيام بفعل أمر، حال حياته أو بعد وفاته، يقال: أوصيت لـه أو إليه: جعلته وصياً يقوم على من بعده، وهذا المعنى اللغوي اشتهر فيه لفظ الوصاية. وتطلق أيضاً على جعل المال للغير، يقال: وصيت بكذا أو أوصيت: جعلته له.
    وهي شـرعاً: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، سـواء أكان المملَّك عيناً (شيئاً مادياً) أم منفعة.
    وبه تميزت الوصية من التمليكات المنجزة لعين مادية كالبيع والهبة، ولمنفعة كالإجارة، ومن الهبة التي هي تبرع في حال الحياة، والوصية تكون بغير عوض بعد الوفاة، ولا تصح هذه التصرفات معلَّقة على شرط، أو مضافة إلى وقت في المستقبل، والوصية تصح معلَّقة ومضافة.
    نصت المادة (207) من القانون السوري على أن «الوصية تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت»، والمادة (210/1): «تصح إضافة الوصية إلى المستقبل، وتعليقها بالشرط وتقييدها به إذا كان الشرط صحيحاً».
    والفقرة (2): «الشرط الصحيح: هو ما كان فيه مصلحة مشروعة للموصي أو الموصى له أو لغيرهما، ولم يكن منهياً عنه، ولا مخالفاً لمقاصد الشريعة».
    وتصح الوصية مطلقة كأن يقول الموصي: أوصيت لفلان بكذا، ومقيدة أو معلَّقة كأن يقول: إن مت من مرضي هذا، أو في هذه البلدة، أو في هذه السفرة؛ فلفلان كذا.
    وهي مشروعة بقوله تعالى في آيتين في سورة النساء (12،11): ]مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ[؛ وبحديث رواه ابن ماجه والبزار عن أبي هريرةt: «إن الله تصدَّق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم» وحديث الجماعة (أحمد وأصحاب الكتب الستة) عن ابن عمرt: «ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين ـ وله شيء يريد أن يوصي فيه ـ إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه»، وحكمتها: تمكين المؤمن من تدارك ما فاته في حياته من العمل الخيري أو الصالح أو مكافأة من أسدى لـه معروفاً أو صلة للرحم والقرابة غير الوارثين أو مواساة البؤساء والمحتاجين.
    وحكمها: الندب أو الاستحباب، ولو لغير مريض لأن الموت يأتي بغتة. وركنها في الراجح لدى الحنفية: هو الإيجاب فقط من الموصي أي بإرادة منفردة، وأما القبول فهو شرط في لزوم الوصية وثبوت ملك الموصى به. وتنعقد عند بقية الفقهاء بصيغة كاملة وهي الإيجاب والقبول.
    ونصت المادة (208) من القانون السـوري على أنه «تنعقد الوصية بالعبارة أو بالكتابة، فإذا كان الموصي عاجزاً عنها انعقدت الوصية بإشارته المفهمة».
    شـروط الوصية: اشترط الفقهاء شروطاً لصحة الوصية، أو لنفاذها وترتب آثارها، وكلا النوعين من الشروط تشترط في الموصي، والموصى له، والموصى به.
    وأقتصر هنا على إيراد هذه الشروط في قانون الأحوال الشخصية السوري.
    أما شرطا الموصي: فقد نصت المادة (211) عليهما:
    ـ يشترط في الموصي أن يكون أهلاً للتبرع قانوناً.
    ـ على أنه إذا كان محجوراً عليه لسفه أو غفلة جازت وصيته بإذن القاضي.
    وتتوافر أهلية التبرع في الموصي بالعقل والبلوغ، فلا تصح وصية المجنون، والمعتوه والمغمى عليه إلا إذا أفاق في بعض الوقت، فوصيته صحيحة حال إفاقته، ولا تصح الوصية من صبي غير مميز باتفاق الفقهاء، وتصح وصية المميز في رأي أبي حنيفة والشافعي في رواية عنه، وتصح وصيته في رأي الإمامين مالك وأحمد في وجوه الخير إذا بلغ عشر سنين فأقل مما يقاربها.
    والمحجور عليه لسفه (تبذير) أو غفلة تصح وصيتهما إذا أذن بها القاضي، وقيد الحنفية جوازها إذا كانت في وجوه الخير.
    وأما شروط الموصى له: فقد نصت المادة (212) من القانون السوري عليها فيما يأتي:
    ـ أن يكون معلوماً.
    ـ أن يكون موجوداً عند الوصية وحين موت الموصي إن كان معيناً.
    ويضاف إلى ذلك أن يكون الموصى له غير وارث وغير قاتل.
    فلا تصح الوصية للمجهول، وتكون باطلة في رأي أبي حنيفة، ولا للمعدوم غير الموجود، لكن تصح الوصية للحمل في المادة (236). ولا تجوز الوصية للوارث إلا بإجازة الورثة؛ لحديث عمرو بن خارجة عند الترمذي: «لا وصية لوارث»، ولا تصح الوصية لقاتل الموصي لحديث الدار قطني والبيهقي: «لا وصية لقاتل». والقتل الذي يمنع من الإرث هو القتل قصداً من عاقل بالغ خمس عشرة سنة؛ مباشرة أو تسبباً، وذلك مذهب مالك الذي أخذ به القانون.
    وليس اتحاد الدين بين الموصي والموصى له شرطاً في صحة الوصية، فتصح وصية المسلم لغير المسلم، وعلى العكس.
    وأما شروط الموصى به: فقد نصّت المادة (216) من القانون السوري عليها:
    ـ أن يكون قابلاً للتمليك بعد موت الموصي ومتقوِّماً في شريعته.
    ـ أن يكون موجوداً عند الوصية في ملك الموصي إن كان معيّناً بالذات.
    فهذه خمسة شروط هي:
    ـ أن يكون الموصى به مالاً، فلا تصح الوصية بغير المال كالميتة والدم.
    ـ أن يكون متقوماً؛ أي مباح الانتفاع به شرعاً، فلا تصح الوصية بغير المتقوم كالخمر والخنزير والكلب.
    ـ أن يكون قابلاً للتمليك بعد موت الموصي، وكونه بعد موت الموصي للاحتراز عن الإيصاء بما كان قابلاً للتمليك عند الإيصاء، ثم أصبح غير قابل للتمليك بعد موت الموصي، فلا تصح الوصية بما ستلد أغنامه.
    والأولى أن يكون المراد به كون الموصى به مما يجري فيه الإرث، وأن يكون موجوداً عند الوصية في ملك الموصي إن كان معيّناً بالذات كدار مثلاً، فإن كان غير معيّن لكونه جزءاً شائعاً في المال كله؛ فيشترط وجوده عند الوفاة.
    ـ ألا يكون مستغرقاً بالدَّين؛ لأن الدَّين مقدم في الأداء على الوصية إلا في حالتين:
    ! أن يبرئ الغرماء الموصي، ويسقطوا ديونهم عنه.
    ! أو يجيزوا إنفاذ الوصية قبل الدَّين.
    ـ ألا يزيد على الثلث، فلا تصح الوصية بالزائد على ثلث التركة؛ لحديث البخاري ومسلم: «الثلث والثلث كثير» إلا إذا أجاز الورثة إنفاذ الوصية بما زاد على الثلث رعاية لحقهم. وقد نصت المادة (238) على الشرطين الآخيرين.
    وتجوز الوصية بالحقوق في المادة (217) وبإقراض الموصى له قدراً معلوماً من المال في المادة (218)، ويجوز للمورث توزيع التركة في حياته، ويوصي بتنفيذ هذا التخصيص بعد وفاته، ويكون لازماً بوفاته في المادة (219)، وإذا زاد ما خصص لبعضهم عن حصته الإرثية جرى على الزيادة حكم الوصية للوارث (الفقرة الثانية من المادة المذكورة).
    الرجوع عن الوصية: نصت المادة (220/د) على بطلان الوصية برجوع الموصي عن الوصية صراحة أو دلالة؛ أي يكون الرجوع عن الوصية بأحد طريقين: النص الصريح مثل: رجعت عن الوصية التي أوصيت بها لفلان، أو بطريق الدلالة كفعل الموصي ما يدل على الرجوع عن الوصية مثل بيع الموصى به أو هبته أو جعله وقفاً أو استهلاكاً بأكل أو ذبح أو إحراق أو غير ذلك، أو تغيير اسمه بالطحن أو النسج أو الصناعة، أو خلطه بما لا يمكن تمييزه كخلط الدقيق بالسكر، والزيادة في الموصى به زيادة لا يمكن تسليمه إلا بها كزرع الأرض شجراً أو بناء دار فيها.
    موانع الوصية:
    نصت المادة (220) على أنه تبطل الوصية:
    ـ بجنون الموصي جنوناً مطبقاً؛ إذا اتصل بالموت.
    ـ بموت الموصى له قبل الموصي.
    ـ بهلاك الموصى به المعيّن قبل وفاة الموصي.
    ـ برجوع الموصي عن الوصية صراحة أو دلالة.
    ـ بردّ الموصى لـه بعد وفاة الموصي؛ أي بردّ الشخص الطبيعي المعيّن إذا كان كامل الأهلية حين وفاة الموصي كما نصت المادة (226).
    الوصية الواجبة: عالج القانون المصري والسوري حالة «ابن المحروم» وهو الذي مات أبوه في حال حياة جده؛ حتى لا يجتمع عليه بأسان: وهما موت الأب والحرمان من الميراث. نصت المادة (257/1ـ 2) من القانون السوري على هذه الوصية، وحصرها القانون السوري في أولاد الابن وأولادهم دون الإناث؛ لأنهن من ذوي الأرحام، وجعلها القانون المصري شاملة للذكور والإناث. واستمد القانون أحكامها من جملة آراء؛ ولاسيما المذهبان الظاهري والإمامي.
    فمن تُوفِّي وله أولاد ابن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه، وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشرائط الآتية:
    ـ الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض موت أبيهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة.
    ـ لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جداً كان أو جدة، أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة.
    ـ تكون هذه الوصية لأولاد الابن ولأولاد ابن الابن ـ وإن نزل؛ واحداً كانوا أو أكثرـ للذكر مثل حظ الأنثيين.
    وهذه الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الأخرى في الاستيفاء من ثلث التركة.
    وهبة الزحيلي
يعمل...
X