أوسكار وايلد Oscar Wilde شاعر وناثر ومسرحي وناقد أيرلندي وهجهاء بالأدب الإنكليزي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أوسكار وايلد Oscar Wilde شاعر وناثر ومسرحي وناقد أيرلندي وهجهاء بالأدب الإنكليزي

    وايلد (اوسكار)

    Wilde (Oscar-) - Wilde (Oscar-)

    وايلد (أوسكار ـ)
    (1854 ـ 1900)
    أوسكار وايلد Oscar Wilde شاعر وناثر ومسرحي وناقد أيرلندي وأحد أبرز الهجائين في تاريخ الأدب الإنكليزي وأهم ممثلي الحركة الجمالية Aesthetic Movement الإنكليزية أو تيار «الفن للفن» Art For Art’s Sake الأوربي. وهو سليل عائلة أيرلندية شهيرة، إذ كان والده أبرز جراحي دبلن في اختصاص العين والأذن، ألَّف عدة كتب في علم الآثار وكتاباً لافتاً عن الهجاء والسخرية في أدب جوناثان سويفت[ر]، كما كان شخصية فكهة مغامرة. أما والدته فقد كانت مترجمة وشاعرة ثورية تطالب باستقلال أيرلندا عن بريطانيا وصاحبة أهم صالون أدبي فني في دبلن وخبيرة في الأساطير والفولكلور السلتي (الكلتي) Celtic.
    تلقى وايلد تعليمه الأساسي في المدرسة الملكية إنّيسكِلِّين Enniskillen، وحصل لتفوقه الدراسي على منحة إلى كلية ترينيتي Trinity في دبلن مدة أربع سنوات، ثم حصل على منحة ثانية إلى كلية المجدلية Magdalen في أُُكسفورد، حيث تخرج بعد أربع سنوات بدرجة شرف متخصصاً باللغات والآداب الكلاسيكية (الإغريقية واللاتينية)، كما أتقن الفرنسية والإيطالية. وعُرف عنه في أثناء دراسته إهماله الدروس والمحاضرات وغرقه في قراءة المصادر والمراجع وتفوقه المذهل في الامتحانات. كما وصفه بعض زملائه أنه مدع نفّاج، لكن الجميع اعترف بزلاقة لسانه وفكاهته اللافتة وبموهبته الشعرية. فعلى أثر الرحلة التي قام بها مع أساتذته إلى اليونان وإيطاليا في عام 1877 ألّف قصيدة مطولة بعنوان «راڤِنَّا» Ravenna ضمنها انطباعاته عن الحضارة الرومانية، وفازت في عام 1878 بجائزة «نيوديغِت» Newdigate.
    كان لأفكار الكاتبين الإنكليزيين جون رَسْكِن [ر] وولتر هوراشيو بيتر [ر] تأثير عميق في تطور وايلد، ولاسيما على الصعيد الجمالي وتطبيق ذلك في أسلوب العيش، وتأثر في الآونة نفسها بالرمزية [ر] الفرنسية وبالدعوة الفنية إلى العودة إلى مرحلة ما قبل الرفائيلية Pre- Raphaelite أي إلى الطبيعة المنعتقة من الصنعة. ومنذ عام 1880 صار وايلد تجسيداً حياً ـ في مظهره الخارجي على صعيد اللباس الملون غير المألوف وتسريحة الشعر وأسلوبه المعيشي وتعبيره عن آرائه في قصائده ـ لتيار الجمالية المكروه والمنبوذ في أجواء لندن الڤكتورية [ر. ڤكتوريا (الملكة)] الصارمة أخلاقياً ودينياً واجتماعياً والشهيرة أدبياً بالصنعة اللغوية، فبات وايلد موضوعاً للرسوم الساخرة في بعض مجلات العصر وفي الأوبرا الساخرة «صبر» Patience التي وضعها الملحنان غيلبرت Gilbert وسَليڤَن Sullivan. ومع ذلك كان وايلد يزداد شططاً واستفزازاً للآخرين حتى بلغت شهرته الولايات المتحدة. ونشر في عام 1881 «قصائد» Poems حذا فيها حذو أساتذته الشعراء سوينبرن [ر] وروسيتي D.G.Rossetti وكيتس [ر]، فعدَّها النقاد مجرد أصداء زائلة، في حين أعجب بها القراء، فراجت حتى نفدت الطبعة، ورسخت سمعة الشاعر المتفرد والمتمرد على الأعراف جميعها. ولضرورات مالية قَبِل أن يحاضر في الولايات المتحدة وكندا، فسافر عام 1882، وأمضى هناك اثني عشر شهراً مثيراً ذهول الأمريكيين حيال أسلوبه اللغوي ودهشتهم تجاه لباسه وسلوكه.
    ارتبط وايلد بعلاقة حب مع الصبية كونستانس لويد Constance Lloyd، وهي ابنة محام أيرلندي كبير، وتزوجها في عام 1884، وأنجب منها طفلين. وعلى الرغم من ثروتها اندفع وايلد إلى العمل الصحفي محرراً في «مجلة بول مول» Pall Mall Gazette ثم رئيس تحرير مجلة «عالم المرأة» Woman’s World حتى عام 1889، وكان في أثناء هذه السنوات قد دوَّن الحكايات المتنوعة التي كان يرويها لطفليه، ونشرها في عام 1889 بعنوان «الأمير السعيد وحكايات أخرى» The Happy Prince and Other Tales والتي كشفت عن جانب في غاية الأهمية من موهبة وايلد الأدبية؛ إذ إنها تعدّ مع مجموعة حكاياته الثانية «بيت الرمان» A House of Pomegranates ت(1891) من روائع أدب الأطفال العالمي. كما نشر في عام 1887 أربع أقصوصات ذات طابع غرائبي تشي بتأثره بإدغار ألن بو [ر]، وهي «شبح كانترڤيل» Canterville Ghost و«الهولة بلا سرّ» The Sphinx Without a Secret و«جريمة اللورد آرثر ساڤيل» Lord Arthur Savil’s Crime و«المليونير النموذج» The Model Millionaire، وقد لاقت رواجاً لافتاً لدى القراء الڤكتوريين لجمعه فيها بين الرونق اللغوي وجمالية الأجواء وغرائبية الأحداث.
    صدرت رواية وايلد الوحيدة «صورة دوريان غراي» The Picture of Dorian Gray في صيغتها الكاملة في عام 1891، وهي تنطوي على إشارات عديدة تحيل القارئ إلى «غارغَنتوا وبَنتاغرويل» لفرانسوا رابليه [ر]. وعلى الرغم من قول المؤلف في مقدمته بأنه لا توجد كتابات أخلاقية وأخرى غير أخلاقية، بل هناك كتابات جيدة وأخرى رديئة؛ فقد أثارت الرواية لدى النقاد مشكلةَ أخلاقيةِ تيار ِالجمالية، علماً أن نهاية الشخصية الرئيسية في الرواية ذات طابع أخلاقي صريح. وفي العام نفسه جمع وايلد عدداً من مقالاته النقدية التي سبق له نشرها متفرقة، وأصدرها معاً بعنوان «مقاصد» Intentions مؤكداً بها موقفه من تيار الجمالية بالاستناد إلى آراء الشاعرين الفرنسيين غوتييه[ر] وبودلير[ر] والرسام الأمريكي جيمس مَكْنيل ويسلر J.M.Whistler.
    على الرغم من براعة وايلد التي لا تجارى في صياغة النثر والتعبير الفكاهي الساخر الذي أوصل النثر الإنكليزي إلى ذروته؛ فإنه لم يحقق الشهرة المحلية والأوربية والعالمية إلا في المسرح، وتحديداً في «الملهاة الاجتماعية» Society Comedy التي أبدعها بجمعِه عناصر من المسرحية[ر. المسرحية] الفرنسية المتقنة الصنع والممتلئة بالمكائد والمؤثرات المفتعلة بهدف حل العقدة مع فكاهته اللاذعة وأحكامه الاجتماعية التي صارت أمثالاً متداولة، إضافة إلى معرفته العميقة بأجواء علية القوم في المجتمع الإنكليزي ورؤيته النقدية الثاقبة. وكان أول نجاحاته «مروحة الليدي ويندرمير» Lady Windermere’s Fan ت(1882)، ثم «امرأة غير مهمة» A Woman of No Importance ت(1893)، ثم «زوج مثالي» An Ideal Husband ت(1894)، ثم «أهمية أن تكون جاداً» The Importance of Being Earnest ت(1895)؛ مما أدى إلى ثراء وايلد وشعوره بالانتصار على أعدائه من النقاد ذوي العقول الجامدة والمخيلة البليدة. لكن أكثر مسرحيات وايلد أهمية على صعيد الفكر المسرحي هي لاشك «سالومي» Salomé ت(1891) التي كتبها باللغة الفرنسية، وأهداها إلى الممثلة الشهيرة ساره برنار Sarah Bernhardt التي تمكنت من عرضها في باريس عام 1894 بعد أن منعتها الرقابة الإنكليزية لمخالفتها ما ورد في «العهد الجديد» عن الشخصيات الرئيسية، ولاسيما النبي يحيى عليه السلام (يوحنا المعمدان) [ر]. وعلى أثر ترجمة نص المسرحية إلى الألمانية تبناه الموسيقار ريشارد شتراوس [ر]، ووضع له ألحان «أوبراه» التي لاقت نجاحاً عالمياً، كما أُخرجت المسرحية مرات عديدة في معظم المدن الأوربية. ولم تفرج عنها دائرة الرقابة الإنكليزية حتى عام 1933.
    في مطلع عام 1895 رفع أوسكار وايلد دعوى افتراء وتشهير بحق المركيز كوينزبري Queensberry ـ والد صديقه اللورد دوغلاس Douglas وبتشجيع من صديقه ـ لاتهامه إياه بالشذوذ الجنسي، وفي سياق المحاكمة وبجهود المدعي العام تحول المدعي إلى متهم، وبُرِّئ المركيز، ثم اعتُقل وايلد لاحقاً، وأُدين بالشذوذ الجنسي اعتماداً على مقاطع من روايته «صورة دوريان غراي» وعلى أقوال شهود زعموا أن نمط حياته غير طبيعي؛ مما تسبب في الحكم عليه بالسجن سنتين مع الأشغال الشاقة في سجن رِدِنغ Reading Gaol خارج لندن. وقد ضيَّق مدير السجن الخناق حول وايلد نفسياً وجسدياً، ومنعه من القراءة والكتابة، حتى نجحت وساطات أصدقائه، فاستُبدل المدير، وسُمح للسجين بالكتابة، وكانت نتيجتها الرسالة المطولة «من الأعماق» De Profundis التي نُشرت مجزأة في عام 1905، وعرض فيها وجهات نظره في أسلوب معيشته الخاص ومظهره العام وآراءه الجمالية في الأدب والفن والحياة.
    خرج وايلد من السجن سنة 1897 مفلساً، عليلاً، منبوذاً ـ حتى من قبل زوجته التي غيرت اسمها، وهاجرت مع طفليها إلى ألمانيا ـ فغادر إنكلترا إلى فرنسا حيث عاش في ضَنك وعزلة، ونظم «بالادة سجن رِدِنغ» The Ballad of Reading Gaol ت(1898) التي فضح فيها نظام السجون الإنكليزية والمعاملة اللاإنسانية بحق السجناء. وعندما تُوفِّي في باريس بمرض حمى السحايا دفن في مقبرة كنيسة كاثوليكية ـ كان معجباً بعمارتها ـ مع أنه كان بروتستنتياً.
    نبيـل الحفـار
يعمل...
X