السوري سجيع بدران عصامي يطوّع موهبته لاستنطاق حجر البازلت
النحات بدران أنجز مجسّمات نحتية شكلت علامة بارزة في بلدته والقرى المجاورة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
النحت عملية إبداعية شديدة التعقيد
السويداء (سوريا) - لا يتعامل الفنان السوري العصامي سجيع سالم بدران مع حجر البازلت باستخفاف وإنما يرى فيه منحوتات فنية يمكنها تزيين المساحات الخارجية والداخلية في سوريا، ولذلك نراه يعرض من فترة لأخرى منحوتات بازلتية بمختلف الأحجام في السويداء ضمن تجربة فنية عرفت انطلاقتها قبل نحو خمسة عشر عاما.
ويعكس النحات بدران إبداعه وموهبته في هذا المجال وإمكاناته وذائقته الفنية، عبر منحوتات متنوعة، وهو يمارس فن النحت بالفطرة مستوحيا أعماله من البيئة التي نشأ وترعرع فيها وأنتجت هذا الحجر البازلتي القاسي الذي يتعامل معه كصديق.
ونجح الفنان العصامي من خلال التحدي والإصرار في تغذية هوايته وموهبته من تطويع حجر البازلت الأصم واستنطاقه وتجسيد أحاسيسه إلى أعمال ومنحوتات مختلفة ركز في قسم كبير منها على الجوانب المتعلقة بالتراث المحلي والآلات والمعدات المستخدمة في مجالات الحياة البشرية فنجد بينها جرن القهوة المرة وأدوات الزراعة والحرب القديمة.
النحت على حجر البازلت يعتبر من أصعب الأعمال النحتية لأن النحات يتعامل مع حجر قابل للكسر بسهولة وفي أيّ لحظة
وأنجز النحات مجسّمات نحتية شكلت علامة بارزة في بلدته والقرى المجاورة ولاسيما تلك المتعلقة بأضرحة الشهداء الذين ارتقوا خلال الحرب السورية وصخرتين كبيرتين الأولى في مدخل البلدة تحمل اسمها وأخرى وسطها وتضم عنقود العنب ودلة قهوة كدلالة على طبيعة البلدة وكرم أهلها إضافة إلى تصميم مجسمات لشلالات وطاولات في العديد من حدائق بلدة الكفر.
حجر البازلت، أحد الصخور شديدة الصلابة ويتكون من معادن ذات مقاومة قليلة للعوامل الجوّية، مما يؤدي لتفككها بسرعة مقارنةً مع الصخور البركانيّة الأخرى مثل الجرانيت، ويتطلب التعامل مع هذا النوع من الحجارة مواد ومعدات وتقنية خاصة.
ويعتبر النحت على البازلت من أصعب الأعمال النحتية لأن النحات يتعامل مع حجر قابل للكسر في أيّ لحظة فالعمل مرتبط من بدايته إلى نهايته لأن أيّ خطأ بسيط يعرض العمل بكامله إلى الكسر، وهذا يشكل نوعا من التحدي والرغبة في تحقيق أعقد المنحوتات على أصعب نوع من الأحجار، ما يزيد لدى النحات التصميم القوي على إنجاز عمل يأخذ الكثير من الوقت والجهد لكنه يعطي قيمة فنية كبيرة.
ويتعامل الفنان مع المادة الخام بأدوات تجمع بين المطرقة والإزميل والعدد الكهربائية، مستمدا من صلابة الحجر الذي عايشه لسنوات القسوة والإرادة لإنجاز منحوتات تحظى باهتمام متذوقي الفن ومحبيه، مشيرا إلى مشاركته خلال الفترة الماضية بمعرضين واستعداده للمشاركة بمعارض أخرى بالفترة القادمة.
بدران الذي لم يكمل تعليمه إذ لم يتجاوز الصف الثامن، تعلم في مدرسة النحت واستمد منها الكثير متجاوزا مختلف الصعوبات التي تواجهه وما تتطلب منحوتاته لإنجازها من جهد ووقت كما ذكر.
ويقول الفنان إنه اختار البازلت لكونه “حجرا يرمز إلى موطنه المحلي وذلك رغم قسوته وصلابته”، مبيناً آلية تحضيره الأحجار التي تعجبه ويطوعها ويعطيها رونقا فنيا ما يزيل عنه غبار التعب بعد إنجازها كاشفا عن طموحاته لإيصال أعماله لأكبر عدد من الناس ليس على المستوى الوطني فحسب بل خارج حدود الوطن.
ووفقا لأحد أبناء بلدة الكفر نورالدين الشعار فإن النحات بدران لديه أفكار إبداعية وترك بصمة مميّزة خلال السنوات الماضية عبر تقديمه أعمالا نحتية متقنة مبينا أن عمله يتطور تباعا ويقدم جزءا من منحوتاته كهدايا خاصة للأشخاص الذي يقومون بأعمال خيرية في البلدة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ سوريا عرفت فن النحت منذ عهود طويلة، وهو فن استمد خصوصية محلية من خلال ثقافة المنطقة وطبيعتها. إلا أن هذا الفن يواجه في الوقت الراهن جوانب سلبية ألقت بظلالها على بعض الأعمال الفنية، حين أفرغتها من الهدف الجمالي، فتحولت إلى أعمال مفصلة لمطالب غابت عنها روح الفن.
ويقول نقاد وفنانون سوريون إن غياب الاهتمام الرسمي بالنحت خلق نمط تفكير انتهازي وصولي، إذ قبل النحات الدخول في مساومات والعمل بمنطق تجاري وما يفرضه سوق الفن، والخضوع لمنطق العرض والطلب وهو ما أثّر سلبا على المنتج النحتي، وما يعزز هذا الواقع أكثر هو غياب النقد الموضوعي حيث برزت على السطح شخصيات وصالات تقوم على
تمييع الثقافة البصرية عبر التركيز على تجارب هامشية، وإهمال تجارب مهمة.
النحات بدران أنجز مجسّمات نحتية شكلت علامة بارزة في بلدته والقرى المجاورة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
النحت عملية إبداعية شديدة التعقيد
السويداء (سوريا) - لا يتعامل الفنان السوري العصامي سجيع سالم بدران مع حجر البازلت باستخفاف وإنما يرى فيه منحوتات فنية يمكنها تزيين المساحات الخارجية والداخلية في سوريا، ولذلك نراه يعرض من فترة لأخرى منحوتات بازلتية بمختلف الأحجام في السويداء ضمن تجربة فنية عرفت انطلاقتها قبل نحو خمسة عشر عاما.
ويعكس النحات بدران إبداعه وموهبته في هذا المجال وإمكاناته وذائقته الفنية، عبر منحوتات متنوعة، وهو يمارس فن النحت بالفطرة مستوحيا أعماله من البيئة التي نشأ وترعرع فيها وأنتجت هذا الحجر البازلتي القاسي الذي يتعامل معه كصديق.
ونجح الفنان العصامي من خلال التحدي والإصرار في تغذية هوايته وموهبته من تطويع حجر البازلت الأصم واستنطاقه وتجسيد أحاسيسه إلى أعمال ومنحوتات مختلفة ركز في قسم كبير منها على الجوانب المتعلقة بالتراث المحلي والآلات والمعدات المستخدمة في مجالات الحياة البشرية فنجد بينها جرن القهوة المرة وأدوات الزراعة والحرب القديمة.
النحت على حجر البازلت يعتبر من أصعب الأعمال النحتية لأن النحات يتعامل مع حجر قابل للكسر بسهولة وفي أيّ لحظة
وأنجز النحات مجسّمات نحتية شكلت علامة بارزة في بلدته والقرى المجاورة ولاسيما تلك المتعلقة بأضرحة الشهداء الذين ارتقوا خلال الحرب السورية وصخرتين كبيرتين الأولى في مدخل البلدة تحمل اسمها وأخرى وسطها وتضم عنقود العنب ودلة قهوة كدلالة على طبيعة البلدة وكرم أهلها إضافة إلى تصميم مجسمات لشلالات وطاولات في العديد من حدائق بلدة الكفر.
حجر البازلت، أحد الصخور شديدة الصلابة ويتكون من معادن ذات مقاومة قليلة للعوامل الجوّية، مما يؤدي لتفككها بسرعة مقارنةً مع الصخور البركانيّة الأخرى مثل الجرانيت، ويتطلب التعامل مع هذا النوع من الحجارة مواد ومعدات وتقنية خاصة.
ويعتبر النحت على البازلت من أصعب الأعمال النحتية لأن النحات يتعامل مع حجر قابل للكسر في أيّ لحظة فالعمل مرتبط من بدايته إلى نهايته لأن أيّ خطأ بسيط يعرض العمل بكامله إلى الكسر، وهذا يشكل نوعا من التحدي والرغبة في تحقيق أعقد المنحوتات على أصعب نوع من الأحجار، ما يزيد لدى النحات التصميم القوي على إنجاز عمل يأخذ الكثير من الوقت والجهد لكنه يعطي قيمة فنية كبيرة.
ويتعامل الفنان مع المادة الخام بأدوات تجمع بين المطرقة والإزميل والعدد الكهربائية، مستمدا من صلابة الحجر الذي عايشه لسنوات القسوة والإرادة لإنجاز منحوتات تحظى باهتمام متذوقي الفن ومحبيه، مشيرا إلى مشاركته خلال الفترة الماضية بمعرضين واستعداده للمشاركة بمعارض أخرى بالفترة القادمة.
بدران الذي لم يكمل تعليمه إذ لم يتجاوز الصف الثامن، تعلم في مدرسة النحت واستمد منها الكثير متجاوزا مختلف الصعوبات التي تواجهه وما تتطلب منحوتاته لإنجازها من جهد ووقت كما ذكر.
ويقول الفنان إنه اختار البازلت لكونه “حجرا يرمز إلى موطنه المحلي وذلك رغم قسوته وصلابته”، مبيناً آلية تحضيره الأحجار التي تعجبه ويطوعها ويعطيها رونقا فنيا ما يزيل عنه غبار التعب بعد إنجازها كاشفا عن طموحاته لإيصال أعماله لأكبر عدد من الناس ليس على المستوى الوطني فحسب بل خارج حدود الوطن.
ووفقا لأحد أبناء بلدة الكفر نورالدين الشعار فإن النحات بدران لديه أفكار إبداعية وترك بصمة مميّزة خلال السنوات الماضية عبر تقديمه أعمالا نحتية متقنة مبينا أن عمله يتطور تباعا ويقدم جزءا من منحوتاته كهدايا خاصة للأشخاص الذي يقومون بأعمال خيرية في البلدة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ سوريا عرفت فن النحت منذ عهود طويلة، وهو فن استمد خصوصية محلية من خلال ثقافة المنطقة وطبيعتها. إلا أن هذا الفن يواجه في الوقت الراهن جوانب سلبية ألقت بظلالها على بعض الأعمال الفنية، حين أفرغتها من الهدف الجمالي، فتحولت إلى أعمال مفصلة لمطالب غابت عنها روح الفن.
ويقول نقاد وفنانون سوريون إن غياب الاهتمام الرسمي بالنحت خلق نمط تفكير انتهازي وصولي، إذ قبل النحات الدخول في مساومات والعمل بمنطق تجاري وما يفرضه سوق الفن، والخضوع لمنطق العرض والطلب وهو ما أثّر سلبا على المنتج النحتي، وما يعزز هذا الواقع أكثر هو غياب النقد الموضوعي حيث برزت على السطح شخصيات وصالات تقوم على
تمييع الثقافة البصرية عبر التركيز على تجارب هامشية، وإهمال تجارب مهمة.