صناعة الفراء ضحية أخرى تدفع ثمنا باهظا للحرب
صناعة معاطف الفراء في كاستوريا تواجه صعوبات منذ سنوات أصلا، فيما يُعد حظر استخدام الفراء مطلبا يرفعه المستهلكون في أوروبا تحديدا.
الاثنين 2023/02/27
انشرWhatsAppTwitterFacebook
انتظار بلا فائدة لأول زبون
كاستوريا (اليونان) – يشعر التجار وصانعو الفراء بعواقب التداعيات الكارثية التي خلفتها الحرب الروسية – الأوكرانية، والتي أدت إلى تقلص أعمالهم بشكل كبير نتيجة تراجع المبيعات وعزوف أهم الزبائن لهذه المنتجات الفاخرة.
وبعد عام على فرض عقوبات أوروبية على موسكو، تبدو صالة لعرض المعاطف المصنوعة من فراء حيوان المنك، التي يندد بها المدافعون عن الحيوانات في كاستوريا بشمال غرب اليونان، مقفرة، إذ تبخر الزبائن الروس الأثرياء المولعون بها.
أكيس تسوكاس: كنا نُصدر بنحو 108 ملايين يورو قرابة نصفها إلى روسيا
ويبرز داخل الصالة حيث تعرض معاطف صممها حرفيون من هذه المدينة، كرسي مذهب بذراعين أشبه بعرش موضوع أمام مرآة. ويقول أحد الموظفين “كانت الزبونات الروسيات يجلسن عليه وهن يرتدين معاطفهنّ الجديدة، ويشعرن كأنّهن زوجات القياصرة”.
ويضيف الرجل الذي فضّل عدم ذكر هويته لوكالة الصحافة الفرنسية، آسفاً “لم يعد أحد يرتاد المكان حالياً”.
واضطرت مدينتا كاستوريا وسياتيستا بمقاطعة مقدونيا الغربية اللتان تشتهران منذ القرن الخامس عشر بإنتاج الفراء، لتعليق أنشطتهما التجارية مع روسيا عقب الحظر الغربي. وبما أن الفراء يُعتبر منتجا فاخرا، يُحظر تصديره إلى روسيا حاليا.
وخلال العام الذي سبق تفشي الجائحة، وصلت قيمة صادرات الفراء إلى 108 ملايين يورو (115.4 مليون دولار)، بينها 44.7 مليون يورو متأتية من صادرات إلى روسيا وحدها، على ما يوضح رئيس اتحاد الفراء في اليونان أكيس تسوكاس.
وأشارت دراسة أجرتها شركة أرنست آند يونغ إلى أن حصة اليونان في سوق الفراء الروسي بلغت نحو 25 في المئة عام 2008، لكنها كانت قد انخفضت إلى اثنين في المئة العام 2017.
وساهمت الحرب في شرق أوروبا في تراجع مطرد لمبيعات الفراء في المنطقة الواقعة في شمال اليونان والمتاخمة لألبانيا ومقدونيا الشمالية.
ويقول تسوكاس الذي اضطرت شركته للاستغناء عن 52 موظفا، وهو ما يعادل 80 في المئة من إجمالي القوة العاملة، إن الصادرات “لامست الصفر” خلال العام الفائت.
وتواجه صناعة معاطف الفراء في كاستوريا صعوبات منذ سنوات أصلا، فيما يُعد حظر استخدام الفراء مطلبا يرفعه المستهلكون في أوروبا تحديدا، مدعومين من جمعيات الرفق بالحيوان.
ويؤكد كريستوس زيفكليس رئيس بلدية مدينة فويو اليونانية أن هذه الصناعة تشكل المورد الوحيد لنحو 80 في المئة من سكان سياتيستا والقرى المجاورة.
أما أبوستوليس غرافاس مدير شركة عائلية في سياتيستا، فيقول إن “والدي كان يعمل في مجال تصنيع الفراء، وتعلمت هذه المهنة في سن مبكرة، إلا أن الجائحة والحرب تسببتا في تدمير عملنا”.
ويتراوح سعر المعطف المصنوع من فراء المنك بين ألف ومئتي ألف يورو (نحو 1068 و213.7 ألف دولار) في حال كانت القطعة نادرة.
ويقول الناطق باسم رابطة مربي المنك ميلتوس كاراكولاكيس إنه قبل بضع سنوات، كان يُربّى في المنطقة 1.8 مليون حيوان منك، بينما تشير التوقعات لعام 2023 إلى تربية مليون حيوان فقط. وبحسب التقديرات فإنه من بين 92 مزرعة لتربية المنك في المنطقة، لم يبق سوى 60 مزرعة حاليا.
واضطر نصف مصنّعي الفراء البالغ عددهم أربعة آلاف بالمنطقة لتغيير طبيعة عملهم، إلا أن “التحول نحو نموذج اقتصادي جديد ثَبُت أنه مكلف جدا”، بحسب زيفكليس. ويشدد البعض على ضرورة التوجه نحو أسواق أخرى غير السوق الروسية، كتلك الأميركية والصينية واليابانية والكورية.
وبالفعل قرر عدد من الحرفيين المحليين نقل مهاراتهم إلى روسيا حيث انتقلوا للعمل لفترات معينة لأنه لا يمكن لهؤلاء الإقامة لفترة طويلة حيث تأشيراتهم لا تتعدى الثلاثة أشهر.
ويقول أبوستوليس غرافاس “نعيش حالة من اليأس، لذلك قررت التوجه إلى روسيا للعمل فيها، على غرار عدد كبير من زملائي”. أما ماريا فوتيس التي تعمل في مجال تصنيع منتجات الفراء منذ العام 1979، فتؤكد أنّ الروس يبحثون عن مصنّعين ذوي خبرة.
وتقول المرأة الأربعينية التي تعمل حالياً في مشغل في تشيليابينسك يضم ثمانية موظفين بينهم ستة يونانيين “بما أنّ مبيعاتهم انخفضت كثيراً في اليونان، باتوا ينتجون الفراء ويبيعونه هناك”.
ويسعى بعض المتخصصين في هذا المجال للاستمرار من خلال تنويع إنتاجهم في وقت يندد فيه المدافعون عن الحيوانات باستغلال المنك.
ويشير ستيليوس بوربوريس، وهو مدير تسويق في شركة بات عدد الموظفين فيها 70 شخصا في مقابل 500 في السابق، إلى حلّ يتمثل في تصنيع منتجات من جلود الخراف الذي يُعد ممارسة “تحظى بموافقة أكبر” من الناحية الأخلاقية.
صناعة معاطف الفراء في كاستوريا تواجه صعوبات منذ سنوات أصلا، فيما يُعد حظر استخدام الفراء مطلبا يرفعه المستهلكون في أوروبا تحديدا.
الاثنين 2023/02/27
انشرWhatsAppTwitterFacebook
انتظار بلا فائدة لأول زبون
كاستوريا (اليونان) – يشعر التجار وصانعو الفراء بعواقب التداعيات الكارثية التي خلفتها الحرب الروسية – الأوكرانية، والتي أدت إلى تقلص أعمالهم بشكل كبير نتيجة تراجع المبيعات وعزوف أهم الزبائن لهذه المنتجات الفاخرة.
وبعد عام على فرض عقوبات أوروبية على موسكو، تبدو صالة لعرض المعاطف المصنوعة من فراء حيوان المنك، التي يندد بها المدافعون عن الحيوانات في كاستوريا بشمال غرب اليونان، مقفرة، إذ تبخر الزبائن الروس الأثرياء المولعون بها.
أكيس تسوكاس: كنا نُصدر بنحو 108 ملايين يورو قرابة نصفها إلى روسيا
ويبرز داخل الصالة حيث تعرض معاطف صممها حرفيون من هذه المدينة، كرسي مذهب بذراعين أشبه بعرش موضوع أمام مرآة. ويقول أحد الموظفين “كانت الزبونات الروسيات يجلسن عليه وهن يرتدين معاطفهنّ الجديدة، ويشعرن كأنّهن زوجات القياصرة”.
ويضيف الرجل الذي فضّل عدم ذكر هويته لوكالة الصحافة الفرنسية، آسفاً “لم يعد أحد يرتاد المكان حالياً”.
واضطرت مدينتا كاستوريا وسياتيستا بمقاطعة مقدونيا الغربية اللتان تشتهران منذ القرن الخامس عشر بإنتاج الفراء، لتعليق أنشطتهما التجارية مع روسيا عقب الحظر الغربي. وبما أن الفراء يُعتبر منتجا فاخرا، يُحظر تصديره إلى روسيا حاليا.
وخلال العام الذي سبق تفشي الجائحة، وصلت قيمة صادرات الفراء إلى 108 ملايين يورو (115.4 مليون دولار)، بينها 44.7 مليون يورو متأتية من صادرات إلى روسيا وحدها، على ما يوضح رئيس اتحاد الفراء في اليونان أكيس تسوكاس.
وأشارت دراسة أجرتها شركة أرنست آند يونغ إلى أن حصة اليونان في سوق الفراء الروسي بلغت نحو 25 في المئة عام 2008، لكنها كانت قد انخفضت إلى اثنين في المئة العام 2017.
وساهمت الحرب في شرق أوروبا في تراجع مطرد لمبيعات الفراء في المنطقة الواقعة في شمال اليونان والمتاخمة لألبانيا ومقدونيا الشمالية.
ويقول تسوكاس الذي اضطرت شركته للاستغناء عن 52 موظفا، وهو ما يعادل 80 في المئة من إجمالي القوة العاملة، إن الصادرات “لامست الصفر” خلال العام الفائت.
وتواجه صناعة معاطف الفراء في كاستوريا صعوبات منذ سنوات أصلا، فيما يُعد حظر استخدام الفراء مطلبا يرفعه المستهلكون في أوروبا تحديدا، مدعومين من جمعيات الرفق بالحيوان.
ويؤكد كريستوس زيفكليس رئيس بلدية مدينة فويو اليونانية أن هذه الصناعة تشكل المورد الوحيد لنحو 80 في المئة من سكان سياتيستا والقرى المجاورة.
أما أبوستوليس غرافاس مدير شركة عائلية في سياتيستا، فيقول إن “والدي كان يعمل في مجال تصنيع الفراء، وتعلمت هذه المهنة في سن مبكرة، إلا أن الجائحة والحرب تسببتا في تدمير عملنا”.
ويتراوح سعر المعطف المصنوع من فراء المنك بين ألف ومئتي ألف يورو (نحو 1068 و213.7 ألف دولار) في حال كانت القطعة نادرة.
ويقول الناطق باسم رابطة مربي المنك ميلتوس كاراكولاكيس إنه قبل بضع سنوات، كان يُربّى في المنطقة 1.8 مليون حيوان منك، بينما تشير التوقعات لعام 2023 إلى تربية مليون حيوان فقط. وبحسب التقديرات فإنه من بين 92 مزرعة لتربية المنك في المنطقة، لم يبق سوى 60 مزرعة حاليا.
واضطر نصف مصنّعي الفراء البالغ عددهم أربعة آلاف بالمنطقة لتغيير طبيعة عملهم، إلا أن “التحول نحو نموذج اقتصادي جديد ثَبُت أنه مكلف جدا”، بحسب زيفكليس. ويشدد البعض على ضرورة التوجه نحو أسواق أخرى غير السوق الروسية، كتلك الأميركية والصينية واليابانية والكورية.
وبالفعل قرر عدد من الحرفيين المحليين نقل مهاراتهم إلى روسيا حيث انتقلوا للعمل لفترات معينة لأنه لا يمكن لهؤلاء الإقامة لفترة طويلة حيث تأشيراتهم لا تتعدى الثلاثة أشهر.
ويقول أبوستوليس غرافاس “نعيش حالة من اليأس، لذلك قررت التوجه إلى روسيا للعمل فيها، على غرار عدد كبير من زملائي”. أما ماريا فوتيس التي تعمل في مجال تصنيع منتجات الفراء منذ العام 1979، فتؤكد أنّ الروس يبحثون عن مصنّعين ذوي خبرة.
وتقول المرأة الأربعينية التي تعمل حالياً في مشغل في تشيليابينسك يضم ثمانية موظفين بينهم ستة يونانيين “بما أنّ مبيعاتهم انخفضت كثيراً في اليونان، باتوا ينتجون الفراء ويبيعونه هناك”.
ويسعى بعض المتخصصين في هذا المجال للاستمرار من خلال تنويع إنتاجهم في وقت يندد فيه المدافعون عن الحيوانات باستغلال المنك.
ويشير ستيليوس بوربوريس، وهو مدير تسويق في شركة بات عدد الموظفين فيها 70 شخصا في مقابل 500 في السابق، إلى حلّ يتمثل في تصنيع منتجات من جلود الخراف الذي يُعد ممارسة “تحظى بموافقة أكبر” من الناحية الأخلاقية.