النشطاء البيئيون في العراق يدفعون ثمن مواقفهم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النشطاء البيئيون في العراق يدفعون ثمن مواقفهم

    النشطاء البيئيون في العراق يدفعون ثمن مواقفهم


    تحذيرات من أن إقصاء الحركة البيئية في العراق لن يؤدي إلا إلى تدهور قدرة البلاد على معالجة أزماتها البيئية التي تؤثر على مجموعة من الحقوق الحيوية.
    الجمعة 2023/02/24
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    السلطات العراقية تعالج الأزمات البيئية بتكميم أفواه النشطاء

    بغداد - يواجه النشطاء البيئيون في العراق تهديدات، ومضايقات ووصل الأمر إلى تعرض بعضهم لاحتجاز تعسفي على أيدي عناصر تابعين للسلطة وجماعات شيعية مسلحة.

    وأُطلق سراح الناشط البيئي العراقي البارز جاسم الأسدي بعد اختطافه في الأول من فبراير من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية واحتجازه لأكثر من أسبوعين. وقال الأسدي في مقابلة تلفزيونية إنه تعرض لـ”أشد أنواع العذاب” باستخدام “الكهرباء والعصي” أثناء أسره، وكان يُنقل من مكان إلى آخر.

    وجاء إطلاق سراح الأسدي بعد تدخل الحكومة العراقية، ويمثل اختطاف الناشط الحلقة الأحدث في سلسلة من الأعمال الانتقامية بحق النشطاء البيئيين التي تستهدف على ما يبدو إيقاف أنشطتهم.

    وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش، “بدل أن تتخذ الحكومة العراقية خطوات ملموسة لحل القضايا البيئية الجوهرية في العراق، هي تهاجم من يتحدث عن هذه القضايا”.


    جاسم الأسدي: تعرضت لأشد أنواع العذاب باستخدام الكهرباء والعصي


    وحذر كوغل من أن إقصاء الحركة البيئية في العراق لن يؤدي إلا إلى تدهور قدرة البلاد على معالجة أزماتها البيئية التي تؤثر على مجموعة من الحقوق الحيوية.

    واحتجزت الأجهزة الحكومية نشطاء آخرين ولاحقتهم جراء حديثهم عن مشاكل بيئية. وقال سلمان خيرالله، وهو ناشط بيئي آخر ومؤسس مشارك لجمعية “حُماة دجلة”، إنه يعتقد أن الجماعات المسلحة والمسؤولين العراقيين يستهدفون الأعضاء الرئيسيين في الحركة البيئية لإسكاتهم وتوجيه رسالة تهديد إلى الآخرين.

    وأصدرت هيومن رايتس ووتش، في نوفمبر الماضي، تقريرا يوثق كيف تقاعست السلطات العراقية عن مساءلة عناصر وضباط أمن وجماعات مسلحة مدعومة من الدولة (في إشارة إلى الحشد الشعبي) المسؤولين عن قتل مئات المتظاهرين والناشطين وتشويههم وإخفائهم منذ العام 2019.

    وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير نشرته الخميس إنه ينبغي على السلطات العراقية فورا محاسبة المسؤولين عن العقوبات خارج نطاق القضاء، مثل الاختطاف والتوقف عن توظيف النظام القضائي لمضايقة النشطاء البيئيين والانتقام منهم، وإسقاط جميع القضايا القانونية ضدهم التي تنطوي على انتهاكات.

    وكان الأسدي يقود سيارته على الطريق السريع مع ابن عمه في صباح الأول من فبراير عندما أوقفته مركبتان على بُعد ستة كيلومترات جنوب العاصمة، بحسب ما قال شقيق الأسدي.

    وقيّد رجال مسلحون بملابس مدنية يديه، وأجبروه على ركوب إحدى المركبتين ليصحبوه إلى موقع غير معروف، بينما تركوا ابن عمه في السيارة على قارعة الطريق. وقال شقيق الأسدي إنه لا يعرف الدافع وراء اختطافه، لكن كان العديد من مؤيدي الحكومة غير راضين عن أنشطته البيئية.

    والأسدي هو مؤسس منظمة “طبيعة العراق” المحلية غير الحكومية التي تعلن أن هدفها حماية البيئة الطبيعية للعراق والتراث الثقافي الغني الذي يغذيها، واستعادتهما والحفاظ عليهما.



    وظهر الأسدي بشكل متكرر في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية للتوعية بشأن التهديدات التي تواجه الأهوار الجنوبية في البلاد، بما فيها الجفاف وفقدان الغطاء النباتي.

    وقال شقيقه إن العائلة أبلغت مقر الأمن الوطني في بغداد بالاختطاف، وبدأت قوات الأمن العراقية التحقيق في القضية. واسترعت القضية انتباه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي أكد للعائلة أنه “لا توجد قوة مسلحة فوق القانون، وأن الجميع يخضعون لسلطة الدولة وقانونها”.

    وبعد بضعة أيام، أُطلق سراح الأسدي، لكن لم يُعرف سبب احتجازه وهوية الخاطفين. ورغم اتخاذ الحكومة العراقية، على ما يبدو، خطوات للتدخل وتأمين إطلاق سراح الأسدي، كانت السلطات العراقية في حالات أخرى مسؤولة عن الانتقام من النشطاء البيئيين جرّاء جهودهم لجذب الانتباه إلى الانتهاكات الحقوقية المرتبطة ببيئة البلاد ومناخها.

    وفي أواخر 2019 احتجزت السلطات العراقية سلمان خيرالله، وهو ناشط بيئي آخر، ما دفع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الانسان إلى التدخل للمطالبة بإطلاق سراحه. وغادر خيرالله بغداد بعد إطلاق سراحه بكفالة.

    وقال ناشط آخر، وهو رئيس منظمة “الجبايش” البيئية رعد حبيب الأسدي، إنه خلال فترتي الجفاف اللتين ضربتا البلاد في 2019 و2020، انتقد وزارة الموارد المائية لسياساتها واستجاباتها الضعيفة للوضع المتفاقم. ونشر معلومات أساسية حول الجفاف في أهوار الناصرية، مثل مقدار انخفاض مستويات المياه. فكان أن انتقمت منه الوزارة عبر جرّه إلى أروقة المحاكم.

    في 5 أكتوبر 2020 أمرت محكمة استئناف ذي قار الاتحادية حبيب بالمثول أمام المحكمة بموجب المادة 434 من قانون العقوبات، التي تعاقب “من رمى الغیر بما يخدش شرفه أو اعتباره أو يجرح شعوره” بما يصل إلى عام واحد في السجن أو غرامة.

    وبرأت محكمة حبيب في فبراير 2021، لكن ممثلي الوزارة رفعوا فيما بعد قضية ثانية ضده، بموجب المادة 229 من قانون العقوبات العراقي، والتي تجرم إهانة أو تهديد “موظف أو أيّ شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلس أو هيئة رسمية أثناء تأدية واجباتهم”. وهذه “الجريمة” يُعاقب عليها بالسَّجن حتى عامين أو غرامة.



    وأخبر حبيب هيومن رايتس ووتش أن المحكمة برأته أيضا من التهم الجديدة، مع نيله البراءة النهائية في 10 ديسمبر الماضي. لكن يواصل المسؤولون في الوزارة استئناف البراءة.

    وأضاف أن المسؤولين في الوزارة عرضوا إسقاط القضية ضده إذا تعهد بالتوقف عن انتقاد الوزارة، لكنه رفض.

    وشدد حبيب “لم أقترف أيّ ذنب. عاملوني كمجرم فقط لأنني شاركت معلومات حول الجفاف في المستنقعات. لا يمكنني السفر أو فعل أي شيء لأن عليّ المثول أمام المحكمة كل اثنين وخميس. قال لي المسؤولون في الوزارة: نريد أن نسكتك”.

    واعتبر كوغل أن “إقدام الحكومة العراقية على تكميم أفواه النشطاء البيئيين الذين يحاولون التوعية بشأن التحديات الخطيرة للبلاد هو جزء من موقف أوسع ترى فيه أن منظمات المجتمع المدني تشكل تهديدا وليست شريكة”.
يعمل...
X