شهود عيان من المحترفين
خمس صور فقط من هيروشيما
في حرب القرم عام 1848 دخلت الكاميرا الفوتوغرافية لأول مرة إلى ساحات القتال ومن ذلك التاريخ صارت جزء لا يتجزء من الحروب وهذا الكتاب يعود بنا الى الصور الأولى ويتابع حتى صور حرب الفوكلاند عام 83 ، والحرب اللبنانية التي لم تتوقف بعد ونظـرا لأهمية هذا الموضوع بالنسبة لمتتبعي تاريخ التصوير راينا ترجمته من الألمانية ، خصوصا وانه لم يترجم إلى أي لغة بعد ليكون بمتناول قرائنا باسرع وقت ممكن .
الكتاب لرينيه فابیان وهانس کریستیان آدم وقع في 340 صفحة من الحجم الكبير ويحتوي على صور لم يسبق نشرها قبل الان لأسباب عديدة . والصور جميعها بالأسود والأبيض بلا شك وهو مقسم إلى سبع فترات تاريخية تبدا بين عامي ١٨٤٨ و ۱۸۷۰ وتنتهي بين عامي ۱۹۵۰ و ۱۹۸۳ .
على ساحات القتال الحرب العالمية الثانية ولد المصور الحربي المحترف ..
ولأول مرة تقبل العسكريون المخبر الصحافي كمراقب للحرب . ولأول مرة كان من الطبيعي أن يذهب الصحافيون مع الجيوش المقاتلة إلى ساحات القتال ولأول مرة راقب شهود عيان من المدنيين المعارك الدموية الحاسمة إبتداء من كارثة بيرل هاربور -Pearl ) Ilarlbor وهزيمة المارشال الألماني ارفین رومل ( Erwin Rommel ) صحراء افريقيا الشمالية ، حتى نزول الجيوش الحليفة إلى ساحل النورماندي في فرنسا وتحرير باريس .
ولأول مرة طـالـب المصورون الحربيون بحقهم النشر والتأليف ( Copy Right ) .
والمصور الذي كان يمارس عملية التصوير الحربي كوظيفة كاملة تستغرق كامل ساعات الدوام المعتادة هو نتاج هذا العهد والكثير منهم عـاشـوا الحـرب العالمية الثانية كفترة ريادية نجحت خلالها أساطير مهنتهم .
وفي الحرب العالمية الثانية اكتشف المصورون أسلوبهم فالمصورون العاملون كانوا ينظرون إلى الحرب بنظرة مختلفة عن نظرة مصوري الموضة ، الذين أمروا بالذهاب إلى الجبهة البعض كان يصور الحرب وكانها حرب رجال ، السوبرمان . والبعض كان يصورها على طريقة الرسام غويا ( Goya ) شاهدت الفظائع بام عيني ! الكثيرون أمضوا فترة الحرب مراكز الأركان العامة كمصورين شخصيين لثمة جنرال والبعض ذهبوا مع الجنود وذاقوا مثلهم الحلو والمـر البعض من المصورين كان يظهر الحرب على أنها قتال ضد الفاشية ، وآخرون على أنها صراع الهاربين واللاجئين من اجل البقاء على قيد الحياة كانوا يصورون بصورة ملحمية ، بصورة قصصية مشتملة على حكايات ونوادر أو بصورة ، تورطية ، وعرضية ، كانو بمجـدون ، بهتمون يفيدون ويوثقون .
الروسي ديمتري بـالتـرمـانتز ( Dimitri Baltermantz) عاش الحـرب كتـراجـيـديـة
لدوستويفسكي . وما من احد آخر شاهد بصورة دراماتيكية الألام والشكـاوي للجنود الذين يصارعون الموت مثلة الاميركي ادوارد ستایشن Edward ) ( Steichen صور الحرب وكانها اولمبياد رياضية حيث يكافح فيها الرياضيون المحترفون المتدربون من أجل الحصول على الميداليات ..
الألماني ريتشارد بیتر Richard ) ( eter ' ارای الحرب وكانها مقبرة ركام لمدينة درسدن ( Dresdin مسقط رأسه .
في هيروشيما كان الطقس حاراً للغاية في السادس من آب عام 1945 وفي الضاحية ميدوريماشي ( Midorimachi ) جلس اليابانيون بالقمصان والسراويل اثناء تناول طعام الفطور ، ماتسوشيفي . مصور الصحيفة اليومية شوغوكو شيمبون - Chugoku ) Shimbun كان جالسا متربعاً على حصيرة بدخن سيكارته حيث الذباب يطن والابواب مفتوحة والساعة تشير إلى الثامنة وربع وفجأة شعر ماتسوشيفي بضغط هائل قذفه تقريباً من المنزل .. ضغط من اللاشيء مثل الزلزال . ومن ثم تبعه لثواني بطولها شظايا ، وعندما ثاب ماتسو شيفي
إلى رشده وتطلع إلى ما حوله كان كل الزجاج في منزله قد تحطم زجاج النوافذ . المرايا الـزجـاجـات الكؤوس . وأول شيء احس به نوع من مادة تحرقه ، وكانت بشرته مملؤة بشظايا الزجاج عندها عرب ماتسو شيفي مع زوجته إلى حقل خضار أمام المنزل وهنا ، كان سكون رهيب يسود الأرجاء والشمس في السماء قد اختفت وراء سحب سوداء كما اختفت الـعصـافـير وكذلك هيروشيما باسرهـا وراء دخان كثيف أسود كان يدنو أكثر وأكثر من الضاحية وكأنه يريد أن يضع فوقها رداء الموت اما دور الاشعاعات فإن ماتسوشيفي لم
يكن يعرف عنها أي شيء وبعد ساعة عاد المصور إلى منزله واخذ آلة تصويره الصغيرة واتجه نحو وسط المدينة وهو يقول عن تلك الفترة
التدمير والخراب هما بالنسبة لي من الأمور العادية اليومية في زمن الحرب وأول ردة فعل في بدت صور ! آنـذاك طبيـعيـة ماتسوشيفي لديه فقط فيلم واحد لأن المواد التصويرية كانت كالمواد الغذائية مقننة في اليابان آنذاك , ولساعتين بطولهما سار المصور عبر المدينة التي خيم عليها الموت ويقول :
الأشخاص الذين كنت التقي بهم كانوا لا مبالين بصورة غريبة ومذهولين وفي غاية التعب والإرهاق ، ما من أحد كان يتطلع عندما كنت أصور ، وما من أحد رفع راسه وإحدى الصور التي اخذتها في ذلك اليوم قامت بها القنبلة النووية » إنها أفظع صورة حربية في تاريخ التصوير لقد أضيئت عن طريق السنة النيران للقنبلة النووية ، واحرقت رجلا يابانيا لم يبق منه حتى ولا رماده ، واحتفظت في نفس الوقت بذكري وجوده وهو عبارة عن ظلاله على جدار أحد المنازل والذي كان تأثيره كتاثير رقاقة التصوير يلاك ) !
خمس صور بقيت من الفيلم الذي صوره ماتسو شيفي إذ أن الصور الأخرى أتلفتها الاشعاعات الذرية .
ماتسو شيفي حمض وظهر فيلمه في الليل على ضوء القمر الخلاء وراء جدار منزله ، وعندما اخرج صوره بعد التظهير ، بدت وكان سكيناً قد لعبت فيها ، غير واضحة داكنة اللون وقال المصور معتذراً : « ما شاهدته كان رهيباً حيث أنني كنت كالمشلول وعيناي كانتا مغطانين بالدموع ولم أتمكن من وضع العدسة بصورة دقيقة ، إن الصور التي التقطها ماتسو شيفي هي الوحيدة التي أخذت بعد قليل من ساعة الصفر في هيروشيما - هي صور لسفر الرؤيا ( أبو كاليبس ) أناس ينشجون و يننون يتزاحمون على بعضهم يسيرون مترنحين عبر كل الشوارع .
بعد شهر واحد من القاء القنبلة النووية الاميركية على هيروشيما وهي أول قنبلة نووية ، دخل أول مخبر صحافي حربي اجنبي المدينة المنكوبة لقد قدم على مسؤوليته الخاصة لأن الجنرال ماك ارثر (Me Artliur ) القائد العام للقوات الاميركية في الشرق الأقصى أرسل قبل ذلك ، كل المخبرين الصحافيين الحربيين إلى ساحات القتال والجبهات الأخرى كي يبقيهم بعيدين عن هيروشيما ويلفريد .
بورشت مندوب صحيفة الـ ديلي میل ( Daily mail ) اللندنية لا يتقيد بالأوامر على الاطلاق وكذلك أيضاً في التقارير التي يكتبها ويرسلها بورشت هو واحد من الأوائل الذي كتبوا عن التسمم الاشعاعي في المدينة ، التي محيت تقريباً من الوجود ، وعلى تقارير شاهد العيان بورشت كانت ردة فعل الأركان العامة الأميركية تماماً مثل ردة فعل الامير البرت على برقيات ويليام راسل ( William Russell ) في حرب القرم انها التكذيب .
وفي طوكيو اكد متحدث باسم الجيش الأميركي في مؤتمر صحافي انه لا يوجد على الاطلاق ، مرض الفعالية الاشعاعية . ... ليسلي غروف ( Leslie Groves ) رئیس مشاريع مانهاتان -Manhattan ) ( Projekts صرح بأن تلك الأقاويل حول الفعالية الاشعاعية ما هي الا هراء ومن ثم بعد سنة من الزمن حاول الأميركيون تخفيف الابادة الجماعية التي قاموا بها على سكان مدينة هيروشيما .. وفي تموز عام 1946 دعي الياباني ماتسو شيفي للمثول أمام الأركان العامة الاميركية في هيروشيما وطلب منه تسليم صوره ، لأنها ، حسب رأي رئاسة الأركان ، سوف تصـدم الرأي العام .
إن المواطنين في الولايات المتحدة عليهم فقط أن يشاهدوا الشيء الذي ساهم في تحقيق النصر : السحابة الهائلة وعلى شكل الفطر للقنبلة النووية !!!
وبالنسبـة للمخبـريـن الحربيين فان الابلاغ عما يعرفونه او تصوير ما كانوا يشاهدونه ، كان بمثابة الانتحار المهني لهم وكان عليهم ايضاً الصمت التام حيال العنصرية الجيش ، وكذلك اعمال النهب والاغتصاب وكتبوا الشيء القليل عن الجنود الذين يتناولون المخدرات ، حيث ما من واحد منهم أراد أن يفصل من وظيفته وكما الحرب العالمية الأولى فإن الموت ظل في طي الكتمان . وعندما اخذ روبرت کایا ( Robert Capa ) صورة لواحد من الاميركيين قتل برصاصة على شرفة أحد المنازل في مدينة ايبزيغ عمل المراقب على تغطية وجهه بعارضة خشبية .
وفي الأساس فإن التوصيات التي زود بها المراقب كانت تتعلق بالحفاظ على سرية المعلومات المهمة استراتيجياً و في رسالة من التاسع والعشرين من كانون الأول عام ١٩٤٢ جاء فيها طالما ان المراقبة على التصوير نافذة المفعول ينتظر القائد العام في لندن وواشنطن بدقة تامة تفادي ظهور الأشياء التـاليـة مـواقـع الجيوش أو الاعتدة الحربية صور مراكز الأركان العامة ، أسماء العسكريين الذين تزيد رتبهم عن رتبة العقيد . كل أنواع الاعتدة العسكرية ، كمية الاعتدة الحربية التي يمكن للعدو أن يستنتج منها قوة الجيش ، وخصوصاً دبابات شیرمان طراز 105 ومدافع 155 هاوتزر وغيرها من المدافع وسيارات الجيب البرمائية وعموماً كل الاعتدة الحربية المصنفة على أنها سرية .
وغالبا ما بدأت العلاقات العامة للعسكريين في الخارج أي في ساحات القتال وحوالي نهاية الحـرب مثلا حدد الجنرال سيمبسون General Simpson من الفرقة الجوية الأميركية التاسعة موعدا للتصوير وعمد إلى إحضار -الفوتـومـوديـل المناسب ! والأمر الذي أصدره لهذه المناسبـة
كـان التـالي :
احضروا لنا رقيباً قادماً لتوه من الجبهة بذقن غير محلوقة ، مغطى بالوحل وحذار أن تضعوه
تحت الدوش .
- وكذلك الجيش الأحمر كان يمارس العلاقات العامة ففي الخامس عشر من شهر ايلول عام ١٩٤١ دعت العلاقات العامة في الجيش مندوبي الصحـف الموجودين في موسكو ، للقيام بزيارة القوات المسلحةالسوفياتية .
وقد نقلوا بالسيارات ، برفقة أحد الضباط واحد المراقبين ، إلى الجبهة وفي مكان ما من الجبهة شربوا الفودكا » الساخنة وصوروا جنرالا وهو يبتسم وكانه إحتل لتوه ، برلين ، ثم أعيدوا ثانية إلى فـنـادقهم في موسكو ، أحد الصحافيين قال معلقاً بانه وجد المشهد وكانه عبارة عن ، ولادة مكتب سفريات السيـاحـة الداخلية ..
و في نهاية عام 1944 كان المركز الصحافي للاركان العامة الحليفة في باريس يراقب المخطوطات والصور الفوتوغرافية لآلاف المخبرين العسكريين من كل الجبهات وكانت تمر اسبوعيا من امام طاولات الموظفين ثلاث ملايين كلمة وأكثر من خمس وثلاثين ألف صورة وعلى أطول طرق رسمية أرسلت صور رئيس المصورين
لمجلة القوات المسلحة البريطانية . باراد . . صور بيلا زولا (Bela Zola) وهو من أصل مجري ، ومصور البلاط لدى الملك فاروق - ملك مصر آنذاك - والذي صور حرب الصحراء البريطانية في الشرق الاوسط ظهرت في المختبر في القاهرة ، ومن ثم أرسلت الى الأركـان الـعـامـة وهناك تمت مراقبتهـا ثم شحنت إلى قسم الدعاية ، حيث وضعت تحت
الصور النصوص المطلوبة وبعدها ارسلت بالطائرة إلى مركز التجمع في لندن في شارع كورزون ستريت ( Curton Street ومن هناك سلمت إلى الـ سنترال اوفيس » ( Central Office ) الذي عمل على توزيعها أخيراً إلى الصحف .
خمس صور فقط من هيروشيما
في حرب القرم عام 1848 دخلت الكاميرا الفوتوغرافية لأول مرة إلى ساحات القتال ومن ذلك التاريخ صارت جزء لا يتجزء من الحروب وهذا الكتاب يعود بنا الى الصور الأولى ويتابع حتى صور حرب الفوكلاند عام 83 ، والحرب اللبنانية التي لم تتوقف بعد ونظـرا لأهمية هذا الموضوع بالنسبة لمتتبعي تاريخ التصوير راينا ترجمته من الألمانية ، خصوصا وانه لم يترجم إلى أي لغة بعد ليكون بمتناول قرائنا باسرع وقت ممكن .
الكتاب لرينيه فابیان وهانس کریستیان آدم وقع في 340 صفحة من الحجم الكبير ويحتوي على صور لم يسبق نشرها قبل الان لأسباب عديدة . والصور جميعها بالأسود والأبيض بلا شك وهو مقسم إلى سبع فترات تاريخية تبدا بين عامي ١٨٤٨ و ۱۸۷۰ وتنتهي بين عامي ۱۹۵۰ و ۱۹۸۳ .
على ساحات القتال الحرب العالمية الثانية ولد المصور الحربي المحترف ..
ولأول مرة تقبل العسكريون المخبر الصحافي كمراقب للحرب . ولأول مرة كان من الطبيعي أن يذهب الصحافيون مع الجيوش المقاتلة إلى ساحات القتال ولأول مرة راقب شهود عيان من المدنيين المعارك الدموية الحاسمة إبتداء من كارثة بيرل هاربور -Pearl ) Ilarlbor وهزيمة المارشال الألماني ارفین رومل ( Erwin Rommel ) صحراء افريقيا الشمالية ، حتى نزول الجيوش الحليفة إلى ساحل النورماندي في فرنسا وتحرير باريس .
ولأول مرة طـالـب المصورون الحربيون بحقهم النشر والتأليف ( Copy Right ) .
والمصور الذي كان يمارس عملية التصوير الحربي كوظيفة كاملة تستغرق كامل ساعات الدوام المعتادة هو نتاج هذا العهد والكثير منهم عـاشـوا الحـرب العالمية الثانية كفترة ريادية نجحت خلالها أساطير مهنتهم .
وفي الحرب العالمية الثانية اكتشف المصورون أسلوبهم فالمصورون العاملون كانوا ينظرون إلى الحرب بنظرة مختلفة عن نظرة مصوري الموضة ، الذين أمروا بالذهاب إلى الجبهة البعض كان يصور الحرب وكانها حرب رجال ، السوبرمان . والبعض كان يصورها على طريقة الرسام غويا ( Goya ) شاهدت الفظائع بام عيني ! الكثيرون أمضوا فترة الحرب مراكز الأركان العامة كمصورين شخصيين لثمة جنرال والبعض ذهبوا مع الجنود وذاقوا مثلهم الحلو والمـر البعض من المصورين كان يظهر الحرب على أنها قتال ضد الفاشية ، وآخرون على أنها صراع الهاربين واللاجئين من اجل البقاء على قيد الحياة كانوا يصورون بصورة ملحمية ، بصورة قصصية مشتملة على حكايات ونوادر أو بصورة ، تورطية ، وعرضية ، كانو بمجـدون ، بهتمون يفيدون ويوثقون .
الروسي ديمتري بـالتـرمـانتز ( Dimitri Baltermantz) عاش الحـرب كتـراجـيـديـة
لدوستويفسكي . وما من احد آخر شاهد بصورة دراماتيكية الألام والشكـاوي للجنود الذين يصارعون الموت مثلة الاميركي ادوارد ستایشن Edward ) ( Steichen صور الحرب وكانها اولمبياد رياضية حيث يكافح فيها الرياضيون المحترفون المتدربون من أجل الحصول على الميداليات ..
الألماني ريتشارد بیتر Richard ) ( eter ' ارای الحرب وكانها مقبرة ركام لمدينة درسدن ( Dresdin مسقط رأسه .
في هيروشيما كان الطقس حاراً للغاية في السادس من آب عام 1945 وفي الضاحية ميدوريماشي ( Midorimachi ) جلس اليابانيون بالقمصان والسراويل اثناء تناول طعام الفطور ، ماتسوشيفي . مصور الصحيفة اليومية شوغوكو شيمبون - Chugoku ) Shimbun كان جالسا متربعاً على حصيرة بدخن سيكارته حيث الذباب يطن والابواب مفتوحة والساعة تشير إلى الثامنة وربع وفجأة شعر ماتسوشيفي بضغط هائل قذفه تقريباً من المنزل .. ضغط من اللاشيء مثل الزلزال . ومن ثم تبعه لثواني بطولها شظايا ، وعندما ثاب ماتسو شيفي
إلى رشده وتطلع إلى ما حوله كان كل الزجاج في منزله قد تحطم زجاج النوافذ . المرايا الـزجـاجـات الكؤوس . وأول شيء احس به نوع من مادة تحرقه ، وكانت بشرته مملؤة بشظايا الزجاج عندها عرب ماتسو شيفي مع زوجته إلى حقل خضار أمام المنزل وهنا ، كان سكون رهيب يسود الأرجاء والشمس في السماء قد اختفت وراء سحب سوداء كما اختفت الـعصـافـير وكذلك هيروشيما باسرهـا وراء دخان كثيف أسود كان يدنو أكثر وأكثر من الضاحية وكأنه يريد أن يضع فوقها رداء الموت اما دور الاشعاعات فإن ماتسوشيفي لم
يكن يعرف عنها أي شيء وبعد ساعة عاد المصور إلى منزله واخذ آلة تصويره الصغيرة واتجه نحو وسط المدينة وهو يقول عن تلك الفترة
التدمير والخراب هما بالنسبة لي من الأمور العادية اليومية في زمن الحرب وأول ردة فعل في بدت صور ! آنـذاك طبيـعيـة ماتسوشيفي لديه فقط فيلم واحد لأن المواد التصويرية كانت كالمواد الغذائية مقننة في اليابان آنذاك , ولساعتين بطولهما سار المصور عبر المدينة التي خيم عليها الموت ويقول :
الأشخاص الذين كنت التقي بهم كانوا لا مبالين بصورة غريبة ومذهولين وفي غاية التعب والإرهاق ، ما من أحد كان يتطلع عندما كنت أصور ، وما من أحد رفع راسه وإحدى الصور التي اخذتها في ذلك اليوم قامت بها القنبلة النووية » إنها أفظع صورة حربية في تاريخ التصوير لقد أضيئت عن طريق السنة النيران للقنبلة النووية ، واحرقت رجلا يابانيا لم يبق منه حتى ولا رماده ، واحتفظت في نفس الوقت بذكري وجوده وهو عبارة عن ظلاله على جدار أحد المنازل والذي كان تأثيره كتاثير رقاقة التصوير يلاك ) !
خمس صور بقيت من الفيلم الذي صوره ماتسو شيفي إذ أن الصور الأخرى أتلفتها الاشعاعات الذرية .
ماتسو شيفي حمض وظهر فيلمه في الليل على ضوء القمر الخلاء وراء جدار منزله ، وعندما اخرج صوره بعد التظهير ، بدت وكان سكيناً قد لعبت فيها ، غير واضحة داكنة اللون وقال المصور معتذراً : « ما شاهدته كان رهيباً حيث أنني كنت كالمشلول وعيناي كانتا مغطانين بالدموع ولم أتمكن من وضع العدسة بصورة دقيقة ، إن الصور التي التقطها ماتسو شيفي هي الوحيدة التي أخذت بعد قليل من ساعة الصفر في هيروشيما - هي صور لسفر الرؤيا ( أبو كاليبس ) أناس ينشجون و يننون يتزاحمون على بعضهم يسيرون مترنحين عبر كل الشوارع .
بعد شهر واحد من القاء القنبلة النووية الاميركية على هيروشيما وهي أول قنبلة نووية ، دخل أول مخبر صحافي حربي اجنبي المدينة المنكوبة لقد قدم على مسؤوليته الخاصة لأن الجنرال ماك ارثر (Me Artliur ) القائد العام للقوات الاميركية في الشرق الأقصى أرسل قبل ذلك ، كل المخبرين الصحافيين الحربيين إلى ساحات القتال والجبهات الأخرى كي يبقيهم بعيدين عن هيروشيما ويلفريد .
بورشت مندوب صحيفة الـ ديلي میل ( Daily mail ) اللندنية لا يتقيد بالأوامر على الاطلاق وكذلك أيضاً في التقارير التي يكتبها ويرسلها بورشت هو واحد من الأوائل الذي كتبوا عن التسمم الاشعاعي في المدينة ، التي محيت تقريباً من الوجود ، وعلى تقارير شاهد العيان بورشت كانت ردة فعل الأركان العامة الأميركية تماماً مثل ردة فعل الامير البرت على برقيات ويليام راسل ( William Russell ) في حرب القرم انها التكذيب .
وفي طوكيو اكد متحدث باسم الجيش الأميركي في مؤتمر صحافي انه لا يوجد على الاطلاق ، مرض الفعالية الاشعاعية . ... ليسلي غروف ( Leslie Groves ) رئیس مشاريع مانهاتان -Manhattan ) ( Projekts صرح بأن تلك الأقاويل حول الفعالية الاشعاعية ما هي الا هراء ومن ثم بعد سنة من الزمن حاول الأميركيون تخفيف الابادة الجماعية التي قاموا بها على سكان مدينة هيروشيما .. وفي تموز عام 1946 دعي الياباني ماتسو شيفي للمثول أمام الأركان العامة الاميركية في هيروشيما وطلب منه تسليم صوره ، لأنها ، حسب رأي رئاسة الأركان ، سوف تصـدم الرأي العام .
إن المواطنين في الولايات المتحدة عليهم فقط أن يشاهدوا الشيء الذي ساهم في تحقيق النصر : السحابة الهائلة وعلى شكل الفطر للقنبلة النووية !!!
وبالنسبـة للمخبـريـن الحربيين فان الابلاغ عما يعرفونه او تصوير ما كانوا يشاهدونه ، كان بمثابة الانتحار المهني لهم وكان عليهم ايضاً الصمت التام حيال العنصرية الجيش ، وكذلك اعمال النهب والاغتصاب وكتبوا الشيء القليل عن الجنود الذين يتناولون المخدرات ، حيث ما من واحد منهم أراد أن يفصل من وظيفته وكما الحرب العالمية الأولى فإن الموت ظل في طي الكتمان . وعندما اخذ روبرت کایا ( Robert Capa ) صورة لواحد من الاميركيين قتل برصاصة على شرفة أحد المنازل في مدينة ايبزيغ عمل المراقب على تغطية وجهه بعارضة خشبية .
وفي الأساس فإن التوصيات التي زود بها المراقب كانت تتعلق بالحفاظ على سرية المعلومات المهمة استراتيجياً و في رسالة من التاسع والعشرين من كانون الأول عام ١٩٤٢ جاء فيها طالما ان المراقبة على التصوير نافذة المفعول ينتظر القائد العام في لندن وواشنطن بدقة تامة تفادي ظهور الأشياء التـاليـة مـواقـع الجيوش أو الاعتدة الحربية صور مراكز الأركان العامة ، أسماء العسكريين الذين تزيد رتبهم عن رتبة العقيد . كل أنواع الاعتدة العسكرية ، كمية الاعتدة الحربية التي يمكن للعدو أن يستنتج منها قوة الجيش ، وخصوصاً دبابات شیرمان طراز 105 ومدافع 155 هاوتزر وغيرها من المدافع وسيارات الجيب البرمائية وعموماً كل الاعتدة الحربية المصنفة على أنها سرية .
وغالبا ما بدأت العلاقات العامة للعسكريين في الخارج أي في ساحات القتال وحوالي نهاية الحـرب مثلا حدد الجنرال سيمبسون General Simpson من الفرقة الجوية الأميركية التاسعة موعدا للتصوير وعمد إلى إحضار -الفوتـومـوديـل المناسب ! والأمر الذي أصدره لهذه المناسبـة
كـان التـالي :
احضروا لنا رقيباً قادماً لتوه من الجبهة بذقن غير محلوقة ، مغطى بالوحل وحذار أن تضعوه
تحت الدوش .
- وكذلك الجيش الأحمر كان يمارس العلاقات العامة ففي الخامس عشر من شهر ايلول عام ١٩٤١ دعت العلاقات العامة في الجيش مندوبي الصحـف الموجودين في موسكو ، للقيام بزيارة القوات المسلحةالسوفياتية .
وقد نقلوا بالسيارات ، برفقة أحد الضباط واحد المراقبين ، إلى الجبهة وفي مكان ما من الجبهة شربوا الفودكا » الساخنة وصوروا جنرالا وهو يبتسم وكانه إحتل لتوه ، برلين ، ثم أعيدوا ثانية إلى فـنـادقهم في موسكو ، أحد الصحافيين قال معلقاً بانه وجد المشهد وكانه عبارة عن ، ولادة مكتب سفريات السيـاحـة الداخلية ..
و في نهاية عام 1944 كان المركز الصحافي للاركان العامة الحليفة في باريس يراقب المخطوطات والصور الفوتوغرافية لآلاف المخبرين العسكريين من كل الجبهات وكانت تمر اسبوعيا من امام طاولات الموظفين ثلاث ملايين كلمة وأكثر من خمس وثلاثين ألف صورة وعلى أطول طرق رسمية أرسلت صور رئيس المصورين
لمجلة القوات المسلحة البريطانية . باراد . . صور بيلا زولا (Bela Zola) وهو من أصل مجري ، ومصور البلاط لدى الملك فاروق - ملك مصر آنذاك - والذي صور حرب الصحراء البريطانية في الشرق الاوسط ظهرت في المختبر في القاهرة ، ومن ثم أرسلت الى الأركـان الـعـامـة وهناك تمت مراقبتهـا ثم شحنت إلى قسم الدعاية ، حيث وضعت تحت
الصور النصوص المطلوبة وبعدها ارسلت بالطائرة إلى مركز التجمع في لندن في شارع كورزون ستريت ( Curton Street ومن هناك سلمت إلى الـ سنترال اوفيس » ( Central Office ) الذي عمل على توزيعها أخيراً إلى الصحف .
تعليق