- جولة ١ : على ضفاف الخابور
إنها جولة من البصيرة عند مصب الخابور بالفرات سالكين ضفة الخابور الغربية في الذهاب إلى الحسكة، وضفته اليمنى في العودة من الحسكة. ورغم انعدام المنشآت السياحية في جولتنا هذه التي تستوجب من المرء أن يكون محملاً بزاده إذا كان يريد أن يقضي نهاراً كاملاً، إلا أنها جولة لها خصوصيتها الهامة من الناحيتين الجغرافية والتاريخية والتي تترك بصماتها دون أدنى شك على الصعيد السياحي الذي تنبه إليه الأجانب الغريبين عن ديار العرب، قبل أن نفكر نحن به والقرن العشرين على مشارف الوداع.
فنهر يتدفق ضمن أراض خصيبة، يتموج في مجراه، تاركاً بين الفينة والأخرى جزيرة صغيرة في أواسطه (حويجة)، إما أن تكون مغطاة بأدغال من الأشجار الطبيعية، أو محروثة مزروعة بزراعات متنوعة. وتلال ترقب مجراه وتحرس أرضه منذ القديم لأنها ليست أكوام من التراب، وإنما حضارات متعاقبة شكلت ذاك الركام الذي نسميه تلا، المتضمن في داخله مدينة قديمة أو أكثر من مدينة هجرها سكانها وحل الخراب بها. وليست التجمعات البشرية الكبرى المعروفة حالياً والمنتشرة على جانبي مجرى النهر في واديه الضيق نسبياً وعند أطرافه المطلة عليه أكثر عدداً وتألقاً التجمعات التي كانت منتشرة في العهود الغابرة فهذا الإصطخري الذي عاش في القرن العاشر الميلادي يقول في كتابه المسالك والممالك : رأس العين على مستوى وأرضها الغالب عليها القطن، ويخرج منها زيادة على فتجتمع مياهها حتى يصير منها نهر الخابور، ومسافة هذا النهر نحو عشرين فرسخاً، كلها بلدان وقرى ومزراع .. .... ومن مشاهير تلك البلدان المجدل .... ويتلوها عربان ... ويتلوها ماكسين ... إلخ . من تلك ثلاثماية عين ..
وحاصلاته، ومن فلقد أشار الاصطخري إلى كثرة البلدان والقرى في حوض الخابور، واتصال العمران على جانبيه - مثلما الحال عليه الآن - ووفرة غلاله أن معامل النسيج في الموصل وخلات (مدينة في أرمينيا بالقرب من منابع دجلة كانت تمون من أقطان الخابور، وقد عقب المستشرق الفرنسي رينيه دوسو على قول الاصطخري بالأتي: «لقول الاصطخري أهمية خاصة، لكونه يطلعنا على النشاط الزراعي في منطقة الخابور، كما يفسر وجود العدد الكبير من البلدان فيها، والتلول المحاذية لمجاري المياه تدل على المؤسسات الزراعية التي كانت زاهرة فيما مضى، والتي تعود في الغالب إلى آلاف السنين، ومنها ماكان على جانب كبير من الأهمية».
كما أن ابن حوقل ذكر في كتابه صورة الأرض» مايلي: «ونهر الخابور المذكور عليه مدائن كثيرة قد شكلتها وأوصفتها، كمدينة عربان، وهي مدينة لطيفة كثيرة ،الأقطان وثياب القطن تحمل منها وتجهز إلى الشام وغيرها، وعليها سور صالح منيع ومن ورائه منعة بمن فيه من الرجال. وتليها سكير أيضاً مدينة لطيفة فيها غلات وبها ،رجال، وكذلك طابان والحجشية، وتنينير، والعبيدية مدن تتقارب أوصافها، وفيها ماله اقليم كبير، ورستاق واسع، وعمل صالح ودخل وأشجار وكروم وسفرجل موصوف». العباس وهي
ونهر الخابور رافد رئيسي لنهر الفرات في سورية، وهو نهر سوري، ينبع من عدة ينابيع في منطقة رأس العين السورية بالقرب من الحدود التركية من أهمها نبع عين كبريت وعين الحصان، وعين الزرقاء الشمالية، وعين الزرقاء الجنوبية، كما يتلقى الخابور السوري في بداية تشكله من الينابيع السابقة مياه الخابور التركي الذي تتدفق مياهه المحدودة الغزارة إلى الشرق مباشرة من تل حلف .
قطاعه الأعلى ويرفد الخابور في بين منابعه والحسكة - عدة روافد يسارية، أولها نهر جرجب الذي ينبع من الأراضي التركية، ويصب في الخابور عند قرية السفح وثانيهما نهر الزركان الذي ينبع أيضاً من الأراضي التركية، ويصب في الخابور عند الطرف الجنوبي من بلدة تل تمر، ويجري هذان النهران في الشتاء ويجفان في الصيف وأهم الروافد هو نهر جغجغ الذي ينبع من الأراضي التركية ويمر بالقامشلي ليتلقى مياه روافد عدة في الأراضي السورية منها رافد جرّاح ورافد الرد. ويصب جغجغ بالخابور عند الطرف الشرقي من الحسكة.
ويتابع الخابور مسيرته بعد الحسكة باتجاه الجنوب راسماً تعرجات .
إنها جولة من البصيرة عند مصب الخابور بالفرات سالكين ضفة الخابور الغربية في الذهاب إلى الحسكة، وضفته اليمنى في العودة من الحسكة. ورغم انعدام المنشآت السياحية في جولتنا هذه التي تستوجب من المرء أن يكون محملاً بزاده إذا كان يريد أن يقضي نهاراً كاملاً، إلا أنها جولة لها خصوصيتها الهامة من الناحيتين الجغرافية والتاريخية والتي تترك بصماتها دون أدنى شك على الصعيد السياحي الذي تنبه إليه الأجانب الغريبين عن ديار العرب، قبل أن نفكر نحن به والقرن العشرين على مشارف الوداع.
فنهر يتدفق ضمن أراض خصيبة، يتموج في مجراه، تاركاً بين الفينة والأخرى جزيرة صغيرة في أواسطه (حويجة)، إما أن تكون مغطاة بأدغال من الأشجار الطبيعية، أو محروثة مزروعة بزراعات متنوعة. وتلال ترقب مجراه وتحرس أرضه منذ القديم لأنها ليست أكوام من التراب، وإنما حضارات متعاقبة شكلت ذاك الركام الذي نسميه تلا، المتضمن في داخله مدينة قديمة أو أكثر من مدينة هجرها سكانها وحل الخراب بها. وليست التجمعات البشرية الكبرى المعروفة حالياً والمنتشرة على جانبي مجرى النهر في واديه الضيق نسبياً وعند أطرافه المطلة عليه أكثر عدداً وتألقاً التجمعات التي كانت منتشرة في العهود الغابرة فهذا الإصطخري الذي عاش في القرن العاشر الميلادي يقول في كتابه المسالك والممالك : رأس العين على مستوى وأرضها الغالب عليها القطن، ويخرج منها زيادة على فتجتمع مياهها حتى يصير منها نهر الخابور، ومسافة هذا النهر نحو عشرين فرسخاً، كلها بلدان وقرى ومزراع .. .... ومن مشاهير تلك البلدان المجدل .... ويتلوها عربان ... ويتلوها ماكسين ... إلخ . من تلك ثلاثماية عين ..
وحاصلاته، ومن فلقد أشار الاصطخري إلى كثرة البلدان والقرى في حوض الخابور، واتصال العمران على جانبيه - مثلما الحال عليه الآن - ووفرة غلاله أن معامل النسيج في الموصل وخلات (مدينة في أرمينيا بالقرب من منابع دجلة كانت تمون من أقطان الخابور، وقد عقب المستشرق الفرنسي رينيه دوسو على قول الاصطخري بالأتي: «لقول الاصطخري أهمية خاصة، لكونه يطلعنا على النشاط الزراعي في منطقة الخابور، كما يفسر وجود العدد الكبير من البلدان فيها، والتلول المحاذية لمجاري المياه تدل على المؤسسات الزراعية التي كانت زاهرة فيما مضى، والتي تعود في الغالب إلى آلاف السنين، ومنها ماكان على جانب كبير من الأهمية».
كما أن ابن حوقل ذكر في كتابه صورة الأرض» مايلي: «ونهر الخابور المذكور عليه مدائن كثيرة قد شكلتها وأوصفتها، كمدينة عربان، وهي مدينة لطيفة كثيرة ،الأقطان وثياب القطن تحمل منها وتجهز إلى الشام وغيرها، وعليها سور صالح منيع ومن ورائه منعة بمن فيه من الرجال. وتليها سكير أيضاً مدينة لطيفة فيها غلات وبها ،رجال، وكذلك طابان والحجشية، وتنينير، والعبيدية مدن تتقارب أوصافها، وفيها ماله اقليم كبير، ورستاق واسع، وعمل صالح ودخل وأشجار وكروم وسفرجل موصوف». العباس وهي
ونهر الخابور رافد رئيسي لنهر الفرات في سورية، وهو نهر سوري، ينبع من عدة ينابيع في منطقة رأس العين السورية بالقرب من الحدود التركية من أهمها نبع عين كبريت وعين الحصان، وعين الزرقاء الشمالية، وعين الزرقاء الجنوبية، كما يتلقى الخابور السوري في بداية تشكله من الينابيع السابقة مياه الخابور التركي الذي تتدفق مياهه المحدودة الغزارة إلى الشرق مباشرة من تل حلف .
قطاعه الأعلى ويرفد الخابور في بين منابعه والحسكة - عدة روافد يسارية، أولها نهر جرجب الذي ينبع من الأراضي التركية، ويصب في الخابور عند قرية السفح وثانيهما نهر الزركان الذي ينبع أيضاً من الأراضي التركية، ويصب في الخابور عند الطرف الجنوبي من بلدة تل تمر، ويجري هذان النهران في الشتاء ويجفان في الصيف وأهم الروافد هو نهر جغجغ الذي ينبع من الأراضي التركية ويمر بالقامشلي ليتلقى مياه روافد عدة في الأراضي السورية منها رافد جرّاح ورافد الرد. ويصب جغجغ بالخابور عند الطرف الشرقي من الحسكة.
ويتابع الخابور مسيرته بعد الحسكة باتجاه الجنوب راسماً تعرجات .
تعليق