تحول شكلي
Metamorphosis - Métamorphose
التحول الشكلي
التحول الشكلي metamorphosis عملية نضج بعد جنيني تتجلى في تبدلات تحدث عند انتقال بعض الحيوانات من شكل يرقي إلى شكل يرقي آخر، أو إلى مرحلة البلوغ، مثل تحوُّل أسـروع[ر] الفراشة وتحوُّل شرغوف الضفدع.
وهو يحدث لدى الكثير من الحيوانات، وبخاصة اللاسعات والمثقوبات والشريطيات وكثيرات الأهلاب والرخويات[ر] والحشرات[ر] والقشريات[ر] والبرمائيات[ر] والأسماك[ر]. وتتم أثناء هذه العملية تبدلات بنيوية ووظيفية تهيء المتعضية لحياة المرحلة التالية (يرقية كانت أم بالغة) في وسط أو مأوى جديد مزودةٍ بأجهزة مختلفة.
وأكثر مادُرِس من حالات التحول الشكلي ما يحدث لدى الحشرات والبرمائيات.
التحول الشكلي لدى الحشرات
تنقف بيضة الجراد عادة لتخرج حورية nymph تشبه الحيوان الأم، لكنها ذات رأس كبير مقارنة مع بقية الجسم، وبدون أجنحة. وكلما تقدم العمر بالحورية، بعد عدة انسلاخات، يكبر الجسم فتطرح القشيرة القديمة عن جسمها، وتظهر أجنحة صغيرة من براعم جناحية صغيرة، تكبر بالتدريج. وهكذا تنسلخ الحورية الأولى أربع مرات تنسلخ بعدها الحورية الخامسة متحولة إلى طور البلوغ. يطلق على أمثال الجراد اسم الحشرات نصفية التحول الشكلي hemimetabola (الشكل -1).
أما فراشة الحرير فتنقف بيضتها عن يرقة larva دودية الشكل تسمى الأسروع caterpillar يتألف جسمها من قطع متتالية تتغذى بأوراق التوت، تنسلخ أربع مرات طارحة قشيرتها التي تغطي جسمها. أما اليرقة الخامسة فتنسج حول نفسها شبكة من الخيوط الحريرية مشكلة شرنقة cocoon تحيط نفسها بها، كما تفرز اليرقة حول نفسها قشيرة شمعية تتحول بداخلها إلى مرحلة يرقية أخرى تختلف عن الأولى تسمى العذراء pupa، ينخفض فيها النشاط الاستقلابي (الأيض) إلى حده الأدنى، فتبقى العذراء ساكنة شبه ميتة. حتى إذا ما ارتفعت الحرارة تدب الحياة فيها وتنشط ثانية وتتحول إلى حشرة بالغة تشق طريقها إلى حياتها الجديدة بتمزيق قشيرتها الشمعية والشرنقة الحريرية. ويطلق على أمثال فراشة الحرير اسم الحشرات كاملة التحول الشكلي holometabola.
درست أسباب هذه التغيرات فوجد تدخل بعض الهرمونات فيها. ففي الجراد مثلاً يفرز نصفا الكرتين المخيتين هرموناً يسمى هرمون عقدة الصدر الأمامي المغذيprothoracic trophic hormone الذي يخزَن ضمن شفع من الغدد تسميان غدتي الجسم القلبي corpora cardiata تتوضعان خلف الدماغ مباشرة. وإذا مر هذا الهرمون إلى غدة توجد في القطعة الصدرية الأولى تسمى غدة الصدر الأمامي فإنها تحرر هرمون الإكدايسون الذي ينبه خلايا البشرة لإنتاج قشيرة جديدة.
تبين أيضاً وجود منطقة في الرأس تسمى الجسم المجهول corpora allata تفرز هرموناً آخر يسمى هرمون الفتوة neotenine يحض على إبقاء مرحلة الحورية، مانعاً بذلك التحول إلى طور البلوغ ومحافظاً على شكل الحورية.
وهكذا يستنتج أن في كثير من الحشرات هرمونين هما هرمون الانسلاخ وهرمون الفتوة. ويُرى الآن أن النمو والتحول الشكلي محكومين بالتفاعل المتبادل بين هذين الهرمونين. ففي غياب هرمون الفتوة يثير هرمون الانسلاخ التحول إلى شكل الحشرة البالغة، وبوجود هذا الهرمون يُثَبَّطُ تأثير هرمون الانسلاخ وتبقى المتعضية في مرحلة ما دون النضج.
أما لدى الحشرات كاملة التحول الشكلي فتبلغ الحشرة مرحلة العذراء بسبب وجود مستويات منخفضة جداً من هرمون الفتوة، في حين يؤدي غياب هذا الهرمون إلى تحول شكلي مباشرة إلى الشكل البالغ. فإذا استأصلنا الجسم المجهول من الحوريات في المرحلة الثانية أو الثالثة أو الرابعة لحشرة نصفية التحول الشكلي فإنها تنسلخ متحولة إلى شكل بالغ مصغر.
وحالما يتحقق الوصول إلى الشكل البالغ لدى الحشرات المجنحة يتراجع نمو غدد الصدر الأمامـي وتختفي، مانعة بذلك حدوث انسلاخات لاحقة. ولا يحدث هذا التراجـع لدى الحشرات عديمات الجناح، إذ يعود الجسم المجهول لدى الحشرات البالغة فعالاً مرة ثانية ويفرز هرمون الفتوة. ويعد هذا الأمر ضرورياً من أجل تراكم المح في الخلايا البيضية عند الإناث ومن أجل الوظيفة الطبيعية للغدد الملحقة التي تُكَوِّن حاملات النطاف عند الذكور.
التحول الشكلي لدى البرمائيات
يتضمن التحول الشكلي لدى البرمائيات تحول يرقاتها المائية (شراغيف الضفادع) إلى متعضيات بالغة نصف أرضية المعيشة.
ويعكس هذا التحول لدى البرمائيات عدم تأقلم هذه الحيوانات تماماً مع الحياة على اليابسة. فالبالغة منها تستطيع الحياة على اليابسة وتستمد غذاءها بتناولها الحشرات الطائرة. أما الجنينية فعليها أن تعيش في الماء أو في أماكن خاصة مثل جيوبٍ على ظهور أمَّهاتها، لأن البيوض لا تتحمل التعرض للهواء الجوي. لذلك فإن كل البرمائيات تقريباً التي تبيض في الماء لها مراحل يرقية تبقى بعد الفقس في الماء متغذية بالطحالب المائية. ويتضمن نمو هذه الحيوانات تحولها من التغذي العشبي في الماء إلى التغذي اللحمي على اليابسة، الأمر الذي يقتضي حدوث تغيرات جذرية في تشريح الحيوان ووظائف أعضائه. من هذه التغيرات اختفاء الذيل من اليرقات وتَكَوُّن الأطراف بدلاً منها، واختفاء الغلاصم (الخياشيم) الخارجية وتَكَوُّن الرئتين للتنفس (مع مساعدة من الجلد في ذلك)، واختفاء الفم الماص، وتَكَوُّن الفكوك واللسان اللاصق، وقصر أنبوب الهضم الطويل الملائم للغذاء النباتي، إلى أنبوب قصير يلائم الغذاء اللحمي، وتغير مادة الإطراح البولية النتروجينية من النشادر (الأمونيا) إلى البولة.
وكما في الحشرات، تضبط آليات التحول الشكلي لدى البرمائيات إفرازات غدد صم أيضاً. فقد أكدت تجارب كثيرة أن وجود هرمون الدرقين (التيروكسين) thyroxin، الذي تفرزه الغدة الدرقية للحيوان، يسبب التحول الشكلي وتحول النسج ليتلاءم الحيوان مع الحالة الجديدة، في حين يُبقي غيابه الحيوان على شكله السابق.
ويعتقد أن المنبه الأساسي اللازم للتحول الشكلي هو تبدل ظروف الوسط المحيط، مثل ارتفاع الحرارة أو استطالة النهار. فتنتقل هذه المنبهات الخارجية إلى الدماغ، فتتفَعَّل منطقة الوطاء hypothalamus التي تفرز الهرمون المحَرِّر للمغذي الدرقيthyrotrophin releasing hormone (TRH) الذي يمر، عبر الأوعية الدموية، إلى الغدة النخامية التي تفرز الهرمون منبه الدرق thyroid stimulating hormone (TSH) الذي يحض الغدة الدرقية لتحرير الدرقين، وهذان الهرمونان يعملان مباشرة في النسج المتحولة فتَحدث الاستجابات المتنوعة مثل تراجع ذيل اليرقة وغلاصمها وتَسَرُّع نمو الأطراف واللسان وتمايز الجلد لتكوين الخلايا الغدية وحاملات الصبغ.
التحول الشكلي لدى الأسماك
تبدي الأسماك المنبسطة والحنكليس تحولاً شكلياً حقيقياً. فبيوض الأسماك المنبسطة تنقف لتخرج منها يرقات سابحة متناسقة، تنضغط جانبياً بالتدريج، ويطرأ على رأسها تغير واضح يتجلى في هجرة إحدى العينين إلى الجانب الآخر من جسم الحيوان الذي يواجـه الضوء في حالة البلوغ. وفي الوقت نفسه يصير الحيوان «قاعياً benthic» ويحط على قاع البحر بحيث ينطبق سطحه المجرد من العيون على قاع البحر، الذي يمثل، مثلاً، الجانب الأيسر من سمك موسى sole، والجانب الأيمن من سمك الترس (التربوت) turbot.
وفي أثناء هجرة اليرقات، التي تستغرق سنتين ونصف تقريباً من بحر السرغس إلى شواطئ أوربة، يبقى الحنكليس الفتي على شكله اليرقي الذي يسمى «اليرقة رفيعة الرأس leptocephalus» المسطحة ذات الشكل الورقي، التي تكبر بالتدريج مندفعة مع تيار الخليج. وعندما تصل اليرقة إلى الرصيف القاري لأوربة يبدأ تحولها الشكلي فتصير أسطوانية الشكل وتفقد نحو 20٪ من طولها و80٪ من وزنها. وهكذا تصير ما يسـمى «فرخ الحنكليس» الذي يدخل مصبات الأنهار والنطاقات الساحلية. ويطابق الانخفاض الكبير في وزن اليرقة تجفاف حقيقي سببه دون شك الغدة الدرقية. ويعد دخول المياه العذبة ضرورياً لإزالة التجفاف عن نسج «الفرخ».
التحول الشكلي لدى مفصليات الأرجل
تبدي القراديات Acarina تحولاً شكلياً معقداً، إذ تمر في مراحل مختلفة شكلياً وحياتياً. فتخرج من البيضة يرقة لها ثلاثة أشفاع من الأرجل، تنسلخ لتصبح حورية ذات أربعة أشفاع من الأرجل ولكنها تبقى دون فوهة تناسلية. وتنسلخ هذه الحورية ليظهر الحيوان البالغ بأربعة أشفاع من الأرجل مجهزاً بفوهة تناسلية.
أما بقية العنكبيات، العقارب والعناكب Aranea، فإنها لا تمر في تحول شكلي، فاليرقات والأشكال البالغة لا يختلف بعضها عن بعضها الآخر من الناحية الشكلية، والتغيرات التي تطرأ على بعض الأعضاء أو البنى فيها يمثل تغيرات فيزيولوجية فحسب.
ومن القشريات مجموعات تنقف بيوضها لتظهر أفراد تشبه الأفراد البالغـة، ويبدو أنها لا تمر في تحول شكلي، وبعضها الآخر يخرج من البيضة يرقات أهمها النوبليوس Nauplius التي يتقطع جسمها عند كل انسلاخ لتصل بالتدريج إلى مرحلـة البلوغ، ويبدي بعضها أنواعاً مختلفة من التحول الشكلي إذ يمر بمراحل يرقية مختلفة. فالقريديس (الأربيان، الجمبري) Penaeus يمر في مراحل النوبليوس، ثم النوبليوس التالية metanaupliu، ثم الزوئية zoea، ثم المايسيس mysis، قبل أن يصل إلى الحيوان البالغ. أما السرطان فله يرقة تشبه السرطان لكن بطنها كبير وممتد. والجدير بالذكر أن هذه التحولات تتحكم فيها هرمونات تشبه إلى حد كبير هرمونات الحشرات.
حسن حلمي خاروف
Metamorphosis - Métamorphose
التحول الشكلي
التحول الشكلي metamorphosis عملية نضج بعد جنيني تتجلى في تبدلات تحدث عند انتقال بعض الحيوانات من شكل يرقي إلى شكل يرقي آخر، أو إلى مرحلة البلوغ، مثل تحوُّل أسـروع[ر] الفراشة وتحوُّل شرغوف الضفدع.
وهو يحدث لدى الكثير من الحيوانات، وبخاصة اللاسعات والمثقوبات والشريطيات وكثيرات الأهلاب والرخويات[ر] والحشرات[ر] والقشريات[ر] والبرمائيات[ر] والأسماك[ر]. وتتم أثناء هذه العملية تبدلات بنيوية ووظيفية تهيء المتعضية لحياة المرحلة التالية (يرقية كانت أم بالغة) في وسط أو مأوى جديد مزودةٍ بأجهزة مختلفة.
وأكثر مادُرِس من حالات التحول الشكلي ما يحدث لدى الحشرات والبرمائيات.
التحول الشكلي لدى الحشرات
تنقف بيضة الجراد عادة لتخرج حورية nymph تشبه الحيوان الأم، لكنها ذات رأس كبير مقارنة مع بقية الجسم، وبدون أجنحة. وكلما تقدم العمر بالحورية، بعد عدة انسلاخات، يكبر الجسم فتطرح القشيرة القديمة عن جسمها، وتظهر أجنحة صغيرة من براعم جناحية صغيرة، تكبر بالتدريج. وهكذا تنسلخ الحورية الأولى أربع مرات تنسلخ بعدها الحورية الخامسة متحولة إلى طور البلوغ. يطلق على أمثال الجراد اسم الحشرات نصفية التحول الشكلي hemimetabola (الشكل -1).
درست أسباب هذه التغيرات فوجد تدخل بعض الهرمونات فيها. ففي الجراد مثلاً يفرز نصفا الكرتين المخيتين هرموناً يسمى هرمون عقدة الصدر الأمامي المغذيprothoracic trophic hormone الذي يخزَن ضمن شفع من الغدد تسميان غدتي الجسم القلبي corpora cardiata تتوضعان خلف الدماغ مباشرة. وإذا مر هذا الهرمون إلى غدة توجد في القطعة الصدرية الأولى تسمى غدة الصدر الأمامي فإنها تحرر هرمون الإكدايسون الذي ينبه خلايا البشرة لإنتاج قشيرة جديدة.
تبين أيضاً وجود منطقة في الرأس تسمى الجسم المجهول corpora allata تفرز هرموناً آخر يسمى هرمون الفتوة neotenine يحض على إبقاء مرحلة الحورية، مانعاً بذلك التحول إلى طور البلوغ ومحافظاً على شكل الحورية.
وهكذا يستنتج أن في كثير من الحشرات هرمونين هما هرمون الانسلاخ وهرمون الفتوة. ويُرى الآن أن النمو والتحول الشكلي محكومين بالتفاعل المتبادل بين هذين الهرمونين. ففي غياب هرمون الفتوة يثير هرمون الانسلاخ التحول إلى شكل الحشرة البالغة، وبوجود هذا الهرمون يُثَبَّطُ تأثير هرمون الانسلاخ وتبقى المتعضية في مرحلة ما دون النضج.
أما لدى الحشرات كاملة التحول الشكلي فتبلغ الحشرة مرحلة العذراء بسبب وجود مستويات منخفضة جداً من هرمون الفتوة، في حين يؤدي غياب هذا الهرمون إلى تحول شكلي مباشرة إلى الشكل البالغ. فإذا استأصلنا الجسم المجهول من الحوريات في المرحلة الثانية أو الثالثة أو الرابعة لحشرة نصفية التحول الشكلي فإنها تنسلخ متحولة إلى شكل بالغ مصغر.
وحالما يتحقق الوصول إلى الشكل البالغ لدى الحشرات المجنحة يتراجع نمو غدد الصدر الأمامـي وتختفي، مانعة بذلك حدوث انسلاخات لاحقة. ولا يحدث هذا التراجـع لدى الحشرات عديمات الجناح، إذ يعود الجسم المجهول لدى الحشرات البالغة فعالاً مرة ثانية ويفرز هرمون الفتوة. ويعد هذا الأمر ضرورياً من أجل تراكم المح في الخلايا البيضية عند الإناث ومن أجل الوظيفة الطبيعية للغدد الملحقة التي تُكَوِّن حاملات النطاف عند الذكور.
التحول الشكلي لدى البرمائيات
يتضمن التحول الشكلي لدى البرمائيات تحول يرقاتها المائية (شراغيف الضفادع) إلى متعضيات بالغة نصف أرضية المعيشة.
ويعكس هذا التحول لدى البرمائيات عدم تأقلم هذه الحيوانات تماماً مع الحياة على اليابسة. فالبالغة منها تستطيع الحياة على اليابسة وتستمد غذاءها بتناولها الحشرات الطائرة. أما الجنينية فعليها أن تعيش في الماء أو في أماكن خاصة مثل جيوبٍ على ظهور أمَّهاتها، لأن البيوض لا تتحمل التعرض للهواء الجوي. لذلك فإن كل البرمائيات تقريباً التي تبيض في الماء لها مراحل يرقية تبقى بعد الفقس في الماء متغذية بالطحالب المائية. ويتضمن نمو هذه الحيوانات تحولها من التغذي العشبي في الماء إلى التغذي اللحمي على اليابسة، الأمر الذي يقتضي حدوث تغيرات جذرية في تشريح الحيوان ووظائف أعضائه. من هذه التغيرات اختفاء الذيل من اليرقات وتَكَوُّن الأطراف بدلاً منها، واختفاء الغلاصم (الخياشيم) الخارجية وتَكَوُّن الرئتين للتنفس (مع مساعدة من الجلد في ذلك)، واختفاء الفم الماص، وتَكَوُّن الفكوك واللسان اللاصق، وقصر أنبوب الهضم الطويل الملائم للغذاء النباتي، إلى أنبوب قصير يلائم الغذاء اللحمي، وتغير مادة الإطراح البولية النتروجينية من النشادر (الأمونيا) إلى البولة.
وكما في الحشرات، تضبط آليات التحول الشكلي لدى البرمائيات إفرازات غدد صم أيضاً. فقد أكدت تجارب كثيرة أن وجود هرمون الدرقين (التيروكسين) thyroxin، الذي تفرزه الغدة الدرقية للحيوان، يسبب التحول الشكلي وتحول النسج ليتلاءم الحيوان مع الحالة الجديدة، في حين يُبقي غيابه الحيوان على شكله السابق.
ويعتقد أن المنبه الأساسي اللازم للتحول الشكلي هو تبدل ظروف الوسط المحيط، مثل ارتفاع الحرارة أو استطالة النهار. فتنتقل هذه المنبهات الخارجية إلى الدماغ، فتتفَعَّل منطقة الوطاء hypothalamus التي تفرز الهرمون المحَرِّر للمغذي الدرقيthyrotrophin releasing hormone (TRH) الذي يمر، عبر الأوعية الدموية، إلى الغدة النخامية التي تفرز الهرمون منبه الدرق thyroid stimulating hormone (TSH) الذي يحض الغدة الدرقية لتحرير الدرقين، وهذان الهرمونان يعملان مباشرة في النسج المتحولة فتَحدث الاستجابات المتنوعة مثل تراجع ذيل اليرقة وغلاصمها وتَسَرُّع نمو الأطراف واللسان وتمايز الجلد لتكوين الخلايا الغدية وحاملات الصبغ.
التحول الشكلي لدى الأسماك
تبدي الأسماك المنبسطة والحنكليس تحولاً شكلياً حقيقياً. فبيوض الأسماك المنبسطة تنقف لتخرج منها يرقات سابحة متناسقة، تنضغط جانبياً بالتدريج، ويطرأ على رأسها تغير واضح يتجلى في هجرة إحدى العينين إلى الجانب الآخر من جسم الحيوان الذي يواجـه الضوء في حالة البلوغ. وفي الوقت نفسه يصير الحيوان «قاعياً benthic» ويحط على قاع البحر بحيث ينطبق سطحه المجرد من العيون على قاع البحر، الذي يمثل، مثلاً، الجانب الأيسر من سمك موسى sole، والجانب الأيمن من سمك الترس (التربوت) turbot.
وفي أثناء هجرة اليرقات، التي تستغرق سنتين ونصف تقريباً من بحر السرغس إلى شواطئ أوربة، يبقى الحنكليس الفتي على شكله اليرقي الذي يسمى «اليرقة رفيعة الرأس leptocephalus» المسطحة ذات الشكل الورقي، التي تكبر بالتدريج مندفعة مع تيار الخليج. وعندما تصل اليرقة إلى الرصيف القاري لأوربة يبدأ تحولها الشكلي فتصير أسطوانية الشكل وتفقد نحو 20٪ من طولها و80٪ من وزنها. وهكذا تصير ما يسـمى «فرخ الحنكليس» الذي يدخل مصبات الأنهار والنطاقات الساحلية. ويطابق الانخفاض الكبير في وزن اليرقة تجفاف حقيقي سببه دون شك الغدة الدرقية. ويعد دخول المياه العذبة ضرورياً لإزالة التجفاف عن نسج «الفرخ».
التحول الشكلي لدى مفصليات الأرجل
تبدي القراديات Acarina تحولاً شكلياً معقداً، إذ تمر في مراحل مختلفة شكلياً وحياتياً. فتخرج من البيضة يرقة لها ثلاثة أشفاع من الأرجل، تنسلخ لتصبح حورية ذات أربعة أشفاع من الأرجل ولكنها تبقى دون فوهة تناسلية. وتنسلخ هذه الحورية ليظهر الحيوان البالغ بأربعة أشفاع من الأرجل مجهزاً بفوهة تناسلية.
أما بقية العنكبيات، العقارب والعناكب Aranea، فإنها لا تمر في تحول شكلي، فاليرقات والأشكال البالغة لا يختلف بعضها عن بعضها الآخر من الناحية الشكلية، والتغيرات التي تطرأ على بعض الأعضاء أو البنى فيها يمثل تغيرات فيزيولوجية فحسب.
ومن القشريات مجموعات تنقف بيوضها لتظهر أفراد تشبه الأفراد البالغـة، ويبدو أنها لا تمر في تحول شكلي، وبعضها الآخر يخرج من البيضة يرقات أهمها النوبليوس Nauplius التي يتقطع جسمها عند كل انسلاخ لتصل بالتدريج إلى مرحلـة البلوغ، ويبدي بعضها أنواعاً مختلفة من التحول الشكلي إذ يمر بمراحل يرقية مختلفة. فالقريديس (الأربيان، الجمبري) Penaeus يمر في مراحل النوبليوس، ثم النوبليوس التالية metanaupliu، ثم الزوئية zoea، ثم المايسيس mysis، قبل أن يصل إلى الحيوان البالغ. أما السرطان فله يرقة تشبه السرطان لكن بطنها كبير وممتد. والجدير بالذكر أن هذه التحولات تتحكم فيها هرمونات تشبه إلى حد كبير هرمونات الحشرات.
حسن حلمي خاروف