عياد أبوبكر هاشم.. رسام البوب آرت الليبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عياد أبوبكر هاشم.. رسام البوب آرت الليبي

    عياد أبوبكر هاشم.. رسام البوب آرت الليبي


    فنان وأكاديمي وهب حياته للتدريس والرسم مؤسّسًا لثقافة بصرية معاصرة.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    تمثيلات بصرية مستوحاة من الثقافة الشعبية التجارية

    يعدّ الفنان والأكاديمي عياد أبوبكر هاشم أحد المكرّسين للثقافة البصرية الليبية المعاصرة، وهو الذي درس في الولايات المتحدة متأثرا بالحركات الطلائعية في الفن والأدب، خاصة فن البوب آرت الذي أرساه الفنان الأميركي آندي وارهول كمشروع فني قائم الذات، فتشبّع به ونقله إلى أجيال من التشكيليين الليبيين مدرسا ومؤسّسا لأكاديمية الدراسات العليا في الفنون بليبيا.

    تخرّج الفنان الليبي عياد أبوبكر هاشم من الولايات المتحدة، وجهة كل الفنانين والدارسين للفنون والعلوم الحديثة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تحديدا في فترة الستينات إلى الثمانينات من القرن الماضي، حيث درس الفنون الجميلة وتحصل على البكالوريوس عام 1983.

    كان ذلك بمثابة مرحلة التكوين التي تأسّس فيها وعيه الفني وإدراكه الحقيقي للفن التشكيلي في حقبة عدّت أحد أهم مفاصل التاريخ الفني على الإطلاق، حيث ظهرت وتشكّلت كل الحركات الطلائعية في الفن والأدب والتي أصبحت تُعرف بعد ذلك بفنون ما بعد الحداثة، خصوصا في الفن التشكيلي وفن العمارة والشعر والمسرح والسينما، وما تبعها من تغيرات كبرى بعد ظهور فن البوب آرت الذي أرساه الفنان الأميركي آندي وارهول كمشروع فني قائم الذات.

    هو فن ركّز فيه وارهول على قضية الفن المستهلك والعابر في احتفاء بالأشياء التي كانت عديمة القيمة في السابق كأغلفة السلع والمنتجات الصناعية والعلب المختلفة والملصقات الدعائية الترويجية، فرسم السيارات الحديثة والدرجات النارية وحياة المدينة والطرقات الضخمة والجسور العملاقة بإضاءتهما وإشارات المرور والعلامات التجارية والشعارات والإشارات الخدمية في محطات القطارات والمجمعات التجارية الضخمة ودور السينما والحدائق والملاعب والصالات الرياضية وغيرها من معالم الحياة الجديدة التي تميّزت بها أميركا ما بعد الحرب العالمية الثانية.

    هذا دون إغفال جانب آخر من الفنون الطلائعية التي جسّمها وارهول في فن البورتريه الخاص بنجوم السينما والمشاهير في أعمال كان يُدمج فيها الصورة الفوتوغرافية باللوحة مثل أعماله الشهيرة عن الممثلة الأميركية مارلين مونرو وإلفيس برسلي وديبي هاري وغيرهم من النجوم، والتي اتخذت ملامح الرسومات المصوّرة في الكثير من الأحيان والرسم المباشر والألوان الصريحة.
    وارهول العرب

    جمع بين المنتجين الصناعي والزراعي
    كل هذا الحراك الفني الجديد، بالإضافة إلى التحصيل العلمي والمعرفي والعملي في دراسة الفنان هاشم، كان من أسباب زيادة صقل معرفته الواسعة بفن الرسم والتصوير خاصة والفنون التشكيلية عامة، وهو الذي كانت بداياته الأولى تتّضح فيها ملامح “مشروع فنان” متخصّص في الرسم الصحافي والرسومات التوضيحية والكوميكس في الجرائد والمجلات الليبية خلال فترة السبعينات قبل سفره إلى الولايات المتحدة لإكمال دراسته.

    اتخذ الفنان الليبي من الأشياء العصرية، كالعلب الملونة وأغلفة المنتجات الغذائية والصفيح والمصابيح بكافة أنواعها وأشكالها وأدوات السباكة والأنابيب والإطارات وعجلات السيارات الحديثة والكتب وغيرها من المفردات المصنعة حديثا، مادة لأعماله الفنية بتكوينات غير تقليدية كتلك التي تظهر عند وارهول.

    وكانت أغلب هذه الأعمال تأتي على شاكلة مشاهد مبتورة من صور بانورامية كبيرة، أو بمعنى آخر صور تفصيلية من مشاهد أكبر للتأكيد على أهميتها وجمالها. وهي تجربة متأثرة بشكل واضح، كما أشرنا آنفا، بتجارب فن البوب آرت وخصوصا ما كان يرسمه آندي وارهول في أعماله (علب حساء كامبل وصندوق بريلو) التي أنتجها الفنان الأميركي في بداية الستينات من القرن الماضي.

    كانت أعمال هاشم الأولى حاضرة دائما في مناطق فن البوب آرت التي حدّدها وارهول مؤسّسها في أميركا ومواطنه جاسبر جونز صاحب لوحتي “الأرقام الملونة” و”العلم الأميركي” وكذلك صاحب رسومات الكوميكس الأكثر سخرية من المجتمع الاستهلاكي روي فوكس ليختنشتاين الذي كان شريك وارهول في فن البوب آرت، والذي كان علامة فارقة في مسيرة تاريخ الفن العالمي وتأثر به الكثير من الفنانين في العالم، وكل منهم خاض التجربة حسب بيئته وثقافته ومعارفه.

    كل هذه التجارب التي اقترب منها الفنان هاشم زادت ثراء معارفه وإمكانياته الشخصية التي وظفها في أحد أهم مشاريعه المعرفية، وهو التدريس الأكاديمي لفن الرسم.

    لا بد من الإشارة هنا إلى أن أغلب هذه الأعمال كان قد نفّذها الفنان في مراحل مبكرة من حياته التشكيلية، وتحديدا أثناء دراسته وإقامته في الولايات المتحدة في فترة الثمانينات من القرن الماضي، وقد مثلت نهاية مرحلة العمل الفني في صورته العملية كفنان تشكيلي منتج للوحات الفنية قبل اتجاهه إلى التدريس وتدريب الطلاب والدارسين في مجال الفنون التشكيلية بالمراحل الجامعية والدراسات العليا، حيث أن مشروعه الفني لم ينقطع بل تغيّر اتجاهه وأدواته إلى ضفة أخرى أكثر أهمية واحتياجا إلى الكثير من الدارسين والباحثين.
    مدرّس ومؤسّس



    احتفاء جمالي بأشياء عديمة القيمة


    الفنان هاشم، وبالموازاة مع منجزه الفني، كان له دور كبير ومهم في الجانب الأكاديمي بالتدريس في كليات الفنون الجميلة وتأسيس الدراسات العليا والدراسات الدقيقة في الفنون، بالإضافة إلى تأليف عدد كبير من الكتب الفنية الأكاديمية للمبتدئين وطلاب كليات الفنون، والتي يبدو أنها أخذت كل وقته وكرّس مجهوده لخدمة هذا الجانب العلمي المهم ضمن المشاركة في عملية بناء وطنه ليبيا بإصدار العديد من كتب المناهج التعليمية وتخريج العديد من الدارسين في هذا المجال بخبرات ومهارات عالية مع مجموعة من زملائه.

    وعياد أبوبكر هاشم من مواليد مدينة طرابلس/ ليبيا عام 1955، عميد كلية الفنون الجميلة والإعلام بطرابلس سابقا. تحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة عام 1983، تخصّص فنون جميلة (رسم وتصوير وسينما) من كاليفورنيا، ثم على ماجستير فنون تشكيلية عام 1984 من جامعة آدم ستيت كلورادو بالولايات المتحدة.

    الفنان تنقل في مساره الفني بين الرسم والتدريس فالتأسيس لأكاديميات الدراسات العليا للفنون في ليبيا

    بعد ذلك توجه إلى أرض “الشكلانيين” الروس وتحصل على الدكتوراه في فلسفة علوم الـفن التشكيلي عام 1996 من أكاديمية تاريخ ونظريات الفنون والمعهد العالي للفنون التشكيلية سيروكوف بموسكو. وهو إلى جانب كل ما سبق مؤسّس الدراسات العليا في مجال الفنون التشكيلية في ليبيا، من خلال أكاديمية الدراسات العليا (الماجستير في ربيع 2001) ثم الدراسات الدقيقة (الدكتوراه في خريف 2008).

    كتب العديد من المقالات والدراسات النقدية والفنية والعلمية باللغتين العربة والإنجليزية، بالإضافة إلى تأليفه عددا من الكتب الخاصة بالفنون التشكيلية منذ عام 1977، ومنها: “الفن التشكيلي مرآة الحضارة” الصادر عن أكاديمية الدراسات العليا عام 2006، و”علم المنظور” 2000 (تأليف مشترك)، و”تاريخ الفن وعلم الجمال والتذوق الجمالي” 2002 (تأليف مشترك)، كما له العديد من المخطوطات الجاهزة للطباعة والنشر.

    وهو إلى جانب كل ما سبق رئيس لجنة ومشارك في تصميم وإعداد مناهج المعاهد العليا ومفرداتها بإشراف الأمم المتحدة، ورئيس لجنة إعادة رسوم المناهج التعليمية الأساسية عام 1986، ورئيس تحرير والمخرج الفني لمجلة “الأمل” للأطفال بطرابلس بين عامي 1985 و1987.

    وأعماله الفنية موزعة ومقتناة في كل من ليبيا وتونس والولايات المتحدة وفنلندا وروسيا وألمانيا وسويسرا وغيرها.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    عدنان بشير معيتيق
    فنان تشكيلي من ليبيا
يعمل...
X