الفصل التاسع
في ربوع البادية السورية
مفهوم البادية وتحديدها وأقسامها :
البادية : هي المنطقة التي يتبدى فيها الناس وراء قطعان ماشيتهم طلباً للكلأ والماء، وهذا يعني أنَّها المنطقة التي لا تلائم ظروفها المناخية قيام حياة اقتصادية زراعية مستقرة اعتماداً على الموارد الطبيعية للأرض - بغض النظر عن مناطق الواحات وأماكن استخراج الثروات الباطنية كالنفط و ماشاكله التي يجنح قاطني الواحات للاستقرار فيها لاعتمادهم على الزراعة فيها مع عدم إهمال تربية الماشية في المناطق المحيطة بالواحات - ولذا عرف سكان البادية بالبدو وبذا يمكن القول أنَّ البدو - أو البداوة - صفة لأناس يعملون ضمن نشاط اقتصادي معين (تربية الماشية من أغنام وجمال) ويعيشون حياة اجتماعية متميزة ( حياة قبلية فرضتها عليها ظروف الطبيعة القاسية، مما حدا بهم إلى الترحال والتنقل الدائمين خلال مواسم محددة من السنة .
وليس هناك تحديد دقيق للبادية؛ وإذا كان البعض يقرن بينها وبين الصحراء (Desert) فإنَّ هذا الاقتران يجافي الحقيقة بكافة أبعادها (١) . كما أنَّ الإشارة إلى البادية على أنَّها توافق مصطلح الاستبس (Steppe) أي مايترجم
(1) البادية من النبدي أي الانتقال مع حيوانات المرعى الأغنام والماعز والإبل...) حيثما يتوفر الماء والكلأ في منطقة معينة ذات ظروف مناخية متباينة مابين أجزائها بحيث يتوفر الماء والكلا في فترة من السنة في جزء منها وينضب من هذا الجزء في فترة أخرى ، لذا يتم الانتقال نحوه تارة وبعيداً عنه تارة أخرى. أما الصحراء فهي منطقة لا يمكن أن تقوم فيها حياة اعتماداً على ظروفها المناخية والنباتية فهي أقل مطراً وأكثر جفافاً من البادية .
إلى العربية بالسهب، فهذا يعني أنَّ البادية في هذه الحالة ستغطي الجزء الأكبر من سورية بما يندرج في معظم التصنيفات المناخية تحت مفهوم إقليم المناخ شبه الجاف الذي يتوافق مع معدلات سنوية للأمطار تتراوح بين ٢٠٠-٥٠٠مم. وبما أنَّ الإقليم شبه الجاف يمثل حالة انتقالية بين إقليمي المناخ الرطب والجاف، وحيث أن نمط النشاط الاقتصادي الغالب فيه هي الزراعة بينما تشكل تربية الحيوان نشاطاً ثانوياً، وحتى مهملاً في بعض أجزائه، وحيث استقر سكانه منذ القديم في بيوت ثابتة أشادوها حول الأنهار والغدران والينابيع. لذا يمكن اعتبار البادية - بما ذكرناه سابقاً . وصف عام لها دون تحديدها ولطبيعة سكانها - إنَّها تتوافق عموماً مع إقليم المناخ الجاف حسب معظم التصنيفات المناخية (ثورنثويت بالدرجة الأولى، ديمارتون، كوبن، بيلي ... إلخ) لكنَّها تتوافق مع إقليم المناخ الجاف جداً والطبقة الدنيا من المناخ الجاف حسب تصنيف الافرنسي امبيرجيه. بينما بعض علماء المناخ - كما هو الحال في عالم المناخ البريطاني أوستن ملر حدودا المناخ الصحراوي المناخ الجاف) بالمناطق التي يقل معدل أمطارها السنوية عن ٢٥٠مم، وهو حد مطري أعظمي مناسب للبادية في منطقتنا العربية. وهذا لا يعني أن البادية تشمل المناطق كافة ذات الأمطار السنوية التي يتدنى معدلها عن ٢٥٠مم إلى حيث تكان تنعدم الأمطار السنوية ولاتهطل سوى مرة واحدة كل ثلاث أو خمس سنوات وبمعدل سنوي لا يتعدى بضعة مليمترات كما هو الحال في الصحراء الكبرى أو صحراء الربع الخالي ... وغيرهما من الصحاري شديدة الجفاف، ومثل هذا الوضع المناخي المطري غير معروف في سورية، ذلك أنَّ أدنى معدل سنوي للأمطار في أي بقعة سورية لايقل عن ٨٠مم. نجد أن -
وبصورة عامة، يمكن القول أنَّ البادية بمفهومها الحيوي ومجالها الحياتي، هي تلك المنطقة الشاسعة الامتداد التي يتراوح معدل أمطارها
السنوية بين ٥٠-٢٥٠مم. ومادون ٥٠مم مطر، فإنَّ الأرض تكون صحراء حقيقية مجدبة لازرع فيها ولا ضرع وإنَّما الرمال التي قد يعثر المرء بينها على بعض النباتات التي لا تقيم أود حيوان. وهذا يعني الكلمة غير معروفة في بلادنا وإن كانت مظاهرها في النصف الشرقي من البادية تظهر في السنوات الشَّديدة الجفاف التي تمر على سورية. أنَّ الصحراء بمعنى
وتقسم البادية في سورية حسب انتشارها وموقعها إلى قسمين يفصل بينهما نهر الفرات هما - شكل (٣٥) - : البادية الشامية جنوب شرقي النهر، وبادية الجزيرة شمال وشمال شرقي النهر. أما على أساس كمية الأمطار السنوية ودرجة الجفاف - الذي هو محصلة للأمطار الهاطلة وللتبخر الذي يعتمد بالدرجة الرئيسية على درجة الحرارة - فتقسم البادية السورية إلى إقليمين متميزين هما : أ ـ البادية شبه الجافة؛ وتتمثل في الأجزاء التي يتراوح فيها معدل الأمطار ١٢٥ - ٢٥٠ مم . السنوية بين
ب - البادية الجافة التي يقل معدل أمطارها السنوية عن ١٢٥مم، وتقسم إلى منطقتين؛ الحماد ويحتل الجزء الجنوبي الغربي منها، والفيضات وتشغل الجزء الشمال الشرقي منها الاخفض ارتفاعاً . وهي
وتكاد أن تتوافق بادية الجزيرة مع ما اصطلح عليه اسم الجزيرة الدنيا (السفلى) السورية الممتدة إلى الجنوب من العارض الجبلي (سنجار ـ عبد العزيز - طوال (العبا وحتى وادي الفرات شاغلة مساحة تقدر بنحو ٣٠٥٠٠كم. وهي في خصائصها العامة أقرب ماتكون إلى المناطق السهبية البادية شبه الجافة ذات أعشاب ومراع وفيرة ومواقع بشرية عمرانية عديدة منتشرة على جانبي نهر الخابور والبليخ اللذان يشقانهـا في وجهتهما إلى نهر الفرات .
في ربوع البادية السورية
مفهوم البادية وتحديدها وأقسامها :
البادية : هي المنطقة التي يتبدى فيها الناس وراء قطعان ماشيتهم طلباً للكلأ والماء، وهذا يعني أنَّها المنطقة التي لا تلائم ظروفها المناخية قيام حياة اقتصادية زراعية مستقرة اعتماداً على الموارد الطبيعية للأرض - بغض النظر عن مناطق الواحات وأماكن استخراج الثروات الباطنية كالنفط و ماشاكله التي يجنح قاطني الواحات للاستقرار فيها لاعتمادهم على الزراعة فيها مع عدم إهمال تربية الماشية في المناطق المحيطة بالواحات - ولذا عرف سكان البادية بالبدو وبذا يمكن القول أنَّ البدو - أو البداوة - صفة لأناس يعملون ضمن نشاط اقتصادي معين (تربية الماشية من أغنام وجمال) ويعيشون حياة اجتماعية متميزة ( حياة قبلية فرضتها عليها ظروف الطبيعة القاسية، مما حدا بهم إلى الترحال والتنقل الدائمين خلال مواسم محددة من السنة .
وليس هناك تحديد دقيق للبادية؛ وإذا كان البعض يقرن بينها وبين الصحراء (Desert) فإنَّ هذا الاقتران يجافي الحقيقة بكافة أبعادها (١) . كما أنَّ الإشارة إلى البادية على أنَّها توافق مصطلح الاستبس (Steppe) أي مايترجم
(1) البادية من النبدي أي الانتقال مع حيوانات المرعى الأغنام والماعز والإبل...) حيثما يتوفر الماء والكلأ في منطقة معينة ذات ظروف مناخية متباينة مابين أجزائها بحيث يتوفر الماء والكلا في فترة من السنة في جزء منها وينضب من هذا الجزء في فترة أخرى ، لذا يتم الانتقال نحوه تارة وبعيداً عنه تارة أخرى. أما الصحراء فهي منطقة لا يمكن أن تقوم فيها حياة اعتماداً على ظروفها المناخية والنباتية فهي أقل مطراً وأكثر جفافاً من البادية .
إلى العربية بالسهب، فهذا يعني أنَّ البادية في هذه الحالة ستغطي الجزء الأكبر من سورية بما يندرج في معظم التصنيفات المناخية تحت مفهوم إقليم المناخ شبه الجاف الذي يتوافق مع معدلات سنوية للأمطار تتراوح بين ٢٠٠-٥٠٠مم. وبما أنَّ الإقليم شبه الجاف يمثل حالة انتقالية بين إقليمي المناخ الرطب والجاف، وحيث أن نمط النشاط الاقتصادي الغالب فيه هي الزراعة بينما تشكل تربية الحيوان نشاطاً ثانوياً، وحتى مهملاً في بعض أجزائه، وحيث استقر سكانه منذ القديم في بيوت ثابتة أشادوها حول الأنهار والغدران والينابيع. لذا يمكن اعتبار البادية - بما ذكرناه سابقاً . وصف عام لها دون تحديدها ولطبيعة سكانها - إنَّها تتوافق عموماً مع إقليم المناخ الجاف حسب معظم التصنيفات المناخية (ثورنثويت بالدرجة الأولى، ديمارتون، كوبن، بيلي ... إلخ) لكنَّها تتوافق مع إقليم المناخ الجاف جداً والطبقة الدنيا من المناخ الجاف حسب تصنيف الافرنسي امبيرجيه. بينما بعض علماء المناخ - كما هو الحال في عالم المناخ البريطاني أوستن ملر حدودا المناخ الصحراوي المناخ الجاف) بالمناطق التي يقل معدل أمطارها السنوية عن ٢٥٠مم، وهو حد مطري أعظمي مناسب للبادية في منطقتنا العربية. وهذا لا يعني أن البادية تشمل المناطق كافة ذات الأمطار السنوية التي يتدنى معدلها عن ٢٥٠مم إلى حيث تكان تنعدم الأمطار السنوية ولاتهطل سوى مرة واحدة كل ثلاث أو خمس سنوات وبمعدل سنوي لا يتعدى بضعة مليمترات كما هو الحال في الصحراء الكبرى أو صحراء الربع الخالي ... وغيرهما من الصحاري شديدة الجفاف، ومثل هذا الوضع المناخي المطري غير معروف في سورية، ذلك أنَّ أدنى معدل سنوي للأمطار في أي بقعة سورية لايقل عن ٨٠مم. نجد أن -
وبصورة عامة، يمكن القول أنَّ البادية بمفهومها الحيوي ومجالها الحياتي، هي تلك المنطقة الشاسعة الامتداد التي يتراوح معدل أمطارها
السنوية بين ٥٠-٢٥٠مم. ومادون ٥٠مم مطر، فإنَّ الأرض تكون صحراء حقيقية مجدبة لازرع فيها ولا ضرع وإنَّما الرمال التي قد يعثر المرء بينها على بعض النباتات التي لا تقيم أود حيوان. وهذا يعني الكلمة غير معروفة في بلادنا وإن كانت مظاهرها في النصف الشرقي من البادية تظهر في السنوات الشَّديدة الجفاف التي تمر على سورية. أنَّ الصحراء بمعنى
وتقسم البادية في سورية حسب انتشارها وموقعها إلى قسمين يفصل بينهما نهر الفرات هما - شكل (٣٥) - : البادية الشامية جنوب شرقي النهر، وبادية الجزيرة شمال وشمال شرقي النهر. أما على أساس كمية الأمطار السنوية ودرجة الجفاف - الذي هو محصلة للأمطار الهاطلة وللتبخر الذي يعتمد بالدرجة الرئيسية على درجة الحرارة - فتقسم البادية السورية إلى إقليمين متميزين هما : أ ـ البادية شبه الجافة؛ وتتمثل في الأجزاء التي يتراوح فيها معدل الأمطار ١٢٥ - ٢٥٠ مم . السنوية بين
ب - البادية الجافة التي يقل معدل أمطارها السنوية عن ١٢٥مم، وتقسم إلى منطقتين؛ الحماد ويحتل الجزء الجنوبي الغربي منها، والفيضات وتشغل الجزء الشمال الشرقي منها الاخفض ارتفاعاً . وهي
وتكاد أن تتوافق بادية الجزيرة مع ما اصطلح عليه اسم الجزيرة الدنيا (السفلى) السورية الممتدة إلى الجنوب من العارض الجبلي (سنجار ـ عبد العزيز - طوال (العبا وحتى وادي الفرات شاغلة مساحة تقدر بنحو ٣٠٥٠٠كم. وهي في خصائصها العامة أقرب ماتكون إلى المناطق السهبية البادية شبه الجافة ذات أعشاب ومراع وفيرة ومواقع بشرية عمرانية عديدة منتشرة على جانبي نهر الخابور والبليخ اللذان يشقانهـا في وجهتهما إلى نهر الفرات .
تعليق