متى يصبح تصفّح مواقع الإنترنت مهمة عادية للمكفوفين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • متى يصبح تصفّح مواقع الإنترنت مهمة عادية للمكفوفين

    متى يصبح تصفّح مواقع الإنترنت مهمة عادية للمكفوفين


    الاختصاصيون يدعون المكفوفين إلى أن يرفعوا أصواتهم، ويثيروا "ضجة سلبية" على الإنترنت.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    مهمة صعبة ومعقدة

    يواجه المكفوفون وضعاف البصر صعوبة كبيرة في تصفح مواقع الإنترنت، إذ أن غالبيتها الساحقة لا تأخذ في الاعتبار حالتهم وغير مكيّفة لذوي الاحتياجات الخاصة.

    باريس - تلزم الخدمات الرقمية العامة وتلك التابعة لكبرى الشركات الخاصة، نظرا إلى كونها باتت أدوات أساسية لا غنى عنها في الحياة اليومية، جعلَ استخدامها متاحا لجميع المواطنين بطريقة متكافئة، ومنهم ذوو الإعاقة وأولئك الذين يعانون اضطرابات البصر والسمع والحركة واضطرابات التعلم غير اللفظي، إلا أن غياب العقوبات على الجهات المخالفة يؤدي إلى عدم انطباق هذه المواصفات إلا على قلّة منها.

    فمن المفترض أن يتاح للمكفوفين البالغ عددهم في فرنسا 70 ألفا، وكذلك لضعاف البصر وهم نحو مليون ونصف مليون، الاستماع إلى قراءة صوتية للنص المعروض على شاشة الكمبيوتر، ووصف للصور الإعلامية، وإرشاد إلى الخانات التي ينبغي ملؤها. ونظرا إلى عدم قدرة ذوي الإعاقات البصرية على رؤية المكان الذي تشير إليه فأرة الكمبيوتر، يمكنهم استخدام اختصارات لوحة المفاتيح.

    ويقول المسؤول عن الإتاحة الرقمية في جمعية “فالنتان هاي” مانويل بيريرا لوكالة فرانس برس “لا أملك القدرة على رؤية الصفحة بأكملها، بل أطّلع على محتوياتها صوتيا جزءا تلو الآخر”.

    إلا أن هذه العملية الشاقة قد تتوقف في أي لحظة إذا لم تكن خانة ما مرمّزة على النحو المناسب. فعندما يملأ الكفيف طلبية شراء عبر الإنترنت مثلا، قد ينجز معظم الخطوات المطلوبة، لكنّه “قد يقع فجأة على خانة غير مشفّرة” تعرقل العملية برمّتها وتنسف كل الجهد الذي بذله، فيسمع مثلا عبارة “مربع يجب ملؤه” من دون “أن يعرف بالتحديد ما إذا كان المطلوب اسمه أو عنوانه أو تأكيد قبوله”، على ما يشرح بيريرا.

    من المفترض أن يتاح للمكفوفين في فرنسا الاستماع إلى قراءة صوتية للنص المعروض على شاشة الكمبيوتر، ووصف للصور الإعلامية، وإرشاد إلى الخانات التي ينبغي ملؤها

    ويضيف “تكفي خانة واحدة من هذا النوع لتحول دون إمكان استخدامنا الموقع الإلكتروني بأكمله”.

    وينبغي على كل موقع أن ينشر في أسفل صفحته بيان إتاحة يوضح مستوى امتثاله للمعايير العامة لتحسين الإتاحة، وعلى أساسه يكون إما “مطابقا للشروط” إذا كانت نسبة امتثاله مئة في المئة، أو “غير مطابق” إذ كانت النسبة دون الخمسين في المئة، أو “مطابقا جزئيا” بين هذين الحدّين. وتبلغ نسبة موقع قصر الإليزيه الرئاسي مثلا 74 في المئة، في حين أن موقع “أميلي” للتأمين الصحي متوافق بنسبة 72 في المئة، فيما لا تتعدى نسبة مطابقة موقع الشركة الوطنية للسكك الحديد 54 في المئة.

    وقالت مارين بودو من الإدارة الرقمية المشتركة للوزارات الفرنسية لوكالة فرانس برس إن 11 فحسب من إجراءات الدولة الرئيسية الـ221 التي يمكن إنجازها عبر الإنترنت والمدرجة في مرصد لجودة الإجراءات عبر الإنترنت “متاحة بالكامل” لذوي الإعاقات.

    والأسوأ هي مجموعات صور “كابتشا” (Captcha) التي يُطلب من مستخدم موقع ما أحيانا اختيار المناسب منها (كإشارات المرور الضوئية مثلا) للتحقق من كونه إنسانا وليس برنامجا أو ما يعرف بالـ”روبوت”، فرموز التحقق هذه التي تهدف إلى ضمان أمن المواقع هي بمثابة ممر إلزامي يتيح للمستخدم مواصلة التصفح أو إنجاز معاملة إلكترونية، لكنها بالنسبة إلى الكفيف عائق يجعل الطريق مسدودا.

    وتشرح الكفيفة سيلين بوف أن “شراء تذاكر القطارات إلى بورغون (وسط فرنسا) ينطوي على صعوبة كبيرة، إذ أن استخدام الموقع الإلكتروني المخصص لذلك لم يكن متاحا لذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن أن شراء التذاكر لم يكن ممكنا بواسطة الهاتف نظرا إلى وجود شبابيك بيع في المحطة”. ويمكن للمكفوفين عادة طلب المساعدة أو الشراء عبر الهاتف، لكن هذه الخيارات البديلة باتت أقل توافرا.


    ويشير بيريرا إلى أن “موقع تسوّق واحدا هو Hoora متاح لذوي الإعاقات”.

    ويتطلب جعلُ الموقع متاحا لهؤلاء ترميزه منذ البداية، ولكن نادرا ما يخضع العاملون في المجال الرقمي لتدريب في هذا الشأن.

    وتوضح رومي دوييم فيرديير من شركة “أوتو تكنولوجي” أن “من المفترض اختبار الموقع من دون صور، ومن دون فأرة، ومن دون نمط رسومي (ألوان، حجم الخط، إلخ)، والتحقق من كيفية عمله عندما يتصفحه شخص ما بأذنيه لا بعينيه”.

    وتضيف “كل الحلول التقنية ممكنة”، ومنها مثلا إمكان تكبير الصفحة، أو تركيز عدسة مكبرة على تفصيل معيّن “ولكنها ليست أولوية نظرا إلى عدم وجود عقوبات شديدة” على الجهات التي لا تتقيد بتوفيرها.

    وتُشدد على أن تأمين هذه الأدوات لا يعني المكفوفين وحدهم بل كذلك “من يعانون عمى الألوان، واضطرابات التعلّم غير اللفظي، وعلى نطاق أوسع أولئك الذين يتقدمون في السن وتتدهور قدراتهم البصرية، أي شريحة كبيرة من السكان”.

    ويدعو الاختصاصيون في المجال الرقمي المكفوفين وضعاف البصر إلى أن يشتكوا من هذا الأمر، وأن يرفعوا أصواتهم احتجاجا، ويثيروا “ضجة سلبية” على الإنترنت. ويقول هؤلاء الخبراء إن من شأن ذلك أن يدفع إداراتهم إلى التجاوب مع دعواتهم لتوفير مستلزمات الإتاحة الرقمية للمستخدمين ذوي الإعاقات، وإلا ستستمر في تجاهل الأمر وفي التعامي عن وضع المستخدمين ذوي الإعاقة في حسبانها.
يعمل...
X