طبعاً كان في إمكان السينمائي الأميركي أوليفر ستون، ومن حقه أن يصور على هواه شخصية الإسكندر المقدوني في نزواته وجبروته وحيرته وإقدامه، في ذلك الفيلم الكبير الذي حققه عنه قبل سنوات وأثار سجالات طويلة بين المؤرخين، لكن ستون كان في الوقت نفسه محقاً في جوانب أخرى من الصورة التي رسمها للقائد التاريخي، جوانب تبدو مبررة تماماً لما هو معروف عن وريث فيليب المقدوني من تتلمذه على الفيلسوف أرسطو. ففي نهاية الأمر كان الإسكندر خليطاً من ذلك كله، وهو على أي حال ما أبدع في التعبير عنه الرسام النهضوي الإيطالي فيرونيزي في تلك اللوحة الضخمة المعنونة "أسرة داريوس في حضرة الإسكندر" المرسومة بين 1569 و1571، والمعلقة الآن في ناشنال غاليري اللندني بحجمها اللافت (بارتفاع 236 سم وعرض 475 سم) وألوانها الرائعة التي تظهر هذا الجانب الشكلي الرائع من إبداع فيرونيزي أسوة بلوحات ضخمة أخرى له مثل "عرس قانا" (متحف اللوفر) وغيرها. والحقيقة أن لوحة فيرونيزي عن الإسكندر تكاد وحدها تعكس نفسية الفاتح المقدوني وحس المرح والتواضع عنده كما تعكس بالضرورة سرعة بديهته موضحة الأسباب التي جعلته محبوباً من مساعديه وجنوده.
وزال الارتباك بكلمة
وذلك أن ثمة وراء اللوحة حكاية ترويها هذه الأخيرة بكل وضوح، وتتلخص الحكاية في أن الإسكندر بعد أن تغلب على الفرس غازياً بلادهم تمنى على مساعديه أن يجمعوه بأفراد من أسرة الملك المهزوم داريوس لكي يتعرف عليهم ويطمئنهم إلى مصيرهم شارحاً أنه لم يأت غازياً بل محرراً وساعياً وراء تحقيق حلم كوني لا ينحصر في هيمنة شعب على أي شعب آخر، وبالفعل تم لقاء الإسكندر مع الأسرة في دارة سيسيغامبيس والدة داريوس، وكانت هذه برفقة عدد من أفراد العائلة التي كانت متوجسة أول الأمر وهي تشعر بأن ليس في إمكانها التملص من الاجتماع بذلك القائد الذي هزم رب العائلة وسيد البلاد، لكن الحكايات راحت تتواتر عن تعامله مع الفرس بكل رفق وكرامة كما سيروي بلوتارخ لاحقاً على أي حال. خلال اللقاء ظلت سيدات الأسرة جالسات بطلب من الزائر الكبير الذي اصطحب معه عدداً من جنرالاته، وخلال اللحظات الأولى من اللقاء ارتبكت أم الملك الفارسي إذ لم يقدم لها الزائرون أحداً. وراحت تخاطب الجنرال هيفايزيون، مرافق الإسكندر بتبجيل معتقدة أنه هو الإمبراطور، وحين أدرك هذا الأخير خطأها قال لها مبتسماً ببساطة وأريحية إذ نبهت السيدة لذلك: "لا بأس يا سيدتي، فهو أيضاً إسكندر آخر!"، وابتسمت السيدة وزال ارتباكها فيما أخذ الإمبراطور يتبسط معها في الكلام، والحقيقة أن اختيار فيرونيزي تلك اللحظة بالذات موضوعاً للوحته أتى يلخص كما أشرنا إلى نظرته إلى تلك الشخصية التاريخية الكبيرة وذلك المفكر المذهل.
لوحة ولدت من رحم سهرة
وفي ما عدا هذه الدلالة الرمزية التي حملتها هذه اللوحة التي تعتبر الأكثر دنيوية من بين لوحات فيرونيزي، تنتمي اللوحة إلى ذلك الفن الاستعراضي الكبير الذي عرف فيه هذا الفنان كيف يجمع بين توجهاته الشغوفة بالهندسة المعمارية، وتألقه في التعبير عن ملامح شخصيات تاريخية رسخ لها في لوحاته وجوهاً باتت مألوفة لجمهور فنه، ولكن لئن كانت لوحات فيرونيزي الاستعراضية الكبرى الأخرى، من "عرس قانا" إلى "المأدبة عند ليفي" و"الحفلة عند سيميون" كلها لوحات دينية حققها فيرونيزي لحساب أديرة وأبرشيات دينية منها خاصة دير البندكتيين "دير سان جورجيو ماجيوي" في فينيسيا، الذي كان يمتلك "عرس قانا" المعتبرة من أعظم لوحات فيرونيزي بل ربما من أعظم اللوحات النهضوية على الإطلاق، وهي اللوحة التي سينهبها نابليون بونابرت حين غزا إيطاليا عام 1797، وتصبح في عهدة فرنسا منذ ذلك الحين، فإن لوحة الإسكندر عمل لم يوص فيرونيزي به أحد بل هو رسمها من تلقائه ليهديها كمفاجأة إلى آل بيزاني الذين كانوا استقبلوه لفترة مكرماً في قصرهم في فينيسا. ويروي المؤرخ الفني ريدولفي الذي روى حكاية هذه اللوحة أن فيرونيزي إنما انطلق في رسمها إثر حديث دار بينه وبين آل بيزاني ذات سهرة تناول الإسكندر وأخلاقه وعظمته فكانت النتيجة تلك اللوحة.
أخلاق فاتح كبير
والحال أنه كان في إمكان الرسام أن يختار مشهداً آخر يعبر عن عظمة الإسكندر، لكنه فضل هذه الحكاية البسيطة، وبخاصة لأنه كان يعرف كثيراً عن مستتبعاتها من خلال النص الذي أورده بلوتارخ في كتابه "السير". وهو نص يحكي فيه المؤرخ اللاتيني الكبير كيف أن الإسكندر بعد أن وصل إلى فارس محتلاً لها، شرع من فوره يوزع النقود والعطايا على نساء البلد جرياً على عادة كبار الزوار الذين يحدث لهم أن يزوروا فارس (ويعلق بلوتارخ هنا قائلاً بشيء من التفكه، أن ملوكاً أجانب كثراً كانوا يستنكفون عن القيام بمثل تلك الزيارة... لبخلهم!) لكن الإسكندر اعتبر نفسه زائراً واتبع العادة باحترام شديد، ويروي بلوتارخ أن الإسكندر أراد أيضاً أن يزور قبر قورش فرآه مفنوحاً منهوباً وتحرى فعرف أن الفاعل مقدوني مثله يدعى بوليماخوس وله مكانته وشهرته، فلم يعبأ بأي من تلك "الأسباب التخفيفية" بل أمر بقتله عقاباً له، ثم أمر بأن يرمم ليقبر وتعاد إليه المنهوبات ثم يحفر على واجهته باليونانية: "أيها الإنسان كائناً من كنت، ومهما كان موطنك، لأني لا أعرف من أين جئت، أقول لك أنا قورش مؤسس إمبراطورية الفرس، لا تحسدني على هذه القطعة الصغيرة من الأرض التي تستر جسدي".
العرس الأفخم في زمنه
غير أن الإسكندر، ودائماً بحسب رواية بلوتارخ، التي كان فيرونيزي يعرفها جيداً، لم يكتف بهذا بل إنه سرعان ما اقترن بستاتيرا إحدى بنات داريوس في عرس فخم أقامه في سوسه في وقت دفع فيه بعض أقدر جنرالاته إلى الاقتران بمن تقبل بهم من النساء الفارسيات واحتفى بذلك كله في وليمة ضخمة كرم خلالها عدداً من ضباط ونبلاء مقدونيين آخرين كانوا قد سبقوه وسبقوا ضباطه إلى قفص الزوجية، ويقدر بلوتارخوس عدد حضور الوليمة بأكثر من تسعة آلاف شخص. وربما تكون ضخامة ذاك العدد وتلك الوليمة ما حال بين فيرونيزي واختيارها موضوعاً للوحة سيقدمها إلى آل بيزاني الكرام، مكتفياً بتلك اللوحة العظيمة التي تعبر ربما عن الإسكندر وشخصيته بأفضل ما يكون، بل وربما مكنته من أن يرسم في اللوحة مشهد شاب يتقدم بشكل رسمي لخطوبة فتاة من عائلة نبيلة ويبدي كل ما لديه من كياسة لكي يكون مقبولاً ويستجاب لطلبه! ففي نهاية الأمر لا شك أن تلك الصبية الحسناء الجالسة إلى يسار وسط الصورة بكل أناقة وغطرسة وكبرياء تواجه محتل بلدها بتحد– غير دارية طبعاً بأنه سيصبح زوجاً لها عما قريب!– هي نفسها ستاتيرا التي سيكون احتفاله بعرسهما من أضخم الاحتفالات التي شهدها ذلك العصر
رفض عرضاً من ملك إسبانيا
حين أنجز باولو ابن قاطع الحجارة غابرييلي دي بياترو، الذي لن يلقب بفيرونيزي إلا لاحقاً، هذه اللوحة الرائعة التي يعتبرها الناشيونال غاليري اللندني من أجمل مقتنياته، كان في نحو الـ40 من عمره، فهو لد عام 1528 في حي سان باولو في فيرونا، لينضم بعد 11 عاماً إلى محترف الرسام الفيروني أنطونيو بوديلي وستمضي عليه أربع سنوات قبل أن يذكر هناك في عداد تلامذة هذا الرسام، لكنه سيكون في الـ23 حين سيبدأ بالعمل مستقلاً منفذاً للوحات كنسية في مدن قريبة، ثم سنراه يشتغل مع كبار آخرين بين 1554 و1556 في تنفيذ لوحات وجداريات لقصر حكام البندقية، ما جعله ينتقل إلى تلك المدينة البديعة التي سيرتبط بها مذاك وصاعداً وسيحقق فيها معظم إنجازاته الفنية بين لوحات دينية للقصور والأديرة ولوحات دنيوية يغلب عليها الطابع التاريخي، لكن استقراره في فينيسيا لن يمنعه بالطبع من التنقل بين مدن إيطالية أخرى كان يدعى للرسم في كاتدرائياتها وقصورها، لكنه في المقابل رفض التوجه إلى إسبانيا تلبية لدعوة من ملكها ليشارك في تزيين وهندسة الإسكوريال، ولسوف يموت فيرونيزي عن 60 عاماً في 1588 إثر حمى أصابته وقضت عليه خلال ثمانية أيام من آلام مبرحة.
وزال الارتباك بكلمة
وذلك أن ثمة وراء اللوحة حكاية ترويها هذه الأخيرة بكل وضوح، وتتلخص الحكاية في أن الإسكندر بعد أن تغلب على الفرس غازياً بلادهم تمنى على مساعديه أن يجمعوه بأفراد من أسرة الملك المهزوم داريوس لكي يتعرف عليهم ويطمئنهم إلى مصيرهم شارحاً أنه لم يأت غازياً بل محرراً وساعياً وراء تحقيق حلم كوني لا ينحصر في هيمنة شعب على أي شعب آخر، وبالفعل تم لقاء الإسكندر مع الأسرة في دارة سيسيغامبيس والدة داريوس، وكانت هذه برفقة عدد من أفراد العائلة التي كانت متوجسة أول الأمر وهي تشعر بأن ليس في إمكانها التملص من الاجتماع بذلك القائد الذي هزم رب العائلة وسيد البلاد، لكن الحكايات راحت تتواتر عن تعامله مع الفرس بكل رفق وكرامة كما سيروي بلوتارخ لاحقاً على أي حال. خلال اللقاء ظلت سيدات الأسرة جالسات بطلب من الزائر الكبير الذي اصطحب معه عدداً من جنرالاته، وخلال اللحظات الأولى من اللقاء ارتبكت أم الملك الفارسي إذ لم يقدم لها الزائرون أحداً. وراحت تخاطب الجنرال هيفايزيون، مرافق الإسكندر بتبجيل معتقدة أنه هو الإمبراطور، وحين أدرك هذا الأخير خطأها قال لها مبتسماً ببساطة وأريحية إذ نبهت السيدة لذلك: "لا بأس يا سيدتي، فهو أيضاً إسكندر آخر!"، وابتسمت السيدة وزال ارتباكها فيما أخذ الإمبراطور يتبسط معها في الكلام، والحقيقة أن اختيار فيرونيزي تلك اللحظة بالذات موضوعاً للوحته أتى يلخص كما أشرنا إلى نظرته إلى تلك الشخصية التاريخية الكبيرة وذلك المفكر المذهل.
لوحة ولدت من رحم سهرة
وفي ما عدا هذه الدلالة الرمزية التي حملتها هذه اللوحة التي تعتبر الأكثر دنيوية من بين لوحات فيرونيزي، تنتمي اللوحة إلى ذلك الفن الاستعراضي الكبير الذي عرف فيه هذا الفنان كيف يجمع بين توجهاته الشغوفة بالهندسة المعمارية، وتألقه في التعبير عن ملامح شخصيات تاريخية رسخ لها في لوحاته وجوهاً باتت مألوفة لجمهور فنه، ولكن لئن كانت لوحات فيرونيزي الاستعراضية الكبرى الأخرى، من "عرس قانا" إلى "المأدبة عند ليفي" و"الحفلة عند سيميون" كلها لوحات دينية حققها فيرونيزي لحساب أديرة وأبرشيات دينية منها خاصة دير البندكتيين "دير سان جورجيو ماجيوي" في فينيسيا، الذي كان يمتلك "عرس قانا" المعتبرة من أعظم لوحات فيرونيزي بل ربما من أعظم اللوحات النهضوية على الإطلاق، وهي اللوحة التي سينهبها نابليون بونابرت حين غزا إيطاليا عام 1797، وتصبح في عهدة فرنسا منذ ذلك الحين، فإن لوحة الإسكندر عمل لم يوص فيرونيزي به أحد بل هو رسمها من تلقائه ليهديها كمفاجأة إلى آل بيزاني الذين كانوا استقبلوه لفترة مكرماً في قصرهم في فينيسا. ويروي المؤرخ الفني ريدولفي الذي روى حكاية هذه اللوحة أن فيرونيزي إنما انطلق في رسمها إثر حديث دار بينه وبين آل بيزاني ذات سهرة تناول الإسكندر وأخلاقه وعظمته فكانت النتيجة تلك اللوحة.
أخلاق فاتح كبير
والحال أنه كان في إمكان الرسام أن يختار مشهداً آخر يعبر عن عظمة الإسكندر، لكنه فضل هذه الحكاية البسيطة، وبخاصة لأنه كان يعرف كثيراً عن مستتبعاتها من خلال النص الذي أورده بلوتارخ في كتابه "السير". وهو نص يحكي فيه المؤرخ اللاتيني الكبير كيف أن الإسكندر بعد أن وصل إلى فارس محتلاً لها، شرع من فوره يوزع النقود والعطايا على نساء البلد جرياً على عادة كبار الزوار الذين يحدث لهم أن يزوروا فارس (ويعلق بلوتارخ هنا قائلاً بشيء من التفكه، أن ملوكاً أجانب كثراً كانوا يستنكفون عن القيام بمثل تلك الزيارة... لبخلهم!) لكن الإسكندر اعتبر نفسه زائراً واتبع العادة باحترام شديد، ويروي بلوتارخ أن الإسكندر أراد أيضاً أن يزور قبر قورش فرآه مفنوحاً منهوباً وتحرى فعرف أن الفاعل مقدوني مثله يدعى بوليماخوس وله مكانته وشهرته، فلم يعبأ بأي من تلك "الأسباب التخفيفية" بل أمر بقتله عقاباً له، ثم أمر بأن يرمم ليقبر وتعاد إليه المنهوبات ثم يحفر على واجهته باليونانية: "أيها الإنسان كائناً من كنت، ومهما كان موطنك، لأني لا أعرف من أين جئت، أقول لك أنا قورش مؤسس إمبراطورية الفرس، لا تحسدني على هذه القطعة الصغيرة من الأرض التي تستر جسدي".
العرس الأفخم في زمنه
غير أن الإسكندر، ودائماً بحسب رواية بلوتارخ، التي كان فيرونيزي يعرفها جيداً، لم يكتف بهذا بل إنه سرعان ما اقترن بستاتيرا إحدى بنات داريوس في عرس فخم أقامه في سوسه في وقت دفع فيه بعض أقدر جنرالاته إلى الاقتران بمن تقبل بهم من النساء الفارسيات واحتفى بذلك كله في وليمة ضخمة كرم خلالها عدداً من ضباط ونبلاء مقدونيين آخرين كانوا قد سبقوه وسبقوا ضباطه إلى قفص الزوجية، ويقدر بلوتارخوس عدد حضور الوليمة بأكثر من تسعة آلاف شخص. وربما تكون ضخامة ذاك العدد وتلك الوليمة ما حال بين فيرونيزي واختيارها موضوعاً للوحة سيقدمها إلى آل بيزاني الكرام، مكتفياً بتلك اللوحة العظيمة التي تعبر ربما عن الإسكندر وشخصيته بأفضل ما يكون، بل وربما مكنته من أن يرسم في اللوحة مشهد شاب يتقدم بشكل رسمي لخطوبة فتاة من عائلة نبيلة ويبدي كل ما لديه من كياسة لكي يكون مقبولاً ويستجاب لطلبه! ففي نهاية الأمر لا شك أن تلك الصبية الحسناء الجالسة إلى يسار وسط الصورة بكل أناقة وغطرسة وكبرياء تواجه محتل بلدها بتحد– غير دارية طبعاً بأنه سيصبح زوجاً لها عما قريب!– هي نفسها ستاتيرا التي سيكون احتفاله بعرسهما من أضخم الاحتفالات التي شهدها ذلك العصر
رفض عرضاً من ملك إسبانيا
حين أنجز باولو ابن قاطع الحجارة غابرييلي دي بياترو، الذي لن يلقب بفيرونيزي إلا لاحقاً، هذه اللوحة الرائعة التي يعتبرها الناشيونال غاليري اللندني من أجمل مقتنياته، كان في نحو الـ40 من عمره، فهو لد عام 1528 في حي سان باولو في فيرونا، لينضم بعد 11 عاماً إلى محترف الرسام الفيروني أنطونيو بوديلي وستمضي عليه أربع سنوات قبل أن يذكر هناك في عداد تلامذة هذا الرسام، لكنه سيكون في الـ23 حين سيبدأ بالعمل مستقلاً منفذاً للوحات كنسية في مدن قريبة، ثم سنراه يشتغل مع كبار آخرين بين 1554 و1556 في تنفيذ لوحات وجداريات لقصر حكام البندقية، ما جعله ينتقل إلى تلك المدينة البديعة التي سيرتبط بها مذاك وصاعداً وسيحقق فيها معظم إنجازاته الفنية بين لوحات دينية للقصور والأديرة ولوحات دنيوية يغلب عليها الطابع التاريخي، لكن استقراره في فينيسيا لن يمنعه بالطبع من التنقل بين مدن إيطالية أخرى كان يدعى للرسم في كاتدرائياتها وقصورها، لكنه في المقابل رفض التوجه إلى إسبانيا تلبية لدعوة من ملكها ليشارك في تزيين وهندسة الإسكوريال، ولسوف يموت فيرونيزي عن 60 عاماً في 1588 إثر حمى أصابته وقضت عليه خلال ثمانية أيام من آلام مبرحة.