تايوان
Taiwan - Taïwan
تايوان
تايوان Taiwan جزيرة جبلية تقع في المحيط الهادئ، بالقرب من الساحل الشرقي للبر الصيني، يفصلها عنه مضيق تايوان، عاصمتها تايبه[ر]. وكلمة تايوان تعني خليج الأراضي المشرفة أو الخليج المدرّج، وتسمى أحياناً جمهورية الصين الوطنية لتمييزها من جمهورية الصين الشعبية، وتسمى أحياناً فرموزا، وهو الاسم الذي أطلقه البرتغاليون على الجزيرة ويعني البلاد الجميلة.
الجغرافية الطبيعية
تمتد تايوان من الشمال إلى الجنوب بطول 394 كم تقريباً، وعرض 165 كم تقريباً من الغرب إلى الشرق، وتحيط بها مجموعة من الجزر الصغيرة المتجاورة. المساحة العامة تبلغ نحو 36 ألف كم2.
ساحل الجزيرة قليل التعاريج، أما سطح الأرض فهو في القسم الشرقي مقطَّع ومنحدر بشكل كبير نحو الشرق، وتنتشر الأنهار الجبلية القصيرة سريعة الجريان. أما في القسم الغربي فتنحدر انحداراً خفيفاً ومتدرجاً كلما اتجهنا نحو الغرب.
على طول الجزيرة تمتد سلسلة من الجبال، وتشغل الكتلة الجبلية المركزية شانغ يانغ ـ شانمو، نحو نصف مساحة المنطقة، وتشمل أربع سلاسل جبلية مرتفعة ممتدة من الشمال إلى الجنوب، وارتفاع معظم هذه الجبال يزيد على3500م، ويرتفع جبل يوشان (موريسون) حتى 3997م. وتوجد سلاسل جبلية أخرى، منها السلسلة الممتدة على طول الساحل الشرقي بين مدينتي سواو وهوالين، وتعد هذه السلسلة منبع معظم الأنهار الكبيرة في الجزيرة. وسلسلة جبال تايتونغ على الساحل الغربي، وجبال تاتون البركانية في الشمال. وتشكل أقدام الجبال نطاقاً ضيقاً يرتفع من 100 إلى 500م، يتحول تدريجياً إلى أراضٍ منخفضة تحيط بمعظم السلاسل الجبلية الرئيسة. والسهل الساحلي وأحواض الأنهار تشكّل أراضٍ مستوية.
حركة المد والجزر ضعيفة أمام الساحل الغربي، بسبب الحت والتعرية الشديدة من الجبال، وتكرار الفيضانات في المناطق المنخفضة. والأنهار جبلية غزيرة، وتؤلف مصدراً غنياً لتوليد الطاقة الكهرمائية، وتستخدم بكثرة في الري.
يتأثر مناخ تايوان بالوضع الطبوغرافي، وبامتداد مدار السرطان، وسيادة تيارات هوائية قوية، تحملها الرياح الموسمية إلى الجزيرة، والمناخ شبه مداري في الشمال، ومداري موسمي في الجنوب، درجة الحرارة في كانون الثاني من 15-20 درجة مئوية، وفي تموز من 25-30 درجة مئوية. الهطل على الهضاب من 1500-2500مم/سنة، وبينما يكون الطقس جافاً نسبياً في بعض مناطق الشمال، والهطل نحو 500 مم/سنة، فإنه يهطل على الساحل الغربي، وفي بعض المناطق الجبلية أكثر من 5000مم/سنة، والهطل الأعظمي يحدث في فصل الصيف.
تايوان بلاد غنية بالتنوع النباتي، وتمتاز بوجود أنواع نباتية كثيرة، بدءاً من الأصناف الاستوائية إلى الألبية، حيث يوجد أكثر من 3000 نوع نباتي، منها أكثر من 1500 نوع محلي. وتغطي الغابة نحو 55% من مساحة الجزيرة، وتتركز في الوسط وفي السلاسل الجبلية الشرقية، وهي مكونة من أشجار الخيزران والأكاسيا والسنديان والبلح والموز، وهذه الأنواع تحتل السفوح والأجزاء المنخفضة الرطبة على ارتفاع من 200-1000م. وفي المناطق الأكثر ارتفاعاً تسود أشجار الغابات ذات الأوراق العريضة والمتساقطة والغابات المختلطة، ومن أنواعها أشجار غار الكافور والسرو والشوح والصنوبر والسرخس وغيرها. ويوجد نحو 200 نوع من الأشجار التجارية الثمينة، تشمل أشجار السرو والشوكران، وهو نبات مخدّر، والبلوط والصنوبر والخيزران والسرخس وغيرها.
الحياة الحيوانية أيضاً متنوعة وتتغير مع الارتفاع وتشمل الغزال والماعز والخنازير البرية التي تكثر في المناطق الجبلية، وتعيش أنواع من القرود في الغابات الرطبة في الجنوب.
الأوضاع السكانية
كان عدد السكان 17.8مليون نسمة عام 1980، وصار نحو 22مليون نسمة عام 1999. يعيش معظم سكان تايوان في السهل الساحلي الغربي، والكثافة السكانية فيها مرتفعة، وهي من أعلى الكثافات السكانية في العالم (نحو 607نسمة/كم2) خاصة بسبب طبيعة الأرض الجبلية التي تجبر السكان على التمركز في مناطق من دون أخرى.
معظم السكان من أصل صيني، وقد تزايدت الهجرات من الصين إلى تايوان في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، خاصة بعد قيام جمهورية الصين الشعبية واستلام الشيوعيين للحكم في الصين عام 1949، حيث لجأ إلى تايوان نحو مليوني نسمة. وينحدر نحو 2٪ من السكان من أصول غير صينية كالماليزيين والإندونيسيين، ويعيش معظم السكان الأصليين في المرتفعات الجبلية. يشتغل نحو 20٪ من السكان بالزراعة التي حُدِّثتْ و طُوِّرتْ.
اللغة الرسمية في تايوان، هي لغة الصين الشمالية (ماندرين)، كما توجد لهجات محلية عدة. الديانة الغالبة في تايوان ديانة محلية، وهي خليط من البوذية والكونفوشية والتاوية، ويدين بالبوذية نحو 42٪ من السكان، وتوجد أقلية مسيحية تقدر بنحو 8٪، وعدد قليل من المسلمين (نحو 60 ألف نسمة فقط). نسبة الأمية منخفضة (نحو 10٪)، إذ تمتد الدراسة الإلزامية إلى تسع سنوات.
أهم المدن مدينة تايبه العاصمة وتقع على ضفة نهر تانشوي في القسم الشمالي من الجزيرة، وعدد سكانها يبلغ نحو 3ملايين نسمة، وهي مركز صناعي وتجاري وثقافي مهم. ومدينة كاوهسيونغ تقع في جنوب غربي الجزيرة وتلي تايبه في الأهمية، عدد سكانها نحو 1.5مليون نسمة، وهي عبارة عن قاعدة بحرية ومرفأ مهم ومركز صناعي وتجاري. ومدينة تشيلونغ وهي مرفأ مهم يقع في شمالي البلاد، بالقرب من العاصمة تايبه، وعدد سكانها نحو مليون نسمة. ومن المدن المهمة الأخرى تايشونغ، تاينان وغيرها.
نظام الحكم والإدارة
نظام الحكم جمهوري، والدستور المعمول به هو دستور عام 1946، والرئيس ينتخب من قبل المجلس التشريعي لمدة ست سنوات (والذي هو نظرياً برلمان الصين بكاملها)، وهو مؤلف مـن 325 عضواً منهم 100 تنتخبهم أحزابهم و225 بالانتخاب العـام. ويوجد فـي تايوان مجلسا القضاء والتفتيش، ويعد مجلس القضاء أعلى سلطة قضائية في تايوان، بينما يقوم مجلس التفتيش بتعيين موظفي الدولة وترقيتهم.
بقي الحزب الوطني الصيني (كيو منتنغ) حتى سنة 1989 هو الحزب الشرعي الوحيد في البلاد، إلى أن تمَّ الاعتراف بأحزاب المعارضة وتنظيمها، وأهمها الحزب الديمقراطي التقدمي، ومن الأحزاب أيضاً حزب الصين الفتاة والحزب الديمقراطي الاجتماعي. تقسم تايوان إلى 16 دائرة، ويوجد نظام خاص في كل من مدينة تايبه، ومدينة كاوهسيونغ، وجزر فوكيان. في عام 1951، صار «تشانغ كاي ـ تشيك» أول رئيس لجمهورية الصين الوطنية (تايوان)، وتوفي عام 1975، وخلفه ابنه «تشانغ تشينغ ـ كيو» الذي توفي عام 1988، وتلاه في الرئاسة «شين شوي ـ بيان» منذ 20/5/2000.
الأوضاع الاقتصادية
يتميز الاقتصاد التايواني بالتطور الصناعي الزراعي، وتؤلف الأراضي المروية نحو 25٪ من مساحة البلاد. الأرز هو المحصول الرئيسي (يزرع محصولين في العام)، وبالدرجة الثانية تأتي مجموعة من المحاصيل منها قصب السكر والموز والأناناس والشاي والخضر وأشجار الفاكهة الاستوائية والبطاطا الحلوة والقمح والفول السوداني والذرة والفطر، وفي تايوان تُربّى أيضاً الماشية والدواجن والخنازير وصيد السمك.
أما الثروات المعدنية، فيأتي في مقدمتها احتياطي الفحم الحجري، ويستخرج كذلك الغاز الطبيعي، وفيها خامات النفط والمرمر والفضة والنحاس والكبريت. وأهم الصناعات، صناعة النسيج والملبوسات والصناعات الإلكترونية وهي في الغالب تجميعية، وصناعة السفن والمواد الكيمياوية والبتروكيمياوية مثل صناعة الأسمدة وصناعة تكرير النفط وصناعة المواد الغذائية والورق والمنتجات الكهربائية والعربات وكذلك صناعة الفولاذ والألمنيوم وصناعة تحضير الأخشاب، كما تعد تايوان من كبرى الدول العالمية المنتجة والمصدرة للكافور.
أهم المراكز الصناعية تايبه وميناء تشيلونغ وكاوهسيونغ وتايشونغ. وقد حققت تايوان تقدماً اقتصادياً سريعاً يضاهي التقدم الذي حققته الدول الصناعية المتقدمة، ولكن التصنيع في تايوان، إضافة إلى كثافة حركة المرور، أدّيا إلى حدوث تلوث كبير للبيئة. في تايوان شبكة طرق جيدة، ويبلغ طول شبكة الطرق الرئيسة نحو 16700كم، وطول شبكة الخطوط الحديدية نحو 3700كم. وتؤدي هذه الشبكة إلى جانب الخطوط الجوية والبحرية دوراً مهماً في تحسين صناعة السياحة المزدهرة في تايوان، إذ أمّها نحو مليوني سائح بين عامي 1991 و1995. العملة المعتمدة في تايوان هي الدولار التايواني الجديد أو اليوان.
لمحة تاريخية
قديماً سكن تايوان قبائل الكاوشان، وأول بعثة عسكرية للصينيين إلى تايوان كانت عام 230م، وفي القرن الثالث عشر أدخلت تايوان رسمياً في خارطة الامبراطورية الصينية، وفي عام 1360 أُسّس فيها أول جهاز حكومي للإدارة والمراقبة، مما دفع السكان الأصليين للانتقال والعيش في المناطق الجبلية. وبدأت هجرات المستوطنين الصينيين إلى تايوان في القرن السابع الميلادي، ولكن استيطان هذه الجزيرة بصورة كبيرة لم يتم إلا في المدة التي تلت القرن السادس عشر، وفي هذه المدة بدأ وصول طلائع المستعمرين الأوربيين إلى تايوان، ففي عام 1590، وصل البرتغاليون إلى الجزيرة وأطلقوا عليها اسم فرموزا (أي البلاد الجميلة)، وفي عام 1624 احتل الهولنديون تايوان، وفي عام 1662 خرجوا منها بعد أن طردتهم القوات الصينية بقيادة الضابط الصيني تشنغ تشنغ ـ كونغ، وصارت الجزيرة قاعدة معادية للمنشوريين في البر الصيني لمدة 22 سنة، لكن المنشوريين ما لبثوا أن عادوا واحتلوا الجزيرة عام 1683، واستمر حكمهم لها قرابة قرنين من الزمن أي حتى عام 1886، وبنتيجة الحرب الأنغلو فرانكو ـ صينية (1856-1860) اضطر الصينيون لفتح موانئ تايوان أمام القوات الأجنبية. وفي عام 1884 في أثناء الحرب الفرانكو ـ صينية حاولت فرنسة احتلال الجزيرة. وبنتيجة الحرب اليابانية الصينية (1894-1895) أصبحت جزيرتا تايوان وبنجو تابعتين لليابان بموجب اتفاقية سيمونوسيكي التي تمت عام 1895. ولكن سكان تايوان أبدوا مقاومة بطولية ضد اليابانيين المحتلين، وأعلنوا الاستقلال، وأسّسوا عام 1895 جمهورية تايوان التي استمرت أشهراً عدة، وأعادوا محاولة مُخفقة أخرى عام 1903. وقد طبَّق اليابانيون على الجزيرة نظاماً استعمارياً قاسياً، وجعلوا اللغة اليابانية هي اللغة الرسمية، وأطلقوا على القرى أسماء يابانية، وطوروا الصناعة والزراعة والنقل في الجزيرة لمصلحتهم مستفيدين من الثروات الطبيعية المتوافرة فيها بكثرة.
بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية عادت تايوان إلى الصين في 25 تشرين الأول 1945، ونزلت فيها وحدات من قوات الزعيم الصيني تشانغ كاي ـ تشيك، وكان ذلك بعد عقد مؤتمر بوتسدام ووثيقة استسلام اليابان سنة 1945، الذي سبقه مؤتمر القاهرة سنة 1943، وقد حضره الزعيم تشانغ كاي ـ تشيك إلى جانب تشرشل وروزفلت.
بعد قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، صارت تايوان ملجأً لأنصار تشانغ كاي ـ تشيك والوحدات العسكرية التي بقيت معه بعد انتصار جيش التحرير الشعبي الصيني عليه. وقد نقل تشانغ كاي ـ تشيك حكومته إلى تايوان عام 1949. في أول أيار عام 1950 أعلن الرئيس الأمريكي ترومان الالتزام بعدم تقديم أي مساعدة أمريكية لتايوان، ولكن بعد قيام الحرب الكورية عام 1950، غيّرت الولايات المتحدة الأمريكية موقفها وأخذت تمد تايوان بالمساعدات، وأعلنت أنها سوف تحمي تايوان ضد أي هجمات صينية محتملة، وأخذت تضغط على المستوى الدولي لاعتبار تايوان الممثل الوحيد لكامل الصين. وقد قام أتباع تشانغ كاي ـ تشيك بتجميع قواتهم وتشكيل قوة عسكرية في تايوان بلغت عام 1975 نحو 530 ألف شخص، بما في ذلك القوات البرية 375 ألف، والجوية 80 ألف والبحرية 75 ألف، وبمعدات عسكرية أمريكية.
وفي الثاني من كانون الأول 1954، عقدت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مع تايوان اتفاقية للتعاون الأمني، تعهدت بموجبها الدفاع عن تايوان وجزيرة بنجو، واستمرت هذه السياسة حتى 25 تشرين الأول 1971 حيث أُجبرت تايوان للتخلي عن مقعدها في هيئة الأمم المتحدة لصالح جمهورية الصين الشعبية. وقد زار الرئيس الأمريكي نيكسون جمهورية الصين الشعبية في شباط 1972، وأعلن موقف أمريكة من المسألة التايوانية باعتبار الصين وتايوان بلداً واحداً، والاتفاق مع الصينيين على سحب القوات الأمريكية من تايوان. وفي 1979 غادر آخر الجنود الأمريكيين تايوان، بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بأن جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية لكامل الصين، ولكنها أبقت على علاقات اقتصادية وثقافية غير رسمية مع تايوان. وحكومة الصين الشعبية مستمرة باعتبار تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وقد اشترطت لقيام علاقات دبلوماسية معها الاعتراف بأن تايوان جزء منها. وقد تحسنت العلاقات وتلطّفت الأجواء بين الصين وتايوان في السنوات العشر الأخيرة، وبعد أن استردت الصين مستعمرة هونغ كونغ عام 1997، صارت أشدّ مطالبةً بعودة تايوان إليها، وربما تخضع تايوان إلى ترتيبات مشابهة لكي تتحقق عودتها إلى الوطن الأم الصين.
محمد سليمان
Taiwan - Taïwan
تايوان
تايوان Taiwan جزيرة جبلية تقع في المحيط الهادئ، بالقرب من الساحل الشرقي للبر الصيني، يفصلها عنه مضيق تايوان، عاصمتها تايبه[ر]. وكلمة تايوان تعني خليج الأراضي المشرفة أو الخليج المدرّج، وتسمى أحياناً جمهورية الصين الوطنية لتمييزها من جمهورية الصين الشعبية، وتسمى أحياناً فرموزا، وهو الاسم الذي أطلقه البرتغاليون على الجزيرة ويعني البلاد الجميلة.
تمتد تايوان من الشمال إلى الجنوب بطول 394 كم تقريباً، وعرض 165 كم تقريباً من الغرب إلى الشرق، وتحيط بها مجموعة من الجزر الصغيرة المتجاورة. المساحة العامة تبلغ نحو 36 ألف كم2.
ساحل الجزيرة قليل التعاريج، أما سطح الأرض فهو في القسم الشرقي مقطَّع ومنحدر بشكل كبير نحو الشرق، وتنتشر الأنهار الجبلية القصيرة سريعة الجريان. أما في القسم الغربي فتنحدر انحداراً خفيفاً ومتدرجاً كلما اتجهنا نحو الغرب.
على طول الجزيرة تمتد سلسلة من الجبال، وتشغل الكتلة الجبلية المركزية شانغ يانغ ـ شانمو، نحو نصف مساحة المنطقة، وتشمل أربع سلاسل جبلية مرتفعة ممتدة من الشمال إلى الجنوب، وارتفاع معظم هذه الجبال يزيد على3500م، ويرتفع جبل يوشان (موريسون) حتى 3997م. وتوجد سلاسل جبلية أخرى، منها السلسلة الممتدة على طول الساحل الشرقي بين مدينتي سواو وهوالين، وتعد هذه السلسلة منبع معظم الأنهار الكبيرة في الجزيرة. وسلسلة جبال تايتونغ على الساحل الغربي، وجبال تاتون البركانية في الشمال. وتشكل أقدام الجبال نطاقاً ضيقاً يرتفع من 100 إلى 500م، يتحول تدريجياً إلى أراضٍ منخفضة تحيط بمعظم السلاسل الجبلية الرئيسة. والسهل الساحلي وأحواض الأنهار تشكّل أراضٍ مستوية.
حركة المد والجزر ضعيفة أمام الساحل الغربي، بسبب الحت والتعرية الشديدة من الجبال، وتكرار الفيضانات في المناطق المنخفضة. والأنهار جبلية غزيرة، وتؤلف مصدراً غنياً لتوليد الطاقة الكهرمائية، وتستخدم بكثرة في الري.
يتأثر مناخ تايوان بالوضع الطبوغرافي، وبامتداد مدار السرطان، وسيادة تيارات هوائية قوية، تحملها الرياح الموسمية إلى الجزيرة، والمناخ شبه مداري في الشمال، ومداري موسمي في الجنوب، درجة الحرارة في كانون الثاني من 15-20 درجة مئوية، وفي تموز من 25-30 درجة مئوية. الهطل على الهضاب من 1500-2500مم/سنة، وبينما يكون الطقس جافاً نسبياً في بعض مناطق الشمال، والهطل نحو 500 مم/سنة، فإنه يهطل على الساحل الغربي، وفي بعض المناطق الجبلية أكثر من 5000مم/سنة، والهطل الأعظمي يحدث في فصل الصيف.
تايوان بلاد غنية بالتنوع النباتي، وتمتاز بوجود أنواع نباتية كثيرة، بدءاً من الأصناف الاستوائية إلى الألبية، حيث يوجد أكثر من 3000 نوع نباتي، منها أكثر من 1500 نوع محلي. وتغطي الغابة نحو 55% من مساحة الجزيرة، وتتركز في الوسط وفي السلاسل الجبلية الشرقية، وهي مكونة من أشجار الخيزران والأكاسيا والسنديان والبلح والموز، وهذه الأنواع تحتل السفوح والأجزاء المنخفضة الرطبة على ارتفاع من 200-1000م. وفي المناطق الأكثر ارتفاعاً تسود أشجار الغابات ذات الأوراق العريضة والمتساقطة والغابات المختلطة، ومن أنواعها أشجار غار الكافور والسرو والشوح والصنوبر والسرخس وغيرها. ويوجد نحو 200 نوع من الأشجار التجارية الثمينة، تشمل أشجار السرو والشوكران، وهو نبات مخدّر، والبلوط والصنوبر والخيزران والسرخس وغيرها.
الحياة الحيوانية أيضاً متنوعة وتتغير مع الارتفاع وتشمل الغزال والماعز والخنازير البرية التي تكثر في المناطق الجبلية، وتعيش أنواع من القرود في الغابات الرطبة في الجنوب.
الأوضاع السكانية
كان عدد السكان 17.8مليون نسمة عام 1980، وصار نحو 22مليون نسمة عام 1999. يعيش معظم سكان تايوان في السهل الساحلي الغربي، والكثافة السكانية فيها مرتفعة، وهي من أعلى الكثافات السكانية في العالم (نحو 607نسمة/كم2) خاصة بسبب طبيعة الأرض الجبلية التي تجبر السكان على التمركز في مناطق من دون أخرى.
اللغة الرسمية في تايوان، هي لغة الصين الشمالية (ماندرين)، كما توجد لهجات محلية عدة. الديانة الغالبة في تايوان ديانة محلية، وهي خليط من البوذية والكونفوشية والتاوية، ويدين بالبوذية نحو 42٪ من السكان، وتوجد أقلية مسيحية تقدر بنحو 8٪، وعدد قليل من المسلمين (نحو 60 ألف نسمة فقط). نسبة الأمية منخفضة (نحو 10٪)، إذ تمتد الدراسة الإلزامية إلى تسع سنوات.
أهم المدن مدينة تايبه العاصمة وتقع على ضفة نهر تانشوي في القسم الشمالي من الجزيرة، وعدد سكانها يبلغ نحو 3ملايين نسمة، وهي مركز صناعي وتجاري وثقافي مهم. ومدينة كاوهسيونغ تقع في جنوب غربي الجزيرة وتلي تايبه في الأهمية، عدد سكانها نحو 1.5مليون نسمة، وهي عبارة عن قاعدة بحرية ومرفأ مهم ومركز صناعي وتجاري. ومدينة تشيلونغ وهي مرفأ مهم يقع في شمالي البلاد، بالقرب من العاصمة تايبه، وعدد سكانها نحو مليون نسمة. ومن المدن المهمة الأخرى تايشونغ، تاينان وغيرها.
نظام الحكم والإدارة
نظام الحكم جمهوري، والدستور المعمول به هو دستور عام 1946، والرئيس ينتخب من قبل المجلس التشريعي لمدة ست سنوات (والذي هو نظرياً برلمان الصين بكاملها)، وهو مؤلف مـن 325 عضواً منهم 100 تنتخبهم أحزابهم و225 بالانتخاب العـام. ويوجد فـي تايوان مجلسا القضاء والتفتيش، ويعد مجلس القضاء أعلى سلطة قضائية في تايوان، بينما يقوم مجلس التفتيش بتعيين موظفي الدولة وترقيتهم.
بقي الحزب الوطني الصيني (كيو منتنغ) حتى سنة 1989 هو الحزب الشرعي الوحيد في البلاد، إلى أن تمَّ الاعتراف بأحزاب المعارضة وتنظيمها، وأهمها الحزب الديمقراطي التقدمي، ومن الأحزاب أيضاً حزب الصين الفتاة والحزب الديمقراطي الاجتماعي. تقسم تايوان إلى 16 دائرة، ويوجد نظام خاص في كل من مدينة تايبه، ومدينة كاوهسيونغ، وجزر فوكيان. في عام 1951، صار «تشانغ كاي ـ تشيك» أول رئيس لجمهورية الصين الوطنية (تايوان)، وتوفي عام 1975، وخلفه ابنه «تشانغ تشينغ ـ كيو» الذي توفي عام 1988، وتلاه في الرئاسة «شين شوي ـ بيان» منذ 20/5/2000.
الأوضاع الاقتصادية
يتميز الاقتصاد التايواني بالتطور الصناعي الزراعي، وتؤلف الأراضي المروية نحو 25٪ من مساحة البلاد. الأرز هو المحصول الرئيسي (يزرع محصولين في العام)، وبالدرجة الثانية تأتي مجموعة من المحاصيل منها قصب السكر والموز والأناناس والشاي والخضر وأشجار الفاكهة الاستوائية والبطاطا الحلوة والقمح والفول السوداني والذرة والفطر، وفي تايوان تُربّى أيضاً الماشية والدواجن والخنازير وصيد السمك.
أهم المراكز الصناعية تايبه وميناء تشيلونغ وكاوهسيونغ وتايشونغ. وقد حققت تايوان تقدماً اقتصادياً سريعاً يضاهي التقدم الذي حققته الدول الصناعية المتقدمة، ولكن التصنيع في تايوان، إضافة إلى كثافة حركة المرور، أدّيا إلى حدوث تلوث كبير للبيئة. في تايوان شبكة طرق جيدة، ويبلغ طول شبكة الطرق الرئيسة نحو 16700كم، وطول شبكة الخطوط الحديدية نحو 3700كم. وتؤدي هذه الشبكة إلى جانب الخطوط الجوية والبحرية دوراً مهماً في تحسين صناعة السياحة المزدهرة في تايوان، إذ أمّها نحو مليوني سائح بين عامي 1991 و1995. العملة المعتمدة في تايوان هي الدولار التايواني الجديد أو اليوان.
لمحة تاريخية
قديماً سكن تايوان قبائل الكاوشان، وأول بعثة عسكرية للصينيين إلى تايوان كانت عام 230م، وفي القرن الثالث عشر أدخلت تايوان رسمياً في خارطة الامبراطورية الصينية، وفي عام 1360 أُسّس فيها أول جهاز حكومي للإدارة والمراقبة، مما دفع السكان الأصليين للانتقال والعيش في المناطق الجبلية. وبدأت هجرات المستوطنين الصينيين إلى تايوان في القرن السابع الميلادي، ولكن استيطان هذه الجزيرة بصورة كبيرة لم يتم إلا في المدة التي تلت القرن السادس عشر، وفي هذه المدة بدأ وصول طلائع المستعمرين الأوربيين إلى تايوان، ففي عام 1590، وصل البرتغاليون إلى الجزيرة وأطلقوا عليها اسم فرموزا (أي البلاد الجميلة)، وفي عام 1624 احتل الهولنديون تايوان، وفي عام 1662 خرجوا منها بعد أن طردتهم القوات الصينية بقيادة الضابط الصيني تشنغ تشنغ ـ كونغ، وصارت الجزيرة قاعدة معادية للمنشوريين في البر الصيني لمدة 22 سنة، لكن المنشوريين ما لبثوا أن عادوا واحتلوا الجزيرة عام 1683، واستمر حكمهم لها قرابة قرنين من الزمن أي حتى عام 1886، وبنتيجة الحرب الأنغلو فرانكو ـ صينية (1856-1860) اضطر الصينيون لفتح موانئ تايوان أمام القوات الأجنبية. وفي عام 1884 في أثناء الحرب الفرانكو ـ صينية حاولت فرنسة احتلال الجزيرة. وبنتيجة الحرب اليابانية الصينية (1894-1895) أصبحت جزيرتا تايوان وبنجو تابعتين لليابان بموجب اتفاقية سيمونوسيكي التي تمت عام 1895. ولكن سكان تايوان أبدوا مقاومة بطولية ضد اليابانيين المحتلين، وأعلنوا الاستقلال، وأسّسوا عام 1895 جمهورية تايوان التي استمرت أشهراً عدة، وأعادوا محاولة مُخفقة أخرى عام 1903. وقد طبَّق اليابانيون على الجزيرة نظاماً استعمارياً قاسياً، وجعلوا اللغة اليابانية هي اللغة الرسمية، وأطلقوا على القرى أسماء يابانية، وطوروا الصناعة والزراعة والنقل في الجزيرة لمصلحتهم مستفيدين من الثروات الطبيعية المتوافرة فيها بكثرة.
بعد قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، صارت تايوان ملجأً لأنصار تشانغ كاي ـ تشيك والوحدات العسكرية التي بقيت معه بعد انتصار جيش التحرير الشعبي الصيني عليه. وقد نقل تشانغ كاي ـ تشيك حكومته إلى تايوان عام 1949. في أول أيار عام 1950 أعلن الرئيس الأمريكي ترومان الالتزام بعدم تقديم أي مساعدة أمريكية لتايوان، ولكن بعد قيام الحرب الكورية عام 1950، غيّرت الولايات المتحدة الأمريكية موقفها وأخذت تمد تايوان بالمساعدات، وأعلنت أنها سوف تحمي تايوان ضد أي هجمات صينية محتملة، وأخذت تضغط على المستوى الدولي لاعتبار تايوان الممثل الوحيد لكامل الصين. وقد قام أتباع تشانغ كاي ـ تشيك بتجميع قواتهم وتشكيل قوة عسكرية في تايوان بلغت عام 1975 نحو 530 ألف شخص، بما في ذلك القوات البرية 375 ألف، والجوية 80 ألف والبحرية 75 ألف، وبمعدات عسكرية أمريكية.
وفي الثاني من كانون الأول 1954، عقدت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مع تايوان اتفاقية للتعاون الأمني، تعهدت بموجبها الدفاع عن تايوان وجزيرة بنجو، واستمرت هذه السياسة حتى 25 تشرين الأول 1971 حيث أُجبرت تايوان للتخلي عن مقعدها في هيئة الأمم المتحدة لصالح جمهورية الصين الشعبية. وقد زار الرئيس الأمريكي نيكسون جمهورية الصين الشعبية في شباط 1972، وأعلن موقف أمريكة من المسألة التايوانية باعتبار الصين وتايوان بلداً واحداً، والاتفاق مع الصينيين على سحب القوات الأمريكية من تايوان. وفي 1979 غادر آخر الجنود الأمريكيين تايوان، بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بأن جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية لكامل الصين، ولكنها أبقت على علاقات اقتصادية وثقافية غير رسمية مع تايوان. وحكومة الصين الشعبية مستمرة باعتبار تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وقد اشترطت لقيام علاقات دبلوماسية معها الاعتراف بأن تايوان جزء منها. وقد تحسنت العلاقات وتلطّفت الأجواء بين الصين وتايوان في السنوات العشر الأخيرة، وبعد أن استردت الصين مستعمرة هونغ كونغ عام 1997، صارت أشدّ مطالبةً بعودة تايوان إليها، وربما تخضع تايوان إلى ترتيبات مشابهة لكي تتحقق عودتها إلى الوطن الأم الصين.
محمد سليمان