تبوك (غزوه)
Tabuk (Gazwa-) - Tabuk (Gazwa-)
تَبُوك (غزوة ـ)
تبوك اليوم إمارة بالطرف الشمالي للحجاز بالمملكة العربية السعودية، وهي كانت موقع ماء بين وادي القرى وبلاد الشام، وتبعد اثنتي عشرة مرحلة من المدينة (المرحلة: هي المسافة التي يقطعها السائر في نحو يوم، وتقدر بـ 44كم)، بين جبل حِسْمى وجبل شَرَوْرَى، وقد توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في رجب من السنة التاسعة للهجرة وهي آخر غزواته.
يذكر الواقدي في شرحه للأسباب التي دعت الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القيام بهذه الغزوة، أن جماعة من الأنباط يسميهم بالساقطة كانوا منذ الجاهلية يقدمون المدينة بالَدرْمَك (الدقيق) والزيت واستمروا على هذه الحال بعد الإسلام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة يتلقى منهم أخبار الشام، وما يجري فيها وما يُهَيّأ ضده من قبل حكامها من الروم، حتى كانت أخبار الشام كما يقول الواقدي عند المسلمين كل يوم لكثرة من يقدم عليهم من الأنباط، وصادف أن قدم جماعة منهم إلى المدينة بتجارتهم، وأخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الروم قد جمعت جموعاً كثيرة بالشام، وأن هرقل قد أعطى جنده أرزاق سنة كاملة مسبقاً ليستثير حماستهم، وأنه ضم إليه قبائل لخم وجُذام وغسَّان وعاملة، وغيرها من القبائل القاطنة في الشام، كما أبلغوه أن هذا الجيش قد زحف إلى البلقاء وعسكر بها، وكان الفصل صيفاً، حين بلغته هذه الأخبار، والحر شديداً والناس منهمكة في جني الثمار، والوقت غير مناسب للطلب إلى الناس أن يتركوا ديارهم ويسيروا إلى الحرب.
دفعت هذه الأحوال كلها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يخالف القواعد التي كان يتبعها في غزواته عادة وهي كتمان أمر تحركاته والوجهة التي يقصدها، وأعلن لصحبه الوجهة التي يريد وأنه يندبهم لحرب الروم لكي يتأهبوا أهبة غزوتهم، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبائل وإلى مكة يستنفرهم، وحضَّ المسلمين على القتال والجهاد ورغّبهم فيه وأمرهم بالصدقة، وقد لاقى نداء الرسول للمساهمة المادية في تجهيز الجيش قبولاً عند كثير من الصحابة إلا أن عثمان كان أكثرهم نفقة، فقد جهَّز ثلث ذلك الجيش، وكان يقال ما بقيت لهم حاجة حتى كفاهم شُنُق أسقيتهم (الخيط أو السير الذي تعلق به القربة).
ولم تتخلف النساء عن الإسهام في هذا الشرف، فكن يتبرعن بما يملكن من مال وحلي، حتى تجمع منه شيء كثير في بيت عائشة على ما تذكره شاهدة العيان أم سنان الأسلمية، ولقد دعت الأحوال القاسية التي جهز الرسول صلى الله عليه وسلم في ظلها جيشه إلى تسمية هذا الجيش بجيش العسرة.
مضى الرسول من المدينة بعد أن عقد الألوية والرايات. فدفع لواءه الأعظم إلى أبي بكر الصديق، ورايته العظمى إلى الزبير، ودفع راية الأوس إلى أُسيد بن الحُضير ولواء الخزرج إلى أبي دُجانة، وقيل إلى الحباب بن المنذر بن الجموح، أما دليله إلى تبوك فكان رجلاً من خُزاعة اسمه عَلْقَمة بن الفَغواء، وكانت عدة الجيش الإسلامي على ما تذكره المصادر 30 ألفاً، ومن الخيل عشرة آلاف فرس، وقد تخلف عبد الله، بن أُبَيّ عن رسول الله فيمن تخلّف من المنافقين وقال: "يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحر والبلد البعيد إلى مالا قِبَلَ له به، يَحسب محمد أن قتال بني الأصفر اللَّعِب". وقد نزل في المنافقين وموقفهم من الرسول آيات متعددة تضمنتها سورة التوبة.
حين وصل الرسول الكريم إلى تبوك، لم يجد تجمعاً للعدو، كما أن هرقل لم يكن فيها بل في حمص، فبقي في تبوك عشرين ليلة على قول أو بضع عشرة ليلة في قول آخر. وجاءه يُحنَّة (يوحنا) بن رُؤْبَة صاحب أَيلَةَ، كما أتاه أهل جَرْباء وأذرُح، وأعلنوا ولاءهم وطاعتهم ودفعوا الجزية لأنهم خافوا أن يبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بعث خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِر بن عبد الملك بدومة الجندل، وقد أسر خالد الأكيدر وقدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في رمضان سنة 9هـ حامداً الله على ما رزق المسلمين في سفرهم هذا من أجر وفيء.
نجدة خماش
Tabuk (Gazwa-) - Tabuk (Gazwa-)
تَبُوك (غزوة ـ)
تبوك اليوم إمارة بالطرف الشمالي للحجاز بالمملكة العربية السعودية، وهي كانت موقع ماء بين وادي القرى وبلاد الشام، وتبعد اثنتي عشرة مرحلة من المدينة (المرحلة: هي المسافة التي يقطعها السائر في نحو يوم، وتقدر بـ 44كم)، بين جبل حِسْمى وجبل شَرَوْرَى، وقد توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في رجب من السنة التاسعة للهجرة وهي آخر غزواته.
دفعت هذه الأحوال كلها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يخالف القواعد التي كان يتبعها في غزواته عادة وهي كتمان أمر تحركاته والوجهة التي يقصدها، وأعلن لصحبه الوجهة التي يريد وأنه يندبهم لحرب الروم لكي يتأهبوا أهبة غزوتهم، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبائل وإلى مكة يستنفرهم، وحضَّ المسلمين على القتال والجهاد ورغّبهم فيه وأمرهم بالصدقة، وقد لاقى نداء الرسول للمساهمة المادية في تجهيز الجيش قبولاً عند كثير من الصحابة إلا أن عثمان كان أكثرهم نفقة، فقد جهَّز ثلث ذلك الجيش، وكان يقال ما بقيت لهم حاجة حتى كفاهم شُنُق أسقيتهم (الخيط أو السير الذي تعلق به القربة).
ولم تتخلف النساء عن الإسهام في هذا الشرف، فكن يتبرعن بما يملكن من مال وحلي، حتى تجمع منه شيء كثير في بيت عائشة على ما تذكره شاهدة العيان أم سنان الأسلمية، ولقد دعت الأحوال القاسية التي جهز الرسول صلى الله عليه وسلم في ظلها جيشه إلى تسمية هذا الجيش بجيش العسرة.
مضى الرسول من المدينة بعد أن عقد الألوية والرايات. فدفع لواءه الأعظم إلى أبي بكر الصديق، ورايته العظمى إلى الزبير، ودفع راية الأوس إلى أُسيد بن الحُضير ولواء الخزرج إلى أبي دُجانة، وقيل إلى الحباب بن المنذر بن الجموح، أما دليله إلى تبوك فكان رجلاً من خُزاعة اسمه عَلْقَمة بن الفَغواء، وكانت عدة الجيش الإسلامي على ما تذكره المصادر 30 ألفاً، ومن الخيل عشرة آلاف فرس، وقد تخلف عبد الله، بن أُبَيّ عن رسول الله فيمن تخلّف من المنافقين وقال: "يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحر والبلد البعيد إلى مالا قِبَلَ له به، يَحسب محمد أن قتال بني الأصفر اللَّعِب". وقد نزل في المنافقين وموقفهم من الرسول آيات متعددة تضمنتها سورة التوبة.
حين وصل الرسول الكريم إلى تبوك، لم يجد تجمعاً للعدو، كما أن هرقل لم يكن فيها بل في حمص، فبقي في تبوك عشرين ليلة على قول أو بضع عشرة ليلة في قول آخر. وجاءه يُحنَّة (يوحنا) بن رُؤْبَة صاحب أَيلَةَ، كما أتاه أهل جَرْباء وأذرُح، وأعلنوا ولاءهم وطاعتهم ودفعوا الجزية لأنهم خافوا أن يبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بعث خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِر بن عبد الملك بدومة الجندل، وقد أسر خالد الأكيدر وقدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في رمضان سنة 9هـ حامداً الله على ما رزق المسلمين في سفرهم هذا من أجر وفيء.
نجدة خماش