تعرفوا على بلدة تطوان Tetouan تقع في الجزء الشمالي الغربي بالمغرب .مصطفى حج إبراهيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا على بلدة تطوان Tetouan تقع في الجزء الشمالي الغربي بالمغرب .مصطفى حج إبراهيم

    تطوان

    Tetouan / Tittawin - Tétouan

    تطوان

    تقع تطوان (Tetuán في الإسبانية) في الجزء الشمالي الغربي من جبال الريف المحاذية للبحر المتوسط شمالي المغرب[ر]، حيث تمتد فوق عتبة مشرفة، في سفح جبل درسة، حيث يعبر نهر مارتين من أسفله (مارتيل بالإسبانية)، قاطعاً جبال الريف الكلسية، وصاباً في البحر المتوسط، على بُعد عشر كيلومترات من المدينة.
    تطوان مدينة متوسطية النموذج، تنتشر فيها الغابات والمراعي والمزروعات التي تشكل محيطاً ريفياً متكاملاً شديد الرطوبة، وتتمثل أهمية المدينة في وقوعها عند منافذ طرق برية نهرية بحرية، تؤدي إلى أوربة المتوسطية والمحيطية من جهة وإلى باقي أنحاء المغرب من جهة ثانية، وتعد سبتة ميناءها الأول وطنجة الثاني، هذا إضافة إلى كونها قاعدة إقليم الريف وسوقه الرئيسة.
    لتطوان تاريخ قديم متصل بالفينيقيين وقرطاجة والأمازيغ، فاسمهها القديم «تيطاوين» أو «تيطاون» أو «تيطيغن» يعني بالأمازيغية «العيون أو الينابيع»، ثم ظهر اسم تطوان في القرن الحادي عشر، وشاع منذ القرن السابع عشر. وكانت قرطاجة قد أقامت فيها وكالة تجارية باسم «تمودا» في القرن الثالث ق.م، وقد دمرها الرومان بعد تدميرهم لقرطاجة. بعد الفتح العربي للمغرب، لم يرد ذكر لتيطاوين إلا في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي لدى تقسيم دولة إدريس الثاني، إذ اتبعت القسم الذي عاصمته طنجة.
    دخلت تطوان مرحلة تاريخية جديدة مع الانحسار العربي في إسبانية، واشتداد الصراع بين الجارتين المغربية والأندلسية، إذ أصبحت مدينة مُجابهة وجهاد، وهدفاً رئيساً للغارات الإسبانية. وقد قام الإسبان بتدميرها عام 1403م، وقتلوا وأسروا الكثير من سكانها، وهُجرت المدينة عقوداً، ولم تعد إليها الحياة إلا بعد سقوط غرناطة وتدفق اللاجئين الأندلسيين عليها، فأُعمرت المدينة وأرباضها، وحُصنت من جديد، وتمكن المجاهد الغرناطي أبو الحسن المندري، بمن تبقى معه من فرسان الأندلس، وبمن انضم إليهم من مقاتلي الريف، من قيادة حملة برية بحرية منسقة مع مجاهدي البحر، فاجتاح سبتة وطنجة وأسر آلاف الإسبان فيهما، استخدمهم في توسيع إعمار تطوان.
    انقضى العصر البطولي لتطوان بوفاة المندري، فمرت بمرحلة اطمئنان وركون إلى الراحة، وتنامت عصبيتها الإقليمية، فخرجت عن طاعة السلطان، وامتنعت عن دفع الضرائب، وتنازعتها أحزاب وطوائف حكم المدينة، وتنازعت مع أرباضها، ونزعت إلى الإثراء من تجارة الصادر والوارد والاستمتاع بالفنون والآداب والقصور والحدائق ونافورات المياه. وكلها تحمل الطابع الأندلسي، وتأكد ذلك إثر الخروج الأخير للعرب المورسكيين من إسبانية ومعهم اليهود السفرديم، ورافق ذلك توطد العلاقات التجارية والقنصلية والدبلوماسية مع أوربة، وأصبحت تطوان في القرون اللاحقة عاصمة دبلوماسية للمغرب، ومقراً لنائب السلطان، لكن في ظل الأطماع الاستعمارية الأوربية، استولى الإسبان على تطوان عام 1859، ومكثوا فيها حتى عام 1862، ثم عادوا واحتلوها عام 1915، وجعلوها عاصمة للحماية الإسبانية في الريف حتى عام 1956، عادت بعدها إلى السيادة المغربية.
    تأثرت حياة السكان في تطوان بأحداث السلم والحرب، وأصبح عدد السكان معياراً لحالات اللجوء إليها، أو الهجرة منها، إذ حل فيها جزائريون فراراً من الاحتلال الفرنسي، وخرج منها يهود قاصدين الجزائر ومناطق أخرى مجاورة أو بعيدة، وقام الإسبان ببناء حي جديد لاتيني العمارة خارج السور.
    كذلك انعكس الصراع الحربي المزمن على المخطط العمراني للمدينة، من حيث منشآت الدفاع والتحصين، كما أثر موقعها المحلي في سفح جبل درسة، ومرور نهر مارتين في أسفله، على توزع أحيائها التي تسمى حومات (ج.حومة)، فهي بين عليا وسفلى، وغالباً ما يكون أعلاها أقدمها، ونظراً لكثرة الكهوف والمغائر، وهي مصدر الطفل الصلصالي المستعمل في صناعات عديدة، فقد اتخذها صناع الأواني والأدوات الفخارية دكاكين لهم، وكذلك بعض الحدادين والنجارين، وتتركز المدابغ والطواحين على ضفاف النهر إضافة إلى بساتين الخضر والفواكه. ويحيط بالأحياء القديمة سور فيه سبعة أبواب، وأقدم أحيائها حي السويقة، وتزدهر في تلك الأحياء تجارة التوابل والعطور والقطن والحرير.
    أُدرج اسم تطوان في قائمة المدن التاريخية المهمة التي ينبغي المحافظة على معالمها وتراثها الثقافي، بعد أن لحقت بها أضرار كثيرة جراء التجديدات المعاصرة.
    مما تقدم تتبين وظائف تطوان المتعددة، التي ترسخت عبر الجغرافية والتاريخ في جميع مجالات الحياة، وكان لها دور متميز في تاريخ المغرب في المسرحين الداخلي والخارجي، إلا أن دورها الثقافي الذي انصبت فيه روافد كثيرة، جعل لتطوان وظيفة ثقافية عربية مغربية عظيمة، إذ كان علماؤها وطلابها وحجاجها على علاقات وثيقة بالمشرق العربي وعلمائه وكتابه، وكثيراً ما أُشير إلى موروثاتها الثقافية بعبارات ذات دلالة، فهي «أخت فاس» و»أخت غرناطة» و»القدس الصغيرة»، وهي تعج بالمباني الأثرية والمؤسسات الثقافية والفنية والمعاهد الحرفية، ضمن طابعها الأندلسي مثل المسجد الجامع الكبير وقصر الخليفة ومدرسة لوقاش ومدرسة الفنون والصناعات التقليدية ومدرسة الفنون الجميلة والمتحف الإثنوغرافي والمعهد الموسيقي والمكتبة العامة التي تعد بمحفوظاتها من أهم وأكبر مكتبات المغرب.
    وإذا ما أضفنا إلى ذلك منشآتها الحديثة بساحاتها وشوارعها، ومنتجعات الاستحمام والاستجمام والملاهي، التي أُقيمت على شاطئها البحري، فإنها تأتي في مقدمة المدن السياحية المغربية.

    مصطفى حج إبراهيم

يعمل...
X