وجود
Existence - Existence
الوجـود
الوجود existence هو مقابل للعدم، ويقال على عدة معان:
ـ إن الوجود هو كون الشيء حاصلاً في نفسه، مع أنه لا يكون معلوماً لأحد، فوجوده بذاته مستقل عن كونه معلوماً.
ـ إن الوجود هو كون الشيء حاصلاً في التجربة، إما حصولاً فعلياً فيكون موضوع إدراك حسي أو وجداني، وإما حصولاً تصوريا فيكون موضوع استدلال عقلي.
ـ إن الوجود هو الحقيقة الواقعية الدائمة، أو الحقيقة التي نعيش فيها، وهو بهذا المعنى مقابل للحقيقة المجردة والحقيقة المطلقة.
ـ إن الوجود هو الوجود الواقعي أو العالم الموضوعي المستقل عن الوعي، ويتأتى هذا المفهوم من استخدام مصدر «وجد» أو «كان» being فهو فعل الوجود، أو الوجود بالفعل.
ـ كما يطلق اسم الوجود أي «الموجود» على وجود الشيء في ذاته، أو على وجود الشيء بالشيء أو للشيء.
ـ والواقع أن كلمات (الوجود، الموجود، الهوية، الكينونة، الكائن) هي كلمات موّلدة في اللغة العربية، نقلها المترجمون عن لغة الفلسفة الأم اليونانية أو عن اللغات الهندوأوروبية، ففي تلك اللغات هناك رابطة منطقية [ر: المنطق] بين الموضوع والمحمول ناتجة من استخدام فعل الكينونة، وهذه الرابطة مضمرة في اللغة العربية، ومثال ذلك أن نقول بالعربية «زيد مريض» أما في تلك اللغات فالمعنى فيها لا يستقيم إلا باستخدام فعل الكينونة (to be) بالإنكليزية أو (être) بالفرنسية، فنقول ما ترجمته حرفياً «زيد موجود مريضاً» فلا يمكن أن يقال أي شيء عن أي شيء قبل أن يقال عنه إنه موجود، إذن فالوجود أعم المقولات جميعاً.
ـ وقد لاحظ الفارابي [ر] (870 ـ 950م) أن بعض المترجمين استعملوا لفظ «هو» بين الموضوع والمحمول مكان لفظة «اسْتين» Εστιν اليونانية، وجعلوا المصدر منه الهوية، في حين استخدم آخرون بدل «الهو» لفظ موجود، أي اسم الوجود لترجمة اللفظة اليونانية للتعريف بالوجود.
وقد كان بارمنيدس الإيلي [ر] Parmenides (نحو 520 ـ 450ق.م) أول من بحث في الوجود بحثاً فلسفياً عميقاً، حين عارض معاصره هيراقليطُس [ر] Heraclitus (نحو 576 ـ 480ق.م) الذي كان يرى أن كل شيء في جريان دائم ولا شيء ثابت حتى الأضداد يتحول بعضها إلى بعض، فرأى بارمنيدس عكس ذلك بقوله: إن التغير متناقض، والوجود وحده هو الحقيقي، والتغير هو عدم، والوجود واحد ثابت دائم، ذلك أنه ليس ثمَّ إلا الوجود. فإلى أي شيء يمكن أن يتغير إلا إلى وجود أيضاً.
أما أرسطو [ر] Aristotle ما بين (384ـ 322ق.م) فقد جعل الوجود موضوعاً للفلسفة الأولى (الميتافيزيقا) فسماها «علم الوجود بما هو موجود» وهي تتناول الوجود بأعم معانيه وأقسامه ومبادئه وجهاته [ر. أرسطو].
أما ابن سينا [ر] (980 ـ 1037م) فإنه يرى أن الوجود أبسط المعاني وأعمها، وما من شيء يدرك إلا ويدرك موجوداً، إما في الحقيقة وإما في الذهن، وأن الموجود لا يمكن أن يشرح بغير الاسم، لأنه مبدأ أول لكل شرح فلا شرح له، بل صورته تقوم في النفس من دون توسط شيء آخر، وكان ابن سينا يرى أن وجود الشيء لاحق للماهية quiddity, essence، وكذلك عند الغزالي (1059 ـ 1111م) الذي يقول إن الوجود لا يدخل قط في ماهية الأشياء بل هو مضاف إلى الماهية، أما ابن رشد [ر] (1126 ـ 1198م) فكان يرى أن قولنا في الشيء إنه موجود لا يدل على معنىً زائد على جوهره خارج النفس.
والوجود عند الفلاسفة المدرسيين scholastics مقابل للماهية؛ لأن الماهية هي الطبيعة المعقولة للشيء، والوجود هو التحقق الفعلي له. أما الفلسفة الوجودية [ر] existentialism فإنها تضع الوجود الفردي المشخص الواقعي في الموضع الأول من النظر الفلسفي، وتؤكد أسبقية الوجود على الماهية.
وينقسم الوجود عامة إلى وجود خارجي مادي في الأعيان، ووجود روحي في الأذهان؛ أي وجود عقلي أو منطقي.
أما عن مراتب الوجود فإن أعلاها الموجود بالذات بوجود عين ذاته، وأوسطها الموجود بالذات بوجود غيره، وأدناها الموجود بالغير؛ والوجود في الجوهر [ر] substance أقوى منه في العرض accident، وفي الله أقوى منه في الإنسان، ولذلك يقال عن وجود الله إنه وجود في ذاته، أما وجود الإنسان فوجود بغيره، ويفرق الوجوديون بين الوجود الآني المتعين، ووجود الماهيات قبل تحققها.
وللوجود عموماً خمس أحوال رئيسة هي: الفعل والقوة، الجوهر والعرض، الماهية والوجود، العلة والمعلول، الغاية والوسيلة، وتعد مقولات الجوهر والعرض والماهية والوجود أهم المقولات التي شغلت تاريخ الفلسفة بصورة عامة. فالجوهر هو أنية الشيء وعينه وذاته، وهو ما يقوم بذاته ولا يفتقر إلى غيره ليقوم به، والجوهر ينحصر في خمسة هي: الهيولى والصورة والنفس والجسم والعقل. أما العرض فهو الذي يفتقر إلى غيره ليقوم به، فالجسم مثلاً جوهر يقوم بذاته، أما اللون فهو عرض لأنه لا قيام له إلا بالجسم، فالعرض صفة مؤقتة وانتقالية وغير جوهرية لشيء ما، وقد صنف الفلاسفة المشاؤون peripatetics الأعراض في تسع مقولات هي: (الكمية والكيفية والأين والوضع والملك والإضافة ومتى والفعل والانفعال)، أما الماهية quiddity فهي من قولنا «ما هو؟» فهي عكس العرض. والماهية إذا أطلقت على الأمر المتعقل، مثل المتعقل من الإنسان «الحيوان الناطق» فإنها من حيث الثبات في الخارج «حقيقة» من حيث امتيازه من غيره «هوية» ومن حيث إنه محل الحوادث «جوهراً» ومن حيث يستنبط من اللفظ «مدلولا».
وإدراك الوجود يتم عن طريق حصول صورة الشيء المدرك في الشعور consciousness؛ أي إدراك الشيء بالحس الظاهر وهو إدراك جزئي انفعالي، ثم الانتقال إلى الإدراك بالعقل وهو إدراك كلّي كامل.
أما الذات فهي مقولة فلسفية تطلق على معان متعددة، فأرسطو كان يوحد بينها وبين الجوهر، كما تطلق الذات في معان أخرى للدلالة على الخصائص الذاتية لشيء أو موضوع تستخدم مقابل الموضوع كما في فلسفة ديكارت [ر] Descartes ما بين (1596ـ 1650م) الذي يجعل الذات المفكرة يقينه الأول في مقولته المشهورة: «أنا أفكر إذن أنا موجود».
ومن أعلام الفلسفة الحديثة الذين عالجوا مسائل الوجود والعدم والماهية وإدراك الوجود ومعاناة هذا الوجود هوسرل [ر] Edmund Husserl ت(1859 ـ 1938م) الذي كان يرى أن العالم المحيط بنا كله ليس سوى «ظاهرة وجود» وليس عالماً موجوداً بيقين، وهوسرل مؤسس الفلسفة الظاهراتية [ر] phenomenology ومنهجه يقوم على رفض كل ما ليس ثابتاً ببرهان، والرجوع إلى الحدس المباشر في إدراك الأشياء؛ أي إلى الأشياء الظاهرة في الوعي ظهوراً واضحاً، فالأمر المباشر الحقيقي لدى هوسرل هو «الماهيات» العامة (الإدراك، التصور، العدد، الحقيقة…الخ) والماهيات المادية (الصوت واللون والضوء…الخ) والأشياء الوحيدة المعطاة لنا حقيقة هي «الظواهر» وليس الوجود (أو الشيء في ذاته)، والظاهر phenomène هو المطلق، والأشياء والعالم الخارجي لا وجود لهما إلا إضافة إلى «الظاهر».
وازدهرت في القرن العشرين المباحث المتعلقة بالوجود بفضل هايدغر [ر] Martin Heidegger ت(1889 ـ 1976م) ويسبرز [ر] Jaspers ونيقولا هارتمَن Hartmann، فكان التأكيد على التفرقة بين الوجود والموجود. أما هايدغر فهو يعطي للوجود معنى خاصاً، يجعله لا يقال إلا على الموجودات الواعية، فالإنسان يتميز بأنه الموجود الوحيد الذي يدخل فهمه إلى الوجود، وانكشاف الوجود له، في صميم وجوده الخاص، ومن هنا فإن ماهية الإنسان كامنة في وجوده أولاً. والموجود البشري بهذا المعنى «وجود في هذا العالم Dasein» و«وجود ـ مع الغير ـ في العالم Mit ـ Dasein»، وإن القلق [ر] anxiety الذي يحتل مكاناً بارزاً في فلسفة هايدغر هو الشعور الأساسي بالوجود في العالم الذي يتهدده خطر العدم. وقد كان هايدغر من أبرز مؤسسي الفلسفة الوجودية التي يشكل الوجود البشري ـ أو بعبارة أدق معاناة هذا الوجود ـ مادتها الرئيسة.
عدنان شكري يوسف
Existence - Existence
الوجـود
الوجود existence هو مقابل للعدم، ويقال على عدة معان:
ـ إن الوجود هو كون الشيء حاصلاً في نفسه، مع أنه لا يكون معلوماً لأحد، فوجوده بذاته مستقل عن كونه معلوماً.
ـ إن الوجود هو كون الشيء حاصلاً في التجربة، إما حصولاً فعلياً فيكون موضوع إدراك حسي أو وجداني، وإما حصولاً تصوريا فيكون موضوع استدلال عقلي.
ـ إن الوجود هو الحقيقة الواقعية الدائمة، أو الحقيقة التي نعيش فيها، وهو بهذا المعنى مقابل للحقيقة المجردة والحقيقة المطلقة.
ـ إن الوجود هو الوجود الواقعي أو العالم الموضوعي المستقل عن الوعي، ويتأتى هذا المفهوم من استخدام مصدر «وجد» أو «كان» being فهو فعل الوجود، أو الوجود بالفعل.
ـ كما يطلق اسم الوجود أي «الموجود» على وجود الشيء في ذاته، أو على وجود الشيء بالشيء أو للشيء.
ـ والواقع أن كلمات (الوجود، الموجود، الهوية، الكينونة، الكائن) هي كلمات موّلدة في اللغة العربية، نقلها المترجمون عن لغة الفلسفة الأم اليونانية أو عن اللغات الهندوأوروبية، ففي تلك اللغات هناك رابطة منطقية [ر: المنطق] بين الموضوع والمحمول ناتجة من استخدام فعل الكينونة، وهذه الرابطة مضمرة في اللغة العربية، ومثال ذلك أن نقول بالعربية «زيد مريض» أما في تلك اللغات فالمعنى فيها لا يستقيم إلا باستخدام فعل الكينونة (to be) بالإنكليزية أو (être) بالفرنسية، فنقول ما ترجمته حرفياً «زيد موجود مريضاً» فلا يمكن أن يقال أي شيء عن أي شيء قبل أن يقال عنه إنه موجود، إذن فالوجود أعم المقولات جميعاً.
ـ وقد لاحظ الفارابي [ر] (870 ـ 950م) أن بعض المترجمين استعملوا لفظ «هو» بين الموضوع والمحمول مكان لفظة «اسْتين» Εστιν اليونانية، وجعلوا المصدر منه الهوية، في حين استخدم آخرون بدل «الهو» لفظ موجود، أي اسم الوجود لترجمة اللفظة اليونانية للتعريف بالوجود.
وقد كان بارمنيدس الإيلي [ر] Parmenides (نحو 520 ـ 450ق.م) أول من بحث في الوجود بحثاً فلسفياً عميقاً، حين عارض معاصره هيراقليطُس [ر] Heraclitus (نحو 576 ـ 480ق.م) الذي كان يرى أن كل شيء في جريان دائم ولا شيء ثابت حتى الأضداد يتحول بعضها إلى بعض، فرأى بارمنيدس عكس ذلك بقوله: إن التغير متناقض، والوجود وحده هو الحقيقي، والتغير هو عدم، والوجود واحد ثابت دائم، ذلك أنه ليس ثمَّ إلا الوجود. فإلى أي شيء يمكن أن يتغير إلا إلى وجود أيضاً.
أما أرسطو [ر] Aristotle ما بين (384ـ 322ق.م) فقد جعل الوجود موضوعاً للفلسفة الأولى (الميتافيزيقا) فسماها «علم الوجود بما هو موجود» وهي تتناول الوجود بأعم معانيه وأقسامه ومبادئه وجهاته [ر. أرسطو].
أما ابن سينا [ر] (980 ـ 1037م) فإنه يرى أن الوجود أبسط المعاني وأعمها، وما من شيء يدرك إلا ويدرك موجوداً، إما في الحقيقة وإما في الذهن، وأن الموجود لا يمكن أن يشرح بغير الاسم، لأنه مبدأ أول لكل شرح فلا شرح له، بل صورته تقوم في النفس من دون توسط شيء آخر، وكان ابن سينا يرى أن وجود الشيء لاحق للماهية quiddity, essence، وكذلك عند الغزالي (1059 ـ 1111م) الذي يقول إن الوجود لا يدخل قط في ماهية الأشياء بل هو مضاف إلى الماهية، أما ابن رشد [ر] (1126 ـ 1198م) فكان يرى أن قولنا في الشيء إنه موجود لا يدل على معنىً زائد على جوهره خارج النفس.
والوجود عند الفلاسفة المدرسيين scholastics مقابل للماهية؛ لأن الماهية هي الطبيعة المعقولة للشيء، والوجود هو التحقق الفعلي له. أما الفلسفة الوجودية [ر] existentialism فإنها تضع الوجود الفردي المشخص الواقعي في الموضع الأول من النظر الفلسفي، وتؤكد أسبقية الوجود على الماهية.
وينقسم الوجود عامة إلى وجود خارجي مادي في الأعيان، ووجود روحي في الأذهان؛ أي وجود عقلي أو منطقي.
أما عن مراتب الوجود فإن أعلاها الموجود بالذات بوجود عين ذاته، وأوسطها الموجود بالذات بوجود غيره، وأدناها الموجود بالغير؛ والوجود في الجوهر [ر] substance أقوى منه في العرض accident، وفي الله أقوى منه في الإنسان، ولذلك يقال عن وجود الله إنه وجود في ذاته، أما وجود الإنسان فوجود بغيره، ويفرق الوجوديون بين الوجود الآني المتعين، ووجود الماهيات قبل تحققها.
وللوجود عموماً خمس أحوال رئيسة هي: الفعل والقوة، الجوهر والعرض، الماهية والوجود، العلة والمعلول، الغاية والوسيلة، وتعد مقولات الجوهر والعرض والماهية والوجود أهم المقولات التي شغلت تاريخ الفلسفة بصورة عامة. فالجوهر هو أنية الشيء وعينه وذاته، وهو ما يقوم بذاته ولا يفتقر إلى غيره ليقوم به، والجوهر ينحصر في خمسة هي: الهيولى والصورة والنفس والجسم والعقل. أما العرض فهو الذي يفتقر إلى غيره ليقوم به، فالجسم مثلاً جوهر يقوم بذاته، أما اللون فهو عرض لأنه لا قيام له إلا بالجسم، فالعرض صفة مؤقتة وانتقالية وغير جوهرية لشيء ما، وقد صنف الفلاسفة المشاؤون peripatetics الأعراض في تسع مقولات هي: (الكمية والكيفية والأين والوضع والملك والإضافة ومتى والفعل والانفعال)، أما الماهية quiddity فهي من قولنا «ما هو؟» فهي عكس العرض. والماهية إذا أطلقت على الأمر المتعقل، مثل المتعقل من الإنسان «الحيوان الناطق» فإنها من حيث الثبات في الخارج «حقيقة» من حيث امتيازه من غيره «هوية» ومن حيث إنه محل الحوادث «جوهراً» ومن حيث يستنبط من اللفظ «مدلولا».
وإدراك الوجود يتم عن طريق حصول صورة الشيء المدرك في الشعور consciousness؛ أي إدراك الشيء بالحس الظاهر وهو إدراك جزئي انفعالي، ثم الانتقال إلى الإدراك بالعقل وهو إدراك كلّي كامل.
أما الذات فهي مقولة فلسفية تطلق على معان متعددة، فأرسطو كان يوحد بينها وبين الجوهر، كما تطلق الذات في معان أخرى للدلالة على الخصائص الذاتية لشيء أو موضوع تستخدم مقابل الموضوع كما في فلسفة ديكارت [ر] Descartes ما بين (1596ـ 1650م) الذي يجعل الذات المفكرة يقينه الأول في مقولته المشهورة: «أنا أفكر إذن أنا موجود».
ومن أعلام الفلسفة الحديثة الذين عالجوا مسائل الوجود والعدم والماهية وإدراك الوجود ومعاناة هذا الوجود هوسرل [ر] Edmund Husserl ت(1859 ـ 1938م) الذي كان يرى أن العالم المحيط بنا كله ليس سوى «ظاهرة وجود» وليس عالماً موجوداً بيقين، وهوسرل مؤسس الفلسفة الظاهراتية [ر] phenomenology ومنهجه يقوم على رفض كل ما ليس ثابتاً ببرهان، والرجوع إلى الحدس المباشر في إدراك الأشياء؛ أي إلى الأشياء الظاهرة في الوعي ظهوراً واضحاً، فالأمر المباشر الحقيقي لدى هوسرل هو «الماهيات» العامة (الإدراك، التصور، العدد، الحقيقة…الخ) والماهيات المادية (الصوت واللون والضوء…الخ) والأشياء الوحيدة المعطاة لنا حقيقة هي «الظواهر» وليس الوجود (أو الشيء في ذاته)، والظاهر phenomène هو المطلق، والأشياء والعالم الخارجي لا وجود لهما إلا إضافة إلى «الظاهر».
وازدهرت في القرن العشرين المباحث المتعلقة بالوجود بفضل هايدغر [ر] Martin Heidegger ت(1889 ـ 1976م) ويسبرز [ر] Jaspers ونيقولا هارتمَن Hartmann، فكان التأكيد على التفرقة بين الوجود والموجود. أما هايدغر فهو يعطي للوجود معنى خاصاً، يجعله لا يقال إلا على الموجودات الواعية، فالإنسان يتميز بأنه الموجود الوحيد الذي يدخل فهمه إلى الوجود، وانكشاف الوجود له، في صميم وجوده الخاص، ومن هنا فإن ماهية الإنسان كامنة في وجوده أولاً. والموجود البشري بهذا المعنى «وجود في هذا العالم Dasein» و«وجود ـ مع الغير ـ في العالم Mit ـ Dasein»، وإن القلق [ر] anxiety الذي يحتل مكاناً بارزاً في فلسفة هايدغر هو الشعور الأساسي بالوجود في العالم الذي يتهدده خطر العدم. وقد كان هايدغر من أبرز مؤسسي الفلسفة الوجودية التي يشكل الوجود البشري ـ أو بعبارة أدق معاناة هذا الوجود ـ مادتها الرئيسة.
عدنان شكري يوسف