وكالات انباء
Press agencies - Agences de presse
وكالات الأنباء
وكالات الأنباء agences de presse منظمات إعلامية تُغطي مناطق جغرافية كبيرة أو محدودة تبعاً لإمكاناتها المادية وأهدافها الاقتصادية والسياسية، وتُمثل أبرز أعمدة مصادر وسائل الإعلام والاتصال قاطبةً، ويتمثل دورها الرئيس في تأطير بعض الأحداث متعددة المضامين والأماكن والشخوص دون سواها، وصياغة تفاعلاتها لتغدو أخباراً ثم القيام بتوزيعها على وسائل الإعلام والاتصال والمنظمات المختلفة وبعض الأفراد المشتركين بخدماتها.
يعود نشوء وكالات الأنباء إلى عام 1832م، حين أسس «شارل لوي هاڤاس» Charles Louis Havas في فرنسا أول وكالة أنباء في العالم أطلق عليها اسم هافاس Havas، وقامت الحكومة الفرنسية بشرائها من مالكيها بعد ذلك، ثم استولى عليها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية… وكانت هناك وكالة أنباء سرية تدعم المقاومة ضد الاحتلال الألماني وإلى جانبها وكالة أنباء فرنسا المستقلة التي أسسها الأحرار في لندن… ومن هذه الوكالات مجتمعة نشأت وكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس Agence France- Presse (AFP) عام 1944م، وتغطي هذه الوكالة بمراسليها ومكاتبها معظم دول العالم ومناطقه تقريباً، وتقدم خدماتها بلغات عدة كالفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية والعربية والروسية.
وأسس الألماني «بول جوليوس رويترز» Reuters وكالة أنباء أسماها رويترز في فرنسا عام 1850، ثم انتقلت بعدئذٍ بعام إلى المملكة المتحدة، وتمتلك الوكالة أربعة اتحادات صحفية، شعارها «السرعة والدقة»، وتنتشر مكاتبها ومراسلوها في معظم دول العالم ومناطقه، وتقدم اليوم خدماتها إلى معظم المؤسسات الإعلامية في العالم، وهي وكالة أنباء ذات طابع دولي.
وفي عام 1848 تأسست وكالة الأنباء «الأسوشيتد برس» الأمريكية Associated Press News Agency واقتصرت خدماتها على الصحف الست التي أسهمت في تأسيسها، ثم أغلقت بحكم قضائي عام 1943 لعدم قانونيتها، لكنها عادت بقوة لتقدم خدماتها داخل الولايات الأمريكية وخارجها، وتقدم هذه الوكالة حالياً خدماتها إلى معظم صحف العالم ومحطات الإذاعة والتلفزة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.
وفي عام 1907 بدأ إرسال وكالة «اليونايتد برس إنترناشيونال» Interational United Press التي كان يُطلق عليها مؤسسة الاتحاد الصحفي، بعد اندماجها مع وكالة الأخبار الدولية (بعد نحو واحد وخمسين عاماً) سميت باسمها الحالي، وهي وكالة أنباء ذات طابع تجاري ربحي يملكها أفراد، وتُقدم خدماتها إلى الكثير من المؤسسات الإعلامية في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، ولديها الكثير من المراسلين في مختلف مناطق العالم؛ وقد عانت في السنوات الأخيرة أزمة مالية مما دفع القائمين عليها إلى عرض أسهمها للبيع.
وأنشئت في عام 1918م وكالة أنباء روسية سُميت «روستا» Rosta ثم أطلق عليها عام 1925 وكالة «تاس» TASS وهي مصدر الأنباء الوحيد في الاتحاد السوڤييتي سابقاً، وكانت آنذاك تختص بأخبار الحزب الشيوعي والحكومة السوڤيتية… وقد ألحقت بروسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوڤييتي، غير أن قوتها من حيث التغطية والخدمات لا تُضاهي وكالتي فرانس برس ورويتر، كما سادت في الاتحاد السوڤييتي السابق وكالة أنباء أخرى خاصة بالأخبار الداخلية والأخبار المصورة وهي وكالة أنباء «نوفوستي» Novosti.
وبعد الحرب العالمية الثانية أنشأت الكثير من دول العالم وكالات أنباء وطنية خاصة بها للحد من تأثير وكالات الأنباء العالمية فأنشأت الصحف المصرية في عام 1956 وكالة أنباء «الشرق الأوسط المصرية» ثم أتبعت للقطاع العام عام 1962 وبعدها تأسست وكالة خاصة يمتلكها مواطنون مغاربة هي «وكالة المغرب العربي للأنباء» عام 1959، ومن ثم أسست الحكومات العربية وكالات أنباء وطنية وهي تاريخياً: وكالة الأنباء العراقية، ووكالة أنباء أفريقيا بتونس، ووكالة الأنباء الجزائرية، ووكالة أنباء الثورة العربية بليبيا، ووكالة الأنباء الأردنية، والوكالة العربية السورية للأنباء/سانا SANA، ووكالة أنباء عدن، ووكالة سبأ للأنباء، ووكالة الأنباء السعودية، ووكالة الأنباء الفلسطينية، ووكالة السودان للأنباء، والوكالة الموريتانية للصحافة، ووكالة الأنباء القطرية، ووكالة الأنباء الكويتية Kona، ووكالة الأنباء الإمارتية… وتُعاني معظم هذه الوكالات تبعيتها الرسمية للحكومات ويُعين مُدراؤها من أعلى السلطات السياسية مما يُسهم في ضيق هامش الحرية للقائمين عليها، كما تُعاني هذه الوكالات نقصاً في الكفاءات البشرية، وقلة مكاتبها ومراسليها في الخارج، وكذلك تُعاني الكثير منها من ضعف إمكاناتها المادية والتقنية والتحريرية والإدارية وسوء الاتصال الداخلي مما جعل نطاق عمل معظمها يقتصر على تزويد وسائل الإعلام المحلية وبعض المؤسسات بالأخبار داخل دولها.
ومع ظهور التلفاز[ر] وانتشاره ظهرت تغطية إخبارية مصورة استخدمت الإمكانات التي وفرتها تقنيات الاتصال، فظهرت وكالات عالمية للأخبار المصورة، وارتبطت محطات تلفزيونية إقليمية بشبكة تلفازية لتبادل المواد التلفازية ومنها الأخبار.
ويعود تاريخ وكالات الأنباء المرئية Visual News Agencies إلى عام 1952، حين تأسست وكالة «اليونايتد برس إنترناشيونال لأخبار التلفاز» United Press International Television News وهي وكالة بريطانية أمريكية مشتركة تمتلكها هيئة التلفاز المستقل الإنكليزية ووكالة يونايتد برس الأمريكية حيث توزع الأولى أنشطة الوكالة على مختلف الهيئات والشبكات التلفازية في العالم عدا أمريكا، في حين تختص اليونايتد برس بتوزيع خدماتها على الهيئات والشبكات الأمريكية، وللوكالة مقران ومركزا إنتاج الأول؛ بواشنطن وشيكاغو وسان فرانسيسكو والثاني بلندن، وتوزع الوكالة خدماتها على معظم المحطات والشبكات التلفازية في العالم من خلال الأقمار الصناعية للاتصالات.
وفي عام 1957 تأسست وكالة Visnews البريطانية في لندن ويمتلكها مجموعة من الهيئات الإذاعية، هي هيئة الإذاعة البريطانية والهيئة الاسترالية والهيئة النيوزيلندية والهيئة الكندية، وقد استخدمت هذه الوكالة الأقمار الصناعية للاتصالات عام 1970، وتقدم خدماتها الإخبارية المصورة إلى الكثير من الهيئات والشبكات الإذاعية المرئية في العالم.
وبعد ذلك ظهرت وكالة Columbia Broadcasting System (C.B.S) الأمريكية ومقرها نيويورك، وهي أهم ثالث وكالة أنباء مصورة في العالم وتقدم خدماتها لمعظم الهيئات والشبكات الإذاعية والمرئية، ولها مكاتب ومراسلون في مختلف دول العالم.
وهناك وكالة الخدمة التلفازية الألمانية/ دبا Deutsche Presse -Agentu (DPA)ومقرها (فيزبادن)؛ وقد جاءت هذه الوكالات المرئية المصورة نتيجة لحاجة القنوات والشبكات التلفازية المتزايدة والتي تسعى إلى تغطية الأحداث التي تقع في مناطق العالم المختلفة، وليس بمقدور كل هذه المحطات والشبكات الوصول إليها، لذا باتت هذه الوكالات أهم المصادر الإعلامية التي تعتمد عليها هذه الشبكات في إنتاج عروضها وبرامجها الإخبارية.
ومع تطور تقنيات الاتصال تطوراً مهماً أضحت منظمات جمع الأخبار وتوزيعها، منظمات قوية على الساحة الدولية، وأصبح مفهوم وكالة الأنباء العالمية يعني منظمة ذات مجال عالمي شامل تقوم بتغطية أخبار عالمية وتتولى توزيعها على نطاق واسع على مشتركين في دول كثيرة.
وتؤخذ في الحسبان مجموعة من المعايير أو المقاييس عند انتقاء الأخبار، أبرزها: التأثير والتقارب والتوقيت والشهرة والبدعة والصراع، وتم اقتصارها في حقبة التسعينيات على ثلاثة معايير هي: الجدوى والفائدة والمصلحة.
مصادر الخدمة الإخبارية:
يمكن تصنيف مصادر الخدمة الإخبارية في فئتين رئيسيتين: المصادر الأساسية وتشمل وكالات الأنباء العامة، والوكالات المتخصصة، والمراسلين والمندوبين الدائمين، واتفاقيات التبادل الإخباري، والمصادر الثانوية التي تضم المتعاونين أي العاملين بالقطعة أو جزء من الوقت Part Time، والجمهور العام The Public، ومؤسسات العلاقات العامة، والدوريات العامة والمتخصصة، والمؤسسات العلمية إلى جانب الأحزاب السياسية والمسلحة والتنظيمات والتكتلات السرية والمعلنة، والتي تأتي عن طريقها أشرطة «الفيديو» المصورة Video News Releases (VNRs)، كذلك البيانات والتصريحات التي تصدر عنها وكذلك الشبكة الدولية للمعلومات الانترنيت وقواعد المعلومات وأيضاً المجموعات الإخبارية.
وفيما يخص أخبار التلفاز المصورة هناك بعض المصادر الإخبارية التي ينفرد بها التلفاز دون غيره من وسائل الإعلام الأخرى؛ وأهم هذه المصادر: وكالات الأنباء العالمية المصورة، والشبكات الإخبارية المصورة؛ وفي العالم اليوم أربع وكالات أنباء مصورة رئيسية تحتكر سوق الأنباء المصورة في العالم وهي: «وكالة CBS News» الأمريكية، و وكالة «يونايتد برس إنترناشيونال لأخبار التلفاز» United Press International Television News (UPITN) التابعة لملكية وكالة يونايتد برس وهيئة التلفاز البريطاني المستقل، والوكالة الألمانية المصورة، الخدمة التلفازية المصورة (E.Te-S)، و وكالة فيزنيوز البريطانية Visnews.
وتعتمد دول العالم الثالث في خدماتها الإخبارية المصورة على المادة التي تقدمها وكالات الأنباء العالمية المصورة، ليس فقط فيما يتعلق بأخبار أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن أيضاً فيما يتعلق بأخبار دول العالم الثالث.
أما أهم الشبكات الإخبارية العالمية المصورة التي لها دور كبير في توزيع الأخبار المصورة عالمياً، فهي شبكة أوروبا الغربية (يوروفيجن) Eurovision، وشبكة أوربا الشرقية Intervision، إلى جانب الشبكات الأمريكية المعروفة؛ ولقد وصل عدد الهيئات التلفازية العربية التي تتسلم رسائل الـ يوروفيجن المصورة إلى خمس عشرة هيئة، والمعروف أن وكالات الأنباء العالمية المصورة المذكورة آنفاً تسهم بنحو 75% من المواد الإخبارية التي تقدمها شبكة «يوروفيجن».
ومن المصادر الأخرى الرئيسة للأخبار المصورة في العالم أنظمة التبادل الإخباري الإقليمية والتي ترتبط هي الأخرى بشكل ما بهذه الوكالات المصورة، وإن كانت تحقق بعض طموحات العالم الثالث في الحصول على مصدر إخباري محايد أو خارج نطاق سطوة المصادر الغربية الكبرى للأخبار؛ ومن أهم أمثلة هذه النظم الإخبارية نظام (اليوروفيجن) الذي افتتح في حزيران/يونيو عام 1954، وهو يعتمد على استخدام الأقمار الصناعية ويقدم رسائل في مواعيد ثابتة؛ وهناك أيضاً اتحاد باسم شبكة آسيا المصورة (آسيا فيجن) Asiavision الذي قسم إلى منطقتين بسبب ترامي أطراف الدول المنضوية في هذا النظام، وهناك سلسلة كبيرة من الاتحادات المختلفة التي تعنى بتبادل الخدمات الإخبارية المصورة على الرغم من وجود عوائق مختلفة أمامها كالعوائق الاقتصادية ونقص البنية الأساسية.
علاقة المؤسسات الإعلامية بوكالات الأنباء:
تفترض نظرية الأطر الإخبارية أن الأحداث لا تنطوي في ذاتها على مغزى معين، وإنما تكتسب مغزاها من خلال وضعها في إطارٍ frame يحددها وينظمها ويضفي عليها قدراً من الاتساق من خلال التركيز على بعض جوانب الموضوع، وإغفال جوانب أخرى، فالإطار الإعلامي هو إبراز تلك الفكرة المحورية التي تنتظم حولها الأحداث الخاصة بقضية معينة أي الإشارة والتشديد على معلومة معينة وإضفاء الدلالة عليها بحيث تظل باقية في أذهان المتلقين من مشاهدين ومستمعين وقارئين.
ويقول ديترام Dietram بثلاثة مصادر محتملة للتأثير هي: التأثيرات المرتبطة بالإعلامي وهي مجموعة من العوامل التي تؤثر في تكوين الأطر مثل الإيديولوجيا والمواقف والمعايير المهنية، وهذا التكوين يؤثر في النهاية في الطريقة التي يقوم الإعلاميون بوضع الأطر عن طريقها للتغطية الإخبارية، وهناك المصدر الثاني المرتبط بعوامل أخرى والتي تؤثر في وضع الأطر الإخبارية: وهي اختيار الأطر نتيجة لعوامل معينة مثل: نوع «نمط»، أو التوجه السياسي للوسيلة الإعلامية، أو ما يطلق عليه «الروتين التنظيمي»، أما المصدر الثالث للتأثير فهو المصادر الخارجية للتأثير مثل: (المسؤولون السياسيون، السلطات، جماعات النفوذ، وأفراد الصفوة).
فمعالجة المعلومات وتفسيرها من قبل الناس يتأثران بالهياكل أو المخططات الموجودة سابقاً للمعنى؛ وقد ابتكر عدد من الباحثين إطاراً لربط الرسائل الإعلامية بمدركات المتلقي، إذ يقوم المصدر الإعلامي بتكوين إطار ما عن طريق اختيار خبرات أو أفكار محددة وتأكيدها باستخدام كلمات مهمة محددة وعبارات معينة وصور متكررة أو مصادر محددة للمعلومات وجمل معينة تكون متكررة، وبالتالي تعمل على تكوين حقائق وآراء محددة، ويتفاعل هذا الإطار مع أفكار المتلقي إذ يعمل الإطار على تنشيط مدركات محددة على نحو أكبر من مدركات أخرى؛ لأنه لا يقوم المتلقون بإجراء بحث منهجي وشامل عن العناصر الإعلامية المرتبطة بالقضية عموماً.
إن تحليل المصادر الحقيقية لمعلومات وسائل الإعلام المختلفة قد يؤدي إلى فهم دور مصادر المعلومات في تحديد كيفية وضع إطار للأخبار والخدمة الإخبارية؛ ولابد من الإشارة هنا إلى ثلاث شركات تتحكم في برامج الأخبار التلفازية في كل العالم وهي: أخبار تلفازي ديزني عبر العالم (WTN) والوكالة المرئية وتلفاز رويتر، ووكالة وتلفاز أسوشييتد برس.
وبهذا الإطار تؤثر الوكالات المرئية (التلفازية) ـ وكلها موجودة في لندن تقريباً ـ في العديد من الشبكات الإخبارية، إذ تقوم بجمع الصور والأخبار المسجلة «بالفيديو» من عشرات المكاتب والمحطات التلفازية في جميع أنحاء العالم؛ فوكالة وتلفاز رويتر تقوم بجمع الأخبار من أكثر من (70) مكتباً ومن (260) محطة تلفازية في (85) دولة في جميع أرجاء العالم، وتعتمد العديد من الشبكات عليها مثل FOX) و(Sky الأمريكيتين في عمليات التغطية الدولية وربما الحية للأخبار. إن وسائل الإعلام مسؤولة مسؤولية كاملة عن تصوير الواقع ومن بين هذه الوسائل يلاحظ أن وكالات الأنباء المرئية الدولية على نحوٍ خاص تكون مؤثرة لأن هذه الوكالات بمفردها تقوم بتقديم الصور المرئية المعاصرة لمعظم أنحاء العالم؛ وقد أوضحت البحوث في مجال إنتاج العروض الإخبارية التلفازية إنه يوجد عنصر إيديولوجي ـ أسلوب لرؤية العالم ـ يتم بناؤه في روتينيات العمل المستخدمة في إنتاج قصص الأخبار التلفازية، فقرار أي وكالة بتغطية أي قصة إخبارية يتأثر بالاهتمام العام لوسائل الإعلام الدولية، ولكن اختيار ما يتم تصويره هو اختيار إيديولوجي مثل: اختيار المقابلات الشخصية مع أشخاص معينين واختيار عدد الثواني التي يتم إعطاؤها لكل جانب من جوانب القصة الإخبارية، واختيار الجمهور الذي سيتم إرسال القصة الإخبارية إليه.
وليد محمد عمشه
Press agencies - Agences de presse
وكالات الأنباء
وكالات الأنباء agences de presse منظمات إعلامية تُغطي مناطق جغرافية كبيرة أو محدودة تبعاً لإمكاناتها المادية وأهدافها الاقتصادية والسياسية، وتُمثل أبرز أعمدة مصادر وسائل الإعلام والاتصال قاطبةً، ويتمثل دورها الرئيس في تأطير بعض الأحداث متعددة المضامين والأماكن والشخوص دون سواها، وصياغة تفاعلاتها لتغدو أخباراً ثم القيام بتوزيعها على وسائل الإعلام والاتصال والمنظمات المختلفة وبعض الأفراد المشتركين بخدماتها.
يعود نشوء وكالات الأنباء إلى عام 1832م، حين أسس «شارل لوي هاڤاس» Charles Louis Havas في فرنسا أول وكالة أنباء في العالم أطلق عليها اسم هافاس Havas، وقامت الحكومة الفرنسية بشرائها من مالكيها بعد ذلك، ثم استولى عليها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية… وكانت هناك وكالة أنباء سرية تدعم المقاومة ضد الاحتلال الألماني وإلى جانبها وكالة أنباء فرنسا المستقلة التي أسسها الأحرار في لندن… ومن هذه الوكالات مجتمعة نشأت وكالة الأنباء الفرنسية فرانس برس Agence France- Presse (AFP) عام 1944م، وتغطي هذه الوكالة بمراسليها ومكاتبها معظم دول العالم ومناطقه تقريباً، وتقدم خدماتها بلغات عدة كالفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية والعربية والروسية.
وأسس الألماني «بول جوليوس رويترز» Reuters وكالة أنباء أسماها رويترز في فرنسا عام 1850، ثم انتقلت بعدئذٍ بعام إلى المملكة المتحدة، وتمتلك الوكالة أربعة اتحادات صحفية، شعارها «السرعة والدقة»، وتنتشر مكاتبها ومراسلوها في معظم دول العالم ومناطقه، وتقدم اليوم خدماتها إلى معظم المؤسسات الإعلامية في العالم، وهي وكالة أنباء ذات طابع دولي.
وفي عام 1848 تأسست وكالة الأنباء «الأسوشيتد برس» الأمريكية Associated Press News Agency واقتصرت خدماتها على الصحف الست التي أسهمت في تأسيسها، ثم أغلقت بحكم قضائي عام 1943 لعدم قانونيتها، لكنها عادت بقوة لتقدم خدماتها داخل الولايات الأمريكية وخارجها، وتقدم هذه الوكالة حالياً خدماتها إلى معظم صحف العالم ومحطات الإذاعة والتلفزة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.
وفي عام 1907 بدأ إرسال وكالة «اليونايتد برس إنترناشيونال» Interational United Press التي كان يُطلق عليها مؤسسة الاتحاد الصحفي، بعد اندماجها مع وكالة الأخبار الدولية (بعد نحو واحد وخمسين عاماً) سميت باسمها الحالي، وهي وكالة أنباء ذات طابع تجاري ربحي يملكها أفراد، وتُقدم خدماتها إلى الكثير من المؤسسات الإعلامية في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، ولديها الكثير من المراسلين في مختلف مناطق العالم؛ وقد عانت في السنوات الأخيرة أزمة مالية مما دفع القائمين عليها إلى عرض أسهمها للبيع.
وأنشئت في عام 1918م وكالة أنباء روسية سُميت «روستا» Rosta ثم أطلق عليها عام 1925 وكالة «تاس» TASS وهي مصدر الأنباء الوحيد في الاتحاد السوڤييتي سابقاً، وكانت آنذاك تختص بأخبار الحزب الشيوعي والحكومة السوڤيتية… وقد ألحقت بروسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوڤييتي، غير أن قوتها من حيث التغطية والخدمات لا تُضاهي وكالتي فرانس برس ورويتر، كما سادت في الاتحاد السوڤييتي السابق وكالة أنباء أخرى خاصة بالأخبار الداخلية والأخبار المصورة وهي وكالة أنباء «نوفوستي» Novosti.
وبعد الحرب العالمية الثانية أنشأت الكثير من دول العالم وكالات أنباء وطنية خاصة بها للحد من تأثير وكالات الأنباء العالمية فأنشأت الصحف المصرية في عام 1956 وكالة أنباء «الشرق الأوسط المصرية» ثم أتبعت للقطاع العام عام 1962 وبعدها تأسست وكالة خاصة يمتلكها مواطنون مغاربة هي «وكالة المغرب العربي للأنباء» عام 1959، ومن ثم أسست الحكومات العربية وكالات أنباء وطنية وهي تاريخياً: وكالة الأنباء العراقية، ووكالة أنباء أفريقيا بتونس، ووكالة الأنباء الجزائرية، ووكالة أنباء الثورة العربية بليبيا، ووكالة الأنباء الأردنية، والوكالة العربية السورية للأنباء/سانا SANA، ووكالة أنباء عدن، ووكالة سبأ للأنباء، ووكالة الأنباء السعودية، ووكالة الأنباء الفلسطينية، ووكالة السودان للأنباء، والوكالة الموريتانية للصحافة، ووكالة الأنباء القطرية، ووكالة الأنباء الكويتية Kona، ووكالة الأنباء الإمارتية… وتُعاني معظم هذه الوكالات تبعيتها الرسمية للحكومات ويُعين مُدراؤها من أعلى السلطات السياسية مما يُسهم في ضيق هامش الحرية للقائمين عليها، كما تُعاني هذه الوكالات نقصاً في الكفاءات البشرية، وقلة مكاتبها ومراسليها في الخارج، وكذلك تُعاني الكثير منها من ضعف إمكاناتها المادية والتقنية والتحريرية والإدارية وسوء الاتصال الداخلي مما جعل نطاق عمل معظمها يقتصر على تزويد وسائل الإعلام المحلية وبعض المؤسسات بالأخبار داخل دولها.
ومع ظهور التلفاز[ر] وانتشاره ظهرت تغطية إخبارية مصورة استخدمت الإمكانات التي وفرتها تقنيات الاتصال، فظهرت وكالات عالمية للأخبار المصورة، وارتبطت محطات تلفزيونية إقليمية بشبكة تلفازية لتبادل المواد التلفازية ومنها الأخبار.
ويعود تاريخ وكالات الأنباء المرئية Visual News Agencies إلى عام 1952، حين تأسست وكالة «اليونايتد برس إنترناشيونال لأخبار التلفاز» United Press International Television News وهي وكالة بريطانية أمريكية مشتركة تمتلكها هيئة التلفاز المستقل الإنكليزية ووكالة يونايتد برس الأمريكية حيث توزع الأولى أنشطة الوكالة على مختلف الهيئات والشبكات التلفازية في العالم عدا أمريكا، في حين تختص اليونايتد برس بتوزيع خدماتها على الهيئات والشبكات الأمريكية، وللوكالة مقران ومركزا إنتاج الأول؛ بواشنطن وشيكاغو وسان فرانسيسكو والثاني بلندن، وتوزع الوكالة خدماتها على معظم المحطات والشبكات التلفازية في العالم من خلال الأقمار الصناعية للاتصالات.
وفي عام 1957 تأسست وكالة Visnews البريطانية في لندن ويمتلكها مجموعة من الهيئات الإذاعية، هي هيئة الإذاعة البريطانية والهيئة الاسترالية والهيئة النيوزيلندية والهيئة الكندية، وقد استخدمت هذه الوكالة الأقمار الصناعية للاتصالات عام 1970، وتقدم خدماتها الإخبارية المصورة إلى الكثير من الهيئات والشبكات الإذاعية المرئية في العالم.
وبعد ذلك ظهرت وكالة Columbia Broadcasting System (C.B.S) الأمريكية ومقرها نيويورك، وهي أهم ثالث وكالة أنباء مصورة في العالم وتقدم خدماتها لمعظم الهيئات والشبكات الإذاعية والمرئية، ولها مكاتب ومراسلون في مختلف دول العالم.
وهناك وكالة الخدمة التلفازية الألمانية/ دبا Deutsche Presse -Agentu (DPA)ومقرها (فيزبادن)؛ وقد جاءت هذه الوكالات المرئية المصورة نتيجة لحاجة القنوات والشبكات التلفازية المتزايدة والتي تسعى إلى تغطية الأحداث التي تقع في مناطق العالم المختلفة، وليس بمقدور كل هذه المحطات والشبكات الوصول إليها، لذا باتت هذه الوكالات أهم المصادر الإعلامية التي تعتمد عليها هذه الشبكات في إنتاج عروضها وبرامجها الإخبارية.
ومع تطور تقنيات الاتصال تطوراً مهماً أضحت منظمات جمع الأخبار وتوزيعها، منظمات قوية على الساحة الدولية، وأصبح مفهوم وكالة الأنباء العالمية يعني منظمة ذات مجال عالمي شامل تقوم بتغطية أخبار عالمية وتتولى توزيعها على نطاق واسع على مشتركين في دول كثيرة.
وتؤخذ في الحسبان مجموعة من المعايير أو المقاييس عند انتقاء الأخبار، أبرزها: التأثير والتقارب والتوقيت والشهرة والبدعة والصراع، وتم اقتصارها في حقبة التسعينيات على ثلاثة معايير هي: الجدوى والفائدة والمصلحة.
مصادر الخدمة الإخبارية:
يمكن تصنيف مصادر الخدمة الإخبارية في فئتين رئيسيتين: المصادر الأساسية وتشمل وكالات الأنباء العامة، والوكالات المتخصصة، والمراسلين والمندوبين الدائمين، واتفاقيات التبادل الإخباري، والمصادر الثانوية التي تضم المتعاونين أي العاملين بالقطعة أو جزء من الوقت Part Time، والجمهور العام The Public، ومؤسسات العلاقات العامة، والدوريات العامة والمتخصصة، والمؤسسات العلمية إلى جانب الأحزاب السياسية والمسلحة والتنظيمات والتكتلات السرية والمعلنة، والتي تأتي عن طريقها أشرطة «الفيديو» المصورة Video News Releases (VNRs)، كذلك البيانات والتصريحات التي تصدر عنها وكذلك الشبكة الدولية للمعلومات الانترنيت وقواعد المعلومات وأيضاً المجموعات الإخبارية.
وفيما يخص أخبار التلفاز المصورة هناك بعض المصادر الإخبارية التي ينفرد بها التلفاز دون غيره من وسائل الإعلام الأخرى؛ وأهم هذه المصادر: وكالات الأنباء العالمية المصورة، والشبكات الإخبارية المصورة؛ وفي العالم اليوم أربع وكالات أنباء مصورة رئيسية تحتكر سوق الأنباء المصورة في العالم وهي: «وكالة CBS News» الأمريكية، و وكالة «يونايتد برس إنترناشيونال لأخبار التلفاز» United Press International Television News (UPITN) التابعة لملكية وكالة يونايتد برس وهيئة التلفاز البريطاني المستقل، والوكالة الألمانية المصورة، الخدمة التلفازية المصورة (E.Te-S)، و وكالة فيزنيوز البريطانية Visnews.
وتعتمد دول العالم الثالث في خدماتها الإخبارية المصورة على المادة التي تقدمها وكالات الأنباء العالمية المصورة، ليس فقط فيما يتعلق بأخبار أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن أيضاً فيما يتعلق بأخبار دول العالم الثالث.
أما أهم الشبكات الإخبارية العالمية المصورة التي لها دور كبير في توزيع الأخبار المصورة عالمياً، فهي شبكة أوروبا الغربية (يوروفيجن) Eurovision، وشبكة أوربا الشرقية Intervision، إلى جانب الشبكات الأمريكية المعروفة؛ ولقد وصل عدد الهيئات التلفازية العربية التي تتسلم رسائل الـ يوروفيجن المصورة إلى خمس عشرة هيئة، والمعروف أن وكالات الأنباء العالمية المصورة المذكورة آنفاً تسهم بنحو 75% من المواد الإخبارية التي تقدمها شبكة «يوروفيجن».
ومن المصادر الأخرى الرئيسة للأخبار المصورة في العالم أنظمة التبادل الإخباري الإقليمية والتي ترتبط هي الأخرى بشكل ما بهذه الوكالات المصورة، وإن كانت تحقق بعض طموحات العالم الثالث في الحصول على مصدر إخباري محايد أو خارج نطاق سطوة المصادر الغربية الكبرى للأخبار؛ ومن أهم أمثلة هذه النظم الإخبارية نظام (اليوروفيجن) الذي افتتح في حزيران/يونيو عام 1954، وهو يعتمد على استخدام الأقمار الصناعية ويقدم رسائل في مواعيد ثابتة؛ وهناك أيضاً اتحاد باسم شبكة آسيا المصورة (آسيا فيجن) Asiavision الذي قسم إلى منطقتين بسبب ترامي أطراف الدول المنضوية في هذا النظام، وهناك سلسلة كبيرة من الاتحادات المختلفة التي تعنى بتبادل الخدمات الإخبارية المصورة على الرغم من وجود عوائق مختلفة أمامها كالعوائق الاقتصادية ونقص البنية الأساسية.
علاقة المؤسسات الإعلامية بوكالات الأنباء:
تفترض نظرية الأطر الإخبارية أن الأحداث لا تنطوي في ذاتها على مغزى معين، وإنما تكتسب مغزاها من خلال وضعها في إطارٍ frame يحددها وينظمها ويضفي عليها قدراً من الاتساق من خلال التركيز على بعض جوانب الموضوع، وإغفال جوانب أخرى، فالإطار الإعلامي هو إبراز تلك الفكرة المحورية التي تنتظم حولها الأحداث الخاصة بقضية معينة أي الإشارة والتشديد على معلومة معينة وإضفاء الدلالة عليها بحيث تظل باقية في أذهان المتلقين من مشاهدين ومستمعين وقارئين.
ويقول ديترام Dietram بثلاثة مصادر محتملة للتأثير هي: التأثيرات المرتبطة بالإعلامي وهي مجموعة من العوامل التي تؤثر في تكوين الأطر مثل الإيديولوجيا والمواقف والمعايير المهنية، وهذا التكوين يؤثر في النهاية في الطريقة التي يقوم الإعلاميون بوضع الأطر عن طريقها للتغطية الإخبارية، وهناك المصدر الثاني المرتبط بعوامل أخرى والتي تؤثر في وضع الأطر الإخبارية: وهي اختيار الأطر نتيجة لعوامل معينة مثل: نوع «نمط»، أو التوجه السياسي للوسيلة الإعلامية، أو ما يطلق عليه «الروتين التنظيمي»، أما المصدر الثالث للتأثير فهو المصادر الخارجية للتأثير مثل: (المسؤولون السياسيون، السلطات، جماعات النفوذ، وأفراد الصفوة).
فمعالجة المعلومات وتفسيرها من قبل الناس يتأثران بالهياكل أو المخططات الموجودة سابقاً للمعنى؛ وقد ابتكر عدد من الباحثين إطاراً لربط الرسائل الإعلامية بمدركات المتلقي، إذ يقوم المصدر الإعلامي بتكوين إطار ما عن طريق اختيار خبرات أو أفكار محددة وتأكيدها باستخدام كلمات مهمة محددة وعبارات معينة وصور متكررة أو مصادر محددة للمعلومات وجمل معينة تكون متكررة، وبالتالي تعمل على تكوين حقائق وآراء محددة، ويتفاعل هذا الإطار مع أفكار المتلقي إذ يعمل الإطار على تنشيط مدركات محددة على نحو أكبر من مدركات أخرى؛ لأنه لا يقوم المتلقون بإجراء بحث منهجي وشامل عن العناصر الإعلامية المرتبطة بالقضية عموماً.
إن تحليل المصادر الحقيقية لمعلومات وسائل الإعلام المختلفة قد يؤدي إلى فهم دور مصادر المعلومات في تحديد كيفية وضع إطار للأخبار والخدمة الإخبارية؛ ولابد من الإشارة هنا إلى ثلاث شركات تتحكم في برامج الأخبار التلفازية في كل العالم وهي: أخبار تلفازي ديزني عبر العالم (WTN) والوكالة المرئية وتلفاز رويتر، ووكالة وتلفاز أسوشييتد برس.
وبهذا الإطار تؤثر الوكالات المرئية (التلفازية) ـ وكلها موجودة في لندن تقريباً ـ في العديد من الشبكات الإخبارية، إذ تقوم بجمع الصور والأخبار المسجلة «بالفيديو» من عشرات المكاتب والمحطات التلفازية في جميع أنحاء العالم؛ فوكالة وتلفاز رويتر تقوم بجمع الأخبار من أكثر من (70) مكتباً ومن (260) محطة تلفازية في (85) دولة في جميع أرجاء العالم، وتعتمد العديد من الشبكات عليها مثل FOX) و(Sky الأمريكيتين في عمليات التغطية الدولية وربما الحية للأخبار. إن وسائل الإعلام مسؤولة مسؤولية كاملة عن تصوير الواقع ومن بين هذه الوسائل يلاحظ أن وكالات الأنباء المرئية الدولية على نحوٍ خاص تكون مؤثرة لأن هذه الوكالات بمفردها تقوم بتقديم الصور المرئية المعاصرة لمعظم أنحاء العالم؛ وقد أوضحت البحوث في مجال إنتاج العروض الإخبارية التلفازية إنه يوجد عنصر إيديولوجي ـ أسلوب لرؤية العالم ـ يتم بناؤه في روتينيات العمل المستخدمة في إنتاج قصص الأخبار التلفازية، فقرار أي وكالة بتغطية أي قصة إخبارية يتأثر بالاهتمام العام لوسائل الإعلام الدولية، ولكن اختيار ما يتم تصويره هو اختيار إيديولوجي مثل: اختيار المقابلات الشخصية مع أشخاص معينين واختيار عدد الثواني التي يتم إعطاؤها لكل جانب من جوانب القصة الإخبارية، واختيار الجمهور الذي سيتم إرسال القصة الإخبارية إليه.
وليد محمد عمشه