النظرية الوظيفية Functionalism بالأمم المتحدة منظمات وظيفية تعرف بالوكالات المتخصصة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النظرية الوظيفية Functionalism بالأمم المتحدة منظمات وظيفية تعرف بالوكالات المتخصصة

    وظيفيه (نظريه)

    Functionalism - Fonctionnalisme

    الوظيفية (نظرية ـ)

    تقوم إلى جانب الأمم المتحدة مجموعة من المنظمات الوظيفية functional تعرف بالوكالات المتخصصة specialized agencies ترتبط بالأمم المتحدة باتفاقات تعاون وتنسيق، ويتولى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة مهمة التنسيق بين نشاطات هذه الوكالات من جهة وبينها وبين الأمم المتحدة من جهة أخرى؛ بما يحقق انسجامها وحسن أدائها. كما تقوم ضمن بنيان الأمم المتحدة هيئات متخصصة مستقلة لم تنشأ بمواثيق خاصة بها كالوكالات المتخصصة، وإنما أنشأتها الأمم المتحدة ذاتها لتعمل تحت إشراف بعض هيئاتها الرئيسية من أجل السهر على قطاع وظيفي معيّن، فهو بذلك هيئات متخصصة يمكن بحثها هاهنا. فما هي نظرية الوظيفية التي تقوم على أساسها المنظمات المتخصصة عالمية كانت أم إقليمية؟ وما هي المنظمات الوظيفية المتصلة بالأمم المتحدة؟ وما هي نوعية الصلة القائمة بينها؟
    التعريف بالوظيفية ما لها وما عليها
    الوظيفية Functionalism نهج من مناهج التنظيم الدولي، يقوم على اعتماد «طبيعة المشكلة» the nature of the problem التي يعالجها، وليس «وحدة المشكلة الإنسانية» the unity of the human problem التي عليها المنظمة العامة، كالأمم المتحدة وجامعة الدول العربية؛ ولا على «وحدة أو تقارب الدول المشكلة لها».
    المنظمة المتخصصة تعنى بالقطاع (الوظيفي) من التنظيم الدولي، وهو ذلك القطاع من مجموع النشاطات الدولية المنظمة الذي يرتبط مباشرة بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والفنية والإنسانية؛ أي بما يمكن أن نصفه مبدئياً بالمشكلات غير السياسية. وتنطلق الفكرة من افتراضين أساسيين:
    أولهما: أن إنماء التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية هو خطوة لازمة للقضاء على المنازعات السياسية وإحلال الأمن والسلام في العلاقات الإنسانية. وثانيهما: أن تشعب الحاجات الإنسانية وتعقدها يجعلان من الصعب على منظمة مركزية واحدة ـ ولاسيما إذا كانت ذات طابع سياسي ـ الإحاطة بها وإعطاءها ما تستحق من رعاية وعناية، بحيث يبقى التخصص الوظيفي هو السبيل الأنجع والأكثر واقعية.
    وككل فكرة إنسانية وجد مبدأ الوظيفية أنصاراً متحمسين وخصوماً أشداء، فقد وجد أنصارها ـ ومن أهمهم «ديفيد ميتراني» و«فردريك شومان» ـ أنها تدبير مفعم بالإمكانات وزاخر بالآمال لإرساء الأساس الذي يقوم عليه المجتمع الدولي، وذلك لميزتها الكبرى التي تتمثل في قدرتها على استهواء المثالية الإنسانية والمصلحة القومية الذاتية والفوز برضاء الاثنتين، ولأنها تقصد تخطيط نمو التنظيم الدولي كما تقتضيه الحاجة ووفقاً لها وبناء عليها. فهي مرنة وقادرة على انتهاز الفرص، وهي تلجأ إلى مناشدة البداهة وسلامة الإدراك لاكتشاف حلول عملية لمشكلات محدودة.
    وقال خصوم الوظيفية ومن أهمهم «شوارزنيرغر»: إنها أبعد ما تكون عن الواقعية إذ ليس من الممكن عزل مجموعة من المشكلات وإخضاعها للعلاج في ورشة دولية، حيث تخلع الأمم صراعاتها ومنازعاتها، وتتركها خارج أبواب الورشة لتنهمك فقط في الاستعمال التعاوني لأدوات المصلحة المتبادلة، ولاسيما في وقتنا الحاضر، إذ الاتجاه السائد هو تسييس كل المسائل. وقال هؤلاء الخصوم كذلك: إن التشريح المصطنع للروابط الاقتصادية العضوية إلى تنظيمات تحت سلطات مستقلة يعرّض قابلية الحياة فيها للخطر الأكيد.
    ومهما يكن من أمر هذا الجدل الفقهي فإن المنظمات المتخصصة بوصفها ترجمة عملية لمبدأ الوظيفية ظهرت ونمت وتطورت، وهي تشغل حالياً حيزاً كبيراً من صورة التنظيم الدولي المعاصر.
    يرجع تطور المنظمات المتخصصة والنشاط الوظيفي الذي تمارسه إلى اللجان الدولية والاتحادات الدولية العامة التي بدأت بالظهور في القرن التاسع عشر.
    فقد أنشئ منذ النصف الثاني من ذلك القرن عدد من الاتحادات الدولية للاهتمام بوسائل المواصلات والنقل كالاتحاد التلغرافي العالمي (1865) والاتحاد البريدي العالمي (1871) ومكتب النقل الدولي (1890)، وأنشئ بعضها الآخر للاهتمام بالمصالح الاقتصادية، كالاتحاد الدولي لنشر التعرفة الجمركية (1860) واتحاد صناعة السكر (1902) والمعهد الدولي للزراعة واتحاد الملكية الصناعية (1883) واتحاد حماية الملكية الأدبية والفنية (1886) والمكتب الدولي للصحة العامة (1903) والمكتب الدولي للمقاييس والموازين (1875).
    وهذه الاتحادات وسواها لم تساعد على القيام بالعديد من أوجه التعاون الدولي فحسب؛ وإنما كانت نماذج احتذي بها فيما بعد لتطوير أجهزة المنظمات الدولية بصورة عامة، فلما أنشئت عصبة الأمم The League Of Nations وجد المنهج الوظيفي في خدمة السلام أنصاراً عدة، فأدرجت المواد 23ـ25 في ميثاق العصبة التي أقرت نوعاً من التفويض المشوب بالغموض، أَذِن للعصبة بالتحرك في خط المنهج الوظيفي، وهيأ لإنشاء منظمة العمل الدولية[ر]. وبالفعل فقد أعطت العصبة اهتماماً متزايداً لإنماء النواحي الوظيفية للتنظيم الدولي، فأنشأت منظمات ولجاناً فنية في الميادين المختلفة، ودعت إلى ـ أو أشرفت على ـ مؤتمرات دولية اختصت بمعالجة مشكلات معيّنة، كما نفذت مشروعات رائدة في المعونة الفنية الدولية. ولكن باستثناء الاعتراف بالاستقلال الذاتي لمنظمة العمل الدولية[ر] التزمت العصبة بمبدأ الرقابة المركزية والتوجيه لجهاز التعاون الدولي وذلك بوساطة مجلسها.
    وقد تعرض هذا الأسلوب لنقد مرير من جانب لجنة خبراء أنشأتها العصبة لتقييم نشاطاتها في الميادين غير السياسية، تعرف بلجنة «بروس» Bruce Committee، فقد اقترحت هذه اللجنة انتقال سلطة التوصية من مجلس إلى هيئة خاصة تعمل في معزل عن التأثيرات السياسية التي كانت تعتور أعمال المجلس، وأوصَتْ بتركيز اهتمام خاص على إنشاء وكالات اقتصادية مستقلة.
    وقد جاء هذا التقرير متأخراً جداً، فلم تفد منه العصبة التي تهاوت أمام إعصار الحرب العالمية الثانية، لكنه أسهم إسهاماً بالغاً في صياغة مواد ميثاق الأمم المتحدة التي تحدد علاقتها بالوكالات المتخصصة القائمة في نطاقها.
    ميثاق الأمم المتحدة والمنظمات الوظيفية
    اختمرت لدى مؤسسي الأمم المتحدة فكرتان، خدمتا مبدأ المنظمات الوظيفية إلى أبعد الحدود، وهما:
    1ـ ضرورة الاهتمام الكلي بمسائل التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني بين الدول على نحو يتجاوب مع الحاجات المتزايدة والمتشعبة والمتطورة للناس، وهذا يقتضي التخصص والتفرغ في العمل.
    2ـ أثبتت المنظمات غير السياسية أنها أقدر من المنظمة المركزية الواحدة على الصمود أمام التيارات السياسية الجارفة، فقد اندلعت الحرب العالمية الأولى ناسفة معها نظام لاهاي السياسي The Hague System بعكس الخدمات التي كانت الاتحادات الدولية العامة تؤديها، فقد بقيت في الحرب وبعدها، واندلعت الحرب العالمية الثانية، فتهاوت عند عتباتها عصبة الأمم، في حين بقيت منظمة العمل الدولية وغيرها من المنظمات المتخصصة تعمل بصورة مستمرة. بعبارة أخرى: كانت أعداد من المنظمات المتخصصة قائمة فعلاً حين فكر مهندسو الأمم المتحدة بإنشاء المنظمة المركزية.
    لذلك فكرت الدول الكبرى ـ ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ـ بإنشاء المزيد من المنظمات الدولية الوظيفية جنباً إلى جنب مع هيئة الأمم المتحدة. وفعلاً بدأت الولايات المتحدة منذ مطلع الأربعينيّات عدداً من المبادرات أدت إلى إنشاء منظمة الأغذية والزراعة الدولية[ر] وصندوق النقد الدولي[ر] والمصرف الدولي للإنشاء والتعمير[ر] والمنظمة الدولية المؤقتة للطيران المدني[ر] وقد أصبحت دائمة بعد سنتين.
    وعلى هذا جاءت مقترحات «دومبارتون أوكس» قاطعة في أمرين اثنين:
    1ـ الإقرار بفضائل المنظمات المتخصصة وأهميتها.
    2ـ والإقرار بضرورة تعاون الأمم المتحدة مع هذه المنظمات، وليس إخضاع المنظمات لها.
    وفي سان فرنسيسكو لم يعترض أحد من الأعضاء المشتركين على هذين المبدأين أو على فكرة وجود المنظمات المتخصصة إطلاقاً، وإنما تركز النقاش حول تعريف المقصود بالوكالة المتخصصة وتحديد نوعية التعاون المزمع إقامته بين الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة وبيان أجهزة الأمم المتحدة التي ستتولى مهمة الرقابة على نشاطات هذه الوكالات وتنسيق العمل معها، وقد انتهى المؤتمر إلى إقرار المبادئ الآتية في ميثاق الأمم المتحدة:
    أولاً: الوكالة المتخصصة هي الوكالة التي تنشأ بمقتضى اتفاق بين الحكومات، والتي تضطلع بمقتضى نظمها بتبعات دولية واسعة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بذلك من الشؤون، ويصل بينها وبين الأمم المتحدة اتفاق خاص، ويمكن للأمم المتحدة أن تتولى المبادرة بالدعوة إلى إنشاء وكالات متخصصة جديدة تحقيقاً للمصلحة الدولية.
    ثانياً: يضع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة اتفاقاً مع كل وكالة من هذه الوكالات، يحدد الشروط التي بمقتضاها يوصل بينها وبين الأمم المتحدة، وتعرض هذه الاتفاقات على الجمعية العامة للموافقة عليها. وللمجلس الحق بتوجيه توصيات إلى الوكالات المتخصصة.
    ثالثاً: يتولى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ـ تحت إشراف الجمعية العامة ـ مهمة الإشراف على نشاطات الوكالات المتخصصة، وله من أجل ذلك أن يتخذ الخطوات المناسبة للحصول بانتظام على تقارير منها، كما له أن يضع مع أعضاء الأمم المتحدة ومع الوكالات المتخصصة ما يلزم من الترتيبات كي يحصل على بيانات بالإجراءات المتخذة تنفيذاً لتوصياته وتوصيات الجمعية العامة في الموضوعات الداخلة في اختصاصه.
    رابعاً: يتولى المجلس الاقتصادي والاجتماعي ـ بإشراف الجمعية العامة ـ مهمة تنسيق توصياته إلى تلك الوكالات العامة وأعضاء الأمم المتحدة.
    تتولى الجمعية العامة النظر في أيّ ترتيبات مالية متعلقة بالميزانية مع الوكالات المتخصصة، وتصدق عليها، وتدرس الميزانيات الإدارية لتلك الوكالات لكي تقدم توصيات بشأنها.
    من هذه المبادئ التي أقرها الميثاق يتضح أن مؤسسي الأمم المتحدة انطلقوا من النظرية القائلة: إن الصلة بين الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة ينبغي أن تكون على أساس التنسيق والتعاون coordination and cooperation، وليس على أساس التوجيه والمركزية centralization and direction، وأن على منظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة الدائرة في فلكها أن يعملا معاً لتحقيق الأغراض المشتركة لشعوب العالم؛ فالمنظمة الدولية تتولى المعالجة الإجمالية لوضع العالم بالمقارنة مع المعالجة الفردية والتخصصية للوكالات، وتقوم بدور التنسيق بين هذه الوكالات والرقابة غير المباشرة على نشاطاتها، وتتبادل معها المعلومات والبيانات اللازمة لتكون في خدمة أغراض التنظيم الدولي كاملة في شتى قطاعاته.
    وانطلاقاً من هذا سارع المجلس الاقتصادي والاجتماعي لاتخاذ التدابير الملائمة لوصل الوكالات المتخصصة بالأمم المتحدة، فعيّن لجنة للمفاوضات معها، وتمكنت هذه اللجنة من إعداد الاتفاقات اللازمة، وقد تم إبرامها بصورة أصولية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة والجمعيات العامة لهذه المنظمات.
    تقع الاتفاقات المعقودة بين الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة في ثلاث زمر:
    1ـ الاتفاقات المعقودة بين الأمم المتحدة وكل من منظمة العمل الدولية ومنظمة الأغذية والزراعة والمنظمة الدولية للطيران ومنظمة الملاحة الدولية واليونسكو ومنظمة الصحة العالمية.
    2ـ الاتفاقات المعقودة بين الأمم المتحدة وكل من اتحاد البريد العالمي والاتحاد الدولي للمواصلات السلكية واللاسلكية.
    3ـ الاتفاقات المعقودة بين الأمم المتحدة والمصرف الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والهيئة الدولية للتنمية.
    واضح أن الزمرة الأولى من هذه الاتفاقات تضم الأغلبية منها، وهي معقودة مع الوكالات الأعم اختصاصاً والأحدث تاريخاً. وقد اتخذت نموذجاً لها اتفاقية التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة، والخطوط البارزة في هذه الزمرة من الاتفاقات هي:
    1ـ تمثيل ومشاركة متبادلان دون تصويت بين المنظمة وبين الوكالة.
    2ـ تبادل الاقتراحات حول جدول الأعمال لكل من الهيئتين، لكن حق الوكالة في اقتراح مواد جديدة محصور بجدول أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي ولجان مجلس الوصاية.
    3ـ للأمم المتحدة أن توجه توصيات إلى الوكالة، وتتشاور الهيئات فيما بينها، وتلتزم الوكالة بتقديم بيان عن الإجراءات المتخذة من قبلها تنفيذاً لتوصيات الأمم المتحدة.
    4ـ تبادل كامل وفوري للمعلومات والوثائق، دونما إخلال بالتدابير التي قد تتخذ للحفاظ على سريتها.
    5ـ قيام الوكالة المتخصصة بتقديم المساعدات التي يمكن أن يطلبها مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
    6ـ تقديم المعلومات اللازمة من قبل الوكالة المتخصصة لمحكمة العدل الدولية، وحق الوكالة في طلب آراء استشارية من المحكمة حول المسائل القانونية الناتجة من ممارستها، عدا تلك التي تتصل بالعلاقة المتبادلة بين الوكالة والأمم المتحدة.
    7ـ التعاون في تطوير مستويات وظيفية مشتركة انطلاقاً من الاعتراف بإمكان التبادل في الوظائف المتناظرة من وجهة نظر التنسيق الإداري.
    8ـ التعاون الكامل في الخدمات الإحصائية والإدارية والفنية مع السعي الدائب إلى تجنب ازدواج المجهودات.
    9ـ الاعتراف بضرورة قيام علاقات وثيقة في الشؤون المالية والميزانية، مع التشاور حول التدابير الملائمة لإدخال ميزانيات الوكالات المتخصصة ضمن الميزانية العامة للأمم المتحدة.
    10ـ تنفيذ الاتفاقات المعقودة بين المنظمة والوكالة بقرار من الأمين العام للأمم المتحدة والمدير العام للوكالة، كل في دائرة اختصاصه.
    11ـ تعديل الاتفاقات بين المنظمة والوكالة يتم بالتفاوض بين الوكالة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي في المنظمة.
    أما الزمرة الثانية من الاتفاقيات وهي المعقودة بين الأمم المتحدة وكل من اتحاد البريد العالمي والاتحاد الدولي للمواصلات السلكية واللاسلكية فتتبع الأسلوب نفسه، ولكنها صيغت بصورة أكثر عمومية. والسبب أن هاتين الوكالتين أقدم من الأمم المتحدة بكثير، وتقومان على مهمات بالغة التخصص، لذلك كان الاتجاه قوياً إلى عدم إنشاء صلات وثيقة جداً بينها وبين الأمم المتحدة، كتلك التي أوجدتها الاتفاقات مع الوكالات الأحدث والأعم من حيث الاختصاص. وهكذا فالاتفاقيتان المبرمتان مع هاتين الوكالتين تتبنيان النقاط الأربع الأولى من نموذج اتفاقات الزمرة الأولى مع استعمال عبارات أكثر اختصاراً وأقل تفصيلاً، ثم إن هاتين المنظمتين تكتفيان بإرسال ميزانيتهما إلى الأمم المتحدة، فتتولى الجمعية العامة اتخاذ التوصيات المناسبة في شأنها، ولابد بموجب الاتفاقية مع هاتين الوكالتين من إنذار مدته ستة أشهر قبل تعديل أحكامها.
    وأما الزمرة الثالثة من الاتفاقات، وهي المعقودة بين الأمم المتحدة وكل من المصرف الدولي للإنشاء والتعمير[ر] وصندوق النقد الدولي[ر] ومؤسسة التمويل الدولية[ر] والهيئة الدولية للتنمية[ر]؛ فقد راعت الدرجة القصوى من التخصص التي تتصف بها هذه الوكالات، فجاءت هذه الاتفاقات تمنح أكبر قسط من الاستقلال الذاتي للوكالات، وتنص على أقل قدر ممكن من التنسيق بينها وبين الأمم المتحدة، مما جعلها محل نقد الكتّاب، فتبادل التمثيل مثلاً محدود بحضور ممثلي الأمم المتحدة في مجلس المحافظين دون غيره من هيئات المصرف. وتبادل المعلومات محدود بضرورة المحافظة على سريتها إلى أبعد الحدود، ثم إن هذه الوكالات مكلفة بمجرد دراسة ما يمكن أن تقترحه الأمم المتحدة من مواد على جدول أعمالها بدلاً من حق تبادل الاقتراحات بهذا الشأن، كما هي الحال عليه في اتفاقات الزمرة الأولى. كذلك فتوصيات الأمم المتحدة لهذه الوكالات يجب أن تكون مسبوقة بمشاورات معها، أكثر من ذلك فالأمم المتحدة ملزمة عدم توجيه توصيات حول شروط قرض معيّن بذاته وتمويله. وهيئات هذه الوكالات حرة تماماً في إعداد ميزانياتها، وهي غير ملزمة إحالتها للأمم المتحدة.
    محمد عزيز شكري
يعمل...
X