وهب (عبد الله)
Ibn Wahb (Abdullah-) - Ibn Wahb (Abdallah-)
ابن وَهْب (عبدالله ـ)
(125ـ 198هـ/742 ـ 813م)
أبو محمد عبد الله بن وَهْب بن مسلم الفِهريُّ القُرشي بالولاء (قيل: جدُّه مسلم مولى ريْحانة مولاة عبد الرحمن بن يزيد الفِهري، وقيل: هو مولى يزيد بن رمانة مولى أبي عبد الرحمن يزيد الفِهري، وقيل: إِنَّه من موالي الأَنصار)، المِصري، المالكي، عالم الديار المصرية، فقيه من الأئمة، محدث حافظ، مُقرئ. ولد بمصر في ذي القعدة، وطلب العلم وله سبع عشرة سنة، وذكر ابن عبد البر في سبب طلبه للعلم أنه كان في أوَّل أمره منقطعًا للعبادة فوقع في نفسه: كيف خلق الله تعالى عيسى بن مريم عليه السلام؟ وأشياء من هذا القبيل، فشكى ذلك إلى شيخٍ فنصحه الشيخُ بطلب العلم، فكان ما أَرشده إليه. فاشتغل بالعلم وقرأ في فنون متعددة، فأخذ عن أعيان كلِّ فنٍ من فنون العلم المعروفة في عصره، فكان كلُّ شيخٍ من شيوخه رأْسًاً في فنِّه متميزًاً في علمه، فقد تلا القرآن وأخذ القراءات على نافع بن أبي نعيم أحد القراء السَّبْعة المَشهورين. وتفقَّه بإمام أهل مصر وفقيههم اللَّيْث بن سعدٍ الفِهري[ر]، وبالإمام مالكِ بنِ أَنس[ر] فقيهِ أَهل الحجاز وصاحب المذهب الذي قيل فيه: «لا يفتى ومالك في المدينة». وقد صحب ابنُ وهْبٍ مالكًا عشرين سنة، فقد رحل إليه في سنة 148هـ ولم يزل في صحبته إلى أن تُوفي مالكٌ سنة 179هـ، وكان مالك يكتب إليه في المسائل ويستفتيه ولم يكن يفعل هذا مع تلميذ غيره، وكان يصفُه بالإِمامة. وأَمَّا في رواية الحديث النبوي فقد روى ابن وهْبٍ عن: بكر بن مضر، والحسين ابن عبدالله المُعافِري، وحَيْوَةَ بن شُريح، وسعيد بن أبي أيوب، وعبد الرحمن بن شُريح، وعبد الله بن لَهيعة قاضي مصر، وعمرِو بن الحارث، وعِياض بن عبد الله الفِِهري، وغيرِهم من أهل مصر. وعن حفص بن ميسرة، وداود بن عبد الرحمن العطار، وسعيد ابن عبدالرحمن الجمحي، والسفيانيين سفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة إمام أهل مكة في الفقه والحديث، وروى عن سلمة بن وردان، وسليمان بن بلال، وعبد الملك ابن جُرَيج، وعمر بن محمد بن زيد العمري، ومعاوية بن صالح، وهشام بن سعد، ويونس بن يزيد، وجماعة. وقال عن نفسه: «سمعت من ثلاثمئة وسبعين شيخًاً». وقد أخذ عنه العلم طائفةٌ عظيمةٌ من الطلبة، منهم: أحمد بن عبدالرحمن ابن وهب ابنُ أخيه، والحارثُ بن مسكين، والرَّبيع بن سليمان المُرادي، وسُحْنون بن سعد القيرواني عالم المغرب، وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، والإمام علي بن عبد الله المَدِيني، وقُتيبةُ بن سعيد، ومحمد ابن عبد الله بن عبد الحكم، ويحيى بن بُكَير، ويُونُس بن عبدالأعلى، وأمم سواهم، وكثير ممن روى عنه يعدُّ من شيوخ أئمة الحديث أمثال البخاري ومسلم وبقية الستة أَصحابِ الكتب الأصول. وقد أجمع أهل العلم والعارفون في فن الجرح والتعديل على توثيقه، فقد كان ثبْتًاً في رواية الحديث، وكان من كبار الزُّهاد في عصره وقد اشتهر بذلك حتى ترجمه الإمام أبو نعيم الأصفهاني في كتابه «حلية الأولياء» ووصفه بقتيل الخوف من الله، وجمع بذلك بين الفقه ورواية الحديث والعبادة، وكان ابن وهب قد قسَّم دهره أَثلاثاً؛ ثلثاً في الرِّباط على الثغور لحماية البلاد من الأعداء، وثلثًا يُعلِّم النَّاس العلم بمصر، وثلثًا في الحجِّ إلى بيت الله الحرام. وقيل إنَّه حجَّ ستًّا وثلاثين حجةً. وكان مترفِّعًاً متجافيًاً عن أُمور الدولة وما يتصل بذلك من الوظائف والمناصب، كتب إليه الخليفة في أن يلي قضاء مصر فاختبأ ولزم بيته، فاطلع عليه بعضهم يومًا فقال له: يا ابن وهب ألا تخرج فتقضي بين الناس بكتاب الله وسنة رسوله؟ فقال: أما علمت أَنَّ العلماء يُحشرون مع الأَنبياء، والقضاة مع السلاطين. توفي لخمس بقين من شعبان بمصر، وُذكِِر في سبب موته أَنَّه قرئ عليه كتابُه في «أهوال القيامة» فخرَّ مغشيًّا عليه، فحمل إلى داره ولم يتكلَّم بعدها بكلمة حتى مات بعد ثلاثة أيام. وكان رحمه الله ممن عني بالكتابة والتصنيف، قال ابن القاسم: «ما دوَّن العلمَ أَحدٌ تدوينه» وكان يسمى «ديوان العلم» وذلك أنه عُنيَ بجمع ما روى أهل الحجاز وأهل مصر وحفظ عليهم حديثهم… وقد ترك عددًاً من الكتب والمؤلفات، منها: كتاب «في ذكر أهوال يوم القيامة»، و«تفسيرٌ للقرآنِ الكريم»، و«تفسيرُ غريب موطأ مالك»، وله أيضًا: «كتاب البيعة» و«كتاب الرِّدَّة» و«كتاب المغازي» و«كتاب المناسك» و«المجالسات عن مالك» و«الموطأ الصغير» و«الموطأ الكبير»، وأما أشهر كتبه فهو: كتاب «الجامع في الحديث» اشتمل على قريبٍ من سبعمئة حديث أكثرها من الأحاديث المرفوعة للنَّبيr، إضافة إلى عددٍ من الآثار الموقوفة على بعض الصحابة والتابعين وغيرهم، وقد أَكثر ابن وهب في هذا الكتاب من الرواية عن شيخه عبدالله بن لَهيعة، ومعروفٌ عند أَهل الحديث أَن عبدالله ابن وهب وعبدالله بن المبارك هما العُمدة في الرواية عن ابن لَهيعة فروايتهما عنه أصح من رواية غيرهما.
بديع السيد اللحام
Ibn Wahb (Abdullah-) - Ibn Wahb (Abdallah-)
ابن وَهْب (عبدالله ـ)
(125ـ 198هـ/742 ـ 813م)
أبو محمد عبد الله بن وَهْب بن مسلم الفِهريُّ القُرشي بالولاء (قيل: جدُّه مسلم مولى ريْحانة مولاة عبد الرحمن بن يزيد الفِهري، وقيل: هو مولى يزيد بن رمانة مولى أبي عبد الرحمن يزيد الفِهري، وقيل: إِنَّه من موالي الأَنصار)، المِصري، المالكي، عالم الديار المصرية، فقيه من الأئمة، محدث حافظ، مُقرئ. ولد بمصر في ذي القعدة، وطلب العلم وله سبع عشرة سنة، وذكر ابن عبد البر في سبب طلبه للعلم أنه كان في أوَّل أمره منقطعًا للعبادة فوقع في نفسه: كيف خلق الله تعالى عيسى بن مريم عليه السلام؟ وأشياء من هذا القبيل، فشكى ذلك إلى شيخٍ فنصحه الشيخُ بطلب العلم، فكان ما أَرشده إليه. فاشتغل بالعلم وقرأ في فنون متعددة، فأخذ عن أعيان كلِّ فنٍ من فنون العلم المعروفة في عصره، فكان كلُّ شيخٍ من شيوخه رأْسًاً في فنِّه متميزًاً في علمه، فقد تلا القرآن وأخذ القراءات على نافع بن أبي نعيم أحد القراء السَّبْعة المَشهورين. وتفقَّه بإمام أهل مصر وفقيههم اللَّيْث بن سعدٍ الفِهري[ر]، وبالإمام مالكِ بنِ أَنس[ر] فقيهِ أَهل الحجاز وصاحب المذهب الذي قيل فيه: «لا يفتى ومالك في المدينة». وقد صحب ابنُ وهْبٍ مالكًا عشرين سنة، فقد رحل إليه في سنة 148هـ ولم يزل في صحبته إلى أن تُوفي مالكٌ سنة 179هـ، وكان مالك يكتب إليه في المسائل ويستفتيه ولم يكن يفعل هذا مع تلميذ غيره، وكان يصفُه بالإِمامة. وأَمَّا في رواية الحديث النبوي فقد روى ابن وهْبٍ عن: بكر بن مضر، والحسين ابن عبدالله المُعافِري، وحَيْوَةَ بن شُريح، وسعيد بن أبي أيوب، وعبد الرحمن بن شُريح، وعبد الله بن لَهيعة قاضي مصر، وعمرِو بن الحارث، وعِياض بن عبد الله الفِِهري، وغيرِهم من أهل مصر. وعن حفص بن ميسرة، وداود بن عبد الرحمن العطار، وسعيد ابن عبدالرحمن الجمحي، والسفيانيين سفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة إمام أهل مكة في الفقه والحديث، وروى عن سلمة بن وردان، وسليمان بن بلال، وعبد الملك ابن جُرَيج، وعمر بن محمد بن زيد العمري، ومعاوية بن صالح، وهشام بن سعد، ويونس بن يزيد، وجماعة. وقال عن نفسه: «سمعت من ثلاثمئة وسبعين شيخًاً». وقد أخذ عنه العلم طائفةٌ عظيمةٌ من الطلبة، منهم: أحمد بن عبدالرحمن ابن وهب ابنُ أخيه، والحارثُ بن مسكين، والرَّبيع بن سليمان المُرادي، وسُحْنون بن سعد القيرواني عالم المغرب، وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسي، والإمام علي بن عبد الله المَدِيني، وقُتيبةُ بن سعيد، ومحمد ابن عبد الله بن عبد الحكم، ويحيى بن بُكَير، ويُونُس بن عبدالأعلى، وأمم سواهم، وكثير ممن روى عنه يعدُّ من شيوخ أئمة الحديث أمثال البخاري ومسلم وبقية الستة أَصحابِ الكتب الأصول. وقد أجمع أهل العلم والعارفون في فن الجرح والتعديل على توثيقه، فقد كان ثبْتًاً في رواية الحديث، وكان من كبار الزُّهاد في عصره وقد اشتهر بذلك حتى ترجمه الإمام أبو نعيم الأصفهاني في كتابه «حلية الأولياء» ووصفه بقتيل الخوف من الله، وجمع بذلك بين الفقه ورواية الحديث والعبادة، وكان ابن وهب قد قسَّم دهره أَثلاثاً؛ ثلثاً في الرِّباط على الثغور لحماية البلاد من الأعداء، وثلثًا يُعلِّم النَّاس العلم بمصر، وثلثًا في الحجِّ إلى بيت الله الحرام. وقيل إنَّه حجَّ ستًّا وثلاثين حجةً. وكان مترفِّعًاً متجافيًاً عن أُمور الدولة وما يتصل بذلك من الوظائف والمناصب، كتب إليه الخليفة في أن يلي قضاء مصر فاختبأ ولزم بيته، فاطلع عليه بعضهم يومًا فقال له: يا ابن وهب ألا تخرج فتقضي بين الناس بكتاب الله وسنة رسوله؟ فقال: أما علمت أَنَّ العلماء يُحشرون مع الأَنبياء، والقضاة مع السلاطين. توفي لخمس بقين من شعبان بمصر، وُذكِِر في سبب موته أَنَّه قرئ عليه كتابُه في «أهوال القيامة» فخرَّ مغشيًّا عليه، فحمل إلى داره ولم يتكلَّم بعدها بكلمة حتى مات بعد ثلاثة أيام. وكان رحمه الله ممن عني بالكتابة والتصنيف، قال ابن القاسم: «ما دوَّن العلمَ أَحدٌ تدوينه» وكان يسمى «ديوان العلم» وذلك أنه عُنيَ بجمع ما روى أهل الحجاز وأهل مصر وحفظ عليهم حديثهم… وقد ترك عددًاً من الكتب والمؤلفات، منها: كتاب «في ذكر أهوال يوم القيامة»، و«تفسيرٌ للقرآنِ الكريم»، و«تفسيرُ غريب موطأ مالك»، وله أيضًا: «كتاب البيعة» و«كتاب الرِّدَّة» و«كتاب المغازي» و«كتاب المناسك» و«المجالسات عن مالك» و«الموطأ الصغير» و«الموطأ الكبير»، وأما أشهر كتبه فهو: كتاب «الجامع في الحديث» اشتمل على قريبٍ من سبعمئة حديث أكثرها من الأحاديث المرفوعة للنَّبيr، إضافة إلى عددٍ من الآثار الموقوفة على بعض الصحابة والتابعين وغيرهم، وقد أَكثر ابن وهب في هذا الكتاب من الرواية عن شيخه عبدالله بن لَهيعة، ومعروفٌ عند أَهل الحديث أَن عبدالله ابن وهب وعبدالله بن المبارك هما العُمدة في الرواية عن ابن لَهيعة فروايتهما عنه أصح من رواية غيرهما.
بديع السيد اللحام