رفضت الروائية الدكتورة فاطمة قنديل أن تؤكد أن روايتها "أقفاص فارغة" الحائزة جائزة نجيب محفوظ 2022 هي سيرتها الشخصية، بل وصفتها بأنها "لا تعدو كونها تحاكي إرهاصات يمر بها أبناء جيل الستينات والسبعينات والثمانينات".
وأكدت خلال جلسة حوارية بمعرض الشرقية للكتاب الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، أنها لم تكن تتوقع الفوز بجوائز عن هذه الرواية، لا سيما أنها ابتعدت من المجاز للهروب من بعض الحقائق وقللت التأويل.
وترى قنديل أن الكتابة هي اقتحام الحدود، حيث قالت: "أصبحت أكتب وأنا عمري خلفي، أما في السابق فكان هناك خوف من تجاوز بعض الخطوط". ووصفت الكتابة بأنها لحظة حقيقية إما تكتب أو لا تكتب، فالكتابة ليست اللعب على الحبل كما في السيرك، ملمحة إلى أنه من الصعوبة أن يوثق الإنسان حياته، فالكتابة علاج وحالة من حالات التجاوز وإعادة الاتزان.
رواية الدكتورة فاطمة قنديل هي أدب شديد الحساسية والصراحة لتاريخ عائلة سهل الارتباط بها من غير أي دهشة لتناقضات عوالمها، أفعالها، سفرها، وانفعالاتها. وتطرح الكاتبة من جديد سؤال الشكل السَّيري في الكتابة الروائية، وعلاقة جمالية التذكُّر بالتخيل، والأدب بالاعتراف، ومن أول صفحة حتى آخر صفحة تكشف كل الذوات والحوادث بصراحة شديدة دون فجاجة، لكن بقسوة الحقيقة.
وتضع فاطمة قنديل، في روايتها "أقفاص فارغة.. ما لم تكتبه فاطمة"، بتجرد، اعترافات معجونة بالحزن، والمعاناة، والمثابرة، إذ تعد الرواية شبه سيرة ذاتية لصاحبتها، فيها مساحات للصمت والسكوت عن وصف الملامح وتقديم التفسيرات، الذي ظل خياراً وحيداً في مواجهة الكثير من الأفعال.
ولأنها أيضاً رواية ليست قائمة على التوثيق بالمعنى الحرفي، بقدر قيامها على زمن فني، انتُقيت له ذكريات القسوة والمعاناة والألم، ومنحنيات الهبوط، كونها الأبقى سيطرةً وخلوداً، بما فيها من جراح وهزائم، على النقيض من ذكريات الانتصار والصعود التي تخفت سريعاً رفقة ما معها من سعادة في مواجهة المآسي. ولعل ذلك ما جعلها (الرواية) دفتر مصارحة، تتخلص فيه من ندوب الطيش وجروح الحنين.
وتجيب فاطمة قنديل في هذه الرواية عن أسئلة النفس، وماذا فعل بها الزمن. ويأتي السرد لحياة أسرة مصرية، ومع كل التناقضات، تنسج الحياة علاقات البشر، من القسوة إلى الرفق، ومن الضيق إلى الاقتناع بالمبررات.
وكانت الروائية قنديل قد أهدت جائزة نجيب محفوظ للرواية لعام 2022 التي حصلت عليها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى الكاتبات العربيات، وقالت خلال تسلمها الجائزة: "هذه الجائزة تمنحني مزيداً من الشجاعة على مواصلة الطريق الذي بدأته منذ أربعين عاماً، طريق الكتابة، إنني من الجيل الذي كان ينعم بانتظار كتاب جديد لنجيب محفوظ، ومن حسن حظي أنني تلقيت هذه الكتب طازجة لتغير مسار حياتي".
وفاطمة قنديل كاتبة وشاعرة ومترجمة ولدت في 1958، وتشغل منصب أستاذ مساعد (متفرغ) للنقد الأدبي الحديث بقسم اللغة العربية، كلية الآداب جامعة حلوان، ونائب رئيس تحرير مجلة "فصول" للنقد الأدبي الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. ووصف محكمو الجائزة رواية قنديل بأنها "لا تتنازل عن الصدق في رواية علاقات العنف الكامنة تحت السطح في حياة أسرة عادية من الطبقة المتوسطة المصرية.