إجراءات جديدة في تونس لفائدة الأطفال المصابين بطيف التوحّد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إجراءات جديدة في تونس لفائدة الأطفال المصابين بطيف التوحّد

    إجراءات جديدة في تونس لفائدة الأطفال المصابين بطيف التوحّد


    جهود الأولياء والجمعيات لا تكفي للإحاطة بأطفالهم وإدماجهم في المجتمع.
    الاثنين 2023/03/06

    إدماج أطفال التوحد في المجتمع يحتاج إلى جهود كبيرة

    اتخذت الحكومة التونسية إجراءات جديدة لفائدة الأطفال المصابين بطيف التوحّد بهدف المزيد من تسهيل اندماجهم في المؤسسات الحاضنة لهم. وتتعهد مراكز التربية المتخصّصة التابعة للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بهذه الفئة وتعتمد في مقارباتها طرقا فنية متطورة. وشهد نسق تنفيذ برنامج إدماج الأطفال المصابين بطيف التوحّد في المسار العادي للتربية والتعليم، تطورا ملحوظا حيث وصل العدد سنة 2023 إلى أكثر من 5 آلاف تلميذ.

    تونس - تتزايد صعوبات أسر الأطفال المصابين بطيف التوحّد في تونس، حيث يواجه الأولياء والجمعيات التي تقدّم خدمات في المجال عدّة مشاكل أثناء عملية تأهيلهم وإدماجهم، ما يثير التساؤل عن مدى فاعلية خطط الدولة وإستراتيجياتها لإدماج هؤلاء في المجتمع.

    وتؤثر اضطرابات طيف التوحد على الأسر أكثر من الأطفال المصابين بها، حيث يترك المرض الذهني الذي يمسّ الجهاز العصبي ويؤثر في نمو الطفل آثاره السلبية على الروابط الأسرية ويعمل على تفكيكها بسبب صعوبة تقبل المرض وكيفية التعامل معه.

    وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي عن جملة من الإجراءات التي يتمتّع بها الأطفال من ذوي طيف التوحّد ضمن الخطة الوطنية للتدخّل لفائدة هذه الفئة، حيث يتم التعهد بهم من طرف الجمعيات المتخصّصة التي يؤمها حاليا ألف طفل من المصابين بطيف التوحد.

    وقال الزاهي في كلمة ألقاها خلال الندوة العربية التي انعقدت مؤخرا تحت شعار "المصابون بطيف التوحّد بين الرعاية والإدماج" إن "مراكز التربية المتخصّصة التابعة للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة تتعهد بهذه الفئة وتعتمد في مقارباتها طرقا فنية متطورة تتراوح بين التحليل التطبيقي للسلوك أو برنامج الترتيب والتواصل وحتى العلاج بالحيوان".


    مالك الزاهي: مراكز التربية المتخصّصة تتعهد بهذه الفئة وتعتمد في مقارباتها طرقا فنية متطورة


    وأوضح أن "نسق تنفيذ برنامج إدماج الأطفال المصابين بطيف التوحّد في المسار العادي للتربية والتعليم، شهد تطورا ملحوظا حيث تم تسجيل سنة 2003 إدماج حوالي 100 طفل في حين وصل العدد سنة 2023 إلى أكثر من 5 آلاف تلميذ".

    وفي ظلّ التطور الذي عرفه هذا المجال لفائدة الأطفال ذوي طيف التوحد، تحدث الوزير عن تأسيس المركز التربوي والاجتماعي للأطفال المصابين بطيف التوحد في سيدي حسين (قرب العاصمة تونس)، كأول مؤسسة عمومية تحدث في المجال ضمن المرحلة الأولى بهدف الإعداد للدمج المدرسي وتوفير المرافقة الاجتماعية وتحسين القدرات الذهنية لهذه الفئة من الأطفال المنتمين إلى العائلات المعوزة، على أن يتم تعميم هذه التجربة في مختلف مناطق البلاد".

    وتتراوح كلفة مراكز الإحاطة بمرضى التوحد بين 1200 و1500 دينار (382.41 و478.01 دولار) شهريا لمركز يعتمد على مختصين في تقويم النطق وطب النفس وغيرهما. وفي المراكز متوسطة الخدمات تتراوح كلفة التأهيل بين 300 و400 دينار (109 و145 دولارا) شهريا، ونفس الشيء بالنسبة إلى مراكز القاصرين ذهنيا ويبلغ تعدادها 90 مركزا، ولهذه الأخيرة آثار سلبية، تأتي على المتوحد بنتيجة عكسية بالنظر إلى خصوصية إصابته وأيضا بالنظر إلى الحالات التي ترتاد هذه المراكز.

    ومن جهته أوضح إبراهيم بن إدريس، رئيس الهيئة العامة للنهوض الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية، أن “الندوة العربية المنعقدة مؤخرا هي الأولى من نوعها على مستوى الدول المخصصة للاهتمام بالأطفال ذوي طيف التوحد من حيث الرعاية والإدماج". وقال بن إدريس إن "تونس لها تجربة صحيحة تقوم على مقاربة صحية وإدماجية لهذه الفئة وهو ما جعل التعامل معها متطورا من حيث توفير الظروف الملائمة لإدماجها بسهولة داخل المجتمع".

    وتوجد في تونس 297 جمعية عاملة في مجال الإعاقة بمختلف التصنيفات و314 مركزا للتربية المختصة يؤمها أطفال من سن السادسة إلى سن الثلاثين. وتؤكّد الجمعيات، التي تعنى بتقديم الإحاطة النفسية لمرضى التوحد، أن الأسر تكتشف إصابة أبنائها بصفة مبكرة، وتخاف الأمهات على مستقبل أبنائهنّ من ناحية قدرتهنّ على الاعتناء بهم في المستقبل.

    وقالت عزيزة عثماني، عضو جمعية فرح لإدماج أطفال التوحّد وذوي الاحتياجات الخاصّة، "إن طيف التوحّد هو اختلاف يولد به بعض الأطفال، وفيه أنواع خفيفة ومتوسّطة وعميقة، يصعب التعامل معها، ويبدأ تقريبا من عمر الـ3 سنوات".


    ◙ اضطرابات طيف التوحد تؤثر على الأسر أكثر من الأطفال المصابين بها


    وأضافت لـ"العرب"، "إمكانات الدولة لمواجهة هذه الاضطرابات ضعيفة، حيث تتراوح كلفة كل طفل مصاب بالتوحّد شهريا بين 1200 و1500 دينار، ولا توجد أرقام رسمية بشأن الأطفال المصابين بطيف التوحّد”. وأوضحت عثماني أنه “يوجد بالجمعية أكثر من 1000 طفل مصاب بالتوحّد فضلا عن 300 مرافق، موزعين بين محافظات تونس وبن عروس وقابس ومنوبة وبنزرت”.

    ويواجه أطفال التوحد في تونس صعوبات في الإدماج في المدارس ورياض الأطفال وفي توفير الإحاطة الطبية لهم. وأمام تراجع دور الدولة في الاهتمام بمرضى طيف التوحد، تتصاعد الدعوات المطالبة بضبط إستراتيجية واضحة للتعهد بهؤلاء الأطفال من قبل جميع مؤسسات وهياكل الدولة المعنية بمجال الطفولة، على غرار وزارات الشؤون الاجتماعية والتربية والمرأة والطفولة والأسرة والصحة والشباب والرياضة والثقافة.

    ودعت عثماني إلى ضرورة "وضع إستراتيجية شاملة، تبدأ بتأسيس صندوق وطني للأطفال المصابين بمرض التوحّد، فضلا عن آليات الكشف المبكّر عن تلك الاضطرابات"، لافتة إلى أن "جهود المجتمع المدني لا تكفي لمواجهته (مرض التوحد)".

    وكثيرا ما تفرض على العائلات شروط مادية مجحفة من قبل مراكز الإحاطة بمرضى التوحد، ويتكبّد الأولياء تكاليف باهظة تفوق إمكانياتهم الحقيقية لتغطية مصاريف الخدمات الصحية والتربوية التي يحتاجها أبناؤهم، فيما يضطر عدد كبير منهم إلى وضع أبنائهم في مراكز مختصة غير مراقبة تقدم خدمات رديئة، وتساهم في المزيد من تدهور حالتهم الصحية والنفسية.


    رانية بالي: أول علامة لمعرفة أن الطفل مصاب بالتوحد هي تأخر النطق لديه أو اضطرابات في السلوك


    وتعاني أمهات لمرضى التوحد من الإجهاد البدني والضغط النفسي ما أدى إلى تفكك الأسرة في حالات كثيرة. ويعرّف المتخصصون في الطبّ النفسي للأطفال طيف التوحد بكونه اضطرابا يخصّ التواصل والتخاطب الاجتماعي للطفل مع عائلته، وهو اضطراب في المؤهلات والقدرة على التواصل اللغوي والاجتماعي مع المحيطين به، يبدأ مبكرا قبل ثلاث سنوات ويتم فيه تأخّر في النطق والكلام مع سلوكيات نمطية.

    وأفادت رانية بالي، المتخصّصة في تقويم النطق، ضمن تصريح لـ"العرب"، بأن "أول علامة لمعرفة أن الطفل مصاب بالتوحد هي تأخر النطق لديه أو اضطرابات في السلوك، مثل الإفراط في الحركة والبكاء كثيرا واضطراب المزاج".

    وغالبا ما توصد المدارس ورياض الأطفال الأبواب في وجوه الأطفال المصابين بمرض التوحد بدعوى أنهم يحملون بطاقات إعاقة ويحتاجون إلى مراكز مختصة.

    وقالت رانية بالي” التشخيص المبكر للحالات يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نتائج فعالة، وعلى الدولة أن تساعد الأولياء في التوعية بمخاطر هذا المرض، فضلا عن تأسيس مدارس خاصة وتعيين مرافقين جيّدين لمعالجة هذا المرض".

    ودعا صندوق التأمين على المرض في وقت سابق إلى التكفل بتغطية مصاريف حصص التقويم الوظيفي وتقويم النطق والتربية النفسية الحركية، مقترحا على الدولة إيجاد آليات لتوفير مرافقين لهؤلاء الأطفال من قبيل صياغة عقود للعمل الاجتماعي مفتوحة ومتوفرة لأصحاب الشهائد العاطلين عن العمل أو التمديد في عقود العمل المدني للمرافقين المبرمة مع الجمعيات المعنية بالأطفال المصابين بمرض التوحد.


    خالد هدوي
    صحافي تونسي
يعمل...
X