في “صندوق من زجاج”… لينا الكاتب ترسم العالقين في مخاوفهم
لبنى شاكر
تُوصف القبور بأنها صناديق أُغلِقت إلى الأبد، ويُقال إنّ أثمن الممتلكات تُوضع في صناديق صغيرة، أُخفيت مفاتيحها داخلها، أمّا حين يكون الصندوق من زجاج فالأمر مُختلف، ليس لأنه يُصبح حاجزاً ومَعبَراً في الوقت نفسه، بل لأنه أيضاً، يُظهِر علانيةً ما يعيشه العالقون من خلفه، إمّا سعياً للخروج أو إذعاناً للواقع من دون اعتراض؛ صراعٌ يحسمه كلٌّ على طريقته، صانعاً مصيره بنفسه.
هذا الكفاح الذي يُبديه البعض مُقابل رضوخ الآخرين، قدّمته لينا الكاتب، في معرضها الفردي الأول، والمستمر حتى نهاية الشهر الجاري في غاليري مصطفى علي، استوحت فكرته مما نعيشه من مُكابداتٍ ومآسٍ، فاقت قدرتنا على التحمّل، حتى أصبح الخوف والفزع وفقدان الرغبة في أي شيء، حالةً شبه عامة، أحالتنا إلى عالقين في ما اختارت عنواناً “صندوق من زجاج”.
تقول الكاتب لـ “تشرين”، وهي تستعد لمناقشة رسالة الماجستير في اختصاص الرسم والتصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة: “أردتُ إيصال فكرتي بطريقة رمزية، فرسمت أشخاصاً يختبرون ظروفاً مُختلفة، بعضهم محاصرون في أماكن ضيقة ومحدودة، حتى أن الضيق يُحيط بأجسادهم وأفكارهم”، تُضيف أيضاً: “الشخصيات في اللوحات هم أناسٌ من مُحيطي، عائلتي وأصدقائي، ساعدتني ملامحهم وأشكالهم، في الوصول إلى التعبير والحالة اللذين أريد تقديمهما”.
تُشير التشكيلية إلى تفاصيل تزخر بها أعمالها، تصعب مُلاحظتها جميعها في الوقت نفسه، لذلك تحتاج من المتلقي، مزيداً من التأمّل ليتتبع رموزها ودلالاتها، إلى جانب عناوين وعبارات وضعتها بجانب كل لوحة، تحكي عنها وتسمح بإكمال التعرّف عليها، غير أن ما يُمكن مُعاينته هو أنها في 17 لوحة، رسمت شخوصاً أرهقها الانتظار والتوجس، فبدت أحياناً مُحنّطة، حالمة، لا مبالية، رغم اختلاف الوضعيات والقياسات والزوايا.
تقول الكاتبة تعليقاً على ما سبق: “الشخصيات تتفاعل عبر ردات فعلٍ مختلفة، وليست كلها في حالة اختباء، بعضها في سكون، وهناك من يتحرك ويُبدي تفاعلاً مع الحدث، عددٌ منها تُعطي إحساساً بالتفاعل مع المُتفرج، ولتوجيه التركيز نحو الشخصيات الأساسية، اعتمدتُ ألواناً صريحة، بينما أوجدتُ في الخلفيات نوعاً من التلاشي والضبابية في أغلب المَشاهد”.
بعض الشخصيات المرسومة تبدو مبهورة بالضوء القادم من الخارج، لكنها تخشى المواجهة، وفقدان الطمأنينة مهما كانت مُزيفة، لذلك هي ثابتة، فقدت قدرتها على التفاعل، بانتظار خلاصٍ ما، يأتيها بلا إرادةٍ أو تحرّكٍ منها، وبعضها تتوارى خلف المُتوارث والتقليدي، خشية أن تجد نفسها في نزاعٍ محسوم لصالح فكرٍ جديد، يُصادر مكَانتها وثباتها، فتحجرت وتمسكت بأوهامها.
قدّمت الكاتب عملاً بطريقة مختلفة؛ فركّبت ثلاث لوحات مع بعضها بطريقةٍ شبيهةٍ بالصندوق، عُلّقت بمكانٍ عالٍ قريباً من السقف، بحيث يجب أن يقف المتفرج أسفله، ليتمكن من رؤيته ويصبح جزءاً منه، قُبالة الشخصية في اللوحة العُليا، كما حاولت الخروج عن المألوف في عدة أعمالٍ مشغولة بالإكريليك على مادةٍ شبيهة بالزجاج، هي النايلون المشدود، كخامةً شفافة، فيما استخدمت الألوان الزيتية على قماش في بقية المعرض.
تصوير: طارق الحسنية
لبنى شاكر
تُوصف القبور بأنها صناديق أُغلِقت إلى الأبد، ويُقال إنّ أثمن الممتلكات تُوضع في صناديق صغيرة، أُخفيت مفاتيحها داخلها، أمّا حين يكون الصندوق من زجاج فالأمر مُختلف، ليس لأنه يُصبح حاجزاً ومَعبَراً في الوقت نفسه، بل لأنه أيضاً، يُظهِر علانيةً ما يعيشه العالقون من خلفه، إمّا سعياً للخروج أو إذعاناً للواقع من دون اعتراض؛ صراعٌ يحسمه كلٌّ على طريقته، صانعاً مصيره بنفسه.
هذا الكفاح الذي يُبديه البعض مُقابل رضوخ الآخرين، قدّمته لينا الكاتب، في معرضها الفردي الأول، والمستمر حتى نهاية الشهر الجاري في غاليري مصطفى علي، استوحت فكرته مما نعيشه من مُكابداتٍ ومآسٍ، فاقت قدرتنا على التحمّل، حتى أصبح الخوف والفزع وفقدان الرغبة في أي شيء، حالةً شبه عامة، أحالتنا إلى عالقين في ما اختارت عنواناً “صندوق من زجاج”.
تقول الكاتب لـ “تشرين”، وهي تستعد لمناقشة رسالة الماجستير في اختصاص الرسم والتصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة: “أردتُ إيصال فكرتي بطريقة رمزية، فرسمت أشخاصاً يختبرون ظروفاً مُختلفة، بعضهم محاصرون في أماكن ضيقة ومحدودة، حتى أن الضيق يُحيط بأجسادهم وأفكارهم”، تُضيف أيضاً: “الشخصيات في اللوحات هم أناسٌ من مُحيطي، عائلتي وأصدقائي، ساعدتني ملامحهم وأشكالهم، في الوصول إلى التعبير والحالة اللذين أريد تقديمهما”.
تُشير التشكيلية إلى تفاصيل تزخر بها أعمالها، تصعب مُلاحظتها جميعها في الوقت نفسه، لذلك تحتاج من المتلقي، مزيداً من التأمّل ليتتبع رموزها ودلالاتها، إلى جانب عناوين وعبارات وضعتها بجانب كل لوحة، تحكي عنها وتسمح بإكمال التعرّف عليها، غير أن ما يُمكن مُعاينته هو أنها في 17 لوحة، رسمت شخوصاً أرهقها الانتظار والتوجس، فبدت أحياناً مُحنّطة، حالمة، لا مبالية، رغم اختلاف الوضعيات والقياسات والزوايا.
تقول الكاتبة تعليقاً على ما سبق: “الشخصيات تتفاعل عبر ردات فعلٍ مختلفة، وليست كلها في حالة اختباء، بعضها في سكون، وهناك من يتحرك ويُبدي تفاعلاً مع الحدث، عددٌ منها تُعطي إحساساً بالتفاعل مع المُتفرج، ولتوجيه التركيز نحو الشخصيات الأساسية، اعتمدتُ ألواناً صريحة، بينما أوجدتُ في الخلفيات نوعاً من التلاشي والضبابية في أغلب المَشاهد”.
بعض الشخصيات المرسومة تبدو مبهورة بالضوء القادم من الخارج، لكنها تخشى المواجهة، وفقدان الطمأنينة مهما كانت مُزيفة، لذلك هي ثابتة، فقدت قدرتها على التفاعل، بانتظار خلاصٍ ما، يأتيها بلا إرادةٍ أو تحرّكٍ منها، وبعضها تتوارى خلف المُتوارث والتقليدي، خشية أن تجد نفسها في نزاعٍ محسوم لصالح فكرٍ جديد، يُصادر مكَانتها وثباتها، فتحجرت وتمسكت بأوهامها.
قدّمت الكاتب عملاً بطريقة مختلفة؛ فركّبت ثلاث لوحات مع بعضها بطريقةٍ شبيهةٍ بالصندوق، عُلّقت بمكانٍ عالٍ قريباً من السقف، بحيث يجب أن يقف المتفرج أسفله، ليتمكن من رؤيته ويصبح جزءاً منه، قُبالة الشخصية في اللوحة العُليا، كما حاولت الخروج عن المألوف في عدة أعمالٍ مشغولة بالإكريليك على مادةٍ شبيهة بالزجاج، هي النايلون المشدود، كخامةً شفافة، فيما استخدمت الألوان الزيتية على قماش في بقية المعرض.
تصوير: طارق الحسنية