الشباب يقبلون على شراء الأزياء السريعة الضارة بالبيئة
الموضة السريعة مسؤولة عن 2 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار المناخي سنوياً، وهي نسبة تعادل مجموع كمية الغازات التي تبعثها حركتا الملاحة الجوية والبحرية.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أنيقة ورخيصة
على الرغم من أن الشباب مهتمون بالقضايا المناخية التي تهدد مستقبل حياتهم على الكرة الأرضية إلا أن هناك فئة منهم مهووسون بالتسوق وشراء الملابس الرخيصة على الإنترنت غير آبهين بمضارّها البيئية التي يحذر منها نشطاء ومنظمات.
لندن – نجحت الموضة السريعة جدا التي تباع سلعها إلكترونياً في جذب محبيها من فئة الشباب الذين أصبحوا قادرين على شراء ملابس رخيصة نسبياً على الإنترنت في ظل تحذير يطلقه نشطاء في المجال البيئي من أنّ هذا الاتجاه في عالم الأزياء يحمل في طياته مشاكل بيئية كبيرة.
وتُعتبر “بوهو” البريطانية و”شي إن” الصينية و”إميول” من هونغ كونغ الجهات الأساسية في هذا القطاع الذي يتميز بأن الملابس فيه تصنّع بوتيرة سريعة جداً وتُعرض بأسعار زهيدة.
ومن خلال نموذج عملها الذي يستند إلى البيع إلكترونياً، تدخل الشركات في منافسة شرسة مع أشهر سلاسل الأزياء السريعة التي تبيع منتجاتها داخل متاجر من أمثال “إتش أند إم” السويدية و”زارا” الإسبانية. وحققت “شي إن” السنة الفائتة 16 مليار دولار من المبيعات العالمية لسلعها، وفق بلومبرغ.
عدد كبير من الملابس الرخيصة مصيرها الرمي في مكبات ضخمة، مما يسفر عن نتائج وخيمة على البشرية وكوكب الأرض
ومع ذلك، تنتقد مجموعة من النشطاء البيئيين ما يقولون إنها ظاهرة “الملابس الرخيصة” على اعتبار أنها تهدر كميات كبيرة من الموارد، إذ يتطلب تصنيع قميص واحد يُلبس ثم يرمى بعد فترة قصيرة 2700 لتر من المياه.
وتلاحظ منظمة “غرينبيس” أنّ “مصير عدد كبير من هذه الملابس الرخيصة يكون الرمي في مكبات ضخمة وتحترق في الهواء الطلق أو تُرمى على طول مجاري الأنهار أو في البحار، مما يسفر عن نتائج وخيمة على البشرية وكوكب الأرض”.
ورغم ذلك، يرتفع بشكل كبير الطلب على الملابس ذات الأسعار المنخفضة مع أنّ نسبة التضخم تزداد في مختلف أنحاء العالم وتصل إلى مستويات قياسية لم تُسجّل منذ عقود. وبعد جائحة كوفيد – 19، تواجه المتاجر الكبرى ذات التكاليف الكبيرة صعوبات للبقاء في المنافسة.
ويوفر شراء الملابس الرخيصة على الإنترنت أسعاراً لا تُنافَس، إذ لا يتخطى سعر أحد القمصان مثلاً 4.80 دولار، فيما يبلغ سعر أحد الفساتين المُباعة لتلميذات المدارس الثانوية على غرار لولا (18 سنة) المتحدرة من مدينة نانسي الفرنسية أقل من عشر دولارات.
وتقول لولا التي لا تأبه بالأضرار البيئية الناجمة عن تصنيع هذه الملابس إنّ علامات تجارية من أمثال “شي إن” تتيح لها اتباع آخر صيحات الموضة “من دون إنفاق مبالغ خيالية”.
وتشير إلى أنها عادة ما تطلب مرة أو ثلاث مرات سلعاً من “شي إن” وتدفع مقابل الحصول على عشر سلع 70 يورو (نحو 71 دولاراً) في المتوسط.
وتقول فاليري غيار وهي أستاذة في الاقتصاد لدى جامعة باري دوفين، إنّ الشباب الذين تستهدفهم الموضة السريعة المُباعة سلعها إلكترونياً يركّزون على “كمية السلع بدل نوعيتها”.
وتُعزى نسبة كبيرة من نجاح شركة “شي إن” التي تأسست في أواخر عام 2008، إلى نشاطها الكبير في شبكات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وتيك توك وإنستغرام.
ويصوّر زبائن “شي إن” مقاطع فيديو ترويجية يجربون فيها قطع ملابس صنّعتها الشركة ثم يبدون رأيهم فيها. وتوسّع العلامات التجارية نطاق وصولها إلى مستخدمي الإنترنت من خلال عقدها شراكات منخفضة التكلفة مع نجوم مواقع التواصل بهدف زيادة ثقة المشترين ورفع مبيعات سلعها.
وتشيد مارلين غالاغر (45 عاماً)، وهي من الوجوه المعروفة في مواقع التواصل بأيرلندا وتعمل مع “شي إن” وشركات أخرى، بالجهات التي تروّج لسلعها لأنّها توفر ملابس ذات مقاسات كبيرة.
ليست المصانع وحدها التي تطالها سمعة سيئة، بل يُزعم أنّ ظروف عمل سيئة تنتشر داخل المصانع التابعة لشركات الموضة السريعة
وتقول لوكالة فرانس برس “إنّ العلامات التجارية هذه تمثل خياراً لا مثيل له لناحية إتاحتها خيارات عدة للنساء صاحبات المقاسات الكبيرة”.
وليست المصانع وحدها التي تطالها سمعة سيئة لناحية استهلاكها المفرط للموارد الجيدة وإلحاقها أضراراً بالبيئة، بل يُزعم أنّ ظروف عمل سيئة تنتشر داخل المصانع التابعة لشركات الموضة السريعة.
وفي نوفمبر 2022 أعلنت منظمة “بابليك أي” غير الحكومية التي تتخذ من سويسرا مقراً، أنّ الموظفين في بعض مصانع “شي إن” يعملون ما يصل إلى 75 ساعة أسبوعياً، مشيرةً إلى أنّ الشركة تنتهك تالياً قوانين العمل الصينية.
كذلك، واجهت شركة “بوهو” البريطانية انتقادات بعد نشر تقارير إعلامية تفيد بأنّ مورّدي سلعها يدفعون أجورا زهيدة للعمال في باكستان. وتُعدّ بصمة الكربون للموضة السريعة المُباعة سلعها إلكترونياً كارثية كذلك.
وتشير الوكالة الفرنسية للتحول البيئي إلى أنّ الموضة السريعة مسؤولة عن 2 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار المناخي سنوياً، وهي نسبة تعادل مجموع كمية الغازات التي تبعثها حركتا الملاحة الجوية والبحرية. وليس مفاجئاً إذاً أن تعبّر الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ عن سخطها من هذا الموضوع.
وكتبت السنة الفائتة أنّ “قطاع الأزياء مسؤول بنسبة كبيرة جداً عن حالة الطوارئ المناخية والبيئية، ناهيك عن أثره على عدد لا يحصى من عمال ومجموعات يتم استغلالهم في مختلف أنحاء العالم حتى يستمتع البعض بالموضة السريعة ويستهلكوا سلعها”.
وباشرت السلطات بإجراء عمليات تدقيق لممارسات هذه العلامات التجارية، إذ فتحت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية تحقيقاً في ما يتعلق بـ”ظاهرة الغسيل الأخضر” يطال كلا من “بوهو” و”أسوس” و”جورج أت أسدا”، فالمزاعم البيئية التي قدمتها هذه الشركات عن منتجاتها قد تكون مضللة.
وتؤكد شارلوت (14 سنة) أنها قررت التوقف عن طلب سلع من شركتي “شي إن” و”إميول”.
وتقول “كنت سعيدة لأنني أحصل على ثياب جديدة لكنّ شعوراً بالذنب بدأ يراودني”. وتضيف “أشتري الثياب حالياً من ‘فينتد'”، وهو موقع تسوق إلكتروني يستطيع مستخدمو الإنترنت أن يبيعوا عبره أو يشتروا سلعاً جديدة أو مستعملة.
الموضة السريعة مسؤولة عن 2 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار المناخي سنوياً، وهي نسبة تعادل مجموع كمية الغازات التي تبعثها حركتا الملاحة الجوية والبحرية.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أنيقة ورخيصة
على الرغم من أن الشباب مهتمون بالقضايا المناخية التي تهدد مستقبل حياتهم على الكرة الأرضية إلا أن هناك فئة منهم مهووسون بالتسوق وشراء الملابس الرخيصة على الإنترنت غير آبهين بمضارّها البيئية التي يحذر منها نشطاء ومنظمات.
لندن – نجحت الموضة السريعة جدا التي تباع سلعها إلكترونياً في جذب محبيها من فئة الشباب الذين أصبحوا قادرين على شراء ملابس رخيصة نسبياً على الإنترنت في ظل تحذير يطلقه نشطاء في المجال البيئي من أنّ هذا الاتجاه في عالم الأزياء يحمل في طياته مشاكل بيئية كبيرة.
وتُعتبر “بوهو” البريطانية و”شي إن” الصينية و”إميول” من هونغ كونغ الجهات الأساسية في هذا القطاع الذي يتميز بأن الملابس فيه تصنّع بوتيرة سريعة جداً وتُعرض بأسعار زهيدة.
ومن خلال نموذج عملها الذي يستند إلى البيع إلكترونياً، تدخل الشركات في منافسة شرسة مع أشهر سلاسل الأزياء السريعة التي تبيع منتجاتها داخل متاجر من أمثال “إتش أند إم” السويدية و”زارا” الإسبانية. وحققت “شي إن” السنة الفائتة 16 مليار دولار من المبيعات العالمية لسلعها، وفق بلومبرغ.
عدد كبير من الملابس الرخيصة مصيرها الرمي في مكبات ضخمة، مما يسفر عن نتائج وخيمة على البشرية وكوكب الأرض
ومع ذلك، تنتقد مجموعة من النشطاء البيئيين ما يقولون إنها ظاهرة “الملابس الرخيصة” على اعتبار أنها تهدر كميات كبيرة من الموارد، إذ يتطلب تصنيع قميص واحد يُلبس ثم يرمى بعد فترة قصيرة 2700 لتر من المياه.
وتلاحظ منظمة “غرينبيس” أنّ “مصير عدد كبير من هذه الملابس الرخيصة يكون الرمي في مكبات ضخمة وتحترق في الهواء الطلق أو تُرمى على طول مجاري الأنهار أو في البحار، مما يسفر عن نتائج وخيمة على البشرية وكوكب الأرض”.
ورغم ذلك، يرتفع بشكل كبير الطلب على الملابس ذات الأسعار المنخفضة مع أنّ نسبة التضخم تزداد في مختلف أنحاء العالم وتصل إلى مستويات قياسية لم تُسجّل منذ عقود. وبعد جائحة كوفيد – 19، تواجه المتاجر الكبرى ذات التكاليف الكبيرة صعوبات للبقاء في المنافسة.
ويوفر شراء الملابس الرخيصة على الإنترنت أسعاراً لا تُنافَس، إذ لا يتخطى سعر أحد القمصان مثلاً 4.80 دولار، فيما يبلغ سعر أحد الفساتين المُباعة لتلميذات المدارس الثانوية على غرار لولا (18 سنة) المتحدرة من مدينة نانسي الفرنسية أقل من عشر دولارات.
وتقول لولا التي لا تأبه بالأضرار البيئية الناجمة عن تصنيع هذه الملابس إنّ علامات تجارية من أمثال “شي إن” تتيح لها اتباع آخر صيحات الموضة “من دون إنفاق مبالغ خيالية”.
وتشير إلى أنها عادة ما تطلب مرة أو ثلاث مرات سلعاً من “شي إن” وتدفع مقابل الحصول على عشر سلع 70 يورو (نحو 71 دولاراً) في المتوسط.
وتقول فاليري غيار وهي أستاذة في الاقتصاد لدى جامعة باري دوفين، إنّ الشباب الذين تستهدفهم الموضة السريعة المُباعة سلعها إلكترونياً يركّزون على “كمية السلع بدل نوعيتها”.
وتُعزى نسبة كبيرة من نجاح شركة “شي إن” التي تأسست في أواخر عام 2008، إلى نشاطها الكبير في شبكات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وتيك توك وإنستغرام.
ويصوّر زبائن “شي إن” مقاطع فيديو ترويجية يجربون فيها قطع ملابس صنّعتها الشركة ثم يبدون رأيهم فيها. وتوسّع العلامات التجارية نطاق وصولها إلى مستخدمي الإنترنت من خلال عقدها شراكات منخفضة التكلفة مع نجوم مواقع التواصل بهدف زيادة ثقة المشترين ورفع مبيعات سلعها.
وتشيد مارلين غالاغر (45 عاماً)، وهي من الوجوه المعروفة في مواقع التواصل بأيرلندا وتعمل مع “شي إن” وشركات أخرى، بالجهات التي تروّج لسلعها لأنّها توفر ملابس ذات مقاسات كبيرة.
ليست المصانع وحدها التي تطالها سمعة سيئة، بل يُزعم أنّ ظروف عمل سيئة تنتشر داخل المصانع التابعة لشركات الموضة السريعة
وتقول لوكالة فرانس برس “إنّ العلامات التجارية هذه تمثل خياراً لا مثيل له لناحية إتاحتها خيارات عدة للنساء صاحبات المقاسات الكبيرة”.
وليست المصانع وحدها التي تطالها سمعة سيئة لناحية استهلاكها المفرط للموارد الجيدة وإلحاقها أضراراً بالبيئة، بل يُزعم أنّ ظروف عمل سيئة تنتشر داخل المصانع التابعة لشركات الموضة السريعة.
وفي نوفمبر 2022 أعلنت منظمة “بابليك أي” غير الحكومية التي تتخذ من سويسرا مقراً، أنّ الموظفين في بعض مصانع “شي إن” يعملون ما يصل إلى 75 ساعة أسبوعياً، مشيرةً إلى أنّ الشركة تنتهك تالياً قوانين العمل الصينية.
كذلك، واجهت شركة “بوهو” البريطانية انتقادات بعد نشر تقارير إعلامية تفيد بأنّ مورّدي سلعها يدفعون أجورا زهيدة للعمال في باكستان. وتُعدّ بصمة الكربون للموضة السريعة المُباعة سلعها إلكترونياً كارثية كذلك.
وتشير الوكالة الفرنسية للتحول البيئي إلى أنّ الموضة السريعة مسؤولة عن 2 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار المناخي سنوياً، وهي نسبة تعادل مجموع كمية الغازات التي تبعثها حركتا الملاحة الجوية والبحرية. وليس مفاجئاً إذاً أن تعبّر الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ عن سخطها من هذا الموضوع.
وكتبت السنة الفائتة أنّ “قطاع الأزياء مسؤول بنسبة كبيرة جداً عن حالة الطوارئ المناخية والبيئية، ناهيك عن أثره على عدد لا يحصى من عمال ومجموعات يتم استغلالهم في مختلف أنحاء العالم حتى يستمتع البعض بالموضة السريعة ويستهلكوا سلعها”.
وباشرت السلطات بإجراء عمليات تدقيق لممارسات هذه العلامات التجارية، إذ فتحت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية تحقيقاً في ما يتعلق بـ”ظاهرة الغسيل الأخضر” يطال كلا من “بوهو” و”أسوس” و”جورج أت أسدا”، فالمزاعم البيئية التي قدمتها هذه الشركات عن منتجاتها قد تكون مضللة.
وتؤكد شارلوت (14 سنة) أنها قررت التوقف عن طلب سلع من شركتي “شي إن” و”إميول”.
وتقول “كنت سعيدة لأنني أحصل على ثياب جديدة لكنّ شعوراً بالذنب بدأ يراودني”. وتضيف “أشتري الثياب حالياً من ‘فينتد'”، وهو موقع تسوق إلكتروني يستطيع مستخدمو الإنترنت أن يبيعوا عبره أو يشتروا سلعاً جديدة أو مستعملة.