تبعيه في قانون دولي
Suzerainty - Suzeraineté
التبعية في القانون الدولي
التبعية Sujetion =Suzerainty شكل من أشكال السيادة الناقصة للدول، صار في ذمة التاريخ. هي رابطة بين دولتين، تابعة Vasselstat =Etat vassal ومتبوعة Etat Suzerain=Suzerain تخضع الأولى بموجبها للثانية وتواليها. ولحالة التبعية هذه درجات متفاوتة، على أنها تفترض إجمالاً حرمان الدولة التابعة من ممارسة سيادتها في الخارج مع احتفاظها بتصريف كل شؤونها الداخلية أو بعضها. ويترتب على ذلك أن الدولة التابعة لا تشغل مركزها Status في المجتمع الدولي إلا عن طريق الدولة المتبوعة التي تتولى تمثيلها قبل الغير، وتقوم عنها بتصريف الشؤون الخارجية. وقد برهن التاريخ على أن علاقة التبعية علاقة غير طبيعية، لذا كان عليها أن تزول إما باندماج الدولة التابعة في الدولة المتبوعة، كما حصل لكورية حين اندمجت في اليابان عام 1910، قبل أن تنفصل عنها وتستقل نهائياً، بعد الحرب العالمية الثانية، وإمّا بانفصال الدولة التابعة عن الدولة المتبوعة واستقلالها بنفسها. وهذا ما حدث لرومانية والصرب والجبل الأسود وبلغارية ومصر، فقد أُتبعت الصرب ورومانية والجبل الأسود للامبراطورية العثمانية منذ معاهدة باريس عام 1856 حتى معاهدة برلين عام 1878، التي وحدت مولدافية وفلاشية فتألفت منهما رومانية التي أُعلن استقلالها، كما أُعلن استقلال صربية والجبل الأسود. كذلك عرفت بلغارية التبعية لاصطنبول منذ معاهدة برلين ذاتها حتى عام 1908 حين أعلن استقلالها. أمّا مصر فقد جاء عليها وقت كانت فيه في مركز الدولة التابعة للامبراطورية العثمانية، ويرجع ذلك إلى عام 1840 حين تدخلت إنكلترة والنمسة وروسية وبروسية إلى جانب تركية ضد محمد علي، وأدى هذا التدخل إلى إبرام اتفاق لندن في 15/7/1840، وقد حدد فيه مركز مصر دولة تابعة لتركية كالآتي:
1ـ يحكم محمد علي وذريته من بعده باسم سلطان تركية، على أن يتمتع بالاستقلال الذاتي Self Government في الشؤون الداخلية.
2ـ يعد الجيش والأسطول المصريان جزءاً من القوات المسلحة التركية.
3ـ تحمل العملة المصرية على أحد وجهيها صورة سلطان تركية وعلى وجهها الآخر صورة خديوي مصر.
4ـ تدفع مصر لتركية جزية سنوية مقدرة.
5ـ تكون مباشرة مصر لشؤونها الخارجية بوساطة الحكومة التركية، ويلتزم الخديوي المعاهدات التي تعقدها هذه الحكومة.
على أنه صدرت بعد ذلك «فرامانات سلطانية» أباحت لمصر أن تتولى بعض الشؤون المتصلة بالسيادة الخارجية، كأن تبعث قناصل لدى الدول الأجنبية، وأن تبرم مع هذه الدول معاهدات تجارية وجمركية، وأن تقترض منها أو تقرضها من دون تدخل تركية أو رقابتها، إلا أن معاهدة القسطنطينية لعام 1888 التي تنظم الملاحة في قناة السويس المصرية، وقعتها تركية بصفتها دولة متبوعة مع كلٍّ من فرنسة وبريطانية وألمانية والنمسة وإسبانية وإيطالية وروسية وهولندة. وفي هذه المعاهدة التي خلفت مصر فيها تركية بعد تحررها ما فيها افتئات على السيادة المصرية [ر.البحار (قانون ـ)]. وقد بقيت مصر في مركز التبعية للسلطة العثمانية زهاء نصف قرن إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى، فسُلخت مصر عن تركية نهائياً، وأعلنت عليها الحماية البريطانية [ر. الحماية (نظام ـ)]، وانتقلت بذلك من مركز الدولة التابعة إلى مركز الدولة المحمية protectorate. مما تقدم يتضح أن نظام التبعية كان ترتيباً قانونياً وضع من أجل بعض مستعمرات الامبراطورية العثمانية، وقد ابتدعته الدول الأوربية للقضاء تدريجياً على حياة «الرجل المريض».
محمد عزيز شكري
Suzerainty - Suzeraineté
التبعية في القانون الدولي
التبعية Sujetion =Suzerainty شكل من أشكال السيادة الناقصة للدول، صار في ذمة التاريخ. هي رابطة بين دولتين، تابعة Vasselstat =Etat vassal ومتبوعة Etat Suzerain=Suzerain تخضع الأولى بموجبها للثانية وتواليها. ولحالة التبعية هذه درجات متفاوتة، على أنها تفترض إجمالاً حرمان الدولة التابعة من ممارسة سيادتها في الخارج مع احتفاظها بتصريف كل شؤونها الداخلية أو بعضها. ويترتب على ذلك أن الدولة التابعة لا تشغل مركزها Status في المجتمع الدولي إلا عن طريق الدولة المتبوعة التي تتولى تمثيلها قبل الغير، وتقوم عنها بتصريف الشؤون الخارجية. وقد برهن التاريخ على أن علاقة التبعية علاقة غير طبيعية، لذا كان عليها أن تزول إما باندماج الدولة التابعة في الدولة المتبوعة، كما حصل لكورية حين اندمجت في اليابان عام 1910، قبل أن تنفصل عنها وتستقل نهائياً، بعد الحرب العالمية الثانية، وإمّا بانفصال الدولة التابعة عن الدولة المتبوعة واستقلالها بنفسها. وهذا ما حدث لرومانية والصرب والجبل الأسود وبلغارية ومصر، فقد أُتبعت الصرب ورومانية والجبل الأسود للامبراطورية العثمانية منذ معاهدة باريس عام 1856 حتى معاهدة برلين عام 1878، التي وحدت مولدافية وفلاشية فتألفت منهما رومانية التي أُعلن استقلالها، كما أُعلن استقلال صربية والجبل الأسود. كذلك عرفت بلغارية التبعية لاصطنبول منذ معاهدة برلين ذاتها حتى عام 1908 حين أعلن استقلالها. أمّا مصر فقد جاء عليها وقت كانت فيه في مركز الدولة التابعة للامبراطورية العثمانية، ويرجع ذلك إلى عام 1840 حين تدخلت إنكلترة والنمسة وروسية وبروسية إلى جانب تركية ضد محمد علي، وأدى هذا التدخل إلى إبرام اتفاق لندن في 15/7/1840، وقد حدد فيه مركز مصر دولة تابعة لتركية كالآتي:
1ـ يحكم محمد علي وذريته من بعده باسم سلطان تركية، على أن يتمتع بالاستقلال الذاتي Self Government في الشؤون الداخلية.
2ـ يعد الجيش والأسطول المصريان جزءاً من القوات المسلحة التركية.
3ـ تحمل العملة المصرية على أحد وجهيها صورة سلطان تركية وعلى وجهها الآخر صورة خديوي مصر.
4ـ تدفع مصر لتركية جزية سنوية مقدرة.
5ـ تكون مباشرة مصر لشؤونها الخارجية بوساطة الحكومة التركية، ويلتزم الخديوي المعاهدات التي تعقدها هذه الحكومة.
على أنه صدرت بعد ذلك «فرامانات سلطانية» أباحت لمصر أن تتولى بعض الشؤون المتصلة بالسيادة الخارجية، كأن تبعث قناصل لدى الدول الأجنبية، وأن تبرم مع هذه الدول معاهدات تجارية وجمركية، وأن تقترض منها أو تقرضها من دون تدخل تركية أو رقابتها، إلا أن معاهدة القسطنطينية لعام 1888 التي تنظم الملاحة في قناة السويس المصرية، وقعتها تركية بصفتها دولة متبوعة مع كلٍّ من فرنسة وبريطانية وألمانية والنمسة وإسبانية وإيطالية وروسية وهولندة. وفي هذه المعاهدة التي خلفت مصر فيها تركية بعد تحررها ما فيها افتئات على السيادة المصرية [ر.البحار (قانون ـ)]. وقد بقيت مصر في مركز التبعية للسلطة العثمانية زهاء نصف قرن إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى، فسُلخت مصر عن تركية نهائياً، وأعلنت عليها الحماية البريطانية [ر. الحماية (نظام ـ)]، وانتقلت بذلك من مركز الدولة التابعة إلى مركز الدولة المحمية protectorate. مما تقدم يتضح أن نظام التبعية كان ترتيباً قانونياً وضع من أجل بعض مستعمرات الامبراطورية العثمانية، وقد ابتدعته الدول الأوربية للقضاء تدريجياً على حياة «الرجل المريض».
محمد عزيز شكري