الفصل الثامن
في ربوع وادي الفرات
نهر الفرات، النهر الذي عرف واديه الحياة منذ أقدم الأزمنة، وكان صلة وصل بين الحضارات التي قامت على جانبيه ولولا الفرات لما عرفنا مدينة ماري التاريخية ولا الصالحية دورا) أوبوس) . . . ولا شاهدنا مئات التجمعات البشرية التي تقوم على جانبيه. إنه شريط من الحياة ضمن البادية السورية، فهو من أهم الأنهار في سورية لكونه يشكل مورداً مائياً ليس للزراعة فحسب وإنما للشُرب وتوليد الطاقة الكربائية .
نهر الفرات وواديه طبيعياً وبشرياً
وادي نهر الفرات، الوادي المنخفض الذي شقه نهر الفرات في شمال شرقي سورية بعمق وسطي يقارب ۱۰۰ متراً دون مستوى الباديتين الشامية والجزيرة، وبعرض متوسط يتراوح بين ١-١٢)كم يقل إلى نحو ٢٠٠م في بعض الأماكن كما الحال عند خانق حلبية وزلبية، ويتسع في بعض الأماكن إلى ٢٠كم) - شكل (۳۳) ـ . هو
ويبلغ طول نهر الفرات في الأراضي السورية ٦٧٧كم(إجمالي طوله من منابعه في الأراضي التركية وحتى مصبه في الخليج العربي (٢٣٣٠كم). ويدخل نهر الفرات سورية من تركية عند بلدة جرابلس السورية على ارتفاع ٣٢٥م ، ويخرج منها بعد مدينة أبو كمال في جنوب شرق سورية على ارتفاع ١٦٥م متجهاً نحو مصبة عابراً بعدها الأراضي العراقية. ومتوسط انحدار مجرى الفرات في سورية بحدود ۱ / ٤۲۰۰ ، غير أن انحدار مجراه الأعلى إلى الشمال من مسكنة أكبر من انحدار مجراه الأوسط والأدنى، وهذا يعلل بضيق واديه الأعلى قياساً بالأدنى، وباختراقه لبعض الممرات
الضيقة كما هو في الممر الموجود مقابل قلعة نجم، وموقع يوسف باشا حتى مسكنة وبضيق واديه قطاعه الأوسط قليلاً أيضاً كما في موقع مضيق حلبية - زلبية في أعالي محافظة دير الزور، وكذلك في الموقع الذي اقيم فيه سد الفرات .
ومما يميز وادي الفرات الواسع أنَّ جانبيه غير متناظرين لافي الشكل ولافي الارتفاع، ولافي الاتساع، حيث الأيمن أكثر ارتفاعاً وأشدُّ انحداراً وأقل امتداداً من الجانب الأيسر. ويبدو الجانبين احياناً على شكل مصاطب متدرجة تبدو واضحة في بعض الأماكن بعدد أربعة مصاطب .
ويجري نهر الفرات في وادٍ كثير التعرج، حيث تكثر الأكواع النهرية التي وصل البعض منها إلى آخر مراحل تطوره تاركاً وراءه العديد من الجزر النهرية (الحويقات) في مجرى النهر التي يتجاوز عددها المائة، ومن أبرز الأمثلة عنها حويقة ابن صقر وحويقة علي القاطع في دير الزور، كما نشاهد العديد من البحيرات الهلالية الجميلة المنظر التي هي من مخلفات أكواع نهرية مهجورة .
ويتلقى نهر الفرات الغالبية العظمى من مياهه من الأراضي التركية - من إذابة الثلوج وهطول الأمطار ، حيث تقتصر روافده السورية على أنهار الساجور والبليخ والخابور. وتبلغ الغزارة الوسطية للفرات في سورية بحدود ۸۳٥ متر مكعب / ثانية غير إنها في فترات الفيضان أكثر من عشر مرات من وسطيها كما حدث في عام ١٩٦٧ أثناء فيضانه الكبير، بينما تنخفض في السنوات الجافة في فترات الشح (الصيف) إلى مادون ١٥٠ متر مكعب / ثانية . ويقدر متوسط تصريف الفرات الطبيعي السنوي في سورية بحدود ٢٦٠ مليار مكعب، وإن كان اليوم قد تدنى عن ذلك كثيراً لإقامة العديد من السدود التخزينية في تركيا. ولقد عرف الفرات في تاريخه العديد من الفيضانات
المدمرة من أبرزها في القرن العشرين فيضان عام ١٩٢٩ الذي دعي بفيضان ابو عبار، وفيضان عام ١٩٦٧ الذي ارتفع منسوب المياه خلاله إلى قرابة خمسة امتار في شهر نيسان مسبباً خسائر مادية كبيرة. غير ان المدمرة أثناء فيضانه تم أسرها والسيطرة عليها بفعل سد الفرات العظيم الذي اقيم عليه منظماً مياه في عام ۱۹۷۳ ، وكذلك سد البعث عام ١٩٨٨ . وسنعود للحديث عن سد الفرات وسد البعث في جولتنا الفراتية .
مع دير الزور أقل ويخترق نهر الفرات في سورية اقليمين مناخيين، أولهما إقليم المناخ شبه الجاف في واديه الأعلى حتى مسكنة، والآخر اقليم المناخ الجاف في واديه الأوسط والأدنى، حيث تقل الأمطار، وتزداد الحرارة ارتفاعاً مجرى النهر، وبالتالي تقل فعالية التهطال لازدياد التبخر. فبينما يبلغ معدل الأمطار السنوية في جرابلس ٣٠٠مم ، تنخفض في الرقة إلى ١٥٠مم وفي ابو كمال إلى ١٢٢مم، وهكذا نجد أن كمية الأمطار السنوية في من نصفها في جرابلس. أما درجات الحرارة فتتزايد مع مجرى النهر، حيث يبلغ متوسطها السنوي في جرابلس ۱۷٫۸ درجة مئوية (كانون الثاني ٥,٨ درجة مئوية، آب ۱و۳۰ درجة مئوية وفي الرقة ١٩,٥ درجة مئوية(كانون الثاني ٦,٩ درجة مئوية، آب ٢٩٦ درجة مئوية وفي دير الزور ١٩,٨ درجة مئوية(كانون الثاني ٧,٣ درجة مئوية آب٣٢,١ درجة مئوية) وفي أبو كمال ٢٠,٢ درجة مئوية (كانون الثاني ٧,٩ درجة مئوية ، آب ٣٢،٥ درجة مئوية). كما وتسجل درجات حرارة قصوى في الجزء الأدنى من الفرات تصل في بعض السوات إلى أكثر من ٤٥ درجة مئوية (سجلت درجة حرارة ٤٨ درجة مئوية في النصف الثاني من هذا القرن)، بينما تتدنى درجة الحرارة الدنيا إلى عدة درجات دون الصفر في بعض السنوات ( درجة مئوية في أبو كمال عام ١٩٦٤م.
ونتيجة لجفاف الأرض على جانبي الفرات في قطاعه الأدنى والأوسط ( في الباديتين الشامية والجزيرة وارتفاع الحرارة وانخفاض الرطوبة النسبية الجوية صيفاً، لذا فإنَّ الرياح التي تهب على هذين القطاعين قادمة من الجنوب والجنوب الشرقي تكون محملة بالأتربة التي تبقى معلقة في الجو عدة أيام متواصلة تحجب أشعة الشمس. ومثل هذه العواصف الترابية والأتربة المعلقة تكثر في شهري نيسان وأيار وتحدث كذلك في بعض أيام فصل الخريف .
ويستغل وادي الفرات في الزراعة المروية بشكل خاص، بخاصة بعد انشاء سد الفرات الذي وفر مياه الري صيفاً لمساحات كبيرة من اراضي الوادي وهوامشه حوض ،البليخ وادي الفرات سهل مسكنة - حلب، سهل الرصافة، سهل الميادين.
غير أن أهم مشكلة تعاني منها مناطق وادي الفرات المروية هي التملح الذي اعترى مساحات كبيرة محولاً إياها إلى قفار صحراوية مجللة بطبقة ملحية بيضاء. ولذا فإنَّ مشاريع الري التي نفذت وماتزال تنفذ تتواكب جنباً إلى جنب مع مشاريع الصرف للحد من أخطار مشكلة التملح، ولإعادة ما يمكن إعادته إلى حيز الاستثمار الزراعي.
ومن أهم المحاصيل الزراعية في وادي الفرات القطن يليه القمح والشوندر والبطيخ الأحمر والسمسم والخضروات. كما تكثر تربية الأبقار في وادي الفرات وتنتشر تربية حيوانات الاستخدام الزراعي بكثرة وبخاصة الحمير لكونها مازالت تستخدم في مجالات شتى أهمها نقل مياه الشرب إلى بعض القرى التي لم تصلها مياه الشرب النقية، وكذلك نقل المحاصيل الزراعية من المزارع إلى البيوت. ولقد أقيمت في وادي الفرات العديد من الصناعات الحكومية الكبرى منها صناعة الورق ومصنع الغزل.
في ربوع وادي الفرات
نهر الفرات، النهر الذي عرف واديه الحياة منذ أقدم الأزمنة، وكان صلة وصل بين الحضارات التي قامت على جانبيه ولولا الفرات لما عرفنا مدينة ماري التاريخية ولا الصالحية دورا) أوبوس) . . . ولا شاهدنا مئات التجمعات البشرية التي تقوم على جانبيه. إنه شريط من الحياة ضمن البادية السورية، فهو من أهم الأنهار في سورية لكونه يشكل مورداً مائياً ليس للزراعة فحسب وإنما للشُرب وتوليد الطاقة الكربائية .
نهر الفرات وواديه طبيعياً وبشرياً
وادي نهر الفرات، الوادي المنخفض الذي شقه نهر الفرات في شمال شرقي سورية بعمق وسطي يقارب ۱۰۰ متراً دون مستوى الباديتين الشامية والجزيرة، وبعرض متوسط يتراوح بين ١-١٢)كم يقل إلى نحو ٢٠٠م في بعض الأماكن كما الحال عند خانق حلبية وزلبية، ويتسع في بعض الأماكن إلى ٢٠كم) - شكل (۳۳) ـ . هو
ويبلغ طول نهر الفرات في الأراضي السورية ٦٧٧كم(إجمالي طوله من منابعه في الأراضي التركية وحتى مصبه في الخليج العربي (٢٣٣٠كم). ويدخل نهر الفرات سورية من تركية عند بلدة جرابلس السورية على ارتفاع ٣٢٥م ، ويخرج منها بعد مدينة أبو كمال في جنوب شرق سورية على ارتفاع ١٦٥م متجهاً نحو مصبة عابراً بعدها الأراضي العراقية. ومتوسط انحدار مجرى الفرات في سورية بحدود ۱ / ٤۲۰۰ ، غير أن انحدار مجراه الأعلى إلى الشمال من مسكنة أكبر من انحدار مجراه الأوسط والأدنى، وهذا يعلل بضيق واديه الأعلى قياساً بالأدنى، وباختراقه لبعض الممرات
الضيقة كما هو في الممر الموجود مقابل قلعة نجم، وموقع يوسف باشا حتى مسكنة وبضيق واديه قطاعه الأوسط قليلاً أيضاً كما في موقع مضيق حلبية - زلبية في أعالي محافظة دير الزور، وكذلك في الموقع الذي اقيم فيه سد الفرات .
ومما يميز وادي الفرات الواسع أنَّ جانبيه غير متناظرين لافي الشكل ولافي الارتفاع، ولافي الاتساع، حيث الأيمن أكثر ارتفاعاً وأشدُّ انحداراً وأقل امتداداً من الجانب الأيسر. ويبدو الجانبين احياناً على شكل مصاطب متدرجة تبدو واضحة في بعض الأماكن بعدد أربعة مصاطب .
ويجري نهر الفرات في وادٍ كثير التعرج، حيث تكثر الأكواع النهرية التي وصل البعض منها إلى آخر مراحل تطوره تاركاً وراءه العديد من الجزر النهرية (الحويقات) في مجرى النهر التي يتجاوز عددها المائة، ومن أبرز الأمثلة عنها حويقة ابن صقر وحويقة علي القاطع في دير الزور، كما نشاهد العديد من البحيرات الهلالية الجميلة المنظر التي هي من مخلفات أكواع نهرية مهجورة .
ويتلقى نهر الفرات الغالبية العظمى من مياهه من الأراضي التركية - من إذابة الثلوج وهطول الأمطار ، حيث تقتصر روافده السورية على أنهار الساجور والبليخ والخابور. وتبلغ الغزارة الوسطية للفرات في سورية بحدود ۸۳٥ متر مكعب / ثانية غير إنها في فترات الفيضان أكثر من عشر مرات من وسطيها كما حدث في عام ١٩٦٧ أثناء فيضانه الكبير، بينما تنخفض في السنوات الجافة في فترات الشح (الصيف) إلى مادون ١٥٠ متر مكعب / ثانية . ويقدر متوسط تصريف الفرات الطبيعي السنوي في سورية بحدود ٢٦٠ مليار مكعب، وإن كان اليوم قد تدنى عن ذلك كثيراً لإقامة العديد من السدود التخزينية في تركيا. ولقد عرف الفرات في تاريخه العديد من الفيضانات
المدمرة من أبرزها في القرن العشرين فيضان عام ١٩٢٩ الذي دعي بفيضان ابو عبار، وفيضان عام ١٩٦٧ الذي ارتفع منسوب المياه خلاله إلى قرابة خمسة امتار في شهر نيسان مسبباً خسائر مادية كبيرة. غير ان المدمرة أثناء فيضانه تم أسرها والسيطرة عليها بفعل سد الفرات العظيم الذي اقيم عليه منظماً مياه في عام ۱۹۷۳ ، وكذلك سد البعث عام ١٩٨٨ . وسنعود للحديث عن سد الفرات وسد البعث في جولتنا الفراتية .
مع دير الزور أقل ويخترق نهر الفرات في سورية اقليمين مناخيين، أولهما إقليم المناخ شبه الجاف في واديه الأعلى حتى مسكنة، والآخر اقليم المناخ الجاف في واديه الأوسط والأدنى، حيث تقل الأمطار، وتزداد الحرارة ارتفاعاً مجرى النهر، وبالتالي تقل فعالية التهطال لازدياد التبخر. فبينما يبلغ معدل الأمطار السنوية في جرابلس ٣٠٠مم ، تنخفض في الرقة إلى ١٥٠مم وفي ابو كمال إلى ١٢٢مم، وهكذا نجد أن كمية الأمطار السنوية في من نصفها في جرابلس. أما درجات الحرارة فتتزايد مع مجرى النهر، حيث يبلغ متوسطها السنوي في جرابلس ۱۷٫۸ درجة مئوية (كانون الثاني ٥,٨ درجة مئوية، آب ۱و۳۰ درجة مئوية وفي الرقة ١٩,٥ درجة مئوية(كانون الثاني ٦,٩ درجة مئوية، آب ٢٩٦ درجة مئوية وفي دير الزور ١٩,٨ درجة مئوية(كانون الثاني ٧,٣ درجة مئوية آب٣٢,١ درجة مئوية) وفي أبو كمال ٢٠,٢ درجة مئوية (كانون الثاني ٧,٩ درجة مئوية ، آب ٣٢،٥ درجة مئوية). كما وتسجل درجات حرارة قصوى في الجزء الأدنى من الفرات تصل في بعض السوات إلى أكثر من ٤٥ درجة مئوية (سجلت درجة حرارة ٤٨ درجة مئوية في النصف الثاني من هذا القرن)، بينما تتدنى درجة الحرارة الدنيا إلى عدة درجات دون الصفر في بعض السنوات ( درجة مئوية في أبو كمال عام ١٩٦٤م.
ونتيجة لجفاف الأرض على جانبي الفرات في قطاعه الأدنى والأوسط ( في الباديتين الشامية والجزيرة وارتفاع الحرارة وانخفاض الرطوبة النسبية الجوية صيفاً، لذا فإنَّ الرياح التي تهب على هذين القطاعين قادمة من الجنوب والجنوب الشرقي تكون محملة بالأتربة التي تبقى معلقة في الجو عدة أيام متواصلة تحجب أشعة الشمس. ومثل هذه العواصف الترابية والأتربة المعلقة تكثر في شهري نيسان وأيار وتحدث كذلك في بعض أيام فصل الخريف .
ويستغل وادي الفرات في الزراعة المروية بشكل خاص، بخاصة بعد انشاء سد الفرات الذي وفر مياه الري صيفاً لمساحات كبيرة من اراضي الوادي وهوامشه حوض ،البليخ وادي الفرات سهل مسكنة - حلب، سهل الرصافة، سهل الميادين.
غير أن أهم مشكلة تعاني منها مناطق وادي الفرات المروية هي التملح الذي اعترى مساحات كبيرة محولاً إياها إلى قفار صحراوية مجللة بطبقة ملحية بيضاء. ولذا فإنَّ مشاريع الري التي نفذت وماتزال تنفذ تتواكب جنباً إلى جنب مع مشاريع الصرف للحد من أخطار مشكلة التملح، ولإعادة ما يمكن إعادته إلى حيز الاستثمار الزراعي.
ومن أهم المحاصيل الزراعية في وادي الفرات القطن يليه القمح والشوندر والبطيخ الأحمر والسمسم والخضروات. كما تكثر تربية الأبقار في وادي الفرات وتنتشر تربية حيوانات الاستخدام الزراعي بكثرة وبخاصة الحمير لكونها مازالت تستخدم في مجالات شتى أهمها نقل مياه الشرب إلى بعض القرى التي لم تصلها مياه الشرب النقية، وكذلك نقل المحاصيل الزراعية من المزارع إلى البيوت. ولقد أقيمت في وادي الفرات العديد من الصناعات الحكومية الكبرى منها صناعة الورق ومصنع الغزل.
تعليق