ترينداد وتوباغو
Trinidad and Tobago - Trinité-et-Tobago
ترينداد وتوباغو
تؤلف جزيرتا ترينداد وتوباغو جمهورية مستقلة من دول البحر الكاريبي. تكالبت عليها الدول الاستعمارية الأوربية: إسبانية وهولندة وفرنسة وإنكلترة، منذ اكتشفها كريستوف كولومبوس في بدايات القرن السادس عشر، لموقعها الاستراتيجي بين أمريكة الجنوبية وأمريكة الشمالية. وتعد هذه الدولة الجزرية الصغيرة واحدة من أكثر دول البحر الكاريبي ازدهاراً، بسبب خيراتها الطبيعية الوفيرة واستقرارها السياسي وتوافر الحريات الاقتصادية والسياسية والدينية والثقافية.
تبلغ مساحة جمهورية ترينداد وتوباغو 5128 كم2، وتبلغ مساحة جزيرة ترينداد وحدها، وهي الجزيرة الكبرى، 4828كم2، وتمتد من الجنوب إلى الشمال مسافة 80كم ويبلغ عرضها 50كم في حين لا تتجاوز مساحة توباغو 300كم2.
تقع جزيرة ترينداد قرب السواحل الفنزويلية، إلى الشرق من خليج باريا Paria، قبالة دلتا نهر الأورينوكو Orinoco بين درجتي عرض 9درجات و40دقيقة و10درجات و50دقيقة شمال خط الاستواء، ودرجتي طول 60درجة و55دقيقة و61درجة و56دقيقة غرباً. ويفصل هذه الجزيرة عن القارة الأمريكية الجنوبية الممر المائي المسمى فم التنين في الشمال الغربي، والممر المائي المسمى فم الأفعى في الجنوب الغربي. أما جزيرة توباغو فتقع على بعد 32كم إلى الشمال الشرقي من جزيرة ترينداد وتمتد من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي.
الأوضاع الجغرافية الطبيعية
تتألف تضاريس جزيرة ترينداد من ثلاث سلاسل جبلية، تتتابع من الشمال إلى الجنوب، تفصل بينها أحواض تجري فيها الأنهار. وتشرف السلسلة الشمالية على الساحل الشمالي بطول 90كم من الغرب إلى الشرق، ويبلغ أعلى ارتفاع لها 940م. وتمثل هذه السلسلة نموذجاً للتضاريس الكارستية (تحلل الصخور الكلسية)، كما تتصف هذه السلسلة بكثافة غطائها النباتي. ويلي هذه السلسلة جنوباً الحوض الشمالي الذي يضم السهول اللحقية، حيث يجري نهرا كوروني Coroni وأوربوش الشمالي Oropuche Nord وروافدهما. وعلى طول الساحل الغربي قرب مصب نهر كوروني تقع بحيرة مساحتها 32كم2. أما السلسلة الجبلية الوسطى فتمتد في وسط الجزيرة، لمسافة 56كم، وهي أقل ارتفاعاً من سابقتها. ويبلغ أعلى ارتفاع لها نحو 307م فوق سطح البحر. يليها الحوض الجنوبي وهو شديد التضرّس، بفعل حت الأنهار والأودية المنحدرة من المرتفعات. وفي الغرب من هذا الحوض تقع بحيرة الإسفلت، وعمقها نحو 40م، ويستخرج منها الإسفلت والنفط، وتتصل هذه البحيرة بأخرى ساحلية هي بحيرة ناريفا.
أما سلسلة الجبال الجنوبية فهي جبال قليلة الارتفاع، تمتد على طول الساحل الجنوبي لمسافة 72كم ويقسمها وادي موروغا Moruga إلى قسمين. أما جزيرة توباغو فيتألف نصفها الشمالي من مرتفعات جبلية، يبلغ أقصى ارتفاع لها 576م، ونصفها الجنوبي من مجموعة من الهضاب يراوح ارتفاعها المتوسط بين 200 و250م، وفي أقصى الجنوب يمتد سهل منخفض ذو تكوينات مرجانية.
يتمتع الأرخبيل بمناخ استوائي، يتأثر بتيار مائي استوائي جنوبي حار، كما يتأثر بالرياح التجارية الشمالية الشرقية. ولا يتجاوز متوسط الحرارة السنوية 26درجة مئوية، وتصل الأمطار السنوية فيه إلى 2400مم تقريباً في الجزء الشرقي من جزيرة ترينداد، ونحو 2000مم في جزيرة توباغو. وتكتسي أراضي الأرخبيل بغطاء كثيف من الغابات، باستثناء المناطق الزراعية والمناطق التي يُستخرج منها الإسفلت والنفط. وتكثر غابات القرم (المنغروف) في المناطق الساحلية والمستنقعية، وتشتهر غابات الأرخبيل بغناها بثروة حيوانية متنوعة وخاصة الطيور.
الأوضاع البشرية
بلغ عدد سكان الجمهورية في عام 1972 نحو مليون نسمة، وارتفع هذا العدد حتى بلغ 1.297مليون نسمة عام 1996، ويلاحظ تباطؤ النمو السكاني في السنوات الأخيرة، إذ لم يتجاوز معدل النمو 8 بالألف (1990-1996)، وانخفض معدل الوفيات إلى 6 بالألف مقابل 20 بالألف معدل المواليد. يقطن المدن 72٪ من مجموع السكان، وبلغ العمر المتوسط للرجال 70سنة في عام 1996، والعمر المتوسط للنساء 75سنة.
تضم جزيرة ترينداد غالبية السكان، وتزداد الكثافة على السواحل الغربية، حيث الظروف الطبيعية والاقتصادية المناسبة. وفي هذه المنطقة تقع عدة مدن هي عبارة عن موانئ ومراكز تجارية وصناعية، وخاصة العاصمة بورت أوف سبين Port of Spain (ميناء إسبانية) التي يقطنها نحو 51ألف نسمة، وهي أكبر ميناء بحري وأكبر مركز تجاري في البلاد، إضافة إلى كونها العاصمة السياسية والإدارية والثقافية.
أما جزيرة توباغو فهي أقل كثافة سكانية، فتقع أهم مدنها على السواحل ولها علاقات تجارية مع الجوار، وأكبر مدنها مدينة سكاربورو Scarborough، وهي ميناء مهم يقع في جنوبي الجزيرة.
ينحدر سكان الأرخبيل من أصول متعددة. في عام 1966، بلغت نسبة القادمين من شبه القارة الهندية 40.3٪ من مجموع السكان، يليهم السود من أصل إفريقي ونسبتهم 39.6٪، ثم الخلاسيون 18.5٪، والباقون ونسبتهم 1.6٪ هم من أصول أوربية وخاصة الإنكليز والإسبان والفرنسيون والهولنديون. أما من حيث الديانة فإن غالبية السكان من المسيحيين على مختلف مذاهبهم ويوجد 23.8٪ من الهندوس ونحو 5.8٪ من المسلمين كما توجد فيها أقليات من الزنوج الوثنيين.
الأوضاع الجغرافية الاقتصادية والاجتماعية
تعد هذه الدولة الجزرية الصغيرة من أكثر دول البحر الكاريبي ازدهاراً، فقد بلغ الدخل السنوي للفرد فيها في عام 1996 نحو 3870دولاراً أمريكياً، ويعزى هذا الوضع الجيد إلى التوازن الموجود بين القطاع الاقتصادي الأول والقطاع الثاني.
وقد بلغ الناتج القومي الإجمالي في عام 1996 نحو 5017 مليون دولار أمريكي، وقد أسهمت فيه الصناعة والإنتاج المعدني بنسبة 42٪ والخدمات بنسبة 56% والزراعة بنسبة 2٪.
وفي الستينيات من هذا القرن كانت الزراعة تستوعب نحو 80٪ من السكان العاملين. وبعد التطور الصناعي والخدمي الذي شهدته البلاد في السنوات الثلاثين الماضية، انخفض نصيب الزراعة من الأيدي العاملة إلى 11٪ في عام 1997، في حين بلغ نصيب قطاع الخدمات 63٪ ونصيب الصناعة والإنتاج المعدني 26٪. والنشاط الزراعي في البلاد يستند إلى المحاصيل التجارية مثل قصب السكر، الذي يحتل أكبر مساحة زراعية. وتحتل هذه البلاد مكاناً جيداً بين المنتجين للسكر في منطقة الكاريبي، ومن المنتجات الزراعية الأخرى الموز والكاكاو والحمضيات وتتأثر هذه المنتجات بتقلبات الأسواق العالمية.
تنتشر في البلاد تربية الحيوان، وإنتاج كافٍ للسوق المحلية من اللحوم والحليب ومشتقاته، وأهم الحيوانات التي تُربى في هذه البلاد الأبقار والخنازير والماعز.
تعد الصناعة الاستخراجية من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، فالجزء الجنوبي من جزيرة ترينداد غني بالإسفلت والنفط الخام والغاز الطبيعي. وقد استفادت البلاد من ارتفاع أسعار النفط الخام في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، فطورت البنية الأساسية مثل الموانئ والمطارات والطرق البرية ووسائل النقل والمواصلات، وإنتاج الكهرباء، كما تطورت قطاعات التعليم والصحة والثقافة. وقد بلغ إنتاج البلاد من النفط الخام في عام 1996 نحو 8.585 مليون طن صُدر معظمه إلى البلدان المجاورة، كما تصدر البلاد كميات كبيرة من الإسفلت وتنتج الطاقة الكهربائية محطاتٌ حرارية. أما الصناعات الأخرى فأهمها البتروكيمياويات والصناعات المعدنية والأسمدة والمنتجات البلاستيكية والإلكترونيات، وتتركز معظم هذه الصناعات في العاصمة. وتحتل الصناعات الغذائية مرتبة مهمة، وخاصة صناعة سكر القصب والروم وسمن جوز الهند وبعض المشروبات والمنتجات الغذائية المحلية.
في البلاد شبكة طرق جيدة، وكلها طرق إسفلتية. وفيها عدة موانئ نشطة، من أهمها ميناء العاصمة في جزيرة ترينداد وميناء سكاربورو في جزيرة توباغو، كما تضم العاصمة مطاراً دولياً.
تزدهر السياحة في ترينداد ـ توباغو، وخاصة في جزيرة توباغو، حيث تنتشر الفنادق الفخمة ووسائل الترفيه إلى جانب المناظر الطبيعية الجميلة. وقد بلغ عدد السياح القادمين إلى البلاد عام 1996 نحو 266ألف سائح. ولهذه البلاد علاقات تجارية نشطة مع دول الجوار والولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربة.
لمحة تاريخية
اكتشف كريستوف كولومبوس جزيرتي ترينداد وتوباغو في رحلته الثالثة. وبعد ذلك وقعت الجزيرتان تحت حكم الإسبان مدة ثلاثة قرون. وقد تعرضت الجزيرتان لهجمات الهولنديين والفرنسيين والإنكليز، وأخيراً استولى عليهما الإنكليز في نهاية القرن الثامن عشر، وأعلنوا ملكيتهم لهما في عام 1802، بموجب معاهدة أميان Amian، وفي عام 1889 شكلت الجزيرتان وحدة إدارية، ومنذ ذلك الوقت ارتبط مصيرها بمصير المستعمرات البريطانية في البحر الكاريبي، وفي عام 1958 انضمت الجزيرتان إلى اتحاد جزر الهند الغربية الذي حل في عام 1962، على أثر انفصال جمايكة. وفي 31 آب عام 1962 تقرر إعطاء الاستقلال لأرخبيل ترينداد وتوباغو في نطاق الكومنولث البريطاني. ويحدد الدستور النظام البرلماني على النمط البريطاني، رئيس الدولة هو ملك بريطانية، يمثله في البلاد حاكم عام. وفي عام 1971 أُعلن النظام الجمهوري، وصارت دولة ترينداد وتوباغو عضواً في منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية A.E.O الكاريبي للتبادل الحر Carifta والسوق الكاريبية المشتركة Carecom.
المظاهر الثقافية والحضارية
الزنوج في دولة ترينداد وتوباغو، هم الأكثر حضوراً، ولذا فقد طغت تقاليدهم وحبهم للرقص وألوان ألبستهم الزاهية على الحياة في البلاد. فأينما توجه السائح يرى الألوان الفاقعة ويسمع الموسيقى الصاخبة والحركات الراقصة. بل إن الاحتفالات الدينية للمسيحيين السود ذات طابع إفريقي تعود إلى البلدان التي جلبوا منها وخاصة استخدام الطبول في هذه الاحتفالات. كما تشتهر في البلاد موسيقى الكاليبسو Calypso الراقصة ذات الأصول الإفريقية.
يتحدث أهالي البلاد بعدة لغات، هي الإنكليزية والفرنسية والإسبانية. ويتصف الشعب بنشاطه وحسن تنظيمه، على الرغم من تعدد أصوله، وهو ذو بنية اجتماعية هرمية في قمة الهرم تتربع أقلية أوربية، وفي أسفل الهرم يعيش الزنوج والهنود. أما الوسط فتشغله طبقة الخلاسيين البرجوازيين. ولاتخلو البلاد من المشكلات العنصرية والطائفية التي تظهر في الأزمات مما يؤدي إلى هروب رأس المال والكفايات الوطنية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. تنتشر القصص والحكايات عن تاريخ الجزر بعد اكتشافها من قبل الأوربيين، فهناك من يعتقد أن قراصنة البحار كانوا يأوون إلى جزيرة توباغو، حيث يتقاسمون الغنائم ويستريحون قبل الذهاب مرة أخرى للسلب والنهب، كما يعتقد سكان توباغو أن مغامرات روبنسون كروزو كانت تدور في جزيرتهم وتنخفض نسبة الأمية في البلاد إلى 5٪ لانتشار التعليم.
محمد الحمادي
Trinidad and Tobago - Trinité-et-Tobago
ترينداد وتوباغو
تؤلف جزيرتا ترينداد وتوباغو جمهورية مستقلة من دول البحر الكاريبي. تكالبت عليها الدول الاستعمارية الأوربية: إسبانية وهولندة وفرنسة وإنكلترة، منذ اكتشفها كريستوف كولومبوس في بدايات القرن السادس عشر، لموقعها الاستراتيجي بين أمريكة الجنوبية وأمريكة الشمالية. وتعد هذه الدولة الجزرية الصغيرة واحدة من أكثر دول البحر الكاريبي ازدهاراً، بسبب خيراتها الطبيعية الوفيرة واستقرارها السياسي وتوافر الحريات الاقتصادية والسياسية والدينية والثقافية.
تبلغ مساحة جمهورية ترينداد وتوباغو 5128 كم2، وتبلغ مساحة جزيرة ترينداد وحدها، وهي الجزيرة الكبرى، 4828كم2، وتمتد من الجنوب إلى الشمال مسافة 80كم ويبلغ عرضها 50كم في حين لا تتجاوز مساحة توباغو 300كم2.
الأوضاع الجغرافية الطبيعية
تتألف تضاريس جزيرة ترينداد من ثلاث سلاسل جبلية، تتتابع من الشمال إلى الجنوب، تفصل بينها أحواض تجري فيها الأنهار. وتشرف السلسلة الشمالية على الساحل الشمالي بطول 90كم من الغرب إلى الشرق، ويبلغ أعلى ارتفاع لها 940م. وتمثل هذه السلسلة نموذجاً للتضاريس الكارستية (تحلل الصخور الكلسية)، كما تتصف هذه السلسلة بكثافة غطائها النباتي. ويلي هذه السلسلة جنوباً الحوض الشمالي الذي يضم السهول اللحقية، حيث يجري نهرا كوروني Coroni وأوربوش الشمالي Oropuche Nord وروافدهما. وعلى طول الساحل الغربي قرب مصب نهر كوروني تقع بحيرة مساحتها 32كم2. أما السلسلة الجبلية الوسطى فتمتد في وسط الجزيرة، لمسافة 56كم، وهي أقل ارتفاعاً من سابقتها. ويبلغ أعلى ارتفاع لها نحو 307م فوق سطح البحر. يليها الحوض الجنوبي وهو شديد التضرّس، بفعل حت الأنهار والأودية المنحدرة من المرتفعات. وفي الغرب من هذا الحوض تقع بحيرة الإسفلت، وعمقها نحو 40م، ويستخرج منها الإسفلت والنفط، وتتصل هذه البحيرة بأخرى ساحلية هي بحيرة ناريفا.
أما سلسلة الجبال الجنوبية فهي جبال قليلة الارتفاع، تمتد على طول الساحل الجنوبي لمسافة 72كم ويقسمها وادي موروغا Moruga إلى قسمين. أما جزيرة توباغو فيتألف نصفها الشمالي من مرتفعات جبلية، يبلغ أقصى ارتفاع لها 576م، ونصفها الجنوبي من مجموعة من الهضاب يراوح ارتفاعها المتوسط بين 200 و250م، وفي أقصى الجنوب يمتد سهل منخفض ذو تكوينات مرجانية.
يتمتع الأرخبيل بمناخ استوائي، يتأثر بتيار مائي استوائي جنوبي حار، كما يتأثر بالرياح التجارية الشمالية الشرقية. ولا يتجاوز متوسط الحرارة السنوية 26درجة مئوية، وتصل الأمطار السنوية فيه إلى 2400مم تقريباً في الجزء الشرقي من جزيرة ترينداد، ونحو 2000مم في جزيرة توباغو. وتكتسي أراضي الأرخبيل بغطاء كثيف من الغابات، باستثناء المناطق الزراعية والمناطق التي يُستخرج منها الإسفلت والنفط. وتكثر غابات القرم (المنغروف) في المناطق الساحلية والمستنقعية، وتشتهر غابات الأرخبيل بغناها بثروة حيوانية متنوعة وخاصة الطيور.
بلغ عدد سكان الجمهورية في عام 1972 نحو مليون نسمة، وارتفع هذا العدد حتى بلغ 1.297مليون نسمة عام 1996، ويلاحظ تباطؤ النمو السكاني في السنوات الأخيرة، إذ لم يتجاوز معدل النمو 8 بالألف (1990-1996)، وانخفض معدل الوفيات إلى 6 بالألف مقابل 20 بالألف معدل المواليد. يقطن المدن 72٪ من مجموع السكان، وبلغ العمر المتوسط للرجال 70سنة في عام 1996، والعمر المتوسط للنساء 75سنة.
تضم جزيرة ترينداد غالبية السكان، وتزداد الكثافة على السواحل الغربية، حيث الظروف الطبيعية والاقتصادية المناسبة. وفي هذه المنطقة تقع عدة مدن هي عبارة عن موانئ ومراكز تجارية وصناعية، وخاصة العاصمة بورت أوف سبين Port of Spain (ميناء إسبانية) التي يقطنها نحو 51ألف نسمة، وهي أكبر ميناء بحري وأكبر مركز تجاري في البلاد، إضافة إلى كونها العاصمة السياسية والإدارية والثقافية.
أما جزيرة توباغو فهي أقل كثافة سكانية، فتقع أهم مدنها على السواحل ولها علاقات تجارية مع الجوار، وأكبر مدنها مدينة سكاربورو Scarborough، وهي ميناء مهم يقع في جنوبي الجزيرة.
ينحدر سكان الأرخبيل من أصول متعددة. في عام 1966، بلغت نسبة القادمين من شبه القارة الهندية 40.3٪ من مجموع السكان، يليهم السود من أصل إفريقي ونسبتهم 39.6٪، ثم الخلاسيون 18.5٪، والباقون ونسبتهم 1.6٪ هم من أصول أوربية وخاصة الإنكليز والإسبان والفرنسيون والهولنديون. أما من حيث الديانة فإن غالبية السكان من المسيحيين على مختلف مذاهبهم ويوجد 23.8٪ من الهندوس ونحو 5.8٪ من المسلمين كما توجد فيها أقليات من الزنوج الوثنيين.
الأوضاع الجغرافية الاقتصادية والاجتماعية
تعد هذه الدولة الجزرية الصغيرة من أكثر دول البحر الكاريبي ازدهاراً، فقد بلغ الدخل السنوي للفرد فيها في عام 1996 نحو 3870دولاراً أمريكياً، ويعزى هذا الوضع الجيد إلى التوازن الموجود بين القطاع الاقتصادي الأول والقطاع الثاني.
وقد بلغ الناتج القومي الإجمالي في عام 1996 نحو 5017 مليون دولار أمريكي، وقد أسهمت فيه الصناعة والإنتاج المعدني بنسبة 42٪ والخدمات بنسبة 56% والزراعة بنسبة 2٪.
وفي الستينيات من هذا القرن كانت الزراعة تستوعب نحو 80٪ من السكان العاملين. وبعد التطور الصناعي والخدمي الذي شهدته البلاد في السنوات الثلاثين الماضية، انخفض نصيب الزراعة من الأيدي العاملة إلى 11٪ في عام 1997، في حين بلغ نصيب قطاع الخدمات 63٪ ونصيب الصناعة والإنتاج المعدني 26٪. والنشاط الزراعي في البلاد يستند إلى المحاصيل التجارية مثل قصب السكر، الذي يحتل أكبر مساحة زراعية. وتحتل هذه البلاد مكاناً جيداً بين المنتجين للسكر في منطقة الكاريبي، ومن المنتجات الزراعية الأخرى الموز والكاكاو والحمضيات وتتأثر هذه المنتجات بتقلبات الأسواق العالمية.
تنتشر في البلاد تربية الحيوان، وإنتاج كافٍ للسوق المحلية من اللحوم والحليب ومشتقاته، وأهم الحيوانات التي تُربى في هذه البلاد الأبقار والخنازير والماعز.
تعد الصناعة الاستخراجية من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، فالجزء الجنوبي من جزيرة ترينداد غني بالإسفلت والنفط الخام والغاز الطبيعي. وقد استفادت البلاد من ارتفاع أسعار النفط الخام في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، فطورت البنية الأساسية مثل الموانئ والمطارات والطرق البرية ووسائل النقل والمواصلات، وإنتاج الكهرباء، كما تطورت قطاعات التعليم والصحة والثقافة. وقد بلغ إنتاج البلاد من النفط الخام في عام 1996 نحو 8.585 مليون طن صُدر معظمه إلى البلدان المجاورة، كما تصدر البلاد كميات كبيرة من الإسفلت وتنتج الطاقة الكهربائية محطاتٌ حرارية. أما الصناعات الأخرى فأهمها البتروكيمياويات والصناعات المعدنية والأسمدة والمنتجات البلاستيكية والإلكترونيات، وتتركز معظم هذه الصناعات في العاصمة. وتحتل الصناعات الغذائية مرتبة مهمة، وخاصة صناعة سكر القصب والروم وسمن جوز الهند وبعض المشروبات والمنتجات الغذائية المحلية.
في البلاد شبكة طرق جيدة، وكلها طرق إسفلتية. وفيها عدة موانئ نشطة، من أهمها ميناء العاصمة في جزيرة ترينداد وميناء سكاربورو في جزيرة توباغو، كما تضم العاصمة مطاراً دولياً.
تزدهر السياحة في ترينداد ـ توباغو، وخاصة في جزيرة توباغو، حيث تنتشر الفنادق الفخمة ووسائل الترفيه إلى جانب المناظر الطبيعية الجميلة. وقد بلغ عدد السياح القادمين إلى البلاد عام 1996 نحو 266ألف سائح. ولهذه البلاد علاقات تجارية نشطة مع دول الجوار والولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربة.
لمحة تاريخية
اكتشف كريستوف كولومبوس جزيرتي ترينداد وتوباغو في رحلته الثالثة. وبعد ذلك وقعت الجزيرتان تحت حكم الإسبان مدة ثلاثة قرون. وقد تعرضت الجزيرتان لهجمات الهولنديين والفرنسيين والإنكليز، وأخيراً استولى عليهما الإنكليز في نهاية القرن الثامن عشر، وأعلنوا ملكيتهم لهما في عام 1802، بموجب معاهدة أميان Amian، وفي عام 1889 شكلت الجزيرتان وحدة إدارية، ومنذ ذلك الوقت ارتبط مصيرها بمصير المستعمرات البريطانية في البحر الكاريبي، وفي عام 1958 انضمت الجزيرتان إلى اتحاد جزر الهند الغربية الذي حل في عام 1962، على أثر انفصال جمايكة. وفي 31 آب عام 1962 تقرر إعطاء الاستقلال لأرخبيل ترينداد وتوباغو في نطاق الكومنولث البريطاني. ويحدد الدستور النظام البرلماني على النمط البريطاني، رئيس الدولة هو ملك بريطانية، يمثله في البلاد حاكم عام. وفي عام 1971 أُعلن النظام الجمهوري، وصارت دولة ترينداد وتوباغو عضواً في منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية A.E.O الكاريبي للتبادل الحر Carifta والسوق الكاريبية المشتركة Carecom.
المظاهر الثقافية والحضارية
الزنوج في دولة ترينداد وتوباغو، هم الأكثر حضوراً، ولذا فقد طغت تقاليدهم وحبهم للرقص وألوان ألبستهم الزاهية على الحياة في البلاد. فأينما توجه السائح يرى الألوان الفاقعة ويسمع الموسيقى الصاخبة والحركات الراقصة. بل إن الاحتفالات الدينية للمسيحيين السود ذات طابع إفريقي تعود إلى البلدان التي جلبوا منها وخاصة استخدام الطبول في هذه الاحتفالات. كما تشتهر في البلاد موسيقى الكاليبسو Calypso الراقصة ذات الأصول الإفريقية.
يتحدث أهالي البلاد بعدة لغات، هي الإنكليزية والفرنسية والإسبانية. ويتصف الشعب بنشاطه وحسن تنظيمه، على الرغم من تعدد أصوله، وهو ذو بنية اجتماعية هرمية في قمة الهرم تتربع أقلية أوربية، وفي أسفل الهرم يعيش الزنوج والهنود. أما الوسط فتشغله طبقة الخلاسيين البرجوازيين. ولاتخلو البلاد من المشكلات العنصرية والطائفية التي تظهر في الأزمات مما يؤدي إلى هروب رأس المال والكفايات الوطنية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. تنتشر القصص والحكايات عن تاريخ الجزر بعد اكتشافها من قبل الأوربيين، فهناك من يعتقد أن قراصنة البحار كانوا يأوون إلى جزيرة توباغو، حيث يتقاسمون الغنائم ويستريحون قبل الذهاب مرة أخرى للسلب والنهب، كما يعتقد سكان توباغو أن مغامرات روبنسون كروزو كانت تدور في جزيرتهم وتنخفض نسبة الأمية في البلاد إلى 5٪ لانتشار التعليم.
محمد الحمادي