في دراما عاطفية لطيفة، يعالج فيلم «ليفينغ»، الذي عرض أخيراً، في صالات سينما فوكس بدبي، وهو من بطولة الممثل الإنجليزي، بيل ناي، قضايا الحياة والموت بطريقة يتردد صداها في حياة كل منا. الفيلم عبارة عن إعادة كتابة سيناريو مؤثرة لتحفة المخرج الياباني الشهير أكيرا كوروساوا، «إيكيرو» الصادر عام 1952، ولكن هذه المرة بخط الروائي الياباني الانجليزي كازوو ايشيغورو، الذي أعاد صياغة الفيلم القديم عن رجل يتعامل مع تشخيص نهائي بمرض سيقضي عليه في غضون سنة.
حبكة
وتشكل محادثة مرعبة في غرفة الاستشارة بالمستشفى طقس العبور لهذه الدراما الحساسة، نتعرف على الموظف الحكومي الذي يعمل في دائرة التخطيط المدني. أرمل وحيد يعيش بعيداً عن نجله، يلعب دوره السيد وليامز في الفيلم، بيل ناي. ومع اقترابه من التقاعد يتلقى تشخيصاً بسرطان المعدة فيدرك في حالة من الذعر الوجودي أن حياته خاوية تفتقر إلى معنى.
وبعد صحبة مع كاتب في اندفاعة مجنونة ومهينة، يدرك أن هناك شيئاً واحداً لا يزال بإمكانه تحقيقه: بناء ملعب للأطفال كانت تطالب به أمهات الحي، والذي حال دونه هو وزملاؤه بعجرفة عبر إجراءاتهم البيروقراطية. مصمماً على بناء الملعب قبل أن توافيه المنية، سيظهر الموظف إرادة صلبة وإلحاحاً شديدين سيثيران الذهول والحيرة لدى زملائه.
وفي الفيلم، يظهر البطل في هيئة موظف صارم كئيب ببدلته المقلمة متوجهاً إلى مجلس مقاطعة لندن بعد الحرب، لكننا نشهد أيضاً على شخصية حساسة بوجهه الشاحب الدقيق أشبه بطير في لقطات مقربة. ونتابع ولادته الجديدة بعد تشخيصه بالسرطان، كما افتتانه الأفلاطوني بالشابة، مارغريت، التي تسحره ربما لتخليها عن المكتب الممل وتجربة أشياء جديدة. وفي غضون ذلك، فإن شاباً بدأ العمل للتو يلعب دوره الممثل اليكس شارب، يستشعر ألم ويليامز.
يذكر مقال في صحيفة «غارديان» البريطانية أن فيلم المخرج كوروساوا في فترة الخمسينيات كان عملاً معاصراً عن اليابان الحديثة، لكن مخرج «ليفنيغ»، أوليفر هيرمانوس، قرر نقل الفيلم زمنياً إلى خمسينيات القرن الماضي وإعادة صياغته كقطعة تاريخية في نص لإيشيغورو.
حياة أفضل
وفي مشاهده النهائية أيضاً قرر إيشغورو تقديم تفسير ألطف وأكثر إيجابية مع علاقة حب تعويضية بين جيل الشباب. وفيما تمر حياة الموظف المدني في الفيلم الأصلي كحلم سريع مخيب للآمال لحظة تشخيصه، تأتي نسخة إيشغورو بتعديل ملهم يتمثل في بناء ملعب للأطفال، يشكل أكثر منه مجرد هدية من موظف حكومي، ربما رمز عن سعينا جميعاً لنحيا حياتنا القصيرة على أفضل ما يكون.