عبد الله صالح البردوني، من شعراء اليمن؛ جنوب شرقي صنعاء..علي بن علي صبرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عبد الله صالح البردوني، من شعراء اليمن؛ جنوب شرقي صنعاء..علي بن علي صبرة

    بردوني (عبد الله)

    Al-Bardoni (Abdullah-) - Al-Bardoni (Abdallah-)

    البردوني (عبد الله ـ)
    (… ـ 1999)

    عبد الله بن صالح البردوني، من شعراء اليمن؛ ولد بقرية البردون من أعمال مديرية الحدا محافظة (ذمار) جنوب شرقي صنعاء.
    أصيب بمرض الجدري الذي كان يحصد الآلاف من اليمنيين ففقد بصره وهو في العاشرة من عمره.
    درس القرآن في كتَّاب القرية، ثم التحق بالمدرسة الشمسية بذمار فتلقى علوم الدين واللغة وعلم الكلام والأدب العربي والتاريخ.
    اتُّهِم بالزندقة فدخل سجن ذمار ومنه نقل إلى سجن صنعاء، فقضى فيه مدة قصيرة، ثم دخل مدرسة دار العلوم بصنعاء، فأكمل دراسته فيها ثم عمل مدرساً فيها للأدب العربي. وقدّم للإذاعة اليمنية برنامجاً أسبوعياً بعنوان (مجلة الفكر والأدب) استمر ثلاثين عاماً ، كما أصدر اثني عشر ديواناً وثمانية كتب، وعقد العشرات من المحاضرات وحضر عدة ندوات ومؤتمرات في مختلف الأقطار العربية واستضافه كثير من الجامعات وحاز أوسمة وجوائز تقديرية عدة لكونه واحداً من أبرز الأدباء والمفكرين العرب وأول رئيس لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين. نال حظاً وافراً من علوم الدين واللغة والتاريخ وعلم الكلام الذي قاده إلى الفلسفة كما قاده المذهب الزيدي، الذي تجاوزه فيما بعد، إلى الاجتهاد، وآراؤه في الاجتهاد أدّت إلى اتهامه بالزندقة.
    وفي صنعاء العاصمة التقى عدداً من الشخصيات المستنيرة المتطلعة إلى حياة أفضل. عمد إلى التثقيف الذاتي فنهل من المكتبات الخاصة والعامة ولاسيما ما يتعلق منها بالفكر والأدب قديمه وحديثه مدفوعاً كغيره من معاصريه برياح التغيير التي دخلت اليمن بعد الحربين العالميتين مدركاً أن الذي أسقط الحركات الوطنية هو التخلف الاجتماعي للشعب، فتعاطى السياسة في شعره ونثره فانتقلت القصيدة في شعره من التقليدية إلى الرومنسية فالرمزية فالواقعية، والمقالة إلى البحث والدراسة. ويظهر هذا عند مقارنة دواوينه وكتبه القديمة بالجديدة التي تناول فيها مختلف القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية والأدبية معتمداً على التداعيات ومبدأ الفكرة تجر الفكرة وشجون الأحاديث ويتعمد أحياناً في سبيل ذلك افتعال المواقف على نحو لا يجرؤ عليه غيره ليحرك الماء الآسن وفق تعبيره.
    وحملت دواوينه الاثنا عشر العنوانات التالية: «من أرض بلقيس» و«في طريق الفجر» و«مدينة الغد» و«لعيني بلقيس» و«السفر إلى الأيام الخضر» و«وجوه دخانية في مرايا الليل» و«زمان بلا نوعية» و«ترجمة رملية لأعراس الغبار» و«كائنات الشرق الآخر» و«رواغ المصابيح» و«جواب العصور» و«رجعة الحكيم بن زائد».
    ومن كتبه «رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه» و«قضايا يمنية» و«فنون الأدب الشعبي في اليمن» و«الثقافة الشعبية تجارب وأقاويل يمنية» و«من أول قصيدة إلى آخر طلقة» وهو دراسة في شعر الزبيدي وحياته.
    وفي هذا المخاض الجديد بين القديم والحديث اطلع على كثير من النظريات والأيديولوجيات التي تركت أثرها في تفكيره شعراً ونثراً وإن لم ينتم إلى أي منها.
    ظل البردوني عالماً قائماً بذاته يرفض كل ما هو مسلَّم به ومقدس، ويأخذ من كل فن بطرف باحثاً عن الجمال والكمال في المجهول الغائب الذي كان يرسمه في مخيلته كما يشاء فالزمان والمكان ليسا التاريخ، وإنما هما وعاء له يكتسبان صفاتهما منه، والتاريخ ليس التعاقب للسنين والأحداث وإنما هو مجمل الأعمال الإنسانية، والذي يدون وسيدون في الكتب ليس كل شيء عن الإنسان والحياة وإن كتب التاريخ الرسمية لا تفي بالحقيقة المجتمعية ولا تعبر عنها. لذلك انغمس في الموروث الشفاهي والشعبي في العادات والتقاليد والأمثال والأهازيج سعياً وراء هدم العوائق التي تحول دون اكتشاف الحقيقة ولمواجهة الوعي الزائف الذي كان سائداً.
    كان يستدعي الرموز التاريخية والوطنية ليحاكمها كما يريد، ويطرح إسقاطاته عليها خارج زمانها ومكانها.
    تحولت الشخوص عند البردوني وجوهاً دخانية كما في ديوانه (وجوه دخانية في مرايا الليل) تلك المرايا التي رأى فيها الأشياء معكوسة كما في قصيدته (وجه الوجوه المقلوبة) وقد حاول فيها إثبات علاقة المتوازي بين الأضداد وبصورة متكررة كقوله:
    سيّانِ القاتلُ والمقتول
    سيّانِ الشامتُ والجاني
    سيّانِ الموطنُ والمنفى
    سيّانِ الظافرُ والعاني
    سيّانِ المُعْطي والمُرْدي
    سيّانِ المَرّئي والرائي
    وتتبادل الأبعاد مواقعها:
    فالفوق سقوطٌ صخريٌّ
    والتحتُ سقوطٌ إنسانيّ
    نفسُ النوعِ الأعلى الأدنى
    وجهُ الأول وجه الثاني
    اغترب منجذباً إلى اللانهائي ليندمج في الحضور الكلي والفاعل فنراه يسترجع ذاكرته متسائلاً:
    رُدّي يا ضوضاءُ الموتى
    صَوتي وبقيةَ أحزاني
    يا وَهْجَ الزّيف أعِدْ بصري
    يَبِسَت عيناك بأجفاني
    ثم يفتح بصيرته ليقودنا معه إلى الحقيقة التي ظل يبحث عنها:
    جلدي من لندن من رومة
    وقوامي (كوزٌ جَهْرَاني)
    يمنيٌ أمـيٌّ لكن
    حدسي أقرأُ من يوناني
    القات الغربة والذكرى
    والهم الداني همداني
    كالورد أموتُ لكي تدري
    (أروى) أن العِشق يماني
    مات البردوني من غير أن يعقب، ولكنه أنجب الكثير من بنات أفكاره.

    علي بن علي صبرة

يعمل...
X