الشعاب المرجانية في مصر أمل مقاومة التغير المناخي
القضاء على مصادر التلوث يحافظ على نظام بيئي مرجاني في المستقبل.
الثلاثاء 2022/10/11
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الملجأ الأخير
لدى الشعاب المرجانية على طول الساحل المصري في البحر الأحمر القدرة على مقاومة ظاهرة التغير المناخي، لذا يطالب العلماء بحمايتها من النشاط البشري والسياحة الكثيفة والصيد المفرط والإسمنت حتى تساعد في إنقاذ الشعاب المرجانية التي تتلاشى حول العالم بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة.
مرسى علم (مصر) - على طول الساحل المصري في البحر الأحمر يمتد حاجز مرجاني تتلألأ ألوانه بشكل جذاب ويقول عنه باحثون إنه قد يستحيل “الملجأ الأخير للشعاب المرجانية” في العالم.
ويؤكد خبير البيئة البحرية في جامعة قناة السويس محمود حنفي “لدينا أدلة قوية على أن هذا الحاجز المرجاني يبعث الأمل للإنسانية في الحفاظ على نظام بيئي مرجاني في المستقبل”.
ويوضح حنفي أن هذه الشعاب التي تمثل 5 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم “لديها قدرة عالية للغاية على تحمل ارتفاع درجات حرارة المياه”.
وبعد أن أجرى الباحثون المتخصصون اختبارات على قرابة عشرين نوعا مختلفا من الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، أظهرت جميعها قدرة عالية على تحمل ارتفاع درجات الحرارة أو ما يُعرف بالإجهاد الحراري. فعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة، لم تتعرض الشعاب المرجانية لظاهرة الابيضاض.
وتعد هذه القدرة على التحمل ميزة كبيرة لسواحل البحر الأحمر، التي يعرفها هواة الغوص في العالم كله، في حين أدى الاحترار المناخي والتلوث إلى اختفاء 14 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم بين عامي 2009 و2018.
إلا أن خطرا آخر يحدق بالشعاب المرجانية على الشواطئ المصرية يتمثل في النشاط البشري والسياحة الكثيفة والصيد المفرط والإسمنت.
وطالب فريق من الباحثين من منظمة اليونسكو بتصنيف الشعاب المرجانية للبحر الأحمر إرثا عالميا ومحمية طبيعية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار، باعتبارها الشعاب الوحيدة التي تمكنت لحد الآن من الصمود طويلا أمام الكثير من المهددات، كالتغيرات المناخية والتلوث البحري.
قدرة على تحمل الإجهاد الحراري
وعلى مستوى العالم، لا تغطي الشعاب المرجانية سوى 0.2 في المئة من قاع البحار لكنها تحوي على الأقل ربع النباتات والحيوانات البحرية التي يعتمد عليها مباشرة أكثر من 500 مليون شخص للصيد وجذب السياح أو للبقاء في أراضيهم، إذ أن الشعاب المرجانية تحمي من تآكل الشواطئ.
غير أن خبراء المناخ في الأمم المتحدة حذروا من أنه “إذا استمر ارتفاع درجة حرارة الأرض بلا توقف” فإن الشعاب المرجانية الأقل عمقا “لن تتمكن من الاستمرار حتى نهاية القرن”.
وحتى إذا لم يتجاوز الاحترار المناخي درجة ونصف درجة مئوية بموجب التعهدات الدولية في إطار اتفاق باريس للمناخ العام 2015، ستعجز 99 في المئة من الشعاب المرجانية عن الصمود في وجه موجات قيظ بحرية تزداد تواترا.
الاحترار المناخي والتلوث أدّيا إلى اختفاء 14 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم بين عامي 2009 و2018
وهذا الصيف أدت إحدى هذه الموجات إلى ابيضاض 91 في المئة من المرجان في الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا الذي يمتد على 2300 كيلومتر والمدرج في قائمة التراث العالمي التي تعدها منظمة اليونسكو.
ويبقى المرجان الذي تعرض للابيضاض حياً، ويمكن أن يزدهر مجددا إذا تحسنت الأحوال الجوية. لكن الشعاب التي ابيضّت بشدة أو تعرضت لموجات حر عدة تموت في نهاية المطاف، وفق الخبراء.
لكن يبدو أن الشعاب المرجانية في مصر تتحدى هذه القاعدة. والسبب هو أن “لديها ذاكرة بيولوجية نشأت عبر التطور”، وفق إسلام عثمان من جامعة الملك عبدالله في السعودية، على الضفة الأخرى من البحر الأحمر.
وتوصل عثمان في دراسة أجراها مع باحثين آخرين إلى أن يرقات الشعاب المرجانية في البحر الأحمر جاءت من المحيط الهندي عبر خليج عدن في نهاية العصر الجليدي الأخير أي قبل 12 ألف سنة.
ويؤكد عثمان أن أثناء عبورها المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، مرت هذه اليرقات على الأرجح في مياه دافئة للغاية كانت بمثابة مصفاة لم تسمح بمرور إلا الكائنات القادرة على تحمل حرارة تصل إلى 32 درجة مئوية.
وإلى الجنوب في السودان، حيث مياه البحر أكثر سخونة، أدت موجات حر بحرية إلى ظواهر ابيضاض.
وفي بلد تمزقه النزاعات، تبقى الدراسات قليلة وتصعب مراقبة الشعاب من دون وجود موارد مالية، وفق المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية.
مخاطر الاعتداء البشري
في المقابل، في شمال البحر الأحمر، حيث درجات الحرارة أقل حدة “تستطيع الشعاب المرجانية تحمل زيادة جديدة بدرجة أو درجتين أو ثلاث مئوية”، بحسب عثمان.
ويشرح حنفي أن قدرة الشعاب المرجانية على التحمل ترتب “مسؤولية” ينبغي أن يعيها الفاعلون في قطاع السياحة في البحر الأحمر الذي يدر 65 في المئة من إجمالي عائدات السياحة في مصر.
ويشدد عثمان على “ضرورة الحفاظ على شمال البحر الأحمر باعتباره أحد الملاجئ الأخيرة للشعاب المرجانية لأنه يمكن أن يصبح مصدرا لاستزراع المرجان مستقبلا”.
ويطالب الخبير وزارة البيئة المصرية بأن تعلن منطقة الشعاب المرجانية الملاصقة للشاطئ والممتدة على 400 كيلومتر “محمية طبيعية”.
ويوضح أن نصف هذه المنطقة محمية بالفعل، لكن اتخاذ هذه الخطوة رسميا سيعزز من “قدرة المرجان على التحمل” من خلال تنظيم أنشطة الغوص والصيد والقضاء على مصادر التلوث.
ويقول إن مناطق الغوص تزيد عشرة أضعاف إلى أربعين ضعفاً عن حجمها المطلوب للحفاظ على الشعاب المرجانية، بينما ينبغي خفض نشاط الصيد إلى سدس حجمه الحالي.
وعلى الضفتين المصرية والسعودية للبحر الأحمر أسفرت الإنشاءات الساحلية عن أضرار لا يتحملها المرجان وتؤدي إلى نفوقه مثل مياه الصرف الصحي والرواسب التي تتسرب في البحر نتيجة أعمال البناء. ويؤكد عثمان وجود حلقة مفرغة، فالشعاب المرجانية بألوانها الساحرة تجذب السياح فتقام منشآت لاستقبالهم، لكنها تؤذي المرجان.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
القضاء على مصادر التلوث يحافظ على نظام بيئي مرجاني في المستقبل.
الثلاثاء 2022/10/11
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الملجأ الأخير
لدى الشعاب المرجانية على طول الساحل المصري في البحر الأحمر القدرة على مقاومة ظاهرة التغير المناخي، لذا يطالب العلماء بحمايتها من النشاط البشري والسياحة الكثيفة والصيد المفرط والإسمنت حتى تساعد في إنقاذ الشعاب المرجانية التي تتلاشى حول العالم بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة.
مرسى علم (مصر) - على طول الساحل المصري في البحر الأحمر يمتد حاجز مرجاني تتلألأ ألوانه بشكل جذاب ويقول عنه باحثون إنه قد يستحيل “الملجأ الأخير للشعاب المرجانية” في العالم.
ويؤكد خبير البيئة البحرية في جامعة قناة السويس محمود حنفي “لدينا أدلة قوية على أن هذا الحاجز المرجاني يبعث الأمل للإنسانية في الحفاظ على نظام بيئي مرجاني في المستقبل”.
ويوضح حنفي أن هذه الشعاب التي تمثل 5 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم “لديها قدرة عالية للغاية على تحمل ارتفاع درجات حرارة المياه”.
وبعد أن أجرى الباحثون المتخصصون اختبارات على قرابة عشرين نوعا مختلفا من الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، أظهرت جميعها قدرة عالية على تحمل ارتفاع درجات الحرارة أو ما يُعرف بالإجهاد الحراري. فعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة، لم تتعرض الشعاب المرجانية لظاهرة الابيضاض.
وتعد هذه القدرة على التحمل ميزة كبيرة لسواحل البحر الأحمر، التي يعرفها هواة الغوص في العالم كله، في حين أدى الاحترار المناخي والتلوث إلى اختفاء 14 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم بين عامي 2009 و2018.
إلا أن خطرا آخر يحدق بالشعاب المرجانية على الشواطئ المصرية يتمثل في النشاط البشري والسياحة الكثيفة والصيد المفرط والإسمنت.
وطالب فريق من الباحثين من منظمة اليونسكو بتصنيف الشعاب المرجانية للبحر الأحمر إرثا عالميا ومحمية طبيعية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار، باعتبارها الشعاب الوحيدة التي تمكنت لحد الآن من الصمود طويلا أمام الكثير من المهددات، كالتغيرات المناخية والتلوث البحري.
قدرة على تحمل الإجهاد الحراري
وعلى مستوى العالم، لا تغطي الشعاب المرجانية سوى 0.2 في المئة من قاع البحار لكنها تحوي على الأقل ربع النباتات والحيوانات البحرية التي يعتمد عليها مباشرة أكثر من 500 مليون شخص للصيد وجذب السياح أو للبقاء في أراضيهم، إذ أن الشعاب المرجانية تحمي من تآكل الشواطئ.
غير أن خبراء المناخ في الأمم المتحدة حذروا من أنه “إذا استمر ارتفاع درجة حرارة الأرض بلا توقف” فإن الشعاب المرجانية الأقل عمقا “لن تتمكن من الاستمرار حتى نهاية القرن”.
وحتى إذا لم يتجاوز الاحترار المناخي درجة ونصف درجة مئوية بموجب التعهدات الدولية في إطار اتفاق باريس للمناخ العام 2015، ستعجز 99 في المئة من الشعاب المرجانية عن الصمود في وجه موجات قيظ بحرية تزداد تواترا.
الاحترار المناخي والتلوث أدّيا إلى اختفاء 14 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم بين عامي 2009 و2018
وهذا الصيف أدت إحدى هذه الموجات إلى ابيضاض 91 في المئة من المرجان في الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا الذي يمتد على 2300 كيلومتر والمدرج في قائمة التراث العالمي التي تعدها منظمة اليونسكو.
ويبقى المرجان الذي تعرض للابيضاض حياً، ويمكن أن يزدهر مجددا إذا تحسنت الأحوال الجوية. لكن الشعاب التي ابيضّت بشدة أو تعرضت لموجات حر عدة تموت في نهاية المطاف، وفق الخبراء.
لكن يبدو أن الشعاب المرجانية في مصر تتحدى هذه القاعدة. والسبب هو أن “لديها ذاكرة بيولوجية نشأت عبر التطور”، وفق إسلام عثمان من جامعة الملك عبدالله في السعودية، على الضفة الأخرى من البحر الأحمر.
وتوصل عثمان في دراسة أجراها مع باحثين آخرين إلى أن يرقات الشعاب المرجانية في البحر الأحمر جاءت من المحيط الهندي عبر خليج عدن في نهاية العصر الجليدي الأخير أي قبل 12 ألف سنة.
ويؤكد عثمان أن أثناء عبورها المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، مرت هذه اليرقات على الأرجح في مياه دافئة للغاية كانت بمثابة مصفاة لم تسمح بمرور إلا الكائنات القادرة على تحمل حرارة تصل إلى 32 درجة مئوية.
وإلى الجنوب في السودان، حيث مياه البحر أكثر سخونة، أدت موجات حر بحرية إلى ظواهر ابيضاض.
وفي بلد تمزقه النزاعات، تبقى الدراسات قليلة وتصعب مراقبة الشعاب من دون وجود موارد مالية، وفق المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية.
مخاطر الاعتداء البشري
في المقابل، في شمال البحر الأحمر، حيث درجات الحرارة أقل حدة “تستطيع الشعاب المرجانية تحمل زيادة جديدة بدرجة أو درجتين أو ثلاث مئوية”، بحسب عثمان.
ويشرح حنفي أن قدرة الشعاب المرجانية على التحمل ترتب “مسؤولية” ينبغي أن يعيها الفاعلون في قطاع السياحة في البحر الأحمر الذي يدر 65 في المئة من إجمالي عائدات السياحة في مصر.
ويشدد عثمان على “ضرورة الحفاظ على شمال البحر الأحمر باعتباره أحد الملاجئ الأخيرة للشعاب المرجانية لأنه يمكن أن يصبح مصدرا لاستزراع المرجان مستقبلا”.
ويطالب الخبير وزارة البيئة المصرية بأن تعلن منطقة الشعاب المرجانية الملاصقة للشاطئ والممتدة على 400 كيلومتر “محمية طبيعية”.
ويوضح أن نصف هذه المنطقة محمية بالفعل، لكن اتخاذ هذه الخطوة رسميا سيعزز من “قدرة المرجان على التحمل” من خلال تنظيم أنشطة الغوص والصيد والقضاء على مصادر التلوث.
ويقول إن مناطق الغوص تزيد عشرة أضعاف إلى أربعين ضعفاً عن حجمها المطلوب للحفاظ على الشعاب المرجانية، بينما ينبغي خفض نشاط الصيد إلى سدس حجمه الحالي.
وعلى الضفتين المصرية والسعودية للبحر الأحمر أسفرت الإنشاءات الساحلية عن أضرار لا يتحملها المرجان وتؤدي إلى نفوقه مثل مياه الصرف الصحي والرواسب التي تتسرب في البحر نتيجة أعمال البناء. ويؤكد عثمان وجود حلقة مفرغة، فالشعاب المرجانية بألوانها الساحرة تجذب السياح فتقام منشآت لاستقبالهم، لكنها تؤذي المرجان.
انشرWhatsAppTwitterFacebook