ويتمن (وولت)
Whitman (Walt-) - Whitman (Walt-)
ويتمَن (وولت ـ)
(1819ـ 1892)
وولت (وولتر) ويتمَن Walter Whitman رائد الشعر الأمريكي، بل ربما الإنكليزي في وقت كان هذا الأخير يرزح تحت قيود المجتمع الڤكتوري، وكان شعره نفحة جديدة منعشة نفضت عنه الحصافة واللباقة والتزمُت، وسمَّت الأشياء بمسمَّياتها. ولد في بلدة وست هيلز West Hills القريبة من مدينة نيويورك لأب إنكليزي وأم هولندية، ودرس في مدارس حي بروكلين Brooklyn الذي انتقلت العائلة للإقامة فيه. بدأ العمل مبكراً وتعلّم حرفة الطباعة، ثم علّم في المدارس الريفية المحيطة. عمل بعد ذلك في الصحافة وصار في عام 1846 محرراً في صحيفة «بروكلين ديلي إيغل» Brooklyn Daily Eagle وصحف أخرى في أرجاء البلاد، ونشر بعض شعره وقصصه فيها.
كان ويتمن من الشعراء الإبداعيين السباقين في الولايات المتحدة حين نشر قصائده الأولى القليلة في ديوان «أوراق من العشب» Leaves of Grass ت(1855) الذي لم يلق سوى الانتقاد والرفض. إلا أن كثيرين من أمثال ثورو[ر] وبرونسون أولكوت Bronson Alcott وإمرسون[ر] رأوا فيه روحاً جديدة بعثت الحياة في الشعر الأمريكي الفتي. لكن الإخفاق المادي للديوان اضطر الشاعر إلى العودة إلى العمل في الصحافة محرراً في صحيفة «بروكلين تايمز» Brooklyn Times.
نُشر ديوان «أوراق من العشب» في تسع طبعات خلال حياة ويتمَن، ومع ذلك لم تلق الطبعة الثانية نجاحاً أكثر من سابقتها. وأضاف إلى الطبعة الثالثة التي نشرها في بوسطن عام 1860 القصائد المعروفة باسم «كالاموس» Calamus التي كتب فيها عن الصعوبات التي رافقته في حياته والأزمات التي واجهها في مسيرته. ومع نشوب الحرب الأهلية في البلاد عام 1861 عمل ويتمَن في دوائر حكومية مختلفة وأسهم في المجهود الحربي وزار المستشفيات الميدانية التي عجت بضحايا الحرب وسجل ملاحظاته حولها. اضطر إلى ترك عمله أكثر من مرة بسبب صفة الإباحية التي أشيعت عن شعره. ومع انتهاء الحرب نشر الملاحظات التي كان قد جمعها خلالها؛ ومع حماسته للهدف النبيل الذي قامت الحرب من أجله من تحرير للعبيد وإحلال للعدالة الاجتماعية عبّر في ديوان «قرع الطبول الحزين» Drum- Taps ت(1865) عن أهوال الحرب والموت والدمار الذي سببته. ثم نشر «تتمة قرع الطبول الحزين» Sequel to Drum-Taps في خريف عام 1865 وضم إحدى أفضل قصائده «عندما أزهر اللَّيلَك في المدخل آخر مرة» When Lilacs Last in the Dooryard Bloom’d في رثاء الرئيس لنكولن[ر] الذي كان قد اغتيل في ربيع ذلك العام. كما كتب الكثير من القصائد في «ذكرى الرئيس لنكولن» Memories of President Lincoln منها «أيها الرئيس! يا رئيسي!» O Capten! My Captain! عبَّر فيها كلها عن الأسى والحزن الذي أصاب الأمة نتيجة اغتيال الرئيس، وأيضاً عن رفضه للحرب الوحشية المدمرة.
عالج نثر ويتمَن الموضوعات ذاتها التي عالجها شعره، فالحب والحرب موضوعان أساسيان في كليهما كما في «عينات من أيامي، ومجموعة مقالات» Specimen Days & Collect ت(1882ـ1883)، وأيضاً أزمة الديمقراطية المزمنة في الولايات المتحدة كما في «رؤى ديمقراطية» Democratic Vistas ت(1871). نشرت «القصائد الكاملة والنثر» The Complete Poems and Prose والطبعة الثامنة من «أوراق من العشب» عام 1888، والتاسعة عام 1892 الذي كان عام وفاة الشاعر في بلدة كامدِن Camden بولاية نيوجرسي القريبة من مسقط رأسه.
ذاع صيت ويتمَن فكُتبت عنه المؤلفات في حياته مثل «الشاعر الطيب ذو الشعر الرمادي» The Good Gray Poet ت(1866) لوليم أوكونور W.O’Connor، و«ملاحظات عن وولت ويتمن شاعراً وإنساناً» Notes on Walt Whitman as Poet and Person ت(1867) لجون بَروز J.Burroughs. نشرت طبعة مشذبة من قصائده في إنكلترا عام 1868، كما نشرت في العقد التالي ترجمات لشعره في كل من فرنسا وألمانيا.
غنى ويتمَن حبه للقارة الأمريكية التي كانت لاتزال بكراً في ذلك الوقت، وللإنسان الأمريكي خصوصاً الهندي الأصلي والمهاجر الحديث على حد سواء، وعدّ نفسه ممثلاً له كما في قصيدة «أغنية عن ذاتي» Song of Myself، إلا أنه احتفى أيضاً بالإنسان والحضارة الإنسانية عموماً كما في قصيدة «رحلة إلى الهند» Passage to India. لم تكن مفردات ويتمَن الطويلة الرنانة ذات الوقع الأمريكي الخاص أحياناً، وقصائده الحافلة بقوائم طويلة من أسماء الأشخاص والأمكنة، وكتاباته في موضوع الجنس المثلي والغيري وفي الذات والتفرد سوى تعبير رمزي عن الطبيعة المتنوعة الخصبة.
ترك ويتمن أثراً باقياً في شعراء أمريكيين كبار آخرين مثل وليم كارلوس وليمز[ر]، وثمَّن إليوت[ر] شعره لذاته بِغَض النظر عن الأفكار التي طرحها فيه.
طارق علوش
Whitman (Walt-) - Whitman (Walt-)
ويتمَن (وولت ـ)
(1819ـ 1892)
وولت (وولتر) ويتمَن Walter Whitman رائد الشعر الأمريكي، بل ربما الإنكليزي في وقت كان هذا الأخير يرزح تحت قيود المجتمع الڤكتوري، وكان شعره نفحة جديدة منعشة نفضت عنه الحصافة واللباقة والتزمُت، وسمَّت الأشياء بمسمَّياتها. ولد في بلدة وست هيلز West Hills القريبة من مدينة نيويورك لأب إنكليزي وأم هولندية، ودرس في مدارس حي بروكلين Brooklyn الذي انتقلت العائلة للإقامة فيه. بدأ العمل مبكراً وتعلّم حرفة الطباعة، ثم علّم في المدارس الريفية المحيطة. عمل بعد ذلك في الصحافة وصار في عام 1846 محرراً في صحيفة «بروكلين ديلي إيغل» Brooklyn Daily Eagle وصحف أخرى في أرجاء البلاد، ونشر بعض شعره وقصصه فيها.
نُشر ديوان «أوراق من العشب» في تسع طبعات خلال حياة ويتمَن، ومع ذلك لم تلق الطبعة الثانية نجاحاً أكثر من سابقتها. وأضاف إلى الطبعة الثالثة التي نشرها في بوسطن عام 1860 القصائد المعروفة باسم «كالاموس» Calamus التي كتب فيها عن الصعوبات التي رافقته في حياته والأزمات التي واجهها في مسيرته. ومع نشوب الحرب الأهلية في البلاد عام 1861 عمل ويتمَن في دوائر حكومية مختلفة وأسهم في المجهود الحربي وزار المستشفيات الميدانية التي عجت بضحايا الحرب وسجل ملاحظاته حولها. اضطر إلى ترك عمله أكثر من مرة بسبب صفة الإباحية التي أشيعت عن شعره. ومع انتهاء الحرب نشر الملاحظات التي كان قد جمعها خلالها؛ ومع حماسته للهدف النبيل الذي قامت الحرب من أجله من تحرير للعبيد وإحلال للعدالة الاجتماعية عبّر في ديوان «قرع الطبول الحزين» Drum- Taps ت(1865) عن أهوال الحرب والموت والدمار الذي سببته. ثم نشر «تتمة قرع الطبول الحزين» Sequel to Drum-Taps في خريف عام 1865 وضم إحدى أفضل قصائده «عندما أزهر اللَّيلَك في المدخل آخر مرة» When Lilacs Last in the Dooryard Bloom’d في رثاء الرئيس لنكولن[ر] الذي كان قد اغتيل في ربيع ذلك العام. كما كتب الكثير من القصائد في «ذكرى الرئيس لنكولن» Memories of President Lincoln منها «أيها الرئيس! يا رئيسي!» O Capten! My Captain! عبَّر فيها كلها عن الأسى والحزن الذي أصاب الأمة نتيجة اغتيال الرئيس، وأيضاً عن رفضه للحرب الوحشية المدمرة.
عالج نثر ويتمَن الموضوعات ذاتها التي عالجها شعره، فالحب والحرب موضوعان أساسيان في كليهما كما في «عينات من أيامي، ومجموعة مقالات» Specimen Days & Collect ت(1882ـ1883)، وأيضاً أزمة الديمقراطية المزمنة في الولايات المتحدة كما في «رؤى ديمقراطية» Democratic Vistas ت(1871). نشرت «القصائد الكاملة والنثر» The Complete Poems and Prose والطبعة الثامنة من «أوراق من العشب» عام 1888، والتاسعة عام 1892 الذي كان عام وفاة الشاعر في بلدة كامدِن Camden بولاية نيوجرسي القريبة من مسقط رأسه.
ذاع صيت ويتمَن فكُتبت عنه المؤلفات في حياته مثل «الشاعر الطيب ذو الشعر الرمادي» The Good Gray Poet ت(1866) لوليم أوكونور W.O’Connor، و«ملاحظات عن وولت ويتمن شاعراً وإنساناً» Notes on Walt Whitman as Poet and Person ت(1867) لجون بَروز J.Burroughs. نشرت طبعة مشذبة من قصائده في إنكلترا عام 1868، كما نشرت في العقد التالي ترجمات لشعره في كل من فرنسا وألمانيا.
غنى ويتمَن حبه للقارة الأمريكية التي كانت لاتزال بكراً في ذلك الوقت، وللإنسان الأمريكي خصوصاً الهندي الأصلي والمهاجر الحديث على حد سواء، وعدّ نفسه ممثلاً له كما في قصيدة «أغنية عن ذاتي» Song of Myself، إلا أنه احتفى أيضاً بالإنسان والحضارة الإنسانية عموماً كما في قصيدة «رحلة إلى الهند» Passage to India. لم تكن مفردات ويتمَن الطويلة الرنانة ذات الوقع الأمريكي الخاص أحياناً، وقصائده الحافلة بقوائم طويلة من أسماء الأشخاص والأمكنة، وكتاباته في موضوع الجنس المثلي والغيري وفي الذات والتفرد سوى تعبير رمزي عن الطبيعة المتنوعة الخصبة.
ترك ويتمن أثراً باقياً في شعراء أمريكيين كبار آخرين مثل وليم كارلوس وليمز[ر]، وثمَّن إليوت[ر] شعره لذاته بِغَض النظر عن الأفكار التي طرحها فيه.
طارق علوش