تاسو (توركوات)
Tasso (Torquato-) - Tasso (Torquato-)
تاسّو (توركواتو ـ)
(1544 ـ 1595)
توركواتو تاسو Torquato Tasso شاعر من شعراء عصر النهضة في إيطالية، ولد في سورنتو Sorrento الواقعة في خليج نابولي، وتوفي في رومة. فقد والدته وهو في الثانية عشرة، فرباه والده الذي كان شاعراً أيضاً وأمين سر أمير سالِرْنو فيرانتِه سنسفرينو Ferrante Sanseverino.
بدأ توركواتو تاسو دراسته عند اليسوعيين في نابولي ثم لحق بوالده، الذي ابتعد لأسباب سياسية عن سورنتو إلى أوربينو والبندقية وبادوفة، وفي هذه الأخيرة بدأ عام 1560 دراسة الحقوق، ثم درس الفلسفة وتابع في الوقت ذاته هوايته في قراءة الشعر. وبدأ في عام 1559 في نظم قصيدة أسماها «القدس» Gerusalemme أمضى أكثر من عشر سنوات في كتابتها، تحدث فيها عن الحملة الصليبية الأولى واحتلالها للقدس عام 1099، ولكنه توقف عن إنجازها إثر الجدل الذي أثارته متابعاً كتاباته الأخرى، فنشر أول قصيدة بطولية بعنوان «رينالدو» Rinaldo عام 1562 وأهداها إلى الكردينال لويجي دسته Luigi d’Este الذي استدعاه إلى بلاطه في فرارة Ferrara التي كانت موئلاً للفن والعلم في تلك الحقبة.
تابع تاسّو تنقلاته في أرجاء إيطالية فسافر إلى منتوفة ثم إلى بولونية في شمالي إيطالية، وهنا اتهم بكتابة أهجية انتقد فيها أساتذة جامعتها وطلابها، فعاد إثر ذلك إلى فرارة حيث صار شاعر البلاط، وقدّم عام 1573 في أثناء احتفال في القصر قصيدته الرعوية «أمينتا» Aminta، وهي أوبريت تتغنى بالطبيعة وبالحياة بعيداً عن القيود الاجتماعية. بدأ من ثم كتابة مسرحيته المأسوية «غاليالتو ملك النروج» Galealto re di Norvegia التي أتمّها ونشرها بعنوان «الملك توريسموندو» Re Torrismondo في عام 1587، وتابع قصيدته الملحمية «القدس المحررة» Gerusalemme liberata وأنجزها عام 1575 بعنوان أخر هو «غوفريدو» Goffredo رغبة منه في توحيد العمل حول شخصية بطولية واحدة على نسق إنياس في «الإنيادة» وأوليس في الأوديسة [ر] مقتدياً بفرجيليوس[ر] وهوميروس[ر]، ثم نشرت من دون رغبته بعنوان مختلف «غزو القدس» Gerusalemme conquistata عام 1593. اكتسبت قصيدته هذه شهرة واسعة، وتُعد الأولى من نوعها في الأدب الإيطالي، فموضوعها سياسي ديني مستوحى من التيار الكاثوليكي المناهض لحركة الإصلاح La controriforma.
أسهم اليسوعيون، في مرحلة الدراسة الأولى، في توطيد النزعة الدينية المتشددة عند الشاعر فعاش خوفاً وقلقاً بالغين تزامنا مع الإصلاح الديني، وسيطرت عليه هواجس دينية، فقد تخوّف من أن تمس قصيدته «القدس» العقيدة الدينية السائدة واستشار أصدقاءه من الأدباء، فعارضه الكثيرون، مما دفعه إلى إعادة النظر فيها، وإجراء بعض التعديلات، وشعر بالذنب والخطيئة والاضطهاد، وتخيل أن الجميع له بالمرصاد يريدون القضاء عليه. وزادت هواجسه حدّة إلى درجة الجنون وانتهت به إلى أحد الأديرة، كما أنه أودع في مصح طوال سبع سنوات.
حزن الشاعر حين أثارت طباعة قصيدته جدلاً استمر طويلاً، وكان قد أعرب عن رغبته في المقدمة ألا يكون مجرد مؤرخ للحروب، وبأن يسعى إلى هدف أسمى هو أن يكون لسان العالم الكاثوليكي في وجه الأتراك شرقاً والبروتستنت غرباً. وأكّد بقاءَه بالدرجة الأولى شاعراً يجمع بين الواقع والخيال وبين الدين والدنيا. ووجد تاسّو متعته في تصوير النقيضين، فوصف معاناة الأطراف المتحاربة حين يجمع الحب بين قلبين من ديانتين مختلفتين، كما وصف العاطفة الجياشة حين تخترق الحواجز والحدود.
أراد الشاعر أن يمثِّل الدين شخصيتان، شخصية الناسك المتعبد والملتزم شعائر الدين، وشخصية المؤمن الساعي إلى الطهارة من الذنوب والتغلب على النزعة الشيطانية فيه. أما في حديثه عن الحروب فلم يقف عند البطولات والأمجاد, وحاول أن يقول إن الحرب ليست مغامرة يحقق المحارب من خلالها ذاته، بل هي ضرورة حتمية يخوضها المحارب، سواء المسيحي أم غيره، بعزة نفس، يدفعه واجب ديني، نهايته الموت. وهنا تكمن أصالة تاسّو، فهو يرى أن المتحاربين الأعداء يتشابهون في أنهم فرسان يحاربون من أجل الرب، أما في حديثه عن العاطفة فهو يصف تعاسة المحبين أكثر من سعادتهم ويحيطهم بإحساس ينبىء بزوال الحب عند ولادته، إذ يرى تاسّو أن الخوف من فقدان الشيء يمحو الإحساس بالسعادة عند نشوئه.
حمل شعر تاّسو سمات عصر النهضة، وتميز بطابع اجتماعي خاص بالشاعر، إذ كان يتوق إلى شعر أخلاقي وحر معاً، ويحلم بالحب والطبيعة والحياة السعيدة، وسط بلاط يتخيله نموذجياً أو وسط عالم لا تحكمه شرائع بشرية.
من مؤلفات تاسّو الأخرى «أحاديث حول الفن الشعري» Discorsi dell’ arte poetica، و«أحاديث حول القصيدة البطولية» Discorsi del poema eroico، و«حوارات» Dialoghi.
وكان قد بدأ في نابولي قصيدة بعنوان «أيام الخلق السبعة» (1952) Le sette giornate del mondo creato، كما شهد عام 1593 نتاجاً زاخراً منه «دموع السيدة مريم العذراء ودموع السيد المسيح» Lagrime di Maria Vergine e le Lagrime di Cristo، كما نظم نحو ألفي بيت بقافية واحدة Rime وبأوزان مختلفة. عاد تاسّو بعد تنقلاته الكثيرة إلى رومة حيث وعده البابا بتتويجه شاعر العصر، إلا أنه توفّي عشية الاحتفال.
حنان المالكي
Tasso (Torquato-) - Tasso (Torquato-)
تاسّو (توركواتو ـ)
(1544 ـ 1595)
توركواتو تاسو Torquato Tasso شاعر من شعراء عصر النهضة في إيطالية، ولد في سورنتو Sorrento الواقعة في خليج نابولي، وتوفي في رومة. فقد والدته وهو في الثانية عشرة، فرباه والده الذي كان شاعراً أيضاً وأمين سر أمير سالِرْنو فيرانتِه سنسفرينو Ferrante Sanseverino.
بدأ توركواتو تاسو دراسته عند اليسوعيين في نابولي ثم لحق بوالده، الذي ابتعد لأسباب سياسية عن سورنتو إلى أوربينو والبندقية وبادوفة، وفي هذه الأخيرة بدأ عام 1560 دراسة الحقوق، ثم درس الفلسفة وتابع في الوقت ذاته هوايته في قراءة الشعر. وبدأ في عام 1559 في نظم قصيدة أسماها «القدس» Gerusalemme أمضى أكثر من عشر سنوات في كتابتها، تحدث فيها عن الحملة الصليبية الأولى واحتلالها للقدس عام 1099، ولكنه توقف عن إنجازها إثر الجدل الذي أثارته متابعاً كتاباته الأخرى، فنشر أول قصيدة بطولية بعنوان «رينالدو» Rinaldo عام 1562 وأهداها إلى الكردينال لويجي دسته Luigi d’Este الذي استدعاه إلى بلاطه في فرارة Ferrara التي كانت موئلاً للفن والعلم في تلك الحقبة.
أسهم اليسوعيون، في مرحلة الدراسة الأولى، في توطيد النزعة الدينية المتشددة عند الشاعر فعاش خوفاً وقلقاً بالغين تزامنا مع الإصلاح الديني، وسيطرت عليه هواجس دينية، فقد تخوّف من أن تمس قصيدته «القدس» العقيدة الدينية السائدة واستشار أصدقاءه من الأدباء، فعارضه الكثيرون، مما دفعه إلى إعادة النظر فيها، وإجراء بعض التعديلات، وشعر بالذنب والخطيئة والاضطهاد، وتخيل أن الجميع له بالمرصاد يريدون القضاء عليه. وزادت هواجسه حدّة إلى درجة الجنون وانتهت به إلى أحد الأديرة، كما أنه أودع في مصح طوال سبع سنوات.
حزن الشاعر حين أثارت طباعة قصيدته جدلاً استمر طويلاً، وكان قد أعرب عن رغبته في المقدمة ألا يكون مجرد مؤرخ للحروب، وبأن يسعى إلى هدف أسمى هو أن يكون لسان العالم الكاثوليكي في وجه الأتراك شرقاً والبروتستنت غرباً. وأكّد بقاءَه بالدرجة الأولى شاعراً يجمع بين الواقع والخيال وبين الدين والدنيا. ووجد تاسّو متعته في تصوير النقيضين، فوصف معاناة الأطراف المتحاربة حين يجمع الحب بين قلبين من ديانتين مختلفتين، كما وصف العاطفة الجياشة حين تخترق الحواجز والحدود.
أراد الشاعر أن يمثِّل الدين شخصيتان، شخصية الناسك المتعبد والملتزم شعائر الدين، وشخصية المؤمن الساعي إلى الطهارة من الذنوب والتغلب على النزعة الشيطانية فيه. أما في حديثه عن الحروب فلم يقف عند البطولات والأمجاد, وحاول أن يقول إن الحرب ليست مغامرة يحقق المحارب من خلالها ذاته، بل هي ضرورة حتمية يخوضها المحارب، سواء المسيحي أم غيره، بعزة نفس، يدفعه واجب ديني، نهايته الموت. وهنا تكمن أصالة تاسّو، فهو يرى أن المتحاربين الأعداء يتشابهون في أنهم فرسان يحاربون من أجل الرب، أما في حديثه عن العاطفة فهو يصف تعاسة المحبين أكثر من سعادتهم ويحيطهم بإحساس ينبىء بزوال الحب عند ولادته، إذ يرى تاسّو أن الخوف من فقدان الشيء يمحو الإحساس بالسعادة عند نشوئه.
حمل شعر تاّسو سمات عصر النهضة، وتميز بطابع اجتماعي خاص بالشاعر، إذ كان يتوق إلى شعر أخلاقي وحر معاً، ويحلم بالحب والطبيعة والحياة السعيدة، وسط بلاط يتخيله نموذجياً أو وسط عالم لا تحكمه شرائع بشرية.
من مؤلفات تاسّو الأخرى «أحاديث حول الفن الشعري» Discorsi dell’ arte poetica، و«أحاديث حول القصيدة البطولية» Discorsi del poema eroico، و«حوارات» Dialoghi.
وكان قد بدأ في نابولي قصيدة بعنوان «أيام الخلق السبعة» (1952) Le sette giornate del mondo creato، كما شهد عام 1593 نتاجاً زاخراً منه «دموع السيدة مريم العذراء ودموع السيد المسيح» Lagrime di Maria Vergine e le Lagrime di Cristo، كما نظم نحو ألفي بيت بقافية واحدة Rime وبأوزان مختلفة. عاد تاسّو بعد تنقلاته الكثيرة إلى رومة حيث وعده البابا بتتويجه شاعر العصر، إلا أنه توفّي عشية الاحتفال.
حنان المالكي